هداية العباد المجلد 1

اشارة

سرشناسه : گلپایگانی، محمدرضا، 1372 - 1277

عنوان و نام پديدآور : هدایه العباد/ محمدرضا موسوی گلپایگانی

مشخصات نشر : قم: دار القرآن کریم، 1413ق. = - 1371.

موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه

رده بندی کنگره : BP183/9/گ 8ه4 1371

رده بندی دیویی : 297/3422

شماره کتابشناسی ملی : م 71-4760

مقدمة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين، و الصلاة و السلام على خير خلقه، محمد و آله الطيبين الطاهرين.

قال اللّه تعالى ثُمَّ جَعَلْنٰاكَ عَلىٰ شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهٰا، وَ لٰا تَتَّبِعْ أَهْوٰاءَ الَّذِينَ لٰا يَعْلَمُونَ- الجاثية- 81 و قال تعالى أَمْ لَهُمْ شُرَكٰاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مٰا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللّٰهُ. الشورى- 21 و قال تعالى أَ فَحُكْمَ الْجٰاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ، وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّٰهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ- المائدة 50 و عن الإمام الصادق عليه السلام (الحكم حكمان: حكم اللّه، و حكم الجاهليّة، فمن أخطأ حكم اللّه فقد حكم بحكم الجاهليّة)- الكافي ج 7 ص 407.

كلما تقدّم الزمان، تأكّد أنه لا بد لهذا الإنسان من دين يهديه و يأخذ بيده، و إلّا وقع في الضّياع و الجاهلية، سواء في تصوّراته عن نفسه و الكون و الحياة، أم في سلوكه الفردي و الاجتماعي.

من هنا يمتاز المسلم المتدين عن غيره بأنه يهتدى بالدّين المبين الذي أنزله اللّه تعالى على خاتم النبيين و سيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى اللّه عليه و آله، فيعتقد بأصوله و يعمل بفروعه.

أما أصول الدين أو عقائد الإسلام فلا يجوز فيها التقليد، بل لا بدّ أن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 4

يصل إليها المسلم بنفسه، باستعمال عقله و تفكيره و اطّلاعه.

و أما فروع الدين أو أحكام الشريعة المقدسة، فلا بد فيها من الرجوع إلى أهل

الخبرة و الاختصاص، لأن استنباطها علم تخصّصيّ من أدقّ العلوم، و قد جرت سيرة العقلاء في كل المجتمعات على الرجوع إلى أهل الخبرة في العلوم، و أمضت ذلك آيات القرآن و روايات الحديث.

من هنا كان واجب المكلّف الذي لا يعرف أحكام الشريعة المقدسة أن يقلّد مرجع التقليد المجتهد الأعلم الجامع لشرائط التقليد، فيأخذ بفتاواه في أمور سلوكه.

فالمسألة عند المتدين أن اللّه تعالى أنزل شريعة فيها أحكام للشؤون الفردية و الاجتماعية لكل الناس و كل العصور، و فيها تكاليف و أوامر و نواه تخصّه شخصيا في أمور عباداته و معاملاته، و لا طريق له لتبرئة ذمّته من مسئوليتها و النجاة من عقاب مخالفتها، إلا بمعرفتها و تطبيقها، و لا طريق إلى معرفتها إلا بالأخذ بفتوى الخبير المختص، أي المرجع الجامع للشرائط.

فالتقليد و العمل بالفتوى إذن، من الأمور الضرورية عند المسلم المتديّن، و ليس من الأمور الكماليّة. و لذا كانت سيرة المسلمين عموما على مرّ التاريخ الرجوع إلى كبار الفقهاء، و كانت سيرة أتباع مذهب أهل البيت عليهم السّلام معرفة قدر مراجع التقليد و مقامهم، و طلب رسائلهم العملية، و إرسال الاستفتاءات إليهم.

و قد ألّف سيدنا المرجع آية اللّه العظمى السيد محمد رضا الموسوي الگلپايگاني مد ظله من أكثر من ثلاثين سنة و إلى اليوم عدّة كتب، و أجاب على ألوف الاستفتاءات و ربما عشرات الألوف. و كان مما كتب تعليقته على رسالة وسيلة النجاة للمرجع الراحل آية اللّه العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني قدّس سرّه.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 5

و عندما تكاثرت الرسائل و المراجعات إلى مكتبه دام ظله، بطلب رسالة عملية ميسّرة، و لم تسمح له كثرة الاستفتاءات و المراجعات بكتابة رسالة جديدة، قمنا

في هيئة الاستفتاء بتنفيذ أمره، فأدمجنا تعليقته على الوسيلة في المتن، و يسّرنا عبارة المتن، و أضفنا عددا من فتاوي سماحته من رسالة توضيح المسائل الفارسية، و عددا آخر من تعليقته على العروة، و استفدنا عددا آخر من سماحته مباشرة، فكانت هذه الرسالة التي اختار لها سماحته اسم:

(هداية العباد) لقد قمت بصياغة المسائل، و قام أعضاء هيئة الاستفتاء حجج الإسلام و المسلمين الشيخ علي الثّابتي الهمداني و الشيخ علي النيّري الهمداني دامت بركاتهم بالمراجعة و التدقيق، و تباحثنا في الموارد التي ينبغي فيها البحث، و راجعنا سماحة السيد المرجع مد ظله عندما كان يوجد إشكال، حتى جاءت الرسالة مطابقة لفتواه واضحة العبارة، و الحمد لله.

نسأل المولى عز اسمه أن يتقبل عملنا و عمله و يمد في عمره الشريف، و يهدينا و جميع المؤمنين إلى معرفة أحكامه و العمل بها، إنه سميع مجيب.

عن هيئة الاستفتاء علي الكوراني

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 7

أحكام التقليد

(مسألة 1) يجب بإلزام العقل على كلّ مكلّف غير بالغ مرتبة الاجتهاد- في عباداته و معاملاته و تمام أعماله و لو في المستحبات و المباحات، إلا ما كان من الضروريّات أو حصل له به اليقين- أن يكون إمّا مقلّدا أو محتاطا، بشرط أن يعرف موارد الاحتياط و لا يعرف ذلك إلا القليل، فعمل العامي غير العارف بمواضع الاحتياط من غير تقليد باطل، على التفصيل الذي يأتي إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة 2) يجوز العمل بالاحتياط و لو استلزم التكرار على الأقوى.

(مسألة 3) التقليد المصحّح للعمل هو الالتزام بالعمل بفتوى مجتهد معيّن، و يتحقّق بتعلّم المسائل منه للعمل بها و إن لم يعمل بها. نعم في مسألة جواز البقاء على تقليد الميّت يتوقّف على

العمل بها على الأحوط الأولى.

(مسألة 4) الأحوط ترك العدول من الحيّ إلى الحيّ فيما تعلمه من مسائل و إن لم يعمل بها، إلا إذا كان الثاني اعلم.

(مسألة 5) يجب أن يكون مرجع التقليد عالما مجتهدا عادلا ورعا في دين اللّه تعالى، كما وصفه عليه السلام بقوله (و أمّا من كان من الفقهاء

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 8

صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا لهواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوامّ أن يقلّدوه).

(مسألة 6) يجب تقليد الأعلم مع الإمكان على الأحوط إذا اختلفت فتواه عن فتوى غيره في المسائل المبتلى بها، و علم بذلك المكلّف تفصيلا أو إجمالا. و يجب الفحص عنه.

(مسألة 7) إذا تساوى مجتهدان في العلم، أو كان لا يعلم أنه يوجد بينهما أعلم، تخيّر بينهما، إلا إذا كان أحدهما المعيّن أورع أو أعدل فيتعيّن تقليده على الأحوط الأولى. و إذا تردّد بين شخصين يحتمل أعلميّة أحدهما المعيّن دون الآخر تعيّن تقليده.

(مسألة 8) إذا كان الأعلم منحصرا في شخصين و لم يحتمل تساويهما، و لم يتمكّن من تعيين الأعلم منهما، تعيّن الأخذ بالاحتياط أو العمل بأحوط قوليهما مع التمكّن، و مع عدمه يكون مخيّرا بينهما. أمّا إذا احتمل تساويهما و يئس من تعيين الأعلم فيتخيّر بينهما مطلقا.

(مسألة 9) يجب على العاميّ أن يقلّد الأعلم في مسألة تقليد الأعلم، فإن أفتى بوجوبه لا يجوز له تقليد غيره، و إن أفتى بجواز تقليد غير الأعلم تخيّر بين تقليده هو و تقليد غيره، أمّا إذا أفتى غير الأعلم بعدم وجوب تقليد الأعلم، فلا يجوز تقليده. نعم لو أفتى بوجوب تقليد الأعلم يجوز الأخذ بقوله، لكن لا من جهة حجّيّة قوله بل لكونه موافقا للاحتياط.

(مسألة 10) إذا كان مجتهدان متساويان

في العلم يتخيّر العامي في الرجوع إلى أيّهما، كما يجوز له التبعيض في المسائل، بأن يأخذ بعضها من أحدهما و بعضها من الآخر.

(مسألة 11) يجب على العامي في زمان الفحص عن المجتهد أو الأعلم أن يعمل بالاحتياط، أو يأخذ بأحوط الأقوال.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 9

(مسألة 12) إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة من المسائل، يجوز الرجوع فيها إلى غيره، مع رعاية الأعلم فالأعلم على الأحوط.

(مسألة 13) إذا قلّد من ليس أهلا للفتوى ثم التفت، وجب عليه العدول. و كذا إذا قلّد غير الأعلم وجب على الأحوط العدول إلى الأعلم فيما اختلفت فتواه فيه عن غيره. و كذا إذا قلّد الأعلم ثم صار غيره أعلم منه.

(مسألة 14) لا يجوز تقليد الميّت ابتداء، نعم يجوز البقاء على تقليده في المسائل التي عمل بها في زمان حياته أو تعلّمها للعمل و إن لم يعمل بها، و إن كان الأحوط الأولى الاقتصار في البقاء على ما عمل به.

كما يجوز الرجوع فيها إلى الحيّ الأعلم، و هو أحوط، فإن رجع فلا يجوز له الرجوع إلى فتوى الميّت ثانيا، و لا إلى حيّ آخر على الأحوط، إلا إلى أعلم منه.

(مسألة 15) لا بدّ أن يكون البقاء على تقليد الميّت بتقليد الحيّ، فلو بقي على تقليد الميّت من دون الرجوع إلى الحيّ الذي يفتي بجواز ذلك، كان كمن قلّد من غير تقليد، فإن كان بقاؤه موافقا لفتوى مرجعه الحيّ صحّت أعماله، و إلا، كان كمن عمل بلا تقليد.

(مسألة 16) إذا قلّد مجتهدا، ثم مات فقلّد غيره، ثم مات فقلّد في مسألة البقاء على تقليد الميّت من يقول بوجوب البقاء أو جوازه، فالأظهر البقاء على تقليد الأول إن كان الثالث

قائلا بوجوب البقاء، و أمّا إن كان قائلا بجوازه، فله أن يبقى على تقليد الثاني أو يرجع إلى الحيّ.

(مسألة 17) المأذون و الوكيل عن المجتهد في التصرّف في الأوقاف أو الوصايا أو في أموال القصّر ينعزل بموت المجتهد في التصرّف في الأوقاف أو الوصايا أو في أموال القصّر ينعزل بموت المجتهد، و أما المنصوب من قبله متولّيا على الوقف أو قيّما على القصّر ففي انعزاله إشكال، فلا يترك الاحتياط بحصوله على نصب المجتهد الحيّ، أو إجازته بالتصرّف.

(مسألة 18) إذا عمل عملا من عبادة أو عقد أو إيقاع على طبق فتوى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 10

من يقلّده، فمات ذلك المجتهد فقلّد من يقول ببطلانه، يجوز له البناء على صحّة الأعمال السابقة، و إن كان الأحوط ترتيب الآثار الفعليّة لبطلانها. و يجب عليه فيما يأتي أن يعمل بمقتضى فتوى المجتهد الثاني.

(مسألة 19) إذا قلّد مجتهدا من غير فحص عن حاله، أو قطع بكونه جامعا للشرائط ثمّ شكّ في أنه كان جامعا لها أم لا، وجب عليه الفحص لمعرفة جواز تقليده فعلا، أمّا أعماله السابقة فحكمها الصّحّة قبل الفحص مع احتمال صحّتها احتمالا عقلائيّا.

(مسألة 20) إذا أحرز كونه جامعا للشرائط ثم شكّ في زوال بعضها عنه كالعدالة و الاجتهاد، فلا يجب عليه الفحص، و يجوز له البناء على بقاء حالته الأولى.

(مسألة 21) إذا عرض للمجتهد ما يوجب فقد الشرائط من فسق أو جنون أو نسيان، وجب العدول إلى جامع الشرائط و لا يجوز البقاء على تقليده، كما أنه لو قلّد من لم يكن جامع للشرائط و مضى عليه برهة من الزمان، كان كمن لم يقلّد أصلا، فحاله كحال الجاهل القاصر أو المقصّر.

(مسألة 22) يثبت الاجتهاد بالاختبار،

و بالشّياع المفيد للعلم، و بشهادة العدلين الخبيرين، و كذا الأعلميّة. و لا يجوز تقليد من لا يعلم أنه بلغ رتبة الاجتهاد و إن كان من أهل العلم، كما أنه يجب على غير المجتهد أن يقلّد أو يحتاط و إن كان من أهل العلم و قريبا من الاجتهاد.

(مسألة 23) عمل الجاهل المقصّر الملتفت من دون تقليد باطل، و إن طابق الواقع، إذا كان عباديّا و لم يتحقّق معه قصد القربة. أما عمل الجاهل القاصر أو المقصّر الغافل مع تحقّق قصد القربة، فصحيح إن كان مطابقا للواقع، و طريق معرفة ذلك مطابقته لفتوى من يجب عليه تقليده.

(مسألة 24) كيفيّة أخذ المسائل من المجتهد على أنحاء ثلاثة، الأول:

السّماع منه. الثاني: نقل عدلين أو عدل واحد عنه، بل الظّاهر كفاية نقل

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 11

شخص واحد إذا كان ثقة يطمأنّ بقوله. الثالث: الرجوع إلى رسالته إذا كانت مأمونة من الغلط.

(مسألة 25) إذا اختلف ناقلان في نقل فتوى المجتهد يؤخذ بقول أوثقهما، و مع تساويهما في الوثاقة يتساقط النقلان، فإذا لم يمكن الرجوع إلى المجتهد أو رسالته يعمل بما وافق الاحتياط من الفتويين، أو يعمل بالاحتياط.

(مسألة 26) يجب تعلّم مسائل الشكّ و السهو و غيرها مما هو محل ابتلاء غالبا، كما يجب تعلّم أجزاء العبادات و شرائطها و موانعها و مقدّماتها. نعم لو علم إجمالا أنّ عمله واجد لجميع الأجزاء و الشرائط و فاقد للموانع صحّ و إن لم يعلم ذلك تفصيلا. و كذا إذا اطمأنّ بذلك، أو لم يطمئنّ و لكن أتى به برجاء أن لا يحدث له الشك فلم يحدث، أو حدث و عمل برجاء أن يطابق عمله وظيفته فطابقها.

(مسألة 27) إذا علم أنه

كان في عباداته بلا تقليد مدّة من الزمان و لم يعلم مقداره، فإن علم بمطابقتها لفتوى المجتهد الذي رجع إليه فهو، و إلا فالأحوط أن يقضي الأعمال السابقة بمقدار يعلم معه بالبراءة، و إن كان لا يبعد جواز الاكتفاء بالقدر المتيقّن.

(مسألة 28) إذا كانت أعماله السابقة عن تقليد، و لا يعلم أنه كان تقليدا صحيحا أم فاسدا، يبني على الصحة.

(مسألة 29) إذا مضت مدة من بلوغه و شكّ بعد ذلك في أنّ إعماله كانت عن تقليد صحيح أم لا، يجوز له البناء على الصّحّة في أعماله السابقة، و في اللاحقة يجب عليه التصحيح فعلا.

(مسألة 30) يعتبر في المفتي و القاضي العدالة، و تثبت بشهادة عدلين، و بالمعاشرة المفيدة للعلم أو الاطمئنان، و بالشّياع المفيد للعلم.

(مسألة 31) العدالة عبارة عن (ملكة راسخة باعثة على ملازمة التقوى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 12

من ترك المحرّمات و فعل الواجبات) و تعرف بحسن الظّاهر و مواظبة الشخص ظاهرا على الشرعيات و الطاعات من حضور الجماعات و غيره، مما يكشف عن الملكة و حسن الباطن علما أو ظنّا. بل الظّاهر كفاية حسن ظاهر الشخص و إن لم يورث ذلك ظنّا بالملكة.

(مسألة 32) تزول صفة العدالة بارتكاب الكبائر أو الإصرار على الصغائر، و تعود بالتوبة إذا كانت الملكة المذكورة باقية.

(مسألة 33) إذا نقل شخص فتوى المجتهد خطأ يجب عليه إعلام من تعلّم منه.

(مسألة 34) إذا حدث له أثناء الصلاة مسألة لا يعلم حكمها و لم يتمكن حينئذ من استعلامها، بنى على أحد الطرفين بقصد أن يسأل عنها بعد الصلاة و أن يعيدها إذا ظهر أنّ ما أتى به خلاف الواقع، فإن فعل ذلك و ظهرت المطابقة صحّت صلاته.

(مسألة 35) الوكيل

في عمل عن الغير كإجراء عقد أو إيقاع، أو أداء خمس أو زكاة أو كفّارة أو نحوها، يجب عليه أن يعمل بمقتضى تقليد الموكّل لا تقليد نفسه إذا كانا مختلفين، بخلاف الوصيّ على استئجار الصلاة عن الميّت مثلا فيجب أن يستأجر على وفق فتوى مجتهده لا مجتهد الميّت، هذا إذا كان وصيّا لاستئجار صلاة صحيحة مثلا، و أمّا إن كان وصيّا لاستئجار صلاة بكيفية خاصة، فلا يجوز له التخطّي عنها، و كذلك الأجير.

(مسألة 36) إذا وقعت معاملة بين شخصين و كان أحدهما مقلّدا لمن يقول بصحّتها و الآخر مقلّدا لمن يقول ببطلانها، وجب على كل منهما مراعاة فتوى مجتهده، فلو وقع نزاع بينهما ترافعا إلى أحد المجتهدين أو إلى مجتهد آخر، فيحكم بينهما على طبق فتواه، و ينفذ حكمه على الطرفين. و كذا الحال في الإيقاع المتعلّق بشخصين كالطّلاق و العتق و نحوهما.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 13

(مسألة 37) الاحتياط المطلق في مقام الفتوى إذا لم تسبقه فتوى على خلافه و لم تلحقه، لا يجوز تركه، بل يجب إمّا العمل بالاحتياط أو الرجوع إلى الغير، الأعلم فالأعلم. و أمّا إذا كان الاحتياط مسبوقا بفتوى على خلافه، كما لو قال بعد الفتوى في المسألة: و إن كان الأحوط كذا، أو ملحوقا بفتوى على خلافه، كما لو قال: الأحوط كذا و إن كان الحكم كذا، أو: و إن كان الأقوى كذا. و كذا إذا كان مقرونا بما يظهر منه الاستحباب بأن كان فيه كلمة (الأولى) كما لو قال: الأولى و الأحوط كذا أو: الأحوط الأولى كذا، جاز في هذه الموارد ترك الاحتياط: و كذا إذا أفتى في المسألة لكن قال: لا ينبغي تركه أو: و لكن

لا يترك، فهو احتياط استحبابي مؤكّد، و ليس وجوبيا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 14

كتاب الطهارة

أحكام المياه

(مسألة 38) الماء إمّا مطلق أو مضاف كالمعتصر من الأجسام كماء الرّمّان، و الممتزج بغيره بحيث يخرج عن صدق اسم الماء كماء السكّر و الملح. و المطلق أقسام: الجاري، و النابع بغير جريان، و البئر، و المطر، و الواقف و يقال له الراكد.

(مسألة 39) الماء المضاف طاهر في نفسه و غير مطهّر لا من الحدث و لا من الخبث، و لو لاقى نجسا ينجس جميعه و إن كان ألف كرّ، نعم إذا كان جاريا من العالي إلى السافل أو مندفعا عن قوّة و لو من السافل كالفوّارة، و لاقى أسفله النجاسة، اختصّت النجاسة بموضع الملاقاة و ما بعده، و لم تسر إلى ما قبله.

(مسألة 40) الماء المطلق لا يخرج بالتّبخير عن الإطلاق. نعم لو مزج معه غيره و لم يصدق عليه الماء المطلق و بخّر يصير مضافا كماء الورد و نحوه، كما أنّ المضاف المبخّر قد يكون مضافا، و لا تخفى مصاديقه.

(مسألة 41) إذا شكّ في مائع أنه مطلق أو مضاف، فإن علم حالته السابقة بنى عليها، و إلا فلا يرفع حدثا و لا خبثا. و إذا لاقى النجاسة فإن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 15

كان قليلا ينجس قطعا، و إن كان كثيرا فالظّاهر أنه يحكم بطهارته.

(مسألة 42) الماء المطلق بجميع أقسامه يتنجّس إذا تغيّر أحد أوصافه:

اللون و الطّعم و الرّائحة، بسبب ملاقاته النجاسة. و لا يتنجّس بالتغيّر بالمجاورة كما إذا كان قريبا من جيفة فصار جائفا، نعم إذا كانت الجيفة خارج الماء و كان جزء منها في الماء و تغيّر بسبب مجموعهما، تنجّس على الأحوط.

(مسألة 43) المعتبر تأثّر

الماء بأوصاف النجاسة لا المتنجّس، فإذا احمرّ الماء الكثير المعتصم بالصّبغ الأحمر المتنجّس، لا ينجس.

(مسألة 44) المناط تغيّر أحد الأوصاف الثّلاثة بسبب النجاسة، و إن كان الأثر من غير نوع وصف النجس، فلو اصفرّ الماء مثلا بوقوع الدّم فيه، تنجّس.

(مسألة 45) إذا وقع في الماء المعتصم متنجّس حامل وصف النّجس فغيّره و صدق عليه أنه تغيّر بالنجاسة، تنجّس على الأقوى، كما إذا وقعت ميتة في ماء فغيّرت رائحته ثم أخرجت منه و صبّ ذلك الماء في كرّ فغيّر رائحته.

(مسألة 46) الماء الجاري، و هو النابع السّائل، لا ينجس بملاقاة النّجس، كثيرا كان أو قليلا، و يلحق به النابع الواقف كبعض العيون، و كذلك البئر على الأقوى، فلا تنجس هذه المياه إلا بالتغيّر كما مر.

(مسألة 47) الراكد المتصل بالجاري بحكم الجاري، فالغدير المتصل بالنهر، بساقية و نحوها، كالنهر، و كذا أطراف النهر، و إن كان ماؤها واقفا.

(مسألة 48) إذا تنجّس الجاري و ما في حكمه بالتغيّر ثم زال تغيّره و لو من قبل نفسه، فالأحوط في تطهيره اعتبار امتزاجه بالمعتصم، و كذا تطهير مطلق المياه.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 16

(مسألة 49) الراكد بلا مادة ينجس بملاقاة النّجس إذا كان دون الكرّ، سواء كان واردا على النّجاسة أو مورودا، إلا في الغسالة كما يأتي.

و يطهر بالاتصال بماء معتصم كالجاري و الكرّ و ماء المطر، لكن مع الامتزاج على الأحوط كما ذكرنا.

(مسألة 50) إذا كان الماء قليلا و شكّ في أنّ له مادة أم لا، فإن كان سابقا ذا مادّة و شكّ في انقطاعها يبني على الحالة الأولى، و إن لم يكن كذلك يحكم بنجاسته بملاقاة النجاسة على الأحوط، و إن كان الأقوى طهارته.

(مسألة 51) الراكد إذا

بلغ كرّا، لا ينجس بالملاقاة إلا بالتغيّر.

(مسألة 52) إذا تغيّر بعض الماء و كان الباقي كرّا يبقى غير المتغيّر على طهارته. و يطهر المتغيّر إذا زال تغيّره باتصاله بالباقي الذي يكون كرّا، لكن مع الامتزاج على الأحوط. و إذا كان الباقي أقلّ من كرّ ينجس الجميع، المتغيّر بالتغيّر، و الباقي بالملاقاة.

(مسألة 53) يقدّر الكرّ بالوزن و بالمساحة. أمّا بحسب الوزن فهو ألف و مائتا رطل بالعراقي، يعادل ثلاث مائة و أربعة و تسعين كيلو غراما تقريبا.

و أمّا بحسب المساحة فهو ما بلغ مكسّرة، أي حاصل ضرب أبعاده الثّلاثة بعضها في بعض، ثلاثة و أربعين شبرا إلا ثمن الشّبر على الأقوى كما هو المشهور. و يبلغ بالكيلو على ما أخبر به أهل الخبرة ثلاث مائة و أربعة و تسعون (394) كيلو غرام تقريبا.

(مسألة 54) الماء المشكوك الكرّيّة إن علمت حالته السابقة يبنى عليها، و إلا فالأقوى عدم تنجّسه بالملاقاة، و إن لم تجر عليه بقيّة أحكام الكرّ.

(مسألة 55) إذا كان الماء قليلا فصار كرا و لاقى النجاسة، و لم يعلم سبق الملاقاة على الكريّة أو العكس، يحكم بطهارته، إلا إذا علم تاريخ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 17

الملاقاة و لم يعلم تاريخ الكريّة. و أمّا إذا كان الماء كرّا فصار قليلا و لاقى النّجاسة و لم يعلم سبق الملاقاة على القلّة أو العكس، فالظاهر الحكم بطهارته مطلقا، حتّى فيما إذا علم تاريخ القلّة.

(مسألة 56) ماء المطر حال نزوله من السّماء كالجاري، فلا ينجس ما لم يتغيّر، و الأحوط اعتبار كونه بمقدار يجري على الأرض الصّلبة، و إن كان كفاية صدق المطر عليه لا يخلو من قوّة.

(مسألة 57) المراد بماء المطر الذي لا يتنجّس إلا بالتغيّر،

القطرات النازلة و المجتمع منها تحت المطر حال تقاطره عليها، و كذا المجتمع المتّصل بما يتقاطر عليه المطر، فالماء الجاري من الميزاب تحت سقف حال نزول المطر، كالماء المجتمع فوق السطح المتقاطر عليه المطر.

(مسألة 58) يطهّر المطر كلّ ما أصابه من المتنجّسات القابلة للتطهير، مثل الأرض و الفرش و الأواني و الماء، لكن مع الامتزاج فيه على الأحوط كما مرّ. كما أنه لا يحتاج في الفرش إلى العصر و التعدّد، بل لا يحتاج في الأواني أيضا إلى التعدّد. نعم إذا كان متنجّسا بولوغ الكلب، فالأقوى أن يعفّر أوّلا ثم يوضع تحت المطر، فإذا نزل عليه، يطهر من دون حاجة إلى التعدّد.

(مسألة 59) الفرش النّجس إذا وصل المطر إلى جميع أجزائه و نفذ فيها، تطهر كلّها ظاهرا و باطنا، و إذا أصاب بعضها يطهر ذلك البعض، و إذا أصاب ظاهره و لم ينفذ فيه، يطهر ظاهره فقط.

(مسألة 60) إذا كان السطح نجسا فنفذ فيه الماء و تقاطر حال نزول المطر، فهو طاهر و لو كانت عين النّجس موجودة على السطح و مرّ عنها الماء المتقاطر. و كذا المتقاطر بعد انقطاع المطر إذا احتمل كونه من الماء

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 18

المحتبس في أعماق السقف، أو كونه غير مارّ على عين النّجس أو المتنجّس بعد انقطاع المطر. نعم إذا علم أنّه من الماء المارّ على عين النّجس بعد انقطاع المطر، يكون نجسا.

(مسألة 61) الماء الراكد النّجس، يطهر بنزول المطر عليه و بالاتصال بماء معتصم كالكرّ و الجاري، مع الامتزاج على الأحوط كما مرّ. و لا يعتبر في الاتصال كيفيّة خاصة، بل المدار على مطلقه، و لو بساقية أو ثقب بينهما. كما لا يعتبر علوّ المعتصم

أو تساويه مع الماء النّجس، نعم لو كان النّجس جاريا من فوق على المعتصم، فالظاهر عدم كفاية هذا الاتّصال في طهارة ما فوقه في حال جريانه عليه.

(مسألة 62) لا إشكال في كون الماء المستعمل في الوضوء طاهرا و مطهّرا للحدث و الخبث، كما لا إشكال في كون المستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهرا و مطهّرا للخبث، بل الأقوى كونه مطهّرا للحدث أيضا.

(مسألة 63) الماء المستعمل في رفع الخبث المسمّى بالغسالة، طاهر فيما لا يحتاج إلى تعدّد، و في الغسلة الأخيرة فيما يحتاج التعدّد، و الأقوى الاجتناب في الغسلة المزيلة لعين النجاسة.

(مسألة 64) ماء الاستنجاء سواء كان من البول أو الغائط، طاهر إذا لم يتغيّر أحد أوصافه الثّلاثة، و لم يكن فيه أجزاء متميّزة من الغائط، و لم تتعدّ النجاسة عن المخرج تعدّيا فاحشا، على وجه لا يصدق معه الاستنجاء، و لم يصل إليه نجاسة من خارج. و مثله ما إذا خرج مع البول أو الغائط نجاسة أخرى مثل الدّم. نعم الدّم الذي يعدّ جزءا من البول أو الغائط إذا كان مستهلكا فلا إشكال فيه، و إلا ففيه إشكال و الأحوط الاجتناب.

(مسألة 65) لا يشترط في طهارة ماء الاستنجاء أن يسبق الماء اليد، و إن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 19

كان أحوط.

(مسألة 66) إذا اشتبه نجس بين أطراف محصورة كإناء في عشرة، يجب الاجتناب عن الجميع، لكن إذا لاقى شي ء بعض الأطراف، لا يحكم بنجاسته إلا إذا كانت الحالة السابقة في ذلك البعض النجاسة، فالأحوط إن لم يكن أقوى حينئذ الحكم بنجاسة الملاقي.

(مسألة 67) إذا أريق أحد الإنائين المشتبهين، يجب الاجتناب عن الآخر.

أحكام التّخلّي

اشارة

(مسألة 68) يجب في حال التّخلّي كسائر الأحوال، ستر العورة عن النّاظر

المحترم، رجلا كان أو امرأة، حتى المجنون إذا كان مميّزا، أو الطفل المميّز. كما يحرم النظر إلى عورة الغير و لو كان المنظور مجنونا أو طفلا مميّزا. نعم لا يجب سترها عن غير المميّز، كما يجوز النّظر إلى عورته، و كذا الحال في الزّوجين و المالك و مملوكته، ناظرا و منظورا.

(مسألة 69) العورة في المرأة هنا القبل و الدّبر (و سيأتي حكم المرأة) و في الرّجل هما مع البيضتين، و ليس منها الفخذان و لا الأليتان، بل و لا العانة و لا العجّان، بل و لا الشعر النابت أطراف العورة على الأقوى خاصّة البعيد منه. نعم يستحبّ ستر ما بين السّرة إلى الرّكبة بل إلى نصف الساق.

(مسألة 70) لا يشترط في السّتر الواجب نوع معيّن من الساتر، فيكفي بكل ما يستر.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 20

(مسألة 71) لا يجوز النظر إلى عورة الغير من وراء الزّجاج، بل و لا في المرآة و الماء الصافي و نحوهما.

(مسألة 72) إذا اضطرّ إلى النّظر إلى عورة الغير للعلاج مثلا، فالأحوط أن ينظر إليها في المرآة المقابلة لها، إن ارتفع الاضطرار بذلك، و إلا فلا مانع.

(مسألة 73) يحرم في حال التخلّي استدبار القبلة و استقبالها بمقاديم بدنه، و إن أمال العورة عنها، و المدار في الحرمة صدق الاستقبال و الاستدبار عرفا، و الأحوط ترك الاستقبال بعورته فقط، و إن لم يكن بمقاديم بدنه.

(مسألة 74) الأقوى حرمة الاستقبال و الاستدبار في حال الاستبراء حال نزول ما بقي، و الأقوى عدم الحرمة حال الاستنجاء، و إن كان الأحوط التّرك.

(مسألة 75) إذا اضطرّ إلى أحدهما تخيّر، و الأحوط اختيار الاستدبار.

و لو دار أمره بين أحدهما و ترك السّتر عن الناظر، رجّح

السّتر.

(مسألة 76) إذا اشتبهت القبلة بين الجهات و يئس عن تمييزها و تعسّر التأخير إلى أن يميّزها تخيّر بينها، و لا يبعد جواز العمل بالظن عند الاضطرار و الحرج.

الاستنجاء

(مسألة 77) يجب غسل مخرج البول بالماء القليل مرّتين على الأحوط، و الأفضل ثلاثا، و لا يجزي غير الماء. و يتخيّر في مخرج الغائط بين الغسل بالماء و المسح بشي ء قالع للنّجاسة كالحجر و المدر و الخرق

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 21

و غيرها، و الغسل أفضل، و الجمع بينهما أكمل. و لا يعتبر في الغسل التعدّد بل الحدّ النّقاء. و في المسح لا بدّ من ثلاث و إن حصل النّقاء بالأقل على الأحوط، و إذا لم يحصل النّقاء بالثلاث فإلى النّقاء.

(مسألة 78) لا يترك الاحتياط بلزوم تعدّد ما يمسح به، فلا يكفي ذو الجهات الثلاث. و يعتبر فيه الطهارة، فلا يجزي النّجس و لا المتنجّس قبل تطهيره. و يعتبر أن لا يكون فيه رطوبة مسرية، فلا يجزي الطّين و الخرقة المبلولة. نعم لا تضر النداوة الّتي لا تسري.

(مسألة 79) يجب في الغسل بالماء إزالة العين و الأثر، أي الأجزاء الصّغار الّتي لا ترى، و في المسح يكفي إزالة العين، و لا يضرّ بقاء الأثر.

(مسألة 80) إنما يكتفى بالمسح في الغائط إذا لم يتعدّ المخرج، على وجه لا يصدق عليه الاستنجاء و لم يكن في المحل نجاسة من الخارج، أما إذا خرج مع الغائط نجاسة أخرى كالدّم، فيتعيّن الغسل بالماء.

(مسألة 81) يحرم الاستنجاء بالمحترمات، أمّا العظم و الروث، فالحكم بالحرمة بهما مشكل، و كذا الحكم بتحقق التّطهير بهما.

(مسألة 82) لا يجب الدّلك باليد في مخرج البول، نعم إذا احتمل خروج المذي معه، فلا يترك الاحتياط

بالدّلك في هذه الصورة.

الاستبراء

(مسألة 83) الظّاهر أنه لا يتعيّن كيفية خاصة للاستبراء من البول، و لكن لا بأس بالعمل بما ورد في كلمات بعض الفقهاء، و هو أن يمسح بقوّة ما بين المقعد و أصل الذّكر ثلاثا، ثم يضع سبّابته مثلا تحت الذكر و إبهامه فوقه و يمسح بقوّة إلى رأسه ثلاثا، ثم يعصر رأسه ثلاثا. فإذا رأى بعد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 22

ذلك رطوبة مشتبهة لا يدري أنها بول أو غيره يحكم بطهارتها و عدم ناقضيّتها للوضوء. بخلاف ما إذا لم يستبرئ فإنه يحكم بنجاستها و ناقضيّتها.

(مسألة 84) يلحق بالاستبراء في ذلك على الأقوى طول المدّة و كثرة الحركة، بحيث يقطع بعدم بقاء شي ء في المجرى و بأن البلل الخارج المشتبه نزل من الأعلى، فيحكم بطهارته و عدم ناقضيّته.

(مسألة 85) لا يلزم المباشرة في الاستبراء، فلو باشر استبراء المريض زوجته مثلا، صحّ ذلك.

(مسألة 86) إذا شكّ في الاستبراء يبني على عدمه حتّى لو مضت مدة، أو كان من عادته الاستبراء، نعم لو استبرأ ثم شكّ أن استبراءه كان على الوجه الصحيح أم لا، يبني على صحته.

(مسألة 87) إذا شكّ من لم يستبرئ في خروج الرطوبة و عدمه، بنى على عدمه، كما إذا رأى في ثوبه رطوبة مشتبهة لا يدري أنها خرجت منه أو وقعت عليه من الخارج، فيحكم بطهارتها و عدم انتقاض الوضوء معها.

(مسألة 88) إذا علم أن الخارج منه مذي و لكن شك في أنه خرج معه بول أم لا، لا يحكم عليه بالنجاسة و لا الناقضيّة، إلا أن يصدق عليه الرّطوبة المشتبهة، كأن يشك في أنّ هذا الموجود هل هو بتمامه مذي، أو مركّب منه و من البول.

(مسألة 89)

إذا بال و توضّأ ثم خرجت منه رطوبة مشتبهة بين البول و المنيّ، فإن استبرأ بعد البول يجب عليه الاحتياط بالجمع بين الوضوء و الغسل، و إن لم يستبرئ فكذلك على الأحوط، و إن خرجت الرطوبة المشتبهة قبل أن يتوضّأ، يكتفي بالوضوء و لا يجب عليه الغسل، سواء

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 23

استبرأ بعد البول أم لا.

أحكام الوضوء

واجبات الوضوء

(مسألة 90) الواجب في الوضوء غسل الوجه و اليدين و مسح الرّأس و القدمين، و المراد بالوجه في المتعارف منه ما بين قصاص الشّعر و طرف الذّقن طولا، و ما دارت عليه الإبهام و الوسطى عرضا، فما خرج عن ذلك لا يجب غسله. نعم يجب غسل شي ء مما خرج عن الحدّ مقدّمة لتحصيل اليقين بغسل تمام ما اشتمل عليه الحدّ. و لو كان وجه شخص أو يده أصغر من المتعارف أو أكبر منه يغسل منه مقدار ما يغسل صاحب الوجه المتعارف من وجهه.

(مسألة 91) يجب أن يكون الغسل من أعلى الوجه، و لا يجوز منكوسا، نعم لو ردّ الماء منكوسا و نوى الغسل من الأعلى برجوعه، جاز.

(مسألة 92) لا يجب غسل ما استرسل من اللّحية، أما ما دخل منها في حدّ الوجه فيجب غسل الظاهر منه، من غير فرق بين الكثيف و الخفيف مع صدق إحاطة الشعر بالبشرة، و إن كان التّخليل في الخفيف أحوط.

(مسألة 93) يجب غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع، و يجب غسل شي ء من العضد مقدّمة كما في الوجه.

(مسألة 94) لا يجوز ترك شي ء من الوجه أو اليدين بلا غسل و لو مقدار مكان شعرة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 24

(مسألة 95) لا يجب غسل شي ء من البواطن كالعين و الأنف

و الفم، إلا شيئا منها من باب المقدّمة. و ما لا يظهر من الشفتين بعد الانطباق هو من الباطن، فلا يجب غسله، كما لا يجب غسل باطن الثقبة الّتي في الأذن و الأنف موضع الحلقة أو الخزامة، سواء كانت الحلقة فيها أم لا.

(مسألة 96) الوسخ تحت الأظفار لا يجب إزالته إلا إذا كان ما تحته معدودا من الظّاهر، كما أنه لو قصّ أظفاره فصار ما تحتها ظاهرا، وجب غسله بعد إزالة الوسخ عنه.

(مسألة 97) إذا انقطع لحم من اليدين أو الوجه وجب غسل ما ظهر بعد قطعه، و يجب غسل ذلك اللّحم أيضا و إن كان اتصاله بجلدة رقيقة.

(مسألة 98) الشقوق الّتي تحدث على ظهر الكفّ بسبب البرد مثلا، إن كانت وسيعة يرى جوفها، وجب إيصال الماء إليها، و إلا فلا.

(مسألة 99) ما يعلو البشرة شبيه الجدري، عند الاحتراق، ما دام باقيا يكفي غسل ظاهره و إن تخرّق بالغسل، و لا يجب إيصال الماء الى ما تحت الجلدة، بل لو قطع بعض الجلدة و بقي البعض الآخر، يكفي غسل ظاهر ذلك البعض و لا يجب قطعه بتمامه، و لو ظهر ما تحت الجلدة بتمامه و كانت الجلدة متّصلة قد تلصق و قد لا تلصق، يجب غسل ما تحتها، و إن كانت لاصقة، يجب رفعها أو قطعها.

(مسألة 100) يصحّ الوضوء بالارتماس مع مراعاة الأعلى فالأعلى، لكن في اليد اليسرى، لا بد أن يقصد الغسل حال الإخراج لئلّا يلزم المسح بماء جديد، بل و كذا في اليد اليمنى، إلا أن يبقي شيئا من اليد اليسرى ليغسله باليد اليمنى، حتى يكون ما يبقى عليها من الرطوبة من ماء الوضوء.

(مسألة 101) يجب رفع ما يمنع وصول الماء أو تحريكه

كالخاتم و نحوه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 25

و لو شكّ في وجود الحاجب، لم يلتفت إذا لم يكن لاحتمال وجوده سبب عقلائي، و لو شكّ في أنه حاجب أم لا، وجب إزالته، أو إيصال الماء إلى ما تحته.

(مسألة 102) ما ينجمد على الجرح عند البرء و يصير كالجلدة لا يجب رفعه، و يجزي غسل ظاهره و إن كان رفعه سهلا. أمّا الدّواء الذي انجمد عليه، فهو بمنزلة الجبيرة التي سيأتي حكمها.

(مسألة 103) الوسخ على البشرة إن لم يكن جرما مرئيا، لا يجب إزالته و إن كان يجتمع بالفرك و يكون كثيرا ما دام يصدق عليه أنه غسل البشرة.

و كذا البياض الذي يظهر على اليد من الجصّ أو النّورة مثلا، إذا كان الماء يصل تحته و يصدق معه غسل البشرة. و لو شكّ في كونه حاجبا، وجبت إزالته.

(مسألة 104) يجب مسح شي ء من مقدّم الرّأس، و يكفي منه مسمّى المسح، و إن كان الأحوط عدم الاجتزاء بأقل من عرض إصبع، و أحوط منه مسح مقدار ثلاثة أصابع مضمومة، بل الأولى كون المسح بالثّلاثة.

و المرأة كالرّجل في ذلك.

(مسألة 105) لا يجب كون المسح على البشرة، فيجوز على الشعر النّابت على المقدم. نعم إذا كان الشّعر الذي منبته مقدّم الرأس طويلا يتجاوز بمدّه عن حدّه، لا يجوز المسح على المقدار المتجاوز منه، سواء كان مسترسلا أو مجتمعا في المقدّم.

(مسألة 106) يجب أن يكون المسح بباطن الكف، و الأحوط الأيمن بل الأولى بالأصابع منه، و يجب أن يكون المسح بما بقي في يده من نداوة الوضوء، فلا يجوز بماء جديد.

(مسألة 107) يجب جفاف الممسوح على وجه لا ينتقل منه أجزاء إلى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 26

الماسح.

(مسألة 108) يجب مسح ظاهر القدمين من أطراف الأصابع إلى المفصل على الأحوط طولا، و لا تقدير للعرض، فيجزي ما يتحقّق به اسم المسح، و الأفضل بل الأحوط أن يكون بتمام الكفّ، و ما تقدّم في مسح الرأس، من تجفيف الممسوح، و كون المسح بما بقي على يده من نداوة الوضوء، يجري في القدمين أيضا.

(مسألة 109) إذا تعذّر المسح بباطن الكفّ مسح بظاهرها، و إذا تعذّر مسح بذراعه.

(مسألة 110) إذا جفّت رطوبة الكفّ، أخذ من سائر مواضع الوضوء، من حاجبه أو لحيته أو غيرهما و مسح به، و الأحوط أن لا يكون مما خرج عن حدّ الوجه كشعر اللحية الخارج، و إذا لم يمكن الأخذ ممّا ذكر أعاد الوضوء. و إذا لم تنفع الإعادة من جهة حرارة الهواء أو البدن بحيث كلّما توضّأ جفّ ماء وضوئه، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين المسح باليد اليابسة ثم بالماء الجديد، ثم التّيمّم.

(مسألة 111) لا بدّ في المسح من إمرار الماسح على الممسوح، فلو عكس لم يجز. نعم لا تضرّ الحركة اليسيرة في الممسوح.

(مسألة 112) لا يجب في مسح القدم أن يضع أصابع الكفّ مثلا على أصابعها و يجرّها إلى الحدّ، بل يجزي أن يضع تمام كفّه على تمام ظهر القدم، ثم يجرّها قليلا بمقدار يصدق عليه المسح.

(مسألة 113) يجوز المسح على القناع و الخفّ و الجورب و غيرها عند الضرورة، من تقيّة أو برد أو سبع أو عدوّ، و نحو ذلك ممّا يخاف بسببه أن يرفع الحائل. و يعتبر في المسح على الحائل كلّ ما يعتبر في مسح البشرة، من كونه بالكفّ و بنداوة الوضوء و غير ذلك.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 27

شروط الوضوء

(مسألة 114) يشترط في

الوضوء أمور: منها طهارة الماء و إطلاقه و إباحته، و طهارة المحلّ المغسول و الممسوح، و رفع الحاجب عنه، و إباحة المكان أي الفضاء الذي يقع فيه الغسل و المسح، و كذا إباحة المصبّ إذا كان الوضوء مستلزما لانصباب الماء فيه، و إباحة الإناء إذا كان الوضوء منحصرا به، بل مع عدم الانحصار إذا كان الوضوء منه بالرّمس و ليس بالاغتراف، على تفصيل يأتي. و منها عدم المانع من استعمال الماء كأن يخشى من استعماله المرض أو العطش، على نفسه أو نفس محترمة، و نحو ذلك ممّا يجب معه التّيمّم، فلو توضّأ و الحال هذه، بطل.

(مسألة 115) المشتبه بالنّجس بالشبهة المحصورة كالنّجس في عدم جواز التّوضّؤ به، و إذا انحصر الماء في المشتبهين يتيمّم للصلاة.

(مسألة 116) إذا لم يكن عنده إلا ماء مشكوك الإضافة و الإطلاق، فإن كانت حالته السابقة الإطلاق يتوضّأ به، و إن كانت الإضافة يتيمّم، و إن لم يعلم الحالة السابقة، يجب الاحتياط بالجمع بين الوضوء به و التّيمّم.

(مسألة 117) إذا اشتبه مضاف في محصور و لم يكن عنده ماء آخر، يجب عليه الاحتياط بتكرار الوضوء على نحو يعلم أنه توضّأ بماء مطلق.

و الضابط: أن يزاد عدد الوضوءات على عدد المضاف المعلوم بواحد، فإذا كان عنده إناءان، يتوضّأ بهما، و إذا كان عنده ثلاثة أو أكثر و كان يعلم إضافة واحد منها، يتوضّأ باثنين منها، و إذا كان المضاف إناءين بين ثلاثة أو أكثر، يتوضأ بالثلاثة، و هكذا.

(مسألة 118) إذا كان المشتبه بالغصب من أطراف العلم الإجمالي، فهو كالمغصوب لا يجوز الوضوء به، فلو انحصر الماء به، تعين التّيمّم. أما

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 28

المشتبه بدوا فالأقوى إباحته، نعم لو

كان ملكا للغير، فلا يجوز التصرّف فيه إلا برضاه.

(مسألة 119) طهارة الماء و إطلاقه شرط واقعي يستوي فيهما العالم و الجاهل، بخلاف الإباحة، فإذا توضّأ بماء مغصوب مع جهله بغصبيّته أو نسيانه إياها و كان معذورا في جهله و نسيانه، صحّ وضوؤه، و لو التفت إلى الغصبيّة في أثناء الوضوء، صحّ ما مضى من وضوئه و يتمّ الباقي بماء مباح، و إذا التفت إليها بعد غسل اليد اليسرى فالأحوط عدم جواز المسح بما في يده من الرطوبة، بل لا يخلو من قوّة. و كذا الحال لو كان على محالّ وضوئه رطوبة من ماء مغصوب، و أراد أن يتوضّأ بماء مباح قبل جفاف الرطوبة.

(مسألة 120) يجوز الوضوء و الشرب و سائر التصرّفات اليسيرة التي جرت عليها السيرة، من الأنهار الكبيرة، سواء كانت تجري في مجاريها الطبيعية أو في جداول، و إن لم يعلم رضا المالكين، بل و إن كان فيهم الصّغار و المجانين. نعم مع نهيهم أو نهي بعضهم يشكل الجواز. و إذا غصبها غاصب، يبقى الجواز لغيره دونه.

(مسألة 121) إذا كان ماء مباح في إناء مغصوب، لا يجوز الوضوء منه بالرّمس فيه مطلقا، و أما بالاغتراف منه فلا يصحّ الوضوء مع الانحصار فيه، و يتعيّن التيمّم. و أما مع عدم الانحصار- أي إذا تمكّن من ماء آخر مباح- فيصحّ وضوؤه بالاغتراف منه و إن فعل حراما من جهة التصرّف في الإناء. و كذا لو انحصر في المغصوب و لكن صبّ الماء المباح من الإناء المغصوب في الإناء المباح، فيصحّ وضوؤه.

(مسألة 122) يصحّ الوضوء تحت الخيمة المغصوبة، بل في البيت المغصوب سقفه و جدرانه، إذا كانت أرضه مباحة.

(مسألة 123) الظّاهر أنه يجوز الوضوء من حياض المساجد

و المدارس و نحوهما، إذا لم يعلم أنّ الواقف اشترط عدم استعمالها من غير المصلّين

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 29

و الساكنين فيها، و لم يزاحم المصلّين و الطّلبة، خصوصا إذا جرت السيرة و العادة على وضوء غيرهم منها، مع عدم منع أحد.

(مسألة 124) الوضوء من آنية الذّهب و الفضّة كالوضوء من الآنية المغصوبة، فيبطل إذا كان بالرّمس فيها مطلقا، و يبطل بالاغتراف منها مع الانحصار فيها. و لو توضّأ منها جهلا أو نسيانا بل مع الشكّ في كونها ذهبا أو فضّة صحّ، حتى لو كان بالرّمس أو بالاغتراف مع الانحصار.

(مسألة 125) إذا شكّ في وجود الحاجب قبل الشّروع في الوضوء أو في الأثناء، لا يجب الفحص، إلا إذا كان لاحتماله سبب عقلائي، و حينئذ يجب الفحص حتى يطمئنّ بعدمه. و إذا شكّ بعد الفراغ في أنّ الحاجب كان موجودا أم لا، بنى على عدمه و صحّة وضوئه، و كذلك إذا كان موجودا و كان ملتفتا إليه سابقا، و شكّ بعد الوضوء في أنه أزاله أو أوصل الماء لما تحته أم لا، و كذا إذا علم بوجود الحاجب، و شكّ في أنه كان موجودا حال الوضوء أو طرأ بعده، فيحكم في جميع هذه الصور بصحّة الوضوء.

(مسألة 126) إذا علم بوجود شي ء حال الوضوء قد يصل الماء تحته و قد لا يصل كالخاتم، و علم أنه لم يكن ملتفتا إليه حين الغسل، أو علم أنه لم يحرّكه و مع ذلك شكّ في أنه وصل الماء تحته صدفة أم لا، فيشكل الحكم بالصّحّة، فالأحوط وجوب الإعادة.

(مسألة 127) إذا كان بعض محالّ الوضوء نجسا فتوضّأ، و شك بعده في أنه طهّره قبل الوضوء أم لا، يحكم بصحّة

وضوئه، لكن يبني على بقاء نجاسة المحلّ، فيجب غسله للأعمال الآتية. نعم لو علم أنه لم يكن ملتفتا إلى ذلك حال الوضوء، فالأحوط الإعادة.

(مسألة 128) من شروط الوضوء المباشرة اختيارا، و مع الاضطرار يجوز بل يجب عليه الاستعانة بغيره إن أمكن، و إلا يستنيب، و حينئذ يوضّؤه الغير و ينوي هو، و إن كان الأحوط أن ينوي الغير أيضا. و لا بدّ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 30

أن يكون المسح بيد المنوب عنه بإمرار النائب، و إن لم يمكن الإمرار، أخذ الرّطوبة الّتي في يده و مسح بها، و الأحوط مع ذلك ضمّ التّيمّم إن أمكن.

(مسألة 129) و من شروط الوضوء التّرتيب في الأعضاء، فيقدّم تمام الوجه على اليد اليمنى، و هي على اليسرى، و هي على مسح الرّأس، و هو على مسح الرّجلين، و لا يجب التّرتيب في مسحهما، نعم الأحوط عدم تقديم اليسرى على اليمنى.

(مسألة 130) و من شروط الوضوء الموالاة بين الأعضاء، بمعنى أن لا يؤخّر غسل العضو المتأخّر بحيث يجفّ العضو السابق أو بعضه، بل بحيث يجفّ السابق على السابق على الأحوط.

(مسألة 131) إنّما يضرّ جفاف الأعضاء السابقة إذا كان بسبب التأخير الكثير، أمّا إذا تابع وضوءه عرفا و مع ذلك جفّت بسبب حرارة الهواء أو غيرها، فلا يبطل وضوؤه.

(مسألة 132) إذا لم يتابع أفعال الوضوء و لم يجفّ العضو السابق بسبب البرودة و رطوبة الهواء، بحيث لو كان الهواء معتدلا لحصل الجفاف، لا يبطل وضوؤه. فالعبرة في صحّة الوضوء بأحد أمرين: إمّا بقاء البلل حسّا، أو المتابعة عرفا.

(مسألة 133) إذا ترك الموالاة نسيانا، بطل وضوؤه. و كذا لو اعتقد عدم الجفاف، ثمّ تبيّن الخلاف.

(مسألة 134) إذا لم يبق رطوبة

على أعضاء وضوئه إلا على ما زاد من لحيته عن حدّ وجهه، ففي كفاية المسح به إشكال.

(مسألة 135) من شروط الوضوء النيّة، و هي القصد إلى الفعل بعنوان الامتثال، أو لرجحان الفعل و محبوبيته و إن لم يكن مأمورا به، و هو المراد بنيّة القربة. و يعتبر فيها الإخلاص، فلو ضمّ إليها ما ينافي الإخلاص

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 31

بطل وضوؤه، خصوصا الرياء، فإنه إذا دخل في العمل على أي نحو كان أفسده، و أما غيره من الضمائم الراجحة أو المباحة كالتبريد و غيره، فلا يضرّ ضمّها، بشرط أن لا تكون هي المقصود الأصلي و الوضوء تبعا لها، بل بشرط أن لا يكون أمر غير الوضوء مؤثرا و لو تبعا على الأحوط.

(مسألة 136) لا يعتبر في النيّة التلفّظ بها و لا إخطارها في القلب تفصيلا، بل يكفي فيها الإرادة الإجمالية المرتكزة في النفس، بحيث لو سئل ما ذا تفعل؟ يقول: أتوضّأ. و هذه الإرادة الإجمالية هي الّتي يسمّونها الدّاعي إلى العمل. نعم لو شرع في العمل ثم ذهل عنه و غفل بالمرّة، بحيث لو سئل عن فعله بقي متحيرا لا يدري ما يصنع، يكون عملا بلا نيّة.

(مسألة 137) كما تجب النيّة في أوّل العمل كذلك يجب استمرارها إلى آخره، فلو تردّد أو نوى العدم و أتمّ الوضوء على هذه الحالة، بطل.

نعم لو رجع إلى النيّة الأولى قبل فوات الموالاة و أكمل بها باقي الأفعال، صحّ.

(مسألة 138) يكفي في النيّة قصد القربة، و لا يجب نيّة الوجوب أو الندب لا وصفا و لا غاية، فلا يلزم أن يقصد إني أتوضّأ الوضوء الذي يكون واجبا عليّ، أو يقصد إني أتوضّأ لأنه يجب عليّ، بل لو

نوى الوجوب في موضع الندب أو العكس اشتباها بعد ما كان قاصدا القربة و الامتثال على أي حال، كفى و صحّ، فإذا نوى الوجوب بتخيّل دخول الوقت فتبيّن خلافه، صحّ وضوؤه.

(مسألة 139) الظّاهر أنه يعتبر في صحة الوضوء قصد الطهارة أو ما يترتب عليها، لتوقف قصد القربة عليه.

(مسألة 140) يكفي وضوء واحد عن الأسباب المختلفة، و إن لم يلحظها في النيّة، بل لو قصد رفع حدث بعينه صحّ الوضوء و ارتفع الجميع، إلا إذا قصد عدم ارتفاع غيره.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 32

موجبات الوضوء و غاياته

اشارة

(مسألة 141) الأحداث الناقضة للوضوء و الموجبة له أمور:

الأول و الثاني: خروج البول و ما في حكمه كالبلل المشتبه قبل الاستبراء، و خروج الغائط سواء خرجا من الموضع الطبيعي أو من غيره مع انسداد الطبيعي أو بدونه، كثيرا كان أو قليلا، و لو كان مصاحبا لغيره.

الثالث: خروج الريح من الدّبر، إذا كان من الأمعاء، سواء كان له صوت و رائحة أم لا. و لا عبرة بما يخرج من قبل المرأة، و لا بما لا يكون من الأمعاء كما إذا دخل من الخارج ثم خرج. الرابع: النّوم الغالب على حاسّتي السّمع و البصر. الخامس: كلّ ما أزال العقل، مثل الجنون و الإغماء و السّكر، و نحوها. السادس: الحيض و الاستحاضة و النّفاس على ما يأتي، و سيأتي حكم مسّ الميّت.

(مسألة 142) إذا خرج ماء الاحتقان و لم يكن معه شي ء من الغائط، لم ينتقض الوضوء، و كذا لو شكّ في خروج شي ء معه، و كذا لو خرج دود أو نوى غير ملطّخ بالغائط.

(مسألة 143) المسلوس و المبطون إن كانت لهما فترة تسع الطهارة و الصلاة و لو بالاقتصار على أقلّ واجباتها، انتظراها

و صلّيا في تلك الفترة.

و إن لم تكن فترة، فإمّا أن يكون خروج الحدث في أثناء الصلاة مرّة أو مرّتين أو ثلاثا مثلا، بحيث لا حرج عليهما في التوضّي في الأثناء و البناء على ما صلّيا من صلاتهما، و إمّا أن يكون متصلا بحيث لو توضّأ بعد كلّ حدث و بنيا لزم عليهما الحرج، ففي الصّورة الأولى يتوضّأ الواحد منهما و يشتغل بالصلاة بعد أن يضع الماء قريبا منه، فإذا خرج شي ء توضّأ بلا مهلة و بنى على صلاته، و الأحوط أن يصلّي صلاة أخرى بوضوء واحد، بل لا يترك هذا الاحتياط فيهما إذا استلزم الوضوء أثناء

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 33

الصلاة افعل الكثير. و أمّا في الصورة الثانية فيتوضّأ لكلّ صلاة، و لا يجوز أن يصلّي صلاتين بوضوء واحد. فريضة كانتا أو نافلة أو مختلفتين.

و الظاهر إلحاق مسلوس الريح بمسلوس البول في التفصيل المتقدم.

(مسألة 144) يجب على المسلوس التحفّظ من تعدّي بوله، بكيس فيه قطن و نحوه، و الظّاهر عدم وجوب تغييره أو تطهيره لكلّ صلاة. نعم الأحوط تطهير الحشفة إن أمكن من غير حرج، و يجب التحفّظ بما أمكن في المبطون أيضا، و الأحوط فيه أيضا تطهير المخرج، إن أمكن من غير حرج.

(مسألة 145) لا يجب على المسلوس و المبطون قضاء ما صلّيا من الصلوات بعد برئهما، نعم الظاهر وجوب إعادتها إذا كان البرء في الوقت و اتّسع الزّمان للصلاة مع الطّهارة.

غايات الوضوء

(مسألة 146) غاية الوضوء ما كان وجوب الوضوء أو استحبابه لأجله، إما لأن الطّهارة شرط لصحّته كالصّلاة، أو شرط لجوازه و عدم حرمته، كمسّ كتابة القرآن، أو شرط لكماله، كقراءة القرآن، أو لرفع كراهته كالأكل في حال الجنابة، فإنه

مكروه و ترتفع كراهته بالوضوء.

(مسألة 147) الطّهارة شرط لصحة الصلاة فريضة كانت أو نافلة، أداء أو قضاء، عن النفس أو الغير، و كذا أجزاؤها المنسية، بل و سجدتا السّهو أيضا على الأحوط، و كذا الطواف الّذي هو جزء من الحجّ أو العمرة، و إن كانا مندوبين.

(مسألة 148) الطهارة شرط لجواز مسّ كتابة القرآن، فيحرم مسّها على المحدث، و لا فرق بين الآيات و الكلمات، بل و الحروف و المدّ و التّشديد و إعرابها. و يلحق بها أسماء اللّه تعالى و صفاته الخاصة، و أما

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 34

أسماء الأنبياء و الأئمة و الملائكة عليهم الصّلاة و السّلام ففي إلحاقها بها تأمل و إشكال، و الأحوط التجنّب خصوصا في الأوليين.

(مسألة 149) لا فرق في حرمة المسّ بين أجزاء البدن الظاهرة و الباطنة نعم لا يبعد جواز المسّ بالشعر. كما لا فرق بين أنواع الخطوط حتى المهجور منها كالكوفي، و كذا بين أنحاء الكتابة، بالقلم أو الطباعة أو غير ذلك.

(مسألة 150) الظاهر أنّ الكون على طهارة بنفسه مستحب كسائر المستحبات النفسيّة، و سائر الغايات مرتّبة عليها، فيصحّ قصدها في الوضوء كسائر العبادات، و إن لم يقصد إحدى الغايات.

(مسألة 151) يستحب للمتوضّئ أن يجدّد وضوءه، و الظّاهر جوازه ثالثا و رابعا فصاعدا.

(مسألة 152) في استحباب الوضوء بنفسه للمحدث بالأصغر إشكال، فلو جدّد وضوءه مرة أو أكثر ثم تبيّن مصادفته للحدث، فلا يترك الاحتياط بإعادته.

أحكام الخلل

(مسألة 153) إذا تيقّن الحدث و شكّ في الطهارة أو ظنّها، تطهّر، و لو كان شكّه في أثناء العمل- كما لو دخل في الصّلاة مثلا و شكّ في أثنائها في الطّهارة- فلا يترك الاحتياط بالإتمام ثم الاستئناف بطهارة جديدة.

(مسألة 154) إذا

شكّ في الطّهارة بعد الفراغ من العمل، بنى على صحّة العمل السابق، و تطهّر للعمل اللاحق.

(مسألة 155) إذا تيقّن الطهارة و شكّ في الحدث، لم يلتفت، و لو تيقّنهما و شكّ في المتأخّر منهما، تطهّر، إلا إذا علم تاريخ الطهارة، فيبني عليها على الأقوى.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 35

(مسألة 156) إذا تيقّن ترك غسل عضو أو مسحه، أتى به و بما بعده، إذا لم يحصل مفسد كفوات الموالاة و نحوه، و إلا استأنف.

(مسألة 157) إذا شكّ في فعل شي ء من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه، أتى بما شكّ فيه، مراعيا الترتيب و الموالاة و غيرهما ممّا يعتبر في الوضوء. و الظنّ هنا كالشكّ.

(مسألة 158) كثير الشك لا عبرة بشكه، كما أنه لا عبرة بالشكّ بعد الفراغ، سواء كان شكّه في فعل من أفعال الوضوء، أو في شرط من شروطه.

وضوء الجبيرة)

(مسألة 159) من كان على بعض أعضائه جبيرة و لا يتمكّن من غسل محلّها بلا نزعها، نزعها و غسل أو مسح ما تحتها. و إن لم يمكن ذلك و كانت في موضع المسح مسح عليها، أو موضع الغسل و أمكن إيصال الماء تحتها على نحو يحصل مسمّى الغسل مع مراعاة البدء من الأعلى وجب غسلها، و إلا مسح عليها.

(مسألة 160) يجب استيعاب المسح في الجبيرة التي على أعضاء الغسل، نعم لا يلزم مسح ما يتعذّر أو يتعسّر مسحه كالذي بين الخيوط و أما التي على أعضاء المسح، فمسحها كمسح محلّها قدرا و كيفيّة، فيعتبر أن يكون باليد و نداوتها، بخلاف ما كان في موضع الغسل.

(مسألة 161) إذا كانت الجبيرة مستوعبة لعضو واحد أو لتمام الأعضاء و أمكن التّيمّم بلا حائل، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين

الجبيرة و التّيمّم، خصوصا في الصورة الثانية. نعم إذا استوعب الحائل أعضاء التّيمّم أيضا و لم يمكن التّيمّم على البشرة، تعين الوضوء على الجبيرة في الصورتين.

(مسألة 162) إذا وقعت الجبيرة على بعض الأطراف الصحيحة، فالمقدار

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 36

المتعارف الذي يلزم لربط غالب الجبائر يلحق بها في الحكم فيمسح عليه، و إن كانت أكثر من ذلك فإن أمكن رفعها، رفعها و غسل المقدار الصحيح، ثم وضعها و مسح عليها، و إن لم يمكن، مسح عليها و لا يترك الاحتياط بضمّ التّيمّم أيضا.

(مسألة 163) إذا لم يمكن المسح على الجبيرة من جهة النجاسة، وضع خرقة طاهرة فوقها على نحو تعدّ جزءا منها، و مسح عليها.

(مسألة 164) الأقرب الاكتفاء بغسل ما حول الجرح المكشوف إذا لم يمكن غسل الجرح نفسه، و الأحوط وضع شي ء عليه و المسح عليه.

(مسألة 165) إذا أضرّ الماء بالعضو و لم يكن فيه جرح أو قرح أو كسر، يتعيّن التّيمّم، و كذا إذا كان الكسر أو الجرح في غير مواضع الوضوء و كان يضرّه استعمال الماء في مواضع الوضوء.

(مسألة 166) الرّمد الذي يضرّ به الوضوء، يتعيّن معه التّيمّم.

(مسألة 167) إذا كان على البشرة مانع لا يمكن إزالته كالقير و نحوه، يكفي المسح عليه، و الأحوط كونه وافيا بحيث يحصل به أقلّ مسمّى الغسل، و أحوط من ذلك ضمّ التيمّم إليه.

(مسألة 168) الوضوء الجبيري رافع للحدث، لا مبيح فقط.

(مسألة 169) من كان على بعض أعضائه جبيرة و حصل له موجب الغسل، مسح على الجبيرة و غسل المواضع التي لا جبيرة فيها، على ما تقدّم. و الأحوط كون غسله ترتيبا لا ارتماسا.

(مسألة 170) من كان تكليفه التّيمّم و كان على أعضائه جبيرة

لا يمكن رفعها، مسح عليها، و كذا إذا كان حائل آخر لا يمكن إزالته.

(مسألة 171) إذا ارتفع عذر صاحب الجبيرة، لا يجب إعادة الصلاة التي صلاها، نعم لا يترك الاحتياط بتجديد الوضوء للصّلوات الآتية.

(مسألة 172) يجوز أن يصلّي صاحب الجبيرة أول الوقت مع اليأس عن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 37

زوال العذر إلى آخره، و مع عدمه فالأحوط التأخير.

الأغسال

اشارة

(مسألة 173) الأغسال الواجبة بالوجوب النفسي أو الغيري ستة: غسل الجنابة، و الحيض، و الاستحاضة، و النّفاس، و مسّ الميّت، و غسل الأموات. و قد تجب الأغسال المستحبّة بالنذر.

غسل الجنابة

اشارة

(مسألة 174) سبب الجنابة أمران، السبب الأول: خروج المنيّ و ما في حكمه من البلل المشتبه قبل الاستبراء بالبول كما ستعرفه، و المعتبر خروجه إلى الخارج، فلو تحرّك من محلّه و لم يخرج، لم يوجب الجنابة، كما أنّ المعتبر كونه منه، فلو خرج من المرأة منيّ الرجل لا يوجب جنابتها إلا مع العلم باختلاطه بمنيّها.

(مسألة 175) المنيّ إن علم فلا إشكال، و إلا فالظاهر كفاية اجتماع الدّفق مع الفتور أو مع الشهوة، و لا يبعد أن يكون الحكم في المرأة أيضا كذلك. نعم في المريض تكفي الشهوة.

(مسألة 176) السبب الثاني من أسباب الجنابة: الجماع و إن لم ينزل، و يتحقّق بغيبوبة الحشفة في القبل أو الدبر، و بقدرها من مقطوعها، بل لا يترك الاحتياط فيه مع صدق الإدخال مطلقا. و لا فرق في ذلك بين الصّغير و المجنون و غيرهما، فيجب الغسل حينئذ بعد حصول شرائط التكليف، و لكنه يصح من المميز أيضا.

(مسألة 177) إذا رأى في ثوبه منيّا و علم أنه منه و لم يغتسل بعده، يجب عليه قضاء الصّلوات التي صلّاها بعده، و أما الصلوات التي يحتمل

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 38

وقوعها قبله، فلا يجب قضاؤها. و إذا علم أنه منه و لكن لم يعلم أنه من جنابة سابقة اغتسل منها، أو من جنابة أخرى لم يغتسل منها، فالظاهر أنه لا يجب عليه الغسل و إن كان أحوط.

(مسألة 178) إذا تحرّك المنيّ من محلّه في النوم أو اليقظة و كان بعد دخول

وقت الصلاة و لم يكن عنده ماء للغسل، فيشكل الحكم بعدم وجوب حبسه مع عدم الضرر، فلا يترك الاحتياط بحبسه، أما إذا كان متوضئا و لم يكن عنده ما يتيمم به، فلا يبعد وجوب حبسه إلا إذا تضرّر به.

(مسألة 179) يجوز له إتيان أهله كما ورد بذلك النص إذا لم يكن عنده ماء و كان عنده ما يتيمّم به، أما إذا لم يكن عنده ما يتيمّم به أيضا، فلا.

أحكام الجنب

(مسألة 180) تتوقف على الغسل من الجنابة أمور، بمعنى أنه شرط في صحّتها، الأول: الصلاة بأقسامها، و أجزائها المنسيّة، بل و كذا سجدتا السّهو على الأحوط، ما عدا صلاة الجنازة. الثاني: الطّواف الواجب، دون المندوب. الثالث: صوم شهر رمضان و قضاؤه، بمعنى بطلانه إذا أصبح جنبا متعمدا أو ناسيا الجنابة، و أما غيرهما من أقسام الصوم فلا تبطل بالإصباح جنبا، و إن كان الأحوط في الواجب منها ترك تعمّده.

نعم الجنابة العمديّة في أثناء النهار تبطل جميع أقسام الصوم حتى المندوب، بخلاف غيرها كالاحتلام، فلا يضرّ حتى بصوم شهر رمضان.

(مسألة 181) يحرم على الجنب أمور: الأول: مس كتابة القرآن على التفصيل المتقدّم في الوضوء، و مسّ اسم اللّه تعالى و سائر أسمائه و صفاته المختصة به، و كذا مسّ أسماء الأنبياء و الأئمة عليهم السلام على الأحوط كما تقدم. الثاني: دخول المسجد الحرام و مسجد النّبي

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 39

صلى اللّه عليه و آله، و إن كان بنحو الاجتياز. الثالث: المكث في غير المسجدين من المساجد، بل مطلق الدّخول فيها إذا لم يكن مارّا، بأن يدخل من باب و يخرج من آخر أو يدخل لأخذ شي ء منها، فإنه لا بأس به. و يلحق بها

المشاهد المشرّفة على الأحوط، بل لا يترك الاحتياط بإلحاقها بالمسجدين، كما أنّ الأحوط فيها إلحاق الأروقة بالروضة المشرّفة. الرابع: وضع شي ء في المساجد بالدخول إليها، أو في حال العبور، بل الأحوط أن لا يضع فيها شيئا و هو خارجها أيضا. الخامس قراءة سور العزائم الأربع و هي: السّجدة، و فصّلت، و النّجم، و العلق.

و الأقوى اختصاص الحرمة بآيات السّجدة، دون بقية آيات السّورة، و إن كان الأحوط الأولى تركها أيضا.

(مسألة 182) إذا احتلم في أحد المسجدين، أو دخل فيهما جنبا عمدا أو سهوا أو جهلا، وجب عليه التّيمّم للخروج، إلا أن يكون زمان الخروج أقصر من المكث للتّيمّم أو مساويا له، فحينئذ يخرج بدون تيمّم على الأقوى.

(مسألة 183) إذا أجنب و وجب عليه الغسل فورا و كان الماء في المسجد، يجب عليه أن يتيمّم و يدخل المسجد لأخذ الماء، و لا ينتقض هذا التيمم إلا بعد الخروج بالماء أو بعد الاغتسال، و يشكل إباحة ما يتوقف على الطهارة غير دخول المسجد لأخذ الماء بهذا التيمم.

ما يكره للجنب

(مسألة 184) يكره للجنب أمور: منها: الأكل و الشرب، و ترتفع كراهتهما له بأمور، أكملها الوضوء الكامل، ثم غسل اليد و الوجه و المضمضة، ثم غسل اليدين فقط. و منها: قراءة ما زاد على سبع آيات

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 40

غير العزائم، و تشتدّ الكراهة إن زاد على سبعين آية. و منها: مسّ ما عدا خط المصحف، من الجلد و الورق و الهامش، و ما بين السطور. و منها:

النّوم، و ترتفع كراهته بالوضوء، و إن لم يجد ماء تيمّم بدلا عن الغسل.

و منها: الخضاب. و كذا يكره له أن يجنب إذا كان مختضبا قبل أن يأخذ اللّون. و

منها: الجماع إذا كان جنبا بالاحتلام. و منها: حمل المصحف و تعليقه.

واجبات الغسل و شروطه

(مسألة 185) واجبات الغسل أمور: الأول: النّيّة، و يعتبر فيها الإخلاص، و لا بد من استمرارها كما تقدم في الوضوء.

(مسألة 186) إذا دخل الحمّام بنيّة الغسل، فإن بقي في نفسه الداعي و كان اغتساله بذلك الداعي بحيث لو سئل ما تفعل؟ يقول أغتسل، فغسله صحيح، و أما إذا كان غافلا بالمرّة بحيث لو قيل له ما تفعل؟ بقي متحيّرا، بطل غسله، بل لم يقع منه غسل أصلا.

(مسألة 187) إذا دخل إلى الحمام ليغتسل و بعد ما خرج شك في أنه اغتسل أم لا، بنى على العدم، أما لو علم أنه اغتسل، لكن شكّ في أنه على الوجه الصحيح أم لا، بنى على الصحّة.

(مسألة 188) الثاني: غسل ظاهر البشرة، فلا يجزي غيرها، فيجب عليه حينئذ رفع الحاجب و تخليل ما لا يصل الماء إليه إلا بتخليله. و لا يجب غسل باطن العين و الأنف و الأذن و غيرها، حتى الثقبة التي في الأذن أو الأنف للقرط أو الحلقة، إلا إذا كانت واسعة بحيث تعدّ من الظاهر، و الأحوط غسل ما شك في أنه من الظاهر أو الباطن.

(مسألة 189) لا يجب غسل الشعر، بل يجب غسل ما تحته من البشرة، نعم ما كان رقيقا بحيث يعدّ من توابع الجسد، يجب غسله.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 41

(مسألة 190) الثالث: الترتيب في الغسل الترتيبي، دون الارتماسي.

و الارتماسي عبارة عن رمس البدن في الماء مقارنا للنية، و يكفي فيها استمرار القصد. و الترتيبي عبارة عن غسل تمام الرأس و منه العنق، و معه بعض الجسد مقدمة. و الأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة ثانيا مع الأيمن

و النصف الأيسر مع الأيسر، ثم تمام نصف الأيمن مع بعض الأيسر مقدمة، ثم تمام النصف الأيسر مع بعض الأيمن مقدمة، و تدخل العورة و السّرّة في التنصيف المذكور، فيغسل النصف الأيمن من كلّ منهما مع الجانب الأيمن، و الأيسر مع الأيسر، و لكن الأولى غسلهما مع الجانبين.

(مسألة 191) اللازم استيعاب الأعضاء الثلاثة بالغسل بصبّة واحدة أو أكثر، بفرك و دلك أو غير ذلك.

(مسألة 192) لا ترتيب في العضو، فيجوز غسله من الأسفل إلى الأعلى و إن كان الأولى البدأة بأعلى العضو فالأعلى.

(مسألة 193) لا كيفية مخصوصة للغسل في التّرتيبي، بل يكفي تحقق مسمّاه، فيجزي حينئذ رمس الرأس أولا ثم الجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر، و يجزيه أيضا رمس البعض و الصبّ على آخر. و لو ارتمس ثلاث مرات ناويا بكل واحدة غسل عضو صحّ، بل يتحقّق مسمّى الغسل بتحريك العضو في الماء على وجه يجري الماء عليه، فلا يحتاج إلى إخراجه منه ثم غمسه فيه.

(مسألة 194) اللازم في الغسل الارتماسي أن يكون تمام البدن في الماء في آن واحد، و إن كان غمسه على التدريج، فلو خرج بعض بدنه قبل أن يغمس البعض الآخر لم يكف، مثلا لو كانت رجله في الطين حال دخول سائر بدنه في الماء أو حال إزالة الطين عنها، و كان بعض بدنه خارج الماء، لم يتحقق الارتماس، فلا محيص عن اختيار الترتيبي حينئذ.

(مسألة 195) إذا تيقّن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه، وجبت

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 42

إعادة الغسل كله في الارتماسي، و أما في الترتيبي فإن كان ذلك الجزء من الطرف الأيسر يكفي غسل ذلك الجزء و لا يحتاج إلى إعادة الغسل، بل و لا

إعادة غسل سائر أجزاء الأيسر، و لو طالت المدّة حتى جفّت تمام الأعضاء. و إن كان ذلك الجزء من الأيمن يغسله و يعيد غسل الأيسر. و إن كان من الرأس يغسله و يعيد غسل الجانبين.

(مسألة 196) لا يجب الموالاة في الغسل الترتيبي، فلو غسل رأسه و رقبته في أوّل النهار، و الأيمن في وسطه، و الأيسر في آخره مثلا، صح غسله.

(مسألة 197) يجوز الغسل تحت المطر و تحت الميزاب ترتيبا لا ارتماسا.

(مسألة 198) الرابع: إطلاق الماء و طهارته و إباحته، و إباحة المكان و المصبّ و الآنية على ما مرّ في الوضوء. و المباشرة اختيارا، و عدم المانع من استعمال الماء لمرض و نحوه، على ما مرّ في الوضوء أيضا.

و كذا طهارة العضو الذي يراد غسله، فلو كان نجسا، طهّره أولا، ثم غسله.

(مسألة 199) إذا كان قاصدا عدم إعطاء الأجرة لصاحب الحمّام، أو ناويا إعطاءه من مال حرام، أو ناويا النسيئة من غير إحراز رضاه، بطل غسله، و إن استرضاه بعد الغسل.

(مسألة 200) يشكل الوضوء و الغسل بالماء المسبّل، إلا مع العلم بعموم الإباحة من مالكه.

(مسألة 201) الظاهر أنّ ماء غسل المرأة من الجنابة و الحيض و النّفاس، و كذا أجرة تسخينه إذا لزم، على زوجها، لانه يعدّ جزءا من نفقتها، خصوصا في غسلها من الجنابة.

(مسألة 202) يتعيّن على المجنب في نهار شهر رمضان أن يغتسل ترتيبا،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 43

فلو اغتسل ارتماسا، بطل غسله و صومه. نعم لو اغتسل ارتماسا نسيانا، لم يبطل صومه، و صحّ غسله.

(مسألة 203) إذا شكّ في شي ء من أجزاء الغسل و قد دخل في جزء آخر، يجب تدارك ما شكّ فيه على الأحوط.

(مسألة 204) ينبغي الاستبراء من

المني بالبول قبل الغسل، و ليس شرطا في صحّة الغسل، و لكن فائدته أنه لو فعله و اغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه لم يعد الغسل، بخلاف ما لو اغتسل بدونه ثم خرج منه، فإنه يعيد الغسل، سواء استبرأ بالخرطات لتعذّر البول عليه، أو لم يستبرئ.

(مسألة 205) إذا اغتسل بدون أن يستبرئ من المني بالبول، ثم خرج منه بلل مشتبه بين المني و البول، يحكم بكونه منيّا، فيجب عليه الغسل و إن كان استبرأ بالبول و لم يستبرئ بالخرطات بعده يحكم بكونه بولا، فيجب عليه الوضوء. و لا فرق في الحالتين بين أن يحتمل كونه غير البول و المني، أو لا يحتمل.

(مسألة 206) إذا كان استبرأ بالبول و الخرطات و لم يحتمل أنّ البلل الخارج سواهما، فالأحوط مطلقا الجمع بين الغسل و الوضوء، إلا في المحدث بالحدث الأصغر، فيكفيه الوضوء.

(مسألة 207) إذا رأى بعد الغسل رطوبة مشتبهة بين المني و غيره، و شكّ أنه استبرأ بالبول أم لا، بنى على عدمه، فيجب عليه الغسل.

و الأحوط مع احتمال كونه بولا ضمّ الوضوء أيضا.

(مسألة 208) يجزي غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به.

(مسألة 209) إذا أحدث بالأصغر في أثناء الغسل، فالأقوى عدم بطلان غسله، لكن يجب الوضوء بعده لما يشترط فيه، لكن الأولى استئناف الغسل ناويا ما يجب عليه من التمام أو الإتمام، ثم الوضوء بعده.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 44

(مسألة 210) إذا ارتمس في الماء بقصد الاغتسال و شكّ في أنه كان ناويا الغسل الارتماسي و أنّ غسله تمّ، أو كان ناويا الترتيبي و أنّ ارتماسه كان بقصد غسل الرأس و الرقبة، تعيّن عليه الاحتياط بغسل الجنبين، و لا يكفيه الارتماس على الأحوط.

(مسألة 211)

إذا صلّى المجنب ثم شكّ في أنه اغتسل من الجنابة أم لا، بنى على صحة صلاته، و لكن يجب عليه الغسل للأعمال الآتية. و إن كان الشكّ في أثناء الصلاة، فالأحوط إتمامها ثمّ إعادتها بعد الغسل.

(مسألة 212) إذا اجتمع عليه أغسال متعدّدة واجبة أو مستحبة أو مختلفة، فإن نوى الجميع بغسل واحد صحّ و كفى عن الجميع مطلقا، فإن كان فيها غسل جنابة كفت عن الوضوء أيضا، و إلا وجب الوضوء، قبل الغسل أو بعده. و كذلك تكفي عن الجميع إن كان فيها غسل جنابة و قد نواه. و إن لم يكن فيها غسل جنابة، أو كان و لكنه نوى واحدا من الأغسال الواجبة غيره، فيشكل كفايته عن الجميع.

(مسألة 213) إذا كان عليه أغسال مستحبة و نوى بعضها، كفى عن غير المنويّ من المستحبات، أما كفايته عن الواجبات فمشكل، فلا يترك الاحتياط.

غسل الحيض

اشارة

(مسألة 214) دم الحيض أسود أو أحمر غليظ طريّ حارّ، يخرج بقوّة و حرقة، و دم الاستحاضة أصفر بارد صاف، يخرج من غير لذع و حرقة.

و هذه صفات غالبيّة يرجع إليها لأجل التمييز عند الاشتباه في بعض الحالات، و ربّما كان كلّ منهما بصفات أخر.

(مسألة 215) كلّ دم تراه الصبيّة قبل إكمال تسع سنين، ليس بحيض و إن كان بصفاته، بل هو استحاضة مع عدم العلم بغيرها. و كذا ما تراه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 45

المرأة بعد اليأس ليس بحيض، و إنما هو استحاضة مع احتمالها.

(مسألة 216) تيأس المرأة بإكمال ستّين سنة إن كانت قرشيّة، و خمسين إن كانت غيرها، و المشكوك أنها قرشيّة تلحق بغيرها، و المشكوك بلوغها يحكم بعدمه، و كذا المشكوك يأسها.

(مسألة 217) إذا خرج ممّن شكّ في

بلوغها دم بصفات الحيض، يحكم بكونه حيضا، و يكون أمارة على سبق البلوغ.

(مسألة 218) الحيض يجتمع مع الإرضاع، و الأقوى اجتماعه مع الحمل و إن ندر وقوعه، فيحكم بحيضيّة ما تراه الحامل مع اجتماع الشرائط و الصفات، و لو بعد استبانة الحمل.

(مسألة 219) تتحقّق صفة الحيض و تترتّب أحكامه عند خروج دمه إلى الخارج و لو بوسيلة، و إن كان بمقدار رأس إبرة، و يكفي في بقائها تلوّث الباطن به و لو قليلا بحيث تتلطّخ به القطنة لو أدخلتها. أما إذا انصبّ من محله في فضاء الفرج قبل أن يخرج بحيث يمكن إخراجه بوسيلة، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض و أفعال الطاهر، و لا يبعد جواز إخراج الدم حينئذ و لو بعلاج فتجري عليها أحكام الحائض.

(مسألة 220) إذا شكّت في أصل الخروج حكمت بالعدم، و إن شكّت في أن الخارج دم أو غيره، حكمت بالطّهارة من الحدث و الخبث. و إن علمت بالدّم و شكّت أنه من الموضع أو من غيره، حكمت بالطّهارة من الحدث خاصة، و لا يجب عليها الفحص في الصور الثلاث.

(مسألة 221) إذا اشتبه دم الحيض بدم البكارة، تختبره بإدخال قطنة و تصبر قليلا ثم تخرجها، فإن كانت مطوّقة بالدّم فهو من البكارة و لو كان بصفات الحيض، و إن كانت منغمسة به، فهو من الحيض.

و الاختبار المذكور واجب، بل هو شرط لإحراز صحّة عملها مع الإمكان، فلو صلّت بدونه بطلت صلاتها، إلا إذا انكشف أنها كانت طاهرة و تحقّق منها نية القربة. و لو تعذّر عليها الاختبار، ترجع إلى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 46

الحالة السابقة من طهر أو حيض فتبني عليها، و مع الجهل بها، تحتاط بالجمع

بين تروك الحائض و أفعال الطاهر.

(مسألة 222) الظاهر أن التطويق و الانغماس المذكورين علامتان للبكارة و الحيض مطلقا، حتى عند الشك في البكارة، فلا يترك الاحتياط بالاختبار حينئذ، مع التمكن.

(مسألة 223) إذا اشتبه دم الحيض بدم القرحة الداخليّة، تحتاط بالجمع بين أفعال الطاهر و تروك الحائض.

(مسألة 224) أقلّ الحيض ثلاثة أيام، و أكثره كأقلّ الطّهر عشرة، فكل دم تراه المرأة أقل من ثلاثة أو أكثر من عشرة، ليس بحيض، و كذا ما تراه بعد انقطاع الدّم الذي حكم بحيضيّته من جهة العادة أو غيرها قبل أقل الطهر، عندما لا يمكن حيضيّته الدمين مع النقاء المتخلّل لكون المجموع أكثر من عشرة، فيكون استحاضة، كما إذا رأت ذات العادة سبعة أيام مثلا في العادة، ثم انقطع سبعة أيام، ثم رأت ثلاثة أيام، فالثاني ليس بحيض، بل استحاضة.

(مسألة 225) إذا لم يتوال الدّم في الأيام الثلاثة الأولى، كأن تراه يومين ثم ينقطع يوما ثم تراه، فالأحوط أن تجمع بين عمل المستحاضة و تروك الحائض في الأيام التي ترى فيها الدم، و تجمع في الأيام التي لا تراه بين تروك الحائض و عبادة الطاهر.

(مسألة 226) لا يلزم خروج الدّم إلى الخارج تمام الثلاثة أيّام، فلو كان في فضاء الفرج بنحو لو أدخلت قطنة مثلا في هذه الأيام تلوّثت، كفى ذلك، بشرط أن يكون خرج في أوّله مقدار و لو قليلا، سواء بنفسه أو بواسطة. أمّا إذا لم يخرج خارجه أبدا و بقي من الأول في فضاء الفرج فالأحوط أن تأتي بعبادتها و تترك ما يحرم على الحائض. و إذا انقطع الدّم خلال الثلاثة أيّام مدّة قليلة، أي من باطن الفرج، فالحكم بأنه حيض مشكل، لكن إذا كانت مدّة انقطاعه

قليلة جدا فالأحوط أن تجمع بين

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 47

تروك الحائض و عمل المستحاضة.

(مسألة 227) إذا رأت الدّم ثلاثة أيّام متوالية ثمّ انقطع، فإن رأته مرّة ثانية و لم يتجاوز مجموع أيّام رؤيتها الدّم في المرتين مع النّقاء المتخلّل بينهما عن عشرة أيّام، فالأحوط أن تأتي بعبادتها في أيام النقاء، و تترك ما يحرم على الحائض أيضا.

(مسألة 228) المراد باليوم النّهار، و هو ما بين طلوع الفجر إلى الغروب، فاللّيالي خارجة، فإذا رأت من الفجر إلى الغروب و انقطع ثم رأت يومين آخرين ضمن العشرة كفى، نعم بناء على اعتبار التوالي في الأيام الثلاثة تدخل اللّيلتان المتوسّطتان، خاصّة إذا كان مبدأ الدّم أوّل النهار، و اللّيالي الثلاث إذا كان مبدؤه أوّل اللّيل، أو عند التّلفيق بين أجزاء الأيام.

(مسألة 229) الحائض إما ذات عادة أو غيرها، و الثانية إما مبتدئة و هي الّتي لم تر حيضا قط، و إما مضطربة و هي الّتي تكرّر منها الحيض و لم تستقر لها عادة. و إما ناسية و هي الّتي نسيت عادتها.

(مسألة 230) تصير المرأة ذات عادة بتكرّر الحيض مرتين متواليتين متفقتين في الزّمان أو العدد، أو فيهما، فتصير بذلك ذات عادة وقتيّة، أو عدديّة، أو وقتيّة و عدديّة.

(مسألة 231) لا تزول العادة برؤية الدّم على خلافها مرة، و تزول بطروّ عادة أخرى حاصلة من تكرّر الدّم مرتين متماثلتين على خلافها. و في زوالها بتكرّر رؤية الدم على خلافها لا على نسق واحد بل مختلفا، قولان أقواهما ذلك إذا وقع التخلّف مرارا بحيث يصدق عرفا أنها ليس لها أيام معلومة.

(مسألة 232) ذات العادة الوقتية سواء كانت عددية أيضا أم لا، تتحيّض بمجرد رؤية الدم في العادة،

فتترك العبادة، سواء كان بصفة الحيض أم لا و كذا إذا رأت قبل العادة بيوم أو يومين أو أكثر ما دام

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 48

يصدق عليه أنه العادة و قد تقدمت عن وقتها. فإن انكشف بعد ذلك عدم كونه حيضا لأنه أقلّ من أقلّه، قضت ما تركته من عبادة. أما إذا تأخّر عن العادة كذلك، فيشكل الحكم بأنه حيض بمجرد الرؤية بلا صفات الحيض فلا تترك الاحتياط بالجمع بين الوظيفتين.

(مسألة 233) إذا رأت الدم المبتدئة أو المضطربة أو النّاسية أو ذات العادة العدديّة و كان بصفات الحيض، فيجب أن تترك عبادتها، و إذا انكشف أنه لم يكن حيضا، يجب أن تقضي ما فاتها. أما إذا لم يكن بصفات الحيض، فالأحوط أن تعمل عمل المستحاضة و تترك تروك الحائض، حتى لو استمر عشرة أيّام، لأن قاعدة (كلّ ما أمكن أن يكون حيضا فهو حيض) عندي محلّ نظر.

(مسألة 234) ذات العادة الوقتيّة إذا رأت الدّم في العادة و قبلها، أو فيها و بعدها، أو فيها و قبلها و بعدها، فإن لم يتجاوز المجموع العشرة جعلته حيضا، و إن تجاوز فالحيض بقدر أيام العادة، و الباقي استحاضة.

(مسألة 235) إذا رأت الدّم ثلاثة أيام متوالية و انقطع لأقل من عشرة، ثم رأته ثلاثة أيّام أو أكثر، فإن لم يزد مجموع الدّمين و النقاء المتخلّل عن عشرة، كان الطرفان حيضا إن كانا بصفة الحيض أو صادفا العادة، أما في النقاء فتجمع بين وظيفة الطّاهر و الحائض، و إلا فالأحوط الجمع في أيّامهما بين عمل الحائض و المستحاضة، و في النقاء بين عمل الحائض و الطاهر. و إذا زاد المجموع عن عشرة و كان النقاء أقلّ من عشرة،

فإن كانت ذات عادة عدديّة و كان أحدهما في العادة، جعلته وحده حيضا إذا كان بعدد أيام العادة أو أكثر، و إلا أتمّت عددها مما تراه في غيرها، ما لم تزد أيام الحيض مع النّقاء عن عشرة، و كذلك الحكم إذا وقعت بعض أيام أحد الدّمين في أيام العادة دون الآخر، فتجعله وحده حيضا و تتمّ العدد من خارج أيام العادة مع الإمكان. و أما إذا لم تكن ذات عادة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 49

أو لم يقع أحدهما أو بعض أحدهما في العادة، فتجعل ما كان بصفة الحيض حيضا دون الآخر، و تتمّ ما نقص من العادة من خارج أيامها مع الإمكان. و إن تساويا في الصّفة و كانا بصفة الحيض فالأحوط إن لم يكن أقوى جعل أوّلهما حيضا و تتمّ النّقصان من الثّاني، مع الإمكان، و أمّا في الفاقدين لصفة الحيض، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الوظيفتين في الدّمين و النّقاء.

(مسألة 236) ذات العادة إذا رأت أكثر من العادة و لم يتجاوز العشرة، فالمجموع حيض.

(مسألة 237) إذا كانت عادتها في كلّ شهر مرّة، فرأت في شهر مرّتين مع فصل أقلّ الطّهر، فإن كان أحدهما في العادة تجعله حيضا، و كذلك الآخر إن كان بصفة الحيض، أما إن كان بصفة الاستحاضة، فتحتاط بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة. و إن كانا معا في غير وقت العادة، تجعل كلّ واحد منهما حيضا إذا كانا بصفة الحيض، أو ما هو بصفة الحيض. أما إذا كانا فاقدين للصفة، أو كان أحدهما فاقدا، فلا يترك الاحتياط في الفاقد بالجمع بين الوظيفتين.

(مسألة 238) المبتدئة و المضطربة و من كانت عادتها عشرة، إذا انقطع عنهنّ ظهور الدم قبل

العشرة مع احتمال بقائه في الباطن، يجب عليهنّ الاستبراء بإدخال قطنة و نحوها و الصبر هنيهة ثمّ إخراجها، فإن خرجت نقية اغتسلن و صلّين، و إن خرجت ملطخة و لو بالصفرة صبرن حتى ينقين أو تمضي عشرة أيام، فإن لم يتجاوز عن العشرة كان الكلّ حيضا، و إن تجاوز عنها فسيأتي حكمه.

(مسألة 239) ذات العادة التي عادتها أقل من عشرة، إذا انقطع عنها الدّم قبل العادة استبرأت، فإن نقيت اغتسلت و صلّت، و إلا صبرت إلى إكمال العادة، فإن بقي الدم حتى كملت العادة و نقيت، اغتسلت و صلّت، و كذا لو انقطع ظهور الدم على العادة، فاستبرأت فكانت نقيّة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 50

(مسألة 240) إذا تجاوز دم ذات العادة عن عادتها، استظهرت بترك العبادة إلى العشرة وجوبا إذا كان بصفات الحيض، بل و إن لم يكن بصفات الحيض ما لم تطمئنّ بتجاوز العشرة و لو إلى تمام العشرة، و الأولى و الأحوط بعد العادة الجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة، و حينئذ إذا استمرّ الدّم عليها و لم يتجاوز العشرة، كان الكلّ حيضا، و إن تجاوز عنها فسيأتي حكمه.

(مسألة 241) إذا تجاوز الدّم عن العشرة قليلا كان أو كثيرا، فقد اختلط حيضها بطهرها، فإن كانت لها عادة معلومة من حيث الزّمان و العدد، تجعله حيضا و إن لم يكن بصفاته، و البقيّة استحاضة و إن كانت بصفاته.

و إن لم تكن لها عادة معلومة لا عددا و لا وقتا، بأن كانت مبتدئة أو مضطربة وقتا و عددا أو ناسية كذلك، فإن اختلف لون الدم ترجع إلى التّمييز، فتجعل ما هو بصفة الحيض حيضا و غيره استحاضة، بشرط أن لا يكون الذي بصفة

الحيض أقل من ثلاثة و لا أكثر من عشرة، و أن لا يعارضه دم آخر واجد لصفة الحيض مع فصل بينهما بالفاقد الذي يكون أقل من عشرة، كما إذا رأت خمسة أيام دما أسود ثم خمسة أيام أصفر ثم خمسة أيام أسود. فإن عارضه، تحتاط في المتّصفين بالجمع إن كان كل منهما واجدا للشرائط. أما إذا كان الدّم على لون واحد، أو لم تجتمع الشروط المذكورة، فتكون فاقدة التّمييز، فالأقوى في المبتدئة و المضطربة أن ترجع إلى عادة أقاربها في عدد الأيام إذا كانت عادتهن واحدة، أو كان النادر منها كالمعدوم، و مع عدم الأقارب أو اختلاف عادتهنّ فهي مخيّرة بين اختيار الثلاثة في كلّ شهر أو ستّة أو سبعة. و أما النّاسية، فترجع إلى التمييز، و مع عدمه إلى التخيير المذكور، و لا ترجع إلى أقاربها، و الأحوط أن تختار السّبعة. و المراد بأقاربها: أمّها، و أختها و خالتها، و عمّتها، و غيرهنّ.

(مسألة 242) ذات العادة الوقتيّة فقط إذا تجاوز دمها العشرة، ترجع في

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 51

الوقت إلى عادتها، أما في العدد فإن كانت صفات الدم مميزة عندها منطبقة على الوقت رجعت إليها، و إلا فحالها في العدد كالمبتدئة في الرجوع إلى أقاربها و التخيير مع فقدهم أو اختلافهم. نعم إذا علمت زيادتها عن الثّلاثة فليس لها اختيارها، أو علمت نقصانها عن السبعة فليس لها اختيارها. و أما ذات العادة العدديّة فقط فترجع في العدد إلى عادتها، و أما في الوقت، فإن كان لها تمييز يوافق العدد رجعت إليه، و إن كان مخالفا له ترجع إليه أيضا، لكن تزيد مع نقصانه عن العدد و تنقص مع زيادته عليه، و مع

عدم التمييز أصلا، تجعل العدد في أول الدم.

أحكام الحيض

و هي أمور ترد ضمن المسائل التالية:

(مسألة 243) منها: عدم جواز الصّلاة لها، و الصّيام، و الطّواف، و الاعتكاف.

(مسألة 244) و منها: يحرم عليها ما يحرم على مطلق المحدث، و هو أمور: مسّ اسم الله تعالى، و مسّ كتابة القران، و كذا مس أسماء الأنبياء و الأئمة عليهم السلام على ما تقدم.

(مسألة 245) و منها: أنه يحرم عليها ما يحرم على الجنب، من قراءة آيات السجدة، و دخول المسجدين، و اللّبث في غيرهما من المساجد، و وضع شي ء فيها، على التفصيل المتقدم في الجنابة، فإن الحائض كالجنب في جميع هذه الأحكام.

(مسألة 246) و منها: حرمة وطئها، على الرجل و عليها، و يجوز الاستمتاع بها بغير الوطأ من التقبيل و التفخيذ و نحوهما، و يكره الاستمتاع بما بين السّرة و الركبة. و أما الوطأ في دبرها فالأحوط اجتنابه.

(مسألة 247) يحرم وطؤ الحائض مع العلم بحيضها، علما وجدانيا أو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 52

بالأمارات الشرعية كالعادة و التّمييز و نحوهما، و لو جهل بحيضها ثم علم به في حال المقاربة يجب المبادرة بالإخراج، و كذا إذا لم تكن حائضا فحاضت حينها.

(مسألة 248) إذا أخبرت بالحيض أو ارتفاعه سمع قولها، فيحرم الوطأ و يجوز عند إخبارها.

(مسألة 249) لا فرق في حرمة وطأ الحائض بين الزّوجة الدائمة، و المنقطعة و الحرّة و الأمة.

(مسألة 250) إذا طهرت جاز لزوجها وطؤها قبل الغسل على كراهية، و الأحوط التجنب، إلا بعد أن تغسل فرجها.

(مسألة 251) و منها: أن الأولى إعطاء الكفارة عن وطئها، و هي في وطء الزّوجة دينار في أول الحيض، و نصف دينار في وسطه و ربع دينار في آخره،

و في وطأ مملوكته ثلاثة أمداد من طعام، يتصدّق بها على ثلاثة مساكين، لكل مسكين مد. و لا كفارة على المرأة و إن كانت مطاوعة، و إنما تجب الكفارة مع العلم بالحرمة و الحيض.

(مسألة 252) المراد بأوّل الحيض ثلثه الأول، و بوسطه ثلثه الثاني، و بآخره ثلثه الأخير، فإن كانت أيام حيضها ستّة يكون كل ثلث يومين، و إن كانت سبعة يكون الثّلث يومين و ثلثا، و هكذا.

(مسألة 253) إذا وطأها معتقدا حيضها فبان عدمه، أو معتقدا عدم الحيض فبان وجوده، فلا شي ء عليه.

(مسألة 254) إذا اتّفق حيضها حال المقاربة و لم يبادر في الإخراج، فعليه الكفارة على الأحوط.

(مسألة 255) يجوز إعطاء قيمة الكفارة، و المعتبر قيمة وقت الأداء.

(مسألة 256) تعطى كفارة الأمداد لثلاثة مساكين، و أما كفارة الدّينار فلا بأس بإعطائها لمسكين واحد، و لم أعثر على مستند القول بإعطائها إلى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 53

ستّة أو سبعة، و لو قيل إلى عشرة لكان له وجه محتمل.

(مسألة 257) تتكرّر الكفارة بتكرّر الوطأ إذا وقع في أوقات مختلفة، كما إذا وطأها في أوّله و في وسطه و في آخره، فيكفّر بدينار و ثلاثة أرباع دينار. و كذا إذا تكرّر منه في وقت واحد مع تخلل التكفير، و مع عدمه على الأحوط.

(مسألة 258) و منها: بطلان طلاقها إذا كانت مدخولا بها و لو دبرا، و لم تكن حاملا، و كان زوجها حاضرا أو بحكمه، بأن تمكّن من استعلام حالها بسهولة في غيابه، فلو لم تكن مدخولا بها، أو كانت حاملا، أو كان زوجها غائبا أو بحكمه بأن لم يكن متمكّنا من استعلام حالها مع حضوره، صحّ طلاقها.

(مسألة 259) إذا كان الزّوج غائبا و وكّل

شخصا حاضرا متمكّنا من استعلام حالها، لا يجوز له طلاقها في حال الحيض.

(مسألة 260) و منها: أنه يستحبّ غسل الحيض للأعمال التي يستحب فيها الطهارة، و يشترط للأعمال غير الواجبة التي يشترط فيها الطهارة.

(مسألة 261) و منها: وجوب الغسل عند انقطاع الحيض لكلّ مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر.

(مسألة 262) غسل الحيض كغسل الجنابة في الكيفيّة و الأحكام، إلا أنه لا يجزي عن الوضوء، فيجب الوضوء معه، قبله أو بعده، لكل مشروط به كالصلاة و نحوها، و لو تعذر الوضوء فقط تغتسل و تتيمّم بدلا عنه، و لو تعذّر الغسل فقط، تتوضّأ و تتيمّم بدلا عن الغسل، و لو تعذّرا معا، تتيمّم تيمّمين أحدهما بدلا عن الغسل و الآخر بدلا عن الوضوء.

(مسألة 263) إذا لم يكن عندها ماء إلا بقدر أحدهما، تقدّم الغسل.

(مسألة 264) إذا تيمّمت بدلا عن الغسل ثم أحدثت بالحدث الأصغر، لم يبطل تيمّمها، بل يبقى إلى أن تتمكّن من الغسل، و الأحوط تجديد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 54

التيمّم.

(مسألة 265) و منها: وجوب قضاء ما تركته في حال الحيض من الصيام الواجب، سواء كان صوم شهر رمضان أو غيره على الأقوى، و الصلاة المنذورة على الأحوط إن لم يكن أقوى، بخلاف الصلاة اليوميّة، فإنه لا يجب عليها قضاء ما تركته في حال حيضها. نعم إذا حاضت بعد دخول الوقت و قد مضى منه مقدار أقل الواجب من صلاتها بحسب حالها من البطؤ و السرعة و الصّحّة و المرض و الحضر و السفر، و مقدار تحصيل الشرائط الواجبة عليها بحسب تكليفها الفعلي من الوضوء أو الغسل أو التيمم، و لم تصلّ، وجب عليها قضاء تلك الصلاة، بخلاف ما إذا لم تدرك من أوّل

الوقت هذا المقدار، فإنه لا يجب عليها القضاء، نعم لا يترك الاحتياط بالقضاء إذا أدركت مقدار أداء الصلاة مع الطهارة، و إن لم تدرك مقدار تحصيل سائر الشرائط، أما صلاة الآيات و ركعتا الطّواف، فسيأتي حكمهما.

(مسألة 266) إذا طهرت من الحيض قبل خروج الوقت، فإن أدركت منه مقدار أداء ركعة مع إحراز الشرائط، وجب عليها الأداء، فإن تركت وجب عليها القضاء، بل الأحوط إن لم يكن أقوى القضاء مع عدم سعة الوقت إلا للطهارة وحدها و أداء ركعة.

(مسألة 267) إذا ظنّت ضيق الوقت عن أداء ركعة، فتركت، فبانت السعة وجب عليها القضاء.

(مسألة 268) إذا طهرت في آخر النّهار و أدركت من الوقت مقدار أربع ركعات في الحضر أو ركعتين في السفر، صلّت العصر، و سقط عنها الظّهر أداء و قضاء. و إذا أدركت مقدار خمس ركعات في الحضر أو ثلاث ركعات في السفر، تجب عليها الصّلاتان، و إذا تركتهما يجب قضاؤهما.

(مسألة 269) إذا طهرت و بقي من وقت العشاءين من آخر اللّيل مقدار

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 55

خمس ركعات في الحضر أو أربع في السفر، وجبت عليها صلاة المغرب و صلاة العشاء، و إذا تركتها وجب قضاؤهما، و إذا بقي أقل من خمس ركعات في الحضر أو أقل من أربع في السفر، تجب العشاء فقط، و تسقط عنها المغرب أداء و قضاء.

(مسألة 270) إذا اعتقدت سعة الوقت للصلاتين فتبيّن عدمها و أنّ وظيفتها خصوص الثانية، وجب قضاؤها، و إذا قدّمت الثانية باعتقاد الضّيق فبانت السعة، صحّت و وجبت عليها الأولى بعدها، و إن كان التبيّن بعد خروج الوقت، وجب قضاؤها.

(مسألة 271) يستحب للحائض أن تبدّل القطنة و تتوضّأ وقت كل صلاة، و تجلس

بمقدار صلاتها، مستقبلة القبلة ذاكرة الله تعالى.

(مسألة 272) يكره للحائض الخضاب بالحنّاء أو غيره، و قراءة القرآن و لو أقلّ من سبع آيات، و حمل المصحف و لو بغلافه، و لمس هامشه و ما بين سطوره.

الاستحاضة

(مسألة 273) دم الاستحاضة في الأغلب أصفر بارد رقيق، يخرج بغير قوّة و لذع و حرقة، و قد يكون بصفة الحيض كما مر، و ليس لقليله و لا لكثيره حد. و كل دم تراه المرأة قبل البلوغ، أو بعد اليأس، أو أقل من ثلاثة و لم يكن دم قرح و لا جرح و لا نفاس، و كان مردّدا بين الحيض و الاستحاضة أو بين النفاس و الاستحاضة إذا لم يحكم بأحدهما، فهو استحاضة. أمّا غيره إذا لم يعلم بالأمارات، فالأحوط إجراء أحكام الاستحاضة عليه مع احتمالها.

(مسألة 274) الاستحاضة على أقسام ثلاثة: قليلة، و متوسطة، و كثيرة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 56

فالقلية: أن تتلوّث القطنة بالدّم من دون أن يغمسها، و حكمها وجوب الوضوء لكلّ صلاة مع تبديل القطنة أو تطهيرها على الأقوى.

(مسألة 275) الاستحاضة المتوسطة: أن يغمس الدّم القطنة و لا يسيل منها إلى الخرقة التي فوقها، و حكمها مضافا إلى ما مرّ في القليلة أنه يجب عليها في ذلك اليوم غسل واحد لصلاة الغداة، بل لكل صلاة حدثت الاستحاضة قبلها أو في أثنائها على الأقوى، فإن حدثت بعد صلاة الصبح يجب للظهرين، و إن حدثت بعدهما، يجب للعشائين.

(مسألة 276) الاستحاضة الكثيرة: أن يسيل الدّم من القطنة إلى الخرقة، و حكمها تبديل الخرقة أو تطهيرها، و غسل لصلاة الصبح إن حدثت الاستحاضة قبلها، و غسل للظّهرين تجمع بينهما، و غسل للعشائين تجمع بينهما. و لو حدثت الاستحاضة بعد

صلاة الصبح يجب عليها في ذلك اليوم غسلان، غسل للظهرين و غسل للعشائين. و لو حدثت بعد الظهرين، يجب عليها غسل واحد للعشاءين.

(مسألة 277) وجوب الوضوء على المستحاضة بالكثيرة محل تأمل، لكن لا يضرّ الإتيان به قبل الغسل رجاء، أما بين الظهرين و العشاءين فهو خلاف الاحتياط عند الجمع بينهما، إلا حال الاشتغال بالإقامة بحيث لا ينافي الوضوء الجمع العرفي.

(مسألة 278) الظاهر أن الجمع بين الصّلاتين في الاستحاضة الكثيرة بغسل واحد مشروط بالجمع بينهما، و أنه رخصة لا عزيمة، فلو لم تجمع بينهما، وجب الغسل لكل منهما.

(مسألة 279) الاستحاضة القليلة حدث أصغر كالبول، فإذا استمرت أو حدثت قبل كل صلاة، تكون كالحدث المستمر مثل السّلس. أما الاستحاضة الكثيرة و المتوسطة، فهما حدث أصغر، و أكبر أيضا.

(مسألة 280) يجب على المستحاضة اختبار حالها في وقت كلّ صلاة بإدخال قطنة و نحوها و الصّبر قليلا، لتعلم أنها من أي قسم من الأقسام

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 57

فتعمل بمقتضى وظيفتها، و لا يكفي الاختبار قبل الوقت، إذا علمت عدم تغيّر حالها إلى ما بعد الوقت.

(مسألة 281) إذا لم تتمكن من الاختبار فإن كانت لها حالة سابقة من القلّة أو التوسط أو الكثرة تأخذ بها و تعمل بحكمها، و إلا تأخذ بالقدر المتيقن، فلو ترددت بين القليلة و غيرها تعمل عمل القليلة، أو بين الكثيرة و المتوسطة تعمل عمل المتوسطة. و الأحوط أن تعمل بشكل تقطع معه بصحّة الصلاة.

(مسألة 282) إنّما يجب تجديد الوضوء لكل صلاة و الأعمال المذكورة إذا استمرّ الدّم، أما إذا انقطع قبل صلاة الظهر فيجب لها فقط، و لا يجب للعصر و لا للعشائين، و إذا انقطع بعد الظهر وجب للعصر فقط، و

هكذا.

بل إذا انقطع الدّم و توضّأت للظهر و بقي وضوؤها إلى المغرب و العشاء، صلّتهما بذلك الوضوء، و لم تحتج إلى تجديده.

(مسألة 283) يجب بعد الوضوء و الغسل المبادرة إلى الصّلاة إذا لم ينقطع الدّم بعدهما، أو خافت عوده بعدهما قبل الصلاة أو في أثنائها. نعم إذا توضّأت و اغتسلت في أول الوقت مثلا و انقطع الدّم حين الشروع في الوضوء و الغسل، و لو انقطاع فترة، و علمت بعدم عوده إلى آخر الوقت جاز لها تأخير الصلاة.

(مسألة 284) يجب عليها بعد الوضوء و الغسل التحفّظ من خروج الدم مع عدم خوف الضرر، و الأحوط ذلك تمام النهار للصائمة، و ذلك بحشو قطنة أو غيرها و شدها بخرقة، فلو خرج الدم لتقصيرها بالشّد أعادت الصلاة، بل الأحوط إن لم يكن أقوى إعادة الغسل أيضا. نعم لو كان خروج الدم لغلبته لا لتقصير منها في التحفظ، فلا بأس.

(مسألة 285) إذا انتقلت الاستحاضة من الدّنيا إلى العليا، كما إذا صارت القليلة متوسطة أو كثيرة أو المتوسطة كثيرة، فلا تجب إعادة الصلاة التي صلّتها بوظيفة الدّنيا، و أما الصلوات المتأخّرة فتعمل لها عمل

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 58

العليا. و إن انتقلت إلى العليا بعد الشروع في العمل قبل إتمامه، فعليها الاستئناف و العمل بوظيفة العليا، حتى إذا انتقلت من المتوسّطة أثناء صلاة الصبح إلى الكثيرة بعد الغسل تستأنف، أي تغتسل للصبح للكثيرة ثم تأتي بصلاة الصبح، و كذا سائر الصلوات.

(مسألة 286) إذا تغيّرت الكثيرة إلى القليلة قبل الاغتسال لصلاة الصّبح و استمرّت عليها، اغتسلت للصّبح و اكتفت بالوضوء للبواقي، و لو تبدّلت إلى المتوسّطة بعد صلاة الصبح، اغتسلت للظّهر و اكتفت بالوضوء للعصر و العشاءين، و

هكذا تعمل لصلاة واحدة عمل العليا، ثم تعمل عمل الدّنيا التي تغيرت إليها.

(مسألة 287) يصحّ الصّوم من المستحاضة بالقليلة و لا يشترط في صحته الوضوء، و أما غيرها، فيشترط في صحة صومها الأغسال النّهارية على الأحوط، و أما غسل العشاءين في الكثيرة فليس شرطا في صحة صوم ذلك اليوم، و إن كان الأحوط مراعاته أيضا.

(مسألة 288) إذا انقطع دمها بعد تطهّرها و قبل الصلاة، إعادته و صلّت، إذا كان الانقطاع للطهر، و كذا على الأحوط إذا كان لفترة و كانت واسعة للطهارة و الصلاة في الوقت، أو علمت بسعته لكن شكت في أنه انقطاع للبرء أو للفترة. و أما إن لم تتسع الفترة لهما أو شكت في سعتها لهما، فتكتفي بتلك الطهارة و تصلي. و لو انقطع في أثناء الصلاة، أعادت الطّهارة و الصّلاة، إن كان انقطاعه لطهر أو لفترة واسعة، و إن لم تكن واسعة أتمّت صلاتها. و لو انقطع بعد فعل الصلاة فالأحوط الإعادة إذا كان الانقطاع في الوقت، و لو كان لفترة واسعة.

(مسألة 289) يجب على المستحاضة الوضوء فقط للطواف الواجب إذا كانت ذات القليلة، و الوضوء مع الغسل إذا كانت ذات الكثيرة أو الوسطى، و الأحوط عدم كفاية الوضوء للصلاة في الأولى مع استمرارها و لا الوضوء مع الغسل في غيرها، خصوصا إذا طافت ذات الوسطى في

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 59

غير وقت الغداة، أو طافت ذات الكثيرة في غير الأوقات الثلاثة، فتتوقّف صحّة طوافها على الوضوء و الغسل له مستقلا.

(مسألة 290) الطّواف المستحبّ لا يشترط فيه الطهارة من الحدث، فلا يحتاج إلى وضوء و لا إلى غسل من حيث هو، و إن احتاج إلى الغسل في غير القليلة

من جهة دخول المسجد لو قلنا به.

(مسألة 291) لا يحل لها مسّ كتابة القرآن إلا بالوضوء فقط في القليلة، و به و بالغسل في غيرها، و يحتاج مسّ القرآن إلى وضوء مستقل على الأحوط، فلا يكفي ما عملته للصلاة، و أحوط منه لها ترك مس كتابة القرآن مطلقا.

(مسألة 292) الأحوط إن لم يكن أقوى أن لا يغشاها زوجها ما لم تغتسل بل الأحوط ضم الوضوء أيضا، نعم يكفي الغسل للصلاة للمواقعة في الوقت بعد الصلاة، أما في غير وقتها فلا بدّ من غسل مستقل.

(مسألة 293) الأقوى جواز مكثها في المساجد و دخولها المسجدين بدون اغتسال، و إن كان الأحوط الاجتناب إلا بغسل للصلاة، أو مستقلا كالوطأ.

(مسألة 294) لا إشكال في عدم كون طلاقها مشروطا بالاغتسال.

النّفاس

(مسألة 295) و هو دم الولادة معها أو بعدها قبل انقضاء عشرة أيام منها، حتى لو كان سقطا لم تلجه الرّوح، بل و لو كان مضغة أو علقة إذا علم كونها مبدأ نشوء الولد. و مع الشكّ لا يحكم بكونه نفاسا.

(مسألة 296) ليس لأقلّ النفاس حدّ، فيمكن أن يكون لحظة من العشرة أيام. و لو لم تر دما أصلا أو رأته بعد العشرة من حين الولادة، فلا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 60

نفاس لها.

(مسألة 297) أكثر النفاس عشرة أيام، و ابتداء الحساب بعد انفصال الولد لا من حين الشروع في الولادة. و إن ولدت في أول النّهار فاللّيلة الأخيرة خارجة، و إذا ولدت في اللّيل فاللّيلة الأولى جزء من النفاس، و إن لم تحسب من العشرة. و إن ولدت في وسط النّهار يلفّق ما بقي من اليوم الحادي عشر، و لو ولدت اثنين كان ابتداء نفاسها من وضع الأول،

و مبدأ العشرة من وضع الثاني.

(مسألة 298) إذا انقطع دمها على العشرة أو قبلها فكلّ ما رأته نفاس، سواء رأت تمام العشرة أو بعضها، و سواء كانت ذات عادة في حيضها أم لا. و الأحوط في النقاء المتخلّل بين الدّمين أو الدماء أن تجمع بين وظيفة النفساء و الطاهرة، و لو لم تر الدّم إلا اليوم العاشر مثلا، يكون هو النفاس و ما سبقه طهرا كلّه.

(مسألة 299) إذا رأت الدم تمام العشرة و استمرّ إلى أن تجاوزها، فإذا كانت ذات عادة عدديّة في الحيض، ترجع في نفاسها إلى مقدار أيام حيضها، سواء كانت عشرة أو أقل، و تعمل بعدها عمل المستحاضة.

و إذا لم تكن ذات عادة، تجعل نفاسها عشرة، و تعمل بعدها عمل المستحاضة، و إن كان الاحتياط إلى الثّمانية عشر بالجمع بين وظيفتي النفساء و المستحاضة لا ينبغي تركه.

(مسألة 300) يعتبر فصل أقل الطّهر، و هو العشرة، بين النّفاس و الحيض المتأخّر عنه، فلو رأت الدّم من حين الولادة إلى اليوم السابع ثم رأت بعد العشرة ثلاثة أيام أو أكثر، لم يكن حيضا، بل كان استحاضة. و إن كان الأحوط إلى الثمانية عشر الجمع بين وظيفتي النفساء و المستحاضة إذا لم تكن ذات عادة كما مر. و أما بينه و بين الحيض المتقدّم فلا يعتبر فصل أقلّ الطّهر على الأقوى، فلو رأت قبل المخاض ثلاثة أيام أو أكثر متّصلا به أو منفصلا عنه بأقلّ من عشرة، يكون حيضا، خصوصا إذا كان

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 61

في عادة الحيض.

(مسألة 301) إذا استمر الدّم إلى شهر أو أقلّ أو أكثر، فبعد مضيّ العادة في ذات العادة و العشرة في غيرها، محكوم بالاستحاضة. نعم بعد

مضيّ عشرة أيام من النّفاس يمكن أن يكون حيضا، فإن كانت ذات عادة و صادف العادة، يحكم بكونه حيضا، و إلا فترجع إلى الصّفات و التمييز إن وجدت، و إلا فقد تقدم حكمها.

(مسألة 302) إذا انقطع دم النفساء في الظاهر، يجب عليها الاستظهار على نحو ما مرّ في الحيض. فإذا انقطع الدم واقعا، يجب عليها الغسل للمشروط به كالحائض.

(مسألة 303) أحكام النفساء كأحكام الحائض في: عدم جواز وطئها، و عدم صحّة طلاقها، و حرمة الصلاة و الصّوم عليها، و مسّ كتابة القرآن و قراءة آيات السجدة، و دخول المسجدين و المكث في غيرهما، و وجوب قضاء الصوم دون الصلاة، على التّفصيل الذي سبق في الحيض.

غسل مسّ الميّت.

(مسألة 304) يجب الغسل لمسّ ميّت الإنسان بعد برد تمام جسده و قبل تمام غسله، لا بعده و لو كان غسلا اضطراريا، كما إذا تمت الأغسال الثلاثة بالماء القراح لفقد الخليطين. أما إذا كان المغسّل كافرا لفقد المسلم المماثل، أو كانوا يمّموه لتعذّر الغسل، فالأولى الغسل من مسّه.

(مسألة 305) لا فرق في الميّت بين المسلم و الكافر و الكبير و الصغير، حتى السقط إذا تمّ له أربعة أشهر، كما لا فرق بين ما تحلّه الحياة و غيره، ماسّا و ممسوسا بعد صدق اسم المسّ، فيجب الغسل بمسّ ظفره و لو بالظفر. و لا يترك الاحتياط في الشّعر ماسّا و ممسوسا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 62

(مسألة 306) القطعة المبانة من الحيّ، بحكم الميّت في وجوب الغسل بمسّها إذا اشتملت على العظم، دون المجرّدة عنه، و الأحوط إلحاق العظم المجرد باللّحم المشتمل عليه. و أما القطعة المبانة من الميّت، فكلّ ما كان يوجب مسّه الغسل في حال الاتصال يكون كذلك حال

الانفصال.

(مسألة 307) الشهيد كالمغسّل، فلا يوجب مسّه الغسل، و كذا من وجب قتله قصاصا أو حدّا و أمر بالغسل، و اغتسل قبل أن يقتل.

(مسألة 308) إذا مسّ ميّتا و شكّ في أنه قبل برده أو بعده، لا يجب عليه الغسل. أما إذا شك في أنه كان قبل تغسيله أو بعده، فيجب الغسل.

أما إذا شك في أنه كان شهيدا أم لا، فالأقوى عدم الوجوب.

(مسألة 309) إذا يبس عضو من أعضاء الحيّ و خرجت منه الروح بالمرّة، فلا يوجب مسّه الغسل ما دام متّصلا، و أما بعد الانفصال فلو اشتمل على عظم فالأقوى وجوب الغسل بمسّه. و إذا قطع منه عضو و ظل متصلا ببدنه و لو بجلدة، لا يجب الغسل بمسّه في حال الاتّصال، و يجب بعد الانفصال إذا كان مشتملا على عظم.

(مسألة 310) مسّ الميّت ينقض الوضوء على الأحوط، فيجب الوضوء مع غسله لكل مشروط به.

(مسألة 311) يجب غسل المسّ لكلّ واجب مشروط بالطهارة من الحدث الأصغر على الأحوط. و هو شرط على الأحوط فيما يشترط فيه الطهارة كالصلاة، و الطواف الواجب، و مسّ كتابة القرآن.

(مسألة 312) يجوز للماسّ قبل الغسل دخول المساجد و المشاهد، و المكث فيها، و قراءة العزائم، و لا يمنع جواز الوطأ، فحال المسّ حال الحدث الأصغر، إلا في إيجاب الغسل للصلاة و نحوها.

(مسألة 313) لا يوجب تكرار المسّ تكرار الغسل، كسائر الأحداث، و لو كان الممسوس متعددا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 63

أحكام الأموات

اشارة

(مسألة 314) يجب على من ظهرت عليه أمارات الموت أداء الحقوق الواجبة خلقيّا أو خالقيّا، و ردّ الأمانات التي عنده أو الإيصاء بها مع الاطمئنان بإنجازها. و كذا يجب أن يوصي بالواجبات التي لا تقبل النيابة حال

الحياة كالصلاة، و الصّيام، و الحجّ و نحوها إذا كان له مال، بل مطلقا إذا احتمل وجود متبرّع. أما ما يجب على الوليّ كالصلاة و الصّوم، فيتخيّر بين إعلامه أو الإيصاء به.

(مسألة 315) لا يجب عليه نصب قيّم على أطفاله الصّغار إلا إذا كان عدمه تضييعا لهم و لحقوقهم، و إذا نصب فليكن المنصوب أمينا، و كذا من يعيّنه لأداء الحقوق الواجبة.

أحكام الاحتضار

(مسألة 316) يجب كفاية في حال الاحتضار و النّزع توجيه المحتضر المسلم إلى القبلة، بأن يلقى على ظهره ممدّدا و يجعل باطن قدميه إلى القبلة، بحيث لو جلس كان وجهه إليها، رجلا كان أو امرأة، صغيرا كان أو كبيرا. و الأحوط مراعاة الاستقبال بالكيفيّة المذكورة في جميع الحالات إلى ما بعد الفراغ من الغسل، و أما بعده إلى حال الدفن، فالأولى بل الأحوط وضعه بنحو ما يوضع حال الصلاة عليه.

(مسألة 317) يستحبّ تلقينه الشّهادتين و الإقرار بالأئمة الاثني عشر عليهم الصلاة و السّلام، و كلمات الفرج، و نقله إلى مصلّاه إذا اشتدّ نزعه بشرط أن لا يوجب أذاه، و قراءة سورتي يس و الصّافات عنده، لتعجيل راحته.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 64

(مسألة 318) يستحبّ تغميض عينيه بعد الموت، و إطباق فمه، و شدّ فكّيه، و مدّ يديه إلى جنبيه، و مدّ رجليه، و تغطيته بثوب، و الإسراج عنده في الليل، و إعلام المؤمنين ليحضروا جنازته، و التعجيل في تجهيزه إلا مع اشتباه حاله فينتظر إلى حصول اليقين بموته.

(مسألة 319) يكره مسّه في حال النّزع، و وضع شي ء ثقيل على بطنه، و إبقاؤه وحده، فإن الشيطان يعبث في جوفه، و كذا يكره حضور الجنب و الحائض عنده حال الاحتضار.

أحكام تغسيل الميت
اشارة

(مسألة 320) يجب كفاية تغسيل كل مسلم و لو كان مخالفا، فيغسّل بحكم مذهبنا إلا في مورد التّقية فيغسّل على مذهبهم. و لا يجوز تغسيل الكافر، و من حكم بكفره من المسلمين كالنّواصب و الغلاة و الخوارج.

(مسألة 321) أطفال المسلمين حتى ولد الزنا منهم، بحكمهم، فيجب تغسيلهم، بل يجب تغسيل السّقط أيضا إذا تمّ له أربعة أشهر، و يكفّن و يدفن على المتعارف، و إذا كان

له أقلّ من أربعة أشهر، فإن استوت خلقته فلا يبعد إلحاقه بمن تمّ له أربعة أشهر، و إلا يلفّ بخرقة و يدفن.

(مسألة 322) يسقط تغسيل الشهيد، و هو المقتول في الجهاد مع الإمام عليه السلام أو نائبه الخاص، و يلحق به المقتول في حفظ بيضة الإسلام فلا يغسّل و لا يحنّط و لا يكفّن، بل يدفن بثيابه، إلا إذا كان عاريا، فيكفّن.

و يشترط فيه أن يكون خروج روحه قبل إخراجه من المعركة مع بقاء الحرب، أما إن خرجت روحه بعد إخراجه، فلا يترك الاحتياط فيه و لو مع بقاء الحرب.

(مسألة 323) إذا خرجت روحه بعد انقضاء الحرب، فيجب تغسيله و تكفينه و لو كان في المعركة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 65

(مسألة 325) يسقط الغسل عمّن وجب قتله برجم أو قصاص، فإن الإمام أو نائبه الخاص أو العام يأمره بأن يغتسل غسل الميت، ثم يكفّن كتكفينه و يحنّط، ثم يقتل و يصلّى عليه و يدفن بلا تغسيل. و الظاهر أن نية الغسل من المأمور، و إن كان الأحوط نيّة الآمر أيضا.

(مسألة 325) القطعة المنفصلة من الحيّ أو الميّت قبل تغسيله إن لم تشتمل على عظم فلا يجب تغسيلها، بل تلفّ بخرقة و تدفن. و إن كان فيها عظم و لم تشتمل على الصّدر تغسّل و تلفّ بخرقة و تدفن، و كذا إن كانت عظما مجردا، و إذا كانت صدرا أو اشتملت على الصدر أو كانت بعض الصّدر المشتمل على القلب، تغسّل و تكفّن و يصلّى عليها و تدفن.

و يجوز الاقتصار في تكفينها على الثّوب و اللّفافة، إلا إذا كانت مشتملة على بعض محلّ المئزر أيضا، و إذا كان معها بعض المساجد يحنّط.

(مسألة 326) تغسيل الميت

كتكفينه و الصّلاة عليه فرض على الكفاية على جميع المكلّفين، و بقيام بعضهم به يسقط عن الباقين، و إن كان أولى الناس بذلك أولاهم بميراثه، بمعنى أنّ الولي لو أراد القيام به أو عيّن شخصا لذلك، لا يجوز مزاحمته. و الظاهر أن إذنه شرط في صحّة عمل غيره، نعم مع امتناعه عن المباشرة و الإذن يسقط اعتبار إذنه، و الأحوط إجبار الحاكم إياه أن يأذن، و إن لم يمكن، يستأذن من الحاكم، و الأحوط الاستئذان من المرتبة المتأخّرة من الورثة أيضا. و الإذن أعمّ من الصريح، و الفحوى، و شاهد الحال القطعي.

(مسألة 327) المراد بالوليّ الذي لا يجوز مزاحمته أو يجب الاستئذان منه:

كلّ من يرثه بنسب أو سبب، على ترتيب طبقات الإرث، فالطبقة الأولى مقدّمون على الثّانية، و هي على الثّالثة. و إذا فقد الأرحام فالمولى المعتق ثم ضامن الجريرة. و إذا فقد الجميع فالحاكم الشرعي، فإنه وليّ من لا وليّ له.

(مسألة 328) إذا لم يكن في بعض طبقات الإرث إلا القاصر و الغائب،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 66

فالأحوط الجمع بين إذن الحاكم و إذن الطبقة المتأخّرة عنها. و إن كان للصبي وليّ فالأحوط الاستئذان منه أيضا، لكن انتقال الولاية إلى الطبقة المتأخّرة لا يخلو من قوّة.

(مسألة 329) الذّكور في طبقات الإرث مقدّمون على الإناث، و البالغون على غيرهم، و من تقرّب إلى الميّت بالأبوين مقدّم على من تقرّب إليه بأحدهما، و من انتسب إليه بالأب أولى ممّن انتسب إليه بالأم. و الأب في الطبقة الأولى مقدّم على الأم و الأولاد، و هم على أولادهم. و الجدّ في الطبقة الثّانية مقدّم على الإخوة، و هم على أولادهم. و العمّ في الثّالثة مقدّم على الخال،

و هما على أولادهما.

(مسألة 330) الزّوج أولى بزوجته من جميع أقاربها إلى أن يضعها في قبرها، حرّة كانت أو أمة، دائمة أو منقطعة على إشكال في الأخيرة.

و المالك أولى بعبده أو أمته من كلّ أحد.

(مسألة 331) إذا أوصى الميّت بتجهيزه إلى غير الولي، فالأقوى صحة الوصيّة و وجوب العمل بها، و يكون الوصيّ أولى، فليس للوليّ مزاحمته على الأحوط. و الأحوط للوصيّ الاستئذان من الوليّ، و للغير الاستئذان منهما.

(مسألة 332) يشترط المماثلة بين المغسّل و الميّت في الذّكورة و الأنوثة، فلا يغسّل الرّجل المرأة و لا العكس، و لو كان من وراء السّاتر و من دون لمس و نظر، إلا الطّفل الذي لا يزيد عمره على ثلاث سنين، فيجوز لكلّ من الرّجل و المرأة تغسيل مخالفه و لو مع التجرّد. و إلا الزّوج و الزّوجة، فيجوز لكلّ منهما تغسيل الآخر و لو مع وجود المماثل و التجرّد، حتى أنه يجوز لكلّ منهما النظر إلى عورة الآخر على كراهية.

و لا فرق في الزّوجة بين الحرّة و الأمة، و الدائمة و المنقطعة و ان كان الأولى في الأخيرة الترك، و الأقرب في المطلّقة الرجعية عدم الجواز.

(مسألة 333) إذا وجد المماثل فلا يترك الاحتياط بعدم تغسيل الرجل

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 67

محارمه و بالعكس، أمّا إذا لم يوجد، فالأقوى جواز التغسيل من وراء الثّياب، و يكره مجرّدا، و يحرم على المغسّل النّظر إلى العورة و يجب عليه سترها.

(مسألة 334) الميّت المشتبه بين الذّكر و الأنثى و لو من جهة كونه خنثى، يغسّله من وراء الثوب كلّ من الرّجل و الأنثى.

(مسألة 335) يعتبر في المغسّل الإسلام بل الإيمان في حال الاختيار، و إذا انحصر المماثل في الكتابي

أو الكتابيّة أمر المسلم الكتابيّة، و المسلمة الكتابيّ أن يغتسل أولا ثم يغسّل الميت، و إن أمكن أن لا يمسّ الماء و بدن الميّت أو يغسّله في الكرّ أو الجاري تعيّن. و إذا انحصر المماثل في المخالف فكذلك، إلا أنه لا يحتاج إلى الاغتسال قبل التّغسيل، و لو انحصر المماثل في الكتابي و المخالف، يقدّم الثاني.

(مسألة 336) إذا لم يوجد المماثل حتى الكتابي سقط الغسل على الأقوى و إن كان الأحوط تغسيل غير المماثل من وراء السّتر، كما أن الأحوط أن ينشّف بدنه قبل التكفين لاحتمال بقاء نجاسته فيتنجّس الكفن بها.

(مسألة 337) الظاهر عدم اعتبار البلوغ في المغسّل فيجزي تغسيل الصبيّ المميّز بناء على صحّة عباداته كما هو الأقوى، و يسقط عن المكلّفين، و إن كان الأحوط عدم الاجتزاء به.

كيفيّة تغسيل الميّت

(مسألة 338) يجب أولا إزالة النجاسة عن بدن الميّت، و الأقوى كفاية غسل كلّ عضو قبل تغسيله، و إن كان الأحوط تطهير جميع الجسد قبل الشروع في الغسل.

(مسألة 339) يجب تغسيله ثلاثة أغسال: بماء السّدر، ثمّ بماء الكافور، ثمّ بالماء الخالص. و لو خالف الترتيب وجب أن يفعل ما يتحقّق به.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 68

و كيفيّة كلّ غسل من الأغسال الثلاثة كغسل الجنابة: فيبدأ بغسل الرأس و الرقبة، ثمّ الجنب الأيمن، ثمّ الأيسر. و لا يكفي الارتماس في الأغسال الثلاثة على الأحوط، بأن يكتفي في كلّ غسل برمسة واحدة، نعم يجوز في غسل كل عضو من الأعضاء الثلاثة من كل غسل رمس العضو في الماء الكثير مع مراعاة الترتيب.

(مسألة 340) يعتبر في كلّ من السّدر و الكافور أن يصدق على الماء أنه مخلوط به، مع بقائه على إطلاقه.

(مسألة 341) إذا تعذّر أحد الخليطين

أو كلاهما غسّل بالماء الخالص بدل المتعذّر على الأحوط، ناويا به البدليّة، مراعيا الترتيب بالنية.

(مسألة 342) إذا فقد الماء يمّمه ثلاث تيمّمات بدلا عن الأغسال الثّلاثة على التّرتيب، و الأحوط تيمم رابع بنيّة البدل عن المجموع، و أن ينوي في التيمم الثالث ما في الذمة من البدل عن الجميع أو عن خصوص الماء القراح، و ييمّمه أيضا إذا كان مجروحا أو محروقا أو مجدورا بحيث يخاف من تناثر جلده لو غسّل. و يجب أن يكون التّيمّم بيد الحيّ، و إن كان الأحوط تيمّم آخر بيد الميّت إن أمكن، و يكفي ضربة واحدة للوجه و اليدين، و إن كان الأحوط التعدّد.

(مسألة 343) إذا لم يكن عنده ماء إلا مقدار غسل واحد، غسّله غسلا واحدا و يمّمه تيمّمين، فإن كان عنده الخليطان أو السّدر خاصة، صرف الماء في الغسل الأول و يمّمه للأخيرين، و إن لم يكونا عنده فطريق الاحتياط أن ييمّمه بدل الغسلين الأوّلين على التّرتيب احتياطا، ثم يغسّله بالماء بنيّة ما في الذّمة مردّدا بين كونه الغسل الأول أو الثالث، ثم تيمّمين بدل الغسل الثاني و الثالث. و إن كان عنده الكافور فقط، فالأحوط أن ييمّمه أوّلا بدل الغسل الأول، ثم يغسّله بماء الكافور ناويا به ما في الواقع من بدليته عن ماء السّدر أو أنه الغسل الثاني، ثم تيمّمين به ما في الواقع من بدليته عن ماء السّدر أو أنه الغسل الثاني، ثم تيمّمين أحدهما بدلا عن الغسل بماء الكافور و الثاني عن الغسل بالماء الخالص.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 69

و لو كان ما عنده من الماء يكفي لغسلين، فإن كان عنده الخليطان صرفه في الأوّلين و يمّمه للثالث، و كذا إذا كان

عنده السّدر خاصة.

(مسألة 344) إذا كان الميّت محرما يغسّله ثلاثة أغسال كالمحلّ، لكن لا يخلط الماء بالكافور في الغسل الثاني، إلا أن يكون موته بعد الطّواف في العمرة أو الحجّ، و كذلك لا يحنّط بالكافور، و لا يقرّب منه طيب آخر.

(مسألة 345) إذا يمّمه عند تعذّر الغسل أو غسله بالماء الخالص لأجل تعذّر الخليط ثم ارتفع العذر، فإن كان قبل الدفن فالأحوط وجوب الغسل في الأول، و الإعادة مع الخليط في الثاني، و إن كان بعد الدّفن مضى، إلا أن يصادف خروج الجنازة من القبر، فيجري عليه حكم ما قبل الدفن.

(مسألة 346) إذا كان على الميّت غسل جنابة أو حيض أو نحوهما، أجزأ عنها غسل الميّت.

(مسألة 347) إذا دفن الميّت بلا غسل و لو نسيانا وجب نبشه لتغسيله، ما لم يمض زمان فيوجب هتك حرمته بانتشار رائحته أو تناثر لحمه مثلا، و إلّا فلا يبعد لزوم التّأخير حتى يصير عظاما فيجري عليه حكمها. و كذا إذا تركت بعض الأغسال أو تبيّن بطلانها. و كذا إذا دفن بلا تكفين، أو بكفن مغصوب و لم يرض صاحبه تبرّعا أو بعوض، و الأحوط له الرضا.

(مسألة 348) إذا تبيّن أنه لم يصلّ عليه، أو تبيّن بطلانها، فلا يجوز نبشه لأجلها، بل يصلّى على قبره.

(مسألة 349) لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميّت، إلا إذا جعلت الأجرة في قبال بعض الأمور غير الواجبة، مثل تليين أصابعه و مفاصله، و غسل يديه قبل التّغسيل إلى نصف الذراع، و غسل رأسه برغوة السّدر أو الخطمي قبل التّغسيل، و تنشيفه بعد الفراغ بثوب نظيف، و غير ذلك.

(مسألة 350) إذا تنجّس بدن الميّت بعد الغسل أو في أثنائه بخروج

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص:

70

نجاسة أو نجاسة خارجة، لا يجب معه إعادة الغسل، حتى لو خرج منه بول أو غائط على الأقوى، و إن كان الأحوط إعادته لو خرجا في الأثناء. نعم يجب إزالة الخبث عن جسده و لو كان بعد وضعه في القبر إلا مع التعذر، و يتحقق التعذر إذا استلزم إخراج جسده هتك حرمته.

(مسألة 351) لا يجب غسل اللّوح أو السّرير الذي يغسّل عليه الميت بعد كل واحد من الأغسال الثلاثة. نعم الأحوط غسله لميّت آخر، و إن كان الأقوى أنه يطهر بالتّبعيّة. و كذا الحال في الخرقة الموضوعة عليه، فإنها أيضا تطهر بالتّبع.

(مسألة 352) الأحوط أن يوضع الميّت حال الغسل مستقبل القبلة على هيئة المحتضر.

(مسألة 353) لا يجب توضي ء الميت على الأصح، نعم يقوى استحبابه، بل هو الأحوط، و ينبغي تقديمه على الغسل.

آداب تغسيل الميّت

(مسألة 354) آداب الغسل أمور: وضعه على ساجة أو سرير، و نزع قميصه من طرف رجليه، و إن استلزم فتقه لكن حينئذ يراعى رضا الورثة، و أن يكون تحت الظّلال من سقف أو خيمة و نحوهما، و ستر عورته و إن لم ينظر إليها أو كان المغسّل ممّن يجوز له النظر إليها، و تليين أصابعه و مفاصله برفق، و غسل يديه قبل التغسيل إلى نصف الذراع في كل غسل ثلاث مرات، و الأولى أو يكون في أولاها بماء السدر و في الثانية بماء الكافور و في الثالثة بماء القراح، و غسل رأسه برغوة السّدر أو الخطمي، و غسل فرجيه قبل التّغسيل بالسّدر أو الأشنان ثلاث مرّات، و مسح بطنه برفق في الغسلين الأوّلين إلا الحامل التي مات ولدها في بطنها

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 71

و تثليث غسل كل عضو في

كل غسل، فيصير مجموع الغسلات سبعا و عشرين، و تنشيف بدنه بعد الفراغ بثوب نظيف، و غير ذلك.

(مسألة 355) إذا سقط من بدن الميّت شي ء من جلد أو شعر أو ظفر أو سنّ، يجعل في كفنه و يدفن معه.

تكفين الميّت
اشارة

(مسألة 356) تكفين الميّت واجب كفائي كالتّغسيل، و الواجب منه ثلاثة:

مئزر يستر ما بين السّرّة و الركبة، و الأفضل من الصّدر إلى القدم، و قميص يصل إلى نصف الساق على الأقل من الطرفين، على الأحوط بل الأقوى.

و ما يتعارف في بعض البلاد من جعله إلى المنكبين من خلف لا وجه له.

و إزار يغطي تمام البدن، فيجب أن يكون طوله زائدا على طول الجسد، و عرضه بمقدار يمكن أن يوضع أحد جانبيه على الآخر و يلفّ عليه فيستر جميع الجسد، و عند تعذّر الجميع يأتي بما تيسّر، حتى إذا لم يمكن إلا ستر العورة وجب، مقدّما الإزار على القميص، و القميص على المئزر، و المئزر على ستر العورة.

(مسألة 357) لا يجوز التكفين بالمغصوب و لو في حال الاضطرار، و لا بالحرير الخالص و لو للطّفل و المرأة، و لا بجلد الميتة، و لا بالنّجس حتى ما عفي عنه في الصّلاة، و لا بما لا يؤكل لحمه، جلدا كان أو شعرا أو وبرا، بل و لا بجلد المأكول أيضا على الأحوط، دون صوفه و شعره و وبره، فإنه لا بأس به.

(مسألة 358) يختص عدم جواز التكفين بما ذكر، بحال الاختيار، فيجوز الجميع مع الاضطرار إلا المغصوب، و إذا دار الأمر بين ما لا يجوز التكفين فيما لا يجوز، يقدم جلد المأكول على غيره.

(مسألة 359) إذا تنجّس الكفن قبل الوضع في القبر، وجب إزالة النجاسة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1،

ص: 72

عنه بغسل أو قرض لا يضرّ به، و كذا بعد الوضع فيه. و لو تعذّر غسله و لو من جهة توقّفه على إخراجه تعيّن القرض، كما أنه يتعيّن الغسل لو تعذّر القرض، و لو من جهة استلزامه زوال ساتريّة الكفن، و لو تعذّرا، وجب تبديله مع الإمكان.

(مسألة 360) يخرج الكفن من أصل التّركة، مقدّما على الديون و الوصايا و الميراث، و كذا القدر الواجب من سائر مؤن التّجهيز من الماء و السّدر و الكافور و قيمة الأرض، حتى ما تأخذه الحكومة للدّفن في الأرض المباحة، و أجرة الحمّال و الحفّار و نحوها، بل الظاهر أن المستحبات المتعارفة أيضا كذلك.

(مسألة 361) إذا كانت التّركة متعلّقا لحقّ الغير بسبب الفلس أو الرّهانة، فالظاهر تقديم الكفن عليه. نعم في تقديمه على حقّ الجناية إشكال.

(مسألة 362) إذا لم تكن له تركة بمقدار الكفن، دفن عريانا. و لا يجب على المسلمين بذله، نعم يستحبّ لهم.

(مسألة 363) كفن الزّوجة بل و سائر مؤن تجهيزها على زوجها و لو مع يسارها، كبيرة كانت أو صغيرة، مجنونة كانت أو عاقلة، حرّة كانت أو أمة، مدخولة كانت أو غير مدخولة، و كذا المعتدّة بالعدّة الرّجعيّة لأنها في حكم الزّوجة إن لم نقل بكونها زوجة. و في المنقطعة و النّاشزة إشكال.

(مسألة 364) إذا تبرّع متبرّع بكفنها، سقط عن الزّوج.

(مسألة 365) إذا مات الزّوج بعد زوجته و لم يكن له مال إلا بمقدار كفن واحد، قدّم عليها.

(مسألة 366) إذا كان الزّوج معسرا، فكفن الزّوجة من تركتها، و لو أيسر بعد الدّفن، فليس للورثة المطالبة بقيمته.

(مسألة 367) لا يلحق بالزّوجة في وجوب الكفن من وجبت نفقته من

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 73

الأقارب. نعم

كفن المملوك على سيّده، إلا الأمة المزوّجة فعلى زوجها.

________________________________________

گلپايگانى، سيد محمد رضا موسوى، هداية العباد (للگلبايگاني)، 2 جلد، دار القرآن الكريم، قم - ايران، اول، 1413 ه ق

هداية العباد (للگلبايگاني)؛ ج 1، ص: 73

آداب التّكفين
اشارة

(مسألة 368) يستحبّ الزّيادة على القطع الثّلاث في كلّ من الرّجل و المرأة بخرقة للفخذين طولها ثلاثة أذرع و نصف و عرضها شبر، تشدّ من الحقوين ثمّ تلفّ على الفخذين لفّا شديدا على وجه لا يظهر منهما شي ء إلى أن تصل إلى الرّكبتين، ثمّ يخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن. و يستحب جعل شي ء من القطن بين الأليتين على وجه يستر العورتين بعد وضع شي ء من الحنوط عليه، و يحشى دبره بشي ء منه إذا خشي خروج شي ء منه، بل و قبل المرأة أيضا، سيّما إذا كان يخشى خروج دم النّفاس و نحوه منه، كلّ ذلك قبل اللّف بالخرقة المذكورة.

(مسألة 369) يستحبّ لفّافة أخرى فوق اللّفافة الواجبة، و الأفضل كونها بردا يمانيّا، بل يقوى استحباب لفّافة ثالثة، سيّما في المرأة.

(مسألة 370) يستحبّ عمامة للرّجل خاصّة، يلفّ بها رأسه بالتّدوير و يجعل طرفاها تحت الحنك و يلقيان على صدره، الأيمن على الأيسر و بالعكس.

(مسألة 371) يستحبّ مقنعة للمرأة بدل العمامة، و لفّافة يشدّ بها ثدياها إلى ظهرها.

(مسألة 372) يستحبّ إجادة الكفن، فإنّ الموتى يتباهون يوم القيامة بأكفانهم، و أن يكون من طهور المال لا تشوبه شبهة، و أن يكون من القطن، و أن يكون أبيض، و من ثياب أحرم فيها أو كان يصلي فيها، و أن يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة، و أن يلقى عليه شي ء من الكافور، و أن يكتب على حاشية جميع قطع الكفن (إن فلانا ابن فلان

يشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و أنّ محمدا رسول اللّه صلّى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 74

اللّه عليه و آله، و أنّ عليا و الحسن و الحسين (و يعدّ الأئمة عليهم السلام إلى آخرهم) أئمّته و سادته و قادته، و أنّ البعث و الثّواب و العقاب حقّ).

و أن يكتب عليه دعاء الجوشن الصغير بل و الكبير. و الأولى بل الأحوط أن يكون ذلك كلّه في مقام يؤمن عليه من النّجاسة و القذارة، و لا يكون هتكا و منافيا لاحترامه.

(مسألة 373) يستحبّ لمباشر التفكين إذا كان هو المغسّل، الغسل من المسّ، و الوضوء قبل التكفين، و إذا كان غيره فيستحب له الطّهارة من الحدث الأكبر و الأصغر.

الحنوط

(مسألة 374) يجب التحنيط على الأصحّ، صغيرا كان الميّت أو كبيرا، ذكرا كان أو أنثى. و لا يجوز تحنيط المحرم كما تقدّم. و يشترط أن يكون بعد الغسل أو التيمم، و الأقوى جوازه قبل التكفين و بعده و في أثنائه، و إن كان الأول أولى.

(مسألة 375) كيفية التحنيط أن يضع مقدارا من الكافور على مساجده السّبعة، و يستحبّ إضافة طرف الأنف إليها بل هو الأحوط، بل لا يبعد استحباب مسح إبطيه و لبّته و مفاصله به، و كلّ موضع من بدنه فيه رائحة مكروهة. و لا يقوم مقام الكافور طيب آخر حتى عند الضرورة.

(مسألة 376) لا يجب مقدار معيّن من الكافور في الحنوط، بل الواجب المسمّى الّذي يصدق معه الوضع، و الأفضل و الأكمل أن يكون سبعة مثاقيل صيرفيّة، و دونه في الفضل أربعة مثاقيل شرعيّة، و دونه أربعة دراهم، و دونه مثقال شرعي. و لو تعذّر الجميع حتى المسمى منه، دفن بغير

حنوط.

(مسألة 377) يستحبّ خلط كافور الحنوط بشي ء من التّربة الشريفة، لكن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 75

لا يمسح به المواضع المنافية لاحترامها كإبهامي الرّجلين.

الجريدتان

(مسألة 378) من السّنن الأكيدة عند الشيعة وضع عودين رطبين مع الميّت، صغيرا كان أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، و الأفضل كونهما من جريد النّخل، و إن لم يتيسّر فمن السّدر، و إلا فمن الخلاف أو الرّمّان، و إلا فمن كلّ شجر رطب، و لا تكفي الجريدة اليابسة. و الأولى كونهما بمقدار عظم الذّراع و إن أجزأ الأقل و الأكثر، كما أن الأولى في كيفيّة وضعهما جعل إحداهما إلى جانبه الأيمن من عند الترقوة إلى حيث بلغت، ملصقة بجلده و الأخرى إلى جانبه الأيسر من عند التّرقوة إلى حيث بلغت، فوق القميص تحت اللّفافة. و لو تركت الجريدة لنسيان و نحوه، جعلت فوق قبره.

تشييع الجنازة

(مسألة 379) فضل التشييع كثير و ثوابه كبير، حتى ورد في الخبر (من شيّع جنازة فله بكلّ خطوة حتى يرجع مائة ألف حسنة، و يمحى عنه مائة ألف سيّئة، و يرفع له مائة ألف درجة، فإن صلّى عليها يشيّعه مائة ألف ملك كلّهم يستغفرون له، فإن شهد دفنها وكّل اللّه به مائة ألف ملك يستغفرون له حتّى يبعث من قبره. و من صلّى على ميّت صلّى عليه جبرئيل و سبعون ألف ملك و غفر له ما تقدّم من ذنبه، و إن أقام عليه حتّى يدفنه و حثا عليه من التّراب انقلب من الجنازة و له بكلّ قدم من حيث تبعها حتّى يرجع إلى منزله قيراط من الأجر، و القيراط مثل جبل أحد يلقى في

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 76

ميزانه من الأجر).

(مسألة 380) آداب التشييع كثيرة: منها: أن يقول حين حمل الجنازة (بسم اللّه و باللّه و صلّى اللّه على محمّد و آل محمّد، اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات). و

منها: المشي، بل الظاهر كراهة الرّكوب إلا لعذر. نعم لا يكره في الرّجوع. و منها: المشي خلف الجنازة أو في جانبيها لا قدّامها، و الأول أفضل. و منها: أن يحملوها على أكتافهم لا على الدّابة و نحوها، إلا لعذر كبعد المسافة. و منها: أن يكون المشيّع خاشعا متفكّرا متصورا أنه هو المحمول و قد سأل الرّجوع إلى الدنيا فأجيب. و منها: التّربيع، بمعنى أن يحمل الشخص الواحد جوانبها الأربعة، و الأفضل أن يبتدئ بمقدّم السّرير من جهة يمين الميّت فيحمله على عاتقه الأيمن، ثم يحمل مؤخره الأيمن على عاتقه الأيمن، ثم مؤخره الأيسر على عاتقه الأيسر، ثم ينتقل إلى المقدّم الأيسر فيحمله على عاتقه الأيسر. و منها: أن يكون صاحب المصيبة حافيا واضعا رداءه أو مغيّرا زيّه على وجه آخر، حتّى يعرف.

(مسألة 381) يكره الضحك و اللّعب و اللّهو، و وضع الرّداء لغير صاحب المصيبة، و الكلام بغير الذّكر و الدّعاء و الاستغفار، حتى أنه نهي عن السلام على المشيّع. و تشييع النّساء الجنازة حتى جنازة المرأة.

و الإسراع في المشي على وجه ينافي الرّفق بالميّت، بل ينبغي التوسّط في المشي. و إتباعها بالنّار و لو بمجمرة إلا المصباح في اللّيل. و القيام عند مرورها إذا كان جالسا، إلا إذا كان الميّت كافرا فيقوم لئلا يعلو على المسلم.

الصّلاة على الميّت
اشارة

(مسألة 382) يجب الصّلاة على كلّ مسلم و إن كان مخالفا على الأصح،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 77

و لا يجوز على الكافر بأقسامه، حتى المرتدّ و من حكم بكفره ممن انتحل الإسلام، كالنّواصب و الخوارج و الغلاة.

(مسألة 383) من وجد ميّتا في بلاد المسلمين يلحق بهم، و كذا لقيط دار الإسلام، و أما لقيط دار الكفر إذا

وجد فيها مسلم يحتمل كونه منه، فالأقرب إلحاقه بالمسلم.

(مسألة 384) أطفال المسلمين حتى ولد الزّنا منهم، بحكمهم في وجوب الصّلاة عليهم إذا بلغوا ستّ سنين. و تستحبّ على من لم يبلغ ذلك إذا ولد حيّا، دون من ولد ميّتا، و إن ولجته الروح قبل ولادته.

(مسألة 385) تقدّم أنّ بعض البدن إذا كان صدرا أو مشتملا على تمام الصّدر أو كان بعض الصّدر المشتمل على القلب، فحكمه حكم تمام البدن في وجوب الصّلاة عليه.

(مسألة 386) محلّ الصّلاة بعد الغسل و التكفين، فلا تجزي قبلهما، و لا تسقط بتعذّرهما، كما لا تسقط بتعذّر الدّفن أيضا، فلو وجد في الفلاة ميّت و لم يمكن غسله و لا تكفينه و لا دفنه، يصلّى عليه و يخلّى، و القاعدة أنّ كلّ ما تعذّر من الواجبات يسقط و كلّ ما أمكن يثبت.

(مسألة 387) يعتبر في المصلّي أن يكون مؤمنا، فلا تجزي صلاة المخالف فضلا عن الكافر. و لا يعتبر فيه البلوغ على الأقوى، فتصحّ صلاة الصبيّ المميّز، بل الظاهر إجزاؤها عن الوجوب الكفائي مع العلم بالإتيان بها صحيحة، أمّا مع الشكّ في الصّحّة، فلا تجري أصالة الصّحّة في عمله.

(مسألة 388) لا يعتبر في المصلّي الذّكورة، فتصحّ صلاة المرأة و لو على الرّجال، و لا يشترط في صحّة صلاتها عدم وجود الرّجال.

(مسألة 389) الصّلاة على الميّت و إن كانت فرضا على الكفاية، إلا أنها كسائر تجهيزه أولى النّاس بها أولاهم بميراثه، بمعنى أن الوليّ إذا أراد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 78

المباشرة بنفسه أو عيّن شخصا لها، لا يجوز لغيره مزاحمته، كما أنّ إذنه شرط في صحّة صلاة المصلّي.

(مسألة 390) إذا أوصى الميّت بأن يصلّي عليه شخص معيّن، فالظاهر وجوب العمل

بها على الأحوط، و الأحوط للوصيّ استئذان الوليّ، و للغير استئذانهما.

(مسألة 391) يستحبّ فيها الجماعة، و الأظهر اعتبار اجتماع شرائط الإمامة من العدالة و نحوها هنا أيضا، بل الأظهر اعتبار اجتماع شرائط الجماعة من عدم الحائل و نحوه، و لا يتحمّل الإمام هنا عن المأمومين شيئا.

(مسألة 392) يجوز أن يصلّي على ميّت واحد في زمان واحد، أشخاص متعدّدون فرادى بل و جماعات متعدّدة، و يجوز لكلّ واحد منهم نيّة الوجوب ما لم يفرغ منها أحد، فإذا فرغ نوى الباقون الاستحباب أو القربة، و كذا الحال في المصلّين المتعدّدين في جماعة واحدة.

(مسألة 393) يجوز للمأموم نيّة الانفراد في الأثناء و إتمامها منفردا، لكن بشرط أن لا يكون بعيدا عن الجنازة بما يضرّ، و لا خارجا عن المحاذاة المعتبرة في المنفرد.

كيفية الصلاة على الميت

(مسألة 394) الصلاة على الميّت خمس تكبيرات: يتشهّد الشهادتين بعد الأولى، و يصلّي على النّبي و آله بعد الثانية، و يدعو للمؤمنين و المؤمنات بعد الثالثة، و يدعو للميّت بعد الرّابعة، ثم يكبّر الخامسة و ينصرف. و لا يجوز أقلّ من خمس تكبيرات، إلا للتّقيّة.

(مسألة 395) ليس فيها أذان، و لا إقامة، و لا قراءة، و لا ركوع، و لا سجود، و لا تشهّد، و لا تسليم.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 79

(مسألة 396) يكفي في الأدعية الأربعة مسمّاها، فيجزي أن يقول بعد التكبيرة الأولى (أشهد أن لا إله إلّا اللّه و أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه) و بعد الثّانية (اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد) و بعد الثّالثة (اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات) و بعد الرابعة (اللّهمّ اغفر لهذا الميّت) ثم يقول (اللّه أكبر) و ينصرف.

(مسألة 397) الأولى أن يقول بعد التّكبيرة الأولى (أشهد

أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا فردا حيّا قيّوما دائما أبدا، لم يتّخذ صاحبة و لا ولدا، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، أرسله بالهدي و دين الحقّ ليظهره على الدين كلّه و لو كره المشركون). و بعد الثّانية (اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و بارك على محمّد و آل محمّد و ارحم محمّدا و آل محمّد، أفضل ما صلّيت و باركت و ترحّمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، و صلّ على جميع الأنبياء و المرسلين). و بعد الثّالثة (اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات، تابع اللهمّ بيننا و بينهم بالخيرات إنّك على كلّ شي ء قدير). و بعد الرّابعة (اللّهمّ إنّ هذا المسجّى قدّامنا عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك نزل بك و أنت خير منزول به. اللّهمّ إنّك قبضت روحه إليك، و قد احتاج إلى رحمتك، و أنت غني عن عذابه. اللّهمّ إنّا لا نعلم منه إلّا خيرا و أنت أعلم به منّا. اللّهمّ إن كان محسنا فزد في إحسانه، و إن كان مسيئا فتجاوز عن سيّئاته، و اغفر لنا و له. اللّهمّ احشره مع من يتولّاه و يحبّه، و أبعده ممّن يتبرّأ منه و يبغضه. اللّهمّ ألحقه بنبيّك و عرّف بينه و بينه، و ارحمنا إذا توفّيتنا يا إله العالمين. اللّهمّ اكتبه عندك في أعلى علّيّين، و اخلف على عقبه في الغابرين، و اجعله من رفقاء محمّد و آله الطّاهرين، و ارحمه و إيّانا برحمتك يا أرحم الرّاحمين. اللّهمّ عفوك عفوك عفوك). و إن كان الميّت امرأة يقول بدل قوله (هذا المسجّى)

(هذه المسجّاة قدّامنا أمتك و ابنة عبدك و ابنة أمتك) و يأتي بالضمائر مؤنثّة. و إن كان الميّت طفلا دعا في الرّابعة لأبويه (اللّهمّ اجعله

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 80

لأبويه و لنا سلفا و فرطا و أجرا).

(مسألة 398) في كلّ من الرّجل و المرأة يجوز تذكير الضّمائر باعتبار أنه ميّت أو شخص، و تأنيثها باعتبار أنه جنازة، فيسهل الأمر فيما إذا لم يعلم أن الميّت رجل أو امرأة، و لا يحتاج إلى تكرار الدّعاء أو الضمائر.

(مسألة 399) إذا شكّ في التكبيرات بين الأقل و الأكثر، بنى على الأقل.

شروط الصلاة على الميّت

(مسألة 400) تجب في صلاة الميّت: نيّة القربة، و تعيين الميّت، و لو بأن ينوي الميّت الحاضر أو من عيّنه الإمام، و استقبال القبلة، و القيام، و أن يوضع الميّت أمامه مستلقيا على قفاه محاذيا له إذا كان إماما أو منفردا.

و أن يكون رأسه إلى يمين المصلّي و رجله إلى يساره، و أن لا يكون بينه و بين المصلّي حائل كستر أو جدار مما لا يصدق معه اسم الصّلاة عليه، ما عدا النّعش و نحوه مما هو بين يدي المصلّي، و أن لا يكون بينهما بعد مفرط على وجه لا يصدق الوقوف عليه إلا في المأموم مع اتّصال الصفوف و أن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوّا مفرطا، و أن تكون الصّلاة بعد التّغسيل و التّكفين و الحنوط، إلا فيمن سقط عنه ذلك كالشهيد، أو تعذّر عليه ذلك فيصلّى عليه بدونه.

(مسألة 401) إذا لم يكن له كفن أصلا، فإن أمكن ستر عورته بشي ء قبل وضعه في القبر سترها و صلّى عليه، و إلّا، يحفر قبره و يوضع فيه كما يوضع في خارجه، و توارى

عورته بلبن أو أحجار أو تراب ثم يصلّى عليه، ثم يوضع على كيفيّة الدّفن.

(مسألة 402) لا يعتبر فيها الطّهارة من الحدث و الخبث و لا سائر شروط الصّلاة، نعم لا يترك الاحتياط في الالتفات عن القبلة و التكلّم و القهقهة، و كلّ ما هو ماحٍ لصورة الصّلاة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 81

(مسألة 403) إذا لم يمكن الاستقبال أصلا سقط، و إن اشتبهت القبلة و لم يتمكّن من تحصيل العلم بها و فقدت الأمارات التي يرجع إليها عند عدم إمكان العلم و لم يمكن الاحتياط، يعمل بالظنّ مع إمكانه، و إلا فليصلّ إلى أربع جهات إن لم يخف الفساد على الميّت، و إلا فيتخيّر و يحتاط بالصلاة إلى سائر الجهات بعد الدّفن، إن لم تنكشف القبلة.

(مسألة 404) إذا لم يقدر على القيام و لم يوجد من يقدر على الصّلاة قائما، تعيّن عليه الصلاة جالسا، و مع وجوده، يجب عينا على المتمكّن، و لا تجزي عنه صلاة العاجز على الأظهر، و لكن إذا عصى و لم يقم بوظيفته، يجب على العاجز القيام بوظيفته. و إذا لم يوجد المتمكّن من القيام و صلى العاجز جالسا ثم وجد قبل أن يدفن، فالأحوط إعادة المتمكّن، و أولى منه ما إذا صلى معتقدا عدم وجوده فتبيّن خلافه.

(مسألة 405) من أدرك الإمام أثناء الصّلاة جاز له الدّخول معه، و تابعه في التكبير، و جعل أوّل صلاته أوّل تكبيراته، فيأتي بوظيفته من الشّهادتين، فإذا كبّر الإمام الثالثة مثلا كبّر معه و كانت له الثّانية، فيأتي بالصّلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فإذا فرغ الإمام أتمّ ما عليه من التّكبير مع الأدعية إن أمكنه و لو مخفّفا، و إن لم يمهلوه

أتمّها خلف الجنازة فرادى إن أمكن الاستقبال و سائر الشرائط، بل لا بأس بإتمامها على القبر، و إن لم تجب عليه الصلاة لسقوط التكليف بفعل السابقين.

(مسألة 406) لا تسقط صلاة الميّت عن المكلّفين إذا لم يصلّها بعضهم على وجه صحيح، فإذا شكّ في أصل الإتيان بنى على العدم، و إن علم به و شكّ في صحّتها بنى على صحّتها، و إن علم بفسادها، وجبت عليه و إن كان المصلّي قاطعا بالصّحّة.

(مسألة 407) إذا اختلف المصلّي مع غيره بحسب التقليد أو الاجتهاد، بأن كانت الصّلاة صحيحة بحسب تقليد المصلّي أو اجتهاده، فاسدة عند غيره، فالأقوى لمن لم تكن صحيحة عنده عدم الاجتزاء بها.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 82

(مسألة 408) يجب أن تكون الصّلاة قبل الدفن لا بعده. نعم لو دفن قبل الصّلاة نسيانا أو لعذر آخر أو تبيّن فسادها، لا يجوز نبشه لأجل الصّلاة، بل يصلّي على قبره مراعيا الشرائط من الاستقبال و غيره، ما لم تمض مدّة يتلاشى فيها بدنه بحيث لا يصدق عليه اسم الميّت.

(مسألة 409) من لم يدرك الصّلاة على من صلّي عليه قبل الدفن، يجوز له أن يصلّي عليه بعده إلى يوم و ليلة، و أمّا لأكثر من ذلك، فالأحوط التّرك.

(مسألة 410) يجوز تكرار الصّلاة على الميّت على كراهية، إلا إذا كان الميّت ذا شرف و منقبة و فضيلة.

(مسألة 411) إذا حضرت جنازة في وقت الفريضة، فإن لم تزاحم الصّلاة عليها الفريضة لسعة وقتها، و لم يخش الفساد على الميّت تخيّر بينهما، و الأفضل تقديم صلاة الميّت، إلا إذا زاحمت وقت فضيلة الفريضة فترجّح عليها.

(مسألة 412) يجب تقديمها على الفريضة في سعة وقتها إذا خيف على الميّت من الفساد، كما أنه

يجب تقديم الفريضة مع ضيق وقتها و عدم الخوف على الميّت.

(مسألة 413) إذا خيف على الميّت و ضاق وقت الفريضة، فإن أمكن صونه عن الفساد بالدّفن و الصّلاة في وقتها ثم الصّلاة عليه مدفونا، تعيّن ذلك، و إن لم يمكن ذلك بل تزاحم وقت الفريضة مع الدفن، فلا يبعد وجوب تقديم الدّفن و قضاء الفريضة إن خيف عليه من الفساد الكلّي، و لو بالاقتصار على أقلّ الواجب من الصّلاة، و أما في مثل تغيير الرائحة فتقدّم الفريضة على الدفن.

(مسألة 414) إذا اجتمعت جنازات متعدّدة، فالأولى إفراد كل واحد منها بصلاة، إذا لم يخض على بعضها الفساد من جهة تأخير صلاتها، و يجوز التّشريك بينها في صلاة واحدة، بأن يوضع الجميع قدّام المصلّي مع رعاية المحاذاة، أو يجعل الجميع صفا واحدا، فيجعل رأس كلّ عند

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 83

ألية الآخر شبه الدّرج، و يقوم المصلّي وسط الصفّ و يراعي في الدّعاء لهم بعد التكبير الرابع ما يناسبهم من تثنية الضّمير أو جمعه، و تذكيره أو تأنيثه.

(مسألة 415) إذا حضر في أثناء الصّلاة على الجنازة، مثلا بعد التّكبيرة الأولى، جنازة أخرى، يجوز تشريك الأولى مع الثّانية في التّكبيرات الباقية، فتكون ثانية الأولى أولى الثانية، و ثالثة الأولى ثانية الثانية، و هكذا. فإذا تمّت تكبيرات الأولى يأتي ببقيّة تكبيرات الثانية، فيأتي بعد كل تكبير مختص ما يخصّه من الدّعاء، و بعد التكبير المشترك يجمع بين الدعائين، فيأتي بعد التكبير الذي هو أوّل الثانية و ثاني الأولى بالشّهادتين مع الصّلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و هكذا.

آداب الصّلاة على الميّت

(مسألة 416) و هي مضافا إلى ما مرّ أمور لا بأس بالإتيان بها رجاء: منها:

أن يقال قبل

الصّلاة ثلاث مرات (الصّلاة) و هي بمنزلة الإقامة للصّلاة.

و منها: أن يكون المصلّي على طهارة من حدث الوضوء أو الغسل أو التيمم، و يجوز التيمم بدل الغسل أو الوضوء هنا حتى مع وجدان الماء، إن خاف فوت الصّلاة لو توضّأ أو اغتسل، بل مطلقا. و منها: أن يقف الإمام أو المنفرد عند وسط الرّجل، بل مطلق الذّكر، و عند صدر المرأة، بل مطلق الأنثى. و منها: نزع النّعل، بل يكره الصلاة بالحذاء، و هو النّعل دون الخفّ و الجورب، و إن كان الحفاء لا يخلو من رجحان خصوصا للإمام. و منها: رفع اليدين عند التّكبيرات، لا سيّما الأولى.

و منها: أن يقف قريبا من الجنازة بحيث لو هبّت الرّيح وصل ثوبه إليها.

و منها: الإجهار للإمام و الإسرار للمأموم. و منها: اختيار المواضع المعدّة للصّلاة على الجنائز. و منها: أن لا تصلى في المساجد، عدا المسجد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 84

الدفن
اشارة

(مسألة 417) يجب كفاية دفن الميّت المسلم و من بحكمه، و هو مواراته في حفرة في الأرض، فلا يجزي البناء عليه، و لا وضعه في بناء أو تابوت و لو من صخر أو حديد مع القدرة على المواراة في الأرض. نعم لو تعذّر الحفر لصلابة الأرض مثلا أجزأ البناء عليه و نحو ذلك من المواراة، كما أنه لو أمكن نقله إلى أرض يمكن حفرها قبل أن يحدث بالميت شي ء وجب، و الأحوط كون الحفرة بحيث تحرس جثّته من السّباع و تكتم رائحته عن الناس، و إن كان الأقوى كفاية مجرّد المواراة في الأرض مع الأمن من الأمرين و لو من جهة عدم وجود السّباع و عدم وجود من تؤذيه رائحته من النّاس، أو من

جهة البناء على قبره بعد مواراته.

(مسألة 418) إذا مات في البحر و تعذّر البرّ أو تعسّر، يغسّل و يكفّن و يحنّط و يصلّى عليه، و يوضع في خابية و نحوها و يوكأ رأسها أو يثقّل بحجر أو نحوه في رجله، و يلقى في البحر مستقبل القبلة على الأحوط الأولى، و الأحوط اختيار الأوّل مع الإمكان، و كذا لو خيف على الميّت من نبش العدوّ قبره و التمثيل به، ألقي في البحر بالكيفيّة المذكورة.

(مسألة 419) يجب أن يكون الدّفن مستقبل القبلة، بأن يضجعه على جنبه الأيمن بحيث يكون رأسه إلى المغرب و رجلاه إلى المشرق في البلاد الشماليّة، و بعبارة أخرى يكون رأسه إلى يمين من يستقبل القبلة و رجلاه إلى يساره، و كذا في دفن الجسد بلا رأس، بل في الرأس بلا جسد، بل و في الصّدر وحده.

(مسألة 420) إذا كان الميّت كافرة حاملة بولد مسلم، تدفن مستدبرة القبلة على جنبها الأيسر، ليصير الولد في بطنها مستقبلا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 85

(مسألة 421) مؤنة الدّفن حتى ما يحتاج إليه لأجل استحكامه من موادّ بناء، بل ما يأخذه الجائر للدفن في الأرض المباحة، تخرج من أصل التّركة. و كذا مؤنة الإلقاء في البحر.

(مسألة 422) إذا اشتبهت القبلة، يعمل بالظّن على الأحوط، و مع عدمه يسقط الاستقبال إن لم يمكن تحصيل العلم بها، و لو بالتأخير على وجه لا يضرّ بالميّت و لا بالمباشر.

(مسألة 423) يجب دفن الأجزاء المبانة من الميّت حتى الشّعر و السنّ و الظفر، و الأحوط إن لم يكن أقوى إلحاقها ببدن الميّت و دفنها معه مع الإمكان.

(مسألة 424) إذا مات شخص في البئر و لم يمكن إخراجه و لا استقباله، يخلّى على

حاله و يسدّ البئر و يجعل قبرا له.

(مسألة 425) لا يجوز الدّفن في الأرض المغصوبة عينا أو منفعة، و منها الأرض الموقوفة لغير الدّفن، و ما تعلّق بها حقّ الغير كالمرهونة.

(مسألة 426) لا مانع من الدّفن في قبر ميّت آخر إذا كانت الأرض مباحة نعم لا يجوز نبشه لذلك قبل أن يصير رميما.

(مسألة 427) الأقوى عدم جواز الدّفن في المساجد و لو مع عدم الإضرار بالمسلمين و عدم مزاحمة المصلّين.

(مسألة 428) لا يجوز أن يدفن الكفّار و أولادهم في مقابر المسلمين، بل لو دفنوا نبشوا، سيّما إذا كانت المقبرة مسبّلة للمسلمين، و كذا لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكفّار، و لو دفن عصيانا أو نسيانا فلا إشكال في جواز نبشه و نقله لرعاية احترامه، بل الأحوط وجوبه إلا إذا استلزم النّبش هتكا آخر لحرمته.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 86

مستحبات الدفن و مكروهاته

(مسألة 429) مستحبات الدفن أمور لا بأس بالإتيان بها رجاء. منها:

حفر القبر إلى التّرقوة أو قدر القامة. و منها: اللّحد في الأرض الصّلبة، بأن يحفر في حائط القبر مما يلي القبلة حفرة بقدر ما تسع جثّته فيوضع فيها، و الشّقّ في الأرض الرّخوة بأن يحفر في قعر القبر حفرة شبه النهر فيوضع فيها الميّت و يسقف عليه. و منها: وضع جنازة الرّجل قبل إنزاله في القبر مما يلي الرّجلين، و جنازة المرأة عند القبر مما يلي القبلة.

و منها: أن لا يفجأ به القبر و لا ينزل فيه بغتة، بل يوضع دون القبر بذراعين أو ثلاثة و يصبر عليه هنيهة، ثمّ يقدّم قليلا و يصبر عليه هنيهة، ثم يوضع على شفير القبر ليأخذ أهبته للسؤال، فإن للقبر أهوالا عظيمة نستجير باللّه منها، ثم يسلّه من

نعشه سلّا فيدخله برفق، سابقا برأسه إن كان رجلا، و عرضا إن كان امرأة. و منها: أن تحلّ جميع عقد الكفن بعد وضعه في القبر. و منها: أن يكشف عن وجهه و يجعل خدّه على الأرض و يعمل له و سادة من تراب، و يسند ظهره بلبنة أو مدرة لئلا يستلقي على قفاه. و منها: أن يسدّ اللّحد باللّبن أو الأحجار، لئلا يصل إليه التّراب، و إن أحكمه بالطّين كان أحسن. و منها: أن يكون من ينزله في القبر متطهّرا مكشوف الرأس، حالّا أزراره، نازعا عمامته و رداءه و نعليه. و منها: أن يكون المباشر لإنزال المرأة و حلّ أكفانها زوجها أو محرمها، و مع عدمهم فأقرب أرحامها من جهة أبيها، ثمّ من جهة أمها، ثمّ الأجانب. و الزّوج أولى من الجميع و منها: أن يهيل عليه التّراب غير أرحامه بظهر الأكفّ.

و منها: قراءة الأدعية المأثورة المذكورة في الكتب المبسوطة في مواضع مخصوصة عند سلّه من النّعش، و عند معاينة القبر، و عند إنزاله فيه، و بعد وضعه فيه، و بعد وضعه في لحده، و عند اشتغاله بسدّ اللّحد، و عند الخروج من القبر، و عند إهالة التّراب عليه. و منها: تلقينه العقائد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 87

الحقّة من أصول دينه و مذهبه بالمأثور، بعد وضعه في اللّحد، قبل أن يسدّ. و منها: رفع القبر عن الأرض مقدار أربع أصابع مضمومة أو مفرّجة.

و منها: تربيع القبر، بمعنى تسطيحه و جعله ذا أربع زوايا قائمة، و يكره تسنيمه، بل الأحوط تركه. و منها: أن يرشّ الماء على قبره، و الأولى في كيفيّته أن يستقبل القبلة و يبتدئ بالرشّ من عند الرّأس إلى الرّجلين، ثم

يدور به على القبر حتى ينتهي إلى الرأس، ثم يرشّ على وسط القبر ما يفضل من الماء. و منها: وضع اليد على القبر مفرّجة الأصابع مع غمزها بحيث يبقى أثرها، و قراءة سورة القدر سبع مرّات، و الاستغفار و الدّعاء له بمثل (اللّهمّ جاف الأرض عن جنبيه، و أصعد إليك روحه، و لقّه منك رضوانا، و أسكن قبره من رحمتك ما تغنيه به عن رحمة من سواك). أو (اللّهمّ ارحم غربته، وصل وحدته، و آنس وحشته، و آمن روعته، و أفض عليه من رحمتك، و أسكن إليه من برد عفوك و سعة غفرانك و رحمتك ما يستغني به عن رحمة من سواك، و احشره مع من كان يتولاه). و منها: أن يلقّنه الوليّ أو من يأمره بعد تمام الدّفن و رجوع المشيّعين و انصرافهم، أصول دينه و مذهبه بأرفع صوته، من الإقرار بالتّوحيد و رسالة سيّد المرسلين، و إمامة الأئمّة المعصومين، و الإقرار بما جاء به النبيّ صلّى الله عليه و آله، و البعث و النّشور، و الحساب و الميزان و الصّراط، و الجنّة و النّار فإن ذلك يدفع خطر سؤال منكر و نكير إن شاء اللّه تعالى. و منها: أن يكتب اسم الميّت على القبر، أو على لوح أو حجر، و ينصب عند رأسه.

و منها: أن يدفن الأقارب متقاربين. و منها: أحكام القبر.

(مسألة 430) مكروهات الدّفن أمور لا بأس بتركها رجاء، منها: دفن ميّتين في قبر واحد، كجمعهما في جنازة واحدة، و فرش القبر بساج و نحوه كالآجر و الحجر إلا إذا كانت الأرض نديّة، و نزول الوالد في قبر ولده خوفا من جزعه و فوات أجره، و أن يهيل ذو الرّحم على رحمه

التّراب، و سدّ القبر و تطيينه بغير ترابه، و تجديد القبر بعد اندراسه، إلا قبور الأنبياء و الأوصياء و الصّلحاء و العلماء، و الجلوس على القبر،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 88

و الحدث في المقابر، و الضحك فيها، و الاتكاء على القبر، و المشي على القبر من غير ضرورة، و رفع القبر عن الأرض أكثر من أربع أصابع مفرّجات.

خاتمة
اشارة

(مسألة 431) إذا مات الجنين في بطن الحامل و خيف عليها من بقائه يجب التوصّل إلى إخراجه بكل وسيلة، مراعيا الأرفق فالأرفق، و لو بتقطيعه، و يكون المباشر زوجها أو النّساء، و مع عدمها فالمحارم من الرّجال، فإن تعذّر فالأجانب.

(مسألة 432) إذا ماتت الحامل و كان الجنين حيّا وجب إخراجه و لو بشقّ بطنها، فيشقّ جنبها الأيسر و يخرج الطفل، ثم يخاط و تدفن. و لا فرق في ذلك بين رجاء بقاء الطّفل بعد إخراجه و عدمه.

(مسألة 433) يجوز نقل الميّت من بلد موته إلى بلد آخر قبل دفنه، على كراهة، إلّا إلى المشاهد المشرّفة و الأماكن المقدّسة، فلا كراهة في النقل إليها، بل فيه فضل و رجحان، و ذلك إذا لم يستلزم من جهة بعد المسافة و تأخير الدّفن أو غير ذلك تغيّر الميّت و فساده و هتك و حينئذ فلا يجوز إلى غير المشاهد قطعا، و أما إليها ففيه تأمّل و إشكال. و أما بعد الدفن فلو خرج الميّت من قبره بسبب من الأسباب فهو بحكم غير المدفون، و أما نبشه للنّقل فلا يجوز إلى غير المشاهد قطعا، و أمّا إليها فالأقوى جوازه.

(مسألة 434) ما تعارف من إيداع الميّت لينقل فيما بعد إلى المشاهد لأجل التّخلص من محذور النّبش، تخلّص حسن إذا صدق عليه

الدّفن و لم يصدق على إخراجه النّبش، مثل أن يوضع في تابوت بنحو ما يوضع شرعا في القبر، ثم يدفن ذلك التابوت، ثم يخرج التابوت للنقل، و لا يخرج الميّت من التابوت. نعم إيداع الميّت فوق الأرض و البناء عليه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 89

أو في الحائط من دون مواراة في الأرض، غير جائز، و إذا فعلوا ذلك جهلا أو عصيانا، يجب إخراجه و دفنه بنحو شرعي.

(مسألة 435) يجوز البكاء على الميّت، بل قد يستحبّ عند اشتداد الحزن و الوجد، و لكن لا يقول ما يسخط الرّب، و كذا يجوز النّوح عليه بالنّظم و النّثر إذا لم يشتمل على الباطل من الكذب و سائر المحرّمات، بل و لم يشتمل على الويل و الثّبور على الأحوط.

(مسألة 436) لا يجوز اللّطم و الخدش و جزّ الشعر و نتفه على الميّت، بل و الصّراخ الخارج عن حدّ الاعتدال على الأحوط إن لم يكن أقوى، و كذا لا يجوز شقّ الثّوب و لو كان الميّت ولده أو زوجته، إلا على الأب و الأخ و الأم و الزّوج، بل و بعض الأقارب الآخرين، و الاقتصار على الأب و الأخ موافق للاحتياط.

(مسألة 437) في جزّ المرأة شعرها في المصيبة كفّارة شهر رمضان، و في نتف الشعر و خدش المرأة وجهها في المصاب، و في شقّ الرجل ثوبه في موت زوجته أو ولده، كفّارة اليمين. و هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة. و إن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

(مسألة 438) يحرم نبش قبر المسلم و من بحكمه إلا مع العلم باندراسه و صيرورته رميما و ترابا. نعم لا يجوز نبش قبور الأنبياء و الأئمة عليهم السلام و

إن طالت المدّة، بل و كذا قبور أولاد الأئمة و الصلحاء و الشهداء المتّخذة مزارا و ملاذا. و المراد بالنبش كشف جسد الميّت المدفون بعد ما كان مستورا بالدّفن، فلو حفر القبر و أخرج ترابه من دون أن يظهر جسد الميّت لم يكن من النّبش المحرّم، و كذا إذا كان الميّت موضوعا على وجه الأرض و بني عليه بناء فأخرج منه.

(مسألة 439) يجوز بل قد يجب النبش في موارد: منها: إذا دفن في مكان مغصوب عينا أو منفعة، عدوانا أو جهلا أو نسيانا، و لا يجب على المالك الرّضا ببقائه مجّانا أو بعوض، و إن كان الأولى بل الأحوط إبقاؤه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 90

و لو بعوض، خصوصا إذا كان وارثا أو رحما، أو دفن فيه اشتباها.

(مسألة 440) إذا أذن المالك في دفن ميّت في ملكه و أباحه له، ليس له أن يرجع عن إذنه و إباحته، نعم إذا خرج الميّت بسبب من الأسباب لا يجب عليه الرّضا و الإذن بدفنه ثانيا في ذلك المكان، بل له الرّجوع عن إذنه.

(مسألة 441) و منها: إذا دفن بكفن مغصوب، أو مال آخر مغصوب، فيجوز بل يجب النّبش لأخذ ما يجب ردّه. نعم لو كان معه شي ء من أمواله من خاتم و نحوه فدفن معه، ففي جواز نبش الورثة إياه لأخذه تأمل و إشكال، خصوصا إذا لم يجحف بهم.

(مسألة 442) و منها: النّبش لتدارك الغسل أو الكفن أو الحنوط، إذا دفن بدونها مع التمكّن منها، بل يجب نبشه لذلك، إلا إذا استلزم هتك حرمته لفساد جسده، فيحرم حينئذ. أما لو دفن لعذر، كما إذا لم يوجد الماء أو الكفن أو الكافور ثم وجد بعد الدّفن، ففي

جواز النّبش لتدارك الفائت تأمل و إشكال، و لا سيّما إذا لم يوجد الماء فيمّم بدلا عن الغسل و دفن، ثم وجد الماء. بل عدم جواز النّبش لتدارك الغسل حينئذ هو الأقوى. و أما إذا دفن بلا صلاة فلا ينبش لأجلها، بل يصلى على قبره كما تقدّم.

(مسألة 443) و منها: لنقله الى المشاهد المشرفة، و الظاهر جواز النبش لهذا الغرض سواء أوصى به الميت، أم لم يوص.

(مسألة 444) و منها: إذا توقف إثبات حقّ من الحقوق على مشاهدة جسده.

(مسألة 445) و منها: إذا دفن في مكان يوجب هتكه، كما إذا دفن في بالوعة أو مزبلة، و كذا إذا دفن في مقبرة الكفّار، في وجه لا يخلو من قوّة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 91

(مسألة 446) و منها: إذا خيف عليه من سبع أو سيل أو عدوّ، و نحو ذلك.

(مسألة 447) يجوز محو آثار القبور التي علم اندراس أمواتها، سيّما إذا كانت في مقبرة مسبّلة للمسلمين مع حاجتهم إليها، عدا ما تقدّم من قبور الشّهداء و الصّلحاء و العلماء و أولاد الأئمة عليهم السلام، المتّخذة مزارا.

(مسألة 448) إذا أخرج الميّت من قبره في مكان مباح عصيانا، أو بنحو مباح، أو خرج بسبب من الأسباب، لا يجب دفنه ثانيا في ذلك المكان، بل يجوز أن يدفن في مكان آخر.

(مسألة 449) من المستحبّات الأكيدة تعزية أهل المصيبة و تسليتهم و تخفيف حزنهم، بذكر ما يناسب المقام من مصائب الدّنيا و سرعة زوالها، و أنّ كلّ نفس فانية و الآجال متقاربة، و ذكر ما ورد فيما أعدّ اللّه تعالى للمصاب من الأجر، و لا سيّما في مصاب الولد و أنه شافع مشفّع لأبويه، حتى أن السّقط يقف وقفة الغضبان

على باب الجنّة فيقول (لا أدخل حتّى يدخل أبواي، فيدخلهما الله الجنّة) إلى غير ذلك.

(مسألة 450) تجوز التّعزية قبل الدّفن و بعده، و إن كان الأفضل بعده، و أجرها عظيم، و لا سيّما تعزية الثّكلى و اليتيم، فمن عزّى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المصاب شي ء، و ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه اللّه من حلل الكرامة. و كان فيما ناجى به موسى ربّه أنه قال: (يا ربّ ما لمن عزّى الثّكلى؟ قال: أظلّه في ظلّي يوم لا ظلّ إلّا ظلّي. و من سكّت يتيما عن البكاء وجبت له الجنّة، و ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم إلا و يكتب اللّه عزّ و جلّ له بعدد كلّ شعرة مرّت عليها يده حسنة). إلى غير ذلك مما ورد في الأخبار.

(مسألة 451) يكفي في تحقّق التعزية مجرّد الحضور عند المصاب لأجلها، بحيث يراه، فإنّ له دخلا في تسلية الخاطر و تسكين لوعة الحزن.

(مسألة 452) يجوز جلوس أهل الميّت للتعزية، و لا كراهة فيه على

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 92

الأقوى. نعم الأولى أن لا يزيد على ثلاثة أيّام.

(مسألة 453) يستحبّ إرسال الطّعام إلى أهل الميت، إلى ثلاثة أيام، و لو كان مدّة جلوسهم للتعزية أقل.

صلاة ليلة الدفن

(مسألة 454) يستحبّ ليلة الدّفن صلاة الهديّة للميّت، و هي المشتهرة في الألسن بصلاة الوحشة، ففي الخبر النّبوي (لا يأتي على الميّت ساعة أشدّ من أوّل ليلة، فارحموا موتاكم بالصّدقة، فإن لم تجدوا فليصلّ أحدكم ركعتين).

(مسألة 455) كيفيّة صلاة الوحشة على ما في الخبر المذكور: أن يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب مرة، و التوحيد مرّتين، و في الثّانية بفاتحة الكتاب مرّة،

و التّكاثر عشر مرّات، و بعد السّلام يقول (اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و ابعث ثوابها إلى قبر فلان ابن فلان) فيبعث اللّه من ساعته ألف ملك إلى قبره مع كلّ ملك ثوب و حلّة، و يوسّع في قبره من الضيق إلى يوم ينفخ في الصّور، و يعطى المصلّي بعدد ما طلعت عليه الشّمس حسنات، و ترفع له أربعون درجة. و على رواية أخرى: يقرأ في الرّكعة الأولى الحمد و آية الكرسي مرّة، و في الثّانية الحمد مرّة، و القدر عشر مرّات، و يقول بعد الصلاة (اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و ابعث ثوابها إلى قبر فلان) و إن أتى بالكيفيّتين كان أولى، و تكفي صلاة واحدة عن شخص واحد. و ما تعارف من عدد الأربعين أو الواحد و الأربعين غير وارد. نعم لا بأس به إذا لم يكن بقصد الورود في الشّرع، و الأحوط قراءة آية الكرسي إلى (هم فيها خالدون). و الظاهر أن وقتها تمام اللّيل، و إن كان الأولى إيقاعها في أوّله. و الأقوى عدم جواز الاستيجار و أخذ الأجرة عليها.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 93

الأغسال المندوبة

(مسألة 456) الأغسال المندوبة أقسام: زمانيّة، و مكانيّة، و فعليّة. أما الزمانيّة فكثيرة، منها: غسل الجمعة، و هو من المستحبّات المؤكدة حتى قال بعض بوجوبه، و لكن الأقوى استحبابه. و وقته من طلوع الفجر الثاني إلى الزوال، و بعده إلى آخر يوم السّبت قضاء، و لكن الأحوط بعد الزّوال إلى الغروب من يوم الجمعة أن ينوي القربة من غير أداء و لا قضاء أما في ليلة السبت فالأحوط أن ينويه رجاء، و الأولى بل الأحوط منه ترك الغسل في اللّيل، بل

يقضيه في النّهار. و يجوز تقديمه يوم الخميس إذا خاف إعواز الماء يوم الجمعة، فإن تمكّن منه يومها قبل الزّوال يستحبّ إعادته، و بعده يأتي به رجاء، و لو دار الأمر بين التّقديم و القضاء فالأول أولى. و يشكل إلحاق ليلة الجمعة بيوم الخميس، و الأحوط الإتيان به فيها رجاء، كما أنّ الأحوط تقديمه يوم الخميس رجاء إذا كان فوته يوم الجمعة لا لإعواز الماء بل لأمر آخر. و منها: أغسال ليالي شهر رمضان، و هي ليالي الإفراد: الأولى و الثّالثة و الخامسة و هكذا، و تمام ليالي العشر الأخيرة. و الآكد منها: ليالي القدر، و ليلة النّصف، و ليلة سبع عشرة، و خمس و عشرين، و سبع و عشرين. و تسع و عشرين منه. و يستحبّ في ليلة الثالث و العشرين غسل ثان. و وقت الغسل فيها تمام اللّيل، و إن كان الأولى الإتيان به مقارنا للغروب. نعم لا يبعد في العشر الأخيرة رجحان الإتيان به بين المغرب و العشاء تأسيا بالنّبي صلّى اللّه عليه و آله على ما روي. و الغسل الثاني في اللّيلة الثالثة و العشرين آخرها. و منها: غسل يومي العيدين الفطر و الأضحى، و الغسل في هذين اليومين من السّنن الأكيدة، و وقته بعد الفجر إلى الزوال، و الأحوط الإتيان به بعد الزوال رجاء. و منها: غسل يوم التّروية الثامن من ذي الحجة. و منها: غسل يوم عرفة، و الأولى إيقاعه عند الزوال. و منها: غسل أيام من رجب، أوّله

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 94

و وسطه و آخره. و منها: غسل يوم الغدير، و الأولى أن يكون قبل الزوال بنصف ساعة. و منها: غسل يوم المباهلة، و هو

الرّابع و العشرون من ذي الحجّة. و منها: غسل يوم دحو الأرض، و هو الخامس و العشرون من ذي القعدة. و منها: غسل يوم المبعث، و هو السابع و العشرون من رجب.

و منها: غسل ليلة النّصف من شعبان. و منها: غسل يوم المولود، و هو السابع عشر من ربيع الأول. و منها: غسل يوم النيروز. و منها: غسل يوم التّاسع من ربيع الأول.

(مسألة 457) لا تقضى هذه الأغسال بفوات وقتها، كما أنها لا تتقدّم على أوقاتها مع خوف فوتها فيها.

(مسألة 458) أما الأغسال المكانيّة فهي ما يستحبّ للدّخول في بعض الأمكنة الخاصة، مثل حرم مكة و بلدها و مسجدها و الكعبة الشريفة، و حرم المدينة و بلدها و مسجدها، و جميع المشاهد المشرّفة.

(مسألة 459) الأغسال الفعليّة قسمان أحدهما: ما يكون لأجل الفعل الذي يريد إيقاعه أو الأمر الذي يريد وقوعه، كغسل الإحرام و الطّواف و الزّيارة، و الغسل للوقوف بعرفات، و المشعر، و للذبح و النّحر، و الحلق، و لرؤية أحد الأئمة في المنام كما روي عن الكاظم عليه السلام (إذا أراد ذلك يغتسل ثلاث ليال و يناجيهم فيراهم في المنام) و لصلاة الحاجة، و للاستخارة، و لعمل الاستفتاح المعروف بعمل أمّ داود، و لأخذ التّربة الشّريفة من محلّها، أو لإرادة السّفر، خصوصا لزيارة الحسين عليه السلام، و لصلاة الاستسقاء، و للتّوبة من الكفر بل من كلّ معصية. و للتّظلّم و الشكوى إلى اللّه تعالى من ظلم ظالم، فإنه يغتسل و يصلّي ركعتين في موضع لا يحجبه شي ء عن السماء ثم يقول (اللّهمّ إنّ فلانا ابن فلان ظلمني و ليس لي أحد أصول به عليه غيرك، فاستوف لي ظلامتي السّاعة السّاعة، بالاسم الذي إذا سألك

به المضطرّ أجبته فكشفت ما به من ضرّ و مكّنت له في الأرض، و جعلته خليفتك على خلقك.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 95

فأسألك أن تصلّي على محمّد و آل محمّد و أن تستوفي ظلامتي السّاعة السّاعة) فسترى ما تحبّ. و للخوف من الظالم فإنّه يغتسل و يصلّي ثم يكشف ركبتيه و يجعلهما قريبا من مصلّاه و يقول مائة مرة (يا حيّ يا قيّوم يا لا إله إلّا أنت، برحمتك أستغيث، فصلّ على محمّد و آل محمّد، و أن تلطف لي، و أن تغلب لي، و أن تمكر لي، و أن تخدع لي، و أن تكيد لي، و أن تكفيني مؤنة فلان بن فلان بلا مؤنة). ثانيهما: ما يكون لأجل الفعل الذي فعله، فمنها لقتل الوزغ. و منها لرؤية المصلوب إذا سعى إلى رؤيته متعمّدا. و منها للتفريط في أداء صلاة الكسوفين مع احتراق القرص، فإنه يستحب أن يغتسل عند قضائها، بل لا ينبغي ترك الاحتياط فيه.

و منها لمسّ الميت بعد تغسيله.

(مسألة 460) وقت الأغسال المكانيّة قبل الدّخول في تلك الأمكنة بحيث يقع الدّخول فيها بعده من دون فصل كثير، و إن تركه فبعد الدخول إذا أراد البقاء، و يكفي الغسل في أول النّهار أو الليل و الدخول في آخر كل منهما، بل كفاية غسل النّهار للّيل و بالعكس لا يخلو من قوّة، و كذا الحال في القسم الأول من الأغسال الفعليّة مما استحب لإيجاد عمل بعد الغسل كالإحرام و الزيارة و نحوهما، فوقته قبل ذلك الفعل، و لا يضر الفصل بينهما بالمقدار المذكور. و أمّا القسم الثّاني من الأغسال الفعليّة فوقتها عند تحقّق السّبب، و يمتدّ إلى آخر العمر، و إن استحب المبادرة إليها.

(مسألة

461) لا تنتقض الأغسال الزمانيّة و القسم الثاني من الفعليّة بشي ء من الأحداث بعدها. و أما المكانيّة و القسم الأول من الفعليّة، فالظّاهر انتقاضها بالحدث الأصغر فضلا عن الأكبر، فإذا أحدث بينها و بين الدّخول في تلك الأمكنة أو بينها و بين تلك الأفعال أعاد الغسل.

(مسألة 462) إذا كان عليه أغسال متعدّدة زمانيّة أو مكانيّة أو فعليّة أو مختلفة، يكفي غسل واحد عن الجميع إذا نواها.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 96

(مسألة 463) في قيام التّيمّم عند التعذّر مقام تلك الأغسال تأمّل و إشكال، فالأحوط الإتيان به رجاء.

التّيمّم

مسوّغات التّيمّم

(مسألة 464) مسوّغات التيمّم أمور: منها: عدم وجدان ما يكفيه من الماء لطهارته، غسلا كانت أو وضوء، و يجب الفحص عنه إلى اليأس، و في البريّة يكفي الطّلب غلوة سهم في الحزنة و غلوة سهمين في السّهلة في الجوانب الأربعة، مع احتمال وجوده في الجميع. و يسقط من الجانب الذي يعلم بعدمه فيه، كما أنه يسقط في الجميع إذا قطع بعدمه فيها، و كذا يسقط لو احتمل وجوده فوق المقدار الواجب. نعم لو علم أو اطمأنّ بوجوده فوق المقدار وجب تحصيله إذا بقي الوقت و لم يتعسّر.

(مسألة 465) الظاهر عدم وجوب المباشرة في الطّلب، بل يكفي الاستنابة، و كذا كفاية نائب واحد عن جماعة، و يكفي فيه الأمانة و الوثاقة، و لا يعتبر فيه العدالة.

(مسألة 466) إذا كانت الأرض في بعض الجوانب حزنة و في بعضها سهلة، يكون لكل جانب حكمه من الغلوة أو الغلوتين.

(مسألة 467) المناط في السّهم و الرّمي و القوس و الهواء و الرّامي، هو المتعارف المعتدل.

(مسألة 468) إذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت تيّمم و صلّى و صحّت صلاته و إن أثم بالترك،

و الأحوط القضاء خصوصا فيما لو طلب لعثر به، و أما مع السّعة فتبطل صلاته و تيمّمه و إن صادف عدم الماء في الواقع.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 97

نعم مع المصادفة لو تحقّقت منه نية القربة لا يبعد الصحّة.

(مسألة 469) إذا طلب بالمقدار اللازم فتيمّم و صلى، ثم ظفر بالماء في محل الطلب أو في رحله أو قافلته، صحّت صلاته، و لا يجب عليه القضاء أو الإعادة.

(مسألة 470) يسقط وجوب الطلب مع الخوف على نفسه أو عرضه أو ماله المعتدّ به، من سبع أو لصّ أو غير ذلك، و كذا إذا كان فيه حرج و مشقّة لا تتحمّل، أو ضاق عنه الوقت.

(مسألة 471) إذا اعتقد الضّيق فتركه و تيمّم و صلى، ثمّ تبيّن السّعة، فإن كان في المكان الذي صلى فيه فليجدّد الطّلب، فإن لم يجد الماء تجزي صلاته، و إن وجده أعادها. و إن انتقل إلى مكان آخر فإن علم بأنه لو طلبه لوجده يعيد الصّلاة، حتى لو كان غير قادر على الطّلب و كان تكليفه التيمّم. أما لو علم بأنه لو طلبه لما ظفر به فتصحّ صلاته و لا يعيدها. و مع اشتباه الحال، ففيه إشكال فلا يترك الاحتياط بالإعادة أو القضاء.

(مسألة 472) الظاهر عدم اعتبار كون الطّلب في وقت الصّلاة، فلو طلب قبل الوقت و لم يجد الماء، لا يحتاج إلى تجديده بعده. و كذا إذا طلب في الوقت لصلاة فلم يجد، يكفي لغيرها من الصلوات. نعم يجب تجديده لو احتمل تجدّد الماء احتمالا عقلائيّا.

(مسألة 473) إذا لم يكن عنده إلا ماء واحد يكفي للطّهارة، لا يجوز إراقته بعد دخول الوقت، بل و لو كان على وضوء و لم يكن عنده

ماء لا يجوز له إبطال وضوئه ما أمكنه، و لو عصى فأراق الماء أو أبطل الوضوء، يصحّ تيمّمه و صلاته، و إن كان الأحوط قضاؤها. و كذا الحكم قبل الوقت على الأحوط.

(مسألة 474) إذا تمكّن من حفر بئر بلا حرج، وجب حفره على الأحوط.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 98

(مسألة 475) و من مسوغات التيمم الخوف من الوصول إلى الماء، من لصّ أو سبع، أو من الضّياع، أو نحو ذلك مما يحصل معه خوف الضّرر على النفس، أو العرض، أو المال المعتدّ به.

(مسألة 476) و منها: خوف الضّرر المانع من استعماله لمرض، أو رمد أو ورم، أو جرح، أو قرح، أو نحو ذلك مما يتضّرر معه باستعمال الماء على وجه لا يلحق بالجبيرة و ما في حكمها. و لا فرق بين الخوف من حصول المرض، أو الخوف من زيادته، أو بطئه، أو شدّة الألم باستعماله على وجه لا يتحمّل عادة بسبب البرد أو غيره.

(مسألة 477) و منها: الخوف باستعماله من العطش على حيوان محترم.

(مسألة 478) و منها: الحرج و المشقّة الشّديدة التي لا تتحمّل عادة في تحصيل الماء أو استعماله، و إن لم يكن ضرر و لا خوف، و من ذلك حصول المنّة الّتي لا تتحمّل عادة باستيهابه، و الذل و الهوان بالاكتساب لشرائه.

(مسألة 479) و منها: توقف حصوله على دفع جميع ما عنده، أو دفع ما يضرّ بحاله، بخلاف غير المضرّ فإنه يجب و إن كان أضعاف ثمن المثل.

(مسألة 480) و منها: ضيق الوقت عن تحصيله أو عن استعماله.

(مسألة 481) و منها: وجوب استعمال الموجود من الماء في غسل نجاسة و نحوه، ممّا لا يقوم غير الماء مقامه، فإنه يتعيّن التيمّم حينئذ، لكن الأحوط

صرف الماء في غسلها أوّلا، ثمّ التيمّم.

(مسألة 482) لا فرق في العطش الذي يسوغ معه التيمم بين المؤدي إلى الهلاك، أو المرض، أو المشقّة الشّديدة التي لا تتحمّل و إن أمن من ضرره، كما لا فرق فيما يؤدي إلى الهلاك بين الخوف منه على نفسه أو على غيره آدميّا كان أو غيره، مملوكا كان أو غيره، مما يجب حفظه عن الهلاك، بل لا يبعد التعدّي إلى من لا يجوز قتله و إن لم يجب حفظه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 99

كالذمّي. نعم الظاهر عدم التعدّي إلى ما يجوز قتله بأيّ حيلة كالمؤذيات من الحيوانات، و مهدور الدّم كالحربي و المرتدّ عن فطرة و نحوهما.

(مسألة 483) إذا أمكن رفع عطشه بما يحرم تناوله كالنّجس و كان عنده ماء طاهر، يجب عليه حفظه لعطشه و يتيمّم لصلاته، لأن وجود المحرّم كالعدم.

(مسألة 484) إذا كان متمكّنا من الصّلاة بالطّهارة المائية فأخّرها حتى ضاق الوقت عن الوضوء و الغسل، تيمّم و صلى و صحّت صلاته و إن أثم بالتّأخير، و الأحوط احتياطا شديدا قضاؤها أيضا.

(مسألة 485) إذا شكّ في مقدار ما بقي من الوقت بين ضيقه حتى يتيمّم أو سعته حتى يتوضأ أو يغتسل، بنى على السّعة و توضّأ أو اغتسل، لاستصحاب الوقت. بخلاف ما لو علم مقدار الوقت و شكّ في كفايته للطّهارة المائيّة، فإنه ينتقل إلى التيمم، حيث لا مجال للاستصحاب.

(مسألة 486) إذا دار الأمر بين إيقاع تمام الصّلاة في الوقت مع التيمّم و إيقاع ركعة منها مع الوضوء، قدّم الأوّل على الأقوى.

(مسألة 487) لا يستباح بالتيمّم لأجل ضيق الوقت مع وجود الماء إلا الصّلاة التي ضاق وقتها، فلا ينفع لصلاة أخرى و لو صار فاقدا

للماء حينها. نعم لو فقد الماء في أثناء الصلاة الأولى لا يبعد كفايته لصلاة أخرى. كما أنه يستباح به غير تلك الصّلاة من الغايات إذا أتى بها حال الصّلاة، فيجوز له مسّ كتابة القرآن حالها.

(مسألة 488) لا فرق في الانتقال إلى التيمّم بين عدم وجود الماء أصلا و بين وجود ما لا يكفيه لتمام الأعضاء، لأن الوضوء و الغسل لا يتبعّضان، و لو تمكّن من مزج الماء الّذي لا يكفيه لطهارته بما لا يخرجه عن الإطلاق ليكون كافيا، فالأحوط ذلك.

(مسألة 489) إذا خالف من كان فرضه التيمّم فتوضّأ أو اغتسل،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 100

فطهارته باطلة، إلا أن يأتي بها في ضيق الوقت، لا للصلاة بل لأجل الكون على طهارة أو غيره من الغايات. و كذا تصحّ لو خالف و دفع المضرّ بحاله ثمن الماء، أو تحمّل المنّة و الهوان أو المخاطرة في تحصيله و نحو ذلك، مما كان الممنوع منه مقدّمات الطهارة لا هي نفسها.

و لو تحمّل ألم البرد أو مشقّة العطش فلم يتضرّر، فالأحوط التيمّم و عدم الاكتفاء بوضوئه أو غسله، كما أن الأحوط عدم الإقدام على ذلك.

(مسألة 490) يجوز التّيمّم لصلاة الجنازة و للنّوم مع التمكّن من الماء، إلا أنه ينبغي الاقتصار في الأخير على ما كان من الحدث الأصغر، بخلاف الأوّل فإنه يجوز مع الحدث الأكبر أيضا.

ما يتيمم به

(مسألة 491) يعتبر فيما يتيمّم به أن يكون صعيدا، و هو مطلق وجه الأرض، من غير فرق بين التّراب و الرّمل و الحجر و المدر و الحصى، و أرض الجصّ و النّورة قبل الإحراق، و تراب القبر، و المستعمل في التيمّم، و ذي اللّون، و غيرها مما يندرج تحت اسمها، و إن لم

يعلق منه في اليد شي ء، لكن الأحوط التّراب.

(مسألة 492) لا يصحّ التّيمم بما لا يندرج تحت اسم الأرض و إن كان منها، كالنّبات و الذّهب و الفضّة و غيرهما من المعادن الخارجة عن اسمها و كذا الرّماد و إن كان منها.

(مسألة 493) إذا شكّ في كون شي ء ترابا، أو غيره مما لا يتيمّم به، فإن علم بكونه ترابا في السابق و شكّ في استحالته إلى غيره، يجوز التيمّم به و إن لم يعلم حالته السابقة و لم يتمكن من غيره مما هو في المرتبة الأولى، يجمع بين التّيمّم به و التّيمّم بالمرتبة اللاحقة من الغبار و الطين إن وجدا،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 101

و إلا، يحتاط بالجمع بين التيمّم به و الصّلاة في الوقت، ثمّ القضاء خارجه.

(مسألة 494) لا يجوز التيمّم بالخزف و الجصّ و النّورة بعد الإحراق مع التّمكّن من التّراب و نحوه، و أما مع عدم التّمكّن، فالأحوط الجمع بين التيمّم بأحدها و بين الغبار أو الطّين.

(مسألة 495) لا يصحّ التيمّم بالتراب و نحوه إذا كان متنجسا، و إن كان جاهلا بنجاسته أو ناسيا، و لا بالمغصوب. أما إذا أكره على المكث فيه كالمحبوس، أو كان جاهلا بالحكم مقصّرا، ففيه إشكال، فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بتلك الصّلاة و الجمع بينها و بين الإعادة أو القضاء.

(مسألة 496) لا يصحّ التّيمم بالممتزج بغيره مزجا يخرجه عن إطلاق اسم التّراب، فلا بأس بالخليط المستهلك، كما لا بأس بالخليط المتميّز الذي لا يمنع شيئا يعتدّ به من باطن الكفّ من مماسّة التّراب.

(مسألة 497) حكم المشتبه هنا بالمغصوب و الممتزج حكم الماء بالنسبة إلى الوضوء و الغسل، أما المشتبه بالنّجس مع الانحصار، فإنه يتيمّم بهما. و

لو كان عنده ماء و تراب و علم بنجاسة أحدهما، يجب عليه مع الانحصار الجمع بين التيمم و الوضوء أو الغسل مقدّما التيمم عليهما، و يجب عليه إزالة التّراب عن موضع التيمم بعده، و تجفيف الماء عن مواضع الغسل و الوضوء بعده، و إن كان جواز الاكتفاء بالغسل أو الوضوء لا يخلو من وجه.

(مسألة 498) يشترط إباحة مكان التّيمّم دون مكان الشخص المتيمّم، إلا إذا انحصر مكان المتيمّم به. و ذلك كما تقدم في الوضوء أو الغسل.

(مسألة 499) يجوز للمحبوس في مكان مغصوب أن يتيمّم فيه، أمّا التيمّم به فقد تقدّم أنه لا يترك فيه الاحتياط. و أمّا التوضّؤ فيه فإن كان بماء مباح فهو كالتيمّم فيه لا بأس به، خصوصا إذا تحفّظ من وقوع قطرات الوضوء على أرض المحبس و كان فضاء الوضوء مباحا. و أما بالماء الذي في المحبس، فلا يجوز التوضّؤ به ما لم يحرز رضا صاحبه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 102

فإن لم يرض يكون كفاقد الماء يتعيّن عليه التيمّم.

(مسألة 500) إذا فقد الصّعيد تيمّم بغبار ثوبه، أو لبد سرجه، أو عرف دابّته، مما يكون على ظاهره غبار الأرض، ضاربا عليه، و لا يكفي الضّرب على ما في باطنه الغبار دون ظاهره و إن ثار منه بالضّرب. نعم إذا تمكّن من نفضه و جمعه ثمّ التيمّم به وجب، و من فقد ذلك تيمّم بالوحل و إذا تمكّن من تجفيفه ثمّ التيمّم به وجب، و ليس منه الأرض النديّة و التّراب النديّ، بل هما من المرتبة الأولى. و إذا تيمّم بالوحل فلصق بيده، يجب إزالته عنها ثم المسح بها، و الأقوى عدم جواز إزالته بالغسل.

(مسألة 501) لا يصحّ التيمّم بالثّلج، فمن

لم يجد غيره و لم يتمكّن من تحقيق مسمى الغسل به، كان فاقد الطهورين، و الأحوط له المسح بالثّلج على أعضاء وضوئه و التيمّم به و الصّلاة، ثمّ القضاء.

(مسألة 502) يكره التيمّم بالرّمل و كذا بالأرض السّبخة، بل لا يجوز بما خرج منها عن اسم الأرض. و يستحبّ نفض اليدين بعد الضّرب، و أن يكون ما يتيمّم به من ربى الأرض و عواليها، بل يكره أن يكون من مهابطها.

كيفيّة التّيمّم

(مسألة 503) كيفيّة التيمّم مع الاختيار: أن يضرب الأرض بباطن الكفّين معا دفعة، ثم مسح الجبهة و الجبينين بهما معا مستوعبا لهما من قصاص الشّعر إلى طرف الأنف الأعلى و إلى الحاجبين. و الأحوط المسح عليهما بحيث يكون المسح بمجموع الكفّين على المجموع، فلا يكفي المسح ببعض كلّ من اليدين، و لا مسح بعض الجبهة و الجبينين على الأحوط.

نعم يجزي التّوزيع فلا يجب المسح بكلّ من اليدين على تمام أجزاء الممسوح. و بعد الضرب يمسح تمام ظاهر الكفّ اليمنى من الزّند إلى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 103

أطراف الأصابع بتمام باطن الكفّ اليسرى على الأحوط، ثم تمام ظاهر الكفّ اليسرى بتمام باطن الكفّ اليمنى. و ليس ما بين الأصابع من الظاهر، إذا المراد ما يماسّه ظاهر بشرة الماسح، بل لا يعتبر التّدقيق و التّدقيق و التّعميق فيه.

(مسألة 504) الأحوط عدم الاكتفاء بالوضع بدون مسمى الضّرب، و لا بالضّرب بأحدهما، و لا بهما على التّعاقب، و لا بالضّرب بظاهرهما، و لا ببعض الباطن بحيث لا يصدق عليه الضّرب بتمام الكفّ عرفا، و كذا المسح بأحدهما، أو بهما على التّعاقب، أو على وجه لا يصدق المسح بتمامهما.

(مسألة 505) إذا تعذّر الضّرب و المسح بالباطن انتقل إلى الظاهر،

و لا ينتقل إليه لو كان الباطن متنجّسا بغير المتعدّي و تعذّرت الإزالة، بل يضرب بهما و يمسح.

(مسألة 506) إذا كانت النجاسة حائلة مستوعبة باطن الكفّين و لم يمكن التّطهير و الإزالة، فالأحوط الجمع بين الضرب بالباطن و بالظاهر. نعم إذا كانت النّجاسة تتعدّى منه إلى الصّعيد و لم يمكن الإزالة و لا التّجفيف، ينتقل إلى الظاهر حينئذ، و لو كانت النّجاسة على الأعضاء الممسوحة و تعذّر التّطهير و الإزالة، مسح عليها.

ما يعتبر في التّيمّم

(مسألة 507) يعتبر النّية في التّيمّم قاصدا به البدليّة عن الوضوء أو الغسل، مقارنا بها الضّرب الذي هو أوّل أفعاله. و يعتبر فيه المباشرة، و التّرتيب، و الموالاة بمعنى عدم الفصل المنافي لهيئته و صورته، و المسح من الأعلى إلى الأسفل في الجبهة و اليدين، بحيث يصدق ذلك عليه عرفا، و طهارة الماسح و الممسوح، و رفع الحاجب عنهما حتى مثل الخاتم. و ليس الشّعر النّابت على المحلّ من الحاجب، فيمسح

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 104

عليه، نعم يجب رفع المتدلّي من شعر الرّأس على الجبهة إذا كان خارجا عن المتعارف. هذا كلّه مع الاختيار، أما مع الاضطرار فيسقط المعسور، و يثبت الميسور.

(مسألة 508) يكفي ضربة واحدة للوجه و اليدين في بدل الوضوء و الغسل، و إن كان الأفضل ضربتين، مخيّرا بين إيقاعهما متعاقبتين قبل مسح الوجه أو موزّعتين على الوجه و اليدين، و الأولى مسح الجبهة و اليدين بعد الأولى، و اليدين بعد الثانية، و أفضل من الضّربتين ثلاث ضربات اثنتان متعاقبتان قبل مسح الوجه، و واحدة قبل مسح اليدين.

و مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط بالضربتين، خصوصا في بدل الغسل.

(مسألة 509) العاجز ييمّمه غيره، لكن يضرب الأرض بيد العاجز ثم

يمسح بها. نعم إذا عجز عن الضّرب و الوضع يضرب المتولّي بيده و يمسح بهما، و لو توقّف ذلك على أجرة وجب بذلها و إن كانت أضعاف أجرة المثل، ما لم تضرّ بحاله.

(مسألة 510) من قطعت إحدى يديه تيمّم باليد الموجودة و مسح بها جبهته، ثم مسح بظهرها الأرض. و الأحوط الجمع بينه و بين تيميم الغير إياه إن أمكن إن لم يكن له ذراع، و إلا يتيمّم به أيضا. و من قطعت يداه يمسح بجبهته على الأرض، و الأحوط تولي الغير تيميمه أيضا إن أمكن، بأن يضرب يديه على الأرض و يمسح بهما جبهته.

(مسألة 511) يجب إمرار الماسح على الممسوح، فلا يكفي جرّ الممسوح تحت الماسح، نعم لا تضرّ الحركة اليسيرة في الممسوح إذا صدق كونه ممسوحا.

أحكام التيمم

(مسألة 512) لا يصحّ التيمّم للفريضة قبل دخول وقتها، و الأحوط

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 105

احتياطا لا يترك لمن يعلم عدم تمكّنه منه في الوقت فعله قبله لشي ء من غاياته، و عدم نقضه إلى وقت الصلاة. و أمّا بعد دخول الوقت فيصح و إن لم يتضيّق، سواء كان يرجو ارتفاع العذر في آخره أم لا. نعم مع العلم بالارتفاع يجب الانتظار، و الأحوط مراعاة الضّيق مطلقا.

(مسألة 513) لا يعيد ما صلّاه بتيمّم صحيح بعد ارتفاع العذر، و لا يقضيه أيضا.

(مسألة 514) إذا تيمّم لغاية من الغايات كان بحكم المتطهر ما دام عذره باقيا و لم ينتقض تيمّمه، فيجوز له فعل جميع ما يشترط فيه الطهارة مثل مس كتابة القرآن و دخول المسجد و غيره، إلا إذا كان عذره ضيق الوقت، فقد مرّ أنه بحكم المتطهّر إلى أن تتم صلاته.

(مسألة 515) يشكل قيام التيمّم مقام الوضوء

أو الغسل اللّذين لا تحصل منها الطهارة، كالوضوء التجديدي و الأغسال الزمانيّة و المكانيّة، فالأحوط الإتيان به برجاء المطلوبية.

(مسألة 516) إذا تيمّم لصلاة حضر وقتها و لم ينتقض تيمّمه و لم يرتفع العذر حتى دخل وقت صلاة أخرى، جاز له صلاتها في أوّل وقتها، إلا مع العلم بارتفاع العذر في آخره، فيجب على الأحوط تأخيرها. بل يباح له بالتيمّم لغاية غيرها من الغايات، فهو كالمتطهّر ما دام عذره و لم ينتقض تيمّمه.

(مسألة 517) في قيام التيمّم مقام الوضوء و الغسل في كل مشروط بالطهارة غير الصلاة و ما ذكر، إشكال، فالأحوط الإتيان به برجاء المطلوبية.

(مسألة 518) يكفي للمجنب تيمّم واحد و أما غيره من المحدث بالأكبر فيتيمّم تيمّمين أحدهما عن الغسل و الآخر عن الوضوء، و لو وجد ماء يكفي لأحدهما خاصة، صرفه فيه و تيمّم عن الآخر، و لو وجد ماء يكفي أحدهما و أمكن صرفه في كلّ منهما، قدّم الغسل و تيمّم عن الوضوء.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 106

(مسألة 519) إذا اجتمعت أسباب مختلفة للحدث الأكبر، كفاه تيمّم واحد عن الجميع، إذا نواه عن الجميع، و إذا نواه بدل غسل الجنابة خاصة، فيكفيه عن الوضوء، و لا يبعد سقوط الجميع و إن لم ينوها.

(مسألة 520) ينتقض التيمّم بدل الوضوء بالحدث الأصغر فضلا عن الأكبر، كما ينتقض بدل الغسل بما يوجب الغسل، و الأقوى عدم انتقاضه بما ينقض الوضوء حتّى لو كان بدل غسل جنابة، فالجنب إذا أحدث بعد تيمّمه يكون كالمغتسل المحدث بعد أن اغتسل، و الحائض إذا أحدثت بعد تيمّمها، تكون كما لو أحدثت بعد أن توضّأت و اغتسلت.

(مسألة 521) إذا وجد الماء أو زال عذره قبل الصلاة، انتقض تيمّمه و

لا يصحّ أن يصلّي به. و إن تجدّد فقدان الماء أو حصول العذر، يجب أن يتيمّم ثانيا. نعم لو لم يسع زمان الوجدان أو ارتفاع العذر للوضوء أو الغسل، فلا يبعد عدم انتقاضه، و إن كان الأحوط تجديده ثانيا مطلقا.

و كذا إذا كان وجدان الماء أو زوال العذر في ضيق الوقت.

(مسألة 522) المجنب المتيمّم إذا وجد ماء بقدر وضوئه، لا يبطل تيمّمه، و أما غيره ممّن تيمّم تيمّمين إذا وجد ماء بقدر الوضوء، بطل تيمّمه الذي هو بدل عنه فقط. و إذا وجد ما يكفي للغسل فقط، صرفه فيه و بقي تيمم الوضوء، و كذا إذا كان كافيا لأحدهما و أمكن صرفه في كلّ منهما لا في كليهما.

(مسألة 523) إذا وجد الماء بعد الصّلاة لا يجب إعادتها، بل تمّت و صحّت، و كذا إذا وجده أثناءها بعد ركوع الرّكعة الأولى. و أما قبل الرّكوع، فلا يبعد عدم البطلان مع استحباب القطع و استيناف الصّلاة بالطّهارة المائيّة، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالإتمام و الإعادة مع سعة الوقت.

(مسألة 524) إذا شكّ في بعض أجزاء التيمّم بعد الفراغ منه، لم يعتن و بنى على الصحّة، بخلاف ما إذا شكّ في جزء من أجزائه في أثنائه فإنه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 107

يأتي به على الأحوط إن لم يكن أقوى، من غير فرق بين ما هو بدل الوضوء أو الغسل.

النجاسات

اشارة

(مسألة 525) النّجاسات أحد عشر شيئا: الأول و الثاني البول و الخرء من الحيوان الذي له نفس سائلة، غير مأكول اللحم و لو بالعارض كالجلّال و موطوء الإنسان. أما من مأكول اللحم فإنهما طاهران، و في غير ذي النفس السائلة محرم اللحم إشكال، نعم لا إشكال في

بول و خرء ما لا يعتدّ بلحمه.

(مسألة 526) بول و خرؤ الطير طاهر و إن كان غير مأكول اللّحم، حتى بول الخفّاش، و إن كان الاحتياط اجتنابهما من غير المأكول، خصوصا الأخير.

(مسألة 527) إذا شكّ في كون حيوان من مأكول اللّحم أو محرّمة، أو مما له نفس سائلة أو غيره، أو شكّ في الخرء أنه من الحيوان الفلاني أو الفلاني، ففي جميع هذه الصور يحكم بطهارته، و لأجل ذلك يحكم بطهارة خرء الحيّة لعدم العلم بأنها ذات دم سائل.

(مسألة 528) الثالث: المنيّ من كلّ حيوان له نفس سائلة، حلّ أكله أو حرم. و ما لا نفس سائلة له، فمنيّه طاهر.

(مسألة 529) الرابع: ميتة الحيوان ذي النّفس السائلة، ما تحلّه الحياة منه، و ما يقطع منه حيّا مما تحلّه الحياة.

(مسألة 530) ما ينفصل من بدن الحيوان الطاهر العين مطلقا من أجزاء صغار، طاهر كالبثور و الثّالول، و ما يعلو الشّفة و القروح عند البرء، و قشور الجرب و نحوها. و كذا ما لا تحله الحياة من الميتة كالعظم و القرن و السنّ و المنقار و الظفر و الحافر و الشّعر و الصّوف و الوبر و الرّيش، فإنّها

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 108

طاهرة، و كذا البيض من الميتة الذي اكتسى القشر الأعلى من مأكول اللّحم، بل و غيره.

(مسألة 531) يلحق بما ذكر في الطّهارة الإنفحّة، و هي الشي ء المنجمد في جوف كرش الحمل و الجدي و العجل، قبل أن تأكل، يصنع به الجبن، و كذا اللّبن في الضّرع. و لا ينجسان بملاقاة محلّهما. و لا يبعد عدم اختصاص الحكم بلبن مأكول اللّحم.

(مسألة 532) فأرة المسك المبانة من المذكى طاهرة مطلقا، و المبانة من الحيّ إذا

زالت عنها الحياة قبل الانفصال، و إلا ففيها إشكال، و كذا المبانة من الميّت.

(مسألة 533) مسك فأرة المسك طاهر في جميع الصّور، إلا في المبانة من الميتة و المبانة من الحيّ قبل أو ان انفصالها مع سراية رطوبتها إليه في الصّورتين، فطهارته حينئذ لا تخلو من إشكال، و مع الجهل بالحال يحكم بطهارته.

(مسألة 534) ما يؤخذ في سوق المسلمين من أيديهم، أو يكون مطروحا في أرضهم، من اللّحم أو الشّحم أو الجلد فإنه محكوم بالطّهارة إذا لم يعلم كونه مسبوقا بيد الكافر، و إن لم تعلم تذكيته. و أما إذا علم كونه مسبوقا بيد الكفّار، فإن احتمل أنّ المسلم الذي أخذه من الكفّار قد فحص و أحرز تذكيته، فهو أيضا محكوم بالطهارة، و إذا علم أن المسلم قد أخذه من غير فحص، فالأحوط بل الأقوى وجوب الاجتناب عنه.

(مسألة 535) الأحوط الاجتناب عن المأخوذ من يد المسلم في سوق الكفّار، إلا إذا عامله المسلم معاملة الطّهارة مع احتمال إحرازه طهارته.

(مسألة 536) الأحوط اجتناب المأخوذ من يد الكفّار في سوق المسلمين، إلا إذا كان مسبوقا بيد المسلم.

(مسألة 537) إذا أخذ لحما أو شحما أو جلدا من الكافر أو من سوق

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 109

الكفار و لم يعلم أنه من ذي النفس أو من غيره كالسمك و نحوه، فهو محكوم بالطّهارة و إن لم يحرز تذكيته، و لكن لا يجوز الصّلاة فيه.

(مسألة 538) المأخوذ من الكفّار أو من سوقهم و لم يعلم أنه من أجزاء الحيوان أو غيره، محكوم بالطّهارة ما لم يعلم بملاقاته النّجاسة، بل تصحّ الصّلاة فيه أيضا.

(مسألة 539) الخامس: دم ذي النّفس السائلة، بخلاف دم غيره مثل السّمك و البقّ و القمل

و البراغيث فإنه طاهر، و المشكوك في أنه من أيّهما محكوم بطهارته.

(مسألة 540) العلقة المستحيلة من المنيّ نجسة حتى العلقة في البيضة، و الأحوط الاجتناب عن الدّم الذي يوجد فيها، بل عن جميع ما فيها.

نعم لو كان الدّم في عرق أو تحت جلدة رقيقة حائلة بينه و بين غيره، يكفي الاجتناب عن خصوص الدّم. و كذا إذا كان في الصّفار و عليه جلدة رقيقة، فلا ينجس معه البياض، إلا إذا تمزّقت الجلدة.

(مسألة 541) الدم المتخلّف في الذّبيحة من مأكول اللّحم، طاهر بعد قذف ما يعتاد قذفه، من غير فرق بين المتخلّف في بطنها أو في لحمها أو عروقها أو قلبها أو كبدها إذا لم ينجس بنجاسة آلة التّذكية و نحوها.

و مع طهارته فأكله حرام، إلا ما كان مستهلكا في الأمراق و نحوها، أو كان يعدّ جزءا من اللّحم.

(مسألة 542) ليس من الدّم المستثنى ما يرجع من دم المذبح إلى الجوف بالتّنفس أو لكون رأس الذبيحة أعلى. و كذا الدّم المتخلّف من ذبيحة غير مأكول اللّحم على الأحوط. كما أنّ الأحوط اجتناب دم الأجزاء غير المأكولة من مأكول اللّحم.

(مسألة 543) ما شكّ في أنه دم أو غيره طاهر، كالذي يخرج من الجرح بلون أصفر، أو يشكّ فيه من جهة الظّلمة أو العمى أو غير ذلك أنه دم أو قيح، و لا يجب الفحص و الاستعلام. و كذا ما يشك في أنه مما له نفس

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 110

سائلة أو لا، من جهة عدم العلم بحال الحيوان كالحيّة مثلا، أو من جهة الشكّ في الدّم و أنه دم شاة مثلا أو دم سمك، فيحكم بطهارته.

(مسألة 544) الدّم الخارج من بين الأسنان نجس و حرام

لا يجوز بلعه، و إذا استهلك في الرّيق يطهر و يجوز بلعه، و لا يجب تطهير الفم بالمضمضة و نحوها.

(مسألة 545) الدّم المتجمّد تحت الأظفار أو الجلد بسبب الرّض، نجس ما لم يعلم استحالته، فلو انخرق الجلد و صار الدّم ظاهرا و وصل إليه الماء، تنجّس فيجب إزالته إن لم يكن حرج، و إلا يجعل عليه شي ء كالجبيرة و يمسح عليه، أو يغسله بالماء المعتصم. أما إذا كان في الباطن و وصل إليه الماء من ثقب و رجع نظيفا فالأقوى طهارته. كلّ هذا إذا علم أنه دم متجمّد، أما إذا احتمل أنه لحم صار كالدّم بسبب الرّضّ كما هو الغالب فهو طاهر.

(مسألة 546) السادس و السابع: الكلب و الخنزير البرّيان عينا و لعابا و جميع أجزائهما و إن كانت مما لا تحلّه الحياة كالشّعر و العظم و نحوهما، أما كلب الماء و خنزيره فطاهران.

(مسألة 547) الثامن: المسكر المائع بالأصل، دون الجامد كالحشيشة و إن غلا و صار مائعا بالعارض، و أما العصير العنبي فالظاهر طهارته إذا غلا بالنار و لم يذهب ثلثاه و إن كان حراما، و كذلك الحال في الزّبيبي، كما أنّ الأقوى طهارتهما لو غليا بنفسهما، ما لم يعلم صيرورتهما مسكرا. و كذلك التّمري.

(مسألة 548) لا بأس بأكل الزّبيب و الكشمش إذا غليا في الدّهن أو جعلا في المحشيّ و الطّبيخ، بل إذا جعلا في الأمراق و لم يعلم غليان ما في جوفهما، بل الأقوى عدم حرمتهما بالغليان أيضا. أما التّمر فلا إشكال في أكله إن وضع في الطّعام و لو غلى.

(مسألة 549) التّاسع: الفقاع، و هو شراب مخصوص متّخذ من الشّعير

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 111

غالبا، أما المتخذ من غيره

ففي حرمته و نجاسته تأمل و إن سمّي فقاعا، إلا إذا كان مسكرا.

(مسألة 550) العاشر: الكافر، و هو من انتحل غير الإسلام، أو انتحله و جحد ما يعلم أنه من الدين ضرورة، أو صدر منه ما يقتضي كفره من قول أو فعل، من غير فرق بين المرتدّ و الكافر الأصلي و منه أهل الكتاب على الأحوط، و منه و الخارجي و الغالي و الناصبي.

(مسألة 551) غير الاثني عشريّة من فرق الشّيعة إذا لم يظهر منهم نصب و معاداة و سبّ لسائر الأئمة الذين لا يعتقدون بإمامتهم، فهم طاهرون، و أما مع ظهور ذلك منهم فهم مثل سائر النّواصب.

(مسألة 552) الحادي عشر: عرق الإبل الجلّالة، بل عرق مطلق الحيوان الجلّال على الأحوط. و في نجاسة عرق الجنب من الحرام تردّد، و الأظهر الطهارة و إن وجب التجنّب عنه في الصّلاة، و الأحوط التجنّب عنه مطلقا.

أحكام النجاسات

(مسألة 553) يشترط في صحّة الصلاة و الطواف، واجبهما و مندوبهما، طهارة البدن حتى الشّعر و الظّفر و غيرهما من توابع الجسد، و اللّباس، السّاتر منه و غيره عدا ما استثني من النّجس و المتنجس. و لا فرق بين أن تكون النجاسة كثيرة أو قليلة و لو مثل رؤوس الإبر. و يشترط في صحّة الصّلاة أيضا طهارة موضع الجبهة دون المواضع الأخرى، ما دامت غير مسرية إلى بدنه أو لباسه بنجاسة غير معفو عنها.

(مسألة 554) يحرم تنجيس المساجد، و يجب إزالة النّجاسة عن المساجد بجميع أجزائها من أرضها و بنائها حتى الجزء الخارج من جدرانها على الأحوط، إلا إذا لم يجعلها الواقف جزءا من المسجد.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 112

و يلحق بها المشاهد المشرّفة و الضرائح المقدّسة و كلّ ما

علم من الشّرع وجوب تعظيمه على وجه ينافيه التّنجيس، كتربة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سائر الأئمة عليهم السّلام، خاصة التّربة الحسينيّة.

(مسألة 555) يحرم تنجيس المصحف الكريم حتى جلده و غلافه، بل و كتب الأحاديث عن المعصومين عليهم السّلام، على الأحوط إن لم يكن أقوى.

(مسألة 556) وجوب تطهير ما ذكر كفائيّ لا يختص بمن نجّسها، كما أنه يجب المبادرة لتطهيرها مع القدرة. و لو توقّف تطهيرها على صرف مال وجب، و الرجوع به على من نجّسها لا يخلو من وجه.

(مسألة 557) إذا توقّف تطهير المسجد مثلا على حفر أرضه أو تخريب شي ء منه، جاز بل وجب، و في ضمان من نجّسه لخسارة التعمير وجه قويّ.

(مسألة 558) إذا رأى نجاسة في المسجد مثلا و قد حضر وقت الصّلاة، تجب المبادرة إلى إزالتها قبل الصلاة مع سعة وقتها، فلو أخّرها عن الصّلاة عصى، لكن الأقوى صحّة صلاته، و مع ضيق وقت الصّلاة يقدّمها على الإزالة.

(مسألة 559) حصير المسجد و فرشه كنفس المسجد في حرمة تنجيسه و وجوب تطهيره، حتى بقطع الموضع المتنجس منه، إذا لم يمكن التطهير بغيره.

(مسألة 560) لا فرق في المساجد بين المعمورة و المخروبة أو المهجورة، بل لا يبعد جريان الحكم إذا تغيّر عنوان المسجد، كما إذا غصب و جعل دارا أو خانا أو دكانا أو بستانا.

(مسألة 561) إذا علم أن الواقف أخرج بعض أجزاء المسجد عن الوقف، لا يلحقها الحكم، و مع الشكّ في ذلك لا يترك الاحتياط، و لا سيّما في

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 113

السّقف و الجدران.

(مسألة 562) كما يحرم تنجيس المصحف يحرم كتابته بالمداد النّجس و لو كتب جهلا أو عمدا، يجب محو ما يمحى منه

و تطهير ما لا يمحى.

(مسألة 563) من صلّى بالنّجاسة متعمّدا بطلت صلاته و وجبت إعادتها، من غير فرق بين بقاء الوقت و خروجه، و كذا من نسيها و لم يذكر حتى فرغ من صلاته أو ذكر في أثنائها، بخلاف الجاهل بها حتى فرغ، فإنه لا يعيد في الوقت فضلا عن خارجه، و إن كان الأحوط الإعادة.

(مسألة 564) إذا علم بالنجاسة في أثناء صلاته، فإن لم يعلم بسبقها و أمكنه إزالتها بنزع أو غيره على وجه لا ينافي الصّلاة و بقاء التّستّر، فعل ذلك و مضى في صلاته. و إن لم يمكنه ذلك استأنف الصلاة إذا كان الوقت واسعا، و صلّى بالنجاسة مع ضيقه. و يجوز أن يتمّها عاريا مع الأمن من النّاظر المحترم و عدم إمكان التّبديل أو التّطهير. و كذا الحكم لو عرضت له النّجاسة في الأثناء. أما لو علم بسبقها على الصلاة، فيجب الاستيناف مع سعة الوقت مطلقا.

(مسألة 565) إذا انحصر السّاتر في النّجس، فإن لم يقدر على نزعه لبرد و نحوه صلّى فيه، و إن تمكّن من نزعه، فالأقوى التّخيير بين الصلاة في النّجس أو عاريا، و لا يجب القضاء مطلقا و لا التكرار.

(مسألة 566) إذا اشتبه الثّوب الطّاهر بالنّجس، كرّر الصلاة فيهما مع الانحصار بهما، و إذا لم يسع الوقت فالأحوط أن يصلّي في أحدهما و يقضي في الثّوب الآخر أو في ثوب آخر. و لو كانت أطراف الشّبهة ثلاثة أو أكثر كرّر الصلاة على نحو يعلم بوقوع الصّلاة في ثوب طاهر و الضّابط أن يزاد عدد الصّلاة على عدد الثّياب المعلومة النّجاسة بواحدة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 114

كيفيّة التّنجس

(مسألة 567) لا ينجس ملاقي النّجاسة إذا كانا جافّين، و

لا مع الرّطوبة غير المسرية. نعم ينجس الملاقي مع البلّة في أحدهما على وجه تصل إلى الآخر بدون مساعدة رطوبة من الخارج، فالذّهب الذّائب في البوطقة النّجسة لا تسري منه النجاسة ما لم تكن رطوبة مسرية فيها أو فيه، و لو كانت رطوبة، لا يتنجّس إلا ظاهره كالجامد.

(مسألة 568) مع الشكّ في الرّطوبة أو السّراية يحكم بعدم التّنجّس، فإذا وقع الذّباب على النّجس ثمّ على الثّوب، لا يحكم بالتّنجس، لاحتمال عدم تبلّل رجله ببلّة تسري إلى ملاقيه.

(مسألة 569) لا يحكم بنجاسة الشي ء و لا بطهارة ما ثبتت نجاسته إلا باليقين، أو بإخبار ذي اليد أو بشهادة العدلين، و في الاكتفاء بالعدل الواحد إشكال، فلا يترك الاحتياط. و لا يثبت الحكم في المقامين بالظّن و إن كان قويّا، و لا بالشكّ، إلا في البلل الخارج قبل الاستبراء كما تقدّم.

(مسألة 570) العلم الإجمالي كالتّفصيلي، فإذا علم بنجاسة أحد الشّيئين يجب الاجتناب عنهما، إلا إذا لم يكن أحدهما محلّ ابتلائه فلا يجب الاجتناب عما هو محلّ ابتلائه أيضا. و في حكم العلم الإجمالي الشّهادة بالإجمال، كما إذا قامت البيّنة على وقوع قطرة من البول في أحد الإنائين و لا يدرى في أيّ منهما، فيجب الاجتناب عنهما.

(مسألة 571) إذا شهد الشّاهدان بنجاسة سابقة مع الشكّ في زوالها، كفى في وجوب الاجتناب عملا بالاستصحاب.

(مسألة 572) المراد بذي اليد كلّ من كان مستوليا على الشي ء، سواء كان بملك أو إجارة أو إعارة أو أمانة أو غصب، فإذا أخبرت الزّوجة أو الخادم بنجاسة ما في يدها من الثّياب أو ظروف البيت، كفى في الحكم

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 115

بالنّجاسة. بل و كذا إذا أخبرت مربّية الطّفل بنجاسته أو نجاسة ثيابه.

(مسألة

573) إذا كان الشي ء بيد شخصين كالشّريكين، يسمع قول كلّ منهما في نجاسته، و لو أخبر أحدهما بنجاسته و الآخر بطهارته تساقطا، إذا لم يكن قول أحدهما بالخصوص مستندا إلى الأصل، و إلا فيقدّم قول الآخر. و كذلك في تعارض البيّنتين، و تعارض البيّنة مع قول ذي اليد.

(مسألة 574) لا فرق في ذي اليد بين كونه عادلا أو فاسقا، و في اعتبار قول الكافر إشكال، و أمّا الصّبيّ فلا يبعد اعتبار قوله إذا كان مراهقا.

(مسألة 575) المتنجّس منجّس على الأقوى، و إن لم يجر عليه أحكام النّجس الذي تنجّس به، فالمتنجّس بالبول إذا لاقى شيئا ينجّسه، لكن لا يكون حكمه كملاقي البول، و كذلك الإناء الذي ولغ فيه الكلب إذا لاقى إناء آخر ينجّسه لكن لا يكون الثّاني بحكم الإناء الأوّل في وجوب تعفيره، نعم إذا صبّ ماء الولوغ في إناء آخر، فلا يترك الاحتياط بتعفير الثاني أيضا.

(مسألة 576) إذا لاقى ما في الباطن النّجاسة التي في الباطن لا تنجّسه، فالنّخامة إذا لاقت الدّم في الباطن و خرجت غير ملطّخة به، طاهرة. كما أنه لو دخل شي ء من الخارج و لاقى النّجاسة في الباطن، فالأقوى عدم تنجّسه.

ما يعفى عنه في الصّلاة

(مسألة 577) يعفى في الصّلاة عن أشياء: الأول: دم الجروح و القروح في البدن و اللّباس، الظّاهر منها و الباطن الذي يخرج الدّم منه إلى الظاهر، و دم البواسير. إلا أنّ الأحوط اعتبار المشقّة النوعيّة في الإزالة و التّبديل.

الثاني: الدّم في البدن و اللّباس إذا كانت سعته أقلّ من الدّرهم البغلي و لم يكن من الدّماء الثّلاثة الحيض و النّفاس و الاستحاضة، و لا من نجس العين

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 116

و الميتة، فإنه يلزم الاجتناب

عما كان من غير مأكول اللّحم و لو كان غير الدّم.

(مسألة 578) إذا كان الدّم متفرّقا في الثّياب و البدن تقدر سعة مجموعه و لو تفشّي من أحد جانبي الثوب إلى الآخر فهو دم واحد، إلا إذا كان الثّوب ذا طبقات فتفشّى من طبقة إلى أخرى، فالظاهر فيه التعدّد.

(مسألة 579) إذا شكّ في الدم الأقلّ من درهم أنه من المستثنيات كالدّماء الثّلاثة أو من غيرها، فحكمه العفو عنه حتى يعلم، و لو بان بعد ذلك أنه غير معفوّ، كان من الجهل بالنّجاسة و قد عرفت حكمه. و لو علم أنه ممّا يصحّ العفو عنه و شكّ في أنه أقلّ من درهم أم لا، فالأقوى العفو إلا في المسبوق بعدم العفو.

(مسألة 580) المتنجّس بالدّم ليس كالدّم في العفو عنه إذا كان أقلّ من درهم، و لكن مكانه المتنجس به يبقى له حكمه إذا زال الدم عنه.

(مسألة 581) الثّالث: كلّ ما لا تتمّ الصّلاة فيه منفردا، كالتكّة و الجورب و نحوهما، فإنه معفوّ عنه إذا كان متنجّسا، إلا المتنجّس بغير مأكول اللّحم، فالأحوط بطلان الصّلاة في المتنجّس به إذا لم يكن فيه جزء منه، و إلا فالصّلاة في كلّ شي ء من غير مأكول اللّحم باطلة و إن كان طاهرا.

(مسألة 582) لا يعفى عما لا تتم الصلاة به إذا كان متخذا من النجس كشعر الميتة و الكلب و الخنزير و الكافر.

(مسألة 583) الرّابع: ما صار من البواطن و التّوابع، كالميتة التي أكلها و الخمر الذي شربه و الدّم الذي أدخله في بدنه، و الخيط النّجس الذي خاط به جرحه، فإنّ ذلك معفوّ عنه في الصّلاة.

(مسألة 584) الأحوط الاجتناب عن حمل النّجس في الصلاة، خصوصا الميتة، بل و كذا

المتنجّس الذي تتمّ فيه الصّلاة أيضا، و أما ما لا تتمّ فيه مثل السكّين و الدّراهم، فالأقوى جواز حمله أثناءها.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 117

(مسألة 585) الخامس: ثوب المربّية للطّفل إذا لم يكن عندها غيره، أمّا كانت أو غيرها، فإنه معفوّ عنه إن تنجّس ببوله فقط، و غسلته في اليوم و اللّيلة مرّة. أما البدن فلا يترك الاحتياط فيه، و إن كان في إلحاقه بالثّوب وجه. و لا يتعدّى من البول الى غيره على الأحوط، و لا من المربّية إلى المربّي، و لا من ذات الثّوب إلى ذات الثّياب المتعدّدة، مع عدم الحاجة إلى لبسها جميعا، و إلا كانت كذات الثّوب الواحد.

المطهرات

اشارة

(مسألة 586) الأوّل: الماء، و يطهر به كل متنجّس حتى الماء كما تقدّم و أما كيفيّة التطهير به، فيكفي في المطر في غير ما يجب تعفيره استيلاؤه على المتنجّس بعد زوال العين كما مرّ، و كذا في الكرّ و الجاري على الأظهر، فلا يحتاج في التّطهير بهما إلى العصر فيما يقبله كالثّياب و لا التعدّد، من غير فرق بين أنواع النّجاسات و أصناف المتنجّسات.

(مسألة 587) يطهر المتنجّس الذي لم تنفذ فيه النّجاسة و الماء كالبدن بمجرد غمسه في الكرّ و الجاري، بعد زوال عين النّجاسة و إزالة المانع لو كان. و كذا الثّوب المتنجّس و نحوه ممّا يرسب فيه الماء و يمكن عصره نعم الأولى و الأحوط فيه تحريكه في الماء بحيث يتخلّل الماء أعماقه، و أحوط منه عصره، أو ما يقوم مقام العصر كالفرك و الغمز بالكفّ، و نحو ذلك.

(مسألة 588) المتنجّس الذي ينفذ فيه الماء و لا يمكن عصره، كالخشب و الصابون و الحبوب و نحو ذلك، يطهر ظاهره بمجرد

غمسه في الكر و الجاري، أما باطنه فيطهر بنفوذ الماء المطلق إلى حيث نفذت النجاسة، نعم إذا نفذت إلى أعماقه رطوبة فلا يترك الاحتياط بتجفيفه أولا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 118

ثم تطهيره.

(مسألة 589) المتنجّس بالبول غير الآنية يلزم في تطهيره بالقليل غسله مرتين، و الأحوط كونهما غير غسلة الإزالة، و أما المتنجّس بغير البول غير الآنية فيجزي فيه المرّة بعد الإزالة، و لا تكفي الإزالة فقط. نعم يكفي استمرار إجراء الماء بعدها.

(مسألة 590) يعتبر في التّطهير بالقليل انفصال الغسالة، فما ينفذ فيه الماء و يقبل العصر مثل الثياب لا بدّ فيه من العصر أو ما يقوم مقامه، أما ما لا يقبل العصر مثل الصابون و الحبوب و غيره مما تنفذ فيه النجاسة، فيطهر ظاهره بإجراء الماء عليه، أو باطنه فيطهر بنفوذ الماء الكثير أو رطوبته، على النحو الذي يراه العرف تطهيرا له.

(مسألة 591) إذا تنجّست الآنية بولوغ الكلب غسلت ثلاثا، أولاهنّ بالتّراب، و يعتبر فيه الطهارة. و لا يقوم غيره مقامه و لو عند الاضطرار، و الأولى و الأحوط مسحه بالتّراب الخالص أوّلا، ثمّ غسله بوضع ماء عليه بحيث لا يخرجه عن اسم التّراب.

(مسألة 592) لا يترك الاحتياط بأن يلحق بالولوغ مباشرة الكلب بفمه كاللّطع و نحوه و الشّرب بلا ولوغ، بل الأحوط إلحاق جميع ما يحتمل إلحاقه بالولوغ و يحتمل عدم إلحاقه، و لا يترجح أحد الاحتمالين.

(مسألة 593) إذا كانت الآنية المتنجّسة بالولوغ ممّا يتعذّر تعفيرها بالتّراب لسبب ما، فلا يسقط تعفيرها بما يمكن، و لو بإدخال التّراب فيها و تحريكها تحريكا عنيفا. و لو فرض التّعذر أصلا، لا يبعد بقاؤها على النجاسة.

(مسألة 594) الأقوى عدم سقوط التّعفير بالغسل بالماء الكثير و

الجاري و المطر، و الأحوط عدم سقوط العدد في الكثير و الجاري.

(مسألة 595) يجب غسل الإناء سبعا لموت الجرذ و شرب الخنزير، و لا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 119

يجب التّعفير، نعم هو الأحوط في الخنزير قبل السّبع. و ينبغي غسله سبعا أيضا لموت الفأرة، و لشرب النبيذ فيه أو الخمر أو المسكر، و مباشرة الكلب، و إن لم يجب ذلك، و إنّما الواجب أن يغسل بالقليل ثلاثا كما يغسل من غيرها من النّجاسات.

(مسألة 596) تطهر الأواني الصغيرة و الكبيرة بالكثير و الجاري بأن توضع فيه حتى يستولي عليها الماء، و أمّا بالقليل فيصبّ الماء فيها و تدار حتى يستوعب جميع أجزائها ثم يراق منها، يفعل ذلك ثلاثا، و الأحوط الفوريّة في الإدارة عقيب الصبّ فيها، و إفراغه عقيب إدارته.

(مسألة 597) الأواني الكبار المثبتة و الحياض و نحوها، تطهيرها بإجراء الماء عليها حتى يستوعب جميع أجزائها، ثم يخرج ماء الغسالة المجتمع في وسطها مثلا بنزح و غيره، من غير اعتبار للفوريّة المذكورة، بل لا يعتبر تطهير آلة النّزح إذا أعادها إليها و كانت مغسولة بالتّبع، و إلا فلا يترك الاحتياط بتطهيرها، و لا بأس بما يتقاطر فيها حال النّزح، و إن كان الأحوط مراعاة ذلك.

(مسألة 598) إذا تنجّس التّنور يطهر بصبّ الماء في الموضع النّجس من فوق إلى تحت، و لا يحتاج إلى التّثليث، لعدم كونه من الأواني، فيصبّ عليه مرّتين إذا تنجّس بالبول، و في غيره يكفي المرّة.

(مسألة 599) إذا تنجّس الأرزّ أو العدس و نحوهما من الحبوب يجعل في خرقة و يغمس في الكرّ أو الجاري فيطهر، و إذا نفذ فيه الماء النّجس فيصبر حتى يعلم نفوذ الماء الطاهر إلى حيث نفذ

فيه الماء النّجس. و لا إشكال في تطهير ظاهره بالقليل، و الأحوط التثليث.

(مسألة 600) إذا غسل ثوبه المتنجّس ثم رأى فيه شيئا من الطّين أو الصابون، لا يضرّ ذلك بتطهيره إذا علم وصول الماء إلى جميع أجزائه و أنّ ذلك الشّي ء لم يكن مانعا، بل يحكم بطهارة ذلك الشي ء أيضا إذا علم انغساله بغسل الثّوب.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 120

(مسألة 601) إذا أكل طعاما نجسا، فما يبقى منه بين أسنانه باق على نجاسته، و يطهر بالمضمضة. و أما إذا كان طاهرا و خرج الدّم من بين أسنانه و لاقاه الرّيق الذي لاقى الدّم، فهو طاهر، بل و إن لاقاه الدّم على الأقوى.

(مسألة 602) الثّاني: الأرض، فإنها تطهّر ما يماسّها من القدم بالمشي عليها أو بالمسح بها بنحو تزول معه عين النّجاسة إن كانت، و كذا ما يوقى به القدم كالنّعل. و لو فرض زوالها قبل ذلك فالأقوى كفاية المماسّة في تطهيره، و الأحوط أن يكون بأقل مسمّى المسح أو المشي.

(مسألة 603) الأحوط قصر الحكم بالطهارة على ما إذا حصلت النّجاسة من المشي على الأرض النّجسة.

(مسألة 604) لا فرق في الأرض بين التّراب و الرّمل و الحجر أصليّا كان أو مفروشا عليها. و يلحق به المفروش بالآجر أو الجصّ على الأقوى، بخلاف المطلي بالقير و المفروش بالخشب. و يعتبر جفاف الأرض و طهارتها على الأحوط.

(مسألة 605) الثّالث: الشّمس، فإنّها تطهّر الأرض، و كل ما لا ينقل من الأبنية، و ما اتّصل بها من أخشاب و أبواب و أعتاب و أوتاد و أشجار و نبات و ثمار و خضروات و إن حان قطفها، و غير ذلك، حتى الأواني المثبتة و نحوها.

(مسألة 606) الظاهر أن السفينة و

الطرادة في الماء من غير المنقول، أمّا مثل السيّارة و العربة التي يجرّها حيوان و كذا الحصر و البواري، ففي صحة تطهيرها بالشمس إشكال.

(مسألة 607) يعتبر في طهارة المذكورات بعد زوال عين النّجاسة عنها، أن تكون رطبة رطوبة تعلق باليد، ثم تجفّفها الشّمس تجفيفا يستند إلى إشراقها بدون واسطة.

(مسألة 608) يطهر باطن الشي ء الواحد المتصل بظاهره المتنجس إذا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 121

أشرقت عليه الشمس و جفّ بجفافه، بخلاف ما إذا كان الباطن فقط نجسا أو كان منفصلا عن الظاهر بتراب طاهر أو هواء مثلا، أو جفّ الباطن دون الظاهر، أو جفّ بجفاف غير متّصل بجفاف ظاهرها، مثل أن يكون جفاف الباطن في غير وقت جفاف الظاهر.

(مسألة 609) إذا كانت الأرض أو نحوها جافة و أريد تطهيرها بالشمس، يصب عليها الماء الطاهر أو النجس لكي تترطب، ثم تجففها الشمس فتطهر.

(مسألة 610) الحصى و التّراب و الطّين و الأحجار ما دامت على الأرض تكون بحكمها، و إن أخذت منها ألحقت بالمنقولات، و إن أعيدت عاد حكمها. و كذا المسمار الثابت في الأرض أو البناء بحكمها، و إذا قلع زال حكمه، و إذا أعيد عاد. و هكذا كلّ ما يشبه ذلك.

(مسألة 611) الرابع: الاستحالة إلى جسم آخر، فيطهر ما أحالته النار رمادا أو دخانا أو بخارا، سواء كان نجسا أو متنجّسا، و كذا المستحيل بخارا بغيرها. أمّا ما أحالته فحما أو خزفا أو آجرّا أو جصّا أو نورة، فهو باق على النّجاسة.

(مسألة 612) يطهر الخمر بانقلابه خلا، بنفسه، أو بعلاج كطرح جسم فيه و نحوه، سواء استهلك الجسم أو لا. نعم لو تنجّس الخمر بنجاسة خارجيّة ثم انقلب خلّا لم يطهر على الأقوى.

(مسألة 613) الخامس:

ذهاب الثّلثين في العصير العنبي- بناء على القول بنجاسته- و ذلك إذا غلى و ذهب ثلثاه بالنار فيطهر الباقي. أما إذا غلى بغير النار، و ذهب ثلثاه بالنّار فالحكم بطهارة ثلثه الباقي مشكل، إلا إذا صار خلّا.

(مسألة 614) السّادس: الانتقال، فإنّه موجب لطهارة المنتقل إذا أضيف إلى المنتقل إليه و عدّ جزءا منه، كانتقال دم ذي النّفس إلى غير ذي النفس، و كذا لو كان المنتقل غير الدّم و المنتقل إليه غير الحيوان من

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 122

النبات و غيره.

(مسألة 615) إذا علم عدم صيرورته جزءا أو شكّ فيها لأنها لم تستقر في بطن الحيوان مثلا كالدّم الّذي يمصّه العلق، فيبقى على النّجاسة.

(مسألة 616) السابع: الإسلام، فإنّه مطهر للكافر بجميع أقسامه حتى الرجل المرتد عن فطرة إذا علمت توبته فضلا عن المرأة، و يتبع الكافر أجزاؤه المتّصلة به من شعره و ظفره و بصاقه و نخامته و قيحه، و نحو ذلك.

(مسألة 617) الثّامن: التبعيّة، فإذا أسلم الكافر يتبعه ولده في الطّهارة، أبا كان أو جدّا أو أمّا.

(مسألة 618) يتبع الميّت بعد طهارته آلات تغسيله من السدّة و الثوب المغطى فيه، و يد الغاسل، و في باقي بدن الغاسل و ثيابه إشكال أحوطه العدم، بل الأولى الاحتياط فيما عدا يد الغاسل.

(مسألة 619) التاسع: زوال عين النجاسة عن الحيوان الصامت و عن بواطن الإنسان، فيطهر منقار الدجاجة الملوّث بالعذرة بمجرد زوال عينها و جفاف رطوبتها، و كذا بدن الدابة المجروح، و فم الهرّة الملوث بالدم بمجرد زوال الدم عنه. و كذا يطهر فم الإنسان إذا أكل أو شرب شيئا متنجسا أو نجسا بعد بلعه.

(مسألة 620) العاشر: الغيبة، فإنها مطهرة للإنسان و ثيابه و فرشه

و أوانيه و غيرها من توابعه، إذا كان عالما بالنجاسة و احتمل تطهيره إياها، من غير فرق بين المتسامح في دينه و عدمه.

(مسألة 621) الحادي عشر: استبراء الجلّال من الحيوان المحلل بما يخرجه عن اسم الجلل، فإنه مطهر لبوله و خرئه. و الأحوط مع ذلك استبراء الحيوان المدة المنصوصة و هي: في الإبل أربعون يوما، و في البقر ثلاثون يوما، و في الغنم عشرة أيام، و في البط خمسة أو سبعة، و في الدجاج ثلاثة، و في غيرها يكفي لزوال الاسم.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 123

أحكام الأواني

(مسألة 622) أواني الكفار كأواني غيرهم محكومة بالطهارة ما لم يعلم ملاقاتهم لها مع الرطوبة المسرية، و كذا كل ما في أيديهم من اللباس و الفرش و غير ذلك. و قد مرّ حكم سوقهم و الجلود و الشحوم المأخوذة من أيديهم.

(مسألة 623) يحرم استعمال أواني الذهب و الفضة في الأكل و الشرب و الطهارة من الحدث و الخبث و غيرها، و المحرّم نفس استعمالها و تناول المأكول أو المشروب مثلا منها، دون أكله و بلعه. فلو أكل منها طعاما مباحا في نهار شهر رمضان مثلا، لا يكون مفطرا بالحرام و إن ارتكب الحرام من جهة التناول منها و استعمالها.

(مسألة 624) يدخل في استعمالها المحرّم على الأحوط وضعها على الرفوف للتزيين، بل و تزيين المساجد و المشاهد بها، و في اقتنائها من غير استعمال تردد و إشكال.

(مسألة 625) يحرم استعمال الملبّس بالذهب أو الفضة إذا كان على وجه لو انفصل كان إناء مستقلا، دون ما لم يكن كذلك، و دون المفضّض و المموّه بأحدهما.

(مسألة 626) الممتزج منهما بحكم أحدهما و إن لم يصدق عليه اسم أحدهما، بخلاف الممتزج من

أحدهما بغيرهما إذا لم يصدق عليه اسم أحدهما.

(مسألة 627) الظاهر أنّ المراد من الأواني ما يستعمل في الأكل و الشرب و الطّبخ و الغسل أو العجن مثل الكأس و الكوز و القصاع و القدور و الجفان و الأقداح و الطّست و السّماور و القوري و الفنجان، بل و الملعقة و الظّرف الّذي يوضع فيه كأس الشّاي، و كوز النّارجيلة (القليان) فلا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 124

يشمل مثل رأس القليان و رأس الشطب و غلاف السّيف و الخنجر و السّكين و الصندوق، و ما يصنع بيتا للتعويذة، و قاب الساعة، و القنديل و الخلخال و إن كان مجوفا.

(مسألة 628) لا يترك الاحتياط في مثل الهاون و المجامر و المباخر و ظروف الغالية و المعجون و التّرياك و نحو ذلك.

(مسألة 629) كما يحرم الأكل و الشرب بالتّناول مباشرة أو بواسطة من آنية الذهب و الفضّة، كذلك يحرم تفريغ ما فيها في إناء آخر بقصد الأكل و الشرب، نعم لو كان تفريغ ما فيها في إناء آخر بقصد التّخلص من الحرام، فلا بأس به. بل و لا يحرم الأكل و الشّرب من الإناء الثاني، بل لا يبعد أن يكون المحرّم في الصّورة الأولى نفس التّفريغ بذلك القصد، دون الأكل و الشرب بعد ذلك، فلو كان الصابّ منها شخص و أكل أو شرب شخص آخر، كان الصابّ مرتكبا للحرام دون الآكل و الشّارب بسبب أكله و شربه. نعم الأحوط له أن لا يأمره بالصب، و للمأمور أن لا يصب.

(مسألة 630) الظاهر أن الوضوء من آنية الذّهب و الفضّة كالوضوء من الآنية المغصوبة، يبطل إن كان بنحو الرّمس مطلقا، و يبطل مع الانحصار إذا كان بنحو الاغتراف، و

يصحّ مع عدم الانحصار، كما تقدم.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 125

كتاب الصلاة

أعداد الفرائض و مواقيتها

(مسألة 631) الصّلوات الواجبة خمس: اليوميّة و منها الجمعة، و صلاة الآيات، و الطواف الواجب، و الأموات، و ما التزمه المكلّف بنذر أو إجارة أو غيرهما.

(مسألة 632) الصّلوات المندوبة كثيرة: منها: الرّواتب اليوميّة، و هي ثمان ركعات للظّهر قبله، و ثمان للعصر قبله أيضا، و أربع للمغرب بعده، و ركعتان من جلوس بعد العشاء تعدّان بركعة تسمّى الوتيرة، و يمتد وقتها بامتداد وقتها، و ركعتان للفجر قبل الفريضة، و وقتهما الفجر الأول و يمتدّ إلى أن يبقى من طلوع الحمرة مقدار أداء الفريضة، و يجوز دمجها في صلاة اللّيل قبل الفجر و لو عند نصف الليل. و إحدى عشرة ركعة نافلة اللّيل، صلاة اللّيل منها ثمان ركعات، ثمّ ركعتا الشّفع، ثمّ ركعة الوتر، و هي مع الشّفع أفضل من صلاة اللّيل، و ركعتا الفجر أفضل منهما.

و يجوز الاقتصار على الشّفع و الوتر، بل على الوتر خاصّة. و وقت صلاة اللّيل نصف اللّيل إلى الفجر الصّادق، و السّحر أفضل من غيره، و الثّلث الأخير من اللّيل كله سحر، و أفضله القريب من الفجر. فعدد النّوافل بعد عدّ الوتيرة ركعة، أربع و ثلاثون ركعة، ضعف عدد الفرائض. و تسقط في السّفر الموجب للقصر ثمانية الظّهر و ثمانية العصر، و تثبت البواقي غير الوتيرة، و لكن لا بأس بالإتيان بها رجاء، و سيأتي حكم الغفيلة.

(مسألة 633) يجوز الإتيان بالنّوافل و الرّواتب و غيرها جالسا حتى في حال الاختيار، لكنّ الأولى حينئذ عدّ كل ركعتين بركعة حتى في الوتر، فيأتي بها مرّتين كل مرة ركعة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 126

(مسألة 634) وقت نافلة الظّهر من الزّوال

إلى الذّراع أي سبعي الشّاخص، و العصر بعد الوقت المختصّ بالظّهر إلى الذّراعين أي أربعة أسباع الشاخص، و الأقوى امتداد وقتهما إلى وقت إجزاء الفريضتين، و إن كان الأولى بعد الذّراع تقديم الظّهر، و بعد الذّراعين تقديم العصر، و الإتيان بالنّافلتين بعد الفريضتين. و الأحوط فيهما بعد الذّراع و الذّراعين عدم نيّة الأداء و القضاء.

(مسألة 635) إذا نسي الظّهر و أتى بنافلة العصر في الوقت المختصّ بالظّهر، لم يحكم بصحتها على الأحوط.

(مسألة 636) يجوز تقديم نافلتي الظّهر و العصر على الزّوال في يوم الجمعة، و يزاد على عددهما أربع ركعات فتصير عشرين ركعة، و أما في غير يوم الجمعة فالأقوى جواز تقديمهما أيضا، خصوصا إذا علم بعدم التمكّن فيما بعد، و كذا يجوز تقديم نافلة اللّيل على نصفه للمسافر و الشّاب الذي يخاف فوتها في وقتها، بل و كل ذي عذر كالشيخ و خائف البرد أو الاحتلام، و ينبغي لهم نيّة التّعجيل لا الأداء.

(مسألة 637) وقت الظّهرين من الزّوال إلى المغرب، و يختصّ الظّهر بأوّله بمقدار أدائها بحسب حاله، و العصر بآخره كذلك، و ما بينهما مشترك بينهما.

(مسألة 638) وقت العشاءين للمختار من المغرب إلى نصف اللّيل، و يختصّ المغرب بأوّله بمقدار أدائها و العشاء بآخره كذلك، و ما بينهما مشترك بينهما. و يمتدّ وقتهما إلى طلوع الفجر للمضطرّ لنوم أو نسيان أو حيض أو غيرها. و تختصّ العشاء من آخره بمقدار أدائها. و لا يبعد امتداد وقتهما إلى الفجر للعامد أيضا، فلا تكون صلاته بعد نصف اللّيل قضاء و إن أثم بالتأخير، و لكنّ الأحوط بعد نصف اللّيل نيّة ما في الذمة من الأداء أو القضاء.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 127

(مسألة 639) وقت

الصّبح ما بين طلوع الفجر الصّادق إلى طلوع الشّمس، و وقت فضيلتها من أوّله إلى حدوث الحمرة المشرقيّة.

(مسألة 640) وقت فضيلة الظّهر من الزّوال إلى بلوغ الظل الحادث مقدار الشّاخص، و منتهى فضيلة العصر مقداره مرّتين، و لا يبعد أن يكون مبدأ فضيلتها من الزّوال بعد ما يختصّ بالظّهر.

(مسألة 641) وقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشّفق، و هو أوّل فضيلة العشاء إلى ثلث اللّيل. فللعشاء وقتا إجزاء: قبل ذهاب الشّفق، و بعد ثلث اللّيل إلى النّصف.

(مسألة 642) المراد باختصاص الوقت عدم صحّة الشريكة فيه مع عدم أداء صاحبتها بوجه صحيح، فلا مانع من صلاة غير الشّريكة كالقضاء، و كذا لا مانع من صلاة الشّريكة فيه إذا فرغت الذّمة من صاحبة الوقت، كما إذا قدّم العصر سهوا على الظّهر و بقي من الوقت مقدار أربع ركعات فيصحّ أن يصلي الظّهر في ذلك الوقت أداء، و كذا لو صلى الظهر قبل الزوال بظنّ دخول الوقت فدخل الوقت قبل تمامها، فلا مانع من صلاة العصر بعد الفراغ منها، و لا يجب التأخير إلى مضيّ مقدار أربع ركعات.

(مسألة 643) إذا قدّم العصر على الظّهر أو العشاء على المغرب عمدا بطل ما قدّمه، سواء كان في الوقت المختصّ بالأولى أو في الوقت المشترك. و إذا قدّم سهوا و تذكّر بعد الفراغ صحّ ما قدّمه إن كان في الوقت المشترك دون المختصّ، و يأتي بالأولى بعده. و كذا إن تذكّر في الأثناء عدل بنيّته إلى السّابقة إلا إذا تجاوز محلّ العدول، كما إذا قدّم العشاء و تذكّر بعد ركوع الرّابعة، فالأقوى بطلان صلاته، فيأتي بها بعد الأولى مطلقا سواء أتمّها احتياطا أو لا.

(مسألة 644) إذا بقي للحاضر مقدار خمس

ركعات إلى الغروب، و للمسافر مقدار ثلاث أو أكثر، قدّم الظّهر و إن وقع بعض العصر خارج الوقت. و إذا بقي للحاضر أربع أو أقل، و للمسافر ركعتان أو أقل صلى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 128

العصر. و إذا بقي للحاضر إلى نصف اللّيل خمس ركعات أو أكثر، و للمسافر أربع ركعات أو أكثر قدم المغرب ثمّ العشاء. و إذا بقي للمسافر إلى نصف اللّيل أقل من أربع ركعات قدّم العشاء. و يجب المبادرة بالمغرب بعدها إذا بقي مقدار ركعة أو أكثر.

(مسألة 645) يجوز العدول من الفريضة اللّاحقة إلى السّابقة بخلاف العكس، فلو دخل في الظهر أو المغرب فتبيّن في الأثناء أنه صلّاهما، لا يجوز له العدول إلى اللّاحقة، بخلاف ما إذا دخل في الثّانية بتخيّل أنه صلى الأولى فتبيّن في الأثناء خلافه، فإنه يعدل إلى الأولى إذا لم يتجاوز محلّ العدول كما تقدّم.

(مسألة 646) إذا كان مسافرا و بقي من الوقت مقدار أربع ركعات فنوى الظّهر مثلا، ثم نوى الإقامة في الأثناء بطلت صلاته، و لا يجوز له العدول إلى اللّاحقة، بل يقطعها و يشرع فيها. و إذا كان في الفرض ناويا الإقامة فشرع في اللّاحقة ثم عدل عن نية الإقامة، فالظاهر وجوب العدول إلى الأولى فيأتي بها ثم يأتي باللّاحقة.

(مسألة 647) الأحوط تأخير الصّلاة عن أول وقتها لذوي الأعذار مع رجاء زوالها في آخر الوقت، إلا في التيمّم فإنه يجوز فيه البدار، إلا مع العلم بارتفاع العذر في آخره فالأحوط تأخيره أيضا.

(مسألة 648) الأقوى جواز التّطوع في وقت الفريضة ما لم تتضيّق، و كذا لمن عليه قضاء الفريضة.

(مسألة 649) إذا تيقّن بدخول الوقت فصلى أو عوّل على الظّن المعتبر كشهادة العدلين أو

أذان الثقة العارف، فإن وقع تمام صلاته قبل الوقت بطلت، و إن وقع بعضها في الوقت و لو قليلا، صحّت.

(مسألة 650) إذا مضى من أوّل الوقت أو بقي من آخره مقدار أداء الصّلاة بحسب حالها، ثمّ حدث لها عذر الحيض أو النفاس، وجب عليها القضاء. و إذا مضى منه أو بقي منه مقدار أداء الصّلاة الاضطراريّة ثمّ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 129

حدث عذر آخر، وجب القضاء أيضا على الأحوط.

(مسألة 651) إذا ارتفع العذر في آخر الوقت، فإن وسع الصّلاتين وجبتا، و إن وسع واحدة أتى بها، فإن زاد عنها بمقدار ركعة، وجبت الثانية أيضا.

(مسألة 652) يعتبر لغير ذي العذر العلم بدخول الوقت حين الشّروع في الصّلاة، و يقوم مقامه شهادة العدلين على الأقوى، و لا يبعد كفاية أذان العارف الثّقة إذا كان شديد المحافظة على الوقت. و أمّا ذو العذر بالغيم و نحوه من الأعذار العامّة فيجوز له التّعويل على الظّن، و أمّا ذو العذر الخاصّ كالأعمى و المحبوس فالأحوط أن يؤخّر إلى أن يحصل له العلم بدخول الوقت.

القبلة

(مسألة 653) يجب استقبال القبلة مع الإمكان في الفرائض اليوميّة و غيرها من الفرائض حتى صلاة الجنائز، و في النافلة إذا صلّيت على الأرض حال الاستقرار، أما لو صلّيت حال المشي و الرّكوب و في السفينة فلا يعتبر فيها الاستقبال.

(مسألة 654) يعتبر العلم بالتّوجه إلى القبلة حال الصّلاة، أو شهادة العدلين فيها إذا استندت إلى الحسّ، و مع تعذرهما يبذل تمام جهده و يعمل على ظنّه، و مع تعذّر الظّن يكتفي بالجهة العرفيّة، إن لم يتجاوز ربع الدّائرة، و إلا فعليه التكرار.

(مسألة 655) مع تساوي الجهات في الاحتمال يصلي إلى أربع جهات إن وسع

الوقت، و إلا فبقدر ما يسع. و الأحوط القضاء أيضا بعد العلم.

و لو علم عدمها في بعض الجهات، سقط اعتبارها و صلى إلى المحتملات الأخر.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 130

و محاريبهم، إذا لم يعلم بناؤها على الغلط.

(مسألة 657) المتحيّر الذي يجب عليه الصّلاة إلى أكثر من جهة واحدة، لو كان عليه صلاتان كالظّهرين فالأحوط أن تكون الثانية إلى جهات الأولى كما أن الأقوى أنّ له أن يأتي بالصّلاتين متعاقبتين في كلّ جهة أو يتمّ جهات الأولى ثمّ يشرع في الثانية.

(مسألة 658) من صلى إلى جهة بالقطع أو الظنّ المعتبر ثمّ تبيّن خطأ اجتهاده، فإن كان منحرفا عنها إلى ما بين اليمين و الشّمال صحّت صلاته و إن كان في أثنائها مضى ما تقدم منها و استقام في الباقي، من غير فرق بين بقاء الوقت و عدمه. و إن تجاوز انحرافه عما بين اليمين و الشمال و كان مخطئا في اجتهاده، أعاد في الوقت دون خارجه، حتى لو بان أنه كان مستدبرا، و إن كان الأحوط القضاء مع الاستدبار، بل مطلقا. أمّا إذا كان ناسيا أو غافلا أو جاهلا، فالأحوط الإعادة في الوقت و القضاء خارجه، و كذا الحكم إذا التفت في أثناء الصلاة.

السّتر و السّاتر

(مسألة 659) يجب مع الاختيار ستر العورة في الصّلاة، و توابعها، و النّافلة، دون صلاة الجنازة، و إن كان الأحوط فيها الستر أيضا، و يجب ستر العورة في الطّواف أيضا.

(مسألة 660) إذا بدت العورة لريح أو غفلة، أو كانت خارجة من أوّل الأمر و هو لا يعلم، فصلاته صحيحة إذا بادر إلى الستر. و لا يترك الاحتياط بالإتمام و الاستئناف إذا احتاج سترها إلى زمان و لو غير معتدّ به، و

كذا لو نسي سترها من أوّل الأمر أو بعد الانكشاف في الأثناء.

(مسألة 661) عورة الرّجل في الصّلاة عورته في النّظر، و هي الدّبر

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 131

و القضيب و الأنثيان، و الأحوط ستر الشّبح الذي يرى من خلف الثّوب و لا يتميّز لونه. و عورة المرأة في الصلاة جميع بدنها حتى الرّأس و الشّعر ما عدا الوجه الّذي يجب غسله في الوضوء، و اليدين إلى الزّندين، و القدمين إلى السّاقين. و يجب عليها ستر شي ء من أطراف هذه المستثنيات مقدّمة.

(مسألة 662) يجب على المرأة ستر رقبتها و تحت ذقنها، حتى المقدار الذي يرى عند اختمارها على الأحوط.

(مسألة 663) الأمة و الصبيّة كالحرّة و البالغة، إلا أنه لا يجب عليهما ستر الرّأس و الشّعر و العنق.

(مسألة 664) لا يجب على المصلّي السّتر من جهة تحت، إذا لم يكن معرضا لوجود الناظر.

(مسألة 665) يحصل السّتر بكلّ ما يمنع عن النّظر، و لو باليد أو الطّلي بالطّين أو الولوج في الماء، حتى أنّ الدّبر يكفي في ستره الأليتان.

(مسألة 666) السّتر الصّلاتي لا يكفي فيه ما تقدم و لو في حال الاضطرار على الأحوط. و أمّا السّتر بالورق و الحشيش و كذا القطن و الصّوف غير المنسوجين فالأقوى جوازه على كلّ حال.

(مسألة 667) يعتبر في السّاتر بل مطلق لباس المصلّي شروط: الأوّل:

الطّهارة إلا في ما لا تتمّ الصّلاة فيه وحده، كما تقدّم.

(مسألة 668) الشرط الثاني: الإباحة، فلا يجوز في المغصوب مع العلم بالغصبيّة، و لو لم يعلم بها صحّت صلاته إن كان معذورا كالجاهل بالموضوع أو بالحكم عن قصور، و أما المقصّر فالأقوى فيه البطلان.

و أمّا ناسي الغصبيّة فتصحّ صلاته إن لم يكن هو الغاصب، و

إلا فالأحوط الإعادة.

(مسألة 669) لا فرق في الغصب بين أن يكون عين مال الغير، أو منفعته،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 132

أو يكون متعلّقا لحقّ الغير كالمرهون، بل إذا اشترى ثوبا بعين مال تعلّق به الخمس أو الزّكاة مع عدم أدائهما من مال آخر، فهو بحكم المغصوب.

(مسألة 670) إذا صبغ الثّوب بصبغ مغصوب أو خيط بخيط مغصوب، ففي جريان حكم المغصوب عليه إشكال، فلا يترك الاحتياط خصوصا في الثاني. نعم لا إشكال في الصلاة في الثوب إذا أجبر الصباغ أو الخياط على عمله و لم يعطه أجرته و كان الصّبغ و الخيوط لمالك الثّوب، و كذا إذا غسل الثّوب بماء مغصوب، أو أزيل وسخه بصابون مغصوب، أو أجبر الغاسل على غسله و لم يعطه أجرته.

(مسألة 671) الشرط الثّالث: أن يكون مذكّى مأكول اللّحم إذا كان جلدا، فلا تجوز الصّلاة في جلد غير مذكى، و لا في أجزائه التي تحلّها الحياة، و لو كان طاهرا من جهة عدم كونه ذا نفس سائلة كالسمك على الأحوط.

و يجوز فيما لا تحلّه الحياة من أجزائه كالصّوف و الشّعر و الوبر و نحوها.

(مسألة 672) لا تجوز الصّلاة في شي ء من غير مأكول اللّحم و إن ذكّي، من غير فرق بين أجزائه التي تحلّها الحياة و غيرها، بل يجب إزالة البقايا الطّاهرة منه كالرّطوبة و الشّعرات الملتصقة بلباس المصلّي و بدنه.

(مسألة 673) إذا شكّ في اللّباس أو فيما على اللّباس من الرّطوبة و نحوها، أنها من المأكول أو من غيره، أو من الحيوان أو غيره، تصحّ الصّلاة فيه. بخلاف ما إذا شك فيما تحلّه الحياة من الحيوان أنه مذكّى أو ميتة، فلا يصلّي فيه حتى يحرز تذكيته.

(مسألة 674) لا بأس بالشّمع

و العسل و الحرير الممتزج، و أجزاء مثل البقّ و البرغوث و الزّنبور و نحوها مما لا لحم له، و كذلك الصّدف.

(مسألة 675) استثني ممّا لا يؤكل الخزّ، و لا بأس بالصلاة في الذي يسمّونه الآن بالخزّ لمن اشتبه عليه حاله، و إن كان الأحوط شديدا الاجتناب عنه. أما السّنجاب فلا يترك الاحتياط بعدم الصّلاة في شي ء منه.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 133

(مسألة 676) لا بأس بالأجزاء المنفصلة من الإنسان كشعره و ريقه و لبنه سواء كان من نفسه أو من غيره، كالشّعر الموصول بالشّعر، و تصحّ الصّلاة فيه سواء كان من الرّجل أو المرأة. أما السّاتر من شعر الإنسان فلا يترك فيه الاحتياط إن لم يكن له ساتر غيره.

(مسألة 677) الشرط الرابع: أن لا يكون السّاتر بل مطلق اللّباس من الذّهب للرّجال في الصّلاة و غيرها، و لو كان حليّا كالخاتم و نحوه.

(مسألة 678) لا بأس بشدّ الأسنان بالذّهب، بل و تركيبها منه، في الصّلاة و غيرها. نعم الأحوط تركه في مثل الثنايا ممّا كان ظاهرا و لو مع عدم قصد الزينة. و كذا لا بأس بكون قاب السّاعة من الذّهب و حملها في الصّلاة. نعم إذا كانت سلسلة السّاعة من الذهب و علّقها في رقبته مثلا، فيشكل الصّلاة فيها. بخلاف ما إذا كانت غير معلّقة و كانت في جيبه مثلا، فلا بأس بها.

(مسألة 679) الشرط الخامس: أن لا يكون حريرا محضا للرّجال، بل لا يجوز لبسه لهم في غير الصّلاة أيضا، حتى لو لم تتمّ فيه الصّلاة وحده كالتّكّة و القلنسوة و نحوهما على الأحوط. و المراد بالحرير ما يشمل القزّ.

و يجوز للنّساء و لو في الصلاة، و للرّجال في الضرورة، و

في الحرب.

(مسألة 680) الذي يحرم على الرّجال خصوص لبس الحرير، فلا بأس بالافتراش و الركوب عليه و التّدثّر به، على نحو لا يصدق عليه اللّبس، و لا بزرّ الثّياب و علاماتها و السفائف و القياطين عليها، كما لا بأس بعصابة الجروح و القروح و حفيظة المسلوس و غير ذلك، بل و لا بأس بترقيع الثوب و كفّه به إذا لم يكونا بمقدار يصدق معه لبس الحرير. و إن كان الأحوط في الكفّ أن لا يزيد على مقدار أربع أصابع مضمومة، بل الأحوط ذلك في الرّقاع أيضا.

(مسألة 681) لا بأس بلبس الحرير المخلوط، و المدار على صدق

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 134

مسمّى الامتزاج الذي يخرجه عن الحرير المحض، و لو كان الخليط بقدر العشر. و يشترط كون الخليط من جنس ما يصحّ الصّلاة فيه، فلا يكفي مزجه بصوف أو وبر ممّا لا يؤكل لحمه و إن كان كافيا في رفع حرمة لبسه.

أما الثّوب المنسوج من الإبريسم المفتول بالذّهب، فيحرم لبسه كما لا تصحّ الصّلاة فيه.

(مسألة 682) يحرم لباس الشّهرة، و كذا ما يختصّ بالنّساء للرّجال و بالعكس، على الأحوط. لكن لا يضرّ لبسها بالصّلاة.

(مسألة 683) إذا شكّ في أن اللّباس أو الخاتم ذهب أو غيره، يجوز لبسه و الصلاة فيه. و كذا ما شكّ أنه من الحرير أو غيره. و لو شكّ في أنه حرير محض أو مخلوط، فالأقوى عدم وجوب الاجتناب عنه.

(مسألة 684) لا بأس بلبس الصّبيّ الحرير، و الأحوط للوليّ و غيره من سائر المكلّفين ترك إلباسه و ترك تسبيبه، إلا في الصّغار الذين لا يميّزون اللّباس، و في صحة صلاة المميز فيه إشكال، و الأحوط عدم الصّحة.

(مسألة 685) إذا لم يجد

المصلّي ساترا حتى الورق و الحشيش، فإن وجد حفرة يلج فيها و يتستّر بها صلى صلاة المختار، و إذا وجد طينا أو ماء كدرا فالأقوى اتحاد حكمه مع العاري، و الأحوط الجمع بين وظيفتي المختار و العاري. و إن لم يجد ذلك أيضا و أمن النّاظر، فالأقوى أن يصلّي قائما مؤميا للرّكوع و السّجود، و يضع يديه على قبله حال القيام على الأحوط. و إن لم يأمن النّاظر صلى جالسا فإن تمكّن من الرّكوع و السّجود بحيث لا تبدو عورته تعيّنا، و إلا يومي برأسه، و لا يبعد التّمكّن من الرّكوع و السّجود للجالس، خصوصا الرّكوع.

(مسألة 686) يجب تأخير الصّلاة عن أوّل الوقت إذا لم يكن عنده ساتر و احتمل وجوده في آخر الوقت.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 135

مكان المصلي

(مسألة 687) تجوز الصلاة في كلّ مكان إلا المغصوب عينا أو منفعة، و في حكم الغصب ما تعلّق به حقّ الغير كالرّهن، و حقّ الميّت إذا أوصى بالثّلث و لم يخرج بعد، بل ما تعلق به حقّ السّبق، بأن سبق شخص إلى مكان من المسجد أو غيره للصّلاة فيه و لم يعرض عنه على الأقوى.

(مسألة 688) تبطل الصّلاة في المغصوب إذا كان عالما عامدا مختارا، من غير فرق بين الفريضة و النّافلة، أما الجاهل بالموضوع أو الحكم قاصرا، و المحبوس بباطل و النّاسي غير الغاصب، و المضطرّ، فصلاتهم فيه صحيحة. و يصلّي المضطرّ كصلاة غيره بقيام و ركوع و سجود.

(مسألة 689) لا تجوز الصّلاة في الأرض المغصوبة المجهول مالكها التي يرجع أمرها إلى الحاكم الشرعي، و لا في الأرض المشتركة إلا بإذن جميع الشّركاء.

(مسألة 690) لا تبطل الصّلاة تحت السّقف المغصوب، و في الخيمة المغصوبة،

و الدّار المغصوب بعض سؤرها، إذا كان ما يقع فيه الصّلاة مباحا. و إن كان الأحوط الاجتناب في الجميع.

(مسألة 691) إذا اشترى دارا بعين المال الذي تعلّق به الخمس أو الزّكاة، فالأقوى بطلان الصّلاة فيه، في غير الغافل و الجاهل المعذورين.

(مسألة 692) يشكل تصرّفات الورثة من الصّلاة و غيرها في تركة مورّثهم إذا كان عليه حقوق النّاس كالمظالم أو الزّكاة أو الخمس قبل أدائها. و كذا إذا كان عليه دين مستغرق للتّركة، بل و غير المستغرق إلا مع رضى الدّيّان، أو كون الورثة بانين على الأداء غير متسامحين.

(مسألة 693) المدار في جواز التّصرف و الصّلاة في ملك الغير على إحراز رضاه و طيب نفسه، و إن لم يأذن صريحا، فلو علم ذلك من القرائن و شاهد الحال و الظّواهر الّتي تكشف عن رضاه كشفا اطمئنانيّا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 136

بحيث لا يعتنى باحتمال الخلاف، كفى.

(مسألة 694) يجوز الصّلاة في الأراضي المتّسعة كالصّحاري و المزارع و البساتين الّتي لم يبن لها حيطان، بل و سائر التّصرفات اليسيرة مما جرت عليه السيرة كالاستطراقات العادية غير المضرّة، و الجلوس و النّوم فيها و غير ذلك، و لا يجب التّفحص عن ملّاكها، من غير فرق بين كونهم كاملين أو قاصرين كالصّغار و المجانين. نعم يشكل جميع ما ذكر إذا ظهرت الكراهة و المنع من ملّاكها، و لو بوضع ما يمنع المارّة عن الدخول فيها.

(مسألة 695) المراد بالمكان الذي تبطل الصّلاة بغصبه، ما استقرّ عليه المصلّي و لو بوسائط، أو ما شغله من الفضاء في قيامه و ركوعه و سجوده و نحوها، فقد يجتمعان و قد يفترقان، ففي الصّلاة في الأرض المغصوبة، يجتمع غصب المقرّ و الفضاء، و

على الجناح المباح الخارج إلى الفضاء غير المباح، يتحقّق غصب الفضاء دون المقرّ، و على الفراش المغصوب المطروح على أرض مباحة، يتحقّق غصب المقرّ دون الفضاء.

(مسألة 696) الأقوى صحّة صلاة كلّ من الرّجل و المرأة مع المحاذاة أو تقدّم المرأة، لكن على كراهة بالنسبة إليهما مع تقارنهما في الشروع في الصلاة، و بالنسبة إلى المتأخّر منهما مع اختلافهما. و الأحوط لهما ترك ذلك، و لو فعلا، فالأحوط إعادتهما مع التّقارن و إعادة المتأخّر منهما مع الاختلاف.

(مسألة 697) لا فرق في الحكم المذكور كراهة أو حرمة بين المحارم و غيرهم، و بين كون المصلّين بالغين أو غير بالغين أو مختلفين، بل يعمّ الحكم الزّوج و الزّوجة أيضا.

(مسألة 698) ترتفع الكراهة أو الحرمة بوجود الحائل، و بالبعد بينهما عشرة أذرع بذراع اليد، و بتأخّر المرأة. و الأحوط في الحائل كونه بحيث يمنع المشاهدة، و في التأخّر كون مسجدها وراء موقفه، و إن لم يبعد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 137

كفاية مطلقهما.

(مسألة 699) الأحوط أن لا يتقدّم في الصّلاة على قبر المعصوم عليه السّلام، بل و لا يساويه أيضا، و يرتفع الحكم بالبعد المفرط على وجه لا يصدق معه التّقدم و المحاذاة و يخرج عن صدق وحدة المكان، و كذا بالحائل الرّافع لسوء الأدب، و الظّاهر أن الشّباك المصنوع على الضّريح ليس من الحائل المجوّز.

(مسألة 700) لا تعتبر طهارة مكان المصلّي إلا مع تعدّي نجاسته إلى الثّوب أو البدن، نعم تعتبر في مسجد الجبهة كما مرّ.

(مسألة 701) يعتبر في مسجد الجبهة مع الاختيار أن يكون أرضا أو نباتا، و الأفضل التّربة الحسينيّة الّتي تخرق الحجب السّبع و تنوّر إلى الأرضين السّبع. أمّا القرطاس فإن كان مصنوعا ممّا

يجوز السّجود عليه فلا بأس، و إن كان مصنوعا من غيره فالأحوط تركه.

(مسألة 702) لا يجوز السّجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن كالذّهب و الفضّة و القير و نحو ذلك، و كذا ما خرج عن اسم النّبات كالرّماد. و في جواز السّجود على الخزف و الآجرّ و النّورة و الجصّ المطبوخين و كذا الفحم تأمل و إشكال. نعم يجوز على الجصّ قبل الطّبخ و الطّين الأرمني و حجر الرّحى، بل و بعض أصناف المرمر.

(مسألة 703) يعتبر في جواز السّجود على النّبات أن يكون من غير المأكول و الملبوس. فلا يجوز السّجود على المخبوز و المطبوخ، و الحبوب المعتاد أكلها من الحنطة و الشّعير و نحوهما، و الفواكه و البقول المأكولة، و الثّمرة المأكولة و لو قبل أوان أكلها. و لا بأس بغير المأكول منها كالحنظل و الخرنوب و نحوهما، و كذا لا بأس بالتّبن و القصيل و نحوهما. و في جواز السّجود على نخالة الحنطة و الشعير و قشر البطّيخ إشكال، فلا يترك الاحتياط، و الأحوط ترك السّجدة على قشور جميع المأكولات و نواها.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 138

(مسألة 704) الملبوس كالمأكول، فلا يجوز على القطن و الكتّان و لو قبل قابليتهما للغزل. نعم لا بأس بالسّجود على خشبهما و غيره كالورق و الخوص و نحوهما، ممّا لا تصنع الملابس المعتادة منها، و الأحوط ترك السّجود على القنّب.

(مسألة 705) لا بدّ في حالة الاختيار من تمكين الجبهة على ما يسجد عليه، فلا يجوز على الوحل غير المتماسك، بل و لا على التراب الذي لا تتمكّن الجبهة عليه، و مع إمكان التّمكين على الطين لا بأس بالسّجود عليه و إن لصق بجبهته،

لكن يجب إزالته للسّجدة الثانية، و لو لم يكن عنده إلا طين غير متماسك وضع عليه جبهته من غير اعتماد.

(مسألة 706) إذا كان في أرض ذات طين و وحل بحيث لو جلس للسّجود و التشهّد تلطّخ بدنه و ثيابه، و لم يوجد مكان آخر، فالأحوط الصّلاة فيها بشكل كامل و لو تلطّخت ثيابه، إذا لم يكن في ذلك حرج شديد، و إن كان يجوز له أن يصلّي فيها واقفا موميا للسجود.

(مسألة 707) إذا لم يكن عنده ما يصحّ السّجود عليه، أو كان و لم يتمكّن من السّجود عليه لحرّ أو برد أو تقيّة أو غيرها، سجد على ثوب القطن أو الكتّان، و إن لم يكن، سجد على ظهر كفّه، و إن لم يتمكّن فعلى المعادن.

(مسألة 708) إذا فقد ما يصحّ السّجود عليه في أثناء الصّلاة، قطعها في سعة الوقت، و في الضّيق يسجد على ثوبه القطن أو الكتّان، ثم على ظهر الكفّ، ثم على المعادن على التّرتيب.

(مسألة 709) يعتبر في المكان الذي يصلّي فيه الفريضة أن يكون مستقرا غير مضطرب، فلو صلى اختيارا في سفينة أو على سرير، فإن فات الاستقرار المعتبر في الفريضة بطلت صلاته، و إن حصل الاستقرار بحيث يصدق عليه أنه مستقر مطمئنّ، صحّت صلاته، حتى لو كانت في

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 139

مثل السفينة و السيارة و الطائرة السائرة، لكن يجب المحافظة على بقيّة ما يجب في الصّلاة من الاستقبال و نحوه. أما مع الاضطرار، فيصلّي ماشيا و على الدابّة و في السيارة غير المستقرّة، لكن مع مراعاة الاستقبال بما أمكنه من صلاته، و ينحرف إلى القبلة كلّما انحرفت الدابة أو السيارة فإن لم يتمكّن من الاستقبال إلا في

تكبيرة الإحرام اقتصر على ذلك، و إن لم يتمكّن من الاستقبال أصلا سقط، لكن يجب عليه تحرّي الأقرب إلى القبلة فالأقرب. و كذا بالنسبة إلى غير الاستقبال مما هو واجب في الصّلاة، فإنه يأتي بما يتمكّن منه أو ببدله، و يسقط ما تقتضي الضّرورة سقوطه.

(مسألة 710) يستحبّ الصّلاة في المساجد، بل يكره عدم حضورها بغير عذر كالمطر، خصوصا لجار المسجد، حتى ورد في الخبر (لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد) و أفضلها المسجد الحرام، فإن الصّلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة، ثمّ مسجد النّبي صلّى اللّه عليه و آله، و الصّلاة فيه تعدل عشرة آلاف، ثمّ مسجد الكوفة و الأقصى، و الصّلاة فيهما تعدل ألف صلاة، ثمّ المسجد الجامع، و تعدل فيه مائة صلاة، ثمّ مسجد القبيلة، و تعدل فيه خمسا و عشرين، ثمّ مسجد السّوق، و تعدل فيه اثنتي عشرة. و كذا يستحبّ الصّلاة في مشاهد الأئمّة عليهم السلام، خصوصا مشهد عليّ و حائر الحسين عليهما السّلام.

(مسألة 711) يكره تعطيل المسجد، فإنه أحد الثلاثة الذين يشكون إلى الله عزّ و جل يوم القيامة، و الآخران: عالم بين جهّال، و مصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه. و من مشي إلى مسجد من مساجد الله فله بكلّ خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات، و محي عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات.

(مسألة 712) الأفضل للنّساء الصّلاة في بيوتهنّ، و الأفضل بيت المخدع.

(مسألة 713) من المستحبّات الأكيدة بناء المسجد، و فيه أجر عظيم

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 140

و ثواب جسيم، فعن النّبي صلّى اللّه عليه و آله (من بنى مسجدا في الدّنيا أعطاه اللّه لكلّ شبر منه مسيرة

أربعين ألف عام مدينة من ذهب و فضّة و لؤلؤ و زبرجد).

(مسألة 714) المشهور اعتبار إجراء صيغة الوقف في صيرورة الأرض مسجدا فيقول (وقفتها مسجدا قربة إلى اللّه تعالى) لكن الأقوى كفاية البناء بقصد كونه مسجدا مع صلاة شخص واحد فيه بإذن الباني، فيجري عليه حكم المسجديّة و إن لم يجر الصّيغة.

(مسألة 715) تكره الصّلاة في الحمّام حتى المنزع منه، و في المزبلة، و المجزرة، و المكان المتّخذ للكنيف و لو سطحا متخذا مبالا، و بيت المسكر، و في أعطان الإبل، و مرابط الخيل و البغال و الحمير و البقر، و مرابض الغنم، و في الطّرق إن لم تضرّ بالمارّة، و إلا حرمت، و في قرى النّمل، و في مجاري المياه و إن لم يتوقّع جريانها فعلا، و في الأرض السّبخة، و في كلّ أرض نزل فيها عذاب، و على الثّلج، و في معابد النّيران بل كلّ بيت أعدّ لإضرام النار فيه، و على القبر أو إلى القبر أو بين القبور. و ترتفع كراهة الأخيرين بالحائل و ببعد عشرة أذرع، و لا كراهة بالصّلاة خلف قبور المعصومين عليهم السّلام. و كذا يكره أن يصلّي و بين يديه نار مضرمة، أو سراج، أو تمثال ذي روح، و تزول في الأخير بالتّغطية. و كذا تكره و بين يديه مصحف أو كتاب مفتوح، أو مقابله باب مفتوح.

الأذان و الإقامة

(مسألة 716) يتأكّد رجحان الأذان و الإقامة للصّلوات الخمس أداء و قضاء حضرا و سفرا في الصحّة و المرض، للجامع و المنفرد للرّجال و النّساء، حتى قال بعض بوجوبهما، و خصّه بعض بالصّبح و المغرب،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 141

و بعضهم بالجماعة، و الأقوى استحبابهما مطلقا لكن لا ينبغي تركهما،

خصوصا الإقامة لما ورد فيها من الحثّ و التّرغيب.

(مسألة 717) يسقط الأذان للعصر و العشاء إذا جمع بينهما و بين الظّهر و المغرب، من غير فرق بين موارد استحباب الجمع مثل عصر يوم الجمعة و عصر يوم عرفة و عشاء ليلة العيد في المزدلفة، و بين غيرها.

و يتحقّق التفريق الموجب لعدم سقوط الأذان بطول الزّمان بين الصّلاتين، و بفعل النّافلة الموظّفة بينهما على الأقوى. و الأقوى أنّ سقوط الأذان في موارد الجمع رخصة. نعم لا يترك الاحتياط في المستحاضة التي وظيفتها الجمع بين الظّهرين و العشاءين، و كذا في المسلوس.

(مسألة 718) يسقط الأذان مع الإقامة في مواضع، و الأقوى أنّ سقوطه رخصة لا عزيمة، منها: للدّاخل في الجماعة التي أذّنوا و أقاموا لها، و إن لم يسمعهما و لم يكن حاضرا حينهما. بل مشروعيّتهما حنيئذ لا تخلو من إشكال. و منها: من صلى في مسجد فيه جماعة لم تتفرّق، سواء قصد الصّلاة في تلك الجماعة أم لا، و سواء صلى جماعة إماما أو مأموما أو منفردا، فلو تفرّقوا أو أعرضوا عن الصّلاة و تعقيبها و إن بقوا في مكانهم، لم يسقطا عنه. كما أنهما لا يسقطان إذا كانت الجماعة السّابقة بغير أذان و إقامة، و إن كان تركهم لهما بسبب اكتفائهم بالسّماع من الغير.

و كذا إذا كانت الصّلاة باطلة، لفسق الإمام مع علم المأمومين به مثلا، أو من جهة أخرى، و كذا مع عدم اتّحاد مكان الصّلاتين عرفا، بأن كانت إحداهما داخل المسجد و الأخرى على سطحه مثلا، أو بعدت إحداهما عن الأخرى كثيرا. و لا إشكال إذا كانت إحدى الصّلاتين قضائيّة و الأخرى أدائيّة أو لم تشتركا في الوقت. و في جريان هذا الحكم

في غير المسجد إشكال. و الأحوط الإتيان بهما في موارد الإشكال بنية الرّجاء و احتمال المطلوبيّة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 142

إحضار القلب في الصّلاة

(مسألة 719) ينبغي للمصلي إحضار قلبه في تمام الصّلاة في أقوالها و أفعالها، فإنه لا يحسب للعبد من صلاته إلا ما أقبل عليه منها. و معنى الإقبال الالتفات التّام إلى الصّلاة و إلى ما يقول فيها، و التّوجه الكامل نحو حضرة المعبود جلّ جلاله، و استشعار عظمته و جلال هيبته، و تفريغ قلبه عمّا عداه، فيرى نفسه ماثلا بين يدي ملك الملوك عظيم العظماء، مخاطبا مناجيا إيّاه. فإذا استشعر ذلك و وقعت في قلبه هيبته يرى نفسه مقصرا في أداء حقّه فيخافه، ثمّ يلاحظ سعة رحمته فيرجو ثوابه، فيحصل له حالة بين الخوف و الرّجاء. و هذه صفة الكاملين، و لها درجات و مراتب شتى لا تحصى على حسب درجات المتعبّدين. و ينبغي للمصلّي الخضوع و الخشوع و السّكينة و الوقار و الزيّ الحسن و الطّيب و السّواك قبل الدّخول فيها و التّمشّط، و ينبغي أن يصلّي صلاة مودّع فيجدّد التّوبة و الإنابة و الاستغفار، و أن يقوم بين يدي ربّه قيام العبد الذّليل بين يدي مولاه، و أن يكون صادقا في مقالته (إيّاك نعبد و إيّاك نستعين) فلا يقول هذا القول و هو عابد لهواه و مستعين بغير مولاه. و ينبغي له أيضا أن يبذل جهده في الحذر من موانع القبول، من العجب و الحسد و الكبر و الغيبة و حبس الزّكاة و سائر الحقوق الواجبة، فإنّ ذلك كله من موانع قبول الصلاة.

أفعال الصلاة

اشارة

(مسألة 720) و هي: واجبة، و مسنونة. و الواجب أحد عشر: النيّة، و تكبيرة الإحرام، و القيام، و الرّكوع، و السّجود، و القراءة، و الذّكر، و التشهّد، و التّسليم، و التّرتيب، و الموالاة. و الخمسة الأولى أركان،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص:

143

تبطل الصّلاة بزيادتها أو نقصانها عمدا و سهوا، لكن لا يتصوّر الزيادة في النيّة بناء على أنها الدّاعي، و بناء على أنها الإخطار في الذّهن أو القلب لا تضرّ زيادتها. و باقي الواجبات لا تبطل الصّلاة بزيادتها أو نقصانها إلا مع العمد دون السّهو. نعم نقصان التّرتيب و الموالاة سهوا قد يوجب البطلان كما يأتي.

النيّة

(مسألة 721) النيّة عبارة عن قصد الفعل قربة إلى اللّه تعالى و امتثالا لأمره، و ذلك إما لأنه أهل للعبادة و هو أعلاها، أو شكرا لنعمته، أو طلبا لرضاه، أو خوفا من سخطه، أو رجاء لثوابه، و هذا أدناها.

(مسألة 722) لا يجب في النيّة اللّفظ لأنها أمر قلبيّ، كما لا يجب فيها الإخطار الفكريّ و التّصور القلبيّ، بل يكفي الدّاعي، و هو الإرادة الإجمالية المؤثّرة في صدور الفعل، المنبعثة عمّا في نفسه من الغايات، على وجه يخرج به عن السّاهي و الغافل، و يدخل فعله في فعل الفاعل المختار كسائر أفعاله الإراديّة، و يكون باعثه و محرّكه للعمل الامتثال.

(مسألة 723) يعتبر الإخلاص في النيّة، فلو ضمّ إليها ما ينافيها، بطلت، خصوصا الرّياء فإنه إذا دخل في النيّة على أي حال يكون مفسدا، سواء كان في الابتداء أو في الأثناء، في الأجزاء الواجبة لو اكتفى بها، لكن الأحوط في مثل آيات القراءة و التشهّد التّدارك ثمّ الإتمام و الإعادة. و في مثل القنوت و الأذكار المستحبّة الأحوط إتمام الصّلاة ثم الإعادة، سواء تدارك الجزء أم لا. و الأقوى البطلان أيضا بالرّياء في أوصاف الصّلاة كالصّلاة في المسجد أو جماعة.

(مسألة 724) يحرم الرّياء المتأخّر و إن لم يكن مبطلا، كما لو أخبر بما فعله من طاعة، رغبة في الأغراض الدّنيويّة من

مدح أو ثناء أو جاه أو مال.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 144

فائدة: روي عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله أنه قال (المرائي يوم القيامة ينادي بأربعة أسماء يا كافر يا فاجر يا غادر يا خاسر، ضلّ سعيك و بطل أجرك و لا خلاق لك، التمس الأجر ممّن كنت تعمل له يا مخادع) و عنه صلّى اللّه عليه و آله أنه قال (إنّ اللّه يعطي الدّنيا بعمل الآخرة و لا يعطي الآخرة بعمل الدّنيا، فإذا أنت أخلصت النيّة و جرّدت الهمّة للآخرة، حصلت لك الدّنيا و الآخرة).

(مسألة 725) إذا كانت الضّمائم المباحة أو الرّاجحة المقصودة للمصلي مؤثّرة في الدّاعي إلى الصّلاة مستقلا بطلت، و كذا إذا كانت مؤثّرة تبعا أيضا على الأحوط.

(مسألة 726) إذا كانت الضّميمة مؤثّرة في صفات الصّلاة و خصوصيّاتها فقط، مثل مكان الصّلاة و زمانها، فلا تبطل. أمّا إذا أثّرت في فعل أصل الصّلاة فمشكل.

(مسألة 727) إذا قال في صلاته كلمة بنيّة القراءة أو الذّكر، مثل: الله أكبر، و رفع بها صوته ليفهم شيئا للغير فلا إشكال فيه. أمّا إذا قالها بنيّة إفهام الغير و نوى معه الذّكر فتبطل صلاته.

(مسألة 728) يجب في النيّة تعيين نوع الصّلاة و لو إجمالا، بأن ينوي مثلا ما في ذمّته إذا كان واحدا، أو ما في ذمّته من الصّلاة الأولى أو الثانية.

(مسألة 729) لا يجب نية الأداء و القضاء، فلو نوى الإتيان بصلاة الظّهر الواجبة عليه فعلا و لم يكن عليه قضاء، كفى. أما لو كان عليه قضاء فلا بدّ من تعيين ما يأتي به و أنه لذلك اليوم أو لغيره.

(مسألة 730) إذا نوى امتثال الأمر المتوجّه اليه، و تخيّل أن الوقت باق و أنه

أمر بأداء الصّلاة، فبان فوات الوقت و أن الأمر هو القضاء، فتصحّ صلاته و تقع قضاء.

(مسألة 731) لا يجب نيّة القصر و الإتمام حتى في أماكن التّخيير أيضا، فلو شرع فيها في صلاة الظّهر مثلا على أنه بعد التشهّد الأوّل إمّا يسلّم أو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 145

يتمّها، صحّت، بل لو عيّن أحدهما في النيّة لم يلزم به على الأظهر و كان له العدول إلى الآخر، لكن لو نوى القصر فشكّ بين الاثنتين و الثّلاث بعد إكمال السّجدتين، فالأحوط العدول إلى التّمام و معالجة الصّلاة من البطلان، ثمّ إعادتها.

(مسألة 732) لا يجب قصد الوجوب و النّدب، بل يكفي قصد القربة المطلقة، و إن كان الأحوط قصدهما.

(مسألة 733) لا يجب حين النيّة تصوّر الصّلاة تفصيلا، بل يكفي الإجمال.

(مسألة 734) إذا نوى في أثناء الصّلاة قطعها أو الإتيان بالقاطع، فإن أتمّ صلاته على تلك الحال بطلت، و لو عاد إلى نيّتها قبل أن يأتي بشي ء لم تبطل، و إن كان الأحوط الإتمام ثم الإعادة. أمّا لو أتى ببعض الأجزاء ثمّ رجع إلى نيّة الصّلاة، فالأحوط بعد العود التّدارك ثمّ الإتمام ثمّ الإعادة، إلا إذا كان ما أتى به من الأجزاء فعلا كثيرا، فإنه مبطل.

(مسألة 735) إذا شكّ فيما بيده أنه نواه ظهرا أو عصرا، فإن كان قد أتى بالظّهر يرفع اليد عنها و يستأنف العصر، و إن لم يكن صلى الظهر ففي الوقت المشترك ينويها ظهرا، و في الوقت المختصّ بالظهر يرفع اليد عنها و يستأنف الظهر، و في المختصّ بالعصر يرفع اليد عنها و يستأنف العصر إن أدرك و لو ركعة منه، و إلا فالأحوط إتمامها عصرا ثمّ يقضيهما، أو يقضي العصر إن علم

أنه أتى بالظهر.

(مسألة 736) إذا رأى نفسه في العصر و شكّ في أنه نواها أوّلا أو نوى الظّهر، فحكمه كما تقدّم في المسألة السّابقة على الأحوط.

(مسألة 737) يجوز العدول من صلاة إلى أخرى في مواضع: منها: في الصّلاتين الأدائيّتين المرتّبتين كالظّهرين و العشاءين إذا دخل في الثانية قبل الأولى سهوا أو نسيانا، فيجب أن يعدل إليها إذا تذكّر في الأثناء و لم يتجاوز محلّ العدول، أمّا إذا تذكّر في الأثناء بعد تجاوز محلّ العدول،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 146

كما إذا دخل في ركوع الرّكعة الرّابعة من العشاء فالأقوى بطلانها، و الأحوط إتمامها ثمّ الإتيان بالصّلاتين مرتّبا. و أمّا لو تذكّر بعد الفراغ من اللاحقة، فتصحّ. و بحكم الأدائيّتين الصّلاتان المقضيّتان المرتّبتان، كما إذا فاته الظّهران أو العشاءان من يوم واحد. و منها: إذا دخل في الحاضرة فذكر أنّ عليه قضاء، فإنه يستحبّ أن يعدل إليه مع بقاء المحل. و منها:

العدول من الفريضة إلى النّافلة، في موضعين: أحدهما، في ظهر يوم الجمعة لمن نسي قراءة سورة الجمعة و قرأ سورة أخرى و بلغ النّصف أو تجاوزه. ثانيهما، إذا كان مشتغلا بالصّلاة و أقيمت الجماعة و خاف السّبق، فيجوز له العدول إلى النّافلة و إتمامها ركعتين.

(مسألة 738) لا يجوز العدول من النّفل إلى الفرض و لا من النّفل إلى النّفل مطلقا، حتى في النوافل الخاصة المرتبة قبل الفريضة أو بعدها.

و كذا لا يجوز العدول من الفائتة إلى الحاضرة، فلو دخل في فائتة ثم ذكر في أثنائها أن الحاضرة قد ضاق وقتها قطعها و شرع في الحاضرة، و لا يجوز العدول منها إليها. و كذا لا يجوز العدول في الحاضرتين المرتّبتين من السّابقة إلى اللّاحقة، بخلاف العكس

كما مرّ، فلو دخل في الظّهر بتخيّل عدم إتيانه بها فعرف في الأثناء أنه أتى بها، لم يجز له العدول إلى العصر (مسألة 739) إذا عدل في موضع لا يجوز العدول فيه، بطلتا معا، إلا إذا عدل من اللاحقة إلى السّابقة بتخيّل عدم الإتيان بها، ثم تذكر أنه أتى بها.

و إن تذكر أنه أتى بها بعد عدوله و قبل أن يفعل شيئا بنيّة السّابقة، فالأقوى الصحّة فيتمها بنية ما شرع به.

(مسألة 740) إذا دخل في ركعتين من صلاة اللّيل بنيّة ركعتين بعدهما، صحّتا و حسبتا له الأولتين قهرا، و ليس هذا من باب العدول و لا يحتاج إليه، لأن مدار الأوّليّة و الثانويّة فيها ما هو الواقع، و لا أثر للقصد.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 147

تكبيرة الإحرام

(مسألة 741) و تسمى تكبيرة الافتتاح أيضا، و صورتها (اللّه أكبر) بدون تغيير، و لا يجزي مرادفها من العربيّة و لا ترجمتها بغير العربيّة، و هي ركن تبطل الصّلاة بنقصانها عمدا و سهوا، و كذا بزيادتها. فإذا كبّر للافتتاح ثم زاد ثانية للافتتاح أيضا عمدا أو سهوا بطلت الصّلاة، و احتاج إلى ثالثة، فإن أبطلها برابعة احتاج إلى خامسة، و هكذا.

(مسألة 742) يجب فيها القيام التّام، فلو تركه عمدا أو سهوا بطلت، بل لا بدّ من تقديمه على البدء فيها مقدّمة، من غير فرق في ذلك بين المأموم الذي أدرك الإمام راكعا و غيره، بل ينبغي التّريّث في الجملة حتى يعلم وقوع التكبير تاما قائما، و الأحوط كون الاستقرار في القيام كالقيام، فتبطل التكبيرة بتركه فيها عمدا، أمّا سهوا فالأحوط الإتمام ثمّ الإعادة.

(مسألة 743) الأحوط عدم جواز وصلها بما قبلها من الدّعاء، و الظّاهر جواز وصلها بما بعدها

من الاستعاذة أو البسملة فيظهر إعراب راء (أكبر) لكن الأحوط عدم الوصل فيه أيضا. كما أن الأحوط تفخيم اللام من (اللّه) و الرّاء من (أكبر) و إن كان الأقوى جواز تركه.

(مسألة 744) يستحبّ زيادة ست تكبيرات على تكبيرة الإحرام قبلها أو بعدها أو بالتّوزيع، و الأحوط الأول، فيجعل الافتتاح الأخيرة. و الأفضل أن يأتي بالثّلاث ولاء ثمّ يقول (اللّهمّ أنت الملك الحقّ لا إله إلا أنت سبحانك إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي، إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت) ثمّ يأتي باثنتين و يقول (لبّيك و سعديك، و الخير في يديك، و الشّرّ ليس إليك، و المهديّ من هديت، لا ملجأ منك إلّا إليك، سبحانك و حنانيك تباركت و تعاليت، سبحانك ربّ البيت) ثمّ يأتي باثنتين و يقول (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ، عالم الغيب و الشهادة، حنيفا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 148

مسلما وَ مٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّ صَلٰاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ، لٰا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين) ثم يشرع في الاستعاذة و سورة الحمد.

(مسألة 745) يستحبّ للإمام الجهر بتكبيرة الإحرام بحيث يسمع من خلفه، و الإسرار بالسّت الباقية.

(مسألة 746) يستحبّ رفع اليدين عند التكبير إلى الأذنين أو إلى حيال وجهه، مبتدئا بالتكبير بابتداء الرّفع و منتهيا بانتهائه، و الأولى أن لا يتجاوز الأذنين، و أن يضمّ أصابع الكفّين و يستقبل بباطنهما القبلة.

(مسألة 747) إذا كبّر ثمّ شكّ في أنها تكبيرة الإحرام أو الرّكوع، بنى على الأوّل.

القيام

(مسألة 748) القيام ركن في تكبيرة الإحرام، و في الرّكوع، و هو الذي يقع الركوع عنه، و هو المعبّر عنه بالقيام المتّصل بالرّكوع،

فمن أخلّ به في هاتين الصّورتين عمدا أو سهوا، بأن كبّر للافتتاح و هو جالس، أو سهى و صلى ركعة تامة من جلوس، أو ذكر حال الرّكوع و قام منحنيا بركوعه، أو ذكر قبل تمام الرّكوع و قام متقوّسا غير منتصب و لو ساهيا، بطلت صلاته. و القيام في غير هاتين الصّورتين واجب ليس بركن لا تبطل الصّلاة بنقصانه إلا عن عمد، كالقيام حال القراءة، فمن سهى و قرأ جالسا ثم ذكر و قام فصلاته صحيحة، و الأحوط الأولى استئناف القراءة قائما.

________________________________________

گلپايگانى، سيد محمد رضا موسوى، هداية العباد (للگلبايگاني)، 2 جلد، دار القرآن الكريم، قم - ايران، اول، 1413 ه ق

هداية العباد (للگلبايگاني)؛ ج 1، ص: 148

و كذا الزّيادة، كما لو قام ساهيا في محلّ القعود.

(مسألة 749) يجب مع الإمكان الاعتدال في القيام و الانتصاب بحسب حال المصلّي، فلو انحنى أو مال إلى أحد الجانبين بطل، بل الأحوط الأولى نصب العنق، و إن كان الأقوى جواز إطراق الرّأس. و لا يجوز

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 149

الاستناد إلى شي ء حال القيام مع الاختيار. نعم لا بأس به مع الاضطرار، فيستند حينئذ على إنسان أو جدار أو خشبة أو غير ذلك، و لا يجوز القعود مستقلا مع التمكن من القيام مستندا.

(مسألة 750) يعتبر في القيام عدم التّفريج الفاحش بين الرّجلين، بحيث يخرج عن صدق القيام.

(مسألة 751) لا يجب التسوية بين الرجلين في الاعتماد. نعم الأحوط الوقوف على القدمين، لا على قدم واحدة، و لا على الأصابع، و لا على أصل القدمين.

(مسألة 752) إذا لم يقدر على القيام أصلا و لو مستندا أو منحنيا أو منفرجا، و لا على جميع أنواع القيام حتى الاضطراري منه بجميع

أشكاله، صلى من جلوس، و كان انتصابه جالسا كانتصابه قائما، فلا يجوز فيه الاستناد و التّمايل مع التمكّن من الاستقلال و الانتصاب، و يجوز مع الاضطرار. و مع تعذر الجلوس أصلا يصلّي مضطجعا على الجانب الأيمن كالمدفون، فإن تعذّر فعلى الأيسر عكس الأول، فإن تعذّر صلى مستلقيا كالمحتضر.

(مسألة 753) إذا تمكن من القيام و لم يتمكن من الرّكوع قائما، صلى قائما ثم جلس و ركع جالسا، و إن لم يتمكن من الركوع و السجود أصلا حتى جالسا، صلى قائما و أومى للركوع و السجود، و الأحوط فيما إذا تمكن من الجلوس أن يكون إيماؤه للسّجود جالسا، بل الأحوط رفع ما يصح السجود عليه و وضع الجبهة عليه إن أمكن.

(مسألة 754) إذا قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع، وجب أن يقوم إلى أن يحسّ من نفسه العجز فيجلس، ثم إذا أحسّ من نفسه القدرة على القيام قام، و هكذا.

(مسألة 755) يجب الاستقرار في القيام و غيره من أفعال الفريضة كالركوع و السّجود و القعود، فمن تعذّر عليه الاستقرار و كان متمكنا من الوقوف

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 150

مضطربا قدّمه على القعود مستقرا، و كذا الركوع و الذّكر و رفع الرأس، فيأتي بكلّ منها مضطربا و لا ينتقل إلى الجلوس و إن حصل به الاستقرار.

القراءة و الذّكر

(مسألة 756) يجب في الرّكعة الأولى و الثّانية من الفرائض قراءة الحمد و سورة كاملة عقيبها، و لو قدّمها على الفاتحة عمدا استأنف الصّلاة، و الأحوط أن يتدارك التّرتيب و يتمّ صلاته ثم يستأنفها. و لو قدّمها سهوا و ذكر قبل الرّكوع، فإن لم يكن قرأ الفاتحة بعدها، أعادها بعد أن يقرأ الفاتحة، و إن قرأها بعدها، أعادها

دون الفاتحة.

(مسألة 757) يجوز ترك السّورة في بعض الأحوال، بل قد يجب مع ضيق الوقت و الخوف و نحوهما من حالات الضّرورة.

(مسألة 758) يجب قراءة الحمد في النّوافل كالفرائض، بمعنى كونها شرطا في صحّتها. و أما السّورة فلا تجب في شي ء من النوافل و إن وجبت بالعارض بالنّذر و نحوه. نعم النّوافل الّتي وردت في كيفيّتها سور خاصة تعتبر فيها، إلا إذا علم أنّ تلك السّورة شرط لكمالها لا لأصل مشروعيّتها و صحّتها.

(مسألة 759) الأقوى جواز قراءة أكثر من سورة واحدة في ركعة في الفريضة لكن على كراهية، و إن كان الأحوط تركها، بخلاف النّافلة فلا كراهة فيها.

(مسألة 760) لا تجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السّور الطوال، فإن فعله عامدا بطلت صلاته بقراءة ما يوجب التفويت، و إن كان سهوا عدل إلى غيرها مع سعة الوقت، و إن ذكر بعد الفراغ منها و قد فات الوقت، أتمّ صلاته.

(مسألة 761) لا تجوز قراءة إحدى سور العزائم، و تبطل الصّلاة بقراءة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 151

آية السّجدة منها عمدا، و بطلانها بقراءة غيرها من آيات تلك السّور محلّ إشكال، فلا يترك الاحتياط بالإتمام و الإعادة. و لو قرأ سورتها سهوا حتى وصل إلى آية السجدة، أو استمع إلى الآية و هو في الصّلاة، فالأحوط أن يومئ للسّجود و هو في الصّلاة ثم يسجد بعد فراغه.

(مسألة 762) البسملة جزء من كلّ سورة، فيجب قراءتها، عدا سورة براءة.

(مسألة 763) سورتا (الفيل و لإيلاف) سورة واحدة، و كذلك (و الضّحى و أ لم نشرح) فلا تجزي واحدة منها، بل لا بدّ من الجمع بينهما بالتّرتيب مع البسملة الّتي بينهما.

(مسألة 764) يجب تعيين السّورة عند الشّروع في

البسملة على الأحوط و لو عيّن سورة ثم عدل إلى غيرها، يجب إعادة البسملة للمعدول إليها، و إذا عيّن سورة عند البسملة ثمّ نسيها و لم يدر ما عيّن، أعادها مع تعيين سورة.

(مسألة 765) إذا كان بانيا من أوّل الصّلاة أن يقرأ سورة معينة فنسي و قرأ غيرها، أو كانت عادته قراءة سورة فقرأ غيرها، كفى، و لم يجب إعادة السّورة.

(مسألة 766) يجوز العدول اختيارا من سورة إلى غيرها ما لم يبلغ النّصف، عدا التّوحيد و الجحد، فإنه لا يجوز العدول منهما إلى غيرهما، و لا من إحداهما إلى الأخرى بمجرد الشروع. نعم يجوز العدول منهما إذا شرع فيهما نسيانا إلى الجمعة و المنافقين، في الجمعة و ظهر يوم الجمعة، ما لم يبلغ النّصف.

(مسألة 767) يجب الإخفات بالقراءة عدا البسملة في الظّهر و العصر، و يجب على الرّجال الجهر بها في الصّبح و أوليي المغرب و العشاء، فمن عكس عامدا بطلت صلاته، و يعذر النّاسي و الجاهل بالحكم من أصله غير الملتفت للسّؤال، بل لا يعيدان ما وقع منهما من القراءة بعد ارتفاع العذر

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 152

في الأثناء، و كذا العالم به في الجملة إلا أنّه جهل محلّه أو نسيه. و أمّا الجاهل الملتفت التّارك للسّؤال عمدا، فالأحوط أن يستأنف.

(مسألة 768) لا جهر على النّساء، بل يتخيّرن بينه و بين الإخفات مع عدم الأجنبي، أما الإخفات فيجب عليهنّ فيما يجب على الرّجال، و يعذرن فيما يعذرون فيه.

(مسألة 769) يستحبّ للرّجل الجهر بالبسملة في الظهرين للحمد و السّورة، كما يستحبّ له الجهر بالقراءة في ظهر يوم الجمعة.

(مسألة 770) الأحوط اعتبار عدم سماع البعيد في الإخفات و لإسماع القريب في الجهر كما هو

المتعارف فيهما. و لا يجوز الإفراط في الجهر كالصّياح، كما لا يجوز الإخفات بحيث لا يسمع نفسه مع عدم المانع.

(مسألة 771) تجب القراءة الصّحيحة، فلو أخلّ عامدا بحرف أو حركة أو تشديد أو نحو ذلك، بطلت صلاته. و من لا يحسن الفاتحة أو السّورة، يجب عليه تعلّمهما.

(مسألة 772) المدار في صحّة القراءة على أداء الحروف من مخارجها بنحو يعدّه أهل اللّغة مؤديا للحرف الفلاني دون حرف آخر، و مراعاة حركات البنية، و ما له دخل في هيئة الكلمة، و الحركات و السّكنات الإعرابية و البنائيّة كما ضبطه علماء العربيّة، و التّشديد و المدّ الواجب فيما يتوقّف عليه أداء الكلمة صحيحة، و حذف همزة الوصل في الدّرج كهمزة (أل) و همزة (اهدنا) و إثبات همزة القطع كهمزة (أنعمت).

(مسألة 773) لا يلزم مراعاة تدقيقات علماء التّجويد في تعيين مخارج الحروف، فضلا عمّا يرجع إلى صفاتها من الشّدة و الرّخاوة و التّفخيم و التّرقيق و غير ذلك، و لا الإدغام الكبير و هو إدارج الحرف المتحرّك بعد إسكانه في حرف مماثل له من كلمتين مثل (يعلم ما بين أيديهم) بإدراج الميم في الميم، بل الأحوط ترك الإدغام في الحرفين المتقاربين من كلمة واحدة مثل (يرزقكم) و (زحزح عن النّار) بإدراج القاف في الكاف

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 153

و الحاء في العين. و لا تجب بعض أقسام الإدغام الصّغير كإدراج السّاكن الأصلي فيما يقاربه مثل (من ربّك) نعم الأحوط ترك الوقف على المتحرّك، و الوصل بالسّكون، و إدغام التّنوين و النّون السّاكنة من حروف (يرملون) و إن كان المترجّح في النّظر عدم لزوم شي ء ممّا ذكر.

(مسألة 774) الأحوط القراءة بإحدى القراءات السّبع، و إن كان الأقوى عدم

وجوبها و كفاية القراءة على النهج العربيّ، و إن خالفهم في حركة بنية أو إعراب.

(مسألة 775) يجوز قراءة (مالك يوم الدّين) و (ملك يوم الدّين)، و لعل الثّاني أرجح، و كذا يجوز في (الصّراط) أن يقرأ بالصّاد و السّين و في (كفوا أحد) وجوه أربعة بضمّ الفاء أو سكونه مع الهمزة أو الواو، و الأرجح أن يقرأ بالهمزة مع ضمّ الفاء، و أدونها بالواو مع إسكان الفاء.

(مسألة 776) من لا يقدر إلا على الملحون أو تبديل بعض الحروف و لا يستطيع أن يتعلّم، يجزيه ذلك و لا يجب عليه الائتمام، و إن كان أحوط، بخلاف من كان قادرا على التّصحيح و التعلّم و لم يتعلّم، فإنه يجب عليه الائتمام على الأحوط إن لم يتعلّم و ضاق الوقت، و في الوقت الموسّع مخيّر بين الائتمام و التعلّم.

(مسألة 777) يتخيّر فيما عدا الرّكعتين الأوليين من فرائضه بين الذّكر و الفاتحة، و الأفضل الذّكر، و صورته (سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر) و يجب المحافظة على العربيّة، و يجزي أن يقول ذلك مرة واحدة، و الأحوط التّكرار ثلاثا، فتكون اثنتي عشرة تسبيحة.

و الأولى إضافة الاستغفار إليها. و يلزم الإخفات في الذّكر و في القراءة، حتى البسملة على الأحوط إذا اختار الإتيان بها بدل الذّكر، و له القراءة في ركعة و الذّكر في الأخرى.

(مسألة 778) إذا قصد التّسبيح مثلا فسبق لسانه إلى القراءة، فالأحوط عدم الاجتزاء به، أما لو فعل ذلك غافلا من غير قصد إلى أحدهما، اجتزأ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 154

به مع الالتفات إلى عنوان الحمد أو التّسبيح و قصد القربة، و إن كان من عادته خلافه، بل

و إن كان عازما من أول الصّلاة على غيره، و الأحوط استيناف غيره.

(مسألة 779) إذا قرأ الفاتحة بتخيّل أنه في الأوليين فتبيّن أنه في الأخيرتين، كفاه، و كذا لو قرأها بتخيّل أنه في الأخيرتين فتبيّن كونه في الأوليين.

(مسألة 780) الأحوط أن لا يزيد على ثلاث تسبيحات إلا بقصد الذّكر المطلق.

(مسألة 781) يستحبّ قراءة (عمّ يتساءلون، أو هل أتى، أو الغاشية، أو القيامة) و أشباهها في صلاة الصّبح. و قراءة (سبّح اسم، أو و الشّمس) و نحوهما في الظّهر و العشاء، و قراءة (إذا جاء نصر اللّه، و ألهاكم التّكاثر) في العصر و المغرب. و قراءة سورة الجمعة في الرّكعة الأولى، و المنافقين في الثّانية، في الظهر و العصر من يوم الجمعة. و كذا في صبح يوم الجمعة، أو يقرأ فيها في الأولى الجمعة، و في الثّانية التوحيد. و كذا في العشاء في ليلة الجمعة يقرأ في الأولى الجمعة و في الثّانية المنافقين.

و في مغربها الجمعة في الأولى و التوحيد في الثانية. كما أنه يستحبّ في كلّ صلاة قراءة إنا أنزلناه في الأولى، و التوحيد في الثانية.

(مسألة 782) إذا أراد التقدّم أو التأخّر أو الانحناء لغرض من الأغراض حال القراءة أو الأذكار، يجب أن يسكت حال الحركة، لكن لا يضر مثل تحريك اليد أو أصابع الرّجلين، و إن كان التّرك أولى. و إذا تحرّك حال القراءة قهرا، فالأحوط إعادة ما قرأه في تلك الحالة.

(مسألة 783) إذا شكّ في صحّة قراءة آية أو كلمة بعد الفراغ منها، فالأقوى صحّتها و إن كان الأحوط إعادتها، و تجوز إعادتها بقصد الاحتياط مع التّجاوز. و لو شكّ ثانيا أو ثالثا، فلا بأس بتكرارها، ما لم يكن عن وسوسة فلا يعتن

بالشك.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 155

الركوع

(مسألة 784) يجب في كلّ ركعة من الفرائض اليوميّة ركوع واحد، و هو ركن تبطل الصّلاة بزيادته و نقصانه عمدا و سهوا، إلا في الجماعة للمتابعة.

و لا بدّ فيه من الانحناء المتعارف بحيث تصل اليد إلى الرّكبة، و الأحوط وصول الرّاحة إليها، فلا يكفي مسمّى الانحناء.

(مسألة 785) من لم يتمكّن من الانحناء اعتمد، فإن لم يتمكّن و لو بالاعتماد أتى بالممكن منه، و لا ينتقل إلى الركوع جالسا إلا إذا لم يتمكّن من الانحناء أصلا، و الأحوط صلاة أخرى بالإيماء قائما، فإن لم يتمكّن من الرّكوع جالسا أجزأ الإيماء برأسه قائما، فإن لم يتمكّن غمّض عينيه للرّكوع و فتحهما للرّفع منه. و ركوع الجالس بالانحناء الذي يحصل به مسمّاه عرفا، و يتحقّق بانحنائه بحيث يساوي وجهه ركبتيه، و الأفضل له الزّيادة على ذلك بحيث يحاذي مسجده.

(مسألة 786) يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الرّكوع، فلو انحنى بقصد وضع شي ء على الأرض مثلا، لا يكفي في جعله ركوعا، بل لا بدّ من القيام ثم الانحناء للرّكوع.

(مسألة 787) من كان كالرّاكع خلقة لعارض، إن تمكّن من الانتصاب و لو بالاعتماد لتحصيل القيام الواجب ليركع عنه، وجب، و إن لم يتمكّن من الانتصاب التّام فالانتصاب في الجملة و ما هو أقرب إلى القيام ليركع عنه.

و إن لم يتمكّن أصلا، وجب أن ينحني أكثر ممّا هو عليه إذا لم يخرج بذلك عن حد الرّكوع. و إن لم يتمكّن من ذلك، بأن لم يقدر على زيادة الانحناء أو كان انحناؤه بالغا أقصى مراتب الرّكوع بحيث لو زاد خرج عن حدّ الرّكوع بانحنائه، نوى الرّكوع بانحنائه، و الأحوط أن يومي برأسه إن لم يتمكّن

من الرّكوع جالسا، و إلا فالأحوط تكرار الصّلاة، و مع الدّوران لا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 156

يبعد تقديم الرّكوع عن جلوس على الإيماء و الغمض و قصد الرّكوع بانحنائه.

(مسألة 788) إذا نسي الرّكوع فهوى إلى السّجود و تذكّر قبل وضع جبهته على الأرض، رجع إلى القيام ثمّ ركع، و لا يكفي أن يقوم منحنيا إلى حدّ الرّكوع. و لو تذكّر بعد الدّخول في السّجدة الأولى أو بعد رفع الرّأس منها، فالأحوط العود إلى الرّكوع عن قيام، و الأقوى عدم وجوب إعادة الصّلاة.

(مسألة 789) إذا انحنى بقصد الرّكوع فلمّا وصل إلى حدّه نسي و هوى إلى السّجود، فإن تذكّر قبل أن يخرج عن حدّه، بقي على تلك الحال مطمئنّا و أتى بالذّكر. و إن تذكّر بعد خروجه عن حدّه، فالأقوى وجوب القيام بقصد الرّفع عن الرّكوع ثمّ الهويّ إلى السّجود، لكن لا يترك الاحتياط بإتمام الصّلاة ثمّ إعادتها.

(مسألة 790) يجب الذّكر في الرّكوع، و الأقوى كفاية مطلق الذّكر بشرط أن لا يكون أقل من ثلاث تسبيحات صغريات و هي (سبحان اللّه) و تجزي التّسبيحة الكبرى التّامة عن التّثليث و هي (سبحان ربّي العظيم و بحمده) و هي الأحوط الأولى، و أحوط منه تكريرها ثلاثا.

(مسألة 791) تجب الطمأنينة حال الذّكر الواجب، فإن تركها عمدا بطلت صلاته بخلاف السّهو، و إن كان الأحوط الاستيناف معه أيضا. و لو شرع بالذّكر الواجب عامدا قبل الوصول إلى حدّ الرّاكع أو بعده قبل الطمأنينة أو أتمّه حال الرّفع قبل الخروج عن اسم الرّكوع أو بعده، لم يجز فالأحوط حينئذ إتمام صلاته ثمّ استئنافها. و لو لم يتمكّن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت، لكن يجب عليه إكمال الذّكر الواجب

قبل الخروج عن مسمّى الرّكوع.

(مسألة 792) يجب رفع الرّأس من الرّكوع حتّى ينتصب قائما مطمئنّا، فلو سجد قبل ذلك عامدا، بطلت صلاته.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 157

(مسألة 793) يستحبّ التكبير للركوع و هو قائم منتصب، و الأحوط عدم تركه، و يستحبّ رفع اليدين حال التكبير، و وضع الكفّين مفرّجات الأصابع على الرّكبتين حال الرّكوع، و الأحوط عدم تركه مع الإمكان. و كذا يستحبّ ردّ الرّكبتين إلى الخلف، و تسوية الظّهر، و مدّ العنق، و التّجنيح بالمرفقين، و أن تضع المرأة يديها على فخذيها فوق الرّكبتين، و اختيار التّسبيحة الكبرى و تكرارها ثلاثا أو خمسا أو سبعا، بل أكثر، و أن يقول بعده (سمع اللّه لمن حمده) و أن يكبّر للسّجود و يرفع يديه له. و يكره أن يطأطئ رأسه حال الرّكوع، و أن يضمّ يديه إلى جنبه، و أن يدخل يديه بين ركبتيه.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 158

السّجود

اشارة

(مسألة 794) يجب في كلّ ركعة سجدتان، و هما معا ركن تبطل الصّلاة بزيادتهما معا في الرّكعة الواحدة و نقصانهما كذلك عمدا أو سهوا، فلو أخلّ سهوا بواحدة فقط زيادة أو نقصانا، فلا بطلان. و لا بد فيه من الانحناء و وضع الجبهة على وجه يتحقّق به مسمّاه، و على هذا مدار الرّكنيّة و الزّيادة العمديّة و السهويّة، و إن كان يعتبر في السّجود أمور أخرى لا مدخلية لها في ركنيته.

(مسألة 795) يعتبر في السّجود أيضا السّجود على ستّة أعضاء: الكفّين و الرّكبتين و الإبهامين. و يجب الباطن في الكفّين، و الأحوط الاستيعاب العرفي. أما مع الضّرورة فيجزي مسمّى الباطن. و لو لم يقدر إلا على ضمّ أصابعه إلى كفّه و السّجود عليها، يجتزئ به،

و مع تعذّر ذلك كلّه يجزي ظاهرها، و مع عدم إمكانه أيضا لكونه مقطوع الكفّ أو لغير ذلك، ينتقل إلى الأقرب فالأقرب من الكفّ. و يجب صدق مسمّى السّجود على ظاهر الرّكبتين و إن لم يستوعبه، أما الإبهامان فالأحوط أن يكون على طرفيهما.

(مسألة 796) لا يجب الاستيعاب في الجبهة، بل يكفي صدق السّجود على مسمّاها، و يتحقّق بمقدار الدّرهم، و الأحوط عدم الأقلّ منه. كما أن الأحوط كونه مجتمعا لا متفرّقا، و إن كان الأقوى جوازه، فيجوز على السّبحة غير المطبوخة إذا كان مجموع ما وقع عليه الجبهة بمقدار الدّرهم.

و لا بدّ من رفع ما يمنع من مباشرة الجبهة لمحلّ السّجود إن كان له جرم بحيث لا يحسب من تغيّر اللون. و لو لصق بجبهته تربة أو تراب أو حصاة و نحوها في السّجدة الأولى، يجب إزالتها للسّجدة الثّانية على الأحوط إن لم يكن أقوى.

(مسألة 797) المراد بالجبهة هنا ما بين قصاص الشّعر و طرف الأنف الأعلى و الحاجبين طولا، و ما بين الجبينين عرضا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 159

(مسألة 798) الأقوى أنه لا يجب في السّجود أكثر مما يتوقّف عليه مسمّى السّجود، و إن كان الأحوط الاعتماد على الأعضاء السّبعة، و لا يجب مساواتها في الاعتماد. و لا يضرّ مشاركة غيرها معها فيه كالذّراع مع الكفّين، و سائر أصابع الرّجلين مع الإبهامين.

(مسألة 799) يجب في السّجود الذّكر على نحو ما تقدّم في الرّكوع، و هنا يبدّل (العظيم) ب (الأعلى) في التّسبيحة التّامة الكبرى.

(مسألة 800) و تجب فيه الطّمأنينة بمقدار الذّكر، كما في الرّكوع.

(مسألة 801) يجب أن تكون المساجد السّبعة في محالّها حال الذّكر، و لا بأس برفع غير الجبهة في غير حال الذّكر

عمدا فضلا عن السّهو، من غير فرق بين كونه لغرض كالحكّ و نحوه، أم لا.

(مسألة 802) يجب وضع الجبهة على ما يصحّ السّجود عليه، من الأرض أو ما ينبت منها غير المأكول و الملبوس على ما مرّ.

(مسألة 803) يجب رفع الرأس من السّجدة الأولى معتدلا مطمئنّا.

(مسألة 804) يجب أن ينحني للسّجود حتّى يساوي موضع جبهته موقفه، فلو ارتفع أحدهما على الآخر، لم تصح الصّلاة، إلا أن يكون التّفاوت بينهما قدر لبنة موضوعة على سطحها الأكبر، أو أربع أصابع مضمومات فلا بأس به حينئذ، و لا يعتبر التّساوي في باقي المساجد لا في بعضها مع بعض و لا بالنّسبة إلى الجبهة، ما لم يخرج السّجود بعدم تساوي المحلّ عن مسمّاه.

(مسألة 805) المراد بالموقف الذي يجب عدم التّفاوت بينه و بين موضع الجبهة أكثر من مقدار لبنة: ما وقع عليه اعتماد أسافل البدن في حال السّجود و هو الرّكبتان، بل الإبهامان و القدمان أيضا على الأحوط.

(مسألة 806) إذا وقعت جبهته سهوا على مكان مرتفع أكثر من الحدّ فإن كان الارتفاع بمقدار لا يصدق معه السّجود عرفا، جاز رفعها و وضعها

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 160

ثانيا. و الأحوط ترك جرّها هنا و إن كان بمقدار يصدق معه السّجدة عرفا، فالأحوط جرّها إلى الأسفل، و لو لم يمكن فالأحوط الرّفع و الوضع، و لا يبعد عدم وجوب الإعادة و إن كان أحوط، و أحوط منه الإتيان بالذّكر في الموضع المرتفع ثمّ الرّفع و الوضع و إتمام الصّلاة، ثم الإعادة. هذا كلّه في غير العمد، و أمّا فيه فالظّاهر وجوب الاستيناف عليه دون الإتمام.

(مسألة 807) إذا وضع جبهته على ما لا يصحّ السّجود عليه عامدا، فالظّاهر بطلان صلاته

بمجرّد الوضع عليه إذا صدق على ذلك السّجود، و يجب عليه استئنافها من دون إتمامها. أمّا إذا وضعها غير عامد فيجرّها عنه جرّا إلى ما يجوز السّجود عليه، و ليس له رفعها عنه لأنه يستلزم زيادة سجدة. و إذا لم يمكن إلا الرّفع المستلزم لذلك فالأحوط إتمام صلاته ثمّ استئنافها. نعم لو كان الالتفات إليه بعد الإتيان بالذّكر الواجب أو بعد رفع الرّأس من السّجود، كفاه الإتمام، على إشكال في الأوّل، فلا يترك الاحتياط بإعادة الذّكر، بل إعادة الصّلاة أيضا.

(مسألة 808) من كان في جبهته علّة كالدّمّل، فإن لم يستوعبها و أمكن وضع الموضع السّليم منها على الأرض و لو بحفر حفيرة و جعل الدّمّل فيها، وجب، و إن استوعبها أو لم يمكن وضع الموضع السّليم منها عليها و لو بحفر حفيرة، سجد على أحد الجبينين، و الأولى تقديم الأيمن على الأيسر. و إن تعذّر سجد على ذقنه. فإن تعذّر اقتصر على الانحناء الممكن، و الأحوط ضمّ الإيماء بالرّأس إليه رجاء.

(مسألة 809) إذا ارتفعت الجبهة من الأرض قهرا و عادت إليها قهرا، لم تتكرّر السّجدة، فإن كان ارتفاعها قبل القرار الّذي به يتحقّق مسمّى السّجود، يأتي بالذّكر وجوبا، و الأحوط الأولى الإتمام ثمّ الإعادة. و إن كان بعده و قبل الذّكر، فالأحوط أن يأتي به بنيّة القربة المطلقة. هذا إذا كان عودها قهرا، بأن لم يقدر على إمساكها بعد ارتفاعها، و أما مع القدرة عليه ففي الصّورة الأولى حيث لم تتحقّق السّجدة بوصول الجبهة، يجب

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 161

أن يأتي بها إما بأن يعود من حيث ارتفع أو يجلس ثمّ يسجد. و أمّا في الصّورة الثّانية فيحسب الوضع الأوّل سجدة، فيجلس و

يأتي بالأخرى إن كانت الأولى و يكتفي بها إن كانت الثانية.

(مسألة 810) إذا عجز عن السّجود انحنى بقدر ما يتمكّن، و رفع المسجد إلى جبهته واضعا للجبهة عليه باعتماد، محافظا على الذّكر الواجب و الطّمأنينة، و وضع باقي المساجد في محالّها. و إن لم يتمكّن من الانحناء أصلا أومأ إليه برأسه، فإن لم يتمكّن فبعينيه، و إن لم يتمكّن من جميع ذلك ينوي بقلبه جالسا إن تمكّن، و إلا فقائما، و الأحوط الإشارة باليد إن تمكّن، و الأحوط له رفع المسجد مع ذلك إذا تمكّن من وضع جبهته عليه، بل لا يترك الاحتياط في وضع ما يتمكّن منه من المساجد في محلّه.

(مسألة 811) يستحبّ التّكبير حال القيام من الرّكوع للأخذ في السّجود، و للرّفع من السّجود. و يستحبّ السّبق باليدين إلى الأرض عند الهويّ إليه.

و استيعاب الجبهة على ما يصحّ السّجود عليه. و الإرغام بمسمّى الأنف على مسمّى ما يصحّ السّجود عليه، و الأحوط عدم تركه. و تسوية موضع الجبهة مع الموقف بل جميع المساجد، و بسط الكفّين مضمومتي الأصابع حتى الإبهام حذاء الأذنين مستقبلا بهما القبلة. و التّجافي حال السّجود بمعنى رفع البطن عن الأرض. و التّجنيح بأن يرفع مرفقيه عن الأرض مفرّجا بين عضديه و جنبيه، مبعّدا يديه عن بدنه، جاعلا يديه كالجناحين.

و الدّعاء بالمأثور قبل الشّروع في الذّكر و بعد رفع الرّأس من السّجدة الأولى. و اختيار التّسبيحة الكبرى و تكرارها، و ختم تسبيحاته بالوتر.

و الدّعاء في السّجود الأخير بما يريد من حاجات الدّنيا و الآخرة خصوصا طلب الرّزق الحلال، بأن يقول (يا خير المسؤولين و يا خير المعطين ارزقني و ارزق عيالي من فضلك فإنّك ذو الفضل العظيم) و التّورّك في

الجلوس بين السّجدتين و بعدهما، بأن يجلس على فخذه الأيسر جاعلا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 162

ظهر القدم اليمنى على بطن اليسرى. و أن يقول بين السّجدتين (أستغفر اللّه ربّي و أتوب إليه) و وضع اليدين حال الجلوس على الفخذين اليمنى على اليمنى و اليسرى على اليسرى. و الجلوس مطمئنّا بعد رفع الرّأس من السّجدة الثّانية قبل أن يقوم، و هو المسمّى بجلسة الاستراحة، بل الأحوط لزوما عدم تركها. و أن يقول إذا أراد النّهوض إلى القيام (بحول اللّه و قوّته أقوم و أقعد) أو يقول (اللّهمّ بحولك و قوّتك أقوم و أقعد) و أن يعتمد على يديه عند النّهوض من غير عجن بهما، أي لا يقبضهما بل يبسطهما على الأرض.

سجدتا التّلاوة و الشّكر

(مسألة 812) يجب السّجود عند تلاوة آيات أربع، في السّور الأربع:

آخر النّجم، و العلق (و لا يستكبرون) في الم تنزيل (و تعبدون) في حم فصّلت. و كذا عند استماعها دون سماعها على الأظهر. و السّبب مجموع الآية، فلا يجب بقراءة بعضها و لو لفظ السّجدة منها، و إن كان أحوط، خصوصا في لفظ السّجدة. و وجوبها فوري، و لو أخّرها و لو عصيانا، يجب الإتيان بها أيضا.

(مسألة 813) يتكرّر السّجود بتكرّر السّبب مع التعاقب و تخلّل السّجود قطعا، كما لا يترك الاحتياط مع عدم التّعاقب أو عدم تخلّل السّجود.

(مسألة 814) إذا قرأها أو استمعها في حال السّجود، يجب رفع الرّأس منه ثمّ الوضع، و لا يكفي البقاء بقصده و لا الجرّ إلى مكان آخر، و كذا إذا كانت جبهته على الأرض لا بقصد السّجدة فاستمع أو قرأ آية السّجدة.

(مسألة 815) الظّاهر أنه يعتبر في وجوب السّجدة على المستمع كون المسموع صادرا بعنوان التّلاوة

و نيّة القرآنيّة، فلو تكلّم شخص بالآية لا بقصد القرآنيّة، لا يجب السّجود بسماعه. أما لو سمعها من صبيّ غير

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 163

مميّز أو من نائم أو من جهاز تسجيل، فلا يترك الاحتياط إذا صدقت على ذلك قراءة الآية.

(مسألة 816) يعتبر في السّماع تمييز الحروف و الكلمات، فلا يكفي سماع الهمهمة، و إن كان أحوط.

(مسألة 817) يعتبر في هذا السّجود بعد تحقّق مسمّاه، النيّة، و إباحة المكان، و الأحوط وضع المواضع السّبعة، و وضع الجبهة على ما يصحّ السّجود عليه، بل اعتبار عدم كونه مأكولا و ملبوسا لا يخلو من قوّة. و لا يعتبر فيه الاستقبال، و لا الطّهارة من الحدث، و لا من الخبث، و لا طهارة موضع الجبهة، و لا ستر العورة، فضلا عن صفات السّاتر.

(مسألة 818) ليس في هذا السّجود تشهّد و لا تسليم، بل و لا تكبيرة افتتاح. نعم يستحبّ التّكبير للرّفع منه، و لا يجب فيه الذّكر و إن استحب و يكفي فيه كل ما قال، و الأولى أن يقول (لا إله إلّا اللّه حقّا حقّا، لا إله إلّا اللّه إيمانا و تصديقا، لا إله إلّا اللّه عبوديّة و رقّا، سجدت لك يا ربّ تعبّدا و رقّا، لا مستنكفا و لا مستكبرا، بل أنا عبد ذليل خائف مستجير).

(مسألة 819) السّجود للّه عزّ و جلّ في نفسه من أعظم العبادات، بل ما عبد اللّه تعالى بمثله، و ما من عمل أشد على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجدا، لأنه أمر بالسّجود فعصى، و هذا أمر بالسّجود فأطاع و نجى، و أقرب ما يكون العبد إلى ربّه و هو ساجد.

(مسألة 820) يستحبّ السّجود أكيدا شكرا لله تعالى،

عند تجدّد كلّ نعمة، و دفع كلّ نقمة، و عند تذكّرهما، و للتّوفيق لأداء كلّ فريضة أو نافلة، بل كلّ فعل خير حتى الصّلح بين اثنين. و يجوز الاقتصار على سجدة واحدة، و الأفضل أن يأتي بسجدتين، بمعنى الفصل بينهما بتعفير الخدّين أو الجبينين. و يكفي في هذا السّجود مجرّد وضع الجبهة مع النيّة و الأحوط فيه وضع المساجد السّبعة، و وضع الجبهة على ما يصحّ السّجود عليه، بل اعتبار عدم كونه ملبوسا أو مأكولا لا يخلو من قوّة كما

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 164

تقدّم في سجود التّلاوة. و يستحبّ فيه افتراش الذّراعين، و إلصاق الجؤجؤ و الصّدر و البطن بالأرض. و لا يشترط فيه الذّكر و إن استحبّ أن يقول (شكرا للّه) أو (شكرا شكرا) مائة مرّة، و يكفي ثلاث مرات بل مرّة واحدة، و أحسن ما يقال فيه ما ورد عن مولانا الكاظم عليه السّلام:

قل و أنت ساجد (اللّهمّ إنّي أشهدك و أشهد ملائكتك و أنبياءك و رسلك و جميع خلقك أنّك أنت اللّه ربّي، و الإسلام ديني، و محمّدا نبيّي، و عليّا و الحسن و الحسين (تعدّهم إلى آخرهم) أئمّتي، بهم أتولّى، و من أعدائهم أتبرّأ. اللّهمّ إنّي أنشدك دم المظلوم (ثلاثا) اللّهمّ إنّي أنشدك بإيوائك (بوأيك) على نفسك لأعدائك لتهلكنّهم بأيدينا و أيدي المؤمنين. اللّهمّ إنّي أنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنّهم بعدوّك و عدوّهم، أن تصلّي على محمّد و على المستحفظين من آل محمّد (ثلاثا) اللّهمّ إنّي أسألك اليسر بعد العسر (ثلاثا) ثمّ تضع خدّك الأيمن على الأرض و تقول: يا كهفي حين تعييني المذاهب، و تضيق عليّ الأرض بما رحبت، يا بارئ خلقي رحمة بي و قد

كنت عن خلقي غنيّا، صلّ على محمّد و على المستحفظين من آل محمّد (ثمّ تضع خدّك الأيسر و تقول) يا مذلّ كلّ جبّار، و يا معزّ كلّ ذليل، قد و عزّتك بلغ مجهودي (ثلاثا، ثمّ تقول) يا حنّان يا منّان، يا كاشف الكرب العظام (ثمّ تعود إلى السّجود فتقول مائة مرّة) شكرا شكرا، ثمّ تسأل حاجتك تقضى إنشاء اللّه).

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 165

التشهد

(مسألة 821) يجب التشهد في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة، و في الثلاثيّة و الرباعيّة مرتين: الأولى بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة الثانية، و الثانية بعد رفع الرأس منها في الركعة الأخيرة.

و هو واجب غير ركن، فلو تركه عمدا بطلت الصلاة دون السهو، و إن وجب عليه قضاؤه بعد الفراغ كما يأتي في الخلل. و الواجب فيه الشهادتان ثمّ الصّلاة على محمد و آله، و عبارته (أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله. اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد) و لا يكفي أقلّ منها على الأقوى.

(مسألة 822) يستحبّ الابتداء قبله بقول (الحمد للّه) أو يقول (بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه) أو (الأسماء الحسنى كلّها للّه) و أن يقول بعد الصّلاة على النّبي و آله في التّشهّد الأوّل (و تقبّل شفاعته في أمّته و ارفع درجته).

(مسألة 823) يجب فيه اللّفظ الصّحيح الموافق لقواعد العربيّة، و من عجز عنه وجب عليه تعلّمه.

(مسألة 824) يجب الجلوس مطمئنّا حال التشهّد بأيّ كيفيّة كان، و الأقوى كراهة الإقعاء، و هو أن يعتمد بصدر قدميه على الأرض و يجلس على عقبيه. و يستحبّ

فيه التّورّك، كما يستحبّ ذلك بين السّجدتين و بعدهما، كما مرّ.

التسليم

(مسألة 825) التّسليم واجب في الصّلاة و جزء منها بصيغتيه: الأولى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 166

(السّلام علينا و على عباد اللّه الصّالحين) و الثّانية (السّلام عليكم) بإضافة (و رحمة اللّه و بركاته) على الأحوط، و الأحوط عدم ترك الثانية و إن أتى بالأولى. و أمّا (السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته) فهي من توابع التشهّد، لا يحصل بها تحليل من الصّلاة، و لا تبطل الصّلاة بتركها عمدا فضلا عن السّهو، لكن الأحوط المحافظة عليها.

(مسألة 826) يجب في التّسليم العربيّة و الإعراب، و يجب تعلّمه كما مرّ في التشهّد، كما أنه يجب الجلوس حالته مطمئنّا. و يستحبّ فيه التّورّك.

الترتيب

(مسألة 827) يجب التّرتيب في أفعال الصّلاة، فيجب تقديم تكبيرة الإحرام على القراءة، و الفاتحة على السّورة، و هي على الرّكوع، و هو على السّجود، و هكذا. فمن صلّى و قدّم مؤخّرا أو أخّر مقدّما عمدا، بطلت صلاته إذا كان ذلك في الأركان، و كذا في السّجدة الواحدة إذا قدمها. و الأحوط في غيرهما إتمام الصّلاة مرتّبا ثمّ إعادتها. و كذا تبطل لو قدّم ركنا على ركن سهوا، أما لو قدّم ركنا على ما ليس بركن سهوا كما لو ركع قبل القراءة، فلا بأس و يمضي في صلاته. كما أنه لا بأس بتقديم غير الأركان بعضها على بعض سهوا، أو غير الرّكن على الرّكن فيعود إلى ما يحصل به التّرتيب و تصحّ صلاته، كما إذا قدّم التّشهّد على السّجدتين سهوا، فيأتي به بعدهما و تصحّ صلاته.

الموالاة

(مسألة 828) تجب الموالاة في أفعال الصّلاة، بمعنى عدم الفصل بين أفعالها على وجه تنمحي صورتها بحيث يصحّ سلب الاسم عنها، فلو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 167

ترك الموالاة بالمعنى المذكور عمدا أو سهوا بطلت صلاته. و أمّا الموالاة بمعنى المتابعة العرفيّة فهي واجبة أيضا، لكن تبطل الصّلاة بتركها عمدا دون السّهو.

(مسألة 829) كما تجب الموالاة في أفعال الصّلاة تجب الموالاة في القراءة و التّكبير و الذّكر و التّسبيح بل في الآيات و الكلمات بل و الحروف، فلو ترك الموالاة بين كلمات تكبيرة الإحرام بحيث يوجب ذلك انمحاء اسم التكبير، بطلت صلاته، و في غيرها فالأحوط الإتيان بها ثانيا و إتمام الصّلاة ثمّ الإعادة، ما لم يوجب التّكرار محو اسم الصّلاة، و إن كان الأقوى عدم وجوب الموالاة في القراءة و الأذكار ما لم تنمح صورة الصلاة.

القنوت

(مسألة 830) يستحبّ القنوت في الفرائض اليوميّة، و يتأكّد في الجهريّة بل الأحوط عدم تركه فيها. و محلّه قبل الرّكوع في الرّكعة الثانية بعد الفراغ من القراءة. نعم لو نسيه أتى به بعد رفع الرّأس من الرّكوع قبل الهويّ إلى السّجود، فإن لم يذكره في هذا الحال و ذكره بعد ذلك، فلا يأت به حتى يفرغ من صلاته فيأتي به حينئذ، فإن لم يذكره إلا بعد انصرافه، فعله متى ذكره و لو طال الزّمان. و لو تركه عمدا فلا يأت به بعد محلّه.

(مسألة 831) يستحبّ القنوت أيضا في كلّ نافلة، بل هو في الوتر من المؤكّد. و محلّه قبل الرّكوع بعد القراءة. و الأقوى استحبابه في صلاة الشّفع أيضا.

(مسألة 832) لا يعتبر في القنوت قول مخصوص، بل يكفي فيه كلّ ما تيسّر من ذكر و دعاء و

حمد و ثناء، بل تجزي البسملة مرّة واحدة، بل

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 168

(سبحان اللّه) خمسا أو ثلاث مرّات، كما يجزي الاقتصار على الصّلاة على النّبيّ و آله، و مثل قول (اللّهمّ اغفر لي) و نحو ذلك. نعم لا ريب في رجحان ما ورد عنهم عليهم السّلام من الأدعية فيه، بل و الأدعية التي في القرآن و كلمات الفرج، و يجزي من المأثور (اللّهمّ اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنّا إنّك على كلّ شي ء قدير) و يستحبّ فيه الجهر سواء كانت الصّلاة جهريّة أو إخفاتيّة، إماما أو منفردا، بل أو مأموما إذا لم يسمع الإمام صوته.

(مسألة 833) لا يعتبر رفع اليدين في القنوت على إشكال، فالأحوط عدم تركه.

(مسألة 834) الأحوط ترك الدّعاء بالملحون في القنوت و غيره إذا كان عمدا، إلا مع عدم القدرة على الصّحيح. أما الأذكار الواجبة، فلا يجوز فيها غير العربيّة الصّحيحة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 169

التّعقيب

(مسألة 835) يستحب التعقيب بعد الفراغ من الصلاة و لو نافلة، و إن كان في الفريضة آكد، خصوصا في صلاة الغداة، و هو أبلغ في طلب الرّزق من الضّرب في البلاد. و المراد به الاشتغال بالدّعاء و الذّكر، بل كل قول حسن راجح شرعا بالذّات، من قرآن أو دعاء أو ثناء أو تنزيه، أو غير ذلك.

(مسألة 836) يعتبر في التّعقيب أن يكون متصلا بالفراغ من الصّلاة على وجه لا يشاركه الاشتغال بشي ء آخر، كالصّنعة و نحوها ممّا تذهب به هيئته عند المتشرّعة، و الأولى فيه الجلوس في مكانه الذي صلى فيه، و الاستقبال و الطّهارة، و لا يعتبر فيه قول مخصوص كما عرفت. نعم لا ريب في أن الأفضل

و الأرجح ما ورد عنهم عليهم السّلام فيه من الأدعية و الأذكار ممّا تضمّنته كتب الدّعاء و الأخبار خصوصا بحار الأنوار، و هي بين مشتركات و مختصات، و نذكر نبذة يسيرة من المشتركات:

فمنها: التكبيرات الثّلاث بعد التسليم رافعا بها يديه على هيئة غيرها من التكبيرات. و منها: تسبيح الزّهراء عليها السّلام الذي ما عبد الله بشي ء من التّحميد أفضل منه، بل هو في كلّ يوم في دبر كلّ صلاة أحبّ إلى الإمام الصّادق عليه السّلام من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم، و لم يلزمه عبد فشقي، و ما قاله عبد قبل أن يثني رجليه من المكتوبة إلا غفر الله له و أوجب له الجنّة. و هو مستحبّ في نفسه و إن لم يكن في التّعقيب، نعم هو مؤكّد فيه، و عند إرادة النّوم لدفع الرّؤيا السيّئة. و لا يختص التّعقيب به في الفرائض، بل يستحبّ بعد كلّ صلاة. و كيفيّته أربع و ثلاثون تكبيرة، ثمّ ثلاث و ثلاثون تحميدة، ثمّ ثلاث و ثلاثون تسبيحة.

و يستحبّ أن يكون تسبيح الزّهراء عليها السّلام بل كلّ تسبيح بسبحة من طين القبر الشّريف للحسين عليه السلام، و لو كانت مصنوعة و مطبوخة، بل السّبحة منه تسبّح بيد الرّجل من غير أن يسبّح، و يكتب له ذلك

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 170

التّسبيح و إن كان غافلا، و الأولى اتخاذها بعدد التكبير في خيط أزرق.

و لو شكّ في عدد التّكبير أو التّحميد أو التّسبيح بنى على الأقلّ إن لم يتجاوز المحل، و لو سهى فزاد على عدد التكبير أو غيره رفع اليد عن الزّائد و بنى على الأربع و ثلاثين أو الثّلاث و ثلاثين، و الأولى أن يبني

على واحدة ثمّ يكمّل العدد.

و منها: قول (لا إله إلّا اللّه وحده وحده، أنجز وعده، و نصر عبده، و أعزّ جنده، و غلب الأحزاب وحده، فله الملك و له الحمد، يحيي و يميت، و هو على كلّ شي ء قدير).

و منها: (اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و أجرني من النّار و ارزقني الجنّة و زوّجني من الحور العين).

و منها: (اللّهمّ اهدني من عندك، و أفض عليّ من فضلك، و انشر عليّ من رحمتك، و أنزل عليّ من بركاتك).

و منها: (أعوذ بوجهك الكرين و عزّتك الّتي لا ترام، و قدرتك الّتي لا يمتنع منها شي ء، من شرّ الدّنيا و الآخرة، و من شرّ الأوجاع كلّها، و لا حول و لا قوّة إلّا باللّه العلي العظيم).

و منها: (اللّهمّ إنّي أسألك من كلّ خير أحاط به علمك، و أعوذ بك من كلّ شرّ أحاط به علمك، اللّهمّ إنّي أسألك عافيتك في أموري كلّها، و أعوذ بك من خزي الدّنيا و عذاب الآخرة).

و منها: قول (سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر) مائة مرّة، أو ثلاثين.

و منها: قراءة آية الكرسي و الفاتحة و آية (شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو) و آية (قل اللّهمّ مالك الملك).

و منها: الإقرار بالنّبي و الأئمّة عليهم السّلام.

و منها: سجود الشّكر و قد مرّ.

(مسألة 837) تختصّ المرأة في الصّلاة بآداب، منها: الزّينة بالحليّ، و الخضاب، و الإخفات في قولها، و الجمع بين قدميها في حال القيام،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 171

و ضمّ ثدييها بيديها حاله، و وضع يديها على فخذيها حال الرّكوع غير رادّة ركبتيها إلى ورائها، و البدأة للسّجود بالقعود، و جمع نفسها حاله

لاطئة بالأرض غير متجافية، و التّربع في جلوسها مطلقا، بخلاف الرّجل في جميع ذلك كما مرّ.

مبطلات الصلاة

(مسألة 838) و هي أمور: الأوّل: الحدث الأصغر و الأكبر، فإنه مبطل لها أينما وقع فيها، و لو عند الميم من التّسليم على الأقوى عمدا أو سهوا أو سبقا، عدا المسلوس و المبطون و المستحاضة، كما مرّ.

(مسألة 839) الثاني: التّكفير، و هو وضع إحدى اليدين على الأخرى نحو ما يصنعه غيرنا، و هو مبطل على الأقوى مع العمد دون السّهو، و إن كان الأحوط فيه الاستئناف أيضا، و لا بأس به حال التقيّة.

(مسألة 840) الثّالث: الالتفات بكلّ البدن إلى الخلف أو إلى اليمين أو الشّمال، بل و ما بينهما على وجه يخرج به عن الاستقبال، فإنّ تعمّد ذلك مبطل للصّلاة، بل الالتفات بكلّ البدن بما يخرج به عمّا بين المشرق و المغرب مبطل أيضا، حتى مع السّهو و القسر و لو بمرور شخص يزحمه و نحوه. نعم لا يبطلها الالتفات بالوجه يمينا و شمالا مع بقاء البدن مستقبلا إلّا أنه مكروه و الأحوط اجتنابه، بل في الالتفات الفاحش إشكال، فلا يترك فيه الاحتياط.

(مسألة 841) الرّابع: تعمّد الكلام و لو بحرفين مهملين أو حرف مفهم مثل (ق) و (ل) فإنّه مبطل للصّلاة، و لا يبطلها ما وقع سهوا و لو لتخيّل انتهاء الصّلاة، كما أنه لا بأس بردّ سلام التّحية، بل هو واجب. نعم لا تبطل بترك الردّ، و إنّما عليه الإثم خاصّة.

(مسألة 842) لا بأس بالذّكر و الدّعاء و قراءة القرآن، غير ما يوجب

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 172

السّجود في جميع أحوال الصّلاة، و الأحوط ترك الدّعاء خطابا للغير، بأن يقول: غفر اللّه لك، و مثله ما

إذا قال للغير (صبّحك اللّه بالخير) أو (مسّاك اللّه بالخير) إذا قصد الدّعاء، و أمّا إذا قصد مجرّد التّحية، فلا إشكال في عدم الجواز، كالابتداء بالسّلام.

(مسألة 843) يجب أن يكون ردّ السّلام في أثناء الصّلاة بمثل ما سلّم المسلّم، أما إذا قال المسلّم (عليكم السّلام) فالأحوط الردّ بصيغة (سلام عليكم) و إن كان الأقوى جواز الجواب بمثله أيضا. و الأحوط المماثلة في التّعريف و التّنكير و الإفراد و الجمع. أمّا في غير الصّلاة فيستحبّ الردّ بالأحسن.

(مسألة 844) إذا سلّم بالملحون و صدق عليه السّلام، وجب الجواب صحيحا.

(مسألة 845) لا يصدق ردّ التّحية بقصد القرآن أو الدعاء، فمع تحقّق السّلام حتى من المميّز يجب الرّد بقصد ردّ التّحية، و مع الشكّ، فمقتضى القواعد عدم جوازه في الصّلاة.

(مسألة 846) إذا سلّم على جماعة كان المصلّي أحدهم فردّ الجواب غيره، فلا يجوز له الرّد. و كذا إذا كان بين جماعة فسلّم واحد عليهم و شكّ في أنه قصده أيضا أم لا، فلا يجوز له ردّ الجواب.

(مسألة 847) يجب إسماع ردّ السّلام في حال الصّلاة و غيرها، بمعنى رفع الصّوت به على المتعارف، بحيث لو لم يكن مانع عن السّماع لسمعه و إذا كان بعيدا أو أصم بحيث لا يسمع الصّوت أصلا أو يحتاج إسماعه إلى المبالغة في رفعه فوجوب الردّ حينئذ غير معلوم، و كذا جوازه في الصّلاة. نعم لو أمكن تنبيهه و لو بإشارة وجب ذلك.

(مسألة 848) تجب الفوريّة العرفيّة في الجواب، فلا يجوز تأخيرها على وجه لا يصدق معه الجواب و ردّ التّحية، فلو أخّره عصيانا أو نسيانا إلى ذلك الحدّ سقط، فلا يجوز في حال الصّلاة و لا يجب في غيرها. و لو

هداية العباد

(للگلبايگاني)، ج 1، ص: 173

شكّ في بلوغ التّأخير إلى ذلك الحدّ، وجب في حال الصّلاة، فضلا عن غيرها.

(مسألة 849) الابتداء بالسّلام مستحبّ كفائي، كما أن ردّه واجب كفائي فلو دخل جماعة على جماعة يكفي في الاستحباب تسليم شخص واحد، و في الجواب جواب شخص واحد.

(مسألة 850) إذا سلّم أحد على أحد شخصين و لم يعلما أيّهما أراد، لا يجب الرّد على واحد منهما، و لا يجب عليهما الفحص و السّؤال، و إن كان الأحوط الرّد من كلّ منهما، إذا كانا في غير الصّلاة.

(مسألة 851) إذا سلّم شخصان كلّ على الآخر يجب على كلّ منهما ردّ سلام الآخر، حتى من وقع سلامه الأوّل عقيب سلام الآخر، حيث أنه لم يقصد به الرّد. و لو انعكس الأمر، بأن سلّم كلّ منهما بعنوان الرّد بتخيّل أنه سلّم عليه الآخر، فلا ينبغي لهما ترك الرّد لو تقارنا. و كذا لمن تقدّم سلامه و لمن سلّم عليه بتخيّل أنه سلّم، و ذلك لاحتمال أن يكون الرّد غير المسبوق ب (السّلام عليك) عند العرف تحيّة تحتاج إلى الجواب.

(مسألة 852) الخامس: من مبطلات الصّلاة القهقهة و لو اضطرارا، نعم لا بأس بها سهوا ما لم توجب محو اسم الصّلاة، و كذا البكاء سهوا أو لأمر أخروي، كما لا بأس بالتّبسم عمدا. و القهقهة هي الضّحك المشتمل على الصّوت و المدّ و التّرجيع، و يلحق بها المشتمل على الصوت فقط على الأحوط.

(مسألة 853) إذا امتلأ جوفه ضحكا و منع نفسه، فإن صار حاله بحيث خرج عن صورة المصلّي عند المتشرّعة، بطلت صلاته.

(مسألة 854) السّادس: تعمّد البكاء بالصّوت لفوات أمر دنيوي، دون ما كان منه للسهو عن كونه في الصلاة، أو على أمر أخروي،

أو طلب أمر دنيوي من اللّه تعالى، خصوصا إذا كان المطلوب راجحا شرعا، فإنه غير مبطل. و أما غير المشتمل على صوت ففيه إشكال، فلا يترك الاحتياط

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 174

بالاستئناف. كما أن الأحوط ذلك فيمن غلب عليه البكاء قهرا، بل لا يخلو من قوّة. و في جواز البكاء على سيّد الشّهداء أرواحنا فداه تأمّل و إشكال، فلا يترك الاحتياط.

(مسألة 855) السّابع: كلّ فعل ماحٍ لها مذهب لصورتها على وجه يصحّ سلب الاسم عنها، و إن كان قليلا كالوثبة و الصّفقة لعبا و العفطة هزوا و نحوها، فإنه مبطل لها عمدا و سهوا. أما غير الماحي لها فإن كان مفوّتا للموالاة فيها بمعنى المتابعة العرفية فهو مبطل مع العمد دون السهو على الأحوط، و إن كان الأقوى عدم وجوب الموالاة في القراءة و الأذكار. و إن لم يكن مفوّتا لها فعمدة غير مبطل فضلا عن سهوه، و إن كان كثيرا كحركة الأصابع و نحوها، و الإشارة باليد أو غيرها لنداء أحد، و قتل الحيّة و العقرب، و حمل الطفل و وضعه و ضمّه و إرضاعه، و عدّ الاستغفار في الوتر بالسّبحة و نحوها، و عدّ الركعات بالحصى، و مناولة الشيخ العصي، و الجهر بالذكر و القرآن للاعلام، و غير ذلك مما هو غير مناف للموالاة و إن كان كثيرا و لكنه غير ماحٍ للصورة.

(مسألة 856) الثامن: الأكل و الشرب و إن كانا قليلين. نعم لا بأس بابتلاع بقايا الطعام في الفم، و أن يمسك في فيه قليلا من السّكّر الذي يذوب و ينزل شيئا فشيئا، و نحو ذلك مما هو غير ماحٍ للصورة و لا مفوّت للموالاة. و لا فرق في جميع

ما سمعته من المبطلات بين الفريضة و النافلة. نعم يستثني من ذلك العطشان المتشاغل بالدعاء في الوتر العازم على صوم ذلك اليوم إذا خشي مفاجاة الفجر و كان الماء أمامه و احتاج إلى خطوتين أو ثلاثة، فإنه يجوز له التخطّي و الشرب حتى يروى و إن طال زمانه إذا لم يفعل غير ذلك من منافيات الصلاة، حتى إذا أراد العود إلى مكانه رجع القهقري لئلا يستدبر القبلة. و الأقوى الاقتصار على خصوص شرب الماء دون الأكل و إن قلّ زمانه، كما أن الأحوط الاقتصار على خصوص الوتر دون سائر النوافل. نعم الظاهر عدم الاقتصار على

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 175

حال الدعاء، فيلحق به غيره من أحوالها.

(مسألة 857) التاسع: تعمّد قول (آمين) بعد تمام الفاتحة لغير تقيّة، أما الساهي فلا بأس، كما لا بأس به مع التقيّة.

(مسألة 858) العاشر: الشك في عدد غير الرباعية من الفرائض و الأوليين منها، كما يأتي في محله إن شاء الله.

(مسألة 859) الحادي عشر: زيادة جزء عمدا غير الأركان، و عمدا أو سهوا في الأركان، أو نقصانه كذلك كما عرفت.

(مسألة 860) يكره في الصلاة مضافا إلى ما سمعته سابقا نفخ موضع السجود ما لم يتولّد منه حرفان، و كذا في البصاق و التأوّه و الأنين، و إلا فتبطل الصلاة كما مرّ. و كذا يكره العبث، و فرقعة الأصابع، و التّمطّي، و التثاؤب الاختياري، و مدافعة البول و الغائط ما لم يصل إلى حدّ الضرر، فيحرم حينئذ و إن كانت الصلاة صحيحة معه.

(مسألة 861) لا يجوز قطع الفريضة اختيارا، و الأقوى جواز قطع النافلة.

و يجوز قطع الفريضة فضلا عن النافلة للخوف على نفسه، أو نفس محترمة، أو على عرضه أو

ماله المعتدّ به، و نحو ذلك. بل قد يجب قطعها في بعض هذه الأحوال، لكن لو عصى فلم يقطعها حينئذ، أثم و صحت صلاته.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 176

صلاة الآيات

(مسألة 862) سبب هذه الصلاة كسوف الشمس و خسوف القمر و لو بعضهما، و الزلزلة، و كل آية مشابهة، سماوية كانت كالريح السوداء أو الحمراء أو الصفراء غير المعتادة و الظلمة الشديدة و الصيحة و الهدّة و النار التي تظهر في السماء و غير ذلك، أو أرضيّة كالخسف و نحوه.

و الملاك كونها آية و إن لم تكن مخوّفة.

(مسألة 863) الظّاهر أن المدار في كسوف النيّرين صدق اسمه و إن لم يستند إلى سببية المتعارفين من حيلولة الأرض و القمر، فيكفي انكسافهما ببعض الكواكب الأخر أو بسبب آخر. نعم لو كان قليلا جدّا بحيث لا يظهر للحواسّ المتعارفة و إن أدركته بعض الحواسّ الخارقة أو الآلات، فالظّاهر عدم الاعتبار به، و إن كان مستندا إلى أحد سببية المتعارفين.

(مسألة 864) وقت أداء صلاة الكسوفين من حين شروع الكسوف و الخسوف إلى تمام الانجلاء، و الأحوط المبادرة إليها قبل شروع الانجلاء. و لو أخّرها عنه أتى بها لا بنيّة الأداء و القضاء بل بنيّة القربة المطلقة. و أمّا في الزلزلة و نحوها ممّا لا يسع وقتها الصّلاة غالبا كالهدّة و الصّيحة، فتجب حال الآية، فإن عصى فبعدها طول العمر، و الكلّ أداء.

(مسألة 865) يختص الوجوب بمن في بلد الآية، فلا تجب على غيرهم.

نعم يقوى إلحاق المتّصل بذلك المكان ممّا يعدّ معه مكانا واحدا.

(مسألة 866) تثبت الآية و كذا وقتها و مقدار مكثها، بالعلم و شهادة العدلين، بل و بالعدل الواحد و إخبار الرّصدي إذا حصل الاطمئنان بصدقهما.

(مسألة 867)

تجب هذه الصّلاة على كلّ مكلّف، و في سقوطها عن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 177

الحائض و النّفساء كاليوميّة إشكال، فلا يترك الاحتياط بعد الطّهر بأداء غير الكسوفين و بالقضاء فيهما. و أحوط منه عدم قصد الأداء و القضاء فيهما.

(مسألة 868) من لم يعلم بالكسوف حتى خرج الوقت الذي هو تمام الانجلاء، و لم يحترق جميع القرص، لم يجب عليه القضاء. و إذا علم و أهمل و لو نسيانا أو احترق جميع القرص، وجب القضاء. و أما سائر الآيات فمع التّأخير متعمّدا أو نسيانا، يجب الإتيان بها، ما دام العمر، و إذا لم يعلم بها حتى مضى الزمان المتّصل بها، فالأظهر الوجوب بعد العلم.

(مسألة 869) إذا أخبر جماعة غير عدول بالكسوف و لم يحصل له العلم بصدقهم، و بعد مضيّ الوقت تبيّن صدقهم، فالظّاهر إلحاقه بالجهل، فلا يجب القضاء مع عدم احتراق القرص. و مثله ما لو أخبر شاهدان و لم يعلم عدالتهما ثمّ ثبتت عدالتهما بعد الوقت، فلا يجب، و إن كان الأحوط القضاء في الصورتين خصوصا في الثانية.

(مسألة 870) صلاة الآيات ركعتان، في كلّ واحدة منهما خمس ركوعات و تفصيل ذلك: بأن يحرم مقارنا للنية كما في الفريضة، و يقرأ الحمد و السّورة، و يركع، ثمّ يرفع رأسه، و يقرأ الحمد و السّورة، و يركع، ثمّ يرفع رأسه، و هكذا حتى يتمّ خمسا على هذا التّرتيب، ثمّ يسجد سجدتين بعد رفع رأسه من الرّكوع الخامس. ثمّ يقوم و يفعل ثانيا كما فعل أوّلا. ثمّ يتشهّد و يسلّم.

(مسألة 871) لا فرق في السّورة بين كونها متّحدة في الجميع، أو مختلفة.

(مسألة 872) يجوز تفريق سورة كاملة على الرّكوعات الخمسة من كلّ ركعة، فيقرأ بعد

تكبيرة الإحرام الفاتحة، و يقرأ بعدها آية من سورة أو أقل أو أكثر، و يركع، ثمّ يرفع رأسه و يقرأ بعضا آخر من تلك السّورة من بعد ما

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 178

قرأه أولا، ثمّ يركع. ثمّ يرفع رأسه و يقرأ بعضا آخر منها كذلك، و هكذا إلى الرّكوع الخامس حتى يتم سورة، ثمّ يسجد. ثمّ يقوم إلى الثانية و يصنع كما صنع في الرّكعة الأولى، فيكون في كلّ ركعة الفاتحة مرّة مع سورة تامّة موزّعة.

(مسألة 873) لا يجوز الاقتصار على بعض سورة في مجموع الرّكعة، و إذا فرّق السّورة على الرّكوعات فلا تشرع الفاتحة إلا مرّة واحدة في القيام الأوّل بعد التكبيرة، نعم إذا أكمل السّورة في القيام الثاني أو الثالث مثلا، فإنه يجب عليه في القيام اللاحق بعد الرّكوع قراءة الفاتحة، ثمّ سورة أو بعضها. و هكذا كلّما ركع عن تمام سورة وجبت الفاتحة في القيام بعده، بخلاف ما لو ركع عن بعضها، فإنه يقرأ من حيث قطع و لا يعيد الحمد، و الأحوط إتمام السورة قبل الركوع الخامس.

(مسألة 874) يعتبر في الصّلاة هنا ما يعتبر في الفريضة من الشّرائط و من الوجوب و الندب، في القيام و القعود و الرّكوع و السّجود، و في الشّرائط و أحكام السّهو و الشكّ في الزّيادة و النّقيصة، فلو شكّ في عدد ركعاتها بطلت كما في كلّ فريضة ثنائيّة، و لو نقّص ركوعا أو زاده عمدا أو سهوا بطلت، و كذا القيام المتّصل به. و لو شكّ في ركوعها يأتي به ما دام في المحلّ و يمضي إن خرج عنه. و لا تبطل صلاته بذلك إلا إذا بان له بعد ذلك النقصان، أو رجع

الشكّ في ذلك إلى الشكّ في الرّكعات، كما إذا لم يعلم أنه الخامس فيكون آخر الرّكعة الأولى أو السّادس فيكون أوّل الرّكعة الثانية.

(مسألة 875) يستحبّ فيها الجهر بالقراءة ليلا أو نهارا حتى صلاة كسوف الشّمس، و أن يكبّر عند كلّ هويّ للرّكوع و كلّ رفع منه، إلا في الرّفع من الخامس و العاشر، فإنه يقول (سمع اللّه لمن حمده) ثمّ يسجد.

و يستحبّ فيها التّطويل خصوصا في كسوف الشّمس، و قراءة السّور الطوال مثل (يس، و الرّوم، و الكهف) و نحوها، و إكمال السّورة في كلّ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 179

قيام، و أن يجلس في مصلاه مشتغلا بالدّعاء و الذّكر إلى تمام الانجلاء، أو يعيد الصّلاة إذا فرغ منها قبل تمام الانجلاء. و يستحبّ في كلّ قيام ثان بعد القراءة قنوت، فيكون في مجموع الرّكعتين خمسة قنوتات.

(مسألة 876) يستحبّ فيها الجماعة، و يتحمّل فيها الإمام عن المأموم القراءة خاصّة كما في اليوميّة، دون غيرها من الأفعال و الأقوال.

و الأحوط للمأموم الدّخول في الجماعة قبل الرّكوع الأوّل أو فيه من الرّكعة الأولى أو الثانية، حتى تنتظم صلاته.

الخلل في الصّلاة

(مسألة 877) من أخلّ بالطّهارة من الحدث، بطلت صلاته مع العمد و السّهو و العلم و الجهل، بخلاف الطّهارة من الخبث كما مرّ. و من أخلّ بشي ء من واجبات صلاته عمدا بطلت صلاته، و لو بحركة من قراءتها و أذكارها الواجبة كما عرفت، و كذا من زاد فيها جزاء متعمدا قولا أو فعلا، من غير فرق بين كونه ركنا أو غيره. هذا في الموافق لأجزاء الصّلاة، أمّا بطلان الصّلاة بزيادة المخالف لأجزائها فهو محلّ تأمّل. نعم قد يوجب البطلان من حيث التّشريع.

(مسألة 878) يعتبر في تحقّق الزّيادة في

غير الأركان الإتيان بالشّي ء بعنوان أنه من الصّلاة أو أجزائها، فليس منها الإتيان بالقراءة و الذّكر و الدّعاء في أثنائها إذا لم يأت بها بعنوان أنها منها، فلا بأس بها ما لم يحصل بها المحو للصّورة. كما لا بأس بتخلّل الأفعال المباحة الخارجيّة كحكّ الجسد و نحوه، إذا لم يكن مفوّتا للموالاة أو ماحيا للصّورة.

(مسألة 879) إذا زاد سهوا ركعة، أو ركنا من ركوع، أو سجدتين من ركعة، أو تكبيرة الإحرام، بطلت صلاته. و زيادة القيام الرّكني لا تتحقّق إلا مع زيادة الركوع أو تكبيرة الإحرام، و أما النيّة فبناء على أنها الدّاعي

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 180

لا يتصوّر زيادتها، و على القول بالإخطار لا تضرّ زيادتها. و أما زيادة غير الأركان سهوا فلا تبطل الصّلاة و إن أوجبت سجدتي السّهو على الأحوط، كما سيأتي.

(مسألة 880) من نقّص شيئا من واجبات صلاته سهوا و ذكره في محلّه، تداركه و إن كان ركنا، و أعاد ما هو مترتب عليه بعده. و إذا لم يذكره إلا بعد تجاوز محلّه، فإن كان ركنا بطلت صلاته، و إلا فصلاته صحيحة و عليه سجود السّهو كما يأتي، و عليه قضاء الجزء المنسي بعد الفراغ من صلاته، إن كان المنسي التّشهد أو إحدى السّجدتين، و لا يقضي من الأجزاء المنسيّة غيرهما.

(مسألة 881) المراد بتجاوز المحلّ الدّخول في ركن آخر بعده أو كون محلّه في فعل خاصّ و قد تجاوزه، كالذّكر في الرّكوع و السّجود إذا نسيه و تذكّر بعد رفع الرّأس منهما.

(مسألة 882) إذا نسي الرّكوع حتى دخل في السّجدة الثانية أو نسي السّجدتين حتّى دخل في الرّكوع من الرّكعة اللاحقة، بطلت صلاته، و لو نسي الرّكوع و ذكر

قبل أن يدخل في السّجدة الأولى أو نسي السّجدتين و ذكر قبل الرّكوع، رجع و أتى بالمنسي و أعاد ما هو مترتب عليه، و لو نسي الرّكوع و تذكّر بعد الإتيان بالسّجدة الأولى، فالأحوط أن يرجع إلى المنسي و يعيد الصّلاة بعد إتمامها و يأتي بسجدتي السّهو.

(مسألة 883) إذا نسي القراءة و الذّكر أو بعضهما أو التّرتيب فيهما، و ذكر قبل أن يصل إلى حدّ الراكع، تدارك ما نسيه و أعاد ما فعله مما هو بعده.

(مسألة 884) إذا نسي القيام أو الطّمأنينة في الذّكر أو القراءة و ذكر قبل الرّكوع، فالأحوط إعادتهما بقصد القربة المطلقة لا الجزئيّة. نعم لو نسي الجهر و الإخفات في القراءة، فالظّاهر عدم وجوب تلافيهما، و إن كان الأحوط فيهما التّدارك أيضا بقصد القربة المطلقة.

(مسألة 885) إذا نسي القيام من الرّكوع و ذكر قبل أن يدخل في السّجود،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 181

انتصب مطمئنّا و مضى في صلاته. و إذا كان المنسي الطمأنينة فيه، فالأحوط أن ينتصب رجاء.

(مسألة 886) إذا نسي الذّكر في السّجود أو الطّمأنينة فيه أو وضع أحد المساجد حاله و ذكر قبل أن يخرج عن مسمّى السّجود، أتى بالذّكر.

لكن إذا كان المنسي الطّمأنينة يأتي بها بقصد القربة المطلقة لا الجزئيّة.

و أما لو ذكر بعد رفع الرّأس من السّجود، فقد جاز المحل فيمضي في صلاته.

(مسألة 887) إذا نسي الانتصاب من السّجود الأوّل أو الطّمأنينة فيه و ذكر قبل الدّخول في مسمّى السّجود الثاني انتصب مطمئنّا و مضى في صلاته، بخلاف ما لو ذكر بعد الدّخول في السّجود الثاني فإنه قد جاز المحل، فيمضي في صلاته.

(مسألة 888) إذا نسي السّجدة الواحدة أو التّشهد أو بعضه و ذكر قبل الوصول

إلى حدّ الرّاكع، أو قبل التّسليم إذا كان المنسيّ السّجدة الأخيرة أو التّشهد الأخير، يتدارك المنسي و يعيد ما هو بعده. أما لو نسي سجدة واحدة أو التّشهد من الرّكعة الأخيرة و ذكر بعد التّسليم، فإن كان بعد فعل ما يبطل الصّلاة عمدا و سهوا كالحدث فقد جاز محلّ الرّجوع و التّدارك، فعليه قضاء المنسي و سجدتا السّهو كما يأتي. و إن كان قبل ذلك فالأحوط في صورة نسيان السّجدة الإتيان بها من دون تعيين الأداء و القضاء، ثمّ التّشهد ثمّ التّسليم احتياطا، ثمّ يسجد سجدتي السّهو بقصد ما في الذّمة من السّجدة أو التّسليم بغير محلّه. و كذا في نسيان التّشهد.

(مسألة 889) إذا نسي التّسليم و ذكره قبل حصول ما يبطل الصّلاة عمدا و سهوا تداركه، فإن لم يتداركه بطلت صلاته.

(مسألة 890) إذا تذكّر المنسي في محلّه مهما كان و أمكنه تداركه و لم يفعل، بطلت صلاته.

(مسألة 891) إذا نسي الرّكعة الأخيرة مثلا فذكرها بعد التّشهد قبل

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 182

التّسليم، قام و أتى بها. و لو ذكرها بعد التّسليم قبل فعل ما يبطل سهوا، قام و أتمّ، و لو ذكرها بعده، استأنف الصّلاة، من غير فرق بين الرّباعية و غيرها. و كذا لو نسي أكثر من ركعة. و كذا يستأنف لو زاد ركعة قبل التّسليم، بعد التّشهد أو قبله.

(مسألة 892) إذا علم إجمالا قبل أن يدخل في الرّكوع إمّا بفوات سجدتين من الرّكعة السّابقة أو القراءة من هذه الرّكعة، يكتفي بالإتيان بالقراءة على الأقوى. نعم لو حصل له العلم الإجمالي المذكور بعد الإتيان بالقنوت، يجب عليه العود لتداركهما و تصحّ صلاته على الأقوى، و الأحوط مع ذلك إعادة الصّلاة.

(مسألة 893)

إذا علم بعد الفراغ أنه ترك سجدتين و لم يدر أنهما من ركعة أو ركعتين، فالأحوط أن يأتي بقضاء سجدتين، ثمّ يأتي بسجدتي السّهو مرّتين، ثمّ يعيد الصّلاة، و كذا إذا كان في الأثناء و كان بعد الدّخول في الرّكوع، فإن الأحوط إتمام الصّلاة ثمّ إعادتها بعد قضاء سجدتين و الإتيان بسجدتي السّهو مرّتين، و لكن الأقوى جواز الاكتفاء بالإعادة في الصّورتين.

(مسألة 894) إذا علم بعد القيام إلى الثالثة أنه ترك التّشهد و لم يدر أنه ترك السّجدة أيضا أم لا، فالأحوط أن يأتي بالسّجدة ثمّ يتشهّد و يتمّ الصّلاة، ثمّ يعيدها.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 183

أحكام الشك

الشك في أصل الصلاة

(مسألة 895) من شكّ في الصّلاة فلم يدر أنه صلى أم لا، فإن كان بعد مضيّ الوقت، لم يلتفت و بنى على الإتيان بها، و إن كان في أثنائه أتى بها.

و الظنّ بالإتيان و عدمه هنا بحكم الشك.

(مسألة 896) إذا علم أنه صلى العصر و لم يدر أنه صلى الظّهر أيضا أم لا، فالأحوط بل الأقوى وجوب الإتيان بها، حتى إذا لم يبق من الوقت إلا الوقت المختص بالعصر. نعم لو لم يبق إلا هذا المقدار و علم بعدم الإتيان بالعصر أو شكّ فيه و كان شاكّا في الإتيان بالظّهر، أتى بالعصر، و جرى عليه حكم الشكّ بعد الوقت في الظّهر.

(مسألة 897) إذا شكّ في بقاء الوقت و عدمه، يحكم ببقائه.

(مسألة 898) إذا شكّ أثناء صلاة العصر في أنه صلى الظّهر أم لا، فإن كان في الوقت المختص بالعصر، بنى على الإتيان بالظّهر، و إن كان في الوقت المشترك، بنى على عدم الإتيان بها، فيعدل إليها.

(مسألة 899) إذا علم أنه صلى إحدى الصّلاتين الظّهر أو العصر و

لم يدر أيهما، فإن كان في الوقت المختص بالعصر، يأتي بها و يبني على الإتيان بالظّهر، و إن كان في الوقت المشترك، يأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمة. و لو علم أنه صلى إحدى العشاءين، ففي الوقت المختص بالعشاء يبني على الإتيان بالمغرب و يأتي بالعشاء، و في الوقت المشترك يأتي بالصّلاتين.

(مسألة 900) إنّما لا يعتنى بالشك في الصّلاة بعد الوقت و يبنى على الإتيان بها فيما إذا كان حدوث الشكّ بعده، أما إذا شكّ فيها أثناء الوقت

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 184

و نسي الإتيان بها حتى خرج الوقت فيجب قضاؤها، و إن كان شاكّا فعلا في الإتيان بها في الوقت.

(مسألة 901) إذا شكّ فيها و اعتقد أنه خارج الوقت، ثمّ تبيّن بعد الوقت أنّ شكّه كان أثناء الوقت يجب عليه قضاؤها، بخلاف العكس بأن اعتقد حال الشكّ أنه في الوقت فترك الإتيان بها عمدا أو سهوا، ثمّ تبيّن أنه كان خارج الوقت، فليس عليه قضاء.

(مسألة 902) لا يبعد إجراء حكم كثير الشكّ عليه إذا شكّ في الإتيان بالصّلاة، و إن كان الأحوط إجراء حكم غيره عليه، فيجري فيه التّفصيل بين كونه في الوقت و خارجه. نعم الظّاهر أنّ حكم الوسواسي البناء على الإتيان بها و إن كان في الوقت.

الشك في أفعال الصلاة

(مسألة 903) إذا شكّ في شي ء من أفعال الصّلاة، فإن كان قبل الدّخول في غيره ممّا هو مترتّب عليه، وجب الإتيان به، كما إذا شكّ في تكبيرة الإحرام قبل أن يدخل في القراءة، أو في الحمد و لم يدخل في السّورة، أو فيها قبل الرّكوع، أو فيه قبل الهويّ إلى السجود، أو فيه و لم يدخل في القيام أو التّشهد. و إن

كان بعد الدّخول في غيره ممّا هو مترتّب عليه و إن كان مندوبا، لم يلتفت و بنى على الإتيان به، من غير فرق بين الأوليين و الأخيرتين، فحينئذ لا يلتفت إلى الشكّ في الفاتحة و هو آخذ في السّورة و لا إلى السّورة و هو في القنوت، و لا إلى الرّكوع أو القيام و هو في الهويّ للسّجود، و لا إلى السّجود و هو قائم أو في التّشهد، و لا إلى التّشهد و هو قائم. نعم يجب الإتيان بالسّجدة إذا شكّ فيها و هو آخذ في القيام للنصّ على ذلك، و بالتّشهد إذا شكّ فيه كذلك على الأحوط رجاء.

(مسألة 904) الشكّ بعد الدّخول في الجزء الآخر لا يعتنى به، سواء كان

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 185

من الأجزاء المستقلّة كالأمثلة المتقدّمة، أو كان جزءا من الجزء على الأقوى، كما إذا شكّ في أوّل السّورة و هو في آخرها، أو في الآية و هو في التي بعدها أو في أوّل الآية و هو في آخرها.

(مسألة 905) إذا شكّ في صحّة الواقع و فساده لا في أصل الوقوع، لم يلتفت و إن كان في المحل، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في الصّورة الثانية.

(مسألة 906) إذا شكّ في التّسليم لم يلتفت إذا كان دخل فيما هو مترتب على الفراغ من التّعقيب و نحوه، أو في بعض المنافيات، أو نحو ذلك ممّا لا يفعله إلا بعد الفراغ. كما أن المأموم لا يلتفت إذا شكّ في التكبير و كان في هيئة المصلي جماعة من الاستماع أو الذّكر أو الإنصات، و نحو ذلك ممّا هو وظيفة المقتدي.

(مسألة 907) كلّ مشكوك أتى به في المحلّ ثمّ ذكر أنه فعله، فإنه لا

يبطل الصّلاة إلا أن يكون ركنا، كما أنه لا يبطل أيضا إذا لم يأت به لأنه كان تجاوز المحل فبان عدم فعله، ما لم يكن ركنا و لا يمكن تداركه لدخوله في ركن آخر، و إلا تداركه مطلقا.

(مسألة 908) إذا شكّ و هو في فعل أنه هل شكّ في بعض الأفعال المتقدّمة عليه سابقا أم لا، لم يلتفت، إلا أن يكون ما شكّ في أنه شكّ فيه مشكوكا فعلا، و احتمل حدوث الشكّ في المحل ليكون حدوثه بعد المحل عودا لما ذهل، فيجب أن يرتّب عليه أثر الشكّ في المحل، لأنه لا يجري فيه قاعدة الشكّ بعد المحلّ. و كذا لو شكّ أنه هل سهى كذلك أم لا، بل هو أولى. نعم لو شكّ في السّهو و عدمه و كان في محلّ يتلافى فيه المشكوك، أتى به.

الشك في عدد ركعات الفريضة

(مسألة 909) لا حكم للشكّ في عدد الرّكعات بمجرّد حصوله إن زال

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 186

بعد ذلك، بل لا بدّ من استقراره، و حينئذ تبطل الصّلاة إذا كان في الثّنائيّة أو الثّلاثيّة أو الأوليين من الرّباعية، و يصحّ في صور مخصوصة في الرباعيّة بعد إحراز تمام الأوليين منها و يتحقّق ذلك برفع الرأس من السّجدة الأخيرة، بل بعد إكمال الذّكر الواجب فيها و لو لم يرفع رأسه على الأقوى.

(مسألة 910) الصّورة الأولى: من صور الشك الصحيحة، الشك بين الاثنتين و الثلاث بعد إكمال السّجدتين، فإنه يبني على الثّلاث و يأتي بالرّابعة و يتمّ صلاته، ثمّ يحتاط بركعة من قيام على الأحوط.

الثّانية: الشك بين الثّلاث و الأربع في أي موضع كان، فإنه يبني على الأربع و يأتي بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس.

الثّالثة: الشك بين

الاثنتين و الأربع بعد إكمال السّجدتين، فيبني على الأربع و يتمّ صلاته، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام.

الرّابعة: الشك بين الاثنتين و الثّلاث و الأربع بعد إكمال السّجدتين، فيبني على الأربع و يتمّ صلاته، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام و ركعتين من جلوس و الأحوط بل الأقوى تأخير الركعتين من جلوس.

الخامسة: الشك بين الأربع و الخمس، و له صورتان: إحداهما بعد إكمال الذّكر من السّجدة الأخيرة، فيبني على الأربع و يتشهّد و يسلّم، ثمّ يسجد سجدتي السّهو. و ثانيتهما حال القيام، فيهدم و يجلس و يتشهّد و يسلّم ثمّ يحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس، و يسجد سجدتي السّهو على الأحوط للقيام في غير محله.

السّادسة: الشك بين الثّلاث و الخمس حال القيام، فيهدم و يجلس و يتشهّد و يسلّم و يعمل عمل الشاكّ بين اثنتين و أربع، و يسجد سجدتي السّهو على الأحوط.

السّابعة: الشك بين الثّلاث و الأربع و الخمس حال القيام، فيهدم القيام و يجلس و يتشهّد و يسلّم، ثمّ يعمل عمل الشاكّ بين اثنتين و ثلاث و أربع ثمّ يسجد سجدتي السّهو على الأحوط

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 187

الثّامنة: الشك بين الخمس و الستّ حال القيام، فيهدم القيام، و يتمّ و يسجد سجدتي السّهو مرّتين. و الأحوط الأولى في الصّور الأربع الأخيرة استئناف الصلاة مع ذلك.

(مسألة 911) إذا شكّ بين الثّلاث و الأربع، أو بين الثّلاث و الخمس، أو بين الثّلاث و الأربع و الخمس في حال القيام، و علم أنه ترك سجدة أو سجدتين من الرّكعة السّابقة، بطلت صلاته، لأنه في جميع الصّور قبل الجلوس شاكّ في الاثنتين قبل الإكمال و هو مبطل للصّلاة، لا أنه يجب عليه الهدم

فيرجع شكّه إلى ما قبل إكمال الرّكعتين فتبطل صلاته، فإنّ التّعبير ب (يرجع شكّه) بعد هدم القيام في جميع الموارد مسامحة.

(مسألة 912) في الشّكوك الّتي يعتبر فيها إكمال السّجدتين: إذا شكّ في الإكمال و عدمه، فإن كان حال الجلوس قبل القيام أو التشهّد بطلت الصّلاة، لأنه يحكم بعدم الإتيان بالسّجدتين أو إحداهما، فيكون قبل الإكمال. و إن كان بعد تجاوز المحلّ لم تبطل، لأنه يحكم بالإتيان شرعا فيكون بعد إكمالها، و إن كان الأحوط الإتمام ثمّ الإعادة.

(مسألة 913) الشك في الرّكعات ما عدا الصّور المذكورة موجب للبطلان.

نعم إذا كان الطّرف الأقل أربعا و كان بعد إكمال السّجدتين، فالأحوط الجمع بين وظيفة الشّك بين الأربع و الخمس ثم الإعادة.

(مسألة 914) إذا علم و هو في الصّلاة أنه شكّ سابقا بين الاثنتين و الثّلاث و لا يدري أنه كان قبل إكمال السّجدتين أو بعده، فالأحوط البناء على الثانية و العمل بمقتضاه ثمّ الإعادة، و كذا إذا كان بعد الفراغ من الصّلاة.

(مسألة 915) إذا شكّ بعد الفراغ أنّ شكّه كان موجبا لركعة أو ركعتين، فالأحوط الإتيان بهما ثمّ إعادة الصّلاة. و كذا لو لم يدر أنه أيّ شك كان من الشّكوك الصّحيحة، فإنه يعيد الصّلاة بعد الإتيان بموجب الجميع، و يحصل ذلك بالإتيان بركعتين من قيام و ركعتين من جلوس، و ركعة من قيام أيضا على الأحوط و سجود السّهو. و إن لم تنحصر المحتملات في

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 188

الشّكوك الصّحيحة بل احتمل بعض الوجوه الباطلة استأنف الصّلاة. بعد الإتيان بوظيفة جميع الشّكوك الصّحيحة المحتملة على الأحوط.

(مسألة 916) إذا عرض له أحد الشّكوك و لم يعلم تكليفه، فإن لم يسع الوقت، أو لم يتمكّن من

التعلّم في الوقت، تعيّن عليه العمل على الرّاجح من المحتملات إن وجد، أو على أحدها إن لم يوجد، و يتمّ صلاته، فإذا تبيّن له بعد ذلك أنّ العمل مخالف للواقع استأنف الصّلاة و لو قضاء. أمّا إذا اتّسع الوقت و تمكّن من التعلّم في الوقت فيقطع الصّلاة، و إن جاز له إتمام العمل على طبق بعض المحتملات ثمّ التّعلم. لكنّ الأحوط حينئذ الإعادة حتى مع الموافقة.

(مسألة 917) إذا انقلب شكّه بعد الفراغ إلى شكّ آخر، كما إذا شكّ بين الاثنتين و الأربع و بعد الصّلاة انقلب إلى الثّلاث و الأربع، أو شكّ بين الاثنتين و الثّلاث و الأربع فانقلب إلى الثّلاث و الأربع، صحّت صلاته و لا شي ء عليه، و إن كان الأحوط الإتيان بالنقيصة المحتملة متصلة إن لم يأت بالمنافي، و إعادة الصّلاة إن أتى به. هذا إذا لم ينقلب إلى ما يعلم معه بالنّقيصة كالمثالين المذكورين، و أمّا إذا انقلب إلى ذلك، كما إذا شكّ بين الاثنتين و الأربع ثم انقلب بعد الصّلاة إلى الاثنتين و الثّلاث، فيعمل عمل الشكّ المنقلب إليه، لأنه ما زال في الصّلاة و السّلام وقع في غير محلّه، فيضيف إلى عمل الشكّ الثاني سجدتي السّهو للسّلام في غير محلّه.

(مسألة 918) إذا شكّ بين الاثنتين و الثّلاث فبنى على الثّلاث ثمّ شكّ بين الثّلاث الّتي بنى عليها و الأربع، فالظّاهر انقلاب شكّه إلى الشكّ بين الاثنتين و الثّلاث و الأربع فيعمل عمله.

(مسألة 919) إذا شكّ بين الاثنتين و الثّلاث فبنى على الثّلاث، فلما أتى بالرّابعة تيقّن أنه حين الشكّ لم يأت بالثّلاث، لكن يشك في أنه في ذلك الحين أتى بركعة أو ركعتين، يرجع شكّه بالنّسبة إلى حاله الفعلي

بين

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 189

الاثنتين و الثّلاث، فيعمل عمله.

(مسألة 920) من كان عاجزا عن القيام و عرض له أحد الشّكوك الصّحيحة فالظّاهر أنّ صلاته الاحتياطية القياميّة تصير جلوسيّة و ما كانت جلوسيّة بالتّعيين تبقى على حالها، و أمّا الجلوسيّة الّتي تكون إحدى فردي التّخييري كما هو الظّاهر فتتعيّن بالعجز عن الأخرى. نعم في الشكّ بين الثّلاث و الأربع يحتاط بالجمع بين الرّكعة و الرّكعتين من جلوس، ثم الإعادة.

(مسألة 921) لا يجوز في الشّكوك الصّحيحة قطع الصّلاة و استئنافها، بل يجب في كلّ منها العمل على وظيفته. نعم لو أبطل صلاته ثمّ استأنفها صحّت صلاته المستأنفة و إن كان آثما في الإبطال.

(مسألة 922) في الشّكوك الباطلة، إذا غفل عن شكّه و أتمّ الصّلاة ثمّ تبيّن له الموافقة للواقع فيحكم بالبطلان على الأحوط في الثّنائية و الثّلاثية و الأوليين من الرّباعية، و أمّا في غيرها فلا يبعد الصحّة مع الموافقة، لكن مع ذلك الأحوط الإعادة.

(مسألة 923) إذا كان المسافر في أحد مواطن التّخيير فنوى بصلاته القصر، و شكّ في الرّكعات فالأقوى البطلان و عدم جواز العدول بعد الشكّ إلى التّمام ليعالج به صلاته من الفساد. نعم لو عرض له الشكّ بعد العدول، صحّ.

(مسألة 924) إذا شكّ و هو جالس بعد السّجدتين بين الاثنتين و الثّلاث و علم أنه لم يتشهّد في هذه الصلاة، فبالنّسبة إلى الشكّ في الرّكعات يبني على الثّلاث، و بالنّسبة إلى التشهّد، الأحوط أن يأتي به في محلّه رجاء، و الأقوى وجوب قضائه. و كذا لو شكّ و هو قائم بين الثّلاث و الأربع و علم بعدم إتيانه بالتشهّد في الثانية، إلا أنه يبني على الأربع.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 190

الشكوك التي لا يعتنى بها

(مسألة 925) منها: الشك بعد تجاوز المحلّ، و منها الشك في الصّلاة بعد الوقت، و قد مرّا.

(مسألة 926) و منها: الشك بعد الفراغ من الصّلاة، سواء تعلق بشروطها أو أجزائها أو ركعاتها، بشرط أن يكون أحد طرفي الشكّ الصحّة، فلو شكّ في الرّباعية أنه صلّى ثلاثا أو أربعا أو خمسا، و في الثّلاثية أنه صلّى ثلاثا أو أربعا، و في الثنائية أنه صلى اثنتين أو ثلاثا، بنى على الصّحيح في الكلّ. بخلاف ما إذا شكّ في الرّباعية أنه صلى ثلاثا أو خمسا، و في الثّلاثية أنه صلى اثنتين أو أربعا، فتبطل للعلم الإجمالي بالزّيادة أو النّقيصة.

(مسألة 927) و منها: شكّ كثير الشك، سواء كان في الرّكعات أو الأفعال أو الشّرائط، فيبني على وقوع ما شكّ فيه و إن كان في محلّه، إلا إذا كان مفسدا، فيبني على عدم وقوعه.

(مسألة 928) إذا كان كثير الشكّ في شي ء خاصّ، أو في صلاة خاصّة، فيختص الحكم بذلك، فلو شكّ في غيره يعمل عمل الشّك.

(مسألة 929) المرجع في كثرة الشّك العرف، بمعنى أنها حالة استثنائيّة عن الوضع الطّبيعي للنّاس، من غير فرق في سبب عروضها. و لا يبعد تحقّقه فيما إذا لم تخل ثلاث صلوات متوالية من الشكّ.

(مسألة 930) إذا شكّ في أنه حصل له حالة كثرة الشكّ أم لا، بنى على عدمها في الشّبهة المصداقيّة، و أمّا في الشّبهة المفهوميّة فيرجع إلى أحكام الشكّ، و كذلك في الشكّ في بقاء حالة الكثرة.

(مسألة 931) لا يجوز لكثير الشكّ الاعتناء بشكّه مطلقا، فلو شكّ مثلا في الرّكوع في المحلّ، لا يجوز أن يركع، و إلا بطلت صلاته.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 191

(مسألة 932) و منها: شكّ كلّ من

الإمام و المأموم في الرّكعات مع حفظ الآخر، فإنه يرجع الشّاك منهما إلى الآخر. كما أنّ جريان الحكم في الشكّ في الأفعال لا يخلو من وجه إذا كان الشكّ في فعلهما معا. و الظّانّ منهما يرجع إلى المتيقّن، و الظّانّ يعمل بظنّه، و الشاكّ يرجع إليه.

(مسألة 933) إذا كان الإمام شاكّا و المأمومون مختلفين في الاعتقاد، لم يرجع إليهم. نعم لو كان بعضهم شاكّا و بعضهم متيقّنا، رجع الإمام إلى المتيقّن منهم، بل يرجع الشاكّ منهم بعد ذلك إلى الإمام إذا حصل له الظّنّ، و إن لم يحصل له، فالأحوط تعيّن العمل بالشكّ.

(مسألة 934) إذا عرض الشكّ لكلّ من الإمام و المأموم، فإن اتحد شكّهما عمل كلّ منهما عمل ذلك الشكّ. و لو اختلف شكّهما و لم يكن بين شكّيهما رابطة، كما إذا شكّ أحدهما بين الاثنتين و الثّلاث و الآخر بين الأربع و الخمس، فينفرد المأموم و يعمل كل منهما عمل شكّه. و أما إذا كان بينهما رابطة و قدر مشترك، كما إذا شكّ أحدهما بين الاثنتين و الثّلاث و الآخر بين الثّلاث و الأربع، فإنّ الثّلاث طرف شكّ كلّ منهما فيبنيان عليها و الأحوط مع ذلك إعادة الصّلاة. نعم يكفي في تحقّق الاحتياط للأوّل البناء على الثّلاث و الإتيان بصلاة الاحتياط. و كذا في كلّ من كان رجوعه إلى آخر موافقا لوظيفة شكّه، فيكفيه في الاحتياط العمل بها بعد الرّجوع و الإتمام.

(مسألة 935) و منها: الشكّ في ركعات النّافلة، فيتخيّر بين البناء على الأقل أو الأكثر، و إن كان الأوّل هو الأفضل، إلا أن يكون الأكثر مفسدا فيتعيّن البناء على الأقل. أمّا صلاة الوتر فالاحتياط فيها الإعادة مع الشكّ.

(مسألة 936) الشكّ في أفعال

النافلة كالشكّ في أفعال الفريضة، أتى به إذا كان في المحلّ، و لا يلتفت إذا كان بعد تجاوز المحلّ.

(مسألة 937) لا يجب في النّوافل قضاء السّجدة المنسيّة و لا التّشهد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 192

المنسي، و لا يجب سجود السّهو لموجباته.

(مسألة 938) النّوافل التي لها كيفيّة خاصّة أو سورة خاصّة كصلاتي ليلة الدّفن و الغفيلة، إذا نسي فيها تلك الكيفيّة، فإن أمكن الرّجوع و التّدارك رجع و تدارك، و إن لم يمكن أعادها، لأنّ الصّلاة و إن صحّت إلا أنها لا تكون تلك الصّلاة المخصوصة. نعم لو نسي بعض التّسبيحات في صلاة جعفر، أتى به في محلّ آخر منها، و إذا نسيه أيضا، قضاه بعد الصّلاة.

حكم الظن في أفعال الصلاة و ركعاتها

(مسألة 939) الأقوى اعتبار الظّن مطلقا في ركعات الصّلاة، ثنائيّة كانت أو ثلاثيّة أو رباعيّة، حتى الأوليين منها، و كذا في أفعالها. فيجب العمل بمقتضاه و لو كان مسبوقا بالشكّ، فلو شكّ أوّلا ثمّ ظنّ بعد ذلك فيما كان شاكّا فيه، كان العمل على الأخير، و كذا العكس. أو ظنّ بأنه قرأ و هو في محلّها، أو ظنّ بأنه ركع و هو في محلّه، و هكذا. و كذا إذا ظنّ بعدم الإتيان بالشّي ء بعد محلّه.

(مسألة 940) إذا تردّد في أنّ الحاصل له ظنّ أو شكّ كما يتّفق كثيرا لبعض الناس، فالأقوى إجراء حكم الظّن عليه، لكفاية هذا التّرديد في إخراجه من حدّ الاعتدال المأخوذ في موضوع أحكام الشّكوك.

(مسألة 941) إذا تردّد في أنّ الحاصل له ظنّ أو شكّ و كان مسبوقا بالظنّ فالبناء على الظنّ مشكل، لانّ الشكّ ليس في ارتفاع شي ء و بقائه، بل في أنّ مفهوم الظنّ يشمل هذا الموجود أم لا، و أما استصحاب

الحكم مع الشكّ في الموضوع، فهو أشكل، اللّهمّ إلا أن يستصحب حكم المظنون لا العمل بالظّن.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 193

ركعات الاحتياط

(مسألة 942) ركعات الاحتياط واجبة، فلا يجوز تركها و إعادة الصلاة من الأصل، و يجب المبادرة إليها بعد الفراغ من الصلاة، و لا يجوز الفصل بينها و بين الصلاة بالمنافي، فإن فعل ذلك فالأحوط الإتيان بها و إعادة الصلاة. و إذا أتى بالمنافي قبل صلاة الاحتياط ثمّ تبيّن له تماميّة الصّلاة، لا تجب إعادتها و لا الإتيان بصلاة الاحتياط.

(مسألة 943) لا بدّ في صلاة الاحتياط من النيّة و تكبيرة الإحرام و قراءة الفاتحة سرا حتى البسملة على الأحوط، و الرّكوع و السّجود و التّشهد و التّسليم. و لا قنوت فيها و إن كانت ركعتين، كما أنه لا سورة فيها.

(مسألة 944) إذا نسي ركنا في ركعات الاحتياط أو زاده فيها، بطلت، فلا يترك الاحتياط بصلاة الاحتياط ثانيا ثمّ استئناف الصّلاة.

(مسألة 945) إذا بان الاستغناء عن صلاة الاحتياط قبل الشّروع فيها، لا يجب الإتيان بها، و إن كان بعد الفراغ منها وقعت نافلة، و إن كان في الأثناء أتمّها كذلك، و الأحوط له إضافة ركعة ثانية إذا كانت ركعة من قيام.

(مسألة 946) إذا تبين نقص الصّلاة بعد الفراغ من صلاة الاحتياط، فإن كان النّقص بمقدار ما فعله من الاحتياط، كما إذا شكّ بين الثّلاث و الأربع و بعد صلاة الاحتياط تبيّن كونها ثلاثا، تمّت صلاته، و الأحوط الاستئناف. و إن كان النّقص أكثر، كما إذا شكّ بين الثلاث و الأربع فبنى على الأربع و صلى صلاة الاحتياط فتبيّن أنّ الناقص ركعتين، فالظّاهر عدم كفاية صلاة الاحتياط، بل يجب إعادة الصّلاة بعد تتميم ما نقص متّصلا،

إن كان التبيّن قبل فعل المنافي على الأحوط. و كذا لو تبيّن زيادة صلاة الاحتياط عن النّقص في الصلاة، كما إذا شكّ بين الاثنتين و الأربع فبنى على الأربع و أتى بركعتين من قيام ثمّ تبيّن كون صلاته ثلاث ركعات.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 194

(مسألة 947) إذا تبيّن نقص صلاته في أثناء صلاة الاحتياط، كأن يكون ما بيده من صلاة الاحتياط موافقا لما نقص من الصلاة كمّا و كيفا، أو يكون مخالفا له كذلك، أو يكون موافقا له في أحدهما، فالأقوى في الجميع إلغاء صلاة الاحتياط و الرّجوع إلى حكم تذكّر النقص، ثم إعادة الصلاة، لأن صلاة الاحتياط مخصوصة بالشاكّ و قد صار متيقنا.

(مسألة 948) إذا تبيّن النّقص قبل الدخول في الاحتياط، لزمه حكم من نقّص ركعة فيتدارك، فلا تكفي صلاة الاحتياط، بل اللازم حينئذ إتمام ما نقص، و سجدتا السّهو للسّلام في غير محله.

(مسألة 949) إذا شكّ في الإتيان بصلاة الاحتياط، فإن كان بعد الوقت لا يلتفت، و إن كان في الوقت، فإن لم يدخل في فعل آخر و لم يأت بالمنافي و لم يحصل الفصل الطويل، يبني على عدم الإتيان. أما مع أحد هذه الأمور الثلاثة، فالأحوط الإتيان بها ثم إعادة الصلاة.

(مسألة 950) إذا شكّ في فعل من أفعالها أتى به في المحل، و لو تجاوز، بنى على الإتيان. و لو شكّ في ركعاتها، فالأحوط البناء على الأكثر إن لم يكن مبطلا، و إلا، فعلى الأقل، ثم إعادتها و إعادة أصل الصلاة.

(مسألة 951) إذا نسيها و دخل في صلاة أخرى من نافلة أو فريضة فالأحوط أن يأتي بالاحتياط في أثنائها ثم يعيد الصّلاتين، و كذا في المرتّبتين.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 195

الأجزاء المنسيّة

(مسألة 952) لا يقضى من الأجزاء المنسيّة في الصّلاة غير السّجود و التّشهد، و كذا أجزاؤه على الأحوط، خصوصا الصّلاة على النّبي و آله، فينوي أنّ ما يأتي به عوض ذلك المنسي مع مراعاة ما كان واجبا حال الصلاة من شرائط و موانع. بل لا يجوز الفصل بينه و بين الصّلاة بالمنافي على الأحوط. لكن لو فعل فالأقوى جواز الاكتفاء بقضائه.

(مسألة 953) إذا تكرّر نسيان السجدة أو التشهد يتكرّر قضاؤهما بعدد المنسي، و لا يشترط تعيين السّبب و لا التّرتيب. نعم لو نسي السّجدة و التّشهد معا فالأحوط تقديم قضاء السّابق في الفوت منهما، و لو لم يعلم السّابق احتاط بتكرار ما قدّمه مؤخرا أيضا.

(مسألة 954) لا يجب التسليم في التشهد القضائي، كما لا يجب التشهد و التسليم في السّجدة القضائية. نعم لو كان المنسيّ التّشهد الأخير، فالأحوط الإتيان به بقصد القربة من غير نية الأداء و القضاء و بالسّلام بعده.

و كذا لو نسي سجدة الرّكعة الأخيرة، لاحتمال وقوع التسليم في الأوّل و التّشهد و التّسليم في الثاني في غير محلّها، فيكون تشهده و سجدته جزءين من الصلاة. و يجب في الفرعين الإتيان بسجدتي السّهو إما لنسيان السجدة أو التشهد، و إمّا للتّسليم في غير محلّه.

(مسألة 955) إذا اعتقد نسيان السجدة أو التشهد مع فوات محلّ تداركهما، ثمّ بعد الفراغ من الصلاة انقلب اعتقاده شكّا، فالأقوى عدم وجوب القضاء.

(مسألة 956) إذا شكّ في أنّ الفائت سجدة واحدة أو سجدتان من ركعتين، بنى على الأقل.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 196

(مسألة 957) إذا نسي قضاء السّجدة أو التّشهد و تذكّر بعد الدّخول في نافلة، أتى به في أثنائها، لأن بطلان النّافلة بإتيان المنسيّ في أثنائها

غير معلوم، و أمّا الفريضة، فالأحوط إتمامها ثمّ الإتيان به.

(مسألة 958) إذا كان عليه قضاء أحدهما في صلاة الظّهر و ضاق وقت العصر حتى كان لا يدرك منها إلا ركعة قدمها و قضى الجزء بعدها، و كذا الحال لو كان عليه صلاة الاحتياط للظّهر و ضاق وقت العصر، لكن في هذه الصّورة يقدّم العصر، ثم يعيد الظّهر أيضا بعد أن يأتي باحتياطها.

سجود السّهو

(مسألة 959) يجب سجود السّهو للكلام ساهيا و لو لظنّ الخروج من الصّلاة، و لنسيان السّجدة الواحدة، و التّشهد إذا فات محلّ تداركهما، و للشكّ بين الأربع و الخمس. و الأحوط الإتيان به لكلّ زيادة في الصّلاة و نقيصة لم يذكرها في محلّها، و إن كان الأقوى عدم وجوبه لغير ما ذكر.

نعم لا يترك الاحتياط في القيام في موضع القعود و بالعكس.

(مسألة 960) للكلام و إن طال سجدتا سهو إن كان كلاما واحدا، و إن تعدّد كما لو تذكّر في الأثناء ثم نسي بعد ذلك فتكلّم، فله سجودا سهو.

(مسألة 961) للتّسليم الزّائد مرّة واحدة و لو بجميع صيغه سجدتا سهو.

و الأحوط تعدّده لكل تسليم، و كذا الحال في التّسبيحات الأربع.

(مسألة 962) إذا كان عليه سجود سهو و أجزاء منسيّة و ركعات احتياط، أخّر السّجود عنهما، و الأقوى تقديم ركعات الاحتياط على الأجزاء.

(مسألة 963) تجب المبادرة لسجود السّهو بعد الصّلاة، و يعصي بالتأخير لكن تصحّ صلاته، و لا يسقط وجوب السّجود عنه بذلك و لا فوريّته، فيسجد مبادرا. و لو نسيه سجد حين يذكره، فلو أخره عصى أيضا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 197

(مسألة 964) يجب في سجود السّهو النيّة مقارنة لأوله و لو في حركة الهويّ إليه، و لا يجب فيه تعيين السّبب

و لو تعدّد، و لا التّرتيب حسب أسبابه على الأقوى، و لا التّكبير و إن كان أحوط. و يجب فيه جميع ما يجب في سجود الصّلاة على الأحوط، ما عدا ذكره.

(مسألة 965) يجب فيه الذّكر المخصوص، فيقول في كلّ سجدة (بسم اللّه و باللّه و صلّى اللّه على محمّد و آل محمّد) أو يقول (بسم اللّه و باللّه، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد) أو يقول (بسم اللّه و باللّه، السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته)، و الأحوط اختيار الأخير.

(مسألة 966) يجب بعد رفع الرأس من السّجدة الأخيرة منه التّشهد المتعارف، أمّا التّسليم فيقول (السّلام عليكم).

(مسألة 967) إذا شكّ في تحقّق موجبه بنى على عدمه، و لو شكّ في الإتيان به بعد العلم بوجوبه، وجب الإتيان به، و لو علم بالموجب و تردّد بين الأقل و الأكثر بنى على الأقلّ. و لو شكّ في فعل من أفعاله، فإن كان في المحلّ أتى به، و إن تجاوز، فالأحوط تحصيل اليقين بالبراءة. نعم لا إشكال في الحكم بالصّحة إذا شكّ فيها بعد الفراغ منه. و إذا شكّ في أنه سجد سجدتين أو واحدة، بنى على الأقل، إلا إذا دخل في التّشهد، و لو علم أنه زاد سجدة أو نقصها، أعاد.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 198

صلاة القضاء

(مسألة 968) يجب قضاء الصّلوات اليوميّة التي فاتت في أوقاتها عمدا أو سهوا أو جهلا، أو لأجل النّوم المستوعب للوقت، و غير ذلك، و كذا المأتي بها فاسدة لفقد شرط أو جزء يوجب تركه البطلان.

(مسألة 969) لا يجب قضاء ما تركه الصّبي في زمان صباه، و المجنون في حال جنونه، و المغمى عليه إذا لم يكن إغماؤه

بفعله، و الحائض و النّفساء مع استيعاب الوقت، و الكافر الأصلي، دون المرتدّ فإنه يجب عليه قضاء ما فاته في حال ارتداده بعد التّوبة، و تصحّ منه و إن كان عن فطرة على الأصحّ.

(مسألة 970) يجب على المخالف بعد استبصاره قضاء ما فاته من الصّلاة، أو كان صلّاها على وجه يخالف مذهبه. أما ما أتى به على وفق مذهبه فلا يجب عليه قضاؤه و إن كان فاسدا بحسب مذهبنا. نعم إذا كان الوقت باقيا يجب عليه الأداء، فلو تركه، يجب عليه القضاء.

(مسألة 971) إذا بلغ الصّبي أو أفاق المجنون أو المغمى عليه في الوقت، وجب عليهم الأداء، و إن لم يدركوا إلا مقدار ركعة على الأحوط. و مع التّرك يجب عليهم القضاء. و كذا الحائض و النفساء إذا زال عذرهما.

(مسألة 972) إذا طرأ الحيض أو النّفاس بعد مضيّ مقدار صلاة المختار من أوّل الوقت بحسب حالهما من السّفر و الحضر و الوضوء و التّيمم و لم تأتيا بالصّلاة، وجب عليهما القضاء، و كذا في آخر الوقت.

(مسألة 973) إذا طرأ على المكلف عذر غير الحيض و النّفاس بعد أن مضى من الوقت مقدار الصّلاة للمختار بحسب حاله بل للمضطرّ أيضا، و لم يصلّ، وجب عليه القضاء. و كذا الحكم في آخر الوقت.

(مسألة 974) فاقد الطّهورين يجب عليه القضاء، و لا يترك الاحتياط بالأداء أيضا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 199

(مسألة 975) يجب قضاء غير اليوميّة سوى العيدين، حتى المنذورة في وقت معين على الأحوط.

(مسألة 976) يجوز قضاء الفرائض في كلّ وقت من ليل أو نهار أو سفر أو حضر، و يصلّي في السّفر تامّا ما فات في الحضر، و يصلّي في الحضر قصرا ما فات في

السّفر. و إذا كان في أوّل الوقت حاضرا و في آخره مسافرا أو بالعكس، فالعبرة بحال الفوت على الأصحّ، فيقضي قصرا في الأوّل و تماما في الثاني. و إذا فاته ما يجب فيه الاحتياط بالجمع بين القصر و التّمام، فالقضاء كذلك.

(مسألة 977) إذا فات الصّلاة في أماكن التخيير، فالأحوط قضاؤها قصرا مطلقا، سواء قضاها في أماكن التّخيير أو في غيرها.

(مسألة 978) يستحبّ قضاء النّوافل و الرّواتب، و من عجز عن قضائها استحب له التّصدق عن كلّ ركعتين بمدّ، و إن لم يتمكّن فعن كلّ أربع ركعات بمدّ، و إن لم يتمكّن فمدّ لنافلة الليل و مدّ لنافلة النّهار.

(مسألة 979) إذا تعدّدت الفوائت، فالأقوى عدم وجوب التّرتيب في قضائها، أي تقديم قضاء السّابق في الفوات على اللاحق، إلا إذا كانت من يوم واحد و كان التّرتيب معتبرا في أدائها شرعا كالظّهرين و العشاءين. فإذا فات الظّهر من يوم و العصر من يوم آخر، أو الصّبح من يوم و الظّهر من يوم آخر، يجوز له تقديم قضاء ما تأخّر فوته. و كذا إذا فاته الصّبح و الظّهر معا، أو العصر و المغرب، أو العصر و العشاء من يوم واحد. بخلاف ما إذا فات الظّهران أو العشاءان من يوم واحد، فإنه لا يجوز تقديم قضاء العصر على الظّهر و العشاء على المغرب. و لكنّ الأحوط ملاحظة التّرتيب مطلقا.

(مسألة 980) إذا علم أنّ عليه إحدى الصّلوات الخمس من غير تعيين، يكفيه صبح و مغرب و أربع ركعات بقصد ما في الذّمة مردّدة بين الظّهر و العصر و العشاء، مخيّرا فيها بين الجهر و الإخفات. و إن فاتته مسافرا يكفيه مغرب و ركعتان مردّدتان بين الأربع، و إن لم يعلم

أنه كان حاضرا أو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 200

مسافرا، يأتي بمغرب و ركعتين مردّدتين بين الأربع، و أربع ركعات مردّدة بين الثلاث.

(مسألة 981) إذا علم أنّ عليه اثنتين من الخمس من يوم، أتى بصبح ثم بأربع مردّدة بين الظّهر و العصر و العشاء، ثم بمغرب ثم عشاء. و يمكن أن يأتي بصبح ثم بمغرب ثم يأتي بأربع مردّدة بين الظّهر و العصر و العشاء، ثم بأربع مردّدة بين العصر و العشاء. و إذا علم أنه كان في السّفر، أتى باثنتين مردّدتين بين الصّبح و الظّهر، ثم ركعتين للعصر ثم مغرب ثم ركعتين للعشاء. و يمكن أن يأتي بمغرب، ثم يأتي بركعتين مردّدتين بين الصّبح و الظّهر و العصر و العشاء، ثم يأتي بركعتين مردّدتين بين الظّهر و العصر و العشاء. و إن لم يعلم أنه كان مسافرا أو حاضرا، أتى بركعتين مردّدتين بين الصّبح و الظّهر، ثم ركعتين للعصر، ثم المغرب ثم ركعتين للعشاء، ثم أربع ركعات للظّهر، ثم أربع ركعات مردّدة بين العصر و العشاء.

(مسألة 982) إذا علم أنّ عليه ثلاثا من خمس و كان حاضرا أتى بالخمس على التّرتيب، و إن كان مسافرا أتى بركعتين مردّدتين بين الصّبح و الظّهر، ثم بركعتين مردّدتين بين الظّهر و العصر، ثم بالمغرب ثم بالعشاء قصرا.

(مسألة 983) إذا علم بفوات أربع صلوات من خمس، أتى بالخمس، تماما إذا كان في الحضر، و قصرا إذا كان في السّفر.

(مسألة 984) إذا علم بفوت صلاة معيّنة كالصّبح مثلا مرات، و لم يعلم عددها يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الأقوى، و لكن الأحوط التكرار بمقدار يحصل منه العلم بالفراغ، خصوصا مع سبق العلم بالمقدار و حصول النّسيان بعده. بل

الاحتياط فيه لا يترك. و كذا الحال إذا فاتته صلوات أيام لا يعلم عددها.

(مسألة 985) لا يجب الفور في القضاء، بل هو موسّع ما دام العمر، إذا لم ينجرّ إلى المسامحة في أداء التكليف و التّهاون به.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 201

(مسألة 986) الأحوط لذوي الأعذار تأخير القضاء إلى زمان رفع العذر، إلا إذا علم ببقائه إلى آخر العمر، أو خاف مفاجاة الموت. نعم إذا كان معذورا عن الطّهارة المائيّة، فالظّاهر جواز القضاء بالتّرابية، حتى مع رجاء زوال العذر فيما بعد.

(مسألة 987) لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة، فيجوز الاشتغال بالحاضرة لمن عليه قضاء، و إن كان الأحوط تقديمها عليها خصوصا فائتة يوم واحد، بل إذا شرع في الحاضرة قبلها استحبّ له العدول منها إليها، إذا لم يتجاوز محلّ العدول.

(مسألة 988) يجوز لمن عليه قضاء الإتيان بالنّوافل على الأقوى، كما يجوز له الإتيان بالقضاء أيضا بعد دخول الوقت قبل الإتيان بالفريضة.

(مسألة 989) يجوز القضاء جماعة، سواء كان الإمام قاضيا أو مؤدّيا، بل يستحبّ ذلك، و لا يجب اتحاد صلاة الإمام و المأموم.

(مسألة 990) يجب على الولي، و هو الولد الأكبر، قضاء ما فات عن والده من الصّلاة لعذر من نوم أو مرض لا يقدر معه على الصّلاة بأيّ مرتبة منها مع حفظ عقله و شعوره. و الأحوط إلحاق الوالدة بالوالد، و إلحاق ما تركه عمدا أيضا. بل لا يترك الاحتياط في الثاني، و منه ما أتى به فاسدا من جهة إخلاله عن تقصير بما اعتبر فيه. و لا يجب قضاء ما وجب عليه بالإجارة، أو من جهة كونه وليّا.

(مسألة 991) الأحوط أن يقضي عن الميت من كان موجودا عند موته، الأكبر فالأكبر من الذّكور،

ثم الإناث، في كلّ طبقة من الورثة.

(مسألة 992) إذا مات الولد الأكبر بعد والده، لا يجب على من دونه في السنّ من إخوته.

(مسألة 993) لا يعتبر في الوليّ أن يكون بالغا عاقلا عند الموت، فيجب

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 202

على الصّبي إذا بلغ و المجنون إذا عقل.

(مسألة 994) لا يعتبر كونه وارثا، فيجب القضاء على الممنوع من الإرث بسبب القتل أو الرّق أو الكفر.

(مسألة 995) إذا تساوى ولدان في السنّ، يقسّم القضاء عليهما، و يجب عليهما الكسر من الأيام و الصلوات كفاية.

(مسألة 996) لا يجب على الوليّ المباشرة بل يجوز له أن يستأجر، و الأجير يقصد النّيابة عن الميّت لا عن الوليّ.

(مسألة 997) إذا باشر الوليّ يراعي تكليف نفسه باجتهاد أو تقليد في أحكام الشكّ و السّهو، بل و في أجزاء الصّلاة و شرائطها دون تكليف الميّت، كما يراعي تكليف نفسه في أصل وجوب القضاء، إذا اختلف مقتضى تقليده أو اجتهاده مع تكليف الميّت.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 203

صلاة الاستئجار

(مسألة 998) يجوز الاستئجار للنّيابة عن الأموات في قضاء الصلاة كسائر العبادات، كما يجوز النّيابة عنهم تبرعا. و يقصد النّائب بفعله أجيرا كان أو متبرّعا النّيابة عن المنوب عنه، و تفرغ بذلك ذمّة الميت و يثاب عليه، كما يثاب النّائب أيضا.

(مسألة 999) يجب تعيين الميّت المنوب عنه في النّية و لو بالإجمال كصاحب المال و نحوه، و الواجب من النية قصد امتثال أمر المنوب عنه و تقرّبه و لو كان الدّاعي لهذا القصد استيفاء الإجارة و استحقاق الجعل، و هذا معنى القرب المعتبر فيه.

(مسألة 1000) يجب على من عليه صلاة و صيام واجبان الإيصاء بالاستئجار عنه، و يجب على الوصي إخراج ذلك من

الثّلث. و هذا بخلاف الحجّ و الواجبات الماليّة كالزّكاة و الخمس و المظالم و الكفّارات، فإنها تخرج من أصل المال أوصى بها أو لم يوص، إلا إذا أوصى بأن تخرج من الثّلث فتخرج منه، فإن لم يف بها، يخرج الزّائد من الأصل.

(مسألة 1001) إذا أوصى بأن يقضى عنه الصّلاة و الصّوم و لم يكن له تركة، فالأحوط عدم مخالفة الولد ذكرا كان أو أنثى للوصيّة، و لو بتنفيذها من ماله، إلا إذا كان حرجا عليه. و أما غير الولد ممن لم تجب عليه إطاعته حتى الوصي، فلا يجب عليه.

(مسألة 1002) إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حجّ فمات قبل الإتيان به، فإن اشترطوا عليه المباشرة، بطلت الإجارة فيما بقي عليه، و في ذمّته مال الإجارة إن كان قبضه، فيخرج من تركته. و إن لم يشترطوا المباشرة، وجب الاستئجار من تركته إن كان له تركة، و إلا فلا يجب على الورثة كما في سائر الديون. نعم يجوز تفريغ ذمّته من الزّكاة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 204

و نحوها، و تبرعا.

(مسألة 1003) يشترط في الأجير أن يكون عارفا بأجزاء الصّلاة و شرائطها و منافياتها و أحكام الخلل و غيرها، عن اجتهاد أو تقليد صحيح.

نعم لا يبعد جواز استئجار تارك الاجتهاد و التّقليد إذا كان عارفا بكيفيّة الاحتياط و كان محتاطا في عمله.

(مسألة 1004) لا يشترط عدالة الأجير، بل يكفي كونه أمينا يطمأنّ بأدائه على الوجه الصّحيح و إن لم يكن عادلا. و لا يبعد صحّة استئجار الصّبي المميّز و نيابته، لكن لا يجري في فعله أصالة الصحّة عند الشكّ فيها.

(مسألة 1005) لا يعلم عدم جواز استئجار ذوي الأعذار كالعاجز عن القيام مع وجود غيره على

إطلاقه، و لكنه أحوط. و لو حدث العذر و لم يرتفع و ضاق الوقت عن الأداء انفسخت الإجارة في بعض الصّور و لم تنفسخ في بعضها، و الأحوط التّراضي بالفسخ في الموارد المشكوكة.

نعم لا يبعد صحّة استئجار ذي الجبيرة و من كان تكليفه التّيمّم، و إن كان الأحوط خلافه.

(مسألة 1006) إذا حصل للأجير سهو أو شكّ، يعمل بحكمه على طبق اجتهاده أو تقليده و إن خالف الميّت. كما أنه يجب على الأجير أن يأتي بالصّلاة على مقتضى تكليفه تقليدا أو اجتهادا، إذا استؤجر على الإتيان بالعمل الصّحيح. نعم لو عيّن له كيفيّة خاصة لا يجوز له التعدّي عنها. و لكن لا يجوز له إجارة نفسه لما يعلم بطلانه اجتهادا أو تقليدا، و لا يجوز له أخذ الأجرة. كما لا يجوز للمستأجر الاكتفاء بصلاته إذا علم بطلانها اجتهادا أو تقليدا.

(مسألة 1007) يجوز استئجار كلّ من الرّجل و المرأة للصلاة عن الآخر و في الجهر و الإخفات و كيفيّة التّستر و شرائط اللباس يراعى حال المباشر النّائب لا المنوب عنه، فالرّجل يجهر في الجهريّة و إن كان نائبا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 205

عن المرأة، و المرأة مخيّرة فيها و إن كانت نائبة عن الرجل.

(مسألة 1008) لا يجب التّرتيب في القضاء إذا لم يشترط المستأجر التّرتيب عليه، فإذا استؤجر جماعة للنّيابة عن واحد في قضاء صلاته، لا يجب تعيين الوقت لكلّ منهم حذرا من وقوع صلاة بعضهم مقارنة لصلاة البعض الآخر. و لو قلنا بالتّرتيب فالمسلّم عدم جواز تقديم اللّاحق، لا وجوب تقديم السّابق، فلا تضرّ المقارنة.

(مسألة 1009) لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل بلا إذن من المستأجر، نعم لو تقبّل العمل من دون أن

يؤاجر نفسه له، يجوز أن يستأجر غيره له، لكن حينئذ لا يجوز أن يستأجره بأقل من الأجرة المجعولة، إلا إذا أتى ببعض العمل و إن قل.

(مسألة 1010) إذا عيّن للأجير وقتا أو مدّة و لم يأت بالعمل أو تمامه في تلك المدّة، فليس له أن يأتي به بعدها إلا بإذن المستأجر. و لو أتى به فهو كالمتبرّع لا يستحقّ أجرة. نعم لو كان الإتيان بالعمل في الوقت المعيّن بعنوان الاشتراط، يستحقّ الأجرة المسمّاة، و إن كان للمستأجر خيار الفسخ من جهة تخلّف الشرط، فإذا فسخ يرجع على الأجير بالأجرة المسمّاة، و يستحقّ الأجير أجرة المثل.

(مسألة 1011) إذا تبيّن بعد العمل بطلان الإجارة، استحقّ الأجير أجرة المثل بعمله، و كذا إذا انفسخت الإجارة من جهة الغبن أو غيره.

(مسألة 1012) إذا لم تعيّن كيفيّة العمل من حيث المستحبّات، يجب الإتيان بالمستحبّات المتعارفة كالإقامة و القنوت و تكبيرة الرّكوع، و نحو ذلك.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 206

صلاة الجمعة

اشارة

(مسألة 1013) و هي فريضة من فرائض الدّين، و وجوبها في الجملة من الضروريّات عند المسلمين، و المتيقّن وجوبها في عصر النّبي صلى اللّه عليه و آله و أوصيائه المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين، إذا نودي لها بأمرهم، و أمّا في زمان الغيبة فوجوبها غير معلوم و إن أذن بها الفقيه، و قد بيّنا وجهه فيما كتبناه تفصيلا في صلاة الجمعة، و ليس هذا مقام تفصيله.

(مسألة 1014) يجوز الإتيان بصلاة الجمعة في زمان الغيبة إذا اجتمع ما سنذكر من الشرائط احتياطا و رجاء لوجوبها الواقعي، بل يحسن، و الأحوط لغير الفقيه العادل الاستئذان منه، و إن كان الأقوى عدم لزومه.

(مسألة 1015) الأحوط عدم الاجتزاء بصلاة الجمعة عن الظّهر و لو

كانت بإذن الفقيه.

(مسألة 1016) الأقوى عدم صحّة الاقتداء بعصر من لم يصلّ الظّهر اكتفاء بالجمعة في عصر الغيبة، إلا إذا احتاط بالظّهر فإنه يجوز الاقتداء بعصره حينئذ.

(مسألة 1017) الأحوط ترك الاقتداء بظهر من يعيدها احتياطا بعد صلاة الجمعة، إلا لمن صلى الجمعة و يعيد الظّهر احتياطا.

(مسألة 1018) الأولى و الأحوط لمن لم يصلّ الجمعة تأخير الظّهر حتى ينقضي وقت الجمعة.

(مسألة 1019) يحرم البيع بالنّداء على المكلّف بالجمعة على القول بالتّعيين. و أما حرمة سائر المنافيات من المعاملات و غيرها من الأفعال غير المحرّمة فغير معلومة.

(مسألة 1020) الأقوى عدم حرمة البيع قبل النّداء إن لم يكن منافيا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 207

لصلاة الجمعة، و أمّا مع المنافاة فحكمه حكم سائر المنافيات. و قد مرّ أنّ حرمتها غير معلومة.

(مسألة 1021) إذا إثم من حرم عليه البيع و باع، صحّ البيع على الأحوط.

(مسألة 1022) إذا حرم البيع على أحد المتبايعين، يشكل للآخر الإقدام عليه حذرا من الوقوع في الإعانة على الإثم. نعم لا إشكال في جواز البيع للطرفين إذا لم تجب عليهما الصلاة.

(مسألة 1023) يجب السّعي إليها تعيينا أو تخييرا مع اجتماع الشّرائط، بالحضور و تحصيل الطّهارة و الستر، و غيرهما من الشّرائط، و رفع الموانع.

(مسألة 1024) يجب قبلها خطبتان بنيّة القربة مثل سائر العبادات، و لا تصح صلاة الجمعة بدونهما. و يجب في كل واحدة منهما التحميد، و الأحوط كونه بلفظ الحمد لله، و الصلاة على النّبي صلى اللّه عليه و آله في الثانية، و الأحوط وجوبها في الأولى أيضا. و الوعظ في الأولى، و لا يترك في الثانية أيضا. و قراءة سورة خفيفة في الأولى و لا يترك في الثانية أيضا. و الأحوط إضافة

الصلوات على أئمة المسلمين عليهم السلام و الاستغفار للمؤمنين و المؤمنات في الثانية. و يكفي في كل ما ذكر المسمى لكن بعبارة يصدق عليها بحسب المتعارف.

(مسألة 1025) الأحوط اعتبار العربية في الخطبتين، نعم لو كان العدد الذين يجب عليهم استماعها غير عرب، فالأحوط تكرار الوعظ بلغتهم، بل لزوم ذلك لا يخلو من قوة، لعدم صدق الوعظ و الوصية بالتقوى على ما لا يفهم المستمع له معنى.

(مسألة 1026) إذا لم يتمكّن من الخطبة بالعربيّة، يتعلّم. و مع عدم التمكّن من التعلّم فوجوبها بالعجميّة و كفايتها مشكل، لكنّ الأحوط الإتيان بها كذلك، ثم الإتيان بالظّهر بعد الجمعة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 208

(مسألة 1027) الأظهر جواز تقديم الخطبة قبل الظّهر، بحيث إذا فرغ زالت، لكن الأحوط تأخيرها إلى الزّوال.

(مسألة 1028) إذا بدأ بالصّلاة لا تصحّ و لو نسيانا، و هل تعاد الخطبتان المأتي بهما بعد الصّلاة أم يكفي إعادة الصّلاة، الظّاهر الثاني، إن لم تفت الموالاة.

(مسألة 1029) الأحوط إن لم يكن أقوى أن يكون الإمام هو الخطيب، و لو كان غيره و لو لعدم التّمكن من إمام يخطب، فالاجتزاء بها محلّ تأمّل، فالأحوط الإتيان بالظّهر أيضا.

(مسألة 1030) يجب أن يكون الخطيب قائما على الأظهر، و مع عدم التمكّن يؤمّ غيره من المتمكّنين، و إلا فالاجتزاء بها محلّ تأمّل، فالأحوط الإتيان بالظّهر أيضا.

(مسألة 1031) لا يجب فيهما الطّمأنينة على الظّاهر.

(مسألة 1032) يجب الفصل بينهما بجلسة، و الأحوط أن تكون خفيفة، و لا يجب فيها الطّمأنينة على الأقوى.

(مسألة 1033) ينبغي فيهما مراعاة الطّهارة و الاستقرار و عدم كلام الآدمي و ترك الضحك و البكاء و سائر شرائط الصّلاة، غير الاستقبال.

(مسألة 1034) الأحوط رفع الصّوت بقدر المتعارف، بل يراعي إسماع

النّاس جلّهم أو كلّهم مع الإمكان.

(مسألة 1035) يجوز رفع اليد عن خطبة و الشّروع في خطبة أخرى، و لا يحرم قطع الخطبة، بخلاف الصّلاة.

(مسألة 1036) يجوز للخطيب أن يرفع اليد عنها و يدخل في جماعة أخرى، ما لم يدخل في الصّلاة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 209

مستحبّاتها غير ما مرّ

(مسألة 1037) ينبغي للخطيب أن يستقبل النّاس حال الخطبة، و ينبغي أن يكون الخطيب بليغا مواظبا على الصّلوات في أوقاتها، و على الأخذ بما أمر به حتى المستحبّات، و التّرك لما نهى عنه حتى المكروهات، مجتنبا الشّبهات، حافظا لسانه عن التّرهات، ليكون كلامه أوقع في نفوس المستمعين.

(مسألة 1038) يستحبّ التّعمّم شاتيا و صائفا، و التّردّي ببرد يمنيّة، بل بمطلق الرّداء، و أن يكون متّكئا على قوس أو عصا، و أن يسلّم أولا إذا استقبل الناس، و أن يجلس قبل الخطبة ما دام المؤذّن مشغولا بالأذان.

و يكره للخطيب الكلام بغيرها أثنائها، و الأحوط تركه، و كذا ترك المستمعين الكلام أثنائها أيضا، بل الأحوط لهم الإصغاء.

(مسألة 1039) الكلام الماحي لصورة الخطبة أثناءها، مبطل لها. و كذا كل ماحٍ لصورتها من المشي و الأكل المعتد بهما و الفعل الكثير.

(مسألة 1040) صلاة الجمعة ركعتان كصلاة الصبح إلا فيما يأتي، و الأحوط الجهر بالقراءة في ركعتي الجمعة.

(مسألة 1041) يستحب في الركعة الأولى قراءة سورة الجمعة، و في الثانية سورة المنافقين.

(مسألة 1042) إذا شرع في الجمعة في الأولى و في المنافقين في الثانية، فالأحوط عدم العدول إلى غيرهما.

(مسألة 1043) إذا شرع في الأولى بغير الجمعة حتى الجحد و التوحيد، يجوز بل يستحب له العدول إليها ما لم يتجاوز النصف، و كذا لو شرع في الثانية في غير المنافقين.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 210

(مسألة

1044) يستحبّ فيها قنوتان، أحدهما في الرّكعة الأولى قبل الرّكوع، و الثاني في الثّانية بعد الرّكوع، و يدعى فيهما بما ذكر في سائر الصّلوات، و الأفضل فيهما بل في غيرهما كلمات الفرج، و في خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال (القنوت يوم الجمعة في الرّكعة الأولى بعد القراءة تقول في القنوت: لا إله إلّا اللّه الحليم الكريم لا إله إلّا اللّه العليّ العظيم، سبحان اللّه ربّ السماوات السّبع و ربّ الأرضين السّبع و ما فيهنّ و ما بينهنّ و ربّ العرض العظيم، و الحمد للّه ربّ العالمين. اللّهمّ صلّ على محمّد و آله كما هديتنا به، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد كما أكرمتنا به، اللّهمّ اجعلنا ممّن اخترته لدينك و خلقته لجنّتك، اللّهمّ لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهّاب) و لا يبعد أن يستفاد من قوله (تقول في القنوت) رجحان ما ذكر في مطلق القنوت لا خصوص يوم الجمعة و خصوص الركعة الأولى. و خصوصيّة الجمعة إنّما هي في كون قنوتها في الركعة الأولى بعد القراءة في قبال كونه في الثانية بعد الركوع، أو في قبال سائر الصّلوات حيث لا قنوت في الركعة الأولى منها أصلا.

(مسألة 1045) أوّل وقتها زوال الشّمس، و الظّاهر أنه ينتهي بمضيّ مقدار ساعة يتمكّن المكلّف من أدائها مع تحصيل شرائطها من الطّهارة و الاجتماع و غيرهما بحسب عادة العامّة، برفاهيّة من غير توان مخلّ و لا تعجيل موجب للإضطراب.

(مسألة 1046) إذا خرج الوقت و هو فيها، فإن أدرك ركعة منها في الوقت أتمّها جمعة، إماما أو مأموما أو منفردا، و إلا فالظّاهر البطلان و تعين الظّهر.

لكن الأحوط إتمامها رجاء أيضا.

(مسألة 1047) لا تقضى الجمعة بعد فوات وقتها، بل يأتي حينئذ بالظّهر، أداء في الوقت، و قضاء في خارجه.

(مسألة 1048) إذا وجبت الجمعة تعيينا و صلى المكلّف الظّهر في

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 211

وقتها، بطلت و وجب عليه السّعي، فإن أدركها، و إلا أعاد الظّهر و لم يجتز بالأوّل. و كذا من اعتقد أنّ فرضه الجمعة و مع ذلك صلى الظّهر ثمّ بان عدم تمكّنه من الجمعة. نعم لو تحقّق منه نيّة القربة بأن صلى الظّهر نسيانا أو غفلة أو بتخيّل الصحّة و لو جهلا، صحّت الظّهر حينئذ و لا تعاد. و كذا لو أتى بالظّهر رجاء مع الشكّ في التمكّن من الجمعة فبان عدم التمكّن.

(مسألة 1049) من كان فرضه الجمعة و تيقّن اتّساع الوقت لأقلّ الخطبتين و ركعتين خفيفتين، وجبت عليه الجمعة.

(مسألة 1050) إذا شكّ من فرضه الجمعة في اتّساع الوقت للشكّ في مقدار الزّمان، وجبت عليه و إن ظنّ أنه أقل. و كذا يجوز الإتيان بها و الاجتزاء بها على القول بالتّخيير و الاجتزاء. و أمّا لو علم أنّ الوقت مثلا نصف ساعة و شكّ في مقدار ما يلزم للصّلاة، فالأحوط وجوب الشروع بها حتى ينكشف الحال، و مع عدم انكشاف كفاية الوقت للغفلة حين الإتمام مثلا، فالأقوى عدم الاجتزاء بها و وجوب الظّهر.

(مسألة 1051) إذا انكشف قصر الوقت في جميع ما ذكر من الصّور حتّى لإدراك ركعة، بطلت الجمعة و وجب عليه الظّهر.

(مسألة 1052) إذا تيقّن أنّ الوقت لا يسع حتى مقدار ركعة منها، فقد فاتت الجمعة و يصلي الظّهر. أمّا لو اتّسع لمقدار ركعة و أقلّ من ركعتين، فالأقوى أنه في حكم اتّساع جميع الوقت،

لكن الأحوط عدم الاجتزاء بها.

(مسألة 1053) إذا أدرك المأموم ركعة من الوقت بإدراك ركوع الرّكعة الثّانية بأن ينتهي هويّه إلى الرّكوع و يستقرّ قبل رفع رأس الإمام من ركوع الرّكعة الثّانية، صحّت جمعته و يتمّ الثّانية بنفسه. و أمّا إذا أدرك الإمام خارج وقت الجمعة، بأن دخل وقت الجمعة بإدراك ركعة ثمّ أدركه المأموم في الثّانية، فصحّة جمعة المأموم حينئذ في غاية الإشكال بل لا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 212

يخلو البطلان عن قوّة، لكن الأحوط على القول بالتّعيين الإتيان بها رجاء ثمّ بالظّهر.

شروط صلاة الجمعة

(مسألة 1054) الشرط الأوّل: الجماعة فلا تصحّ فرادى، و يكفي للمأموم أن يدرك الإمام راكعا في الرّكعة الثانية، بأن ينتهي إلى حد الرّكوع و يستقرّ قبل أن يرفع الإمام رأسه كما في غيرها من الصّلوات، و أما الإمام فلا تنعقد له الجمعة إلا باقتداء العدد المعيّن الحاضرين للخطبة الواجدين للشرائط في الرّكعة الأولى، فلو دخل الإمام في الجمعة و لم يدخل معه العدد إلا في الرّكعة الثّانية، لا تنعقد الجمعة للإمام، و تختل صلاة المأموم من هذه الجهة. بل الأحوط عدم التّوالي في الاقتداء من أوّل الصّلاة، و عدم الاكتفاء بها مع التأخير.

(مسألة 1055) إذا شكّ المأموم قبل الذّكر في إدراك الإمام راكعا، يحكم بعدم الإدراك، أما إذا شكّ فيه بعد الفراغ من الذّكر أو بعد رفع الرّأس من الرّكوع، فلا يلتفت.

(مسألة 1056) إذا مات الإمام في الأثناء، لم تبطل صلاة المأمومين، و يقدّمون من يتمّ لهم الصّلاة. و كذا لو عرض له ما يبطل الصّلاة من إغماء أو جنون أو حدث أو غيرها، لكن بشرط أن يكون الثاني واجدا لشرائط الإمامة أيضا حتى الإذن إن اعتبرناه. و الأحوط عدم

تقدّم من لم يستمع الخطبة، أو المسبوق بالشروع في الجمعة و إن استمعها، و إن لم يوجد غيرهما، فالأحوط إعادة الظّهر أيضا.

(مسألة 1057) الظاهر أنه يجب تجديد نيّة الاقتداء عند تبدّل الإمام.

(مسألة 1058) إذا لم يوجد من يؤتمّ به، يتمّونها فرادى و تصحّ جمعة و الأحوط مهما أمكن إتمامها جماعة، و أحوط منه الإتيان بالظّهر أيضا إن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 213

لم يأت بها جماعة واجدة لجميع الشرائط.

(مسألة 1059) الشرط الثاني: العدد و هو خمسة منهم الإمام، و تجب عينا إذا كانوا سبعة عند اجتماع جميع الشرائط. بل لا يبعد الوجوب عند الخمسة مع اجتماعها.

(مسألة 1060) إذا انفضّ بعض العدد قبل الصّلاة و لو بعد الخطبة لا تنعقد، و تسقط عن الباقين إن لم يعودوا و لم يكمل العدد بغيرهم.

(مسألة 1061) إذا عاد من انفضّ بين الخطبة قبل فوات الوقت، صلّوا الجمعة، و لا يجب تكرار ما سمع من الخطبة ما لم يخلّ بالموالاة العرفيّة، و إلا فالأحوط التّكرار. و كذا لو عاد من انفضّ بعد الخطبة قبل الصّلاة.

(مسألة 1062) إذا كمل العدد بعد الانفضاض بغير من استمع الخطبة، فالظّاهر لزوم تكرارها، لأنّ الظّاهر اشتراط العدد في استماعها، و إن جاز لغيرهم أيضا اللّحوق بهم في الصّلاة كما سيأتي إن شاء اللّه.

(مسألة 1063) قيل إنّ على من دخل الجمعة و لو بالتّكبير واجدا لجميع الشرائط، أن يتمّها جمعة و إن لم يبق إلا واحدا إماما كان أو مأموما، و هو مشكل إلا في موت الإمام أو المأموم المسبوق كما مرّ، فالأحوط إتمام الجمعة رجاء ثمّ الإتيان بالظّهر مطلقا إماما أو مأموما، سواء دخل العدد بأجمعهم أو بعضهم، و أدرك ركعة أم لا. و

إن كان احتمال صحّة الجمعة في ثاني كلّ من الاحتمالين ضعيفا. و هذه المسئلة غير ما مرّ من إتمام المأموم المسبوق أو من مات إمامه أو حدث له حدث، و الفارق النصّ.

(مسألة 1064) لا دليل على جواز العدول من الجمعة إلى الظّهر، سواء تمكّن من إتمامها جمعة، أو لا.

(مسألة 1065) الشرط الثالث: أن لا يكون بين الجمعتين دون ثلاثة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 214

أميال، فإن كانت المسافة أقل منها، بطلتا.

(مسألة 1066) إذا سبقت إحداهما و لو بتكبيرة الإحرام، بطلت المتأخّرة و صحّت السّابقة، سواء علم السّابقون بشروع جمعة أخرى بعد شروعهم أم لا، و لا يضر من سبق إليها أنه كان يعلم بوجود جمعة أخرى فإنه يجوز له مع ذلك المسارعة إليها.

(مسألة 1067) لا فرق في بطلان اللاحقة بين علمهم بانعقاد الجمعة قبلا أو جهلهم.

(مسألة 1068) إذا شكّ في انعقاد الجمعة سابقا أو مقارنا، بنى على العدم على الأظهر، و لا يجب الفحص. و يحكم بصحّة الجمعة ما لم ينكشف، فإذا انكشف قبل فوات وقت الجمعة يسعى إليها، و إلا فيجب عليه الظّهر أداء أو قضاء.

(مسألة 1069) لا يجب على السّابق إعلام اللاحق، و لا على غير السّابقين ممّن اطّلع على ذلك.

(مسألة 1070) إذا علموا بعد الفراغ بتحقّق جمعة أخرى و لم يعلم السّابقة منهما، أعاد الظّهر كلّ من الجماعتين.

(مسألة 1071) المعتبر في السّبق و اللّحوق تكبيرة الإحرام دون الخطبة، فلو سبقت إحدى الصّلاتين بالخطبة و الثّانية بالتّكبيرة، صحّت الثّانية دون الأولى.

(مسألة 1072) يعتبر التّباعد بين الصّلاتين دون الخطبتين، فلو خطب اثنان في أقلّ من فرسخ ثمّ تباعدت الجمعتان بمقداره حال الصّلاة، صحّتا.

(مسألة 1073) الشّرط الرّابع: ذكر أنه يشترط في وجوب صلاة الجمعة

تعيينا أو تخييرا أو في صحّتها، السّلطان العادل أو المنصوب من قبله في خصوص صلاة الجمعة، و قد مرّ أنّ المتيقّن وجوبها مع أمره أو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 215

أمر المنصوب من قبله، و أنه لم يعلم وجوب الجمعة في مثل زماننا لا تعيينا و لا تخييرا، نعم الاحتياط بالإتيان بها برجاء الواقع مستحسن.

(مسألة 1074) يشترط فيمن تجب عليه الجمعة أمور: منها البلوغ فلا تجب على غير البالغ. و منها العقل، فلا تجب على المجنون. و منها الذّكورة، فلا تجب على الأنثى، و الخنثى يحتاط بالجمع بين الجمعة و الظّهر، و إن كان الأقوى جواز اجتزائه بالظّهر، لكنّ الأحوط الأولى تأخير الظّهر عن وقت الجمعة. و منها الحريّة، فلا تجب على العبد حتى المكاتب و المدبّر. و المبعّض كالخنثى. و منها الحضر، فلا تجب على المسافر، و المدار على أصل السّفر دون تقصير الصّلاة، فلا تجب في سفر المعصية على الظّاهر، و كذا سفر اللّهو، و في مواطن التّخيير. نعم الظاهر وجوبها على المقيم عشرة أيّام، و المتردّد ثلاثين يوما، و كثير السّفر، و المسافر في أقلّ من ثمانية فراسخ، و المسافر بلا نيّة، حيث حكم الشرع بعدم السّفر في أمثالها. و منها السّلامة من العمى، فلا تجب على الأعمى و إن لم يكن عليه مشقّة على الظّاهر. و منها السّلامة من المرض، فلا تجب على المريض، و لكن لا يبعد فيه اعتبار المشقّة النّوعية، فلو كان مريضا لا مشقّة عليه في إقامة الجمعة أصلا حتّى لنوع ذلك المرض، فالظّاهر أنّ الدّليل لا يشمله و حكمه حكم الصّحيح. و منها السّلامة من العرج المستلزم للحرج، فلا تجب على الأعرج إذا كانت إقامتها عليه

حرجيّة و لو نوعا، و أمّا إذا لم تكن حرجيّة فالأحوط جريان حكم الأصحّاء عليه. و منها السّلامة من الهرم المستلزم للحرج النّوعي، فلا تجب على الشّيخ الكبير إذا كانت الإقامة عليه حرجيّة و لو نوعا كما في سائر الواجبات. و الظّاهر سقوطها عند المطر لاستلزام الحرج. و منها أن لا يكون بينه و بين الجمعة أكثر من بعد فرسخين، فلا يجب السّعي إليها على من كان بعيدا أكثر و لا يتمكّن من إقامتها في أقلّ منه، و المدار في البعد مكان المصلي و الجامع دون منزله و وطنه، كما أنّ المدار على الذّهاب فقط دون الإياب.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 216

(مسألة 1075) من لا تجب عليه الجمعة لفقدان شي ء ممّا ذكر من الشرائط، لو تكلّف الحضور أو اتّفق له و صلّى، صحّت منه الجمعة، سوى المجنون و غير المميّز، بل وجبت عليهم عينا بعد الحضور على القول به، سوى من كان عليه حرج فعلا في صلاتها دون الظّهر، و أما الصّغير المميّز فهو و إن لم تجب عليه الجمعة و لا الظّهر لعدم التّكليف، لكن لا يبعد أن يكون المشروع له الجمعة لا الظّهر مع اجتماع سائر الشّرائط.

(مسألة 1076) إذا كان تمام العدد أو بعضهم فاقدا لشرائط الوجوب واجدا لشرائط الصحّة، تنعقد الجمعة بها، و لا يشترط في انعقادها العدد المستجمع لشرائط الوجوب. نعم يشترط الذكوريّة في انعقاد هذه الصّلاة، فلا تنعقد إلا إذا كان تمام العدد ذكورا، و في انعقادها بالمميّز إشكال و تردّد، و إن كان الإمام بالغا.

(مسألة 1077) يشترط في إمام الجمعة ما يشترط في إمام الجماعة من العدالة و أن لا يكون من ذوي الأعذار و غيرهما من الشّرائط

بلا كلام، إنّما الكلام في اشتراط إذن من له الأمر كما مرّ.

(مسألة 1078) يجوز لمن سقطت عنه الجمعة صلاة الظّهر في أوّل وقتها، من دون انتظار مضيّ وقت النافلة.

(مسألة 1079) إذا كان الإمام غير مرضيّ عند المأموم، يصلّي المأموم الظّهر في المنزل ثمّ يحضر و يأتمّ به في الجمعة، أو يصلّي معه ركعتين، ثمّ يتمّها بعد الصّلاة أربعا في نفسه إذا لم يكن عليه خوف.

(مسألة 1080) من تمكّن من الجمعة بعد صلاة الظّهر، لا تجب عليه الجمعة، بل لا تشرع له إلا إذا أتى بها رجاء، و لو كان بتبدّل الموضوع، كرفع العذر في ذوي الأعذار و حضور المسافر. نعم لو بلغ الصّبيّ بعد صلاة الظّهر مع اجتماع سائر شرائط الجمعة، يكون كمن لم يصلّ، فيصلّي الجمعة مع بقاء وقتها، و إلا فيأتي بالظهر بناء على التّعيين. و أمّا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 217

إذا صلى الجمعة صحيحة قبل البلوغ، فيكون كمن صلّى بعد البلوغ و لا تعاد، و لو كان الوقت باقيا على الظّاهر.

(مسألة 1081) يكره السّفر بعد طلوع الفجر من يوم الجمعة، و الأحوط تركه بعد الزّوال للمكلّف بها تعيينا حتى يصلي، إلا إذا تمكّن من إقامتها في الطّريق. و أمّا بعد الصّلاة و لو الظّهر، فلا كراهة مطلقا.

(مسألة 1082) ورد في بعض الأخبار و كلمات بعض الأصحاب أنّ الأذان الثالث من يوم الجمعة محرّم، و في بعض آخر الثاني، و الظّاهر أنّ الزّائد على الوارد إذا أتي به بنيّة أنه مشرّع فهو بدعة محرّمة من غير فرق بين الجمعة و غيرها، و لعلّ ما في الأخبار للتّذكير بأن ما تداول من زمان بني أميّة هو أحد مصاديق البدعة.

(مسألة 1083) إذا لم

يتمكّن المأموم من السّجود مع الإمام في الرّكعة الأولى، فإن أمكنه أن يسجد و يلحق به في الرّكوع الثاني فهو، و صحّت جمعته. و كذا إن لم يدرك الإمام في الرّكوع لكن سجد للأولى و أدرك الإمام بعد رفع رأسه من الرّكوع الثاني، فإنه يركع للثانية و يلحقه في السّجدتين و يتمها، لكنّ الأحوط حينئذ إعادة الظّهر أيضا، و إن لم يمكنه السّجود حتى ركع الإمام للثانية، فلا يركع مع بل يصبر حتى يرفع رأسه و يسجد معه بقصد الأولى، و تصحّ جمعته، و يأتي بالرّكعة الثّانية بعد فراغ الإمام. و أما إن سجد بقصد الثانية، فيحذفهما و يسجد سجدتين للأولى ثم يتمها جمعة. لكنّ الأحوط حينئذ الإتيان بالظّهر أيضا. و إن أتى بالسّجدتين مهملا لا بنيّة الأولى و لا الثانية، فالأقوى أيضا الصحّة و يحسبهما للأولى و يتمّها جمعة. لكن الأحوط أيضا الإتيان بالظّهر. و أما لو لم يتمكّن من السّجود للأولى حتى سجد الإمام للثانية، فالأقوى فوات الجمعة و لزوم استئناف الظّهر.

(مسألة 1084) الظاهر مساواة صلاة الجمعة لسائر الصّلوات المفروضة في أحكام الخلل من الشكّ و السّهو و غيرهما، في الرّكعات

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 218

و الأجزاء، الرّكنية و غيرها، و الشرائط و الموانع، على ما فصّل في محلّه.

آداب الجمعة

(مسألة 1085) منها الغسل كما مرّ في كتاب الطّهارة. و منها التّنفّل بعشرين ركعة، ففي الرواية عن الرّضا عليه السّلام (إنّما زيد في صلاة السّنّة يوم الجمعة أربع ركعات تعظيما لذلك اليوم و تفرقة بينه و بين سائر الأيّام) بل لا يبعد استحباب ركعتين أخريين بعد العصر زائدا على العشرين، كما في صحيحة سعد بن سعد الأشعري. و يأتي بستّ منها عند

انبساط الشّمس، و ستّ عند ارتفاعها، و ستّ قبل الزّوال، و ركعتين عند الزّوال، و يجوز التأخير إلى ما بعد الزّوال، و الأفضل حينئذ تأخيرها عن الفريضة. و إن أتى بستّ بعد طلوع الشّمس و ستّ عند تعاليها و ركعتين عند الزّوال و ستّ بين الفريضتين، جاز، بل قيل أفضل لاستفاضة النّصوص به و سلامتها عن المعارض. و منها: التّباكر إلى المسجد و السّبق إليه، و ليكن على سكينة و وقار. و منها قصّ الأظفار و أخذ الشّوارب. و منها التّطيّب. و منها لبس أفضل الثّياب. و ليدع عند التّهيّؤ للخروج بالمأثور فيقول، على ما روي عن أبي جعفر عليه السّلام (اللّهمّ من تهيّأ و أعدّ و استعدّ لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده و طلب نائله و جوائزه و فواضله و نوافله، فإليك يا سيّدي و قادتي و تهيئتي و تعبئتي و إعدادي و استعدادي، رجاء رفدك و جوائزك و نوافلك، فلا تخيّب اليوم رجائي، يا من لا يخيب عليه سائل و لا ينقصه نائل، فإنّي لم اتك اليوم بعمل صالح قدّمته، و لا شفاعة مخلوق رجوته، و لكن أتيتك مقرّا بالظّلم و الاسائة، لا حجّة لي و لا عذر، فأسئلك يا ربّ أن تعطيني مسألتي و تقلّبني برغبتي و لا تردّني مجبوها و خائبا، يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم، أسئلك يا عظيم أن تغفر لي العظيم، لا إله إلّا أنت. اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و ارزقني خير هذا اليوم الّذي

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 219

شرّفته و عظّمته، و تغسلني (و اغسلني) فيه من جميع ذنوبي و خطاياي، و زدني من فضلك إنّك أنت الوهّاب).

صلاة العيدين

(مسألة 1086) صلاة العيدين

واجبة مع حضور الإمام عليه السلام و بسط يده، مستحبّة جماعة و فرادى في زمان الغيبة، و وقتها من طلوع الشّمس إلى الزّوال، و لا قضاء لها لو فاتت. و هي ركعتان، يقرأ في كل منهما الحمد و سورة، و الأفضل أن يقرأ في الأولى سورة الشّمس، و في الثانية سورة الغاشية، أو في الأولى سورة الأعلى، و في الثانية الشّمس و يكبّر بعد السّورة في الأولى خمس تكبيرات و بعد كلّ تكبيرة قنوت، و في الثانية أربع تكبيرات و بعد كلّ تكبيرات قنوت. و يجزي في القنوت كلّ ما جرى على اللّسان من ذكر و دعاء كسائر الصّلوات، و الأفضل ما هو المأثور، و هو أن يقول (اللّهمّ أهل الكبرياء و العظمة و أهل الجود و الجبروت و أهل العفو و الرّحمة و أهل التّقوى و المغفرة، أسألك بحقّ هذا اليوم الّذي جعلته للمسلمين عيدا، و لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله ذخرا و شرفا و كرامة و مزيدا، أن تصلّي على محمّد و آل محمّد و أن تدخلني في كلّ خير أدخلت فيه محمّدا و آل محمّد، و أن تخرجني من كلّ سوء أخرجت منه محمّدا و آل محمّد، صلواتك عليه و عليهم. اللّهمّ إنّي أسألك خير ما سألك به عبادك الصّالحون، و أعوذ بك ممّا استعاذ منه عبادك المخلصون).

(مسألة 1087) يأتي بخطبتين بعد الصلاة، و يجوز تركهما في زمان الغيبة و إن كانت الصلاة جماعة.

(مسألة 1088) يستحبّ فيها الجهر بالقراءة للإمام و المنفرد، و رفع اليدين حال التّكبيرات، و الإصحار بها إلا في مكة، و يكره أن يصلّيها

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 220

تحت سقف.

(مسألة 1089) لا يتحمل الإمام في هذه

الصلاة غير القراءة، كسائر الصّلوات.

(مسألة 1090) إذا شكّ في التّكبيرات أو القنوتات، بنى على الأقل إن كان في المحل، أمّا بعد المحل فلا يبعد جواز البناء على الإتيان بها.

(مسألة 1091) إذا أتى بموجب سجود السّهو فيها، فالأحوط الإتيان به، و إن كان عدم وجوبه في صورة استحبابها لا يخلو من قوّة، و كذا الحال في قضاء التشهّد و السجدة المنسيّين.

(مسألة 1092) ليس في هذه الصلاة أذان و لا إقامة، نعم يستحبّ أن يقول المؤذّن (الصلاة) ثلاثا.

بعض الصلوات المندوبة

اشارة

(مسألة 1093) منها: صلاة جعفر بن أبي طالب رضوان اللّه تعالى عليه، و هي من المستحبّات الأكيدة و من المشهورات بين العامّة و الخاصّة، و مما حباه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله ابن عمه جعفرا رضوان اللّه عليه حين قدومه من هجرته حبّا له و إكراما، فعن الصّادق عليه السّلام أن النّبيّ صلى اللّه عليه و آله قال لجعفر حين قدومه من الحبشة يوم فتح خيبر (ألا أمنحك ألا أعطيك ألا أحبوك؟ فقال: بلى يا رسول اللّه، قال: فظنّ الناس أنّه يعطيه ذهبا أو فضّة، فأشرف الناس لذلك، فقال له: إنّي أعطيك شيئا إن أنت صنعته في كلّ يوم كان خيرا لك من الدّنيا و ما فيها، فإن صنعته بين يومين غفر اللّه لك ما بينهما، أو كلّ جمعة، أو كلّ شهر، أو كلّ سنة غفر لك ما بينهما).

(مسألة 1094) أفضل أوقاتها يوم الجمعة حين ارتفاع الشمس، و يجوز احتسابها من نوافل الليل أو النّهار فتحسب له من نوافله و تحسب

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 221

له من صلاة جعفر كما في الخبر، فينوي بصلاة جعفر نافلة المغرب مثلا. و هي أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في كلّ

ركعة الحمد و سورة، ثم يقول (سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر) خمس عشرة مرة، و يقولها في الرّكوع عشر مرات، و كذا بعد رفع الرأس منه عشر مرات، و كذا في السجدة الأولى، و بعد رفع الرّأس منها، و في السجدة الثانية، و بعد رفع الرأس منها، فيكون في كل ركعة خمس و سبعون مرّة و مجموعها ثلاثمائة تسبيحة.

(مسألة 1095) الظّاهر الاكتفاء بالتّسبيحات عن ذكر الرّكوع و السّجود، و الأحوط عدم الاكتفاء بها عنه.

(مسألة 1096) لا تتعيّن فيها سورة مخصوصة، لكنّ الأفضل أن يقرأ في الركعة الأولى الزّلزلة و في الثانية العاديات و في الثالثة النّصر و في الرابعة الإخلاص.

(مسألة 1097) يجوز تأخير التسبيحات إلى ما بعد الصلاة إذا كان مستعجلا، كما يجوز إذا كانت له حاجة ضروريّة أن يأتي بركعتين و يذهب لضرورته ثم يكمّلها.

(مسألة 1098) إذا سهى عن بعض التسبيحات في محلّها، فإن تذكّرها في محلّ آخر منها قضاها فيه مضافا إلى تسبيحاته. و إن لم يتذكّرها إلّا بعد الصلاة، قضاها بعدها.

(مسألة 1099) يستحبّ أن يقول في السجدة الثانية من الرّكعة الرّابعة بعد التّسبيحات (يا من لبس العزّ و الوقار، يا من تعطّف بالمجد و تكرّم به، يا من لا ينبغي التسبيح إلا له، يا من أحصى كلّ شي ء علمه، يا ذا النّعمة و الطّول، يا ذا المنّ و الفضل، يا ذا القدرة و الكرم، أسألك بمعاقد العزّ من عرشك، و منتهى الرّحمة من كتابك، و باسمك الأعظم الأعلى، و كلماتك التّامّات، أن تصلّي على محمّد و آل محمّد و أن تفعل بي كذا و كذا) و يذكر حاجاته. و يستحبّ أن يدعو بعد الفراغ

من الصلاة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 222

ما رواه الشيخ الطوسيّ و السيّد ابن طاوس عن المفضّل بن عمر قال:

رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام يصلّي صلاة جعفر و رفع يديه و دعا بهذا الدعاء (يا ربّ يا ربّ- حتّى ينقطع النفس- يا ربّاه يا ربّاه- حتّى ينقطع النفس- ربّ ربّ- حتّى ينقطع النفس- يا اللّه يا اللّه- حتّى ينقطع النفس- يا حيّ يا حيّ- حتّى ينقطع النفس- يا رحيم يا رحيم- حتّى ينقطع النفس- يا رحمن يا رحمن- سبع مرات- يا أرحم الرّاحمين- سبع مرات. ثم قال- اللهمّ إنّي أفتتح القول بحمدك، و أنطق بالثّناء عليك، و أمجّدك و لا غاية لمدحك، و أثني عليك و من يبلغ غاية ثنائك، و أمد مجدك؟ و أنّى لخليقتك كنه معرفة مجدك؟ و أيّ زمن لم تكن ممدوحا بفضلك؟ موصوفا بمجدك؟ عوّادا على المذنبين بحلمك تخلّف سكّان أرضك عن طاعتك، فكنت عليهم عطوفا بجودك، جوادا بفضلك، عوّادا بكرمك، يا لا إله إلّا أنت المنّان ذو الجلال و الإكرام). ثم قال لي: يا مفضّل إذا كانت لك حاجة مهمّة فصلّ هذه الصلاة و ادع بهذا الدعاء و سل حاجتك، يقضيها اللّه إن شاء اللّه، و به الثّقة.

صلاة الغفيلة

(مسألة 1100) و هي ركعتان بين المغرب و العشاء، و الظاهر أنها غير نافلة المغرب، و لكن يجوز الإتيان بنافلة المغرب على هذه الكيفيّة، و لا يبعد إجزاؤها عنهما، بل الأحوط ذلك، و إن كان الأقوى جواز الإتيان بها مستقلا، و الأحوط الإتيان بها رجاء. و يقرأ فيها في الأولى بعد الحمد (وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا

أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ. فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)، و في الثانية بعد الحمد (وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لٰا يَعْلَمُهٰا إِلّٰا هُوَ، وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّٰا يَعْلَمُهٰا وَ لٰا حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لٰا رَطْبٍ وَ لٰا يٰابِسٍ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 223

مُبِينٍ) ثم يرفع يديه و يقول (اللّهمّ إنّي أسألك بمفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا أنت، أن تصلّي على محمّد و آل محمّد، و أن تفعل بي كذا و كذا) و يذكر حاجاته ثمّ يقول (اللّهمّ أنت وليّ نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحقّ محمّد و آله عليه و عليهم السّلام لمّا قضيتها لي) و يسأل اللّه حاجته، يعطه اللّه ما سأل إن شاء اللّه تعالى.

صلاة أول الشهر

(مسألة 1101) يصلّي ركعتين، يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة الإخلاص ثلاثين مرة، و في الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرة، و يتصدّق بما يتيسّر، يشتري به سلامته ذلك الشهر كلّه. و يستحبّ أن يقرأ بعد الصلاة (بسم اللّه الرحمن الرحيم، و ما من دابّة في الأرض إلّا على اللّه رزقها و يعلم مستقرّها و مستودعها كلّ في كتاب مبين. بسم اللّه الرحمن الرحيم، و إن يمسسك اللّه بضرّ فلا كاشف له إلّا هو، و إن يردك بخير فلا رادّ لفضله يصيب به من يشاء من عباده و هو الغفور الرّحيم. بسم اللّه الرحمن الرحيم. سيجعل اللّه بعد عسر يسرا، ما شاء اللّه لا قوّة إلّا باللّه. حسبنا اللّه و نعم الوكيل. و أفوّض أمري إلى اللّه إنّ اللّه بصير بالعباد. لا

إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين. ربّ أنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير. ربّ لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين).

و ليس لها وقت معيّن، و يجوز الإتيان بها في تمام أوّل يوم من كلّ شهر.

صلاة الحاجة

(مسألة 1102) و هي كثيرة فمنها: ما رواه في الكافي عن عبد الرحيم القصير، قال دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فقلت جعلت فداك أنّي اخترعت دعاء. فقال (دعني من اختراعك، إذا نزل بك أمر فافزع

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 224

إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و صلّ ركعتين تهديهما إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله. قلت: كيف أصنع؟ قال: تغتسل و تصلّي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة و تتشهّد تشهّد الفريضة، فإذا فرغت من التشهّد و سلّمت قلت: اللّهمّ أنت السّلام و منك السّلام و إليك يرجع السّلام، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و بلّغ روح محمّد صلّى اللّه عليه و آله منّي السّلام و أرواح الأئمّة الصّالحين سلامي، و اردد عليّ منهم السّلام، و السّلام عليهم و رحمة اللّه و بركاته. اللّهمّ إنّ هاتين الرّكعتين هديّة منّي إلى رسول اللّه فأثبني عليهما ما أمّلت و رجوت فيك و في رسولك، يا وليّ المؤمنين. ثمّ تخرّ ساجدا فتقول أربعين مرّة:

يا حيّ يا قيّوم، يا حيّا لا يموت، يا حيّ لا إله إلّا أنت، يا ذا الجلال و الإكرام، يا أرحم الرّاحمين. ثمّ ضع خدّك الأيمن فتقولها أربعين مرّة، ثمّ ضع خدّك الأيسر فتقولها أربعين مرّة، ثمّ ترفع رأسك و تمدّ يدك فتقول ذلك أربعين مرّة، ثمّ تردّ يدك إلى رقبتك و تلوذ بسبّابتك و تقول ذلك

أربعين مرّة، ثمّ خذ لحيتك بيدك اليسرى و ابك أو تباك و قل: يا محمّد يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، أشكو إلى اللّه و إليك حاجتي و إلى أهل بيتك الرّاشدين حاجتي، و بكم أتوجّه إلى اللّه في حاجتي. ثمّ تسجد و تقول يا اللّه يا اللّه حتّى ينقطع نفسك صلّ على محمّد و آل محمّد و افعل بي كذا و كذا و تذكر حاجتك. قال أبو عبد الله عليه السلام (فأنا الضّامن على اللّه عزّ و جلّ أن لا يبرح حتّى تقضى حاجته) و قيل إنّ ذلك جرّب مرارا. و لا بأس بالإتيان بذلك رجاء. و منها: ما عن الأمالي بإسناده إلى الحذّاء، قال قال أبو عبد اللّه عليه السّلام (من كانت له إلى اللّه حاجة فليقصد إلى مسجد الكوفة و ليسبغ وضوءه و ليصلّ في المسجد ركعتين يقرأ في كلّ واحدة منهما فاتحة الكتاب و سبع سور معها و هي: المعوّذتان، و قل هو اللّه أحد، و قل يا أيّها الكافرون، و إذا جاء نصر اللّه و الفتح، و سبّح اسم ربّك الأعلى، و إنّا أنزلناه في ليلة القدر، فإذا فرغ من الرّكعتين و تشهّد و سلّم سأل اللّه حاجته فإنّها تقضى بعون

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 225

اللّه إنشاء اللّه).

(مسألة 1103) يجوز الإتيان بالصّلوات المندوبة جالسا اختيارا و كذا ماشيا و راكبا، كما تجوز صلاتها ركعة قائما و ركعة جالسا، لكنّ صلاتها قائما أفضل. و يستحبّ إذا أتى بها جالسا احتساب كل ركعتين بركعة، فيصلي في نافلة الصبح مثلا أربع ركعات بتسليمتين جالسا بدل ركعتين قائما، و هكذا، و إذا وجبت النافلة بنذر و نحوه، فالظاهر بقاء حكمها،

فيجوز اختيار الجلوس فيها.

صلاة المسافر

اشارة

(مسألة 1104) يجب على المسافر قصر الصّلوات الرباعيّة مع اجتماع الشروط الآتية، و أمّا الصبح و المغرب فلا قصر فيهما.

(مسألة 1105) الشرط الأوّل: المسافة، و هي ثمانية فراسخ امتداديّة ذهابا أو إيابا أو ملفقة، و الأقوى في التلفيق اعتبار كون كلّ من الذهاب و الإياب أربعة أو أكثر، سواء اتصل إيابه بذهابه و لم يقطعه بمبيت ليلة فصاعدا في الأثناء، أو قطعه بذلك لا على وجه تحصل به الإقامة القاطعة للسفر و لا غيرها من قواطعه، فيقصّر و يفطر. إلا أنّ الأحوط احتياطا شديدا في الصورة الأخيرة التمام مع ذلك، ثمّ القضاء.

(مسألة 1106) الفرسخ ثلاثة أميال، و الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله عرض أربع و عشرين إصبعا، و كلّ إصبع عرض سبع شعيرات، و كلّ شعيرة عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرذون، فإن نقصت عن ذلك و لو يسيرا بقي على التمام. و تبلغ الأربعة فراسخ اثنين و عشرين كيلو مترا و نصف كيلو متر تقريبا على ما أخبر به أهل الخبرة.

(مسألة 1107) إذا كان الذهاب خمسة فراسخ و الإياب ثلاثة، فلا يقصّر فيه و لا في عكسه، و لو تردّد في أقل من أربعة فراسخ ذاهبا و جائيا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 226

مرّات حتى بلغ المجموع ثمانية، لم يقصّر. فلا بدّ في التلفيق أن يكون كلّ من الذهاب و الإياب أربعة أو أكثر كما مر.

(مسألة 1108) إذا كان للبلد طريقان و كان الأبعد منهما مسافة دون الأقرب، فإن سلك الأبعد قصر، و إن سلك الأقرب أتمّ. و إذا ذهب من الأقرب و رجع من الأبعد، و كان الأقرب أربعة فراسخ أو أكثر، قصّر، دون

ما إذا كان أقل.

(مسألة 1109) مبدأ حساب المسافة آخر بيوت البلد و إن كانت خارج سوره. و لا فرق في ذلك بين القرى و المدن الصغيرة و الكبيرة المتصلة المحالّ. أمّا إذا كانت محلاتها منفصلة بفاصلة أو فواصل غير معمورة، فمبدأ حساب المسافة من آخر المحلة المعمورة.

(مسألة 1110) إذا كان قاصدا الذهاب إلى بلد و لا يعرف أنه مسافة، أو معتقدا عدمها، ثم بان أثناء السير أنه مسافة، يقصر و إن لم يكن الباقي مسافة.

(مسألة 1111) تثبت المسافة بالعلم و بالبينة، بل و خبر العدل الواحد في وجه لا يخلو من إشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع. فلو شك في بلوغها أو ظن به بقي على التمام. و لا يجب اختبار المسافة المستلزم للحرج إذا كان فيه حرج عليه. نعم يجب على الأحوط السؤال و نحوه عنها. و لو شك العامي في مقدار المسافة شرعا من جهة جهله به، وجب عليه الاحتياط بالجمع أو التقليد.

(مسألة 1112) إذا اعتقد أن مقصده مسافة فقصر ثم ظهر عدمها، وجبت الإعادة، و كذا لو اعتقد عدم كونه مسافة فأتم، ثم ظهر كونه مسافة، فإنه يجب عليه الإعادة في الوقت على الأحوط.

________________________________________

گلپايگانى، سيد محمد رضا موسوى، هداية العباد (للگلبايگاني)، 2 جلد، دار القرآن الكريم، قم - ايران، اول، 1413 ه ق

هداية العباد (للگلبايگاني)؛ ج 1، ص: 226

(مسألة 1113) الذهاب في المسافة المستديرة هو السير إلى المقصد مطلقا إذا أراد طيّ الدائرة، و لو كان المقصد قبل النقطة المقابلة لمبدئه.

نعم إن كان قبلها و يريد الرجوع عن طريق ذهابه، فيشترط أن يكون أربعة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 227

أو أكثر.

(مسألة 1114) الشرط الثاني: نية قطع المسافة من حين الخروج، فلو نوى

ما دونها، و بعد الوصول إلى المقصد قصد مقدارا آخر دونها، و هكذا، يتمّ في الذهاب و إن كان المجموع أكثر من مسافة التقصير بكثير.

نعم لو شرع في العود يقصر إذا كان مقصده مسافة أو أكثر.

(مسألة 1115) إذا طلب أحدا أو شيئا و لم يدر إلى أين مسيره، فلا يقصّر في ذهابه و إن قطع مسافات، نعم يقصر في العود إذا كان مسافة، كما أنه يقصر لو عيّن في الأثناء مقصدا يبلغ المسافة و لو بالتلفيق.

(مسألة 1116) إذا خرج إلى ما دون الأربعة و كان ينتظر رفقاء إن تيسروا سافر معهم و إلا فلا، أو كان سفره منوطا بحصول أمر، و لم يطمئن بتيسر الرفقة، أو بحصول ذلك الأمر، فلا يقصر.

(مسألة 1117) لا يعتبر اتصال السفر، فلو نوى قطع المسافة في أيام مع عدم تخلّل أحد قواطع السّفر كان مسافرا، ما لم يخرج بذلك عن صدق اسم السفر عرفا، كما لو قطع في كل يوم مقدارا يسيرا جدا للتنزّه و نحوه، لا من جهة صعوبة السير، فإنه يتم حينئذ، و الأحوط الجمع.

(مسألة 1118) لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلا، بل يكفي فيه التبعية، سواء كان لوجوب الطاعة كالزوجة، أو قهرا كالأسير، أو اختيارا كالخادم، بشرط العلم بأن قصد المتبوع مسافة، و إلا بقي على التمام. و في وجوب الاستخبار تأمل، و إن كان أحوط، و لا يجب على المتبوع الإخبار و إن أوجبنا على التابع الاستخبار.

(مسألة 1119) إذا لم يكن مقصد المتبوع معيّنا عند التابع، و كان قاطعا بعدم كونه مسافة أو شاكّا فيه، ثم علم أثناء الطريق أنه مسافة، فالظاهر أنه يجب عليه التمام إن لم يكن الباقي مسافة. أما إذا كان

مقصد المتبوع معيّنا عنده، فيقصر بعد انكشاف كونه مسافة و إن لم يكن الباقي مسافة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 228

(مسألة 1120) الشرط الثالث: استمرار القصد، فلو عدل عنه قبل بلوغ أربعة فراسخ أو تردّد، أتمّ. أما ما صلاه قصرا فلا يحتاج إلى إعادته و لا قضائه، و إن كان العدول أو التردد بعد بلوغ الأربعة، بقي على التقصير و إن لم يرجع ليومه، إذا كان عازما على العود قبل عشرة أيام.

(مسألة 1121) يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع و إن عدل عن هذا الفرد، كما لو قصد السفر إلى مكان خاص فعدل في أثناء الطريق إلى آخر، و كان ما مضى مع ما بقي إليه مسافة، فإنه يقصر حينئذ على الأصح. و كذا لو كان من أول الأمر قاصدا النوع دون الفرد، بأن شرع في السفر قاصدا أحد الأمكنة التي كلها مسافة و لم يعيّن أحدها، و ترك التعيين إلى بلوغ الحد المشترك بينها.

(مسألة 1122) إذا تردد في الأثناء قبل بلوغ أربعة فراسخ ثم عاد إلى الجزم، فإن لم يقطع شيئا من الطريق بعد التردد، بقي على القصر حتى لو لم يكن ما بقي مسافة و لو ملفّقة. و إن قطع شيئا منه بعده، فإن كان ما بقي مسافة بقي على القصر أيضا، و إن لم يكن مسافة فيجب التمام إذا لم يكن ما بقي مع ما قطع قبل تردده مسافة. و إذا كان المجموع بإسقاط ما قطعه مترددا مسافة، فلا يترك الاحتياط بالجمع.

(مسألة 1123) الشرط الرابع: أن لا ينوي قطع المسافة بإقامة عشرة أيام فصاعدا في أثنائها أو المرور في وطنه كذلك، كما لو عزم على قطع أربعة فراسخ و كان ناويا

الإقامة في أثنائها، أو على رأسها، أو كان له وطن و قصد المرور به، فإنه يتم حينئذ.

و كذا لو كان مترددا في نية الإقامة أو المرور في وطنه على وجه ينافي قصد قطع المسافة. أمّا إذا نوى المسافة و لكن كان يحتمل احتمالا غير معتنى به عند العقلاء أن يعرض له ما يوجب نية الإقامة أو المرور بوطنه في أثنائها، فإنه يقصر.

(مسألة 1124) إذا كان حين الشروع قاصدا الإقامة أو المرور على

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 229

وطنه قبل بلوغ الثمانية، أو كان مترددا، ثم عدل و بنى على عدم الأمرين، فإن كان ما بقي بعد عدوله مسافة و لو ملفقة قصّر، و إلا فلا.

(مسألة 1125) إذا سافر و لم يكن من نيته الإقامة فقطع مقدارا من المسافة ثم بدا له نيتها قبل بلوغ الثمانية، ثم عدل عما بدا له و نوى عدم الإقامة، فإذا كان ما بقي بعد عدوله مسافة، قصّر، و كذا إن لم يكن مسافة لكن لم يقطع شيئا بين العزمين، و إن قطع شيئا بينهما، فلا يترك الاحتياط بالجمع.

(مسألة 1126) الشرط الخامس: أن يكون السفر حلالا، فلو كان معصية لم يقصّر، سواء كان نفسه معصية كإباق العبد و نحوه، أو كانت غايته معصية كالسفر لقطع الطريق و نيل المظالم من السلطان و نحو ذلك.

نعم ليس منه ما يقع المحرّم في أثنائه مثل الغيبة و نحوها مما ليس غاية للسفر، فيبقى على القصر. بل و ليس منه ما كان ضدّا لواجب قد تركه و سافر على الأقوى، كما إذا كان مديونا و سافر مع مطالبة الدّيّان و إمكان الأداء في الحضر دون السفر و نحو ذلك. نعم لا يترك الاحتياط بالجمع

فيما إذا كان السّفر لأجل التوصل الى ترك الواجب، و ان كان تعيّن الإتمام حينئذ لا يخلو من قوة.

(مسألة 1127) إذا كان السفر مباحا لكن ركب دابة مغصوبة أو مشى على أرض مغصوبة في سفره، فلا يترك الاحتياط بالجمع.

(مسألة 1128) التابع للجائر، يقصر إذا كان مجبورا في سفره، أو كان قصده دفع مظلمة و نحوه من الأغراض الصحيحة، و أما إذا كان من قصده إعانة الجائر في جوره، أو كان سفره و متابعته له معاضدة له في ظلمه أو تقوية لشوكته و كان تقوية شوكته حراما، فيجب عليه التمام.

(مسألة 1129) إذا كانت غاية السفر طاعة و معصية معا، يقصر إذا كان داعي المعصية تبعا ينسب السفر إلى الطاعة، و يتم في غيره.

و الأقوى التمام إذا اشتركتا بحيث لو لا اجتماعها لم يسافر.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 230

(مسألة 1130) إذا كان ابتداء سفره طاعة ثم قصد المعصية في الأثناء، انقطعت الرخصة له بالقصر و إن كان قطع مسافات، و لا يجب إعادة ما صلاه قصرا. و لو عاد إلى قصد الطاعة قبل أن يضرب في الأرض عاد حكمه فيجب عليه القصر، و كذا لو عاد الى قصد الطاعة بعد ضربه في الأرض و كان الباقي مسافة و لو ملفّقة. أما إذا لم يكن الباقي مسافة، فإن كان مجموع ما مضى مع ما بقي بعد طرح ما تخلل مع نية المعصية مسافة وجب القصر، و الأحوط ضمّ التمام أيضا. و إن لم يكن المجموع مسافة إلا بضم ما تخلل بنية المعصية، فلا يترك الاحتياط بالجمع.

(مسألة 1131) إذا كان ابتداء سفره معصية ثم عدل إلى الطاعة، يقصّر إن كان الباقي مسافة و لو ملفّقة، و إلا يبقى

على التمام، و الأحوط الجمع.

(مسألة 1132) إذا كان ابتداء سفره معصية فنوى الصوم ثم عاد إلى الطاعة، فإن كان قبل الزّوال و كان الباقي مسافة وجب الإفطار، و إن كان بعده فلا يترك الاحتياط بالإتمام، ثم القضاء. و لو كان طاعة في الابتداء ثم عدل إلى المعصية في الأثناء، فإن كان قبل الزّوال و لم يتناول شيئا نوى الصّوم، لكن لا يترك قضاؤه أيضا. و إن كان بعد تناول المفطر أو بعد الزّوال، لم يجب عليه الصوم.

(مسألة 1133) الراجع من سفر المعصية إن كان بعد التوبة، يقصّر إذا كان العود مسافة، و كذا إذا عدّ سفره سفرا مستقلا عرفا، قصر و لو قبل توبته. و إن لم يعدّ سفرا مستقلا و لم يتب، فلا يبعد وجوب التمام عليه.

(مسألة 1134) يلحق بسفر المعصية السّفر للصّيد لهوا كما يستعمله أبناء الدّنيا، و أما إذا كان للقوت فيقصّر، و كذا ما كان للتّجارة بالنّسبة إلى الإفطار، و أما بالنّسبة إلى الصّلاة ففيه إشكال، و الأحوط الجمع بين القصر و التّمام.

(مسألة 1135) إذا كان السفر بقصد التنزّه، فليس معصية و يوجب القصر.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 231

(مسألة 1136) الشرط السادس: أن لا يكون كبعض أهل البوادي الذين يدورون في البراري و ينزلون في محلّ الماء و الكلأ دون أن يتّخذوا مقرا معيّنا، فيجب على أمثال هؤلاء التّمام في سيرهم ذلك، لأن بيوتهم معهم فلا يصدق عليهم المسافر. نعم لو سافروا لمقصد آخر من حجّ أو زيارة و نحوهما قصّروا كغيرهم، إن لم تكن بيوتهم معهم و لم يكن سفرهم إلى مكة كسائر أسفارهم. و لو سار أحدهم مسافة لاختيار منزل مخصوص أو لطلب الماء أو العشب أو الكلإ

فيجب عليه التمام، إلا إذا كان بيته معه فيجمع بين القصر و التمام على الأحوط.

(مسألة 1137) الشرط السابع: أن لا يتّخذ السفر عملا له كالمكاري و الملّاح و أصحاب السّفن و السّاعي و نحوهم ممن عمله ذلك، فإن هؤلاء يتمّون الصّلاة في سفرهم الذي هو عمل لهم و لو استعملوه لأنفسهم لا لغيرهم، كما لو حمل المكاري مثلا متاعه و أهله من مكان إلى مكان آخر.

أمّا في السّفر الذي ليس عملا لهم، كما لو فارق الملّاح سفينته و سافر للزّيارة أو غيرها فيقصّرون. و المدار صدق اتّخاذ السّفر عملا و شغلا له، و يتحقق ذلك بالعزم على ذلك مع الاشتغال بالسّفر المعيّن مقدارا معتدا به من الزّمان، و لو كان سفرة واحدة طويلة و تكررت منه من غير بلده إلى بلد آخر.

(مسألة 1138) لا يعتبر تعدّد السّفر ثلاث مرات أو مرتين في تحقّق أنّ عمله السّفر، نعم قد لا يتحقّق إلا بذلك كما لو اشتغل به مدة قصيرة في أول الأمر فيحتاج إلى تكرره، و الظّاهر كفاية سفرتين فيتمّ في الثّانية، و إن كان الأحوط فيها الجمع، و أنّ التّمام يتعيّن في الثّالثة.

(مسألة 1139) من كان شغله المكاراة في الصّيف دون الشّتاء أو بالعكس، فالظّاهر أنه يجب عليه التّمام، و إن كان الأحوط الجمع. و أما مثل مدراء قوافل الحجّ (الحملداريّة) الذين يشتغلون بالسّفر في أشهر الحجّ فقط، فالظّاهر وجوب القصر عليهم.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 232

(مسألة 1140) يعتبر في استمرار من عمله السّفر على التمام أن لا يقيم في وطنه عشرة أيام و لو بدون نيّة، و لا يقيم في غيره عشرة منويّة.

و إلا انقطع حكمه و عاد إلى القصر، لكن في السّفرة

الأولى خاصّة دون غيرها. أما إذا أقام في غير وطنه عشرة غير منويّة، فلا يترك الاحتياط بالجمع في السّفرة الأولى.

(مسألة 1141) إذا لم يكن شغله السّفر لكن عرض له عارض فسافر أسفارا عديدة، كما لو كان له شغل في بلد و احتاج إلى التّردّد إليه مرات عديدة، فيقصّر، بل و كذا إذا كان من منزله مسافة إلى الحائر الحسيني مثلا و نذر أو بنى على أن يزوره كل ليلة جمعة إلى مدّة، فالظّاهر أنه ليس ممّن يجب عليه التّمام. نعم الظّاهر أنّ منه السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا.

(مسألة 1142) ممّن شغله السّفر الرّاعي الذي ليس له مكان مخصوص، و التّاجر الّذي يدور في تجارته، فيجب عليهما التّمام.

(مسألة 1143) الشرط الثّامن: أن يضرب في الأرض حتى يصل إلى محلّ التّرخّص، فلا يقصّر قبله. و المراد به المكان الذي يخفى عليه فيه الأذان أو تتوارى عنه فيه صور الجدران و إشكالها لا أشباحها، و الأحوط فيما بين الخفائين الجمع أو تأخير الصّلاة.

(مسألة 1144) كما يعتبر في التّقصير الوصول إلى محلّ التّرخّص إذا سافر من بلده، كذلك يعتبر في السّفر من محلّ الإقامة، بل و من محلّ التردّد ثلاثين يوما، و إن كان الأولى فيهما مراعاة الاحتياط.

(مسألة 1145) عند العود إلى وطنه ينقطع حكم السّفر بالوصول إلى حدّ التّرخّص أيضا، فيجب عليه التّمام، و إن كان الأحوط تأخير الصّلاة إلى منزله، أو الجمع بين القصر و التّمام إذا صلى بعد الوصول إلى الحدّ، و الأقوى اعتبار حدّ الترخّص في المحلّ الذي عزم على الإقامة فيه أيضا.

(مسألة 1146) المدار في عين الرّائي و أذن السّامع و صوت المؤذّن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 233

و الهواء، على

المتوسّط المعتدل.

(مسألة 1147) لا يشترط في خفاء الأذان خفاء أصل الصوت، بل يكفي على الأقوى في خفائه أن لا يتميز أنه أذان أو غيره، أما إذا سمع الصوت و ميّز أنه أذان و لكن لم يميز فصوله، فالأحوط عدم الاكتفاء به.

(مسألة 1148) إذا لم يكن هناك بيوت و لا جدران، يعتبر تقدير وجودها. نعم في بيوت الأعراب و نحوهم ممّن لا جدران لبيوتهم، يكفي خفاؤها، و لا يحتاج إلى تقدير الجدران.

(مسألة 1149) إذا شكّ في البلوغ إلى حدّ التّرخّص بنى على عدمه، فيبقى على التّمام في الذهاب و على القصر في الإياب. لكن إذا استصحب عدم بلوغ حدّ التّرخص في مكان في ذهابه فصلى تماما، ثم صلى في نفس ذلك المكان في رجوعه قصرا، فقد حصل له العلم الإجمالي ببطلان إحدى صلاتية، فيجب قضاء ما صلّاه أولا قصرا، و إعادة ما صلّاه فعلا تماما، و قضاؤه إن لم يعد.

(مسألة 1150) إذا كان في السّفينة و نحوها فشرع في الصّلاة قبل حدّ التّرخّص بنيّة التّمام ثم وصل إليه في الأثناء، فالأحوط عدم الاكتفاء بتلك الصّلاة سواء كان الوصول قبل ركوع الثالثة أو بعده، و كذا لو شرع في الصّلاة في رجوعه بنيّة القصر ثمّ وصل إلى حدّ التّرخص.

قواطع السفر

(مسألة 1151) و هي أمور، الأول: الوطن، فينقطع السّفر بالمرور عليه، و يحتاج في القصر بعده إلى نيّة مسافة جديدة. و الوطن هو المكان الذي اتّخذه مسكنا و مقرّا له، سواء كان مسكنا لأبويه و مسقط رأسه أو استجدّه هو. و لا يعتبر فيه وجود ملك له، و لا إقامة ستّة أشهر، نعم يعتبر في المستجدّ الإقامة فيه بمقدار يصدق عرفا أنه وطنه و مسكنه. و لا يبعد

عدم

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 234

اعتبار قصد الدّوام خصوصا في الأصلي، نعم يضرّ التوقيت في المستجدّ.

(مسألة 1152) إذا أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجدّ و توطّن في غيره، فإن لم يكن له فيه ملك، أو كان له ملك و لم يكن قابلا للسّكنى، أو كان قابلا للسّكنى و لم يسكن فيه ستّة أشهر بقصد التوطّن، يزول عنه حكم الوطن. و أما إذا كان له ملك و قد سكن فيه بعد اتّخاذه وطنا دائما ستّة أشهر، فالمشهور أنه بحكم الوطن الفعلي، و يسمّونه الوطن الشّرعي، فيوجبون عليه التمام بالمرور عليه ما دام ملكه باقيا فيه، بل قال بعضهم بوجوب التّمام إذا كان له فيه ملك غير قابل للسّكنى أيضا و لو نخلة و نحوها، بل إذا سكن ستّة أشهر و لو لم تكن بقصد التّوطن دائما بل بقصد التّجارة مثلا. و الأقوى خلاف ذلك كله و عدم جريان حكم الوطن في جميع الصّور، و أنّ حكم الوطن يزول مطلقا بالإعراض عن الوطن الأصلي أو المتّخذ. و إن كان الأحوط الجمع بين إجراء حكم الوطن و غيره في جميع الصّور، خصوصا الصورة الأولى.

(مسألة 1153) يمكن أن يكون للإنسان وطنان فعليّان في زمان واحد، بأن يجعل بلدين مسكنا له، فيقيم في كلّ منهما ستّة أشهر مثلا في السّنة بل يمكن أن يكون له ثلاثة أوطان أو أكثر، بأن يكون كل منها مسكنا له يقيم فيه مقدارا من السنّة، فيجري على كلّ منها حكم الوطن و يكون قاطعا للسّفر بمجرد المرور عليه، و غير ذلك من الأحكام.

(مسألة 1154) الصّغار غير المميزين تابعون للأبوين، فيعدّ وطنهما وطنا لهم، و الظاهر أن المميّز المستقل النّاوي للخلاف ليس بتابع عرفا،

و البالغ المطيع المقهور غير النّاوي للخلاف تابع، فالمناط الصّدق العرفي.

(مسألة 1155) إذا حصل له التردّد في المهاجرة عن الوطن الأصلي، فالظّاهر بقاؤه على الوطنيّة ما لم يتحقّق الخروج و الإعراض عنه، كما أنّ الأقوى بقاء الوطنيّة في المستجدّ أيضا بعد الصّدق العرفي، ما لم يتحقق

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 235

الإعراض عنه و الخروج منه كالأصلي.

(مسألة 1156) الثاني: من قواطع السّفر نيّة إقامة عشرة أيّام متواليات، أو العلم ببقائه مدّتها و إن كان عن غير اختيار.

(مسألة 1157) اللّيالي المتوسّطة داخلة دون اللّيلة الأولى و الأخيرة، فيكفي عشرة أيام و تسع ليال، و يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر على الأقوى، كما إذا نوى الإقامة عند زوال اليوم الأوّل إلى زوال اليوم الحادي عشر. و مبدأ اليوم طلوع الفجر الثاني على الأقوى، فلو دخل حين طلوع الشّمس كان انتهاء العشرة طلوع الشّمس من الحادي عشر، لا غروب الشّمس من العاشر.

(مسألة 1158) يشترط وحدة محلّ الإقامة، فلو نوى الإقامة في أمكنة متعدّدة عشرة أيام، لم ينقطع حكم السفر، كما إذا نوى إقامة عشرة أيام في النّجف و الكوفة معا أو في الكاظمين و بغداد مثلا. نعم لا يضرّ بوحدة المحلّ فصل مثل النهر الكبير بعد كون المجموع بلدا واحدا فلو نوى الإقامة في مجموع الجانبين يكفي في انقطاع حكم السفر.

(مسألة 1159) لا يعتبر في نيّة الإقامة قصد عدم الخروج عن سور البلد، بل لو نوى عند نيّة الإقامة الخروج إلى بعض بساتينها و مزارعها، جرى عليه حكم المقيم. أما إذا كان من نيّته الخروج إلى حدّ التّرخّص أو إلى ما دون الأربعة فراسخ و لو كان مكثه قليلا كساعتين أو ثلاث ساعات مثلا، فيشكل

تحقّق نيّة الإقامة منه، بل لا بدّ من نيّة إقامة العشرة بتمامها في البلد و ما بحكمه.

(مسألة 1160) لا يكفي النيّة الإجماليّة في تحقّق الإقامة، فالتّابع للغير كالزوجة و الرفيق، لا بدّ أن يعرف أنّ متبوعه يقيم عشرة فينويها هو، و إلا بقي على القصر، و لو تبيّن له بعد أيام أنّ متبوعه كان ناويا للعشرة.

(مسألة 1161) إذا نوى الإقامة إلى آخر الشّهر أو إلى يوم العيد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 236

و كانت المدّة في الواقع عشرة أيام لكن لم يكن يعلم بها حين النيّة ثم تبيّن له بعد أيّام مثلا، فالأحوط الجمع بين القصر و التّمام.

(مسألة 1162) إذا نوى الإقامة ثم عدل عن نيّته، فإن صلى مع نيّتها رباعية تامة بقي على التّمام ما دام في ذلك المكان، و لو كان قصده الارتحال بعد ساعة أو ساعتين، و إن لم يصلّها أو صلّى صلاة ليس فيها تقصير كالصّبح، فيرجع بعد العدول إلى القصر (مسألة 1163) إذا صلى رباعية تامة مع الغفلة عن عزمه على الإقامة، أو صلاها تماما لشرف البقعة بعد الغفلة عن نيّة الإقامة ثمّ عدل عنها، فالأقوى فيهما التّمام، و إن كان الأحوط الجمع.

(مسألة 1164) إذا فاتته الصّلاة و كان يجب عليه قضاؤها فقضاها تماما ثمّ عدل عن نية الإقامة، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر و التّمام، و أما إذا عدل عن الإقامة قبل قضائها، فالظاهر العود إلى القصر.

(مسألة 1165) إذا نوى الإقامة فنوى الصّوم، ثمّ عدل بعد الزوال قبل الصّلاة تماما، رجع إلى القصر في صلاته، و لا يترك الاحتياط بإتمام صومه، و قضائه.

(مسألة 1166) لا فرق في بقائه على التّمام بعد أن يصلي رباعية تامة و في

رجوعه إلى القصر إن لم يكن صلاها، بين أن يعدل عن نيّة إقامته أو يتردّد فيها.

(مسألة 1167) إذا تمّت العشرة، لا يحتاج في البقاء على التّمام إلى إقامة جديدة، بل يبقى على التّمام حتى ينشئ سفرا جديدا.

(مسألة 1168) إذا نوى المسافر إقامة عشرة أيام في محلّ و استقرّ عليه حكم التمام و صلّى صلاة رباعية، ثم أراد أن يخرج إلى ما دون أربعة فراسخ، فإن لم يعرض عن محل إقامته كأن أبقى رحله فيه و كان ناويا الرّجوع إليه و إتمام عشرة أيام، وجب عليه التّمام في ذهابه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 237

و مقصده و رجوعه و بعد رجوعه. و إن لم ينو البقاء بعد رجوعه عشرة أيام، وجب عليه أن يتمّ في ذهابه و مقصده، أما في إيابه فإن نوى ثمانية فراسخ صلى قصرا و إلا صلى تماما. و عليه فأمثال المبلّغين الذين ينوي الواحد منهم إقامة عشرة أيام في مكان، و بعد أن يصلّي صلاة رباعية كاملة يدعونه للتّبليغ في مكان أقلّ من أربعة فراسخ، فإذا أراد أن يمضي عشرة أيام أو شهرا متردّدا بين هذين المحلّين، فيجب عليه التّمام فيهما حتى ينشئ سفرا جديدا كأن يخرج من المحل الثاني في يوم آخر بنية العود الى الوطن، فإنه بعد الخروج من حدّ ترخّص المحلّ الثاني يقصر الصلاة، و إن مرّ في المحلّ الأوّل أعني محلّ إقامته.

(مسألة 1169) إذا شرع المقيم في السّفر ناويا مسافة ثمّ بدا له العود إلى محلّ إقامته و البقاء عشرة أيام، فإن كان العدول بعد بلوغ أربعة فراسخ، قصّر في الذهاب و المقصد و العود، و إن كان قبله قصّر في ذهابه بعد تجاوز حدّ الترخّص إلى

حال العزم على العود، و يتمّ عند العزم عليه، و لا يجب عليه قضاء ما صلى قصرا. و أما إذا بدا له العود بدون إقامة جديدة، فيبقى على القصر حتى في محلّ الإقامة إذا كان الذهاب أربعة أو أكثر، و إلا فالحكم الإتمام في الذهاب و المقصد.

(مسألة 1170) إذا دخل في الصلاة بنيّة القصر ثمّ بدا له الإقامة في أثنائها، أتمّها. و لو نوى الإقامة و دخل في الصلاة بنيّة التّمام ثمّ عدل عنها في الأثناء، فإن كان قبل الدّخول في ركوع الثالثة أتمّها قصرا، و إن كان بعده قبل الفراغ من الصلاة، فالأقوى بطلانها و الرجوع إلى حكم القصر.

(مسألة 1171) الثّالث: من القواطع، البقاء ثلاثين يوما في مكان متردّدا، و يلحق بالتردّد ما إذا عزم على الخروج غدا أو بعد غد ثمّ لم يخرج، و هكذا إلى أن مضى ثلاثون يوما. بل يلحق به أيضا إذا عزم على الإقامة تسعة أيام مثلا ثمّ بعدها عزم على إقامة تسعة أخرى و هكذا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 238

فيقصّر إلى ثلاثين يوما، ثمّ يتمّ و لو لم يبق إلا مقدار صلاة واحدة.

(مسألة 1172) إذا كان تردّده من أوّل الشّهر الهلالي الناقص إلى آخره، يشكل إلحاقه بالمتردّد ثلاثين يوما، فالأحوط في اليوم الثلاثين الجمع بين القصر و التّمام.

(مسألة 1173) يشترط اتحاد مكان التردّد مثل محلّ الإقامة، فمع تعدّده لا ينقطع حكم السّفر بالثلاثين.

(مسألة 1174) حكم المتردّد ثلاثين يوما بعد تمامها، حكم المقيم في الخروج عن مكان تردده إلى ما دون المسافة و نيّة العود إلى مكان تردّده.

(مسألة 1175) إذا تردّد في مكان تسعة و عشرين مثلا أو أقلّ، ثمّ سافر إلى مكان آخر و بقي متردّدا

فيه كذلك، بقي على القصر ما دام كذلك. إلا إذا نوى الإقامة في مكان، أو بقي متردّدا ثلاثين يوما.

أحكام المسافر

(مسألة 1176) تسقط عن المسافر بعد تحقّق الشّرائط ركعتان من الظّهرين و من العشاء، كما تسقط عنه نوافل الظّهرين و تبقى بقية النّوافل نعم الأحوط أن يأتي بنافلة العشاء رجاء.

(مسألة 1177) إذا صلى المسافر تماما، فإن كان عالما بالحكم و الموضوع، بطلت صلاته و أعاده في الوقت و قضى خارجه. و إن كان جاهلا بأصل الحكم، لم يجب عليه الإعادة فضلا عن القضاء.

(مسألة 1178) إذا كان عالما بأصل الحكم و جاهلا ببعض الخصوصيّات، مثل جهله بأنّ السّفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرّجوع يوجب القصر، أو أنّ كثير السّفر إذا أقام في بلد عشرة أيام يجب عليه القصر في السّفر الأول، و نحو ذلك، فأتمّ، وجب عليه الإعادة في الوقت. و أما القضاء فلا يبعد عدم وجوبه على غير العامد مطلقا إن لم

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 239

يلتفت في الوقت.

(مسألة 1179) إذا كان عالما بالحكم جاهلا بالموضوع، كما إذا تخيّل عدم كون مقصده مسافة فأتمّ مع كونه مسافة، وجب عليه الإعادة في الوقت و القضاء خارجه.

(مسألة 1180) إذا كان ناسيا لسفره فأتمّ، فإن تذكّر في الوقت فعليه الإعادة، و إن تذكّر خارج الوقت فلا يجب القضاء.

(مسألة 1181) إذا صام المسافر عالما عامدا، بطل صومه، و إذا صام جاهلا، فلا يبعد صحّة صومه، سواء كان جاهلا بالحكم أو بالموضوع أو بالتّفاصيل. نعم لا يصح الصّوم مع النسيان.

(مسألة 1182) إذا قصّر من كانت وظيفته التّمام، بطلت صلاته مطلقا، حتّى في المقيم المقصر للجهل بأنّ حكمه التّمام.

(مسألة 1183) إذا تذكّر ناسي سفره في أثناء الصّلاة، فإن كان

قبل الدّخول في ركوع الرّكعة الثالثة أتمّ الصلاة قصرا و اجتزأ بها، و إن تذكّر بعد ذلك، بطلت و وجبت عليه الإعادة مع سعة الوقت، و لو بإدراك ركعة فيه.

(مسألة 1184) إذا دخل الوقت و هو حاضر متمكّن من الصّلاة ثمّ سافر قبل أن يصلّي حتى تجاوز محل التّرخص و الوقت باق، قصّر، و الأحوط الإتمام معه. كما أنه لو دخل الوقت و هو مسافر فحضر قبل أن يصلي و الوقت باق، فإنّه يتمّ، و الأحوط القصر معه.

(مسألة 1185) إذا فاتته الصّلاة في الحضر، يجب عليه قضاؤها تماما حتى لو قضاها في السّفر، و إذا فاتته في السّفر، يجب عليه قضاؤها قصرا حتى لو قضاها في الحضر.

(مسألة 1186) إذا فاتته الصّلاة و كان في أوّل الوقت حاضرا و في آخره مسافرا أو بالعكس، فالأقوى في القضاء مراعاة حال الفوت و هو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 240

آخر الوقت.

(مسألة 1187) يتخيّر المسافر مع عدم قصد الإقامة بين القصر و التمام في الأماكن الأربعة، و هي المسجد الحرام و مسجد النّبي صلّى اللّه عليه و آله و مسجد الكوفة و الحائر الحسيني على مشرّفه السّلام، و الإتمام أفضل. و إلحاق بلدي مكة و المدينة بمسجديهما لا يخلو من قوّة، و لا يلحق بها سائر المشاهد. و لا فرق في المساجد بين السّطوح و الصّحن و المواضع المنخفضة كبيت الطّشت في مسجد الكوفة، و الأقوى دخول تمام الرّوضة الشّريفة في الحائر، فيمتدّ من طرف الرأس إلى الشّباك المتّصل بالرّواق، و من طرف الرّجل الى الباب و الشبّاك المتّصلين بالرّواق، و من الخلف الى حدّ المسجد. و إن كان دخول المسجد و الرواق فيه أيضا لا يخلو من

قوة، و لكن الاحتياط بالقصر لا ينبغي تركه.

(مسألة 1188) التخيير في هذه الأماكن استمراري، فيجوز لمن شرع في الصّلاة بنيّة القصر العدول إلى التّمام و بالعكس ما لم يتجاوز محلّ العدول، بل لا بأس بأن ينوي الصّلاة من غير تعيين للقصر أو التّمام.

(مسألة 1189) لا يلحق الصّوم بالصّلاة في التّخيير المذكور، فلا يصحّ له الصّوم في هذه الأماكن ما لم ينو الإقامة، أو بقي ثلاثين يوما متردّدا.

(مسألة 1190) يستحبّ أو يقول المسافر عقيب كلّ صلاة مقصورة ثلاثين مرّة (سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر).

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 241

صلاة الجماعة

اشارة

(مسألة 1191) و هي من المستحبّات الأكيدة في جميع الفرائض خصوصا اليوميّة، و تتأكّد في الصّبح و العشاءين، و لها ثواب عظيم يبهر العقول. و ليست واجبة بالأصل و الشرع و لا شرطا إلا في الجمعة مع الشرائط المتقدمة، في محلّها، و لا تشرع في شي ء من النوافل الأصلية و إن وجبت بالعارض بنذر و نحوه، عدا صلاة الاستسقاء. و لا بأس بها فيما صار نفلا بالعارض كصلاة العيدين، مع عدم اجتماع شرائط الوجوب.

(مسألة 1192) لا يشترط في صحّة الجماعة اتّحاد صلاة الإمام و المأموم نوعا أو كيفية، فيأتمّ مصلي اليومية أيّ صلاة كانت بمصلي اليومية كذلك، و إن اختلفتا في القصر و التّمام أو الأداء و القضاء، و كذا مصلّي الآية بمصلّيها و إن اختلفت الآيتان.

(مسألة 1193) لا يجوز اقتداء صاحب اليوميّة بالعيدين و الآيات و صلاة الأموات، بل و صلاة الاحتياط و صلاة الطواف و بالعكس، و كذا لا يجوز الاقتداء في كلّ نوع من هذه الصّلوات الخمس بمن يصلّي نوعا آخر منها. بل مشروعيّة الجماعة

في صلاة الطواف محل إشكال، و كذا في صلاة الاحتياط، لكن لا إشكال في الإتيان بصلاة الطّواف جماعة رجاء، لكن لا يكتفى بها، بل الأحوط الجمع بينها و بين الفرادى لمن لا يحسن القراءة.

(مسألة 1194) أقلّ عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين، اثنان أحدهما الإمام، سواء كان المأموم رجلا أو امرأة، بل و صبيّا مميّزا على الأقوى.

(مسألة 1195) لا يعتبر للإمام نية الجماعة مطلقا. نعم لا بدّ له فيما

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 242

يشترط فيه الجماعة كالجمعة و العيدين من الوثوق بتحقّق الشّروط حين الشّروع في الصّلاة. أما المأموم فلا بدّ له من نيّة الاقتداء، فلو لم ينوه لم تنعقد جماعته و لو تابع الإمام في الأقوال و الأفعال.

(مسألة 1196) يجب فيها وحدة الإمام، فلو نوى الاقتداء باثنين لم تتحقّق الجماعة و لو كانا متقارنين. و كذا يجب تعيين الإمام، و في كفاية التّعيين بالاسم و الوصف تأمّل إذا لم تكن الإشارة إليه ذهنا و لا حسّا، و كذا إذا نوى الاقتداء بمن يجهر إذا كان مردّدا. نعم يجوز الاقتداء بهذا الحاضر و لو لم يعرفه باسمه و وصفه، لكن يعلم أنه عادل صالح للاقتداء.

(مسألة 1197) إذا شكّ في أنه نوى الائتمام أم لا، بنى على العدم، و لو علم أنه أتى بنية الدّخول في الجماعة. نعم لو اشتغل بوظيفة من وظائف المأموم، بنى على الاقتداء.

(مسألة 1198) إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد العادل فبان أنه عمرو، فإن كان عمرو عادلا فالأقوى صحّة جماعته و صلاته. بل و كذا إن كان غير عادل أيضا. و كذا إذا نوى الاقتداء بزيد العادل و تخيّل أنه هو الحاضر فبان غيره، لأنه

حين الاقتداء كان عالما بعدالة إمامه، و يكفي ذلك في صحّة الجماعة، و لا يحتاج إلى العدالة في الواقع.

(مسألة 1199) لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء.

(مسألة 1200) الأحوط عدم العدول من الائتمام إلى الانفراد في جميع أحوال الصّلاة، سواء كان من نيّته ذلك من أوّل الصّلاة أو لم يكن.

نعم مع العذر خصوصا في التّشهد الأخير و في السّلام مطلقا، لا بأس به.

(مسألة 1201) إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الرّكوع، لا يجب عليه القراءة، بل لو كان في أثناء القراءة يكفيه بعد نيّة الانفراد قراءة ما بقي منها. و إن كان الأحوط استئنافها بقصد القربة المطلقة، خصوصا إذا نوى الانفراد أثناءها.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 243

(مسألة 1203) إذا نوى الانفراد في الأثناء، لا يجوز له العود إلى الائتمام.

(مسألة 1204) إذا لم يدرك الإمام إلا في الرّكوع قبل أن يشرع برفع رأسه منه و لو بعد الذّكر، أو أدركه قبله لكن لم يدخل في الصّلاة إلى أن ركع، جاز له الدخول معه و تحسب له ركعة، و هو منتهى ما يدرك به الرّكعة في ابتداء الجماعة. و أما في الرّكعات الأخر فلا يضرّ عدم إدراك الرّكوع مع الإمام، فلو ركع بعد رفع الإمام رأسه منه و كان تأخّر لمانع و أدرك القيام، صحّت جماعته. أما إذا لم يدرك القيام أو كان تأخّر عمدا فالأحوط إتمام الصّلاة جماعة أو فرادى ثمّ إعادتها.

(مسألة 1205) إذا دخل في الجماعة في أوّل الرّكعة أو أثناء القراءة و تأخّر عن الإمام في الرّكوع غير متعمّد، صحّت صلاته و جماعته. أما إذا تأخّر عمدا، فقد تقدّم الاحتياط فيه في غير الرّكعة الأولى، فضلا عنها.

(مسألة 1206) إذا ركع بتخيّل

أن يدرك الإمام راكعا و لم يدركه، بطلت جماعته، و أما صلاته منفردا فالأحوط إتمامها ثمّ إعادتها، و إن كان لا يبعد صحّتها. و كذا في صورة الشكّ قبل ذكر الرّكوع، و أما بعد ذكر الرّكوع فهو بحكم الشك بعد الرّكوع فتصح جماعته لتجاوز المحل.

(مسألة 1207) لا يترك الاحتياط بعدم الدّخول في الجماعة بقصد الرّكوع مع الإمام إلا مع الاطمئنان بإدراكه، نعم لا بأس بأن يكبّر للإحرام بقصد أنه إن أدركه لحق، و إلا انفرد قبل الرّكوع، أو انتظر الرّكعة الثانية.

(مسألة 1208) إذا نوى الائتمام و كبّر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع، لزمه على الأحوط انتظار الإمام قائما إلى الرّكعة الأخرى، فيجعلها الأولى له، إلا إذا أوجب انتظاره فوات صدق الاقتداء، فيجب عليه الانفراد.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 244

(مسألة 1209) إذا حضر الجماعة و رأى الإمام في التّشهد الأخير و أراد إدراك فضل الجماعة، ينوي و يكبّر ثم يجلس و يتشهّد معه، فإذا سلم الإمام قام و صلى من غير حاجة لإعادة النيّة و التّكبير، فيحصل له بذلك فضل الجماعة و إن لم يصلّ معهم ركعة.

(مسألة 1210) إذا حضر الجماعة و رأى الإمام في السّجدة الأولى أو الثّانية من الرّكعة الأخيرة و أراد إدراك فضل الجماعة، نوى و كبّر بنيّة متابعة الإمام فيما بقي من صلاته رجاء لإدراك الفضيلة، و لا ينو افتتاح الصّلاة، ثمّ يسجد معه السّجدة أو السّجدتين و يتشهّد، ثمّ يقوم بعد تسليم الإمام و يستأنف الصّلاة، و لا يكتف بتلك النيّة و ذلك التّكبير.

شروط الجماعة

(مسألة 1211) يشترط في صلاة الجماعة مضافا إلى ما مرّ أمور، الأوّل: أن لا يكون بين المأموم و الإمام أو بين بعض المأمومين مع البعض

الآخر ممّن يكون واسطة في اتّصاله بالإمام، حائل يمنع المشاهدة.

و إنّما يعتبر ذلك إذا كان المأموم رجلا، أما المرأة فلا بأس بالحائل بينها و بين الإمام أو غيره من المأمومين من الرجال، و أما الحائل بين المرأتين فالأحوط أنه كالحائل بين الرّجلين، و إن كان الإمام رجلا.

(مسألة 1212) الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين علوّا معتدّا به، و لا بأس باليسير غير المعتدّ به، كما لا بأس بعلوّ المأموم على الإمام و لو كثيرا، بشرط صدق الجماعة.

(مسألة 1213) الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام أو عن الصّف المتقدم عليه بما يكون كثيرا في العادة، و الأحوط أن لا يكون بين مسجد المأموم و موقف الإمام، أو بين مسجد اللّاحق و موقف السابق أكثر من مقدار الخطوة المتعارفة، و أحوط منه أن يكون مسجد اللاحق

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 245

وراء موقف السّابق بلا فصل.

(مسألة 1214) الرابع: أن لا يتقدّم المأموم على الإمام في الموقف، و الأحوط تأخّره عنه و لو يسيرا، خصوصا في غير الواحد من الرّجال.

كما أنّ الأحوط مراعاة التّأخر في جميع الأحوال، خصوصا تأخير الرّكبتين حال الجلوس.

(مسألة 1215) ليس من الحائل الظّلمة و الغبار المانعان من المشاهدة، و كذا النّهر و الطّريق إذا لم يكن فيهما بعد ممنوع في الجماعة، بل الظّاهر عدم كون المشبّك أيضا من الحائل، إلا مع ضيق الثّقوب بحيث يصدق عليه السّتر و الجدار. نعم إذا كان الحائل زجاجا، فالأحوط عدم جوازه و لو كان يحكي ما وراءه.

(مسألة 1216) لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع المشاهدة في أحوال الصّلاة، و إن كان مانعا منها حال السجود كمقدار شبر و أكثر.

نعم إذا كان

مانعا حال الجلوس، فلا يترك فيه الاحتياط.

(مسألة 1217) لا تضرّ حيلولة المأمومين المتقدمين و إن لم يدخلوا في الصّلاة، إذا كانوا متهيّئين للدّخول، كما لا يضرّ عدم مشاهدة بعض الصفّ الأوّل أو أكثرهم الإمام، إذا كان ذلك من جهة طول الصفّ، و كذا عدم مشاهدة بعض الصفّ الثاني الصفّ الأوّل لكون الثاني أطول من الأوّل.

(مسألة 1218) إذا وصلت الصّفوف إلى باب المسجد مثلا و وقف صفّ خارج المسجد و وقف واحد منهم حيال الباب و الباقون في جانبيه فالظّاهر صحّة صلاة الجميع.

(مسألة 1219) إذا تجدّد الحائل أو البعد في الأثناء، فالأقوى كونه كالابتداء، فتبطل الجماعة و يصير من منع الحائل اتّصاله بالجماعة منفردا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 246

(مسألة 1220) لا بأس بالحائل غير المستقر كمرور إنسان أو حيوان، إلا أن تتّصل المارّة و إن كانوا متحرّكين غير مستقرّين، لأن حدوث المانع بهم يكون مستقرّا.

(مسألة 1221) إذا انتهت صلاة الصفّ المتقدّم، فلا تصحّ جماعة الصفّ المتأخّر و لو عادوا إلى الجماعة بلا فصل، فاللازم عليهم إتمام الصلاة فرادى.

(مسألة 1222) إذا علم المتأخّرون بطلان صلاة الصفّ المتقدّم، تبطل جماعة المتأخّر من جهة الفصل أو الحيلولة. نعم مع الجهل بحالهم يحمل على الصحّة إذا كان احتمال البطلان مستندا إلى فعلهم، و أما إذا كان لاحتمال عروض مبطل قهريّ فلا بدّ من إحراز عدمه و لو بالأصول المعتبرة غير أصالة الصحّة. كما أنّ المدار في صحّة اقتداء الصفّ المتأخّر صحّة صلاة الصفّ المتقدّم بحسب تقليد المتأخّر.

(مسألة 1223) يجوز لأهل الصفّ المتأخّر الإحرام بالصّلاة قبل إحرام المتقدّم، إذا كانوا واقفين متهيّئين للإحرام.

أحكام الجماعة

(مسألة 1224) الأقوى جواز القراءة للمأموم في الرّكعتين الأوليين من الإخفاتيّة مع الكراهة، و الأحوط ترك القراءة

في الجهريّة إذا سمع صوت الإمام و لو همهمة، أما إذا لم يسمع حتى الهمهمة فيجوز بل يستحبّ له القراءة. و أما في الأخيرتين من الجهرية أو الإخفاتية، فهو كالمنفرد يجب عليه القراءة أو التسبيح مخيّرا بينهما، سواء سمع قراءة الإمام أم لم يسمع.

(مسألة 1225) لا فرق بين كون عدم السّماع للبعد، أو لكثرة الأصوات، أو للصّمم، أو لغير ذلك.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 247

(مسألة 1226) إذا سمع بعض قراءة الإمام دون البعض، فالأحوط ترك القراءة مطلقا.

(مسألة 1227) إذا شكّ في السّماع و عدمه، أو في أنّ المسموع صوت الإمام أو غيره، فالأحوط ترك القراءة.

(مسألة 1228) لا يجب على المأموم الطمأنينة حال قراءة الإمام، و إن كان الأحوط ذلك. و تجب المتابعة في الرّكوع و السّجود و الأفعال، فلا يجوز التّأخر الفاحش.

(مسألة 1229) لا يتحمّل الإمام عن المأموم شيئا غير القراءة في الأوليين إذا ائتمّ به فيهما. و أما الأخيرتين فهو كالمنفرد و لو قرأ الإمام فيهما الحمد و سمع المأموم قراءته.

(مسألة 1230) إذا لم يدرك الأوليين وجب عليه القراءة فيهما، و إن لم يمهله الإمام لإتمامها، اقتصر على الحمد و ترك السّورة و لحق به في الركوع، و إن لم يمهله للحمد أيضا، فالأحوط إتمام الحمد و اللحوق به في السّجدة، و أحوط منه إعادة الصّلاة.

(مسألة 1231) إذا أدرك الإمام في الرّكعة الثانية، تحمّل عنه القراءة فيها و تابع الإمام في القنوت و التّشهد، و الأحوط التّجافي فيه، ثم يقرأ في الثانية، سواء قرأ الإمام فيها الحمد أو التّسبيح.

(مسألة 1232) إذا قرأ المأموم خلف الإمام وجوبا، كما إذا كان مسبوقا بركعة أو ركعتين، أو استحبابا كما في الأوليين إذا لم يسمع صوت الإمام

في الجهريّة، فيجب عليه الإخفات في القراءة و إن كانت الصّلاة جهريّة.

(مسألة 1233) إذا أدرك الإمام في الأخيرتين فدخل في الصّلاة معه قبل ركوعه، وجب عليه القراءة. و إذا لم يمهله ترك السّورة. و إذا علم أنه لو دخل معه لم يمهله لإتمام الفاتحة، فالأحوط عدم الدّخول إلا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 248

بعد ركوعه، فيحرم و يركع معه، و ليس عليه الفاتحة حينئذ.

(مسألة 1234) يجب متابعة المأموم للإمام في الأفعال، بمعنى أن لا يتقدّم فيها عليه و لا يتأخّر عنه تأخّرا فاحشا، و أمّا في الأقوال فالأقوى عدم وجوبها فيها عدا تكبيرة الإحرام. و لا فرق بين المسموع من الأقوال و غيره، و إن كانت أحوط في المسموع خصوصا التّسليم.

(مسألة 1235) إذا ترك المتابعة فيما وجبت فيه عصى و لكن صحّت صلاته، بل جماعته أيضا، إلا إذا ركع عمدا قبل تمام قراءة الإمام فإنه تبطل صلاته، لكن لا بسبب تقدّمه في الركوع بل بسبب تركه القراءة و بدلها. نعم لو تقدّم أو تأخّر فاحشا على وجه ذهبت هيئة الجماعة، بطلت جماعته.

(مسألة 1236) إذا أحرم قبل الإمام سهوا أو بتخيّل أنه قد كبّر، كان منفردا، فإن أراد الجماعة عدل إلى النافلة و أتمّها ركعتين.

(مسألة 1237) إذا رفع رأسه من الرّكوع أو السّجود قبل الإمام سهوا، أو بتخيّل أنّ الإمام رفع رأسه، وجب عليه العودة و المتابعة، و لا يضرّ زيادة الرّكن حينئذ، و إن لم يعد أثم و صحّت صلاته، إلا إذا رفع رأسه قبل الذّكر الواجب نسيانا فإنه لو لم يعد فلا يترك الاحتياط بإعادة الصّلاة بعد إتمامها.

(مسألة 1238) إذا رفع رأسه قبل الإمام عامدا قبل الذّكر الواجب، تبطل صلاته لترك الذّكر عمدا،

و إن رفعه بعد الذّكر الواجب أثم و لم يجز له المتابعة، فإن تابع عمدا بطلت صلاته للزّيادة العمديّة، و كذا لو تابع في هذه الحالة سهوا، إذا كان ركنا كالركوع.

(مسألة 1239) إذا رفع رأسه من الركوع قبل الإمام سهوا ثم عاد إليه للمتابعة فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى حدّ الرّكوع، فلا يبعد بطلان صلاته، و الأحوط إتمامها ثمّ إعادتها.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 249

(مسألة 1240) إذا رفع رأسه من السّجود فرأى الإمام في السّجدة فتخيّل أنها الأولى فعاد إليها بقصد المتابعة فبان كونها الثانية، فلا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة و يحسبها ثانية. و إن تخيّل أنها الثانية فسجد أخرى بقصد الثانية فبان أنها الأولى، فلا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة و يحسبها سجدة متابعة.

(مسألة 1241) إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمدا، لا يجوز له المتابعة و إذا ركع أو سجد سهوا، وجب عليه على الأحوط العود إلى القيام أو الجلوس، ثمّ الرّكوع أو السّجود معه، و الأحوط مع ذلك الإعادة بعد الإتمام.

(مسألة 1242) إذا كان مشتغلا بالنّافلة فأقيمت الجماعة و خاف عدم إدراكها، جاز له قطعها، و إذا كان في الفريضة منفردا، استحبّ له العدول إلى النّافلة و إتمامها ركعتين، إذا لم يتجاوز محلّ العدول، كما إذا دخل في ركوع الركعة الثالثة.

شروط إمام الجماعة

(مسألة 1243) يشترط في إمام الجماعة أمور: الإيمان، و طهارة المولد، و العقل، و البلوغ إذا كان المأموم بالغا، و الذّكورة إذا كان المأموم ذكرا بل مطلقا على الأحوط، و العدالة فلا يجوز الصّلاة خلف الفاسق و لا مجهول الحال.

(مسألة 1244) الظاهر أنّ العدالة نفس (الاجتناب عن الكبائر الناشئ عن حالة نفسانية باعثة على ملازمة التّقوى، مانعة عن ارتكاب الكبائر

التي منها الإصرار على الصّغائر، و مانعة عن منافيات المروّة و هي كلّ ما دلّ ارتكابه على مهانة النّفس و قلّة الحياء و عدم المبالاة بالدّين).

(مسألة 1245) الكبائر كلّ معصية ورد الوعيد عليها بالنّار، أو ورد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 250

النصّ بكونها كبيرة: كالإشراك باللّه، و إنكار ما أنزله (و هما كفر أيضا، فينتفي بهما الشّرط الأوّل و هو الإيمان) و اليأس من روح اللّه تعالى، و الأمن من مكره، و الكذب عليه أو على رسوله أو أوصيائه، و محاربة أوليائه، و قتل النّفس التي حرّمها الله إلا بالحقّ، و عقوق الوالدين، و أكل مال اليتيم ظلما، و قذف المحصنة، و الفرار من الزّحف، و قطيعة الرّحم، و السّحر، و الزّنا، و اللّواط، و السّرقة، و اليمين الغموس، و كتمان الشّهادة، و شهادة الزّور، و نقض العهد، و الحيف في الوصيّة، و شرب الخمر، و أكل الرّبا، و أكل السّحت، و القمار، و أكل الميتة و الدّم و لحم الخنزير و ما أهلّ لغير اللّه به من غير ضرورة، و البخس في المكيال و الميزان، و التّعرّب بعد الهجرة، و معونة الظّالمين و الرّكون إليهم، و حبس الحقوق من غير عذر، و الكذب، و الكبر، و الإسراف و التّبذير، و الخيانة، و الغيبة، و النّميمة، و الاشتغال بالملاهي، و الاستخفاف بالحجّ، و ترك الصّلاة، و منع الزّكاة.

(مسألة 1246) الإصرار على الصّغيرة الذي هو من الكبائر هو المداومة و الملازمة على المعصية من دون تخلّل التّوبة، و لا يبعد أن يكون من الإصرار العزم على العود إلى المعصية بعد ارتكابها و إن لم يعد إليها، خصوصا إذا كان عزمه على العود حال ارتكاب المعصية

الأولى، بل لا يبعد تحقّق الإصرار إن لم يتب و إن لم يعزم على العود بعد ما كانت التّوبة واجبة في كلّ آن فورا ففورا.

(مسألة 1247) الأقوى جواز التّصدي لإمامة الصّلاة لمن يعرف نفسه بعدم العدالة، مع اعتقاد المأمومين عدالته، و إن كان الأحوط التّرك.

(مسألة 1248) تثبت عدالة الإمام بالبيّنة، أو الشّياع الموجب للاطمئنان، بل يكفي الوثوق و الاطمئنان من أيّ وجه حصل، و لو من جهة اقتداء جماعة به من أهل البصيرة و الصّلاح لا من الرّعاع الجهّال.

و الظاهر كفاية حسن الظّاهر و إن لم يورث الظّن فعلا بوجود الملكة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 251

الباعثة على ملازمة التقوى.

(مسألة 1249) الظّاهر عدم جواز الاقتداء بالمعذور، إلا بالمتيمّم و بذي الجبيرة و بالقاعد إن كان المأموم غير قائم.

(مسألة 1250) لا تصحّ إمامة من لا يحسن القراءة لمن يحسنها، كأن لا يؤدّي الحروف من مخارجها أو يبدلها بغيرها، حتى اللّحن في الإعراب، و إن كان لا يستطيع غير ذلك. و كذا الأخرس للنّاطق و إن كان ممّن لا يحسن القراءة.

(مسألة 1251) لا بأس بإمامة من لا يحسن القراءة في التّلاوات التي لا يتحمّلها الإمام عن المأموم بل يجب عليه أن يقرأها هو، و ذلك مثل الركعتين الأخيرتين فيأتمّ من يحسن أذكارها بمن لا يحسنها.

(مسألة 1252) إذا اختلف الإمام و المأموم في مسائل الصّلاة اجتهادا أو تقليدا، صحّ الاقتداء إذا اتّفق العمل، كما إذا رأى أحدهما اجتهادا أو تقليدا وجوب السّورة و الآخر عدمه، فيجوز الاقتداء بمن يقرؤها و إن لم يوجبها، و أمّا إذا لم يتّفق العمل، فالظّاهر عدم جواز الاقتداء بمن تكون صلاته أو قراءته باطلة عند المأموم، سواء كان منشأ البطلان متعلقا بالقراءة

أو بغيرها.

(مسألة 1253) إذا علم تخالفهما في المسائل و شكّ في تخالفهما في العمل، فلا يجوز الاقتداء إلا فيما لا يضرّ مخالفة الإمام بصحّة صلاته و لو بأصالة الصحّة. نعم يجوز الاقتداء إذا لم يعلم اختلافهما في المسائل.

(مسألة 1254) إذا دخل الإمام في الصّلاة معتقدا دخول الوقت و كان المأموم معتقدا عدمه أو شاكّا فيه، لا يجوز له الائتمام. نعم لو علم بدخول الوقت أثناء صلاة الإمام، يجوز له أن يأتمّ به في أثناء صلاته، بعد دخول الوقت و إحراز صحّة صلاة الإمام و لو بأصالة الصحّة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 252

(مسألة 1255) إذا تشاحّ الأئمّة لا لغرض دنيوي يقدح في العدالة، يرجّح من قدّمه المأمومون، و مع الاختلاف يقدّم الفقيه الجامع للشّرائط فإن لم يكن أو تعدّد، يقدّم الأجود قراءة، ثم الأفقه في أحكام الصّلاة، ثم الأسنّ.

(مسألة 1256) الإمام الرّاتب في المسجد أولى بالإمامة من غيره، و لو كان أفضل منه. نعم الأولى له تقديم الأفضل، و كذا صاحب المنزل أولى من غيره المأذون له في الصّلاة، و الأولى له أيضا تقديم الأفضل. و كذا الهاشمي أولى من غيره المساوي له في الصّفات. و الترجيحات المذكورة إنما هي من باب الأفضليّة و الاستحباب لا على وجه اللّزوم و الإيجاب حتى في أولويّة الإمام الرّاتب، فلا يحرم مزاحمة الغير له و إن كان مفضولا من جميع الجهات أيضا، ما لم تستلزم محرّما آخر كهتك عرض المؤمن أو وهن في الدّين. أعاذنا الله من شرور أنفسنا.

(مسألة 1257) يكره إمامة الأجذم، و الأبرص، و الأغلف المعذور في ترك الختان، و المحدود بعد توبته، و من يكره المأمومون إمامته، و المتيمّم للمتطهّر، بل الأولى عدم إمامة كلّ

ناقص للكامل.

(مسألة 1258) إذا علم المأموم بطلان صلاة الإمام من جهة كونه محدثا مثلا أو تاركا لركن و نحوه، لا يجوز له الاقتداء به، و لو اعتقد الإمام صحّتها جهلا أو سهوا.

(مسألة 1259) إذا رأى المأموم في ثوب الإمام نجاسة غير معفوّ عنها فإن علم أنه قد نسيها، لم يجز له الاقتداء به، و إن علم أنه جاهل بها، جاز له الاقتداء به. و إذا لم يدر أنه جاهل أو ناس، فلا يترك الاحتياط.

(مسألة 1260) إذا تبيّن بعد الصّلاة أنّ الإمام فاسق أو محدث مثلا، فلا يبعد صحّة الجماعة و اغتفار ما يغتفر فيها. نعم يشكل الصحّة إذا زاد الإمام أو نقّص ركنا سهوا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 253

كتاب الصوم

نيّة الصوم

(مسألة 1261) يشترط في الصّوم النيّة بأن يقصد أداء فريضته و يمسك عن المفطّرات بقصد القربة. و لا يجب العلم بالمفطّرات تفصيلا، فلو نوى الإمساك عن كلّ مفطر يضرّ بالصّوم، و لم يعلم بمفطريّة بعض الأشياء كالاحتقان أو القي ء مثلا، أو تخيّل عدم مفطريّته و لكن لم يرتكبه، صحّ صومه. و لا يعتبر في النيّة بعد القصد و القربة و الإخلاص سوى تعيين الصّوم الذي أراده و أنه صوم قضاء أو كفّارة أو نذر مطلق، بل حتى النّذر المعيّن على الأقوى. و يكفي في صوم شهر رمضان نيّة صوم غد من غير حاجة إلى تعيينه. بل لو نوى غيره فيه جاهلا به أو ناسيا له صحّ و وقع عن رمضان، بخلاف ما لو كان عالما برمضان و نوى غيره فإنه لا يقع عن واحد منهما.

(مسألة 1262) و يكفي التّعيين الإجمالي، كما إذا كان في ذمّته نوع واحد فقصد ما في ذمّته، فإنه يجزيه.

(مسألة 1263) الأظهر

عدم اعتبار التّعيين في المندوب المطلق، فلو نوى صوم غد متقرّبا إلى اللّه تعالى، صحّ و وقع ندبا، إذا كان الزّمان صالحا و كان الشّخص ممّن يجوز له أن يتطوّع بالصّوم. بل و كذا المندوب المعيّن أيضا إذا كان تعيّنه بالزّمان الخاصّ، كالأيّام البيض و الجمعة و الخميس. نعم يعتبر لإحراز ثواب الخصوصيّة إحراز ذلك اليوم و نيّته.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 254

(مسألة 1264) يعتبر في القضاء عن الغير نيّة النّيابة، و لو لم يكن في ذمّته صوم آخر لنفسه.

(مسألة 1265) لا يقع في شهر رمضان صوم غيره، واجبا كان أو ندبا، سواء كان مكلّفا بصومه أم لا كالمسافر و نحوه.

(مسألة 1266) محلّ النيّة في الواجب المعيّن سواء في رمضان أو غيره، للمتذكّر الملتفت: عند طلوع الفجر الصّادق، أو قبله في أيّ جزء من ليلة اليوم الذي يريد صومه، و لا يضرّه إن نام أو تناول المفطّر بعد النيّة مع استمرارها إلى طلوع الفجر. أما مع النّسيان أو الغفلة أو الجهل بكونه رمضان، فيمتدّ وقتها إلى الزّوال إذا تذكّر قبله و لم يكن تناول مفطّرا. و لا يجوز له التّأخير بعد التّذكّر.

(مسألة 1267) إذا فاتته النيّة لمرض أو سفر فزال عذره قبل الزّوال و لم يتناول مفطّرا، نوى على الأحوط قبل الزّوال و صام، و إن كان الأقوى عدم وجوب الصّوم عليه، و وجوب القضاء عليه و إن صام. أما إذا زالت الشّمس فقد فات وقت النيّة، لكن لا يترك الاحتياط بالإتمام و القضاء.

(مسألة 1268) إذا حضر قبل الزّوال، و لم يكن تناول مفطّرا، يمتدّ وقت نيّته إلى الزّوال و يصحّ صومه. و لو حضر كذلك بعد الزّوال، فالأحوط الإتمام و القضاء.

(مسألة 1269) يمتدّ

محلّ النيّة اختيارا في غير المعيّن إلى الزّوال دون ما بعده، فلو أصبح ناويا للإفطار و لم يكن تناول مفطّرا فبدا له قبل الزّوال أن يصوم قضاء من شهر رمضان أو كفارة أو نذرا مطلقا، جاز و صحّ، دون ما بعده على الأحوط.

(مسألة 1270) محلّ النيّة في المندوب يمتدّ إلى أن يبقى من الغروب زمان يمكن عقدها فيه.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 255

(مسألة 1271) يوم الشكّ في أنه من شعبان أو رمضان، يبني على أنه من شعبان، فلا يجب صومه، و لو صامه بنيّة أنه من شعبان ندبا أجزأه عن رمضان لو انكشف أنه منه. و كذا لو صامه بنيّة قضاء رمضان، أو أنه نذر، أجزأه لو صادف أنه منه. و لو صامه بنيّة أنه من رمضان لم يقع عن أحدهما. و إذا صامه على نحو التّرديد في النيّة و أنه إن كان من رمضان فهو واجب و إلا فهو مستحب، لم يصحّ. نعم إذا كان بنحو التّرديد في المنويّ بأن يصومه بنيّة القربة المطلقة بقصد ما في الذّمّة، و كان في ذهنه أنه إما من رمضان أو غيره، فالأقوى الصحّة.

(مسألة 1272) إذا كان في يوم الشكّ بانيا على الإفطار ثمّ ظهر أثناء النّهار أنه من شهر رمضان، فإن كان قبل الزّوال و لم يتناول شيئا، ينوي الصّوم و يجزيه، و إن ظهر أنه منه بعد الزّوال، فالأحوط النيّة و الإتمام رجاء، ثمّ القضاء.

(مسألة 1273) إذا صام يوم الشكّ بنيّة أنه من شعبان ثمّ تناول المفطّر نسيانا و تبيّن بعد ذلك أنه من رمضان، أجزأ عنه. نعم لو أفسد صومه برياء و نحوه، لم يجزه من رمضان حتى لو تبيّن أنه منه قبل الزّوال

و جدّد النيّة.

(مسألة 1274) كما يجب النيّة في ابتداء الصّوم يجب استمرارها في أثنائه، فلو نوى القطع في الواجب المعيّن أو نوى ارتكاب ما يفسد الصّوم، بطل على الأقوى حتى لو عاد إلى نيّة الصّوم قبل الزّوال. نعم لو كان ذلك لتخيّل اختلال في صومه ثمّ بان عدمه، لم يبطل على الأقوى.

و كذا ينافي الاستمرار المذكور التّردّد في النيّة أثناء الصوم، نعم لو كان تردّده في البطلان و عدمه لعروض عارض لم يدر أنه مبطل لصومه أم لا و لم يتردّد في رفع اليد عن الصّوم فعلا من جهة الشكّ في البطلان، لم يكن فيه بأس و إن استمرّ ذلك إلى أن يسأل عنه. و أمّا غير الواجب المعيّن فلو نوى القطع ثمّ رجع قبل الزّوال، صحّ صومه.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 256

ما يجب الإمساك عنه

اشارة

(مسألة 1275) يجب على الصّائم الإمساك عن أمور

الأول و الثاني: الأكل و الشّرب المعتاد كالخبز و الماء،

و غيره كالحصاة و عصارة الأشجار، و لو كان فلئلا جدّا كعشر حبّة الحنطة أو عشر قطرة من الماء.

(مسألة 1276) المدار صدق الأكل و الشّرب و لو كان على النّحو غير المتعارف، فإذا أوصل الماء إلى الجوف من طريق أنفه، فالظّاهر صدق الشّرب عليه.

(مسألة 1277) الثالث: الجماع بحلاله و حرامه،

للأنثى و الذّكر قبلا أو دبرا، حيّا أو ميّتا، صغيرا أو كبيرا، واطئا كان الصّائم أو موطوءا، و كذا إذا كان بوطأ حيوان، فإنّ تعمّده مبطل لصومه و إن لم ينزل. نعم لا بطلان مع النّسيان أو القهر إذا كان بسلب الاختيار كليّا، أمّا إذا كان بالإلزام و الإخافة و الإكراه مع بقاء الاختيار، فإنه مبطل و إن كان معذورا.

(مسألة 1278) إذا جامع نسيانا أو جبرا فتذكّر و ارتفع الجبر في الأثناء وجب الإخراج فورا، فإن تراخى بطل صومه.

(مسألة 1279) إذا قصد التّفخيذ مثلا فدخل بلا قصد، لم يبطل، و لو قصد الإدخال فلم يتحقّق، كان مبطلا من جهة نيّة المفطّر.

(مسألة 1280) يتحقّق الجماع بغيبوبة الحشفة، و في مقطوعها لا يبعد البطلان بصدق الجماع.

(مسألة 1281) الرابع: إنزال المني

باستمناء أو ملامسة أو تقبيل أو تفخيذ أو نحو ذلك من الأفعال التي يقصد بها حصوله، فإنه مبطل للصّوم بجميع أفراده، بل و كذا إذا لم يقصد حصوله و لم يكن من عادته، إذا كان سبق المني غير مأمون. نعم لو سبقه المني من دون فعل شي ء يقتضيه لم يكن عليه شي ء، فإنّه حينئذ كالمحتلم في نهار الصّوم و الناسي.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 257

(مسألة 1282) لا بأس بالاستبراء قبل الغسل، بالبول أو الخرطات لمن احتلم في النّهار، و لو علم بخروج بقايا المني في المجرى. و أما بعد الغسل فالأقوى عدم جوازه مع العلم بذلك، إلا مع الإضرار أو الحرج.

و الأحوط تقديم الاستبراء إذا علم أنه لو تركه خرجت البقايا بعد الغسل.

كما أنه لا يجب عليه التّحفظ من خروج المني بعد الإنزال إن استيقظ قبل الخروج، خصوصا مع الحرج أو الإضرار.

(مسألة 1283) الخامس: تعمّد البقاء على الجنابة إلى الفجر الصّادق

في شهر رمضان و قضائه عن عمد، دون غيرهما من الصّيام الواجب و المندوب على الأقوى، و إن كان الأحوط تركه في غيرهما أيضا، خصوصا في الواجب موسّعا كان أو مضيّقا. و أمّا الإصباح جنبا من غير تعمّد، فلا يوجب البطلان إلا في قضاء شهر رمضان على الأقوى.

(مسألة 1284) الأقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة ليلا قبل الفجر حتى يمضي عليه يوم أو أيام، و الأحوط إلحاق نسيان غسل الحيض و النّفاس به أيضا.

(مسألة 1285) من فعل سبب الجنابة في وقت لا يسع الغسل و لا التيمّم، فهو كمتعمّد البقاء عليها. و لو وسعه التّيمّم خاصّة، عصى و صحّ الصّوم المعيّن، و الأحوط القضاء.

(مسألة 1286) إذا ظنّ السّعة و راعى الوقت و أجنب فبان الخلاف، لم يكن عليه شي ء، أمّا

مع عدم المراعاة، فعليه القضاء على الأحوط مع إتمام الصّوم.

(مسألة 1287) كما يبطل الصّوم بالبقاء على الجنابة متعمّدا، كذا يبطل بالبقاء على حدث الحيض و النّفاس إلى طلوع الفجر. فإذا طهرت من أحدهما قبل الفجر، وجب عليها الاغتسال أو التّيمّم، فلو تركته عمدا بطل صومها.

(مسألة 1288) يشترط على الأقوى في صحّة صوم المستحاضة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 258

الأغسال النّهاريّة للصّلاة دون غيرها، فلو استحاضت قبل الإتيان بصلاة الصّبح أو الظّهرين بما يوجب الغسل كالمتوسّطة و الكثيرة فتركت الغسل بطل صومها، بخلاف ما لو استحاضت بعد الإتيان بصلاة الظّهرين فتركت الغسل إلى الغروب، فإنه لا يبطل صومها. و الأقوى اعتبار غسل اللّيلة الماضية في صحّة صومها أيضا، بمعنى أنها لو تركت الغسل للعشائين حتى أصبحت، بطل صومها. نعم لو اغتسلت قبل الفجر لأجل أيّ علّة، صحّ صومها.

(مسألة 1289) فاقد الطّهورين يسقط عنه شرط رفع الحدث لصحّة صومه، فيصحّ منه مع البقاء على الجنابة أو مع حدث الحيض أو النّفاس. نعم الظّاهر البطلان فيما يفسده البقاء على الجنابة مطلقا و لو عن غير عمد كقضاء شهر رمضان.

(مسألة 1290) لا يشترط في صحّة الصّوم الغسل من مسّ الميّت، كما لا يضرّ مسّه أثناء النّهار.

(مسألة 1291) من لم يتمكّن من الغسل لفقد الماء أو لغيره من أسباب التيمّم و لو لضيق الوقت، وجب عليه التيمّم للصّوم، فإن تركه حتى أصبح، كان كتارك الغسل، و الأقوى عدم وجوب بقائه متيمّما مستيقظا حتى يصبح.

(مسألة 1292) إذا استيقظ بعد الفجر محتلما، فإن علم أنّ جنابته كانت ليلا، صحّ صومه إن كان مضيّقا، أمّا إذا كان المضيّق قضاء شهر رمضان، فالأحوط إتمامه و الإتيان به ثانيا. و إن كان موسّعا بطل

إن كان قضاء شهر رمضان، و صحّ إن كان غيره أو مندوبا، إلا أنّ الأحوط إلحاقهما به.

(مسألة 1293) إن لم يعلم وقت حدوث الجنابة أو علم أنها في النّهار، فهو كمن احتلم أو سبق منيّه في النّهار بغير اختيار، لا يبطل صومه. من غير فرق بين الموسّع و غيره و المندوب، و لا يجب عليه البدار إلى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 259

الغسل، كما لا يجب على كلّ من أجنب في النّهار بدون اختيار، و إن كان هو الأحوط.

(مسألة 1294) من كان جنبا في ليل رمضان لا يجوز له النّوم قبل الاغتسال إذا علم أنه لا يستيقظ قبل الفجر، فلو نام و استمرّ نومه إلى الفجر كان بحكم متعمّد البقاء على الجنابة، و عليه القضاء و الكفّارة.

و كذا يجبان على الأحوط حتى في النّوم الأوّل إذا لم يطمئنّ بأنه يستيقظ أو لم يكن من عادته ذلك، و إن احتمله. و أما إذا احتمل الاستيقاظ مع اعتياده أو الاطمئنان به، فيجوز له النّوم بعد الانتباه الأول أو الثاني بل أكثر، و لا يكون نومه حراما.

(مسألة 1295) إذا نام الجنب في ليل رمضان حيث يجوز له النّوم و كان بانيا على الغسل و لم يستيقظ حتى طلع الفجر، فلا شي ء عليه. أما لو استيقظ ثمّ نام ثانيا فطلع عليه الفجر، بطل صومه، فيجب عليه القضاء و الإمساك تأدّبا دون الكفّارة. و كذا إذا عاد إلى النّوم ثالثا على الأقوى و إن كان الأحوط استحبابا الكفّارة إيضا. أما إذا نام بانيا على عدم الغسل أو كان متردّدا فحكمه حكم الباقي على الجنابة عمدا، و عليه القضاء و الكفّارة. و أما إن نام غافلا عن الغسل و لم

يكن بانيا عليه أو على تركه، فالأقوى إلحاقه بالباني على الغسل، بشرط اعتياد الاستيقاظ أو الاطمئنان به.

(مسألة 1296) السّادس: تعمّد الكذب على اللّه و رسوله و الأئمّة عليهم السّلام،

و كذا باقي الأنبياء و الأوصياء على الأحوط، من غير فرق بين كونه في الدّنيا أو الدّين، و بالقول أو بالكتابة أو الإشارة أو الكناية، و نحوها ممّا يصدق عليه الكذب عليهم، فلو سأله سائل: هل قال النّبي صلى اللّه عليه و آله كذا؟ فأشار نعم أو لا كاذبا، بطل صومه. و كذا لو أخبر صادقا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثمّ قال: ما أخبرت به عنه فهو كذب، أو أخبر كاذبا في اللّيل ثمّ قال في النّهار: إنّ ما أخبرت به

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 260

في اللّيل صدق، فسد صومه على الأحوط فيهما. نعم لا يبطل صومه إذا لم يكن جادّا في الإخبار كأن كان هازلا و لاغيا.

(مسألة 1297) إذا قصد الصّدق فبان كذبا لم يضر. و كذا إذا قصد الكذب فبان صدقا. نعم مع العلم بمفطّريّته يدخل في نيّة فعل المفطّر.

(مسألة 1298) لا فرق بين أن يكون الكذب مجعولا منه أو من غيره، كما إذا كان مذكورا في بعض كتب التّواريخ أو الأخبار إذا نقله على وجه الإخبار. نعم لا بأس بنقله إذا كان على وجه الحكاية و النّقل عن الشّخص الفلاني أو كتابه.

(مسألة 1299) السّابع: رمس الرّأس في الماء على الأحوط

و لو بقي البدن خارجه، و الأحوط إلحاق المضاف بالمطلق، و لا بأس بالصبّ على الرّأس و الإفاضة و نحوها ممّا لا يسمّى رمسا و إن كثر الماء، بل لا بأس برمس بعض الرّأس و إن كان القسم الّذي فيه المنافذ، و لا برمسة كلّه على التعاقب بأن يرمس نصفه مثلا ثمّ يخرجه ثم يرمس نصفه الآخر.

(مسألة 1300) إذا ألقى نفسه في الماء بتخيّل عدم الرّمس و كان عدم انغماس الرّأس بالماء مأمونا، فحصل الرّمس،

لم يبطل صومه.

(مسألة 1301) إذا ارتمس الصائم مغتسلا، فإن كان صومه تطوّعا أو واجبا موسّعا، بطل صومه و صحّ غسله. و إن كان واجبا معيّنا، فإن قصد الغسل بأوّل مسمّى الارتماس، بطل صومه و غسله معا. و إن نواه بالمكث أو الخروج، صحّ غسله دون صومه في غير شهر رمضان، و أمّا فيه فيبطلان معا على الأحوط. نعم لا يبعد صحّة غسله إذا نوى الغسل بالمكث بالماء أو الخروج.

(مسألة 1302) الثامن: إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق،

بل و غير الغليظ أيضا على الأحوط، سواء كان بإثارته بنفسه بكنس و نحوه، أو بإثارة غيره، أو بإثارة الهواء مع السّماح بوصوله لعدم التحفّظ. بل الأقوى البطلان فيما يعسر التحرّز عنه. نعم مع كون التحفّظ حرجيّا لا كفّارة عليه.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 261

(مسألة 1303) لا بأس بوصول الغبار نسيانا أو غفلة أو قهرا أو لتخيّل عدم الوصول، إلا إذا خرج بهيئة الطّين إلى فضاء الفم، ثمّ ابتلعه.

(مسألة 1304) يلحق بالغبار البخار و دخان التنباك و نحوهما، على الأحوط.

(مسألة 1305) التّاسع: الحقنة بالمائع

و لو لمرض و نحوه، نعم لا بأس بالجامد، مع أن الأحوط اجتنابه، كما لا بأس بوصول الدّواء إلى جوفه من جرحه.

(مسألة 1306) العاشر: تعمّد القي ء و إن كان للضّرورة، دون ما كان منه بغير عمد، و المدار على صدق مسمّاه.

(مسألة 1307) إذا أكل في الليل ما يعلم أنه يوجب القي ء نهارا بدون اختيار، فالأحوط القضاء.

(مسألة 1308) إذا خرج بالتجشّؤ شي ء إلى فضاء الفم ثمّ نزل من غير اختيار، لم يبطل صومه إذا كان التجشّؤ بغير اختياره، أو كان عدم نزوله إلى الجوف مأمونا مع تجشّؤه. أمّا إذا بلعه اختيارا، فإنه يبطل صومه و عليه القضاء و الكفّارة.

(مسألة 1309) لا يجوز له التجشّؤ اختيارا إذا علم بأنه يخرج معه شي ء يصدق عليه القي ء، أو يعود إلى جوفه بعد الخروج بلا اختيار.

(مسألة 1310) لا يفسد الصّوم بابتلاع اللّعاب المجتمع في الفم و إن كان حدوثه بتخيّل ما يسبّبه، و لا بابتلاع النّخامة التي لم تصل إلى فضاء الفم، من غير فرق بين النّازلة من الرّأس و الخارجة من الصّدر على الأقوى و أمّا الواصلة إلى فضاء الفم، فلا يترك الاحتياط بترك ابتلاعها. نعم لو خرجت

من الفم ثمّ ابتلعها بطل صومه قطعا، و كذا اللّعاب. بل لو كانت في فمه حصاة فأخرجها و عليها بلّة من الرّيق، ثمّ أعادها و ابتلع الرّيق، أفطر، و كذا لو بلّ الخيّاط الخيط بريقه ثمّ ردّه إلى فمه و ابتلع ما عليه من

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 262

الرّطوبة بطل صومه، أو استاك و أخرج المسواك المبلّل بالرّيق ثمّ ردّه و ابتلع ما عليه من الرّطوبة. و الأحوط مع العلم باشتماله على الرّطوبة الاجتناب و لو مع الاستهلاك.

(مسألة 1311) لا يفسد الصّوم ذوق المرق و مضغ الطعام و ما تخلّف من ماء المضمضة. و لا يفسده العلك على الأصح و إن وجد منه طعما في ريقه ما لم يكن ذلك بتفتّت أجزائه.

(مسألة 1312) كلّ ما يفسد الصّوم ما عدا البقاء على الجنابة، إنما يفسده إذا وقع عن عمد، أما عن نسيان أو عدم قصد فإنه لا يفسد الصّوم بأقسامه، بخلاف العمد فإنه يفسده بأقسامه، من غير فرق بين العالم بالحكم و الجاهل به المقصّر في التّعلّم. أما بطلان صوم الجاهل القاصر، فهو مشكل و إن كان أحوط.

(مسألة 1313) من العمد من أكل ناسيا فظنّ فساد صومه، فأفطر عامدا.

(مسألة 1314) المكره المصبوب في حلقه مثلا لا يبطل صومه، بخلاف المكره على تناول المفطر بنفسه، فإنه يبطل صومه. نعم لو كان ذلك لتقيّة و كان ما ارتكبه تقيّة غير مفطر بحسب فتواهم، فالظّاهر صحّة الصّوم معه، و إن كان الأحوط الإتمام ثمّ القضاء.

ما يكره للصائم

(مسألة 1315) يكره للصّائم أمور: منها: مباشرة النّساء تقبيلا و لمسا و ملاعبة لمن تتحرّك شهوته و لم يقصد الإنزال بذلك و كان سبق المني مأمونا، و إلا حرم في الصّوم المعيّن،

بل الأولى ترك ذلك حتى لمن لم تتحرّك شهوته بذلك مع احتماله. و منها: الاكتحال، خصوصا إذا كان بالذّرّ أو شبهه، أو كان فيه مسك، أو يصل إلى الحلق، أو يخاف وصوله

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 263

أو يجد طعمه في الحلق. و منها: إخراج الدّم المضعف بحجامة أو غيرها بل كلّ ما يورث الضّعف أو هيجان المرّة (التهيّج العصبي) من غير فرق بين شهر رمضان و غيره و إن اشتدّت الكراهة فيه، بل يحرم ذلك فيه و كذا في قضائه بعد الزّوال. بل في مطلق الصّوم المعيّن إذا علم حصول الغثيان المبطل للصّوم، و لم تكن ضرورة تدعو إليه. و منها: دخول الحمّام إذا خشي منه الضّعف. و منها: السّعوط، خصوصا مع العلم بوصوله إلى الدّماغ أو الجوف، بل يفسد الصّوم مع التعدّي إلى الحلق. و منها: شمّ الرّياحين خصوصا النّرجس، و المراد بها كلّ نبت طيّب الرائحة. نعم لا بأس بالطّيب فإنه تحفة الصّائم، لكنّ الاولى ترك المسك منه، بل يكره التّطيّب به للصّائم، كما أنّ الأولى ترك شم الرائحة الغليظة حتى تصل إلى الحلق.

(مسألة 1316) لا بأس باستنقاع الرّجل في الماء، و يكره للمرأة و الأحوط تركه، و يكره لهما بلّ الثّوب و وضعه على الجسد.

(مسألة 1317) لا بأس بمضغ الطّعام للصّبيّ و زقّ الطائر، و ذوق المرق و غيرها، ممّا لا يتعدّى إلى الحلق، أو يتعدّى من غير قصد أو مع قصد لكن عن نسيان. و لا فرق بين أن يكون أصل الوضع في الفم لغرض صحيح، أو لا.

(مسألة 1318) لا بأس بالسّواك باليابس، بل هو مستحب، و لم تثبت كراهة السّواك، بالرّطب. و يكره قلع الضّرس، بل مطلق ما

فيه إدماء.

ما يترتب على الإفطار

(مسألة 1319) الإتيان بالمفطّرات المذكورة كما يوجب القضاء يوجب الكفّارة حتى الارتماس إذا قلنا إنه من المفطّرات، لكن تقدّم أنه محلّ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 264

احتياط. هذا إذا كان فعل المفطر عن عمد و اختيار من غير إكراه و لا إجبار، إلا في القي ء على الأصحّ. و لا فرق بين العالم و الجاهل إذا كان مقصّرا، أما إذا كان قاصرا غير ملتفت إلى السّؤال، فالظّاهر عدم وجوب الكفّارة عليه و إن كان أحوط.

(مسألة 1320) كفّارة إفطار صوم شهر رمضان أحد أمور ثلاثة: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا. و إن كان الأحوط التّرتيب مع الإمكان، و يجب الجمع بين الخصال إذا أفطر على محرّم كأكل المغصوب و شرب الخمر و الجماع المحرّم، و نحو ذلك.

(مسألة 1321) الأقوى عدم تكرّر الكفّارة بتكرّر الموجب في يوم واحد و إن اختلف جنس الموجب، ما عدا الجماع، فالأحوط تكرّرها بتكرّره.

(مسألة 1322) تجب الكفّارة في إفطار صوم شهر رمضان و قضائه بعد الزّوال، و في النّذر المعين، و لا تجب فيما عدا ذلك من أقسام الصّوم، واجبا كان أو مندوبا، أفطر قبل الزّوال أو بعده. أما كفارة صوم الاعتكاف إذا وجب فالظّاهر اختصاصها بالجماع، و أنها لأجل نفس الاعتكاف لا لأجل الصّوم، و لذا لا فرق بين وقوعه في اللّيل أو في النّهار. نعم لو كان الاعتكاف في نهار شهر رمضان تجب الكفّارتان، و كذا الصّوم الواجب غير رمضان إذا اتّفق فيه الاعتكاف، ففيه كفّارته زائدا على كفارة الاعتكاف.

(مسألة 1323) إذا أفطر متعمّدا ثمّ سافر، لم تسقط عنه الكفّارة، سواء سافر بعد الزّوال أو سافر قبله للفرار من الكفّارة على الأقوى. أما

لو بدا له السّفر لا بقصد الفرار، فالأحوط فيه الكفّارة أيضا.

(مسألة 1324) لا تسقط الكفّارة أيضا لو سافر و أفطر قبل الوصول إلى حدّ التّرخّص، بل لا يترك الاحتياط بعدم سقوطها لو أفطر متعمّدا، ثمّ عرض له عارض قهري من مرض أو عرض لها حيض أو نفاس، و غير ذلك.

(مسألة 1325) إذا أفطر يوم الشكّ في آخر الشّهر ثمّ تبيّن أنه من شوّال

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 265

فالأقوى سقوط الكفّارة كالقضاء.

(مسألة 1326) إذا جامع زوجته في شهر رمضان و هما صائمان و طاوعته، فعلى كلّ منهما كفّارته و تعزيره و هو خمسة و عشرون سوطا.

و إذا أكرهها يتحمّل عنها كفّارتها و تعزيرها. و إن أكرهها في الابتداء ثم طاوعته في الأثناء فلا يترك الاحتياط بتحمّله كفّارتين و تحمّلها كفّارة.

و لا فرق في الزّوجة بين الدائمة و المنقطعة. و إذا أكرهت الزّوجة زوجها لا تتحمّل عنه شيئا.

(مسألة 1327) إذا كان مفطرا لأنه مسافر أو مريض مثلا، و كانت زوجته صائمة، لا يجوز إكراهها على الجماع، و إن فعل لا يتحمّل عنها الكفّارة و لا التّعزير.

(مسألة 1328) تصرف كفّارة الإطعام على الفقراء، إمّا بإشباعهم، و إمّا بالتّسليم إليهم لكلّ واحد مد، و الأحوط في الإعطاء الاقتصار على الحنطة و الدّقيق و الخبز و التّمر، نعم في الإشباع يكفي طبيخ الأرز و نحوه. و الأحوط مدّان.

(مسألة 1329) لا يكفي في كفارة واحدة إشباع شخص واحد مرّتين، أو مرّات، أو إعطائه مدّين أو أمدادا مع التّمكّن من ستين، بل لا بدّ من ستين نفسا. نعم إذا كان للفقير عيالات متعدّدة يجوز إعطاؤه بعدد الجميع لكلّ واحد مدّا، ليعطيهم أو يطعمهم، و لو كانوا أطفالا صغارا.

(مسألة 1330) المدّ

ربع الصّاع، و هو ستمائة مثقال و أربعة عشر مثقالا و ربع، مثقال، فالمدّ مائة و خمسون مثقالا و ثلاثة مثاقيل و نصف مثقال و ربع ربع مثقال، و هو يعادل سبع مائة و خمسون غراما، كما أخبر به أهل الخبرة.

(مسألة 1331) يجوز التّبرع بالكفّارة عن الميّت صوما كانت أو غيره، و في جواز التبرّع بها عن الحيّ إشكال، و الأحوط العدم خصوصا في الصّوم.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 266

(مسألة 1332) يكفي في حصول التّتابع في الشّهرين صوم الشّهر الأوّل و يوم من الشّهر الثاني، و يجوز له التّفريق في البقيّة و لو اختيارا لغير لعذر، و أما الشّهر الأول مع اليوم الأول من الشّهر الثاني فإذا أفطر أثناءها لا لعذر، يجب استئنافها، و إذا أفطر لعذر من الأعذار كالمرض و الحيض و النّفاس و السّفر الاضطراري، لم يجب استئنافها، بل يبني على ما مضى. و من العذر ما إذا نسي النيّة حتى فات وقتها، و تذكّر بعد الزّوال مثلا.

(مسألة 1333) من عجز عن الخصال الثّلاث في كفّارة شهر رمضان تخيّر بين أن يصوم ثمانية عشر يوما أو يتصدّق بما يطيق، و الثاني أحوط، و لو عجز أتى بالممكن من الصّدقة. و مع العجز عنها فالأحوط الجمع بين الممكن من الصّوم و الاستغفار، و مع العجز يكفي الاستغفار. و إن تمكّن بعد ذلك منها، أتى بها.

(مسألة 1334) يجب القضاء دون الكفّارة في موارد: الأول: إذا نام الجنب في اللّيل ثانيا بعد انتباهه من النّوم، و استمرّ نومه إلى أن طلع الفجر، بل الأقوى ذلك في النّوم الثّالث الواقع بعد انتباهتين، و إن كان الأحوط وجوب الكفّارة أيضا. و لا يعدّ النّوم الّذي احتلم فيه

نومة أولى حتى يكون النّوم بعده ثانية.

(مسألة 1335) الثّاني: إذا أبطل صومه بمجرّد عدم النيّة، أو بالرّياء، أو بنيّة القطع، أو بنيّة فعل القاطع مع عدم فعل شي ء من المفطّرات.

(مسألة 1336) الثّالث: إذا نسي غسل الجنابة و مضى عليه يوم أو أيّام.

(مسألة 1337) الرّابع: إذا أتى بالمفطر قبل مراعاة الفجر ثمّ ظهر سبق طلوعه، سواء كان قادرا على المراعاة أو عاجزا عنها، و كذا على الأحوط مع المراعاة و الشكّ أو الظنّ ببقاء اللّيل، ثمّ ظهر سبق طلوعه.

نعم لو راعى و تيقّن البقاء فأكل ثمّ تبيّن خلافه، صحّ صومه. هذا في صوم شهر رمضان، أمّا غيره من أقسام الصّوم فالظّاهر بطلانه بوقوع الأكل بعد طلوع الفجر مطلقا حتى إذا راعى و تيقّن بقاء اللّيل، ما عدا الواجب

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 267

المعيّن، فالأحوط فيه الإتمام ثمّ القضاء إن كان ممّا يجب فيه القضاء.

(مسألة 1338) الخامس: الأكل تعويلا على من أخبر ببقاء اللّيل و كان الفجر طالعا.

(مسألة 1339) السّادس: إذا أكل بعد إخبار مخبر بطلوع الفجر لتخيّله أنه يسخر.

(مسألة 1340) يجوز لمن لم يتيقّن بطلوع الفجر تناول المفطّر من دون فحص، فلو أكل أو شرب و لم يتبيّن الطّلوع و لا عدمه، لم يكن عليه شي ء.

(مسألة 1341) لا يجوز الإفطار لمن لم يتيقّن بدخول اللّيل، فلو أفطر و الحال هذه يجب عليه القضاء و الكفّارة، حتى لو لم يتيقّن ببقاء النّهار.

(مسألة 1342) السّابع: إذا أفطر تقليدا لمن أخبر بدخول اللّيل ثمّ انكشف عدم دخوله. هذا إذا كان المخبر ممّن يجوز التّعويل على إخباره، كما إذا أخبره عدلان بل عدل واحد، و إلا فالأقوى وجوب الكفّارة أيضا.

(مسألة 1343) الثّامن: الإفطار بسبب ظلمة قطع معها بدخول

اللّيل و لم يكن في السّماء علّة، ثمّ انكشف أنه لم يدخل، أمّا إذا كان في السّماء غيم و ظنّ دخول اللّيل فلا قضاء عليه، أمّا العلّة غير الغيم مثل الغبار و الدّخان فالأحوط معها القضاء.

(مسألة 1344) التّاسع: إذا وضع الماء في فمه للتّبرّد بالمضمضة أو غيرها فسبقه و دخل حلقه، و كذا لو أدخله عبثا، أما لو نسي فابتلعه فلا قضاء عليه. و أما إذا تمضمض للوضوء، فالأقوى عدم وجوب القضاء إذا كان الوضوء أو الغسل لمطلق الطّهارة لأيّ غاية من الغايات كانت، و إن كان الاحتياط بالاقتصار على وضوء الفريضة حسنا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 268

شرائط صحة الصوم و وجوبه

(مسألة 1345) يشترط في صحّة الصّوم أمور: الإسلام و الايمان، و البلوغ، و الحضر، و عدم المرض، و العقل، و الخلوّ من الحيض و النّفاس، كما يأتي تفصيلها.

(مسألة 1346) لا يصحّ الصّوم من غير المسلم و المؤمن، و لو في جزء من النّهار.

(مسألة 1347) لا يصحّ الصّوم من المجنون، و إذا أفاق الأدواري قبل الزّوال و لم يأت بالمفطر، فالأحوط عليه الإتمام، و إن لم يتمّ فالقضاء.

(مسألة 1348) لا يصحّ الصّوم من السّكران، و إذا أفاق، فالأحوط أن ينوي أو يجدّد النيّة و يتم، ثم يقضي.

(مسألة 1349) إذا سبقت نيّة الصّوم للمغمى عليه و أفاق قبل الزّوال، فالأحوط تجديد النيّة.

(مسألة 1350) يصحّ الصّوم من النّائم إذا سبقت منه النيّة في اللّيل، و إن استوعب تمام النّهار.

(مسألة 1351) لا يصحّ الصّوم من الحائض و النّفساء و إن فاجأهما الدّم قبل الغروب بلحظة، أو انقطع عنهما بعد الفجر بلحظة.

(مسألة 1352) من شرائط صحّة الصّوم كما مرّ عدم المرض أو الرّمد الذي يضرّه الصّوم لأنه يوجب شدّته، أو طول

برئه، أو شدّة ألمه، سواء حصل اليقين بذلك أو الظّن أو الاحتمال العقلائي الموجب للخوف، و يلحق به الخوف العقلائي من حدوث المرض و الضرر بسببه، فإنه لا يصحّ معه الصّوم، و يجوز بل يجب عليه الإفطار.

(مسألة 1353) لا يكفي الضّعف و إن كان مفرطا، نعم لو كان ممّا لا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 269

يتحمّل عادة جاز الإفطار.

(مسألة 1354) إذا صام بتخيّل عدم الضرر، فبان الخلاف بعد الصّوم، فلا يترك الاحتياط بالقضاء.

(مسألة 1355) المسافر سفرا يوجب قصر الصّلاة، لا يصحّ منه الصّوم حتى المندوب على الأقوى. نعم استثني في الصّوم الواجب ثلاثة مواضع: صوم ثلاثة أيّام بدل الهدي، و صوم بدل البدنة ممّن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا، و صوم النّذر المشروط في خصوص السّفر أو المصرّح بأن يصومه سفرا و حضرا، دون النّذر المطلق.

(مسألة 1356) يشترط في صحّة الصّوم المندوب مضافا إلى ما مرّ، أن لا يكون عليه صوم واجب من قضاء، و كذا صوم كفّارة أو غيرها على الأقوى.

(مسألة 1357) ما هو شرط للصحّة، شرط للوجوب أيضا، غير الإسلام و الايمان.

(مسألة 1358) لا يجب الصّوم على الصّبي إلا إذا بلغ قبل الفجر، أو نوى الصّوم تطوّعا و بلغ أثناء النّهار. و إذا بلغ قبل الزّوال و لم يتناول شيئا، فالأحوط وجوب الصّوم عليه و تجديد النيّة.

(مسألة 1359) إذا كان حاضرا فسافر، فإن كان قبل الزّوال وجب عليه الإفطار. و الظّاهر أن معنى وجوبه على المسافر أن لا ينوي الصّوم، سواء أتى بالمفطّر أم لا. و إن كان بعد الزّوال وجب عليه البقاء على صومه. و إذا نوى السفر من اللّيل، فالأحوط استحبابا له القضاء.

(مسألة 1360) إذا كان مسافرا و حضر

إلى بلده أو إلى بلد عزم على الإقامة فيه عشرة أيام، فإن كان قبل الزّوال و لم يتناول المفطر، وجب عليه الصّوم، و إن كان بعده أو قبله و لكن تناول المفطر، لم يجب عليه.

(مسألة 1361) إذا صام المسافر الجاهل بالحكم صحّ صومه، لأنّ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 270

القصر كالإفطار و الصّيام كالتّمام إلا في سفر الصّيد للتّجارة، فمن كان يجب عليه التّمام كالمكاري و العاصي بسفره و المقيم و المتردّد ثلاثين يوما و غير ذلك، يجب عليه الصّيام. نعم يتعيّن عليه الإفطار في الأماكن الأربعة، و إن جاز له الإتمام، كما يتعيّن عليه البقاء على الصّوم لو خرج بعد الزّوال و إن وجب عليه القصر. و يتعيّن عليه الإفطار لو قدم بعد الزّوال، و إن وجب عليه التّمام إذا لم يكن قد صلى.

(مسألة 1362) المدار في جواز الإفطار، على وصول المسافر إلى حدّ التّرخّص أيضا، فليس له الإفطار قبل الوصول إليه. بل لو فعل كانت عليه مع القضاء الكفّارة على الأحوط.

(مسألة 1363) يجوز على الأصحّ السّفر اختيارا في شهر رمضان، و لو كان للفرار من الصّوم لكن على كراهية قبل أن يمضي منه ثلاثة و عشرون يوما، إلا في حجّ أو عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه. و أمّا غير شهر رمضان من الواجب المعيّن فالأحوط ترك السّفر فيه اختيارا، و لو كان مسافرا فالأحوط نيّة الإقامة لصومه مع الإمكان.

(مسألة 1364) يكره للمسافر في شهر رمضان بل لكلّ من يجوز له الإفطار التّملّي من الطّعام و الشراب، و كذا يكره له الجماع في النّهار، بل الأحوط تركه، و إن كان الأقوى جوازه.

(مسألة 1365) وردت الرّخصة بالإفطار في شهر رمضان

لأشخاص يضرّ بهم أو يشقّ عليهم الصّوم: الشّيخ و الشّيخة إذا تعذّر أو شقّ عليهما الصّوم. و من به داء العطش، إذا لم يقدر على الصّبر أو شقّ عليه.

و الحامل المقرب التي يضرّ بها أو بولدها الصّوم أو يشقّ عليها.

و المرضعة القليلة اللّبن إذا أضرّ بها أو بولدها الصّوم. لكن يجب على من به العطاش التكفير عن كلّ يوم بمدّ من طعام، و الأحوط مدّان. و الأحوط التكفير بذلك أيضا للشّيخ و الشّيخة و الحامل المقرب و المرضعة قليلة اللّبن.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 271

(مسألة 1366) لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها أو تكون متبرّعة بإرضاعه أو مستأجرة. و الأحوط بل الأقوى الاقتصار على صورة عدم وجود من يقوم مقامها بإرضاعه تبرّعا، أو بأجرة، من أبيه أو منها أو من متبرّع بها.

(مسألة 1367) يجب على الحامل و المرضعة القضاء بعد ذلك، و كذا على الشّيخ و الشّيخة على الأحوط لو تمكّنا.

ثبوت الهلال

(مسألة 1368) يثبت الهلال بالرّؤية و إن تفرّد بها الرّائي، و بالتّواتر أو الشّياع المفيدين للعلم، و بمضيّ ثلاثين يوما من الشّهر السّابق، و بالبيّنة الشرعيّة و هي شهادة عدلين، و بحكم الحاكم الذي لم يعلم خطؤه و لا خطأ مستنده.

(مسألة 1369) لا اعتبار بقول المنجّمين، و لا بتطوّق الهلال أو غيابه بعد الشّفق في ثبوت كونه ابن اللّيلة السّابقة، و إن أفاد الظّن.

(مسألة 1370) لا بدّ في شهادة البيّنة أن تشهد بالرّؤية، فلا تكفي الشّهادة لعلم الشّاهد بذلك من غير طريق الرّؤية.

(مسألة 1371) لا يعتبر في حجيّة البيّنة قيامها عند الحاكم الشّرعي، بل هي حجّة لكلّ من قامت عنده، بل لو قامت عند الحاكم و ردّها من جهة عدم

ثبوت عدالة الشّاهد عنده، يجب على من يعتقد عدالتهما ترتيب الأثر على شهادتهما من الصوم أو الإفطار.

(مسألة 1372) لا يعتبر اتّحاد الشاهدين في زمان الرّؤية بعد توافقهما على الرّؤية في اللّيل. نعم يعتبر توافقهما في الأوصاف، بمعنى أنه إن تصدّيا للوصف لم يتخالفا، فلو أطلقا أو وصف أحدهما و أطلق الآخر كفى.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 272

(مسألة 1373) يعتبر احتمال صدقهما احتمالا عقلائيّا، فلو لم يكن في السّماء علّة و استهلّ جماعة فلم ير إلا واحد أو اثنان مع عدم الضّعف في أبصار غيرهما، أو كان في السّماء علّة بحيث لا يرى بحسب العادة، فليست حجّة.

(مسألة 1374) لا اعتبار في ثبوت الهلال بشهادة أربع نساء، و لا برجل و امرأتين، و لا بشاهد واحد مع اليمين.

(مسألة 1375) لا فرق بين أن تكون البيّنة من البلد أو خارجه إذا كان في السّماء علّة، و كذا إذا لم يعلم أنّ بلد البيّنة كان جوّه صحوا أو فيه علّة، أما إذا كان البلد صحوا و لم ير الهلال فيه إلا البيّنة ففي حجّيتها تأمل و إشكال كما مرّ.

(مسألة 1376) لا تختص حجيّة حكم الحاكم بمقلّديه، بل هو حجّة حتى على الحاكم الآخر، إذا لم يثبت عنده خلافه أو خطأ مستنده.

(مسألة 1377) إذا ثبتت الرّؤية في بلد آخر و لم تثبت في بلده، فاحتمال الكفاية مطلقا للبلدان الأخرى لا يخلو من وجه. لكن لا يترك الاحتياط في البلد المتقدّم أفقا عن البلد الّذي رؤيت فيه.

(مسألة 1378) يجوز الاعتماد في الإخبار عن الرّؤية على وسائل الاتّصال الجديدة، إذا علم بواسطتها تحقّق ثبوتها في بلاد أخرى، إما بحكم الحاكم أو بالبيّنة الشرعية.

قضاء صوم شهر رمضان

(مسألة 1379) لا يجب على الصبي قضاء ما

أفطره في زمان صباه، و لا على المجنون و المغمى عليه قضاء ما أفطراه حال عذرهما، و لا على الكافر الأصلي قضاء ما أفطره حال كفره. و يجب على غيرهم حتى المرتد قضاء صوم زمان ردّته، و كذا الحائض و النفساء و إن لم يجب

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 273

عليهما قضاء الصّلاة.

(مسألة 1380) الأحوط الصّوم لمن بلغ في نهار رمضان قبل الزّوال و لم يكن تناول مفطّرا. و كذا إذا كان نوى الصّوم ندبا. و إن أفطرا و لم يتمّا الصّوم، فالأحوط لهما القضاء.

(مسألة 1381) يجب القضاء على من فاته الصّوم لسكر، سواء كان شرب المسكر للتّداوي، أو على وجه الحرام.

(مسألة 1382) لا قضاء على المخالف إذا استبصر فيما أتى به وفق مذهبه، أما ما فاته في تلك الحال، فيجب عليه قضاؤه.

(مسألة 1383) لا يجب الفور في القضاء، نعم لا يجوز تأخيره إلى رمضان آخر على الأحوط، و إذا أخّره يكون موسّعا بعد ذلك.

(مسألة 1384) لا يجب التّرتيب في القضاء و لا تعيين الأيام إذا لم تختلف آثارها، فلو كان عليه أيّام فصام بعددها كفى، و لو لم يعيّن الأول و الثاني و هكذا. أما إذا اختلفت في الآثار كأن يكون تأخير بعضها موجبا لثبوت الكفّارة دون بعض، فلا بدّ من التّعيين.

(مسألة 1385) إذا كان عليه قضاء رمضانين أو أكثر، يتخيّرين تقديم السّابق و تأخيره. نعم لو كان عليه قضاء رمضان هذه السّنة و قضاء رمضان سابق و لا يسع الوقت للّاحق لو قدّم السّابق، فالأحوط قضاء اللاحق قبل السّابق. و لو عكس و الحال هذه فالظّاهر صحّة ما قدّمه، و إن عصى و لزمته كفّارة التّأخير.

(مسألة 1386) إذا فاته صوم رمضان لمرض

أو حيض أو نفاس و مات في رمضان تلك السّنة قبل أن يقضيه، لم يجب القضاء عنه.

(مسألة 1387) إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر و استمرّ إلى رمضان آخر، فإن كان العذر المرض، سقط قضاؤه و كفّر عن كلّ يوم بمدّ، و لا يجزي القضاء عن التّكفير. و إن كان غير المرض كالسفر و نحوه، فالأقوى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 274

وجوب القضاء، و إن كان الأحوط الجمع بينه و بين المدّ. و كذا إذا كان السّبب المرض و كان العذر في التّأخير غيره، أو العكس.

(مسألة 1388) إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر بل عمدا و لم يقض إلى رمضان آخر، وجب عليه- مضافا إلى كفّارة الإفطار العمدي- التّكفير عن كلّ يوم بمدّ، و القضاء فيما بعد.

(مسألة 1389) إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر و لم يستمرّ ذلك العذر و لم يطرأ عذر آخر، و تهاون في القضاء حتى جاء رمضان آخر وجب عليه الجمع بين القضاء و الكفّارة. و كذا يجب الجمع على الأحوط لو كان عازما على القضاء بعد ارتفاع العذر فأخّر فاتّفق طروّ عذر أخر.

(مسألة 1390) لا تتكرّر كفّارة التّأخير بتكرّر السّنين، فإذا فاته ثلاثة أيّام من ثلاثة رمضانات متتالية و لم يقضها، وجب عليه كفّارة واحدة للأول و كفّارة واحدة للثاني و قضاء الثالث، إذا لم يتأخّر إلى رمضان الرّابع.

(مسألة 1391) يجوز إعطاء كفّارة أيام عديدة من رمضان واحد أو أكثر إلى فقير واحد.

(مسألة 1392) يجوز الإفطار قبل الزّوال في قضاء شهر رمضان ما لم يتضيّق، أما بعد الزّوال فيحرم، بل تجب فيه الكفارة و إن لم يجب الإمساك بقيّة اليوم. و الكفّارة هنا إطعام عشرة

مساكين لكلّ مسكين مدّ، فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيام.

(مسألة 1393) يجب على الوليّ قضاء ما فات الميّت لعذر، بل مطلقا على الأحوط فيما يجب قضاؤه، و لا فرق بين أن يكون للميّت ما يمكن التّصدق به عنه و عدمه. و إن كان الأحوط في الأوّل، مع رضاء الورثة، الجمع بين التّصدق و القضاء.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 275

أقسام الصوم

(مسألة 1394) و هي أربعة: واجب، و مندوب، و مكروه، و محظور.

فالواجب من الصّوم سبعة: صوم شهر رمضان، و صوم الكفّارة، و صوم القضاء، و صوم دم المتعة في الحجّ، و صوم النّذر و العهد و اليمين و نحوها، و صوم اليوم الثالث من أيام الاعتكاف، و الصوم الواجب قضاؤه عن الميّت.

(مسألة 1395) صوم الكفّارة على أقسام: منها: ما يجب مع غيره، و هو كفّارة قتل العمد، و كفّارة من أفطر في شهر رمضان على محرّم، فإنه تجب فيهما الخصال الثّلاث. و منها: ما يجب بعد العجز عن غيره، و هو كفّارة الظّهار و كفّارة قتل الخطأ، فإنّ الصّوم فيهما بعد العجز عن العتق.

و كفّارة الإفطار في قضاء شهر رمضان، فإنّ الصّوم فيه بعد العجز عن الإطعام. و كفّارة اليمين، و هي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، و إن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام. و كفّارة صيد النّعامة فإنها بدنة و مع العجز عن البدنة تقوّم و يفضّ ثمنها على البرّ، لكلّ مسكين مدّان، و لا يجب ما زاد عن ستّين و لا إتمام ما نقص، و مع العجز يصوم لكلّ مدّ يوما، و مع العجز عنه يصوم ثمانية عشر يوما. و كفّارة صيد البقر الوحشي بقرة، و مع العجز عنها تقوّم

البقرة و يفضّ ثمنها على البرّ و يتصدّق لكلّ مسكين بمدّين، و لا يجب ما زاد عن ثلاثين و لا إتمام ما نقص عنها، و إن عجز يصوم لكلّ مدّين يوما، و إن عجز يصوم تسعة أيام.

و كفّارة صيد الغزال شاة، و مع العجز عنها تقوّم و يفضّ ثمنها على البرّ، و يتصدّق لكلّ مسكين مدّان، و لا يجب ما زاد عن العشرة و لا إتمام ما نقص عنها، و إن عجز يصوم لكلّ مدّين يوما، و إن عجز عنه يصوم ثلاثة أيّام. و كفارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب عامدا ثمانية عشر يوما بعد العجز عن بدنة، و كفّارة خدش المرأة وجهها في المصاب حتى تدميه،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 276

و نتفها رأسها فيه. و كفّارة شقّ الرّجل ثوبه على زوجته أو ولده، فإنهما ككفّارة اليمين. و منها: ما يجب فيه الصّوم مخيّرا بينه و بين غيره، و هو كفّارة الإفطار في شهر رمضان، و كفّارة الاعتكاف، و كفّارة جزّ المرأة شعرها في المصاب، فكلّ هذه مخيّرة بين الخصال الثلاث، و كذا كفّارة النّذر و العهد على الأقوى.

(مسألة 1396) يجب التّتابع في صوم الشّهرين من كفّارة الجمع أو كفّارة التّخيير، و يكفي في حصوله صوم الشّهر الأول و يوم من الشّهر الثاني كما مرّ، و كذا يجب التّتابع على الأحوط في الثّمانية عشر بدل الشّهرين، بل هو الأقوى في صيام سائر الكفّارات، و لا يضرّ بالتّتابع الإفطار في الأثناء لعذر من الأعذار، فيبني على ما مضى كما تقدّم.

(مسألة 1397) من الصّوم المندوب المؤكّد، صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر. و أفضل كيفيّتها أوّل خميس و آخر خميس منه و أوّل أربعاء من العشر

الثّاني. و منه: أيام اللّيالي البيض، و هي الثّالث عشر و الرّابع عشر و الخامس عشر من كلّ شهر. و منه: يوم الغدير، و هو الثّامن عشر من ذي الحجّة. و منه: يوم مولد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و هو السّابع عشر من ربيع الأوّل. و منه: يوم مبعثه صلّى اللّه عليه و آله، و هو اليوم السّابع و العشرون من رجب. و منه: يوم دحو الأرض، و هو اليوم الخامس و العشرون من ذي القعدة. و منه: يوم عرفة لمن لم يضعفه الصّوم عمّا عزم عليه من الدّعاء، مع التّحقّق من الهلال بحيث لا يحتمل وقوعه في يوم العيد. و منه: يوم المباهلة، و هو الرابع و العشرون من ذي الحجّة. و منه: كلّ خميس و جمعة. و منه: أوّل ذي الحجّة، بل كلّ يوم من أوّله إلى التّاسع منه. و منه: رجب و شعبان كلّا أو بعضا و لو يوما من كلّ منهما. و منه: يوم النيروز. و منه: أوّل يوم من محرّم و ثالثه و سابعه.

و منه: صوم ستة أيّام بعد عيد الفطر، و الأولى جعلها بعد ثلاثة أيام أحدها العيد. و منه: يوم النّصف من جمادى الأولى.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 277

(مسألة 1398) الصّوم المكروه هو: صوم يوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدّعاء الذي هو أفضل من الصّوم، و كذا صومه مع الشكّ في الهلال و لو لوجود غيم و نحوه خوفا من أن يكون يوم العيد. و صوم الضّيف نافلة مع نهي مضيّفه أو من دون إذنه، و الأحوط تركه مع النّهي، بل مع عدم الإذن أيضا. و صوم الولد من غير إذن والده، و

مع نهيه، ما لم يكن ذلك إيذاء له بسبب شفقته عليه. بل لا يترك الاحتياط بترك الصّوم مع عدم إذنه فضلا عن النّهي، و الأحوط عموم الحكم للولد و إن نزل و الوالد و إن علا، و الأولى مراعاة إذن الوالدة أيضا.

(مسألة 1399) يستحبّ للصّائم ندبا أو موسّعا أن يفطر إذا دعاه أخوه المؤمن إلى طعام، من غير فرق بين من هيّأ له طعاما و غيره، و بين من يشقّ عليه عدم الإجابة و غيره.

(مسألة 1400) الصّوم المحظور هو: صوم يوم العيدين. و صوم أيام التّشريق لمن كان بمنى ناسكا. و الأحوط ذلك لمن كان فيها غير ناسك أيضا. و صوم الثّلاثين من شعبان بنيّة أنه من رمضان. و الصّوم وفاء لنذر المعصية. و صوم السّكوت أو الصّمت، أي نيّة ذلك و لو بعض اليوم، و لا بأس به إذا لم يكن السّكوت منويّا و لو تمام اليوم. و يحرم أيضا صوم الوصال، و الأقوى أنه أعمّ من نيّة صوم يوم و ليلة إلى السّحر، أو صوم يومين مع ليلة، و لا بأس بتأخير الإفطار إلى السّحر و إلى اللّيلة الثانية مع عدم النيّة، و إن كان الأحوط اجتنابه. و الأحوط عدم صوم الزّوجة و المملوك تطوّعا بدون إذن الزّوج و السّيّد، بل لا يبعد عدم الجواز مع مزاحمة حقّ السيّد و الزّوج، و لا يترك الاحتياط مع النّهي مطلقا.

الاعتكاف

اشارة

(مسألة 1401) و هو اللّبث في المسجد بنيّة التّعبد فيه، و الأحوط فيه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 278

ضمّ نية عبادة أخرى غير الاعتكاف. و هو مستحبّ بأصل الشرع، و ربما يجب بالعارض، من نذر، أو عهد، أو يمين، أو إجارة، و نحوها.

(مسألة 1402)

يصحّ الاعتكاف في كلّ وقت يصحّ فيه الصّوم، و أفضل أوقاته شهر رمضان، و أفضله العشر الآخر منه.

شروط الاعتكاف

(مسألة 1403) يشترط في صحّته أمور: الأوّل: العقل، فلا يصحّ من المجنون و السّكران و غيره من فاقدي العقل. الثاني: النيّة، و يعتبر فيها التّعيين و الإخلاص و قصد القربة، و لا يعتبر فيها قصد الوجه من الوجوب أو النّدب و إن كان أحوط. و وقت النيّة في ابتداء الاعتكاف أوّل الفجر من اليوم الأوّل، بمعنى عدم جواز تأخيرها عنه. و يجوز أن يشرع فيه في أوّل اللّيل أو في أثنائه، فينويه حين الشروع، بل الأحوط إدخال اللّيلة الأولى أيضا، و النيّة من أوّلها. الثالث: الصّوم، فلا يصحّ بدونه، و لا يعتبر فيه كونه له، فيكفي صوم غيره واجبا كان أو مستحبّا، مؤدّيا عن نفسه أو متحمّلا عن غيره، من غير فرق بين أقسام الاعتكاف و أنواع الصّيام. الرابع: أن لا يكون أقلّ من ثلاثة أيّام بلياليها المتوسّطة، و لا بأس بالأكثر، و لا حدّ لأكثره و إن وجب الثّالث لكلّ اثنين، فإذا اعتكف خمسة أيّام وجب السّادس، و إذا صارت ثمانية وجب التّاسع على الأحوط، و هكذا. و اليوم من طلوع الفجر إلى زوال الحمرة المشرقيّة عند الغروب، فلو اعتكف من طلوع الفجر إلى الغروب من اليوم الثّالث كفى.

و لا يشترط إدخال اللّيلة الأولى و لا الرابعة، و إن جاز. و في كفاية الثّلاثة التّلفيقيّة، بأن يشرع من زوال يوم مثلا إلى زوال اليوم الرابع، تأمل و إشكال.

الخامس: أن يكون في مسجد جامع، فلا يكفي غيره كمسجد القبيلة أو السّوق، و الأحوط مع الإمكان كونه في أحد المساجد الأربعة:

المسجد الحرام، و مسجد النّبيّ صلّى اللّه عليه

و آله، و مسجد الكوفة،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 279

و مسجد البصرة. السادس: إذن من يعتبر إذنه، مثل الوالدين بالنّسبة إلى ولدهما إذا كان اعتكافه يؤذيهما شفقة عليه، أما مع نهي أحدهما و تأذّيه بالمخالفة فالأقوى بطلان الاعتكاف. أما إذن الزّوج فلا يعتبر في اعتكاف الزّوجة إذا لم يكن منافيا لحقّه. أما الخروج من البيت و المكث في المسجد فهو مشروط بإذنه، فلو لم يأذن فالأقوى البطلان. و أما الأجير فإن كان بحيث لا يملك عمل نفسه، فيشترط إذن المستأجر، و إلا فعصيانه في ترك الوفاء بما استؤجر عليه لا يوجب بطلان اعتكافه، غايته أن يكون اعتكافه ضدّا لما وجب عليه. السابع: استدامة اللّبث في المسجد، فلو خرج عمدا اختيارا لغير الأسباب المبيحة، بطل و لو كان جاهلا بالحكم. نعم يشكل لو خرج ناسيا أو مكرها، فلا يترك الاحتياط بالإتمام و الإعادة إن وجبا. و لو خرج لضرورة عقلا أو شرعا أو عادة، كقضاء الحاجة من بول أو غائط، أو للاغتسال من الجنابة و نحو ذلك، لم يبطل.

(مسألة 1404) إذا أجنب في المسجد الحرام أو مسجد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فلا يجوز الاغتسال فيهما بل يتيمّم فورا و يخرج منهما. و في غيرهما، يخرج بلا يتمّم، و لو تمكّن من الغسل فيه بلا لبث و لا تلويث على الأصح.

(مسألة 1405) لا يشترط في صحّة الاعتكاف البلوغ، فيصحّ من الصّبيّ المميّز على الأقوى.

(مسألة 1406) لا يجوز العدول من اعتكاف إلى اعتكاف آخر، و لو اتّحدا في الوجوب و النّدب، و لا من نيابة شخص إلى نيابة شخص آخر، و لا من نيابة غيره إلى نفسه، و بالعكس.

(مسألة 1407) يجوز قطع الاعتكاف المندوب في

اليومين الأوّلين، و بعد تمامهما يجب الثالث، و يجب السّادس إذا اعتكف خمسة أيام على الأقوى، و يجب التّاسع إذا اعتكف ثمانية، و هكذا على الأحوط.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 280

و أما المنذور فإن كان معيّنا فلا يجوز قطعه مطلقا، و إلا فكالمندوب.

(مسألة 1408) لا بدّ أن تكون الأيام الثلاثة متّصلة، و فيها اللّيلتان المتوسّطتان، فلو نذر اعتكاف ثلاثة أيام منفصلة أو من دون اللّيلتين، لم ينعقد إذا كان المنذور الاعتكاف الشرعي. و كذا لو نذر اعتكاف يوم أو يومين مقيّدا بعدم الزّيادة. نعم لو لم يقيّده به، صحّ و وجب ضمّ يوم أو يومين.

(مسألة 1409) إذا نذر اعتكاف شهر، يجزيه ما بين الهلالين و إن كان ناقصا، لكن يضمّ إليه حينئذ يوما، بناء على وجوب كلّ ثالث كما هو الأحوط.

(مسألة 1410) يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد، فلا يجوز أن يجعله في مسجدين و لو كانا متّصلين، نعم لو كان اتّصالهما على نحو يعدّان مسجدا واحدا، فلا بأس به. و لو تعذّر إتمام الاعتكاف في محلّ النيّة لخوف أو هدم و نحو ذلك، بطل، و لا يجزيه إتمامه في جامع آخر.

(مسألة 1411) سطوح المساجد و سراديبها و محاريبها من المساجد، فحكمها حكمها ما لم يعلم خروجها عنها، بخلاف بيوتها التّابعة لها و مضافاتها و نحوها، فإنّها ليست منها ما لم يعلم جعلها جزءا منها.

(مسألة 1412) إذا عيّن موضعا خاصّا من المسجد محلّا لاعتكافه، لم يتعينّ و يكون ذلك التعيين لغوا، حتى لو عيّن السّطح دون الأسفل، أو العكس.

(مسألة 1413) من الضرورات المبيحة للخروج إقامة الشّهادة. أما جواز الخروج لحضور الجماعة فمشكل إلا للجمعة، بل لا يصلّي في خارج ما اعتكف فيه و لو

كان خروجه للحاجة التي يجوز لها الخروج، إلا في مكة فإنها رخّصت للصّلاة في بيوتها لأنها كلّها حرم اللّه. و من الضرورات المبيحة أيضا عيادة المريض، و تشييع الجنازة، و تشييع المسافر، و استقبال القادم، و غير ذلك، و إن لم يجب عليه شي ء من ذلك.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 281

و الضّابط كلّ ما يلزم الخروج إليه عقلا أو شرعا أو عادة من الأمور الواجبة أو الرّاجحة، سواء كانت متعلّقة بأمور الدّنيا أو الآخرة، و سواء حصل ضرر بترك الخروج إليها، أو لا. نعم الأحوط مراعاة أقرب الطّرق و الاقتصار على مقدار الحاجة و الضرورة. و يجب أن لا يجلس تحت الظّلال مع الإمكان، بل و لا يمشي تحتها، بل الأحوط عدم الجلوس مطلقا إلا للضرورة.

(مسألة 1414) إذا أجنب في المسجد، وجب عليه الخروج للاغتسال و إن تمكّن من الغسل فيه بلا لبث و لا تلويث على الأصحّ، و لو ترك الخروج بطل اعتكافه من جهة حرمة لبثه.

(مسألة 1415) إذا غصب مكانا في المسجد، بأن دفع من سبق إليه و جلس فيه، بطل اعتكافه على الأحوط، و كذا لو جلس على فراش مغصوب. نعم لو كان جاهلا بالغصب أو ناسيا له صحّ اعتكافه، و لو كان المسجد مفروشا بتراب أو آجرّ مغصوب، فإن أمكن التّحرّز عنه فهو، و إلا فلا يترك الاحتياط.

(مسألة 1416) إذا طال الخروج في مورد الضرورة بحيث انمحت صورة الاعتكاف، بطل.

(مسألة 1417) يجوز للمعتكف أن يشترط حين النيّة الرّجوع عن اعتكافه متى شاء حتى في اليوم الثالث، سواء شرطه بعروض عارض أم لا، فيكون على حسب ما شرط. أمّا صحّة اشتراطه في النّذر كأن يقول:

للّه عليّ أن أعتكف، بشرط أن يكون

لي الرّجوع عند عروض كذا، فلا يصحّ. نعم يصحّ نذر الاعتكاف المشروط، و حينئذ فالظّاهر أنه لا يكفي ذلك عن اشتراطه في النيّة، لأنه لا اعتبار بالشرط المذكور قبل عقد نيّة الاعتكاف و لا بعدها. و لو شرط حين النيّة ثمّ أسقط شرطه، فالظّاهر عدم سقوطه.

(مسألة 1418) يحرم على المعتكف أمور: منها: مباشرة النّساء

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 282

بالجماع، بل و باللّمس و التّقبيل بشهوة، بل يبطل به الاعتكاف. و لا فرق بين الرّجل و المرأة، فيحرم ذلك على المعتكفة أيضا.

(مسألة 1419) و منها: الاستمناء على الأحوط.

(مسألة 1420) و منها: شمّ الطّيب و الرّيحان متلذّذا، ففاقد حاسّة الشمّ لا يحرم عليه.

(مسألة 1421) و منها: البيع و الشراء، و الأحوط أيضا ترك غيرهما من أنواع التّجارة كالصّلح و الإجارة و غيرهما. و لو أوقع المعاملة، صحّت و ترتّب عليها الأثر على الأقوى. و لا بأس بالاشتغال بالأمور الدّنيويّة من أصناف المعايش حتى الخياطة و النساجة و نحوهما، و إن كان الأحوط الاجتناب. نعم لا بأس بها مع الاضطرار، بل لا بأس بالبيع و الشراء إذا مسّت الحاجة إليهما للأكل و الشرب، مع تعذّر التّوكيل و الحصول على حاجته بغير البيع على الأقوى.

(مسألة 1422) و منها: المجادلة على أمر دنيويّ، أو ديني إذا كانت لأجل الغلبة و إظهار الفضيلة، فإن كانت بقصد إظهار الحقّ و ردّ الخصم عن الخطأ، فلا بأس بها، بل هي حينئذ من أفضل الطّاعات. و الأحوط للمعتكف اجتناب ما يجتنبه المحرم، لكنّ الأقوى خلافه، خصوصا لبس المخيط و إزالة الشّعر و أكل الصّيد و عقد النّكاح، فإنّ جميع ذلك جائز له.

(مسألة 1423) لا فرق في حرمة ما يحرم على المعتكف بين

اللّيل و النّهار، عدا الإفطار.

(مسألة 1424) يفسد الاعتكاف كلّ ما يفسد الصّوم من حيث اشتراطه به، فبطلانه يوجب بطلانه، و كذا يفسده الجماع و لو وقع في اللّيل، و كذا اللّمس و التّقبيل بشهوة، بل الأحوط بطلانه بسائر ما ذكر من المحرّمات أيضا. و في اختصاص بطلانه بها ما عدا الجماع، بحال العمد و الاختيار إشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الإتمام و الاستئناف فيما يجب إتمامه، أو الإتمام و القضاء إذا ارتكب المبطل بغير عمد، أما الجماع

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 283

فيبطل به الاعتكاف حتّى لو وقع سهوا.

(مسألة 1425) إذا فسد الاعتكاف بأحد المفسدات، فإن كان واجبا معيّنا وجب قضاؤه و لا يجب الفور فيه و إن كان أحوط. و إن كان غير معيّن وجب استئنافه. و كذا يجب قضاؤه إذا كان مندوبا و أفسده بعد اليومين، و قبلهما لا شي ء عليه، بل في مشروعيّة قضائه إشكال.

(مسألة 1426) إنّما يجب القضاء أو الاستئناف في الاعتكاف الواجب، إذا لم يشترط فيه الرّجوع، و إلا فلا قضاء و لا استئناف.

(مسألة 1427) إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلا وجبت الكفّارة، و لا تجب في سائر المحرّمات و إن كان أحوط. و كفّارته مثل كفّارة شهر رمضان، و إن كان الأحوط كونها مرتّبة مثل كفّارة الظّهار.

(مسألة 1428) إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع في نهار شهر رمضان فعليه كفّارتان، و كذا في قضاء شهر رمضان إذا كان بعد الزّوال.

و إذا أكره زوجته الصّائمة في شهر رمضان، فإن لم تكن معتكفة، فعليه ثلاث كفّارات إحداها عن نفسه لاعتكافه، و الثّانية عن نفسه لصومه، و الثّالثة عن زوجته لصومها. و إن كانت معتكفة، فكذلك على الأقوى، و

إن كان الأحوط أربع كفّارات بزيادة كفّارة أخرى عن زوجته لاعتكافها.

و لو كانت الزّوجة مطاوعة فعلى كلّ منهما كفّارة واحدة إن كان في اللّيل، و كفّارتان إن كان في النّهار.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 284

كتاب الزّكاة

اشارة

(مسألة 1429) الزّكاة في الجملة من ضروريّات الدّين، و منكرها مندرج في سبيل الكافرين، و مانع قيراط منها ليس من المؤمنين و لا من المسلمين، و ليمت إن شاء يهوديّا و إن شاء نصرانيّا، و ما من ذي مال أو نخل أو زرع أو كرم يمنع من زكاة ماله إلا قلّده اللّه تربة أرضه يطوّق بها من سبع أرضين إلى يوم القيامة.

و أمّا فضلها فعظيم، و يكفيك ما ورد في فضل الصّدقة الشّاملة لها من أنّ اللّه تعالى يربّيها لصاحبها كما يربّي الرّجل فصيله فيأتي بها يوم القيامة مثل أحد، و أنها تدفع ميتة السّوء، و تفك من لحيي سبعمائة شيطان، و أنها تطفئ غضب الرّب، و تمحو الذّنب العظيم، و تهوّن الحساب، و تنمّي المال، و تزيد في العمر.

زكاة المال

اشارة

(مسألة 1430) يشترط فيمن تجب عليه الزّكاة أمور، الشرط الأول:

البلوغ، فلا تجب على غير البالغ. نعم إذا اتّجر له الولي الشّرعي، استحب له إخراج الزّكاة من مال الصّغير، كما أنه يستحب له أيضا إخراجها من غلّاته، و أما مواشيه فالأحوط الترك، و المتولي لإخراجها الولي لا الطفل.

(مسألة 1431) المعتبر البلوغ أوّل الحول فيما اعتبر فيه الحول، و في غيره البلوغ وقت التّعلّق.

(مسألة 1432) الشّرط الثّاني: العقل، فلا تجب في مال المجنون،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 285

و المعتبر العقل في تمام الحول فيما اعتبر فيه الحول، و حال التّعلّق فيما لم يعتبر فيه، فإذا عرض الجنون فيما يعتبر فيه الحول و لو في زمان قصير انقطع الحول، بخلاف النّوم بل و السّكر و الإغماء على الأقوى.

(مسألة 1433) الشّرط الثّالث: الحرّيّة، فلا زكاة على العبد و إن قلنا بملكه كما هو الأقوى، فإذا ملّكه السّيّد نصابا

لا تجب الزّكاة على واحد منهما.

(مسألة 1434) الشّرط الرّابع: الملك، فلا زكاة على الموهوب و لا على القرض إلا بعد القبض، لكونه شرطا لتملّك الموهوب له و المقترض، و لا على الموصى به إلا بعد الوفاة و القبول، بناء على اعتبار القبول في حصول الملكيّة للموصى له، كما هو الأقوى.

(مسألة 1435) الشّرط الخامس: التمكّن من التّصرف، فلا زكاة في الوقف و إن كان خاصّا، و لا في نماء الوقف العام قبل قبضه و إن انحصر في واحد، و لا في المرهون. و إن أمكن فكّه، و لا في المجحود و إن تمكّن من انتزاعه ببيّنة أو بيمين، و لا في المسروق، و لا في المدفون الذي نسي مكانه، و لا في الضّالّ، و لا في السّاقط في البحر، و لا في الموروث عن غائب مثلا و لم يصل إليه أو إلى وكيله، و لا في الدّين و إن تمكن من استيفائه.

(مسألة 1436) إذا شكّ بعد البلوغ في بلوغه حين التّعلّق، لم يجب عليه الإخراج، و كذا لو شكّ بعد البلوغ في تعلّقه حين البلوغ، و كذا إذا صار عاقلا و شكّ في عقله حال التّعلّق، و لم يكن مسبوقا بالعقل.

(مسألة 1437) يعتبر التّمكن من التّصرّف فيما يعتبر فيه الحول في تمام الحول، فإذا طرأ عدم التمكّن أثناء الحول ثمّ ارتفع، انقطع الحول و يحتاج إلى حول جديد. و أما ما لا يعتبر فيه الحول، فالأحوط الأولى عدم اعتبار التمكّن حال تعلّق الوجوب.

(مسألة 1438) لا يبعد عدم جواز التّصرف النّاقل في المبيع في الخيار

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 286

المشروط برد الثّمن، و حينئذ لا تجب الزّكاة فيه، حتى لو كان الخيار في بعض الحول.

أما في الخيار غير المشروط برد الثّمن، ففيه إشكال و الأحوط الإخراج.

(مسألة 1439) المبيع المشروط بخيار رد الثّمن لا زكاة فيه على المالك إذا كان الخيار في تمام الحول، كما أنه لا يجوز له نقله. أما إذا كان الخيار في بعض الحول، ففيه إشكال و الأحوط إخراج الزّكاة.

(مسألة 1440) إذا قبض نماء الوقف العام من ينطبق عليه، فهو كسائر أمواله تتعلّق به الزّكاة مع اجتماع شرائطها، فإذا كان نخيل بستان وقفا على الفقراء و دفع المتولّي ما على النّخيل بعد ظهور الثّمر و قبل بدوّ الصّلاح إلى بعض الفقراء فبدا صلاحها عنده، تتعلّق بها الزّكاة مع اجتماع الشّرائط. و كذا لو كانت أغنام وقفا على أن يكون نتاجها للفقراء، فقبض الفقير منها مقدار النّصاب و حال عليه الحول عنده.

(مسألة 1441) زكاة القرض على المقترض بعد القبض و تمام الحول عنده، و ليس على المقرض و الدّائن شي ء قبل أن يستوفي طلبه، فما دام لم يستوفه و لو اختيارا بل و لو فرارا من الزّكاة، لم تجب عليه.

(مسألة 1442) إذا عرض عدم التمكّن من التّصرّف بعد تعلّق الوجوب أو بعد مضيّ الحول متمكّنا، فقد استقرّ وجوب الزّكاة، فيجب عليه الأداء إذا تمكّن.

(مسألة 1443) إذا مرّت عليه سنين و هو غير متمكّن ثمّ تمكّن، جرى عليه الحول من حينه، و استحبّ له زكاة سنة واحدة ممّا مضى، بل يقوى استحبابها بمضيّ سنة واحدة أيضا.

(مسألة 1444) إذا كان المال الزّكوي مشتركا بين اثنين أو أكثر، فكلّ من بلغت حصته حدّ النّصاب وجبت عليه الزّكاة، دون من لم تبلغ حصته وحده النّصاب.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 287

(مسألة 1445) إذا استطاع الحجّ بالنّصاب، فإن تمّ الحول أو تعلّق الوجوب

قبل سير القافلة و التمكّن من الذّهاب، وجبت الزّكاة، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها وجب الحجّ، و إلا فلا. و إن كان تمام الحول بعد زمان سير القافلة و أمكن صرف النّصاب أو بعضه في الحجّ وجب الحج، فإن صرفه فيه سقط وجوب الزّكاة، و إن عصى و لم يحجّ، وجبت الزّكاة بعد تمام الحول. و لو تقارن خروج القافلة مع تمام الحول، أو تعلّق الوجوب، وجبت الزّكاة دون الحجّ.

(مسألة 1446) تجب الزّكاة على الكافر و إن لم تصحّ منه لو أدّاها. نعم للإمام عليه السّلام أو نائبه أخذها منه قهرا، بل يقوى أنّ له أخذ عوضها منه لو أتلفها. نعم لو أسلم و لو قبل الحول بلحظة صحّت منه على الظّاهر. أما لو أسلم الكافر بعد ما وجبت عليه، فلا تسقط عنه مع بقاء عينها.

(مسألة 1447) تجب الزّكاة في الأنعام الثّلاثة: الإبل و البقر و الغنم و النّقدين الذّهب و الفضّة، و الغلّات الأربع الحنطة و الشّعير و التّمر و الزّبيب، و لا تجب فيما عدا هذه التّسعة.

(مسألة 1448) تستحبّ الزّكاة في كلّ ما أنبتته الأرض ممّا يكال أو يوزن من الحبوب و الثّمار و غيرها حتى الأشنان، دون الخضر و البقول كالباذنجان و الخيار و البطّيخ و نحو ذلك، و تستحبّ أيضا في مال التّجارة على الأصحّ. و تستحبّ في الخيل الإناث، دون الذّكور منها و دون البغال و الحمير.

زكاة الأنعام

(مسألة 1449) شرائط وجوبها مضافا إلى الشّرائط العامّة السّابقة أربعة:

النّصاب، و السّوم، و الحول، و أن لا تكون عوامل.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 288

(مسألة 1450) في الإبل اثنا عشر نصابا: خمس، و فيها شاة. ثمّ عشرة و فيها شاتان. ثمّ خمسة عشر،

و فيها ثلاث شياه. ثمّ عشرون و فيها أربع شياه. ثمّ خمس و عشرون و فيها خمس شياه. ثمّ ستّ و عشرون و فيها بنت مخاض. ثمّ ستّ و ثلاثون و فيها بنت لبون. ثمّ ستّ و أربعون و فيها حقّة. ثمّ إحدى و ستّون و فيها جذعة. ثمّ ستّ و سبعون و فيها بنتا لبون. ثمّ إحدى و تسعون و فيها حقّتان. ثمّ مائة و إحدى و عشرون، ففي كلّ خمسين حقّة، و في كلّ أربعين بنت لبون، بمعنى وجوب مراعاة المطابق منهما، و لو لم تحصل المطابقة إلا بهما لو حظا معا، و يتخيّر مع المطابقة بكلّ منهما أو بهما. نعم فيما اشتمل على النّيف، و هو ما بين العقدين من الواحد إلى تسعة، لا يتصّور المطابقة، فتراعى على وجه يستوعب الجميع ما عدا النّيف و يعفى عنه، ففي المائة و إحدى و عشرين تحسب ثلاث أربعينات و تدفع ثلاث بنات لبون، و في المائة و الثلاثين تحسب أربعينان و خمسون، فتدفع بنتا لبون و حقّة، و في المائة و الأربعين تحسب خمسينان و أربعون، فتدفع حقّتان و بنت لبون، و المائة و خمسون تحسب ثلاث خمسينات، فتدفع ثلاث حقق، و المائة و ستّون تحسب أربع أربعينات، و تدفع أربع بنات لبون. إلى أن تبلغ مائتين، فيتخيّر بين أن يحسبها خمس أربعينات و يعطي خمس بنات لبون، و أن يحسبها أربع خمسينات و يعطي أربع حقق.

(مسألة 1451) في البقر و منه الجاموس نصابان، ثلاثون و أربعون، و في كلّ ثلاثين تبيع أو تبيعة، و في كلّ أربعين مسنّة. و يجب مراعاة المطابقة هنا أيضا، ففي ثلاثين تبيع أو تبيعة، و في أربعين مسنّة،

و ما بينهما عفو، كما أنّ ما بين أربعين إلى ستّين عفو أيضا. فإذا بلغت ستّين فلا يتصّور عدم المطابقة.

(مسألة 1452) في الغنم خمسة نصب: أربعون و فيها شاة. ثم مائة و إحدى و عشرون و فيها شاتان. ثمّ مائتان و واحدة و فيها ثلاث شياه. ثمّ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 289

ثلاثمائة و واحدة و فيها أربع شياه. ثمّ أربعمائة فصاعدا، ففي كلّ مائة شاة، بالغا ما بلغ.

(مسألة 1453) تجب الزّكاة في كلّ نصاب من نصب هذه الأجناس، و لا يجب شي ء فيما نقص عن النّصاب، كما أنه لا يجب فيما بين النّصابين شي ء، لا بمعنى أنه لا زكاة عليه حتى يجوز التّصرّف فيه قبل أداء الزّكاة، بل بمعنى أنّ زكاة المجموع زكاة النّصاب السّابق، فلا يجوز التّصرّف في المجموع إلا مع أداء زكاة النّصاب السّابق.

(مسألة 1454) بنت المخاض هي التي دخلت في السّنة الثّانية، و كذا التّبيع و التّبيعة، و بنت اللّبون هي التي دخلت في الثّالثة، و كذا المسنّة، و الحقّة هي التي دخلت في الرّابعة، و الجذعة في الخامسة.

(مسألة 1455) من وجب عليه سنّ من الإبل كبنت المخاض مثلا، و لم تكن عنده و كان عنده أعلى منها بسنّ كبنت اللّبون، دفعها و أخذ شاتين أو عشرين درهما، و إن كان ما عنده أخفض بسنّ، دفعها و دفع معها شاتين أو عشرين درهما. و الأحوط عدم كفاية ابن اللّبون عن بنت المخاض مع القدرة عليه و لو بالشّراء.

(مسألة 1456) لا يضمّ مال إنسان إلى غيره في الزّكاة و إن كان مشتركا أو مختلطا متّحد المسرح و المراح و المشرب و الفحل و الحالب و المحلب، بل يعتبر في مال كلّ

واحد منهما بلوغ النّصاب و لو بتلفيق الكسور. كما لا يفرّق بين مالي المالك الواحد و لو تباعد مكانهما.

(مسألة 1457) يعتبر السّوم تمام الحول، فلو علفت في أثنائه بما يخرجها عن اسم السّائمة في الحول عرفا فلا زكاة فيها. نعم لا عبرة بما لا يخرجها عن ذلك، و في قدح اليوم أو اليومين في الصّدق العرفي إشكال، فلا يترك الاحتياط بإعطاء الزّكاة.

(مسألة 1458) لا فرق في سقوط الزّكاة في المعلوفة بين أن تعتلف بنفسها أو يعلفها مالكها أو غيره، من مال المالك أو غيره، بإذنه أو غير

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 290

إذنه. كما لا فرق بين أن يكون ذلك بالاختيار أو لأجل الاضطرار، أو لوجود مانع عن السّوم من ثلج و نحوه، و كذا لا فرق بين أن يعلفها بالعلف المجزوز، أو يرسلها لترعى بنفسها في الزّرع المملوك، فإنها بذلك تخرج عن السّوم أيضا.

(مسألة 1459) الظّاهر عدم خروجها عن السّوم باستئجار المرعى أو بشرائه إذا لم يكن مزروعا، كما لا تخرج عنه بما يدفع إلى الظّالم على الرّعي في الأرض المباحة.

(مسألة 1460) يتحقّق الحول و كذا يستقرّ الوجوب على الأقوى بتمام الأحد عشر شهرا، فيبطل الحول باختلال شروط وجوبها أثناء الأحد عشر، كما لو نقصت عن النّصاب، أو لم يتمكّن من التّصرّف فيها، أو عاوضها بغير جنسها و إن كان زكويّا، أو بجنسها كغنم سائمة ستّة أشهر بغنم كذلك، أو بمثلها كالضّأن بالضّأن، أو غير ذلك. بل الظّاهر بطلان الحول بذلك و إن فعله فرارا من الزّكاة. أما إذا اختل أحد شروطها بعد الأحد عشر شهرا فالأقوى وجوب الزّكاة عليه.

(مسألة 1461) الأقوى احتساب الشّهر الثّاني عشر من الحول الأوّل لا الثّاني، و إن

لم يكن له أثر في استقرار وجوبها.

(المسألة 1462) إذا أخّر إخراج الزّكاة عن آخر الحول و لو بزمان يسير، يتأخّر مبدأ الحول اللاحق عن تمام الحول السّابق بمقدار التّأخير.

(مسألة 1463) إذا كان مالكا حدّ النّصاب لا أكثر فحال عليه أحوال، فإن أخرج في كلّ سنة زكاته من غيره، تكرّرت لعدم نقصان النّصاب.

فلا يجري النّصاب في الحول الجديد إلا بعد إخراج زكاته من غيره، و إن أخرج زكاته منه أو لم يخرج أصلا، فليس عليه إلا زكاة سنة واحدة، لعدم بقاء النّصاب في غيرها.

(مسألة 1464) إذا كان مالكا أكثر من النّصاب و مضى عليه أحوال و لم يؤدّ زكاته، يجب عليه زكاة ما مضى من السّنين بما زاد على تلك الزّيادة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 291

بواحد، فلو كان عنده واحدة و أربعون من الغنم و مضى عليه أحوال و لم يؤدّ زكاتها، يجب عليه زكاة سنتين. و لو كان عنده اثنتان و أربعون، يجب عليه زكاة ثلاث سنين. و لو كان ثلاث و أربعون يجب عليه زكاة أربع سنين، و هكذا. و لا تجب فيما زاد لنقصانه عن النّصاب.

(مسألة 1465) إذا حصل لمالك النّصاب في أثناء الحول ملك جديد بالنتاج أو الإرث أو الشراء و نحوها، فإن كان بمقدار العفو و لم يكن نصابا مستقلا و لا مكملا لنصاب آخر، فلا شي ء عليه، كما إذا كانت عنده أربعون من الغنم فولدت أربعين، أو كان عنده خمس من الإبل فولدت أربعا. و أما لو كان نصابا مستقلا كخمس من الإبل ولدت خمسا، أو مكملا لنصاب آخر، بأن كان بمقدار لو انضم إلى الأصل بعد إخراج الفريضة خرج من ذلك النّصاب و دخل في نصاب آخر،

كما لو ولدت إحدى و ثلاثون من البقر عشرا، أو ثلاثون منه أحد عشر، ففي الأوّل يعتبر لكل من القديم و الجديد حول بانفراده، فإذا ولدت خمس من الإبل خمسا بعد ستّة أشهر من حولها، يخرج شاة بعد تمام حول الأصل و شاة أخرى بعد تمام حول الأولاد و يكون مبدأ حول الأولاد مع التّفرق في الولادة بعد نتاج الأخير الذي تكمل به الخمسة. و في الثّاني يستأنف حولا واحدا للمجموع بعد تمام حول الأصل، و يكون مبدأ حول المجموع عند زمان انتهاء حول الأصل، و ليس مبدأ حول الأولاد حين الاستغناء بالرّعي عن اللّبن حتى فيما إذا كانت أمّهاتها معلوفة على الأقوى. و يمكن القول باستئناف الحول للجميع من يوم ملكه للنصاب الثّاني، و عدم لزوم شي ء لما مضى من النّصاب الأول، لكن لا يترك الاحتياط بمراعاة ما هو أقل عفوا بين القولين.

(مسألة 1466) يعتبر في الأنعام أن لا تكون عوامل، فلو كانت عاملة و لو في بعض الحول، فلا زكاة فيها و إن كانت سائمة. و المرجع في صدق العامل العرف.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 292

(مسألة 1467) لا تؤخذ المريضة من نصاب السّليم، و لا الهرمة من نصاب الشّاب، و لا ذات العوار من نصاب السّليم، و إن عدت منه. أما لو كان النّصاب جميعه مريضا بمرض متحد فتجزي المريضة منه و لا يجب عليه شراء الصّحيحة. و لو كان بعضه صحيحا و بعضه مريضا، فالأحوط إن لم يكن أقوى إخراج صحيحة من أواسط الشياه، من غير ملاحظة التقسيط.

(مسألة 1468) لا تؤخذ الرّبى و هي الشاة الوالدة إلى خمسة عشر يوما، و إن بذلها المالك، إلا إذا كان النّصاب كله كذلك. و

لا تؤخذ الأكولة و هي السمينة المعدّة للأكل، و لا فحل الضّراب، بل لا يعدّ الجميع من النّصاب على الأقوى، و إن كان الأحوط عدّها منه.

(مسألة 1469) أقل شروط الشّاة المأخوذة في زكاة الغنم و الإبل و في الجبر، ما كمل له سنة و دخل في الثّانية على الأحوط إن كان من الضّأن، و ما دخل في الثّالثة إن كان من المعز. و يجزي الذّكر عن الأنثى و بالعكس، و كذا يجزي المعز عن الضّأن و بالعكس، لأنهما جنس واحد في الزّكاة كالبقر و الجاموس و الإبل العراب و البخاتي إذا كانت من النّصاب، و أما إذا أراد أن يعطي من غير النّصاب فالأحوط إعطاؤها من باب القيمة.

(مسألة 1470) إذا كان للمالك أموال متفرقة في أماكن مختلفة، كان له إخراج الزّكاة من أيها شاء، و لا يتعين عليه أن يدفع من النّصاب و لا من جنس ما تعلّقت به الزّكاة، بل له أن يخرج من غير جنس العين بالقيمة السّوقية، و لا يتعين ذلك عليه دراهم و دنانير، و إن كان الإخراج من العين أفضل.

(مسألة 1471) المدار في القيمة قيمة وقت الأداء، و كذا بلده، في المثلي. و أما في القيمي فالظّاهر وجوب دفع قيمة يوم التّلف و مكانه.

هذا إذا كانت العين تالفة، أما لو كانت موجودة، فالظّاهر أن المدار على قيمة البلد الذي هي فيه.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 293

زكاة النقدين

(مسألة 1472) يعتبر فيهما مضافا إلى ما عرفت من الشّرائط العامّة أمور: الشّرط الأوّل: النّصاب، و هو في الذّهب عشرون دينارا، أو عشرون مثقالا شرعيا و فيها نصف دينار أي واحد من أربعين، و يبلغ وزن النّصاب اثنين و سبعين غراما و زكاتها

غرام واحد و ثمانية أعشار غرام.

لأنّ كلّ أربعة دنانير أو أربعة مثاقيل شرعية تساوي ثلاثة مثاقيل صيرفية و المثقال الصيرفي أربع غرامات و ثمانية أعشار غرام، على ما أخبر به أهل الخبرة. و لا زكاة فيما نقص عن العشرين دينارا و لا فيما زاد عنها حتى يبلغ أربعة دنانير و فيها قيراطان، و هكذا بالغا ما بلغ و الأربعة دنانير أربعة عشر غراما و أربعة أعشار غرام، على ما أخبر به أهل الخبرة، و القاعدة الكلّية في زكاة النّقدين أن يعطي بعد النّصاب من كلّ أربعين واحدا، فيكون أدّى ما عليه و أحيانا يكون مع زيادة و إحسان.

(مسألة 1473) نصاب الفضّة مأتا درهم و فيها خمسة دراهم و كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعية فيكون مائة و أربعين مثقالا شرعيا أو دينارا تعادل مائة و خمسة مثاقيل صيرفية، و تعادل خمس مائة غرام و أربعة غرامات، على ما أخبر به أهل الخبرة، و زكاتها اثنان و نصف بالمئة و لا زكاة فيما نقص عنها أو زاد حتى يبلغ أربعين درهما و فيها درهم، و هكذا.

أي في كلّ مائة غرام و ثمانية أعشار غرام زكاة قدرها غرامان و عشران من غرام، و هكذا بالغا ما بلغ.

(مسألة 1474) الشّرط الثّاني: لزكاة النّقدين كونهما منقوشين بسكّة المعاملة، و لو ببعض الأزمنة و الأمكنة من سلطان أو شبهه، بسكّة إسلام أو كفر، بكتابة أو غيرها، و لو صارا ممسوحين بالعارض، و أما

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 294

الممسوحان بالأصل، فلا تجب فيهما إلا إذا كانا رائجين، فتجب على الأحوط.

(مسألة 1475) إذا اتّخذ المسكوك حلية للزّينة مثلا، لم يتغيّر الحكم على الأحوط سواء زاد الاتّخاذ أو نقّص من قيمته،

ما دامت المعاملة به على وجهها ممكنة. أما لو تغيّرت بعملها زينة بحيث لم تبق المعاملة، بها فلا زكاة عليه.

(مسألة 1476) الشّرط الثّالث: الحول، و يعتبر أن يكون النّصاب موجودا فيه أجمع، فلو نقص عن النّصاب في أثنائه أو تبدّلت أعيان النّصاب بجنسه أو بغير جنسه أو بالسبك لا بقصد الفرار، بل و معه، لم تجب فيه زكاة، و إن استحبّ إخراجها إذا كان السّبك بقصد الفرار، بل هو الأحوط. نعم لو سبك الدراهم و الدنانير بعد وجوب الزّكاة بحول الحول، لم تسقط الزّكاة.

(مسألة 1477) تضمّ الدراهم و الدنانير بعضها إلى بعض في حساب النّصاب و إن اختلفت من حيث الاسم و السّكة، بل و من حيث القيمة و اختلاف الرّغبة، بل يضمّ الرّائج الفعلي إلى المهجور، فإن تطوّع المالك بالإخراج من النوع المرغوب الأكمل فقد أحسن و زاد خيرا، و إلا فلا يترك الاحتياط في الإخراج من كلّ بنسبته.

(مسألة 1478) الدراهم المغشوشة بما يخرجها عن اسم الفضّة الخالصة و لو بالفضّة الرّدية، لا زكاة فيها حتى يبلغ خالصها النّصاب.

و لو شكّ في الخليط و لم يكن طريق للتّعرّف على نسبته، فالأحوط اختبارها بالتّذويب و نحوه.

(مسألة 1479) إذا أخرج المغشوشة زكاة عن الخالصة أو المغشوشة، فإن علم بأنّ ما فيها من الفضّة الخالصة بمقدار الفريضة فهو، و إلا فلا بدّ من تحصيل العلم بذلك و لو بإعطاء مقدار يعلم بأنّ ما فيه من الفضّة الخالصة لا ينقص عن الفريضة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 295

(مسألة 1480) إذا ملك النّصاب و لم يعلم هل فيه غش أم لا، وجبت زكاته أو اختباره.

(مسألة 1481) إذا اقترض النّصاب و تركه بحاله عنده، حتى حال عليه الحول فزكاته عليه

لا على المقرض، بل لو شرط كونها عليه لم يلزم الشرط إذا كان المقصود وجوبها عليه. و لو شرط عليه التّبرّع عنه بأداء ما وجب عليه ففيه إشكال، لأنّ التّبرّع بأداء الزّكاة عن الحيّ مطلقا محلّ إشكال.

زكاة الغلّات

(مسألة 1482) لا تجب الزّكاة إلا في أربعة أجناس: الحنطة و الشّعير و التّمر و الزّبيب، و الأحوط إلحاق السّلت بالشّعير، و إلحاق العلس بالحنطة، بل في الثاني لا يخلو من قوّة، و أنه نوع من الحنطة في كلّ قشر حبّتان. و لا تجب الزّكاة في غيرها، و إن استحبّت في كلّ ما تنبت الأرض ممّا يكال أو يوزن من الحبوب، كالأرزّ و الماش و الذّرة و نحو ذلك، لا الخضر و البقول كما مرّ. و حكم ما يستحبّ فيه الزّكاة حكم ما تجب فيه من اعتبار بلوغ النّصاب و قدره و مقدار ما يخرج منه، و غير ذلك.

(مسألة 1483) يعتبر في زكاة الغلّات مضافا إلى ما مرّ من الشّرائط العامّة أمران، الشرط الأوّل: بلوغ النّصاب و هو خمسة أوسق، و الوسق ستون صاعا، فهو ثلاثمائة صاع، و الصّاع تسعة أرطال بالعراقي و ستة بالمدني، لأنه أربعة أمداد و المدّ رطلان و ربع بالعراقي و رطل و نصف بالمدني، فيكون النّصاب ألفين و سبعمائة رطل بالعراقي و ألف و ثمانمائة رطل بالمدني، و يعادل كما أخبر أهل الخبرة (885) ثمان مائة و خمسا و ثمانين كيلو غرام تقريبا، لأنّ الصّاع الشّرعي ثلاث كيلوات تقريبا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 296

(مسألة 1484) المدار في بلوغ النّصاب على حال اليبوسة و الجفاف و إن كان زمان التعلّق قبل ذلك، فلو كان عنده خمسة أوسق رطب لكنّها تنقص عنها عند جفافها،

فلا زكاة عليها، فمثل تمر البربن و شبهه ممّا يؤكل رطبا إنما تجب الزّكاة فيه إذا بلغ النّصاب تمرا، و لو فرض عدم صدق التّمر على يابسه، لم تجب الزّكاة.

(مسألة 1485) إذا كان له نخيل أو كروم أو زروع في بلاد متباعدة يدرك بعضها قبل بعض و لو بشهر أو شهرين أو أكثر، يضمّ بعضها إلى بعض ما دام الحاصل لعام واحد، و حينئذ إن بلغ ما أدرك منه النّصاب تعلّق به الوجوب، و ما لم يدرك إنّما تجب زكاته عند إدراكه، قلّ أو كثر.

و إن لم يبلغ النّصاب ما سبق إدراكه تربّص في الزّكاة حتى يدرك ما يكمّل النصاب.

(مسألة 1486) إذا كان له نخل أو كرم يثمر في العام مرّتين، لا يبعد عدم الضمّ إذا عدّ في العرف ثمرة عامين.

(مسألة 1487) الشّرط الثّاني: في زكاة الغلّات: التّملّك قبل تعلّق الزّكاة، بالزّراعة إن كان ممّا يزرع، أو بانتقال الزّرع أو الثّمرة مع الشّجرة أو منفردة إلى ملكه، فتجب عليه الزّكاة حينئذ، و إن لم يكن زارعا.

(مسألة 1488) المشهور أنّ وقت تعلّق الزّكاة عند اشتداد الحبّ في الزّرع و حين بدوّ الصّلاح، أي حين الاصفرار أو الاحمرار في ثمرة النّخل، و حين انعقاد الحصرم في ثمرة الكرم. و قيل إنّ المدار على التّسمية حنطة أو شعيرا أو تمرا أو عنبا، و لكن لا يترك الاحتياط مطلقا.

(مسألة 1489) وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلّة، و عند صيرورة الرّطب تمرا و العنب زبيبا، و هذا هو الوقت الذي لو أخّرها عنه ضمن، و يجوز للسّاعي مطالبة المالك فيه، و يلزمه القبول. و لو طالبه قبله لم يجب عليه القبول، و إن جاز له الإخراج بعد زمان التّعلّق و

وجب على السّاعي القبول، فوقت وجوب الأداء غير وقت التّعلّق.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 297

(مسألة 1490) إذا أراد المالك القطاف حصرما أو عنبا أو بسرا أو رطبا، جاز، و وجب أداء الزّكاة حينئذ، من العين أو القيمة إذا بلغ تمرها و زبيبها النّصاب. و المراد قيمة التّمر و الزّبيب، فإذا كانت قيمة الحصرم و الرّطب أقل ففيها إشكال، و كذا في إلزام الفقير بقطف الحصرم أو الرّطب.

(مسألة 1491) يجوز للمالك دفع الزّكاة و الثّمر على الشّجر، قبل الجذاذ منه، أو بقيمة التّمر و الزّبيب كما مرّ.

(مسألة 1492) إذا ملك نخلا أو ثمرا أو زرعا قبل تعلّق الزّكاة، فالزّكاة عليه بعد زمان التّعلّق مع اجتماع الشّرائط. بخلاف ما إذا ملك بعد زمان التّعلّق، فإنّ الزّكاة على من كان مالكا حال التّعلّق. لكن لو باعه مثلا قبل أداء ما عليه فالبيع بالنسبة إلى مقدار الزّكاة فضولي، فإن أجازه الحاكم الشّرعي طالبه بثمن مقدار الزّكاة، و إن دفعه إلى البائع رجع عليه بعد الدّفع إلى الحاكم، و إن لم يجزه كان له أخذ مقدار الزّكاة من المبيع، و يرجع المشتري على البائع فيأخذ ثمن هذا المقدار منه إن كان أدّاه إليه.

(مسألة 1493) إذا باع الزّرع أو الثّمر و شكّ في أنّ البيع كان بعد زمان التّعلّق حتى تكون الزّكاة عليه أو قبله حتى تكون على المشتري، لم يكن عليه شي ء، إلا إذا علم زمان التّعلّق و جهل زمان البيع، فيجب عليه حينئذ إخراجها على الأقوى. و إذا شكّ المشتري في ذلك، فإن كان قاطعا بأنّ البائع لم يؤدّ زكاته على تقدير كون الشّراء بعد زمان التّعلّق، فيجب عليه إخراجها مطلقا، و إن لم يكن قاطعا بذلك بل

كان قاطعا بأدائها على ذلك التّقدير أو احتمله، فليس عليه شي ء مطلقا، حتى لو علم زمان البيع و شكّ في تقدّم التّعلّق و تأخّره على الأقوى. و إن كان الأحوط في هذه الصورة إخراجها.

(مسألة 1494) إذا مات المالك بعد تعلّق الزّكاة و قبل إخراجها، تخرج من عين المال الزّكوي مع بقائها، و يجوز للورثة أداء قيمتها. و إذا تلفت مضمونة أخرجت من التركة. و إذا مات قبل التّعلّق وجب على من

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 298

بلغ سهمه النّصاب من الورثة مع اجتماع سائر الشّرائط. فإذا لم يبلغ سهم واحد منهم النّصاب فلا زكاة. و كذا إذا لم يعلم أن الموت كان قبل زمان التّعلّق أو بعده.

(مسألة 1495) إذا لم يعلم بأنّ التّعلّق كان في زمان حياة مورّثه أو بعده، فمن لم يبلغ نصيبه حدّ النّصاب لا يجب عليه شي ء، إلا إذا علم زمان التّعلّق و شكّ في زمان الموت، فيجب عليه إخراجها على الأقوى.

(مسألة 1496) إذا مات الزّارع و مالك النّخل أو الكرم و كان عليه دين، فإن كان موته بعد تعلّق الوجوب، وجب إخراج الزّكاة كما مرّ حتى لو كان الدّين مستوعبا التركة. و لا يتحاصّ الغرماء مع أرباب الزّكاة إلا إذا صارت في ذمّته في زمان حياته بسبب إتلافه أو التّلف مع تفريطه، فيقع التّحاص بينهم كسائر الدّيون. و إن كان موته قبل تعلّق الوجوب فإن كان قبل ظهور الحبّ و الثّمر، وجبت الزّكاة على من بلغ نصيبه حدّ النّصاب مع اجتماع الشّرائط كما مرّ، و لا يمنع دين الميّت عن تعلّق الزّكاة بالنّماء الحاصل في ملك الورثة على إشكال. و إن كان موته بعد ظهور الحبّ و الثّمر، فإن كان

الورثة قد أدّوا الدّين أو ضمنوه برضا الدّيّان قبل تعلّق الوجوب، وجبت الزّكاة على من بلغ سهمه النّصاب، و إلّا فالظّاهر عدم وجوبها إذا كان الدّين مستوعبا، و فيما قابل الدّين إذا كان غير مستوعب، لأنّ النّماء تابع للأصل في تعلّق حقّ الغرماء به.

(مسألة 1497) حيث أنّ حاصل المزارعة مشترك بين المالك و العامل، فيجب على كلّ منهما الزّكاة في حصته مع اجتماع الشّرائط بالنّسبة إليه.

بخلاف الأرض المستأجرة للزّراعة، فإنّ الزّكاة على المستأجر مع اجتماع الشّرائط، و ليس على المؤجر شي ء، و إن كانت الأجرة من جنس الحنطة و الشّعير.

(مسألة 1498) الزّكاة في المزارعة الفاسدة على صاحب البذر، و أجرة الأرض و العامل من المؤن، فتخرج قبل إخراجها. و في المساقاة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 299

الفاسدة على صاحب الأصول، و تحسب أجرة مثل عمل المساقي من المؤن.

(مسألة 1499) إذا كان عنده أنواع من التّمر كالزّاهدي و الخستاوي و القنطار و غير ذلك، يضمّ بعضها إلى بعض في حساب النّصاب، و الأحوط الأخذ من كلّ نوع بحصته، و إن كان الأقوى جواز الاجتزاء بمطلق الجيّد عن الكلّ و إن اشتمل على الأجود. و لا يجوز دفع الرّدي عن الجيّد على الأحوط، و هكذا الحال في أنواع العنب.

(مسألة 1500) يجوز تخمين مقدار ثمر النّخل و الكرم و ما يصفي منهما تمرا أو زبيبا، بخرص أهل الخبرة، و يتبعه تعيين مقدار الزّكاة.

________________________________________

گلپايگانى، سيد محمد رضا موسوى، هداية العباد (للگلبايگاني)، 2 جلد، دار القرآن الكريم، قم - ايران، اول، 1413 ه ق

هداية العباد (للگلبايگاني)؛ ج 1، ص: 299

(مسألة 1501) وقت التّخمين بعد بدوّ الصّلاح الذي هو زمن التّعلّق، و فائدته جواز تصرّف المالك في الثّمر كيف شاء

بدون احتياج إلى ضبط الحساب.

(مسألة 1502) يقوم بالخرص (التّخمين) السّاعي بنفسه أو بغيره، بل يقوى جوازه للمالك بنفسه إذا كان عارفا، أو بعارف آخر إذا كان عدلا، مع احتمال جواز الاكتفاء بأمانته و وثاقته.

(مسألة 1503) لا يشترط في الخرص الصّيغة، بل يكفي عمل الخرص.

(مسألة 1504) إذا زاد ما في يد المالك عما تعيّن بالخرص، فالأحوط مع العلم بالزّيادة فسخ الخارص، أو إخراج المالك زكاة الزّيادة رجاء.

و إن نقص عن الخرص كان على المالك على الأصحّ. نعم لو تلفت الثّمرة أو بعضها بآفة سماوية أو أرضية أو ظلم ظالم، لم يضمن.

(مسألة 1505) إنّما تجب الزّكاة بعد إخراج ما يأخذه السّلطان من عين الحاصل بعنوان المقاسمة، بل و ما يأخذه نقدا باسم الخراج أيضا على الأصحّ. و أما ما يأخذه العمّال زائدا على ما قرّره السّلطان ظلما، فإن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 300

كانوا يأخذونه من نفس الغلّة قهرا فالظّلم وارد على الكلّ و لا يضمن المالك حصة الفقراء، و يكون بحكم الخراج في أنّ اعتبار الزّكاة بعد إخراجه. و إن كانوا يأخذونه من غيرها، فالأحوط الضّمان خصوصا إذا كان الظّلم شخصيا، بل لا يخلو حينئذ من قوّة.

(مسألة 1506) إنّما يعتبر إخراج الخراج بالنّسبة إلى الزّكاة، فيخرج من الوسط ثم يؤدّي العشر أو نصف العشر ممّا بقي. و أما بالنّسبة إلى النّصاب، فإن كان ما ضرب على الأرض بعنوان المقاسمة فلا إشكال في اعتباره من بعده، بمعنى أنه يلاحظ بلوغ النّصاب في حصته لا في المجموع منها و من حصة السّلطان، و أما إن كان بغير عنوان المقاسمة ففيه إشكال، و الأحوط إن لم يكن الأقوى اعتباره قبله، إلا إذا تعارف أخذها من العين الزّكوية بحيث

يصير كالمقاسمة، فالأقوى اعتبار النّصاب من بعدها.

(مسألة 1507) الظّاهر عدم اختصاص حكم الخراج بما يأخذه السّلطان المخالف المدّعي للخلافة و الولاية على المسلمين بغير استحقاق، بل يعمّ سلاطين الشيعة الّذين لا يدّعون ذلك، بل لا يبعد شموله لكلّ مسؤول عن جباية الخراج حتى إذا لم يكن سلطانا، كبعض الحكومات المتشكلة في هذه الأعصار. و في تعميم الحكم لغير الأراضي الخراجية كالّذي يأخذه الجائر من أراضي الصّلح أو التي كانت مواتا فملكت بالإحياء، وجه بل لا يخلو من قوّة.

(مسألة 1508) الأقوى اعتبار خروج المؤن جميعها من غير فرق بين السّابقة على زمان التّعلّق و اللّاحقة، و الأحوط إن لم يكن أقوى اعتبار النّصاب قبل إخراجها، إلا إذا تعارف صرف العين الزّكوية بحيث يكون كالمقاسمة، فإذا بلغ الحاصل حدّ النّصاب تعلّق به الزّكاة مع اجتماع سائر الشّرائط. لكن تخرج المؤن من الوسط ثمّ يخرج العشر أو نصف العشر من الباقي قلّ أو كثر، فيكون النّصاب من بعدها كما مرّ. نعم لو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 301

استوعبت المؤنة تمام الحاصل فلا زكاة.

(مسألة 1509) المراد بالمؤنة كلّ ما يصرفه المالك في نفقة هذه الثّمرة، في تنميتها أو حفظها، كالبذر و ثمن الماء لسقيها، و أجرة الفلّاح و الحارس و السّاقي و الحصاد و الجذاذ، و أجرة الوسائل المختلفة، و أجرة الأرض و لو كانت غصبا و لم ينو إعطاء أجرتها لمالكها. و ما يصرفه في تجفيف الثّمرة و إصلاح النّخل، و ما يصرفه في تسطيح الأرض و تنقية النّهر، بل و في إحداثه لو كان هذا الزّرع أو النّخل أو الكرم محتاجا إليه.

(مسألة 1510) الظّاهر أنه ليس من المؤنة ما يصرفه مالك البستان مثلا في حفر بئر

أو نهر أو بناء دولاب أو ناعور أو حائط، و نحو ذلك، ممّا يعدّ من مؤنة تعمير البستان لا من مؤنة ثمرته. نعم إذا صرف ذلك ضامن النّخل و الكرم و مشتري الثّمرة لأجل الثّمر الذي اشتراه، يكون من مؤنته.

(مسألة 1511) لا تحسب من المؤنة أجرة المالك إذا كان هو العامل، و لا أجرة ولده أو زوجته أو الأجنبي المتبرّعين بالعمل، و كذا أجرة الأرض و العوامل إذا كانت مملوكة له. بل الأحوط عدم احتساب ثمن العوامل و الآلات و الأدوات التي يشتريها للزّرع و السّقي ممّا يبقى عينها بعد استيفاء الحاصل، و الأقوى جواز احتساب ما يرد عليها من نقص بسبب استعمالها في الزّرع و السّقي، و كذا ثمن الثّمر و الزّرع، بشرط أن يقسّط بين الحنطة و التّبن.

(مسألة 1512) إذا اشترى الزّرع فثمنه من المئونة، و كذا قيمة ضمان النّخل و الشّجر. بخلاف ما لو اشترى نفس الأرض و النّخل و الشّجر.

(مسألة 1513) قيمة البذر إذا كان من ماله المزكّى أو مال لا زكاة فيه، من المؤنة. و المناط قيمة يوم تلفه و هو وقت الزّرع.

(مسألة 1514) الأقوى أنّ الزّكاة متعلقة بالعين على وجه الإشاعة، و أنّ الفقراء شركاء فيها، نعم حصة المالك من المؤنة لكنّها مثليّة. و مع ذلك لا بأس بالتّصرّف في بعض النّصاب إذا كان بانيا على أداء الزّكاة من البقيّة،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 302

لكنّ الأحوط عدم التّصرّف إلا بعد الأداء أو العزل.

(مسألة 1515) إذا كان مع المال الزّكوي غيره وزّعت المؤنة عليهما، و كذا الخراج الذي يأخذه السّلطان، إذا كان مضروبا على الأرض و ليس على خصوص المال الزّكوي. و الأقوى توزيعها على التّبن و الحبّ، إلا

إذا لم يكن للتّبن قيمة معتنى بها للزّارع، فلا توزّع عليه المئونة.

(مسألة 1516) إذا كان للعمل مدخليّة في ثمر سنين عديدة، يتعيّن احتسابه من مؤنة السّنة الأولى إذا احتاج الحاصل إليه فيها، و لو كان مؤثّرا في السّنوات التي بعدها أيضا، و إن لم يحتج إليه فيها، تعيّن توزيعه على السّنوات التي له تأثير فيها.

(مسألة 1517) إذا شكّ في كون شي ء من المؤن أو لا، لم يحسب منها في الشّبهات المفهوميّة، و أما في الشّبهات المصداقيّة مع العجز عن تحصيل العلم، فلا مانع من أن يحسب.

(مسألة 1518) كلّ ما سقي سيحا و لو بحفر نهر و نحوه، أو بعلا و هو ما يشرب بعروقه، أو عذبا و هو ما يسقى بالمطر، ففيه العشر، و ما يسقى بالعلاج بالدّلو و الدّوالي و النّواضح و نحوها من العلاجات ففيه نصف العشر. و إن سقي بهما، فالحكم للأكثر الذي ينسب السّقي إليه عرفا، و إن تساويا بحيث لم يتحقّق إسناد السّقي إلى واحد بمفرده بل يصدق أنه سقي بهما، ففي نصفه العشر، و في نصفه الآخر نصف العشر.

و مع الشّكّ فالواجب الأقلّ، و الأحوط الأكثر.

(مسألة 1519) الأمطار العادية في أيام السّنة لا تخرج ما يسقى بالدّوالي عن حكمه، إلا إذا استغنى بها عن الدّوالي أو صار مشتركا بينهما.

(مسألة 1520) إذا أخرج شخص الماء بالدّوالي على أرض مباحة مثلا عبثا أو لغرض، فزرعها آخر و شرب الزّرع بعروقه، يجب العشر على الأحوط. و كذا إذا أخرجه هو بنفسه لغرض آخر غير الزّرع، ثمّ بدا له أن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 303

يزرع زرعا يشرب بعروقه. بل و كذا إذا أخرجه لزرع فزاد و جرى على أرض أخرى، فبدا

له أن يزرع فيها زرعا و يشرب بعروقه.

(مسألة 1521) تستحبّ الزّكاة في أمور، الأول: مال التّجارة على الأصحّ، و هو المال الذي يتّجر و يكتسب به. و يعاوض به بقصد الرّبح، سواء كان تملّكه بعقد المعاوضة أو بمثل الهبة و الصّلح المجاني أو الإرث على الأقوى. و يكفي في الدّخول في هذا العنوان إعداد المال للتجارة بأن يدخله في دكانه و يكتبه في رأس ماله، نعم لا يكفي مجرّد قصد الاتّجار من دون إعداده، فلو ملك مالا بالمعاوضة أو غيرها قاصدا به الاقتناء أو الصرف في مؤنته ثمّ بدا له ان يكتسب به، و نوى الاتّجار به. لم يكن من مال التّجارة ما لم يشتغل بالاكتساب به ببيعه أو جعله ثمنا لشي ء.

نعم لو كان موردا للاتّجار عند المنتقل عنه كما إذا ورث ابن التاجر أموال تجارة أبيه و نوى الاتّجار بها ففي الاكتفاء بذلك وجه قوي إذا كتبه من رأس ماله و أعدّه للتّجارة. و يشترط فيه أمور، أوّلا: بلوغه حدّ النّصاب، و هو نصاب أحد النّقدين، فلا زكاة فيما لم يبلغ حدّه. ثانيا: مضيّ الحول من حين إعداده للتّجارة و إن لم يتّجر به فعلا. ثالثا: لا يشترط بقاؤه بعينه طول الحول، و كذا السّلعة التي اشتريت به على الأقوى. و قدر الزّكاة فيه ربع العشر كما في النّقدين. الثّاني: تستحبّ الزّكاة في كلّ ما يكال و يوزن غير الغلّات الأربع، عدا الخضر كالبقل و الفواكه و الباذنجان و الخيار و البطّيخ. و حكمه حكم الغلّات الأربع، في قدر النّصاب و قدر ما يخرج منها من العشر أو نصف العشر، و إخراج الخراج و المؤن، و غير ذلك.

الثّالث: زكاة الخيل الإناث العتاق السائمة التي

حال عليها الحول، عن الفرس في كلّ سنة ديناران، و عن البرذون في كلّ سنة دينار، و الظّاهر ثبوتها حتى مع الاشتراك، فلو اشترك جماعة في فرس تثبت الزّكاة بينهم.

الرّابع: حاصل العقارات المتّخذة للنّماء من الدّكاكين و المساكن و الحمّامات و الخانات و نحوها، و الظّاهر اعتبار نصاب النّقدين فيها، و مقدار زكاتها ربع العشر. الخامس: الحليّ، فإنّ زكاته إعارته.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 304

مصارف الزّكاة

(مسألة 1522) مصارف الزّكاة ثمانية: الأوّل و الثّاني: الفقراء و المساكين، و هم الّذين لا يملكون مؤنة سنتهم اللّائقة بحالهم لهم و لمن يقومون به، لا فعلا و لا قوة، و المساكين أسوأ حالا من الفقراء. فمن كان ذا اكتساب يموّن به نفسه و عياله على وجه يليق بحاله ليس من الفقراء و المساكين و لا يحلّ له الزّكاة، و كذا صاحب الصّنعة و الضّيعة و غيرهما ممّا تحصل منه مؤنته. أما القادر على الاكتساب و لكن لم يفعل تكاسلا، فالأقوى جواز أخذه من الزّكاة بعد العجز. نعم الأحوط له ترك التكاسل.

(مسألة 1523) مبدأ السّنة التي تدور صفتا الفقر و الغنى مدار مالكية مؤنتها و عدمها، هو زمان إعطاء الزّكاة، فيلاحظ كفايته و عدمها في ذلك الزمان، فكلّما كان مالكا لمقدار كفاية سنته كان غنيا، فإذا نقص عن ذلك بعد صرف بعضه يصير فقيرا، فيمكن أن تتبدّل صفتا الفقر و الغنى لشخص في يوم واحد مرات عديدة.

(مسألة 1524) إذا كان له رأس مال يكفي لمؤنة سنته لكن لم يكفه ربحه، أو ضيعة تكفي قيمتها لمؤنة سنة أو سنوات و لكن لم تكفه عائداتها، لا يكون غنيا، فيجوز له أن يبقيها و يأخذ من الزّكاة بقية المؤنة.

(مسألة 1525) يجوز إعطاء

الفقير أكثر من مقدار مؤنة سنته، بل يجوز دفع ما يكفيه لسنين، لكن يعطى ذلك دفعة لا تدريجا. و الأقوى عدم وجوب الاقتصار على التتمة في المكتسب الذي لا يفي كسبه، و صاحب الضيعة التي لا يفي حاصلها، و التّاجر الذي لا يكفي ربحه.

(مسألة 1526) دار السكنى و الخادم و فرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله و لو لعزة و شرفه، و الثياب و الألبسة الصيفية و الشتوية

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 305

و السفرية و الحضرية و لو كانت للتّجمّل، و الفروش و الظروف و غير ذلك، لا تمنع من إعطائه الزّكاة. نعم لو كان عنده أكثر من مقدار حاجته المتعارفة بحسب حاله، بحيث لو صرفها تكفي لمؤنة سنته، فلا يجوز له أخذ الزّكاة.

(مسألة 1527) إذا كان قادرا على التكسّب و لو بالاحتطاب و الاحتشاش، و كان ذلك ينافي شأنه، أو كان يشقّ عليه مشقّة شديدة لكبر أو مرض و نحو ذلك، يجوز له أخذ الزّكاة. و كذا إذا كان صاحب صنعة أو حرفة لا يمكنه الاشتغال بها لعدم الطالب، أو لفقد أسبابها.

لكن الأحوط أن يقتصر الأخير على أخذ الزّكاة لتهيئة وسائل صنعته و حرفته.

(مسألة 1528) إذا لم يكن له حرفة و صنعة لائقة بشأنه فعلا، و لكن يقدر على تعلّمها بغير مشقة شديدة، فالأقوى عدم وجوب التعلّم عليه، و جواز أخذه من الزّكاة، و إن كان الأحوط التعلّم.

(مسألة 1529) يجوز لطالب العلم ترك التكسّب و لو كان قادرا عليه، و الاشتغال بطلب العلم الواجب أو المستحب بل المباح، و يجوز له أخذ نفقته و نفقة عياله من الزّكاة. أما جواز الأخذ بمجرد الاشتغال مع بقاء القدرة على الكسب، ففيه إشكال، و الأحوط

الترك إلا بعد العجز.

نعم الأخذ من سهم سبيل اللّه لا إشكال فيه مع الاشتغال بتحصيل راجح.

(مسألة 1530) إذا شك أن ما في يده كاف لمؤنة سنته، لا يجوز له أخذ الزّكاة، إلا إذا كان مسبوقا بعدم وجود ما يكفي، ثم وجد ما يشكّ في كفايته.

(مسألة 1531) إذا كان له دين على الفقير جاز احتسابه زكاة و لو كان ميّتا، بشرط أن لا يكون له تركة تفي بدينه، و إلا لم يجز. نعم لو كانت له تركة لكن لا يمكن استيفاء الدين منها، من جهة امتناع الورثة أو غيره، فالظّاهر الجواز.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 306

(مسألة 1532) إذا ادّعى الفقر، فإن عرف صدقه أو كذبه عومل به، و لو جهل حاله أعطي من غير يمين مع سبق فقره، و إلا فالأحوط اعتبار الظنّ بصدقه الناشئ من ظهور حاله، خصوصا مع سبق غناه. و أحوط منه اعتبار الوثوق.

(مسألة 1533) لا يجب إعلام الفقير أنّ المدفوع إليه زكاة، بل يستحب إعطاؤه إيّاها على وجه الصّلة ظاهرا و الزّكاة واقعا، إذا كان ممن يترفع و يدخله الحياء منها.

(مسألة 1534) إذا دفع الزّكاة إلى شخص على أنه فقير، فبان غنيا، استرجعها منه مع بقاء العين، بل و مع تلفها أيضا مع علم القابض بكونها زكاة، و إن كان جاهلا بحرمتها على الغني. بخلاف ما إذا كان جاهلا بكونها زكاة، فإنه لا ضمان عليه. و لا فرق في ذلك بين الزّكاة المعزولة و غيرها. و كذا الحال لو دفعها إلى غنيّ جاهلا بحرمتها عليه. و لو تعذّر استرجاعها في الصورتين أو تلفت بلا ضمان أو معه و تعذّر أخذ عوضها، كان الدافع ضامنا و عليه الزّكاة مرة أخرى. نعم لو

كان الدافع هو المجتهد أو وكيله فلا ضمان عليه، بل و لا على المالك أيضا إذا كان دفعها إلى المجتهد بعنوان أنه ولي عامّ على الفقراء، و أما إذا كان بعنوان الوكالة عن المالك، فالظاهر ضمان المالك، فيجب عليه أداء الزّكاة ثانيا.

(مسألة 1535) الثالث: العاملون عليها، و هم السّاعون في جبايتها، المنصوبون من قبل الإمام عليه السلام أو نائبه لأخذها و ضبطها و حسابها فإن لهم من الزّكاة سهما لأجل عملهم و إن كانوا أغنياء. و الإمام أو نائبه مخيّر بين أن يقدّر لهم جعالة مقدرة، أو أجرة عن مدّة مقررة، و بين أن لا يجعل لهم جعلا فيعطيهم ما يراه. و الأقوى عدم سقوط هذا الصنف في زمان الغيبة مع بسط يد نائبها.

(مسألة 1536) الرابع: المؤلّفة قلوبهم، و هم الكفّار الذين يراد تأليفهم إلى الجهاد أو الإسلام، و المسلمون الذين عقائدهم ضعيفة. و لا يبعد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 307

اختصاص إعطاء هذا السهم بالإمام عليه السلام.

(مسألة 1537) الخامس: في الرّقاب، و هم المكاتبون العاجزون عن أداء مال الكتابة، و العبيد تحت الشدّة، بل مطلق عتق العبد لكن مع عدم وجود المستحق للزّكاة، بخلاف الأول فإنه يشترى و يعتق و إن وجد المستحق.

(مسألة 1538) السادس: الغارمون، و هم الذين عليهم الديون في غير معصية و لا إسراف، و لم يتمكّنوا من وفائها، و لو ملكوا قوت سنتهم.

(مسألة 1539) المراد بالدّين كل ما اشتغلت به الذمّة و لو كان مهرا لزوجته أو غرامة لما أتلفه، أو ما تلف عنده مضمونا. و الأحوط اعتبار الحلول فيه.

(مسألة 1540) إذا كان المديون كسوبا يتمكّن من قضاء دينه تدريجا، فإذا لم يرض بذلك الدّائن و طالب بالتعجيل، فلا

إشكال في جواز إعطائه من هذا السهم، و إن رضي بالتأخير، فالأحوط عدم إعطائه.

(مسألة 1541) إذا كان المديون ممن تجب نفقته على من عليه الزّكاة، جاز له إعطاؤه لوفاء دينه، و إن لم يجز إعطاؤه لنفقته.

(مسألة 1542) كيفية صرف الزّكاة في هذا المصرف إمّا بدفعها إلى المديون ليوفي دينه، و إمّا بالدفع إلى الدّائن وفاء عنه، و لو كان الغريم مديونا لمن عليه الزّكاة، جاز له احتساب ما في ذمّته زكاة، أو يحتسب ما عنده من الزّكاة وفاء لدينه على الغريم، فتبرأ بذلك ذمّته و إن لم يقبض الزّكاة و لم يوكّل المالك في قبضها، بل و إن لم يكن له اطلاع.

(مسألة 1543) إذا كان لمن عليه الزّكاة دين على شخص و كان لذلك الشخص دين على فقير، جاز له احتساب ما على ذلك الشخص زكاة ثم احتسابه وفاء عمّا له على ذلك الفقير.

(مسألة 1544) قد عرفت شرط كون الدّين في غير معصية، و المدار

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 308

على صرفه فيها لا على كون الاستدانة لأجلها، فلو استدان لغير المعصية فصرفه فيها، لم يعط من هذا السهم، بخلاف العكس.

(مسألة 1545) السابع: في سبيل اللّه، و هو جميع سبل الخير، كبناء القناطر و المدارس و الخانات، و بناء المساجد، و إعانة الحاج و الزّائرين، و إكرام العلماء و المشتغلين و تخليص الشّيعة من يد الظّالمين، و نحو ذلك.

نعم الأحوط اعتبار الفقر في الزائر و الحاج و نحوهما، إلا أن الأقوى خلافه لكن مع عدم التمكّن من الزّيارة و الحج و نحوهما من مالهم. بل يجوز دفع هذا السهم في كل قربة و إن تمكّن المدفوع إليه من فعلها بغير الزّكاة.

(مسألة 1546) الثامن: ابن

السبيل، و هو المنقطع به في الغربة و لو كان غنيا في بلده، و يشترط أن يكون سفره مباحا، و أن لا يكون نفسه في معصية أيضا على الأحوط و إن كان السفر مباحا، فلو كان سفره معصية أو كان هو في معصية لم يعط، و كذا لو تمكّن من الاقتراض أو غيره.

(مسألة 1547) يدفع إليه من الزّكاة مقدار ما يوصله إلى بلده على وجه يليق بحاله و شأنه، أو إلى محلّ يمكنه تحصيل النفقة و لو بالاستدانة، و لو وصل إلى بلده و فضل مما أخذ شي ء و لو بسبب تقتيره على نفسه أعاده على الأحوط، حتى في مثل الدابة و الثّياب و نحوها، فيدفعه إلى المالك أو وكيله، و إن لم يتمكّن فإلى الحاكم و يعلمه بأنّه من الزّكاة ليصرفه في مصرفها.

(مسألة 1548) إذا التزم بنذر أو شبهه أن يعطي زكاته فقيرا معينا، يتعيّن إذا كان في إعطائه إياه جهة راجحة. و لو غفل و أعطى غير المنذور له فلا يجزيه، لأن إعطاء الزّكاة لغير المنذور موجب لتفويت موضوع النذر و هو حرام. و يتفرّع عليه وجوب العمل بالنذر و وجوب الاسترجاع مع بقاء العين إن كان المعطى تعيّن للزكاة، كما إذا كان معزولا قبل ذلك. أما إذا أعطاها لغير المنذور له من غير المال المعين زكاة، فاسترجاعه مشكل.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 309

شروط المستحقين للزكاة

(مسألة 1549) و هي أمور: الأول: الإيمان، فلا يعطى الكافر، و لا المخالف للحقّ و إن كان من فرق الشيعة، بل و لا المستضعف من فرق المخالفين. نعم يعطى المستضعف من زكاة الفطرة على ما يأتي مع عدم وجود المؤمنين في ذلك البلد. و لا يعطى ابن الزنا

من المؤمنين في حال صغره فضلا عمّن كان من غيرهم. و يعطى أطفال المؤمنين من غير فرق بين الذكر و الأنثى و المميّز و غيره، بل لو تولّد بين المؤمن و غيره أعطي منها أيضا، خصوصا إذا كان الأب مؤمنا. و لا تعطى بيد الطفل بل تدفع إلى وليّه أو يصرفها عليه بنفسه أو بواسطة أمين، و المجنون كالطفل. أما السفيه، فيجوز الدفع إليه و إن تعلّق الحجر به.

(مسألة 1550) الثاني: العدالة على الأحوط، فلا يعطى غير العدل سيما المتجاهر بارتكاب الكبائر، و إن كان الأقوى الاكتفاء بالايمان و إن تفاوتت في الأفراد مراتب الرجحان. نعم يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الإثم أو إغراء بالقبيح، و كان في المنع ردع عن المنكر.

و الأحوط اعتبار العدالة في العامل، أما في الغارم و ابن السّبيل و الرّقاب، فغير معتبرة، فضلا عن سهم المؤلّفة قلوبهم، و سهم سبيل اللّه.

(مسألة 1551) الثالث: أن لا يكون ممن تجب نفقته على المالك، كالأبوين و إن علوا و الأولاد و إن نزلوا و الزوجة الدائمة التي لم يسقط وجوب نفقتها بشرط أو غيره من الأسباب الشرعية، و المملوك سواء كان آبقا أو مطيعا، فلا يجوز دفعها إليهم للإنفاق و إن سقط عنه وجوبه لعجزه، من غير فرق بين أن يكون تمام الإنفاق من الزّكاة و بين أن يتمّم ما يجب عليه بها، كما لو كان قادرا على إطعامهم و عجز عن كسوتهم فأراد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 310

كسوتهم منها. نعم لا يبعد جوازه للتوسعة عليهم، و إن كان الأحوط خلافه. و يجوز دفعها لهم لأجل إنفاقهم على من تجب نفقته عليهم دونه كزوجة الوالد أو الولد.

كما يجوز دفع الغير لهم و لو للإنفاق. نعم لو كان من يجب عليه نفقتهم باذلا، فالأحوط عدم الدفع.

(مسألة 1552) إذا عال بأحد تبرعا، جاز له دفع زكاته له فضلا عن زكاة غيره للإنفاق فضلا عن التوسعة، من غير فرق بين كون المعال به المزبور قريبا أو أجنبيا.

(مسألة 1553) لا بأس بدفع الزوجة زكاتها للزوج و إن أنفقها عليها، و كذا غيرها ممّن تجب نفقته عليه بسبب من الأسباب.

(مسألة 1554) ما يحرم إعطاؤه لمن وجبت عليه النفقة هو إعطاؤه للإنفاق الواجب أو لتتميمه مطلقا على الأحوط. فلا مانع من إعطائه من سهم الفقراء للتوسعة غير الواجبة، كما أنه لا مانع منه من سائر السهام إذا كان مصداقا لها، فيجوز للوالد إعطاء الزّكاة إلى ولده طالب العلم لشراء الكتب العلمية أو غيرها مما يحتاج إليه الطّلبة، من سهم سبيل اللّه تعالى، بل يجوز إعطاؤه للصرف في مؤنة الزّواج أو في السفر إلى الحج أو الزيارة.

(مسألة 1555) يجوز دفع الزّكاة إلى الزوجة الدائمة التي سقط وجوب نفقتها بالشرط و نحوه. نعم إذا كان سقوط نفقتها لأجل النشوز يشكل جواز الدفع إليها لتمكّنها من النفقة بترك النشوز. و كذا يجوز دفعها إلى المتمتّع بها حتى زكاة زوجها، نعم لو وجبت على الزوج نفقتها من جهة الشرط أو نحوه، فلا يجوز له أن يدفع إليها، بل لا يجوز لغيره أيضا مع يسار الزوج و كونه باذلا.

(مسألة 1556) الرابع: أن لا يكون هاشميا إذا كانت الزّكاة من غيره، أما زكاة الهاشمي فلا بأس بها له، كما لا بأس بزكاة غيره مع الاضطرار، و لكن الأحوط إن لم يكن أقوى الاقتصار على قدر الضرورة يوما فيوما.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 311

(مسألة 1557) الأحوط لبني هاشم اجتناب مطلق الصدقة الواجبة و لو بالعارض، إلا إذا كانت منذورة له.

(مسألة 1558) لا بأس بدفع الصدقة المندوبة إلى بني هاشم و لو كانت زكاة تجارة. و المشكوك كونه هاشميا بدون بينة أو شياع بحكم غيره، فيعطى من الزّكاة. نعم لو ادّعى أنه هاشمي لا تدفع إليه الزّكاة لإقراره بعدم الاستحقاق، لا لثبوت مدّعاه بمجرد دعواه، و لذا لا يعطى من الخمس أيضا، ما لم تثبت صحة دعواه من الخارج.

(مسألة 1559) لا يجب بسط الزّكاة على الأصناف الثمانية، بل يجوز تخصيصها ببعضها، نعم يستحب البسط مع سعتها و وجودهم. و كذا لا يجب في كل صنف البسط على أفراده و إن تعددوا، فيجوز التخصيص ببعضهم.

(مسألة 1560) تجب النيّة في الزّكاة، و لا يجب فيها أكثر من القربة و تعيين أنها زكاة، دون نيّة الوجوب و الندب، و إن كان هو الأحوط، فلو كان عليه زكاة و كفارة مثلا، وجب تعيين أحدهما حين الدفع، بل الأحوط إن لم يكن أقوى ذلك بالنسبة إلى زكاة المال و الفطرة.

(مسألة 1561) لا يعتبر تعيين الجنس الذي تخرج منه الزّكاة أنه من الأنعام أو النّقدين أو الغلّات، فيكفي مجرد قصد كونه زكاة، من غير فرق بين أن يكون محل الوجوب متحدا أو متعددا، إذا كان المعطى مصداقا لكلا الواجبين، مثل أن يكون مالكا النصاب الأول من الإبل و الغنم فأعطى شاتين بقصد زكاتهما، و أما إذا أعطى شاة لأحد الجنسين أو الأجناس بنحو الإبهام فمشكل. نعم إذا قصد في إعطاء الشاة الواحدة الزّكاة بلا قصد أحد الجنسين، فلا يبعد الصحة فتوزّع عليهما.

فاحتساب الزّكاة من جنسه لا يحتاج إلى أكثر من نيّة الزّكاة، بخلاف احتسابها من

غير الجنس، فإنه لا بدّ فيه من قصد كونه قيمة لما هو واجب عليه.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 312

(مسألة 1562) إذا وكّل المالك أحدا في أداء زكاته يتولّى الوكيل النيّة، إذا كان المال الذي يزكّيه عند الوكيل و كان مخرجا للزّكاة. أما إذا أخرج زكاته و دفع إلى شخص ليوصله إلى محلّه، فينوي هو، و الأحوط استمرار نيّته حتى يدفعها الوكيل إلى الفقير. و يتولى الحاكم النيّة عن الممتنع.

(مسألة 1563) إذا دفع المال إلى الفقير بلا نيّة، فله تجديد النيّة و لو بعد زمان طويل مع بقاء العين. و أما مع تلفها فإن كان مضمونا و اشتغلت ذمّة الآخذ، فله أن يحسبها زكاة كسائر الديون، و أما مع تلفها بلا ضمان، فلا محلّ لنيّتها زكاة.

(مسألة 1564) إذا كان له مال غائب و دفع إلى الفقير مقدار زكاته، و نوى أنه إن كان باقيا فهذا زكاته، و إن كان تالفا فهذا صدقة مستحبة أو ردّ مظالم مثلا، صحّ و أجزأ.

(مسألة 1565) الأحوط إن لم يكن أقوى عدم تأخير إخراج الزّكاة عن وقت وجوبها و لو بعزلها مع الإمكان، بل الأحوط عدم تأخير الدفع و الإيصال أيضا مع وجود المستحق، و إن كان الأقوى الجواز إلى شهر أو شهرين، خصوصا مع انتظار مستحق معيّن أو أفضل. و يضمنها لو تلفت بالتأخير لغير عذر.

(مسألة 1566) لا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب إلا على جهة القرض على المستحق، فإذا جاء الوقت احتسبها عليه زكاة مع بقاء القابض مستحقا و بقاء وجوبها، و له أن يستعيدها منه و يدفعها إلى غيره، إلا أن الأولى و الأحوط حينئذ أن يحتسبها عليه و لا يسترجعها.

(مسألة 1567) الأفضل بل الأحوط دفع الزّكاة

إلى الفقيه في زمن الغيبة، سيما إذا طلب لأنه ذلك لأنه أعرف بمواقعها، و إن كان الأقوى عدم وجوبه إلا إذا طلبها بنحو الحكم و الإيجاب لوجود مصلحة موجبة في نظره، سواء كان المالك مقلّدا له أم لا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 313

(مسألة 1568) يستحب ترجيح الأقارب على الأجانب، و أهل الفضل و الفقه و العقل على غيرهم، و من لا يسأل من الفقراء على أهل السّؤال.

(مسألة 1569) يجوز عزل الزّكاة- حتى مع وجود المستحق- و تعيينها في مال مخصوص، و إن كان من غير جنسها و ذلك بنيّة قيمتها، فتكون أمانة في يده لا يضمنها إلا بالتعدّي أو التفريط، و ليس له تبديلها بعد عزلها.

(مسألة 1570) إذا أتلف الزّكاة المعزولة متلف، مع عدم التأخير الموجب للضمان، فالضمان على المتلف دون المالك، و مع التأخير المذكور يكون الضمان عليهما، و إن كان قرار الضمان على المتلف.

(مسألة 1571) إذا اتّجر بما عزله زكاة، تكون الخسارة عليه و الربح للفقير إذا أمضى الحاكم المعاملة. و كذا إذا اتّجر بالنصاب قبل إخراج الزّكاة، فيوزّع الربح على الفقير و المالك بالنسبة.

(مسألة 1572) يجوز نقل الزّكاة من بلده، سواء وجد المستحق فيه أو لم يوجد، و لو تلفت يضمن في الأول دون الثاني، كما أنّ مؤنة النقل عليه مطلقا.

(مسألة 1573) إذا قبض الفقيه الزّكاة بعنوان الولاية على الفقير، برئت ذمّة المالك و لو تلفت عنده بتفريط أو غيره، أو أعطاها لغير المستحق اشتباها. و إذا قبضها بعنوان الوكالة عن المالك لم تبرأ ذمّته إلا إذا أعطاها للمستحق.

(مسألة 1574) إذا احتاجت الزّكاة إلى كيل أو وزن، كانت أجرة الكيّال و الوزّان على المالك لا على الزّكاة.

(مسألة 1575) من كانت عليه

زكاة و حضرته الوفاة، يجب عليه الإيصاء بإخراجها من تركته، و كذا سائر الحقوق الواجبة. و لو مات و كان الوارث أو الوصي مستحقّا، جاز احتسابها عليه، لكن يستحب دفع شي ء

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 314

منها إلى غيرهما.

(مسألة 1576) يكره لربّ المال أن يطلب من الفقير تمليكه ما دفعه إليه صدقة و لو مندوبة، سواء كان التملّك مجّانا أو بالعوض. نعم لو أراد الفقير بيعه بعد تقويمه عند من أراد، كان المالك أحقّ به من غيره من دون كراهة. و كذا لو كانت جزء حيوان لا يتمكّن الفقير من الانتفاع به و لا يشتريه غير المالك، أو كان يحصل للمالك ضرر بشراء غيره، فيجوز شراؤه من دون كراهة.

زكاة الفطرة

(مسألة 1577) و هي المسماة بزكاة الأبدان أيضا، و التي يتخوّف الموت على من لم تدفع عنه، و هي من تمام الصّوم كما أن الصّلاة على النبيّ صلى اللّه عليه و آله من تمام الصّلاة.

(مسألة 1578) تجب زكاة الفطرة على المكلّف الحرّ، الغني فعلا أو قوّة، فلا تجب على الصبي، و لا المجنون حتى الأدواري إذا أهلّ عليه شوّال و هو مجنون. و لا يجب على وليّهما أن يؤدّي عنهما من مالهما، بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى من يعولان أيضا. و لا تجب على من أهلّ شوال عليه و هو مغمى عليه مثلا، و لا على المملوك، و لا على الفقير الذي لا يملك فعلا و لا قوّة مؤنة سنته له و لعياله، زائدا على ما يقابل الدّين الحالّ في هذه السنة. نعم الأحوط إخراجها لمن زاد ما عنده على مؤنة يومه و ليلته صاع، بل يستحب للفقير مطلقا إخراجها، و لو بأن يدير

صاعا على عياله ثم يتصدّق به على الأجنبي بعد أن ينتهي الدور إليه. لكن إذا قبضها الوليّ للصغير فالأحوط أن لا يعطيها عنه، بل يصرفها عليه.

(مسألة 1579) المدار في وجوب الفطرة إدراك غروب ليلة العيد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 315

جامعا للشرائط. فلا يكفي وجودها بعد الغروب و لا قبله إذا فقدت عنده. فلو اجتمعت الشرائط و لو عند الغروب تجب الفطرة، كما لو بلغ الصبي، أو زال جنونه، أو أفاق من الإغماء، أو ملك ما به صار غنيا، بخلاف ما إذا فقدت عنده بعد ما كانت موجودة قبله، كما لو جنّ أو أغمي عليه أو صار فقيرا قبل الغروب و لو بلحظة أو مقارنا له، فإنه لا تجب عليهم.

(مسألة 1580) يجب على من استكمل الشرائط المذكورة إخراجها عن نفسه و عمّن يعول به من مسلم و كافر و حرّ و عبد و صغير و كبير، حتى المولود الذي يولد قبل هلال شوال و لو بلحظة، و كذا كل من يدخل في عيلولته قبل الهلال، حتى الضيف على الأقوى و إن لم يأكل عنده.

بخلاف المولود بعد الهلال، و من دخل في عياله بعده أيضا.

(مسألة 1581) الظّاهر أن مدار وجوبها صدق أنه عاله، و هو يصدق مع الإنفاق الفعلي و لو لم يصدق أنه من عياله.

(مسألة 1582) كل من وجبت فطرته على غيره لضيافة أو عيلولة، سقطت عنه و لو كان غنيا جامعا لشرائط الوجوب. نعم الأحوط وجوبها عليه إذا كان غنيا و كان المضيف أو المعيل فقيرا.

(مسألة 1583) الغائب عن عياله يجب عليه أن يخرجها عنهم أيضا، إلا إذا وكّلهم في أن يخرجوا فطرتهم من ماله الذي تركه عندهم.

(مسألة 1584) الظّاهر أن المدار في

العيال على العيلولة الفعلية لا على وجوب النفقة، و إن كان الأحوط مراعاة أحد الأمرين. و لو كانت له زوجة دائمة فإن كانت في عيلولته وجبت فطرتها عليه، و إن لم تجب نفقتها عليه لنشوز أو غيره، و أما مع عدم عيلولته بها فلا تجب فطرتها عليه و إن وجبت نفقتها عليه. و حينئذ إن عالها غير الزوج يجب على ذلك الغير، و إن لم يعلها أحد و كانت غنية ففطرتها على نفسها، و إن كانت فقيرة لم تجب فطرتها على أحد.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 316

(مسألة 1585) إذا كان شخص في عيال اثنين، تجب فطرته عليهما مع يسارهما، و مع يسار أحدهما تجب عليه حصته دون الآخر.

(مسألة 1586) تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي، و المدار على المعيل لا العيال.

(مسألة 1587) تجب فيها النيّة كغيرها من العبادات، و يجوز أن يتولى إخراجها من وجبت عليه بنفسه أو بتوكيل غيره، و الأقوى كفاية قصد القربة من الوكيل. و إذا أراد الموكّل أن ينوي فينوي القربة بدفع المال إلى الوكيل، مع استمرارها إلى حين الدفع إلى الفقير. نعم لو كان الغير وكيلا في الإيصال دون الإخراج يتولى النيّة صاحبها.

(مسألة 1588) يجوز أن يوكّل غيره في الدفع من ماله و الرجوع إليه، فيكون بمنزلة التوكيل في دفعه من مال الموكّل. و أما التوكيل في دفعه من ماله بدون الرجوع إليه فهو توكيل في التبرع عنه، و هو لا يخلو من إشكال كأصل التبرّع بها.

(مسألة 1589) الضابط في جنسها القوت الغالب لغالب الناس كالحنطة و الشعير و التّمر و الزّبيب و الأرزّ و اللبن، و الأحوط الاقتصار عليها و إن أجزأ غيرها كالذّرة و نحوها. و يجوز

إعطاؤها عينا أو قيمة، و لكن الأحوط في أداء القيمة أن يكون ثمنها الفعلي نقدا، لا عينا أخرى مثلا.

(مسألة 1590) يعتبر في المدفوع فطرة أن يكون صحيحا، فلا يجزي المعيب، كما لا يجزي الممزوج بما لا يتسامح فيه.

(مسألة 1591) الأفضل إخراج التمر ثم الزّبيب ثم غالب قوت البلد، و قد يترجّح الأنفع بملاحظة المرجّحات الخارجية. و الأرجح لمن يكون قوته من البرّ الأعلى أن يدفع إلى الفقير منه لا من البر الأدنى و لا من الشعير.

(مسألة 1592) قدر الفطرة صاع من جميع الأقوات حتى اللبن،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 317

و الصاع أربعة أمداد، و هي تسعة أرطال بالعراقي و ستة بالمدني، و تعادل ثلاثة كيلو غرام تقريبا على ما أخبر به أهل الخبرة.

(مسألة 1593) وقت وجوب الفطرة دخول ليلة العيد، و يستمرّ وقت دفعها من حين وجوبها إلى وقت الزّوال، و الأفضل النهار قبل صلاة العيد.

بل الأحوط أن تكون قبل الصلاة. و إذا مضى وقتها و كان قد عزلها، دفعها لمستحقها، و إن لم يكن قد عزلها، فالأحوط الأقوى عدم سقوطها، بل يؤدّيها ناويا بها القربة، من غير تعرض لأداء أو قضاء.

(مسألة 1594) لا يبعد جواز تقديمها من أول شهر رمضان، لكن الأحوط أن لا يقصد الوجوب إلا يوم الفطر بعد الفجر قبل الصلاة.

(مسألة 1595) يجوز عزل الفطرة و تعيينها في مال مخصوص من الأعيان، و ينوي حين العزل، و إن كان الأحوط تجديدها حين الدفع أيضا. و لو عزل أقلّ منها اختصّ الحكم به و بقيت البقية غير معزولة، و لو عزلها في أكثر منها، ففي انعزالها بذلك على نحو الاشتراك إشكال.

نعم لو عيّنها في مال مشترك بينه و بين غيره مشاعا، فالأظهر

انعزالها بذلك إذا كانت حصته بقدرها أو أقلّ منها.

(مسألة 1596) إذا مضى وقتها و كان عزلها جاز تأخير دفعها إلى المستحق، خصوصا مع ملاحظة بعض المرجّحات، و إن كان يضمنها لو تلفت مع التمكّن من دفعها و وجود المستحق. بخلاف ما إذا لم يتمكّن، أو لم يوجد المستحق، فلا يضمن إلا مع التعدّي و التفريط في حفظها كسائر الأمانات.

(مسألة 1597) الأحوط عدم نقل زكاة الفطرة بعد العزل إلى بلد آخر، مع وجود المستحق.

(مسألة 1598) الأحوط الاقتصار في دفعها على الفقراء المؤمنين و أطفالهم بل المساكين منهم و إن لم يكونوا عدولا، و إذا لم يوجد في بلده، فالأحوط أن ينقلها من ماله إلى بلد يوجد فيه ثم يؤدّيها إلى الفقير

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 318

بقصد الزّكاة، لما مرّ من الاحتياط في عدم نقلها.

(مسألة 1599) الأحوط أن لا يدفع للفقير أقلّ من صاع أو قيمته و إن اجتمع جماعة لا تسعهم كذلك. و يجوز أن يعطى الواحد أصواعا بل ما يغنيه، و يستحب اختصاص ذوي الأرحام و الجيران و أهل الهجرة في الدّين و العفّة و العقل، و غيرهم ممن يكون فيه أحد المرجّحات.

(مسألة 1600) لا يشترط العدالة فيمن تدفع إليه. نعم الأحوط أن لا يدفع إلى شارب الخمر و المتجاهر بالمعصية و الهاتك لجلباب الحياء.

كما أنه لا يجوز أن يدفع إلى من يصرفها في المعصية.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 319

كتاب الخمس

اشارة

(مسألة 1601) و هو الذي جعله اللّه تعالى لمحمّد صلى الله عليه و آله و ذريّته عوضا عن الزّكاة، و من منع درهما منه كان من الظّالمين لهم و الغاصبين لحقّهم، فعن الصادق عليه السلام (إنّ اللّه لا إله إلّا هو حيث

حرّم علينا الصّدقة أبدلنا بها الخمس، فالصّدقة علينا حرام و الخمس لنا فريضة، و الكرامة لنا حلال) و عن الباقر عليه السلام في جواب السائل:

ما أيسر ما يدخل به العبد النّار؟ قال عليه السلام (من أكل من مال اليتيم درهما، و نحن اليتيم).

ما يجب فيه الخمس

(مسألة 1602) يجب الخمس في سبعة أشياء، الأول: ما يغتنم قهرا من أهل الحرب الذين تحلّ دماؤهم و أموالهم و سبي نسائهم و أطفالهم إذا كان غزوهم بإذن الإمام عليه السلام، من غير فرق بين ما حواه العسكر و ما لم يحوه كالأرض و نحوها على الأصح. و لا يبعد دخول ما يؤخذ منهم بغير الحرب في الفوائد المكتسبة، بل بالحرب في زمان الغيبة أيضا خصوصا ما يؤخذ بجعل الأمير. لكن الأحوط إخراج الخمس مطلقا. أما ما غنم بالغزو حال الحضور من غير إذنه عليه السلام فهو من الأنفال له، كما سيأتي.

(مسألة 1603) لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين دينارا على الأصح. نعم يعتبر أن لا تكون غصبا من مسلم أو ذمّيّ أو معاهد و نحوهم من محترمي المال، بخلاف ما كان في أيديهم من أهل الحرب و إن لم تكن الحرب في تلك الغزوة. و يقوى إلحاق الناصب بأهل

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 320

الحرب في إباحة ما اغتنم منه و تعلّق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد و بأي نحو كان و وجوب إخراج خمسه، لكن الأحوط إخراج الخمس مطلقا.

(مسألة 1604) الثاني: المعدن، و المرجع فيه عقلاء العرف، و منه الذّهب و الفضّة و الرّصاص و الحديد و الصّفر و الزّيبق و الياقوت و الزّبرجد و الفيروزج و العقيق و القير و النفط

و الكبريت و السّبخ و الكحل و الزّرنيخ و الملح بل و الجصّ و المغرة على الأحوط، و هي الطين الأحمر. و طين الغسل و الأرمني على الأحوط. و ما شك في أنه من المعدن لا خمس فيه من هذه الجهة.

(مسألة 1605) يعتبر فيه بعد إخراج مؤنة الإخراج و التصفية مثلا، بلوغ عشرين دينارا أو قيمتها حال الإخراج، و إن كان الأحوط إخراجه إذا بلغ دينارا بل مطلقا. و لا يعتبر الإخراج دفعة على الأقوى، فلو خرج المعدن دفعات و كان المجموع نصابا وجب خمس المجموع، حتى لو أخرج أقلّ من النصاب و أعرض ثم عاد فأكمله، على الأحوط إن لم يكن أقوى.

(مسألة 1606) إذا اشترك جماعة في استخراج المعدن، فاعتبار بلوغ نصيب كل واحد منهم النصاب لا يخلو من قوّة، و إن كان الأحوط كفاية، بلوغ المجموع نصابا.

(مسألة 1607) إذا اشتمل معدن واحد على جنسين أو أكثر، كفى بلوغ قيمة المجموع نصابا على الأحوط إن لم يكن أقوى. أما لو كانت معادن متعدّدة متقاربة يصدق عليها أنها معدن واحد، فإن كانت من جنس واحد يضمّ بعضها إلى بعض على الأقوى، و إن كانت أجناسا مختلفة، اعتبر في الخارج من كلّ منها النصاب دون المجموع على الأقوى.

(مسألة 1608) لا فرق في وجوب إخراج خمس المعدن بين كونه في أرض مباحة أو مملوكة، و الأول ملك من استنبطه، و الثاني ملك

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 321

لصاحب الأرض و إن أخرجه غيره. و حينئذ فإن كان بأمر من مالكها يكون الخمس عليه بعد استثناء المؤنة و منها أجرة المخرج إذا لم يكن متبرعا. و إن لم يكن بأمر صاحبها، فهو له أيضا و عليه الخمس

من دون استثناء المؤنة، لأنه لم يصرف عليه مؤنة، و ليس عليه ما صرفه المخرج لأنه لم يكن بأمره.

(مسألة 1609) إذا كان المعدن في الأرض المفتوحة عنوة، فإن كان في معمورها التي هي للمسلمين و أخرجه أحد المسلمين، ملكه و عليه الخمس، و إن أخرجه غير المسلم ففي تملّكه إشكال. و إن كان في مواتها حال الفتح، يملكه المخرج و عليه الخمس كسائر الأراضي المباحة. و في ملكية المخرج الكافر له إشكال.

(مسألة 1610) إذا استنبط المعدن صبيّ أو مجنون، تعلّق الخمس به على الأقوى، و إن وجب على الوليّ إخراج خمسه.

(مسألة 1611) لا فرق في تعلّق الخمس بما خرج من المعادن بين كون المخرج مسلما أو كافرا إذا كان في أرض مملوكة أو مباحة، فالمعادن التي بيد الكفّار من الذهب و الفضة و الحديد و النفط و غيرها حتى ما يستخرجون من الفحم الحجري يتعلّق بها الخمس، و مقتضى القاعدة عدم حلّ ما نشتري منهم قبل إخراج خمسها و وجوب تخميسها علينا، إلا أنه قد أبيح لنا ذلك، فإن الأئمة عليهم السلام قد أباحوا لشيعتهم خمس الأموال غير المخمّسة المنتقلة إليهم ممن لا يعتقد وجوب الخمس، كافرا كان أو غيره، سواء كان من ربح تجارة أو غيره.

(مسألة 1612) الثالث: الكنز- و يرجع في مسمّاه إلى العرف- إذا لم يعرف صاحبه، سواء كان في بلاد الكفّار، أو في الأرض الموات، أو الخربة من بلاد الإسلام، و سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا، فإنه يكون ملكا لواجده و عليه الخمس. نعم لو وجده في أرض مملوكة له بابتياع و نحوه، عرّفه المالك قبله مع احتمال كونه له، فإن عرفه يعطى له، و إن

هداية العباد (للگلبايگاني)،

ج 1، ص: 322

لم يعرفه، عرّفه السابق، إلى أن ينتهي إلى من يعرفه أو إلى مالك غير معروف، فيكون للواجد و عليه الخمس. و لا يجب فيه الخمس حتى يبلغ عشرين دينارا في الذهب، و مائتي درهم في الفضة، و أحدهما في غيرهما.

(مسألة 1613) يلحق بالكنز على الأحوط ما يوجد في جوف الدابّة المشتراة مثلا، فيجب فيه الخمس بعد عدم معرفة البائع، و لا يعتبر فيه بلوغ النصاب، و ما يوجد في جوف السمكة، بل لا تعريف فيه للبائع إلا في فرض نادر. بل الأحوط أيضا إلحاق غير السمكة و الدابّة من الحيوان بهما.

(مسألة 1614) الرابع: الغوص، فكلّ ما يخرج به من الجواهر مثل اللؤلؤ و المرجان و غيرهما يجب فيه الخمس بشرط أن يبلغ قيمته دينارا فصاعدا، فلا خمس فيما ينقص عن ذلك. و لا فرق بين اتحاد النوع و عدمه، و بين الإخراج دفعة أو دفعات، فيضمّ بعضها إلى بعض، فلو بلغ قيمة المجموع دينارا وجب الخمس. و إذا اشترك جماعة في الإخراج فهو كالاشتراك في استخراج المعدن.

(مسألة 1615) إذا أخرج الجواهر من البحر ببعض الآلات من دون غوص، يكون بحكم الغوص على الأحوط. نعم لو خرج بنفسه على الساحل أو على وجه الماء فأخذه من غير غوص لم يجب فيه الخمس من هذه الجهة، بل يدخل في أرباح المكاسب فيعتبر فيه إخراج مؤنة السنة و لا يعتبر فيه النصاب.

(مسألة 1616) لا فرق بين ما يخرج من البحر بالغوص، و بين ما يخرج من الأنهار الكبيرة كدجلة و النيل و الفرات.

(مسألة 1617) إذا غرق شي ء في البحر و أعرض عنه مالكه، فأخرجه الغوّاص ملكه، فالأحوط إجراء حكم الغوص عليه، خصوصا إذا كان مثل

اللؤلؤ و المرجان.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 323

(مسألة 1618) إذا أخرج العنبر بالغوص جرى عليه حكمه، و إن أخذ من على وجه الماء أو الساحل، فالأحوط ذلك أيضا، بل الأحوط عدم اعتبار النصاب فيه و لا استثناء مؤنة السنة.

(مسألة 1619) إنما يجب الخمس في الغوص و المعدن و الكنز، بعد إخراج ما يغرمه على الحفر و السّبك و الغوص و الآلات و نحو ذلك، بل يقوى اعتبار النصاب بعد الإخراج.

(مسألة 1620) الخامس: ما يفضل عن مؤنته له و لعياله من عمله في الصناعة و الزراعة و أرباح التجارة، بل و سائر التكسّب و لو بحيازة مباح أو تنمية أو استنتاج أو ارتفاع قيمة أو غير ذلك، مما يدخل تحت مسمى التكسّب. بل تعلّقه بكلّ فائدة و إن لم يدخل تحت مسمى التكسّب لا يخلو من قوّة، مثل الهبات و الهدايا و الجوائز و الميراث الذي لم يحتسب. بل الأحوط تعلقه بمطلق الميراث و المهر و عوض الخلع، و إن كان الأقوى عدم تعلّقه بهذه الثلاثة. كما أنه لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزّكاة و إن زاد عن مؤنة السنة. نعم يجب الخمس في نمائها إذا نمت في ملكه، و أما ما ملك بالصدقة المندوبة، فالأحوط إعطاء خمسه إذا زادت عن مؤنة السنة.

(مسألة 1621) إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلّق بها الخمس أو أدّى خمسها و ارتفعت قيمتها السوقية، لم يجب عليه خمس تلك الزّيادة إذا لم تكن العين من مال التجارة و رأس مالها، كما إذا كان المقصود من شرائها و إبقائها اقتناؤها و الانتفاع بمنافعها و نمائها. و أما إذا كان المقصود الاتجار بها، فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها بعد

تمام السنة إذا أمكن بيعها. و إذا لم يمكن بيعها إلا في السنة التالية، تكون الزّيادة من أرباح تلك السنة لا السنة الماضية على الأظهر.

(مسألة 1622) إذا كانت بعض الأموال التي يتّجر بها و ارتفعت قيمتها موجودة عنده في آخر السنة و بعضها دينا على الناس، فإن باع

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 324

الموجودة أو أمكن بيعها، يجب عليه خمس ربحها و زيادة قيمتها. و أما التي على الناس فإن كان يطمئنّ باستحصالها بحيث يكون ما في ذمّتهم كالموجود عنده، فيخمّس المقدار الزائد على رأس ماله، و أما ما لا يطمئنّ باستحصاله فيصبر إلى زمان تحصيله، فإذا حصل في السنة التالية أو بعدها، تكون الزّيادة من أرباح تلك السنة.

(مسألة 1623) الخمس في هذا القسم، بعد إخراج المصارف التي تصرف في تحصيل النماء و الربح، و إنما يتعلّق بالفاضل عن مؤنة السنة.

(مسألة 1624) أول السّنة الشروع في التكسّب، فيمن عمله التكسّب و استفادة الفوائد تدريجيا يوما فيوما أو في يوم دون يوم مثلا. و في غيره من حين حصول الربح و الفائدة، فالزّارع يجعل مبدأ سنته حين حصول فائدة الزرع في يده أي عند تصفية الغلّة، و من كان عنده نخيل و أشجار مثمرة مبدأ سنته وقت قطاف الثمرة. نعم لو باع الزرع أو الثمار قبل ذلك، يكون مبدأ استفادته وقت استلام ثمنه.

(مسألة 1625) المراد بالمؤنة، ما ينفقه على نفسه و عياله الواجبي النفقة و غيرهم، و منها ما يصرفه في زياراته و صدقاته و جوائزه و هداياه و أضيافه، و الحقوق اللازمة له بنذر أو كفّارة و نحو ذلك، و ما يحتاج إليه من دابّة أو دار أو فرش أو كتب، بل و ما

يحتاج إليه لتزويج أولاده و ختانهم، و ما يحتاج إليه في المرض و في موت أحد عياله و غير ذلك.

(مسألة 1626) يعتبر في المؤنة الاقتصار على اللائق بحاله، دون ما يعدّ سفها و سرفا، فلو زاد على ذلك لا يحسب منها. بل الأحوط مراعاة الوسط من المؤنة دون المستوي العالي منها غير اللائق بحاله، و إن لم يعد سرفا، و إن كان الأقوى عدم وجوب مراعاته.

(مسألة 1627) المدار في المؤنة على ما يصرف فعلا لا على مقدارها، فلو قتّر على نفسه أو تبرّع بها متبرّع لم يحسب له، بل لو وجب عليه في أثناء السنة صرف المال في شي ء كالسفر إلى الحج أو أداء دين أو كفّارة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 325

و نحو ذلك، و لم يصرفه عصيانا لم يحسب مقداره من المئونة على الأقوى.

(مسألة 1628) إذا كان له أنواع من الاستفادات من التجارة و الزراعة و عمل اليد و غير ذلك، يلاحظ في آخر السنة مجموع ما استفاده من الجميع، و سيأتي حكم جبران الخسارة، فيخمّس الفاضل عن مؤنة سنته، و لا يلزم أن يلاحظ لكلّ فائدة سنة على حدة.

(مسألة 1629) الأحوط بل الأقوى عدم احتساب رأس المال من المؤنة مع الحاجة إليه، فيجب عليه خمسه إذا كان من أرباح مكاسبه، فإذا لم يكن له مال فاستفاد بإجارة أو غيرها مقدارا و أراد أن يجعله رأس مال للتجارة و يتّجر به، يجب عليه إخراج خمسه، و كذلك الحال في الملك الذي يشتريه من الأرباح ليستفيد من عائداته.

(مسألة 1630) إذا كان عنده أعيان من بستان أو حيوان مثلا لا خمس فيها كالموروثة أو تعلّق بها لكن أدّاه، فإن أبقاها للتكسّب بعينها كالأشجار غير

المثمرة التي لا ينتفع إلا بخشبها و أغصانها، و الغنم الذّكور الذي يبقيه ليكبر و يسمن فيكتسب بلحمه، فيتعلّق الخمس بنمائها المتّصل و المنفصل. و إن أبقاها للتكسّب بنمائها المنفصل كالأشجار المثمرة التي يكون المقصود الانتفاع بثمرها، و كالأغنام الإناث التي ينتفع بنتاجها و لبنها و صوفها، فيتعلّق الخمس بنمائها المتصل كالمنفصل على الأقوى. نعم لا يتعلّق الخمس بزيادة قيمتها السوقية إذا كان أصلها لا خمس فيه أو أدّى خمسه كما ذكرنا. و إن أبقاها للتعيّش بنمائها بأن كان لأكل عياله و أضيافه، فيتعلّق الخمس بما زاد على المئونة.

(مسألة 1631) إذا اتّجر برأس ماله في السّنة في نوع واحد من التجارة، فباع و اشترى مرارا، فخسر في بعضها و ربح في بعض آخر، تجبر الخسارة بالربح، فإذا تساويا فلا ربح، و إذا زاد الربح فقد ربح. و كذا لو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 326

اتّجر به أنواعا من التجارة فربح في بعضها و خسر في بعضها، فإن جبران الخسارة مع اتحاد رأس المال لا يخلو من قوّة.

(مسألة 1632) إذا كان له تجارة و زراعة فربح في إحداهما و خسر في الأخرى، فالأقوى عدم الجبران.

(مسألة 1633) إذا اشترى لمؤنة سنته من أرباحه ما تذهب عينه بالانتفاع به كالدّهن و الأرزّ مثلا و زاد منها مقدار في آخر السنة، يجب إخراج خمسه قليلا كان أو كثيرا. أما إذا اشترى ما ينتفع به مع بقاء عينه كالأثاث و السيّارة مثلا، فالظّاهر عدم وجوب الخمس فيها.

(مسألة 1634) إذا احتاج إلى دار لسكناه مثلا و كان لا يمكن شراؤها إلا بإبقاء ربح سنين متعددة، أو احتاج إلى جمع صوف غنمه من سنين متعددة لأجل فراشه أو لباسه المحتاج إليه،

فما يجمعه في سنين متعددة لهذه الحاجة لا خمس فيه.

(مسألة 1635) إذا مات في أثناء حول الربح، سقط اعتبار إخراج مؤنة بقيّة السنة على فرض حياته.

(مسألة 1636) إذا كان عنده مال آخر لا خمس فيه، فالأقوى جواز إخراج المؤنة من الربح، دون المخمّس، و دون الإخراج منهما على التوزيع، و إن كان هو الأحوط سيّما الثاني.

(مسألة 1637) إذا استقرض من ابتداء سنته لمؤنته، أو اشترى لها بعض الأشياء في الذمة، أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح، يجوز له أداء ما استقرض أو ما في ذمته في سنة الربح. أما إذا لم يؤدّ فالأحوط عدم احتسابه. نعم لا بأس بجبران رأس المال من ربح سنة الخسران.

(مسألة 1638) الدّين الحاصل قهرا مثل قيم المتلفات، و أروش الجنايات، و النذور و الكفّارات، يكون أداؤه في كل سنة من مؤنة تلك

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 327

السنة، فينقص من فوائدها و أرباحها كسائر المؤن. و أما الحاصل بالاستقراض و النسيئة و غير ذلك، فإن كان لمؤنة سنة الربح يحسب منها أيضا إذا أدّاه، و إذا كان لمئونة السنوات السابقة فأدّاه في السّنة اللّاحقة، فالأقوى كونه من مؤنة سنة الأداء.

(مسألة 1639) إذا استطاع الحجّ في عام الربح، فإذا حجّ في تلك السنة تكون مصارفه من المؤنة فلا يتعلق بها الخمس، و إذا أخّر الحجّ لعذر أو عصيان، يجب إخراج خمسه.

(مسألة 1640) إذا حصلت الاستطاعة للحجّ من أرباح متعدّدة، وجب الخمس فيما سبق على عام الاستطاعة، أما المقدار المتمّم لها في تلك السنة فلا يجب خمسه إذا صرفه في الحجّ. و له أن يخرج جميع مصارف الحج من أرباح السنة الأخيرة. مثلا إذا كانت مصارف الحج مائة

و قد حصل عنده من السنين السابقة ثمانون و استفاد في السنة الأخيرة مائة، يجوز له أن يصرف جميع ما استفاده في السنة الأخيرة في الحج، و لا يخرج خمسها و لا يتعيّن عليه ضمّ العشرين إلى الثمانين الحاصلة له من السنين السابقة و إخراج خمس الباقي.

(مسألة 1641) الخمس متعلّق بالعين و إن تخيّر المالك بين دفعه من العين أو من مال آخر، و ليس له أن ينقل الخمس إلى ذمّته ثم يتصرف في المال الذي تعلّق به الخمس. نعم يجوز له ذلك بالمصالحة مع الحاكم الشرعي أو وكيله.

(مسألة 1642) لا يعتبر الحول في وجوب الخمس في الأرباح و غيرها و إن جاز التأخير إليه في الأرباح. و لو أراد التعجيل جاز له، و ليس له الرجوع بعد ذلك لو بان له عدم الخمس مع تلف العين و عدم علم الآخذ.

(مسألة 1643) السادس: الأرض التي اشتراها الذّمّيّ من مسلم، فإنه يجب على الذمّي خمسها و يؤخذ منه قهرا إذا لم يدفعه باختياره. و لا فرق بين كونها أرض زراعة أو أرض بستان أو أرض دار أو غيرها، ما

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 328

دامت المعاملة على الأرض مستقلّة. و كذا إذا كانت مشتراة مثلا ضمن الدار، على الأقوى. نعم في الأراضي المفتوحة عنوة لو قلنا بعدم دخول الأرض في المبيع و أنّ المبيع هو الآثار، فإذا اشترى الدار لا يثبت الخمس على الأرض.

(مسألة 1644) إذا انتقلت إلى الذمّي بغير الشراء من سائر المعاوضات، فثبوت الخمس مشكل، إلا إذا اشترط أداء الخمس عليه في عقد المعاوضة. و لا بأس باشتراط الأداء إلى أهله في مورد عدم ثبوته.

(مسألة 1645) لا يصحّ اشتراط سقوط الخمس في مورد

ثبوته، فلو اشترط الذمّي في ضمن عقد الشراء من مسلم عدم الخمس، لم يصحّ.

و كذا لو اشترط كونه على البائع. نعم لو اشترط عليه أن يعطي مقداره عنه، صحّ.

(مسألة 1646) لا يسقط هذا الخمس عنه لو باعها من ذمّي آخر أو مسلم و لو كان مالكها بالأصل، بل و لو ردّها إلى البائع المسلم بإقالة أو خيار. بل لا يسقط عنه لو أسلم بعد الشراء أيضا.

(مسألة 1647) مصرف هذا الخمس المأخوذ من الذمّي مصرف غيره على الأصحّ، نعم لا نصاب له و لا نية حتى على الحاكم، لا حين الأخذ و لا حين الدفع على الأصح.

(مسألة 1648) إنما يتعلق الخمس برقبة الأرض، و يتخيّر الذمّي بين دفع الخمس من عينها أو قيمتها و لو كان فيها غرس أو عليها بناء فليس لوليّ الخمس قلعه و لكن عليه أجرة المثل لأرض الخمس. و لو أراد دفع القيمة في الأرض المزروعة أو المغروسة أو المبنيّة، تقوّم بما فيها مع الأجرة فيؤخذ خمسها.

(مسألة 1649) إذا اشترى الذمّي الأرض المفتوحة عنوة، و كان بيعها له صحيحا، كما لو باعها وليّ المسلمين لمصالحهم، أو باع أهل الخمس من سهمهم، فيجب عليه الخمس. و كذا إذا بيعت تبعا لما

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 329

عليها من آثار. أما إذا بيعت الآثار دون الأرض، فلا يجب الخمس كما مر. و الأقوى عدم وجوبه أيضا إذا انتقلت الأرض الزراعيّة إلى ذمّيّ من مسلم تقبّلها من الحكومة، أي انتقل حقّ الاختصاص إليه.

(مسألة 1650) إذا اشترى الذّمّيّ من وليّ الخمس خمس الأرض التي وجب عليه خمسها، وجب عليه خمس ذلك الخمس الذي اشتراه، و هكذا. نعم إذا أدّى قيمة الخمس فلا خمس عليه لأنه

مخيّر بين أداء القيمة و العين.

(مسألة 1651) السابع: الحلال المختلط بالحرام مع عدم تمييز صاحبه أصلا و لو في عدد محصور، و عدم العلم بقدره كذلك أيضا، فإنه يخرج منه الخمس حينئذ.

(مسألة 1652) إذا علم قدر المال الحرام، فإن علم صاحبه دفعه إليه و لا خمس فيه، بل لو علمه في عدد محصور فالأحوط تخليص ذمته منهم جميعا، فإن لم يمكن، فالأقوى توزيع المال عليهم بالسوية.

(مسألة 1653) إذا جهل صاحبه أو كان في عدد غير محصور، تصدّق بالمال بإذن الحاكم على الأحوط، و يجوز أن يتصدق به على من شاء، إلا إذا ظن أن أحدا صاحبه فالأحوط التصدّق به عليه إذا كان محلّا لذلك. نعم لا يجدي ظنّه بالخصوص في العدد المحصور.

(مسألة 1654) إذا علم المالك و جهل المقدار، تصالح معه.

(مسألة 1655) مصرف هذا الخمس كمصرف غيره على الأصحّ، و الأحوط إعطاؤه لمستحقّه بقصد ما في الذمّة من الخمس أو الصدقة.

(مسألة 1656) إذا علم أن مقدار الحرام أكثر من الخمس و إن لم يعلم مقداره، فالظاهر كفاية إخراج الخمس في تحليل المال و تطهيره، إلا أن الأحوط أيضا المصالحة عن الحرام مع الحاكم الشرعي، بما يرتفع به اليقين بالاشتغال، و إجراء حكم مجهول المالك عليه. و أحوط من ذلك

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 330

المصالحة مع الحاكم بعد إخراج الخمس بما يحصل به اليقين بعدم الزيادة.

(مسألة 1657) إذا كان حقّ الغير في ذمّته لا في عين ماله، فليس من موارد إخراج الخمس، فإذا علم مقداره و لم يعلم صاحبه حتى في عدد محصور، تصدّق به عن صاحبه بإذن الحاكم الشرعي، أو دفعه إليه. و إن علم صاحبه في عدد محصور فقد مرّ أن حكمه

التوزيع عليهم على الأقوى. و إذا لم يعلم مقدار ما في الذمّة و تردّد بين المتباينين، فالأقوى وجوب الاحتياط بتحصيل المراضاة إن أمكن، و إلا فيوزع على محتملات ما في الذمّة، ففي المردد بين الجنسين يعطي نصف كلّ منهما و في الثلاث ثلث كلّ منها و هكذا. أما إذا تردّد بين الأقلّ و الأكثر، فيأخذ بالأقلّ و يدفعه إلى مالكه لو كان معلوما بعينه. و لو تردّد في محصورين، أو كان مجهولا، أو معلوما في غير محصورين، تصدّق به كما مر، و الأحوط حينئذ المصالحة مع الحاكم بمقدار متوسّط بين الأقلّ و الأكثر، فيكون المتوسّط بحكم معلوم المقدار.

(مسألة 1658) إذا كان الحرام المختلط بالحلال خمسا أو زكاة أو وقفا خاصّا أو عامّا، فهو كمعلوم المالك، فلا يجزيه إخراج الخمس.

(مسألة 1659) إذا كان الحلال المختلط مما تعلّق به الخمس، وجب عليه بعد خمس التحليل خمس آخر للمال الحلال.

(مسألة 1660) إذا تبيّن المالك بعد إخراج الخمس، لم يضمن على الأقوى، لأن الحكم بالتصدّق منصوص. و لو علم بعد إخراج الخمس أن الحرام أقلّ منه، فالأحوط أن لا يستردّ الزائد. و أما لو علم أنه أكثر منه، فالأحوط التصدّق بالزائد.

(مسألة 1661) إذا تصرّف في المال المختلط بالحرام بالإتلاف قبل إخراج الخمس، صار الحرام في ذمّته. و الظاهر سقوط الخمس، فيجري عليه حكم ردّ المظالم و هو وجوب التصدّق، و الأحوط دفع مقدار

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 331

الخمس إلى الهاشمي بقصد ما في الذمّة بإذن المجتهد.

(مسألة 1662) إذا تصرّف فيه بمثل البيع يكون فضوليّا بالنسبة إلى الحرام المجهول المقدار، فإن أمضاه الحاكم، ففي العوض الخمس إن كان مقبوضا لأنه من المختلط بالحرام، و يكون المعوّض بتمامه ملكا

للمشتري. و إن لم يمضه الحاكم يكون العوض من المختلط بالحرام الذي جهل مقداره و علم صاحبه، فيجري عليه حكمه. و أما المعوّض فهو باق على حكمه السابق فيجب تخميسه، و لوليّ الخمس حينئذ الرجوع على البائع كما له الرجوع على المشتري.

مصرف الخمس

(مسألة 1663) يقسم الخمس ستّة أسهم: سهم لله تعالى جل شأنه، و سهم للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و سهم للإمام عليه السلام، و هذه الثلاثة الآن لصاحب الأمر أرواحنا له الفداء و عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف. و ثلاثة للأيتام و المساكين و أبناء السبيل ممّن انتسب بالأب إلى عبد المطلب، فلو انتسب إليه بالأمّ، لم يحلّ له الخمس، و حلّت له الصدقة على الأصحّ.

(مسألة 1664) يعتبر الإيمان أو ما في حكمه في جميع مستحقّي الخمس، و لا تعتبر العدالة على الأصحّ، و إن كان الأولى ملاحظة الرّجحان في الأفراد، سيّما المتجاهر بارتكاب الكبائر فإنه لا ينبغي الدفع إليه منه. بل يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الإثم و العدوان و إغراء بالقبيح، و كان في المنع ردع عنه.

(مسألة 1665) الأقوى اعتبار الفقر في اليتامى، أما ابن السبيل فلا يعتبر فيه الفقر في بلده، نعم يعتبر الحاجة في بلد التسليم و لو كان غنيّا في بلده، كما مر في الزكاة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 332

(مسألة 1666) الأحوط إن لم يكن أقوى عدم دفع من عليه الخمس لمن تجب عليه نفقته، سيّما لزوجته إذا كان للنفقة. أما دفعه إليهم لغير ذلك مما يحتاجون إليه و لم يكن واجبا عليه كالدواء مثلا، أو نفقة من يعولون به، فلا بأس. كما لا بأس بدفع خمس غيره إليهم و لو للإنفاق،

حتى للزوجة المعسر زوجها.

(مسألة 1667) لا يصدّق مدّعيّ السيادة بمجرّد دعواه، نعم يكفي في ثبوتها كونه معروفا و مشتهرا بها في بلده من دون نكير من أحد. أما مجهول الحال فالأحوط بعد إحراز عدالته الدفع إليه بعنوان التوكيل في الإيصال إلى مستحقه حتى لو كان هو.

(مسألة 1668) الأحوط عدم الإعطاء إلى المستحقّ أكثر من مؤنة سنة و لو دفعة، و إن جاز ذلك في الزكاة، كما أن الأحوط للمستحقّ عدم الأخذ لأكثر من سنة.

(مسألة 1669) النصف من الخمس الذي للأصناف الثلاثة، أمره بيد المالك، فيجوز له دفعه إليهم بنفسه من دون مراجعة المجتهد، و إن كان الأولى بل الأحوط إيصاله إليه أو الصرف بإذنه. و أما النصف الذي للإمام عليه السلام فأمره راجع إلى المجتهد الجامع للشرائط، فلا بدّ من الإيصال إليه حتى يصرفه فيما يكون مصرفه بحسب فتواه، أو يصرفه بإذنه فيما يعيّنه له من مصرف، و يشكل دفعه إلى غير من يقلّده إلا إذا كان المصرف عنده هو المصرف عند مجتهده كمّا و كيفا، أو كان بصيرا بما هو المصرف عند مجتهده و مراعيا له.

(مسألة 1670) الأقوى جواز نقل الخمس إلى بلد آخر، بل ربما يترجّح عند وجود بعض المرجحات حتى مع وجود المستحقّ في البلد، و يضمنه حينئذ إذا تلف في الطريق. بخلاف ما إذا لم يوجد المستحقّ في بلده فإنه لا ضمان عليه. و كذا لو كان النقل بإذن المجتهد و أمره فإنه لا ضمان عليه، حتى مع وجود المستحقّ في البلد.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 333

(مسألة 1671) قد يجب نقل الخمس من بلده، كما إذا لم يوجد مستحقّ فعلا و لا يتوقع وجوده فيما بعد. و ليس من النقل

لو كان له مال في بلد آخر فدفعه إلى المستحقّ عوضا عما عليه في بلده، أو كان له دين على من في بلد آخر فاحتسبه. بل و كذا لو نقل قدر الخمس من ماله إلى بلد آخر فدفعه عوضا عنه.

(مسألة 1672) إذا كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده، يتعيّن نقل حصّة الإمام عليه السلام إليه أو الاستئذان منه في صرفها في بلده.

بل الأقوى جواز ذلك لو وجد مجتهد آخر في بلده أيضا. بل الأولى و الأحوط النقل إذا كان من في بلد آخر أفضل، أو كان هناك بعض المرجّحات.

(مسألة 1673) إذا كان المجتهد الذي يقلّده في بلد آخر، و كان مصرف مجتهد بلده مخالفا لفتوى مرجعه، و كان يعمل على رأيه، يتعيّن عليه النقل إلى مقلّده، إلا إذا أذن له في صرفه في بلده.

(مسألة 1674) يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر و إن كان عينا، و لا يعتبر رضا المستحقّ أو المجتهد بالنسبة إلى حقّ الإمام عليه السلام. لكن يجب أن يكون بقيمته الواقعيّة، فلو حسب العين بأكثر من قيمتها، لم تبرأ ذمّته و إن رضي به المستحقّ.

(مسألة 1675) إذا كان له في ذمّة المستحق دين، جاز له احتسابه خمسا، أما في حقّ الإمام عليه السلام فموكول إلى نظر المجتهد.

(مسألة 1676) لا يجوز للمستحقّ أن يأخذ الخمس و يردّه على المالك إلا في بعض الأحوال، كما إذا كان عليه مبلغ كثير و لم يقدر على أدائه بأن صار معسرا و أراد تخليص ذمّته، فلا مانع من أن يحتال بذلك لتخليص ذمّته.

(مسألة 1677) إذا انتقل إلى شخص مال فيه الخمس ممّن لا يعتقد وجوبه كالكفار و المخالفين، لم يجب عليه إخراجه و يحلّ

له الجميع،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 334

فإن الأئمّة صلوات الله عليهم قد أباحوا لشيعتهم ذلك، سواء كان من ربح تجارة أو معدن أو غير ذلك، و سواء كان من المناكح و المساكن و المتاجر أو غيرها. كما أنهم أباحوا للشيعة في أزمنة عدم بسط أيديهم تقبّل الأراضي الخراجية من يد الجائر و مقاسمته عليها، و تقبّل عطاياه، و أخذ الخراج منه، و غير ذلك مما يصل إليهم منه و من أتباعه، و حكموا بمعاملتهم معاملة الحاكم العادل و أمضوا أفعالهم فيما يكون محلّ ابتلاء شيعتهم، صونا لهم عن الوقوع في الحرام و العسر و الحرج.

الأنفال

(مسألة 1678) و هي ما يستحقه الإمام عليه السلام لمنصب إمامته، كما كان للنبيّ صلى الله عليه و آله لمنصب نبوّته و رئاسته الإلهيّة، و هي أمور: منها: الأرض التي لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب، سواء انجلى عنها أهلها أو أسلموها للمسلمين طوعا، بل ظاهر بعض الأخبار و كلمات بعض أن كلّ ما لم يوجف عليه بخيل و ركاب فهو للإمام عليه السلام، و لا اختصاص له بالأراضي. و منها: الأرض الموات التي لا ينتفع بها إلا بتعميرها و إصلاحها، لاستيجامها أو لانقطاع الماء عنها أو لاستيلائه عليها أو لغير ذلك، سواء لم يجر عليها ملك أحد كالمفاوز، أو جرى و لكن باد و لم يعلم الآن. و يلحق بها القرى التي قد جلا أهلها فخربت كبابل و الكوفة و نحوهما، فهي من الأنفال بأرضها و آثارها و آجرها و أحجارها، و الموات الواقعة في الأرض المفتوحة عنوة كغيرها على الأقوى. نعم ما علم أنها كانت معمورة حال الفتح فعرض لها الموتان بعد ذلك فهي باقية على

ملك المسلمين كالمعمورة فعلا. و منها:

سواحل البحار و شواطئ الأنهار، بل كلّ أرض لا ربّ لها و إن لم تكن مواتا، بل كانت قابلة للانتفاع من غير كلفة، كالجزيرة التي تخرج في النهر أو البحر. و منها: رؤوس الجبال و ما يكون فيها من النبات

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 335

و الأشجار و الأحجار و نحوها، و بطون الأودية، و الآجام و هي الأراضي الملتفّة بالقصب أو المملوءة بسائر الأشجار، من غير فرق في هذه الثلاثة بين ما كان في أرض الإمام عليه السلام، أو الأرض المفتوحة عنوة، و غيرهما. نعم ما كان ملكا لأحد ثم صار أجمة مثلا فهو باق على ما كان.

و منها: ما كان للملوك من قطائع و صفايا. و منها: صفو الغنيمة كفرس جواد و ثوب نفيس و جارية حسناء و سيف قاطع و درع فاخر، و نحو ذلك، إذا صدق عليها الصفوة عند العرف حقيقة لا مسامحة بملاحظة كونها صفوة بالنسبة إلى ما دونها، بشرط أن يأخذها الإمام و يقبلها، و إلا دخلت في الغنيمة و لحقها حكمها على ما يستفاد من ظاهر الأخبار. و منها:

الغنائم التي ليست بإذن الإمام. و منها: إرث من لا وارث له. و منها:

المعادن التي لم تكن لمالك خاصّ تبعا لملكيته الأرض، أو إحيائه إياها.

(مسألة 1679) الظاهر إباحة جميع الأنفال للشيعة في زمن الغيبة على وجه يجري عليها حكم الملك، من غير فرق بين الغني منهم و الفقير.

نعم الأحوط إن لم يكن أقوى اعتبار الفقر في إرث من لا وارث له، بل الأحوط تقسيمه في فقراء بلده، و أحوط من ذلك إن لم يكن أقوى، إيصاله إلى نائب الغيبة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 336

كتاب المكاسب و المتاجر

(مسألة 1680) يجب على كل من يباشر التجارة و سائر أنواع التكسّب، تعلّم أحكامها ليعرف صحيحها من فاسدها و يسلم من الربا، فعن أمير المؤمنين عليه السلام (يا معشر التّجّار الفقه ثمّ المتجر، الفقه ثمّ المتجر، الفقه ثمّ المتجر، و اللّه للرّبا في هذه الأمّة أخفى من دبيب النّمل على الصّفا. شوبوا أيمانكم بالصّدق. التّاجر فاجر و الفاجر في النّار، إلّا من أخذ الحقّ و أعطى الحقّ) و عن الصادق عليه السلام (من أراد التّجارة فليتفقّه في دينه ليعلم بذلك ما يحلّ له ممّا يحرم عليه، و من لم يتفقّه في دينه ثمّ اتّجر تورّط في الشّبهات).

(مسألة 1681) اللازم أن يكون عالما و لو عن تقليد بحكم المعاملة التي يجريها حين إجرائها، بل بعد إجرائها، بأن يسأل عن حكمها فإذا تبيّن كونها صحيحة رتّب عليها الأثر و إلا فلا. و أما قبل السؤال فيجب عليه الاحتياط بترك التصرف في الثمن و المثمن للعلم الإجمالي بحرمة التصرّف في أحدهما. نعم فيما اشتبه حكمه من جهة الحرمة و الحليّة لا من جهة مجرّد الفساد و الصحّة كموارد الشكّ في كون المعاملة ربويّة، يجب على الجاهل الاجتناب حتى يسأل عن حكمه و يتعلمّه.

(مسألة 1682) المعاملات المحرّمة الباطلة ستّة أنواع: الأول: بيع و شراء عين النجس كالبول و الغائط. الثاني: بيع و شراء المغصوب، فإن لم يمضه المالك فهو باطل و التصرّف فيه حرام. الثالث: بيع و شراء ما لا ماليّة له، مثل الحيوانات المفترسة. الرابع: المعاملة على ما تنحصر منفعته العادية بعمل حرام، مثل آلات القمار. الخامس: المعاملة التي فيها ربا. السادس: بيع الجنس المخلوط بجنس آخر لا يعلمه المشتري

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 337

و

لم يخبره به البائع، مثل بيع السمن المخلوط. و يسمّى ذلك (الغشّ) فيجوز للمشتري في أيّ وقت علم أن يفسخ المعاملة. و في بعض الصور تبطل المعاملة من أصلها، كما لو أظهر الشي ء على خلاف جنسه فباعه النحاس المطليّ بالذهب على أنه ذهب مثلا. فعن النبي صلى الله عليه و آله (من غشّنا فليس منّا) قالها ثلاثا و (من غشّ أخاه المسلم نزع اللّه بركة رزقه، و سدّ عليه معيشته، و وكله إلى نفسه).

(مسألة 1683) لا يجوز التكسّب بالأعيان النجسة بجميع أنواعها بالبيع و الشراء و جعلها ثمنا و أجرة و جعالة، بل مطلق المعاوضة، كجعلها مهرا أو عوض خلع و نحوه. بل يقوى عدم جواز هبتها و الصلح عليها بلا عوض أيضا. هذا إذا لم يكن لها منفعة معتد بها عند العقلاء أو لم تكن منافعها المعتد بها محللة. أما إذا كان لها منافع محللة غير مشروطة بالطهارة، فلا مانع من بيعها، لكن عدم الجواز أحوط.

(مسألة 1684) لا إشكال في جواز بيع ما لا تحلّه الحياة من أجزاء الميتة مما له منفعة محلّلة مقصودة كشعرها و صوفها، بل و لبنها أيضا إذا قلنا بطهارته كما مرّ. و لا يبعد جواز بيع الميتة الطاهرة كالسمك الطافي إذا كانت له منفعة و لو من زيته، بل لا يخلو من قوّة.

(مسألة 1685) لا إشكال في جواز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة، كما يجوز بيع بول الإبل، و أما غيره من الأبوال الطاهرة، فلا يبعد الجواز فيما له منفعة محلّلة مقصودة.

(مسألة 1686) يجوز بيع المتنجّس الذي يقبل التطهير، و كذا ما لا يقبله و لكن يمكن الانتفاع به مع نجاسته في حال الاختيار، بأن لا تكون

منفعته المحلّلة المقصودة متوقّفة على طهارته، كالزيت و النفط المتنجسين الّذين يمكن الانتفاع بهما بالإسراج و غيره، و الصّبغ و الطّين المتنجس، و الصابون الذي لا يمكن تطهيره. و أما ما لا يقبل التطهير و يكون الانتفاع به متوقّفا على طهارته كالسكنجبين النجس مثلا و نحوه،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 338

فلا يجوز بيعه و المعاوضة عليه.

(مسألة 1687) لا بأس ببيع التّرياق المشتمل على لحوم الأفاعي مع استهلاكها فيه، كما هو الغالب بل المتعارف، و يجوز استعماله بغير الأكل، أما فيه فالأحوط الاقتصار على حال الضرورة.

(مسألة 1688) لا يجوز بيع ما يشتمل على الخمر لعدم قابليتها للتطهير و عدم جواز الانتفاع بها مع نجاستها. نعم قد يجوز بيع الدواء المشتمل عليها و على النجس، و الملاك فيه أن تكون الحاجة و الضرورة إلى استعماله و إلى شرائه كثيرة، فيجوز استعماله و بيعه و شراؤه.

(مسألة 1689) يجوز بيع الهرّة و يحلّ ثمنها بلا إشكال، و أما غيرها من أنواع السّباع فالظاهر جواز بيع ما كان منها ذا منفعة محللة مقصودة عند العقلاء. و كذا الحشرات بل المسوخ أيضا إذا كانت كذلك. فهذا هو المدار في جميع الأنواع، فلا إشكال في بيع العلق الذي يمصّ الدم الفاسد، و دود القزّ و نحل العسل و إن كانت من الحشرات، و كذا الفيل الذي ينتفع بظهره و عظمه، و إن كان من المسوخ.

(مسألة 1690) يحرم بيع كل ما كان آلة للحرام بحيث كانت منفعته المقصودة منحصرة فيه، مثل آلات اللهو من العيدان و المزامير و البرابط و نحوها، و آلات القمار من النّرد و الشّطرنج و نحوهما، و كما يحرم بيعها و شراؤها يحرم صناعتها و الأجرة عليها، بل

يجب كسرها و تغيير هيئتها.

نعم يجوز بيع مادّتها من الخشب و النحاس مثلا بعد الكسر، أما قبله فالأقوى عدم جوازه حتى مع الاشتراط إذا انحصرت منفعتها المقصودة في الحرام. و أما أواني الذهب و الفصة، فالأظهر جواز بيعها و شرائها و أخذ الأجرة على صنعها ما دامت لغير الاستعمال المحرّم، إذا كان المقصود عنها ادّخار الذهب و الفضة و حفظهما لا اتّخاذ الآنية. و أما بيع مادّتها، فالظاهر أنه لا إشكال فيه، إذ لم يقصد منه الاستعمال المحرم.

(مسألة 1691) يحرم التعامل بالنّقود المزوّرة المغشوشة المعمولة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 339

لأجل غشّ الناس، بجعلها عوضا أو معوضا في المعاملات، مع جهل من تدفع إليه، بل مع علمه و اطّلاعه أيضا على الأحوط إن لم يكن أقوى.

بل لا يبعد وجوب إتلافها و لو بكسرها دفعا لمادّة الفساد.

(مسألة 1692) يحرم بيع العنب أو التمر لأجل أن يعمل خمرا، و الخشب مثلا لأجل أن يعمل صنما أو آلة لهو أو قمار و نحو ذلك، و كذا تحرم إجارة المساكن لأجل أن تباع فيها أو تحرز فيها الخمر، أو لأجل أن يعمل فيها بعض الأمور المحرمة، و إجارة السفن أو الحمولة لحمل الخمر و شبهها، بحيث يكون قصده من المعاملة ذلك، و في هذه الصورة كما يحرم البيع و الإجارة يفسدان أيضا، فلا يحلّ له الثمن. و أما إذا كان بنحو الإخبار و كان بيعه إياه مبنيا على عدم مبالاته، فهو كالبيع لمن يعلم أنه يجعله خمرا و ليس بحرام، لأنه لم يبعه لأجله. و كذا إجارة المسكن لمن يعلم أنه يجعله محرزا له مثلا من دون أن تكون الإجارة لأجله، فالظاهر جوازه، و إن كان الأحوط تركه.

(مسألة

1693) يحرم بيع السلاح لأعداء الدّين في حالة حربهم المسلمين، بل حال عدم حربهم إذا كان يخاف منهم عليهم و يكون ذلك تقوية لهم، و يفسد البيع على الأقوى. نعم لا بأس ببيعه لهم في حال الهدنة معهم، أو في حال وقوع الحرب بينهم أنفسهم إذا كان الطرفان مهدوري الدم. و أما بيعه عليهم في الفتنة بينهم إذا كانوا محقوني الدم أو كان أحد الطرفين محقون الدم و باعه لعدوه، فمشكل لا يترك الاحتياط بتركه.

(مسألة 1694) يلحق بالكفار من يعادي الفرقة الحقّة و يخشى منه إذا بيع السلاح له، و لا يبعد شموله قطّاع الطرق و أشباههم، بل الأحوط عدم بيع غير السلاح لأعداء الدين إذا كان سببا لتقويتهم على أهل الحق كالزاد و الراحلة و الحمولة و نحوها.

(مسألة 1695) يحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان و الحيوان إذا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 340

كانت الصورة مجسّمة، كالمعمولة من الشمع أو الخشب أو الفزّات أو غيرها، أما مع عدم التجسيم فلا بأس به و إن كان الاحتياط فيه حسنا، و أما تصوير غير ذوات الأرواح كالأشجار و الأوراد و نحوها، فلا بأس به و لو مع التجسيم.

(مسألة 1696) الظاهر أنه ليس من التصوير الحرام (التجسيم) التصوير المتداول في زماننا، فلا بأس به إذا لم يترتّب عليه مفسدة أخرى.

(مسألة 1697) كما يحرم عمل المجسّمات من ذوات الأرواح يحرم التكسب بها و أخذ الأجرة على صنعها، فإنّ اللّه تعالى إذا حرّم شيئا حرّم ثمنه. و أما بيعها و اقتناؤها و استعمالها و النظر إليها، فالأقوى جواز ذلك كلّه خصوصا في غير المجسّمة، و ليست هي كآلات اللهو و شبهها مما يحرم اقتناؤها و إبقاؤها و يجب

كسرها و إتلافها. نعم يكره اقتناؤها و إمساكها في البيت، و لا سيّما المجسّمة منها، فإن الكراهة بيعا و اقتناء فيها أشدّ و آكد.

(مسألة 1698) الغناء حرام فعله و سماعه و التكسّب به، و ليس هو مجرد تحسين الصوت، بل هو مدّ الصوت و ترجيعه بكيفيّة خاصّة مطربة تناسب مجالس اللهو و محافل و الطرب، و تتلاءم مع آلات اللهو و اللعب.

و لا فرق بين استعماله في كلام حقّ أو غيره، فلو تغني بقراءة القرآن و الدعاء و المرثية بشكل يصدق معه أنها اتّخذت مزامير يترنّم بها، فيحرم ذلك، بل يتضاعف عقابه.

(مسألة 1699) غناء المغنّيات في الأعراس مشكل و الأحوط تركه، و الأحوط على فرض الارتكاب الاقتصار على المغنية المملوكة دون الحرّة و الرجل و الغلام، و بشرط أن لا تستعمل فيه آلات اللهو، و لا يكون المستمع رجلا، و لا يدخل عليهنّ الرجال، و أن يكون النكاح شرعيا دائما، و يكون في حال زفاف المرأة إلى بيت زوجها.

(مسألة 1700) معونة الظالمين في ظلمهم بل في كلّ محرّم، محرّم

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 341

بلا إشكال، بل ورد عن النبي صلى الله عليه و آله (من مشى إلى ظالم ليعينه و هو يعلم أنّه ظالم فقد خرج عن الإسلام) و عنه صلى الله عليه و آله (إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين الظّلمة، أين أعوان الظّلمة، أين أشباه الظّلمة، حتّى من برا لهم قلما، أو لاق لهم دواة، فيجتمعون في تابوت من حديد ثمّ يرمى بهم في جهنّم) و أما معونتهم في غير المحرّمات، فالظاهر جوازها ما لم يعدّ من أعوانهم و حواشيهم و المنسوبين إليهم و لم يكن اسمه مقيّدا في دفترهم

و ديوانهم، على نحو يكون ذلك موجبا لازدياد شوكتهم، و تعظيم مقامهم، أو مؤثّرا في إدارة رئاستهم. بل الظاهر أن إعانة الآثم في إثمه حرام ما دام آثما، و لا تختص الحرمة بإعانة الظالم في خصوص الظلم أو المحرمات.

(مسألة 1701) يحرم حفظ كتب الضلال و نسخها و قراءتها و النظر فيها و درسها و تدريسها، و الظاهر أن مناط الحرمة أن يكون هو في معرض ضلالة بها أو غيره، فإذا كان الحفظ أو القراءة أو النظر فيها أو نسخها في معرض ذلك فهو حرام، سواء كان له غرض صحيح أم لا. و إذا كان مأمونا من ذلك فلا يحرم ما ذكر و لو كان غرضه مجرد الاطلاع. و يشمل هذا الحكم غير الكتب من وسائل التعليم، و الكتب المهاجمة لشيعة أهل بيت العصمة عليهم السلام.

(مسألة 1702) عمل السحر و تعليمه و تعلمّه و التكسّب به حرام، حتى ورد في الخبر (السّاحر كالكافر) و (من تعلّم شيئا من السّحر قليلا أو كثيرا فقد كفر، و كان آخر عهده بربّه، إلّا أن يتوب) و المراد بالسحر ما يعمل من كتابة أو تكلّم أو دخنة أو تصوير أو نفث أو عقد، يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله، في إحضاره أو إنامته أو إغمائه أو تحبيبه أو تبغيضه و نحو ذلك، و هو حرام حتى لدفع السحر على الأحوط. نعم يجوز بل يجب في مورد يتوقّف حفظ واجب أهمّ عليه، كحفظ النفس المحترمة المسحورة أو دفع الشبهة عمّن اشتبه عليه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 342

السحر بالمعجزة، أو لدفع منكر لا يرضى الشارع بوقوعه و يكون دفعه أهمّ من ترك السحر.

(مسألة 1703) لا يبعد صدق السحر

على مطلق إيجاد شي ء تترتب عليه آثار غريبة بحسب العادة تشبه الكرامات، سواء كان له أثر في بدن المسحور أم لا، بل سواء كان المسحور إنسانا أو حيوانا أو جمادا، مثل تحريك الشجر أو اضطراب السقف و الجدران أو توقّف الماء أو غير ذلك، من دون استناد إلى الأمور المحسوسة، و لا إلى الشرعيات كالآيات و الدّعوات المأثورات.

(مسألة 1704) يلحق بالسحر استخدام الملائكة، و إحضار الجنّ و تسخيرهم، و إحضار الأرواح و تسخيرها، و أمثال ذلك.

(مسألة 1705) يلحق بالسّحر أو يعدّ منه الشّعبذة، و هي إراءة غير الواقع واقعا بسبب الحركة السريعة، نظير ما يرى من إدارة النّار بحركة سريعة دائرة متصلة، مع أنها بحسب الواقع منفصلة. و كذلك الكهانة، و هي الإخبار عمّا يكون في المستقبل بزعم أنه يلقي إليه الأخبار عنها بعض الجانّ، أو بزعم أنه يعرف الأمور بمقدّمات و أسباب يستدل بها على مواقعها.

(مسألة 1706) تحرم القيافة، و هي الاستناد إلى علامات خاصة في إلحاق بعض النّاس ببعض في النسب و نفي بعض عن بعض، على خلاف ما جعل في الشّرع ميزانا للإلحاق و عدمه.

(مسألة 1707) يحرم التّنجيم، و الظاهر أنه عبارة عن استخراج ترتّب الآثار على الحركات الفلكية و الاتصالات الكوكبية كالرّخص و الغلاء و السّعد و النّحس و غير ذلك، بواسطة النظر و المحاسبة و سائر المقدّمات من الزيجات و غيرها، معتقدا تأثيرها في هذا العالم مستقلة، أو شريكة مع الخالق، تعالى اللّه عمّا يقول المشركون. و أما الاعتقاد بما أعطاه اللّه إياه من الآثار إذا حصل له عن دليل، فلا إشكال فيه و إن كان

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 343

خاطئا. و كما يحرم التّنجيم يحرم الإخبار بما

استخرج به على نحو الجزم. و ليس منه الإخبار عن الخسوف و الكسوف و الأهلّة و اقتران الكواكب و انفصالها، لأن أمثال ذلك بسبب الحساب بعد ضبط الحركات و مقاديرها و تعيين مدارات الكواكب و أوضاعها، و له أصول و قواعد سديدة عندهم، و الخطأ الواقع أحيانا منهم في ذلك ناشى ء من الخطإ في الحساب.

(مسألة 1708) يحرم الغشّ بما يخفى في المعاملة مثل خلط اللبن بالماء و الدهن بالشحم و نحو ذلك من دون إعلام الطرف، هذا إذا كان الخلط قليلا بحيث لا يخرج المخلوط عن مسمّاه عرفا، أما إذا كان كثيرا بحيث يعدّان جنسين فتفسد المعاملة من أصلها. فعن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (ليس منّا من غشّ مسلما أو ضرّه أو ماكره) و (من غشّ مسلما في بيع أو شراء فليس منّا، و يحشر مع اليهود يوم القيامة، لأنّه من غشّ النّاس فليس بمسلم). و قال الصادق عليه السلام لرجل يبيع الطحين (إيّاك و الغشّ فإنّ من غشّ غشّ في ماله، فإن لم يكن له مال غشّ في أهله).

(مسألة 1709) إذا كان الغشّ كثيرا كما مرّ أو كان بإظهار الشي ء على خلاف جنسه كبيع المموه بالذّهب على أنه ذهب، و نحو ذلك، فسدت المعاملة من أصلها. أما إذا كان غيرهما فهو حرام، لكنّه لا يفسد أصل المعاملة، بل يوجب الخيار للطرف عند اطّلاعه على الغشّ.

(مسألة 1710) يحرم أخذ الأجرة على ما يجب على الإنسان فعله و لو كفائيّا، كتغسيل الميّت و تكفينه و دفنه. نعم لو كان الواجب توصّليّا كالدفن، فيحرم أخذ الأجرة على أصله، أما إذا اختار الولي مكانا خاصا و قبرا مخصوصا و أعطى المال للحفّار لحفر ذلك المكان، فالظاهر

أنه لا بأس به. كما لا بأس بأخذ الطبيب الأجرة للحضور عند المريض، بل لأجل أصل المعالجة إذا لم يتوقّف العلاج أو حفظ النفس على المعالجة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 344

مجانا، فإن الواجب حينئذ بذل العمل، و أما المبذول فلا مانع من أخذ الشي ء بإزائه كما في المحتكر.

(مسألة 1711) إذا كان الواجب تعبدّيا يشترط فيه التقرّب مثل تغسيل الميت، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه على أيّ حال، نعم لا بأس بأخذها على بعض الأمور غير الواجبة، كما تقدّم في غسل الميت.

(مسألة 1712) يجب على الإنسان تعليم مسائل الحلال و الحرام، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه، أما تعليم القرآن للأطفال فضلا عن غيره من الكتابة و قراءة الخطّ و غير ذلك، فلا بأس بأخذ الأجرة عليه.

(مسألة 1713) المراد بالواجب الذي يحرم أخذ الأجرة عليه ما وجب على نفس المكلّف. أما ما وجب على غيره و لم يعتبر فيه المباشرة فلا بأس بأخذ الأجرة عليه حتى في العبادات التي يشرع فيها النيابة، كما مرّ في صلاة الاستئجار.

(مسألة 1714) المكاسب المكروهة التي ينبغي التّنزّه عنها، أمور، منها: بيع الصّرف، فإنه لا يسلم من الربا. و منها: بيع الأكفان، فإنه لا يسلم من أن يسرّه الوباء و كثرة الموتى. و منها: بيع الطعام، فإن بائعه لا يسلم من الاحتكار و حبّ الغلاء، و تنزع منه الرحمة. و إنما تكره البيوع المذكورة فيما إذا جعلها حرفة على وجه يكون صيرفيّا و بيّاع أكفان و حنّاطا، لا بمجرّد صدورها منه أحيانا. و منها: اتّخاذ الذّبح و النّحر صنعة، فإن صاحبها يقسو قلبه و تسلب منه الرحمة. و منها: صنعة الحياكة. و منها: صنعة الحجامة و كسبها، خصوصا إذا كان

يشترط الأجرة على العمل. و منها: التّكسّب بضراب الفحل، بأن يؤاجره لذلك، و الظاهر أنه لا كراهة فيما يعطى له بعنوان الإهداء عوضا عن ذلك.

(مسألة 1715) لا ريب أن التكسّب و تحصيل المعيشة بالكدّ و التّعب محبوب عند الله تعالى، فعن النبي صلّى الله عليه و آله (العبادة سبعون جزءا أفضلها طلب الحلال) و عن أمير المؤمنين عليه السلام (إنّ اللّه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 345

عزّ و جل يحبّ المحترف الأمين) و عن الباقر عليه السلام (من طلب الدّنيا استعفافا عن الناس و سعيا على أهله و تعطّفا على جاره، لقي اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و وجهه مثل القمر ليلة البدر).

(مسألة 1716) أفضل المكاسب الزّرع و الغرس، و أفضله النّخيل، فعن الباقر عليه السلام قال (كان أبي يقول خير الأعمال الحرث، تزرع فيأكل منه البرّ و الفاجر- إلى أن قال- و يأكل منه البهائم و الطّير) و عن الصادق عليه السلام (ازرعوا و اغرسوا، فلا و اللّه ما عمل النّاس عملا أحلّ و أطيب منه) و عنه عليه السلام (الزّارعون كنوز الأنام، يزرعون طيّبا أخرجه اللّه عزّ و جلّ، و هم يوم القيامة أحسن النّاس مقاما و أقربهم منزلة، يدعون المباركين) و عنه عليه السلام (ألكيمياء الأكبر الزّراعة).

و أربح المكاسب و أدرّها للرزق التجارة، فعن أمير المؤمنين عليه السلام (اتّجروا بارك اللّه لكم، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: الرّزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء في التّجارة و واحد في غيرها) و في خبر آخر عنه صلّى اللّه عليه و آله (تسعة أعشار الرّزق في التّجارة، و الجزء الباقي في السّابيا، يعني الغنم) ثم اقتناء الأغنام للاستفادة، فإن

فيها البركة، فعن الصادق عليه السلام (إذا اتّخذ أهل بيت شاة أتاهم اللّه برزقها، و زاد في أرزاقهم، و ارتحل عنهم الفقر مرحلة، فإن اتّخذوا شاتين أتاهم اللّه بأرزاقهما، و زاد في أرزاقهم، و ارتحل عنهم الفقر مرحلتين، و إن اتّخذوا ثلاثة أتاهم اللّه بأرزاقها و ارتحل عنهم الفقر رأسا) و عنه عليه السلام (ما من أهل بيت تروح عليهم ثلاثون شاة، إلّا لم تزل الملائكة تحرسهم حتّى يصبحوا) ثم اقتناء البقر، فإنها تغدو بخير و تروح بخير. و أما الإبل فقد نهى عن إكثارها، فعن النبي صلى الله عليه و إله (إنّ فيها الشّقاء و الجفاء و العناء) (مسألة 1717) مستحبات التّجارة كثيرة: منها: الإجمال في الطلب و الاقتصاد فيه فعن الباقر عليه السلام قال رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 346

في حجة الوداع (ألا إنّ الرّوح الأمين نفث في روعي أنّه لا تموت نفس حتّى تستكمل رزقها، فاتّقوا اللّه عزّ و جلّ و أجملوا في الطّلب، و لا يحملنّكم استبطاء شي ء من الرّزق أن تطلبوه بشي ء من معصية اللّه عزّ و جلّ، فانّ اللّه تبارك و تعالى قسّم الأرزاق بين خلقه حلالا و لم يقسّمها حراما، فمن اتّقى اللّه عزّ و جلّ و صبر أتاه اللّه برزقه من حلّه، و من هتك حجاب السّتر و عجّل فأخذه من غير حلّه قصّ به من رزقه الحلال و هو سب عليه يوم القيامة). و منها: إقالة النادم في البيع و الشراء لو استقاله فأيّما عبد أقال مسلما في بيع أقاله الله تعالى عثرته يوم القيامة. و منها: التسوية بين المبتاعين في السعر، فلا يفرق بين المماكس و غيره

بان يقلل الثمن للأول و يزيده في الثاني. نعم لو فرق بينهم بسبب الفضل و الدين و نحو ذلك فالظاهر أنه لا بأس به. و منها: أن يقبض لنفسه ناقصا و يعطي راجحا.

(مسألة 1718) مكروهات التجارة كثيرة منها: مدح البائع لما يبيعه.

و منها: ذمّ المشتري لما يشتريه. و منها: اليمين صادقا على البيع و الشراء، ففي الحديث النبوي (أربع من كنّ فيه طاب مكسبه: إذا اشترى لم يعب، و إذا باع لم يمدح، و لا يدلّس، و فيما بين ذلك لا يحلف) و منها: البيع في موضع يستر فيه العيب. و منها: الربح على المؤمن و على من وعده بالإحسان، إلا مع الضرورة، أو كون الشّراء للتجارة. و منها: السّوم ما بين الطّلوعين. و منها: الدّخول إلى السّوق أولا و الخروج منه أخيرا، بل ينبغي أن يكون آخر داخل و أول خارج، عكس المسجد. و منها: مبايعة الأدنين الّذين لا يبالون بما قالوا و ما قيل لهم، و لا يسرّهم الإحسان و لا تسوؤهم الإساءة، و الذين يحاسبون على الشي ء الدّني. و منها: مبايعة ذوي العاهات و المحارف و من لم ينشأ في الخير كمستحدثي النّعمة. و منها: التّعرض للكيل أو الوزن أو العدّ أو المساحة إذا لم يحسنه. و منها: الاستحطاط من الثّمن بعد العقد.

و منها: الدّخول في سوم المؤمن على الأظهر، و قيل بالحرمة، و المراد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 347

به الزّيادة في الثمن أو بذل مبيع غير ما بذله البائع الأول ليكون الشّراء أو البيع له بعد تراضى الأولين و عزمهما على إجراء العقد. و منها: أن يتوكّل حاضر عارف بسعر البلد لباد غريب جاهل غافل، بأن يصير وكيلا عنه

في البيع و الشّراء، ففي الحديث النبوي (لا يبيع حاضر لباد، دعوا النّاس يرزق اللّه بعضهم من بعض) و في حديث نبوي آخر (دعوا النّاس على غفلاتها). و منها: تلقّي الركبان و القوافل و استقبالهم، للبيع عليهم أو الشّراء منهم قبل وصولهم إلى البلد، و قيل يحرم ذلك و إن صح البيع و الشّراء، و هو الأحوط و إن كان الأظهر الكراهة، و إنما يكره تلقّي الرّكبان أو يحرم بشروط، أحدها: أن يكون الخروج بقصد ذلك، فلو خرج لا لذلك فاتّفق الرّكب لم يثبت الحكم. ثانيها: تحقّق مسمّى الخروج من البلد، فلو تلقّى الرّكب في أول وصوله البلد لم يثبت الحكم. ثالثها: أن يكون دون أربعة فراسخ، فلو تلقى في الأربعة فصاعدا لم يثبت الحكم، بل يكون سفر تجارة. و الأقوى أن هذا الحكم لا يشمل غير البيع و الشّراء مثل الإجارة و نحوها.

(مسألة 1719) الاحتكار، و هو حبس الطّعام و جمعه يتربّص به الغلاء، حرام مع اضطرار المسلمين و حاجتهم، و عدم وجود من يبذل له قدر كفايتهم، فعن النبي صلّى اللّه عليه و آله (طرق طائفة من بني إسرائيل ليلا عذاب و أصبحوا و قد فقدوا أربعة أصناف: الطّبّالين، و المغنّين، و المحتركين للطّعام، و الصّيارفة أكلة الرّبا منهم) نعم مجرد حبس الطعام انتظارا لارتفاع السعر مع عدم إضرار الناس و وجود الباذل ليس بحرام، و إن كان مكروها، و لو حبسه لصرفه في حاجته، فلا حرمة و لا كراهة.

(مسألة 1720) إنما يتحقق الاحتكار بحبس الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الدهن و كذا الزيب و الملح على الأحوط، كما يتحقق على الأحوط في كل ما يحتاج إليه أهل البلد من

الأطعمة.

(مسألة 1721) يجبر المحتكر على البيع، و لا يعين عليه سعر بل له أن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 348

يبيع بما شاء، إلا إذا أجحف فيجبر على ترك الإجحاف من دون تسعير عليه. أما إذا امتنع فيسعّر الحاكم بسعر لا إجحاف فيه على المتبايعين.

(مسألة 1722) لا يجوز مع الاختيار الدخول في الولايات و المناصب و الأعمال من قبل الجائر، و لو كان نفس العمل بذاته مشروعا كجباية الخراج و جمع الزكاة و تولي المناصب العسكرية و الأمنية و حكومة البلاد و نحو ذلك، فضلا عما لو كان العمل غير مشروع في ذاته كأخذ العشور و الجمرك و غير ذلك من أنواع الظلم المبتدعة، حتى مع الإكراه و الإجبار و الاضطرار. فإن جواز إيذاء الناس و ظلمهم، و هتك أعراضهم، و التصرف في أموالهم بدون رضاهم حتى مع الإجبار على ذلك، محل إشكال. لأن تجويز ذلك خلاف الامتنان على النوع، فلا تشمله أدلة الامتنان فلا يسوغ شي ء من ذلك إلا عند التزاحم مع ما هو أهم كحفظ النفس أو العرض في بعض مراتبها، إلا في الدماء المحترمة، فإنه لا تقية فيها.

(مسألة 1723) إنما يجوز الدخول في الولاية في عمل مشروع في ذاته، إذا كان غرضه القيام بمصالح المسلمين و إخوانه في الدين، فعن الصادق عليه السلام (كفارة عمل السّلطان قضاء حوائج الإخوان) و عن زياد بن أبي سلمة قال (دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام فقال لي: يا زياد إنك لتعمل عمل السّلطان؟ قال قلت أجل. قال لي: و لم؟

قلت: أنا رجل لي مروة و عليّ عيال و ليس وراء ظهري شي ء. فقال لي:

يا زياد لأن أسقط من حالق فأتقطّع قطعة قطعة أحب إليّ

من أن أتولّى لهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم إلّا لما ذا؟ قلت: لا أدري جعلت فداك. قال: إلّا لتفريج كربة عن مؤمن أو فكّ أسره أو قضاء دينه- إلى أن قال- يا زياد فإن وليت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك، فواحدة بواحدة، و اللّه من وراء ذلك). و عن الفضل بن عبد الرحمن الهاشمي قال (كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أستأذنه في أعمال

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 349

السلطان، فقال: لا بأس به ما لم تغيّر حكما و لم تبطل حدّا، و كفّارته قضاء حوائج إخوانكم).

بل لو كان دخوله فيها بقصد الإحسان إلى المؤمنين و دفع الضرر عنهم، كان راجحا، و قد ورد عن أئمتنا عليهم السلام الحث عليه و الترغيب عليه، فقد روى الصدوق عن الكاظم عليه السلام (إنّ للّه تبارك و تعالى مع السّلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه) قال الصدوق: و في خبر آخر (أولئك عتقاء اللّه من النّار) و عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال أبو الحسن الرضا عليه السلام (إنّ للّه تعالى بأبواب الظّالمين من نوّر اللّه به البرهان، و مكّن له في البلاد، ليدفع بهم عن أوليائه، و يصلح اللّه بهم أمور المسلمين، إليهم يلجأ المؤمن من الضّرّ، و إليهم يفزع ذو الحاجة من شيعتنا، و بهم يؤمّن اللّه روعة المؤمن في دار الظّلم، أولئك هم المؤمنون حقّا، أولئك أمناء اللّه في أرضه- إلى أن قال- خلقوا و اللّه للجنّة و خلقت لهم، فهنيئا لهم، ما على أحدكم أن لو شاء لنال هذا كلّه.

قال: قلت بماذا جعلني الله فداك؟ قال: يكون معهم فيسرّنا بإدخال السّرور على المؤمنين من شيعتنا، فكن منهم يا محمّد).

(مسألة

1724) ربما كان الدخول في بعض المناصب و الأعمال، على بعض الأشخاص أحيانا واجبا، كما إذا تمكن شخص بسببه من دفع مفسدة دينية أو منع بعض المنكرات مثلا، و مع ذلك ففي هذا العمل إخطار كثيرة إلا لمن عصمه الله تعالى.

(مسألة 1725) ما تأخذه الحكومة من الضريبة على الأراضي جنسا أو نقدا، و على النخيل و الأشجار، يعامل معاملة ما يأخذه السلطان العادل، فتبرأ ذمة الدافع مما كان عليه من الخراج الذي هو أجرة الأرض الخراجية و يجوز لكل أحد شراؤه و أخذه مجّانا و بالعوض و التصرف فيه بأنواع التصرف، بل لو لم تأخذه الحكومة و حوّلت شخصا على من عليه الخراج بمقدار فدفعه إلى المحوّل، يحل له و تبرأ ذمة المحول عليه مما عليه.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 350

هذا في المخالف المدعي للخلافة و من بحكمه. أما في حكومات هذه الأزمنة فالأقوى في الأمور المتقدمة وجوب مراجعة الحاكم الشرعي.

و أما في الحاكم المؤالف فتجب مراجعة الحاكم الشرعي بلا إشكال.

(مسألة 1726) يجوز لكل أحد أن يتقبل الأراضي الخراجية و يضمنها من الحكومة بشي ء و ينتفع بها بنفسه بزرع أو غرس و غيره، أو يضمّنها لغيره و لو بزيادة. هذا إذا كان الحاكم مخالفا، أما إذا كان مؤالفا فيجب الاستئذان من الحاكم الشرعي كما مر.

(مسألة 1727) إذا دفع إنسان مالا إلى أحد ليصرفه في طائفة و كان المدفوع إليه من نوعهم، كما إذا دفع إلى فقير زكاة أو غيرها ليصرفه في الفقراء، أو دفع إلى شخص هاشمي خمسا ليصرفه في السادة و لم يعين شخصا معينا و لو بالقرينة و الانصراف، جاز له أن يأخذ لنفسه مثل أحدهم من غير زيادة. و كذا له

أن يصرفه في عياله، خصوصا إذا أعطاه و قال: مصرفه الفقراء أو السادة مثلا، و إن كان الأحوط عدم أخذه شيئا منه إلا بإذن صريح.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 351

كتاب البيع

اشارة

(مسألة 1728) عقد البيع يحتاج إلى إيجاب و قبول، و الأقوى عدم اعتبار العربيّة، بل يقع بكلّ لغة و لو مع إمكان العربيّة. كما أنه لا يعتبر فيه الصّراحة، بل يقع بكلّ لفظ دالّ على المقصود عند أهل المحاورة مثل (بعت) و (ملّكت) و نحوهما في الإيجاب، و (قبلت) و (اشتريت) و (ابتعت) و نحو ذلك في القبول.

(مسألة 1729) الأحوط اعتبار الفعل الماضي في عقد البيع و عدم إيقاعه بالمضارع، و الظّاهر عدم ضرر اللّحن فيه إذا أوقعه بالعربية، ما دام يدلّ على المقصود عند أهل المحاورة و يعدّونه إنشاء للمعاملة، كما إذا قال (بعت) بفتح الباء أو (بعت) بكسر العين و سكون التّاء، و كذلك اللّهجات العامّية المتداولة بطريق أولى، لأنها أوضح دلالة.

(مسألة 1730) الظّاهر جواز تقديم القبول على الإيجاب إذا كان بمثل (اشتريت) و (ابتعت) لا بمثل (قبلت) و (رضيت) و أما إذا كان بنحو الأمر و الاستيجاب كما إذا قال من يريد الشّراء: بعني الشّي ء الفلاني بكذا، فقال البائع: بعتكه، فلا بدّ من إعادة المشتري القبول.

(مسألة 1731) يعتبر الموالاة بين الإيجاب و القبول، بمعنى عدم الفصل الطّويل بينهما بحيث يخرجهما عن عنوان العقد و المعاقدة، و لا يضرّ الفصل القليل الّذي يصدق معه أن هذا قبول لذلك الإيجاب.

(مسألة 1732) يعتبر في العقد التّطابق بين الإيجاب و القبول، فلو اختلفا بأن أوجب البائع البيع على وجه خاص من حيث المشتري أو المبيع أو الثّمن أو توابع العقد من الشّروط، و قبل المشتري

على وجه آخر، لم ينعقد. فلو قال البائع (بعت هذا من موكّلك بكذا) فقال الوكيل

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 352

(اشتريته لنفسي) لم ينعقد. نعم لو قال (بعت هذا من موكّلك) فقال الموكّل الحاضر غير المخاطب (قبلت) لم يبعد الصّحة. و لو قال (بعتك هذا بكذا) فقال (اشتريت لموكّلي) فإن كان الموجب قاصدا وقوع البيع للمخاطب بنفسه لم ينعقد، و إن كان قاصدا الأعمّ من كونه أصيلا أو وكيلا، صح و انعقد. و لو قال (بعتك هذا بألف) فقال (اشتريت نصفه بألف أو بخمسمائة) لم ينعقد، بل لو قال (اشتريت كلّ نصف منه بخمسمائة) فلا يخلو من إشكال. و لو قال لشخصين (بعتكما هذا بألف) فقال أحدهما (اشتريت نصفه بخمسمائة) لم ينعقد، و أما لو قال كلّ منهما ذلك، فلا يبعد الصّحة. و لو قال (بعتك هذا بهذا على أن يكون لي الخيار ثلاثة أيام) فقال (اشتريت) فإن فهم و لو من ظاهر الحال أنه قصد شراءه على الشّرط الّذي ذكره البائع صحّ و انعقد، و إن قصده مطلقا و بلا شرط لم ينعقد. و لو انعكس، بأن أوجب البائع بلا شرط و قبل المشتري معه، فلا ينعقد مشروطا قطعا، و في انعقاده بلا شرط إشكال.

(مسألة 1733) تقوم الإشارة المفهمة مقام اللّفظ مع التّعذّر لخرس و نحوه و لو مع التّمكّن من التّوكيل على الأقوى، كما تقوم مقامه الكتابة مع العجز عنه و عن الإشارة، و أما مع القدرة عليها، فالظّاهر تقدّمها على الكتابة.

(مسألة 1734) الأقوى وقوع البيع بالمعاطاة، سواء في الشّي ء الحقير أو الخطير، و هي عبارة عن تسليم العين بقصد كونها ملكا للغير بالعوض و تسليم الآخر عينا أخرى بعنوان العوضيّة. و

الظّاهر تحقّقها بمجرّد تسليم المبيع بقصد التّمليك بالعوض مع قصد المشتري في أخذه التّملّك بالعوض، فيجوز جعل الثّمن كليّا في ذمّة المشتري، و لا يبعد تحقّقها أيضا بتسليم المشتري العوض فقط، إذا أخذ البائع الثّمن بقصد التّملّك بالعوض.

(مسألة 1735) الأقوى أنه يعتبر في المعاطاة جميع ما يعتبر في البيع

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 353

العقدي من الشّروط الآتية ما عدا الصّيغة، سواء كان ممّا يعتبر في المتبايعين أو في العوضين. كما أن الأقوى ثبوت الخيارات الآتية فيها، و لو بعد لزومها بأحد الملزمات على ما سيأتي، إلا إذا كان وجود الملزم منافيا لثبوت الخيار و موجبا لسقوطه، كما إذا كان المأخوذ بالمعاطاة معيبا و لم يكن باقيا بعينه.

(مسألة 1736) البيع العقدي لازم من الطرفين، إلا مع وجود أحد الخيارات الآتية، نعم يجوز فسخه بالإقالة، و هي الفسخ من الطرفين.

و أما المعاطاة فالأقوى أنها مفيدة للملك، لكنّها جائزة من الطرفين، و لا تلزم إلا بتلف أحد العوضين أو التّصرف المغير أو النّاقل للعين، و لو مات أحدهما لم يكن لوارثه الرّجوع، و لكن لو جنّ فالظّاهر قيام وليّه مقامه في الرّجوع.

(مسألة 1737) الظّاهر أنه لا مانع من إيقاع المعاطاة مشروطة، غاية الأمر أنه قبل تلف أحد العوضين لا يلزم العمل بالشّرط، و بعده يلزم.

من غير فرق في ذلك بين الشّروط الصّحيحة.

(مسألة 1738) كما يقع البيع و الشّراء بمباشرة المالك يقع بالتّوكيل أو الولاية من طرف واحد أو طرفين، و يجوز لشخص واحد تولّي طرفي العقد أصالة عن طرف و وكالة أو ولاية عن آخر، أو وكالة من الطرفين، أو ولاية عليهما، أو وكالة عن طرف و ولاية على آخر.

(مسألة 1739) لا يجوز تعليق البيع على

شي ء غير حاصل حين العقد سواء علم حصوله فيما بعد أم لا. و لا على شي ء مجهول الحصول حين العقد. و لا يبعد تعليقه على معلوم الحصول حينه، كما إذا قال في يوم السبت: بعتك إن كان اليوم يوم السبت، مع العلم به.

(مسألة 1740) إذا قبض المشتري ما ابتاعه بالعقد الفاسد، لم يملكه و كان مضمونا عليه، بمعنى أنه يجب عليه أن يردّه إلى مالكه. و لو تلف و لو بآفة سماوية، يجب عليه ردّ عوضه من المثل أو القيمة. نعم لو كان

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 354

كلّ من البائع و المشتري راضيا بتصرّف الآخر فيما قبضه و لو على تقدير فساده، يباح لكلّ منهما التّصرّف و الانتفاع بما قبضه و لو بإتلافه، و لا ضمان عليه.

شروط المتعاقدين

(مسألة 1741) و هي أمور: الأوّل: البلوغ، فلا يصحّ بيع الصّغير و لو كان مميّزا و أجازه الوليّ، إذا كان مستقلّا في إيقاع المعاملة.

(مسألة 1742) إذا كان الصّغير وسيلة لإعطاء المال إلى البائع و إيصال المبيع إلى المشتري، أو إعطاء البضاعة إلى المشتري و أخذ الثّمن للبائع ففي هذه الحالة تصح المعاملة لأنها معاملة وقعت بين بالغين. لكن لا بدّ من علم البائع و المشتري بأنّ الطفل مأذون و أنه يوصل الثّمن و السّلعة.

(مسألة 1743) الثّاني: العقل، فلا يصحّ بيع المجنون.

(مسألة 1744) الثّالث: القصد، فلا يصح بيع غير القاصد كالهازل و الغالط و السّاهي.

(مسألة 1745) الرّابع: الاختيار، فلا يقع البيع من المكره، و المراد به الخائف على ترك البيع من جهة توعيد الغير عليه بإيقاع ضرر عليه. و لا يضرّ بصحة البيع الاضطرار الموجب للإلجاء و إن كان حاصلا من إلزام الغير بشي ء، كما إذا ألزمه

ظالم بدفع مال، فالتجأ إلى البيع ليدفع ذلك المال.

(مسألة 1746) لا فرق في الضّرر المتوعّد به بين أن يكون على نفس المكره، نفسا أو عرضا أو مالا، أو على من يتعلّق به كولده و عياله ممّن يكون إيقاع محذور عليه بمنزلة إيقاعه عليه. و لو رضي المكره بالبيع بعد زوال الإكراه، صحّ و لزم.

(مسألة 1747) الظّاهر أنه لا يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 355

التّخلّص بالتّورية، فلو ألزم بالبيع و أوعد على تركه بإيقاع ضرر عليه فباع قاصدا المعنى، مع إمكان أن لا يقصده، أو مع إمكان أن يقصد معنى آخر غير البيع، يكون مكرها و لا يصح بيعه. إلا إذا كان ملتفتا إلى إمكان التّخلّص فعلا بإيقاع البيع تورية، و كان متمكّنا بعد ذلك من دفع الضّرر من دون التزام بالبيع، و مع ذلك باع قاصدا المعنى فلا يكون مكرها و كذا لو أمكنه التّخلّص من إيقاع البيع بغير التّورية مثل أن يخلّص نفسه من المكره بأن يستعين بمن ليس في الاستعانة به ضرر و حرج، فإن كان ذلك ممكنا و أوقع البيع، لم يكن مكرها.

(مسألة 1748) إذا أكرهه على أحد أمرين: إمّا بيع داره أو عمل آخر، فباع داره، فإن كان في العمل الآخر محذور ديني أو دنيوي يتحرز منه، وقع البيع مكرها عليه، و إلا وقع باختياره.

(مسألة 1749) إذا أكرهه على بيع أحد الشيئين على التّخيير، فكلّ ما وقع منه يقع مكرها عليه، أما لو أوقعهما معا فإن كان تدريجا، فالظّاهر وقوع الأوّل مكرها عليه دون الثّاني، و إن أوقعهما دفعة فالأرجح صحة البيع بالنسبة إلى كليهما.

(مسألة 1750) إذا أكرهه على بيع معيّن فضمّ إليه غيره

و باعهما دفعة، فالظّاهر البطلان فيما أكره عليه، و الصّحة في غيره.

(مسألة 1751) الخامس: كونهما مالكين للتّصرف، فلا تقع المعاملة من غير المالك إذا لم يكن وكيلا عنه، أو وليّا عليه كالأب و الجدّ للأب و وصيّهما و الحاكم، و لا من المحجور عليه لسفه أو فلس، أو غير ذلك من أسباب الحجر.

(مسألة 1752) معنى عدم الوقوع من غير المالك المسمّى بالفضولي، عدم النّفوذ لا كونه لغوا، فلو أجاز المالك عقد غيره أو الوليّ عقد السفيه، أو الغرماء عقد المفلّس، صحّ و لزم.

(مسألة 1753) لا فرق في صحّة البيع الصّادر من غير المالك مع إجازة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 356

المالك بين ما إذا قصد وقوعه للمالك أو قصد وقوعه لنفسه، كما في بيع الغاصب و من اعتقد أنه مالك و هو ليس بمالك. كما أنه لا فرق في الأول بين ما إذا تقدّم منع المالك عن البيع قبل العقد أم لا. نعم يعتبر في تأثير الإجازة عدم مسبوقيّتها بردّ المالك بعد العقد، فلو باع فضولا و ردّه المالك ثمّ أجازه، لغت الإجازة، و لو ردّ بعد الإجازة، لغى الرّدّ.

(مسألة 1754) كما تقع إجازة المالك باللّفظ الدّال على الرّضا بالبيع بحسب متفاهم العرف و لو بالكناية كقوله (أمضيت أو أجزت أو أنفذت أو رضيت) و شبه ذلك، و كقوله للمشتري (بارك اللّه لك فيه) و شبه ذلك من الكنايات، كذلك تقع بالفعل الكاشف عرفا عن الرّضا بالعقد، كما إذا تصرّف في الثّمن، و من ذلك ما إذا أجاز البيع الواقع على الثّمن لأنه مستلزم لإجازة البيع الواقع على المثمن، و كما إذا مكّنت الزّوجة من نفسها إذا زوّجت فضولا.

(مسألة 1755) الظّاهر أن الإجازة كاشفة

عن صحّة العقد الصّادر من الفضولي من حين وقوعها، حيث يحصل بها النّقل حقيقة، و لكنّ المستفاد من الأدلة كشفها عن الصّحة من حين العقد حكما، بمعنى وجوب ترتيب ما يمكن من آثار النّقل من حين العقد تعبّدا، و إن كان النّقل يحصل من حين وقوع الإجازة.

(مسألة 1756) إذا كان المالك راضيا بالبيع باطنا لكن لم يصدر منه إذن و توكيل للغير في البيع أو الشّراء، فالظّاهر أنه لا يكفي في الخروج عن الفضوليّة، فيحتاج في نفوذه إلىّ الإجازة، سيما إذا لم يعرف بوقوع العقد، و إن كان بحيث لو عرف كان راضيا.

(مسألة 1757) لا يشترط في الفضولي قصد الفضوليّة، فلو تخيّل كونه وليّا أو وكيلا فتبيّن خلافه، يكون تصرّفه فضوليّا و يصحّ بالإجازة. و أما العكس بأن تخيّل كونه غير جائز التّصرّف، فتبيّن كونه وكيلا أو وليّا أو مالكا، فالظّاهر صحته و عدم احتياجه إلى الإجازة، لأنه باع مأذونا عن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 357

الموكّل و لا يضرّه عدم علمه بوكالته. و أما في الولي و المالك فالأقوى الاحتياج إلى الإجازة.

(مسألة 1758) إذا باع شيئا فضولا ثمّ ملكه، إما باختياره كالشّراء أو بغير اختياره كالإرث، فالبطلان بحيث لا تجديه الإجازة لا يخلو من وجه.

(مسألة 1759) يعتبر وحدة المالك حين العقد و الإجازة، فإذا كان المالك حين الإجازة غير المالك حين العقد، كما لو مات من كان مالكا حين العقد قبل الإجازة، فالبطلان لا يخلو من وجه و لو مع إجازة الورثة.

(مسألة 1760) إذا وقعت بيوع متعددة على مال الغير، فإمّا أن تقع على نفس مال الغير أو على عوضه، و على الأوّل فإمّا أن تقع تلك البيوع من فضوليّ واحد، كما إذا

باع دار زيد مكررا على أشخاص متعددين، و إمّا أن تقع من أشخاص متعددين، كما إذا باعها من شخص بثمن، ثمّ باعها المشتري من شخص آخر بثمن آخر، ثمّ باعها المشتري الثّاني من شخص آخر بثمن ثالث، و هكذا. و على الثّاني فإمّا أن تكون من شخص واحد على الأعواض و الأثمان بالتّرامي، و إمّا أن تقع على ثمن شخصي مرارا، فهذه صور أربع. و للمالك في جميع هذه الصور أن يتتبّع البيوع و يجيز أيّ واحد شاء منها، و يصح بإجازته العقد المجاز. و أما حكم غير المجاز فيطلب من الكتب المفصّلة.

(مسألة 1761) ردّ البيع الفضولي من المالك قد يكون بالقول مثل (فسخت) و شبهه ممّا هو ظاهر في الرّدّ، و قد يكون بالفعل كما إذا تصرّف في المبيع تصرّفا يوجب فوت الإجازة عقلا أو شرعا كالإتلاف. أمّا إجارة المالك المبيع فقيل بعدم منعها عن الإجازة، و فيه تأمّل.

(مسألة 1762) إذا لم تتحقّق الإجازة من المالك، سواء تحقّق منه الرّد أم كان مترددا، فله انتزاع عين ماله مع بقائه ممّن وجده في يده. بل و له الرّجوع بمنافعه المستوفاة و غير المستوفاة في هذه المدّة. و له مطالبة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 358

البائع الفضولي بردّ العين و منافعها إذا كانت في يده و قد سلّمها إلى المشتري. بل لو احتاج ردّها إلى مؤنة كانت على الفضولي. هذا مع بقاء العين، و أما مع تلفها فيرجع ببدلها على من تلفت عنده.

(مسألة 1763) إذا علم المشتري بأنّ البائع فضولي فليس له الرجوع بشي ء مما يرجع به عليه المالك. لكن لو دفع له الثمن فله أن يرجع عليه و يستردّه و لو كان تالفا، و

له أن يرجع بالخسارة أيضا. أما إذا لم يعلم أنه فضولي، فله أن يرجع عليه بكل ما غرم للمالك، حتى بدل المنافع و النماء الذي استوفاه. فإذا اشترى دارا مع جهله بكون البائع غير مالك و سكنها مدة، ثمّ جاء المالك و أخذ داره و أخذ منه أجرة مثل الدار في تلك المدّة، فله أن يرجع بها على البائع. و كذا يرجع على الفضولي بكل خسارة وردت عليه مثل مؤنة الدابة، و ما صرفه في العمارة، و ما تلف منه و ضاع من الغرس أو الزّرع أو الحفر و غيرها، فإن البائع غير المالك ضامن لدرك جميع ذلك.

(مسألة 1764) إذا علم المشتري بأن البائع فضولي فليس له الرجوع بشي ء مما يرجع به عليه المالك كما مرّ، لكن لو دفع له الثمن فله أن يرجع عليه و يستردّه و لو كان تالفا، و له أن يرجع بالخسارة أيضا.

(مسألة 1765) إذا أحدث مشتري مال الغير فيما اشتراه بناء أو غرسا أو زرعا، فللمالك إلزامه بإزالة ما أحدثه و تسوية الأرض، و مطالبته بأرش النقص دون أن يضمن ما يرد عليه من الخسران. كما أن للمشتري إزالة ذلك، مع ضمان أرش النقص الوارد على الأرض، و ليس للمالك إلزامه بإبقائه و لو مجّانا، كما أنه ليس للمشتري الإبقاء و لو بأجرة.

(مسألة 1766) إذا حفر بئرا أو كرى نهرا مثلا في أرض اشتراها، وجب عليه طمّها و ردّها إلى الحالة الأولى لو أراده المالك و أمكن.

و يضمن أرش النقص، و ليس له مطالبة المالك بأجرة عمله أو ما صرفه فيه من ماله و إن زادت به القيمة. كما أنه ليس له رده إلى الحالة الأولى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1،

ص: 359

بالطّمّ و نحوه إذا لم يرض به المالك. نعم يرجع بأجرة عمله و كلّ ما صرف من ماله و كلّ خسارة وردت عليه على البائع الغاصب مع جهله لا مع علمه كما مرّ. و كذلك الحال إذا أحدث المشتري فيما اشتراه صفة من دون أن يكون لها عين في العين المشتراة، كما إذا طحن الحنطة، أو غزل و نسج القطن، أو صاغ الفضّة.

(مسألة 1767) إذا جمع البائع بين ملكه و ملك غيره أو باع ما كان مشتركا بينه و بين غيره، نفذ البيع في ملكه بما يقابله من الثمن، و توقف نفوذه في ملك الغير على إجازته، فإن أجاز فهو، و إلا فللمشتري خيار تبعّض البيع إن كان جاهلا. نعم قيّد بعضهم صحة البيع فيما يملك مع ردّ الغير بما إذا لم يتولّد من عدم الإجازة مانع شرعي، كلزوم الربا أو بيع آبق من دون ضميمة، حكاه الشيخ في المكاسب، و صحّة البيع في أمثال هذه الموارد و لو مع إجازة، لا تخلو من إشكال.

(مسألة 1768) تعرف حصّة كلّ منهما من الثمن فيما لا يؤثّر الانضمام في قيمته أو يؤثّر بنحو التساوي، بتقويم كلّ منهما بقيمته الواقعية، ثمّ تلاحظ نسبة قيمة أحدهما مع قيمة الآخر، فتكون حصّة كلّ منهما من الثمن بتلك النسبة. أما ما يؤثّر في قيمته الانضمام، فيقوّم بقيمة حال الانضمام إلى الآخر.

(مسألة 1769) يجوز للأب و الجدّ للأب و إن علا أن يتصرّفا في مال الصغير بالبيع و الشّراء و الإجارة و غيرها، و كلّ منهما مستقلّ في الولاية سواء وجد الآخر معه أم لا، و الأقوى عدم اعتبار العدالة فيهما، و لا يشترط في نفوذ تصرّفهما المصلحة، بل يكفي

عدم المفسدة، و لهما الولاية على نفس الصغير أيضا بالإجارة و التزويج و غيرهما، إلا الطّلاق فلا يملكانه بل ينتظر بلوغه. و الأقوى أن لهما فسخ عقد النكاح عند موجبه، و هبة المدّة في المتعة.

(مسألة 1770) ليس بين الأقارب من له الولاية على الصغير غير الأب

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 360

و الجدّ للأب، بل كلّهم كالأجانب حتى الأم و الأخ و الجدّ للأمّ.

(مسألة 1771) للأب و الجدّ نصب القيّم على الصغير بعد وفاتهما، و الأحوط إن لم يكن أقوى اعتبار العدالة فيه، فينفذ منه ما كان ينفذ منهما، إلا في التزويج، فإن الأحوط لغير الأب و الجدّ من الأولياء عدم التزويج إلا مع الضرورة القويّة.

(مسألة 1772) إذا فقد الأب و الجد و الوصيّ عنهما، يكون للحاكم الشرعي و هو المجتهد العادل ولاية التصرّف في أموال الصّغار، مشروطا بالغبطة و الصّلاح. بل الأحوط له الاقتصار على ما إذا كان في تركه الضّرر و الفساد، و حيث أن هذا تكليف راجع إليه فيتبع رأيه و نظره. و مع فقد الحاكم، يرجع الأمر إلى عدول المؤمنين، فلهم ولاية التصرّف في مال الصغير بما يكون في تركه مفسدة و في فعله صلاح و غبطة.

شروط العوضين

(مسألة 1773) الأول: يشترط في المبيع أن يكون عينا متموّلا، سواء كان موجودا في الخارج أو كلّيا في ذمة البائع أو في ذمة غيره، كأن يبيع ما كان له في ذمة غيره بشي ء. فلا يجوز أن يكون منفعة كمنفعة الدار أو الدابة، أو عملا كخياطة الثوب، أو حقا. أما الثمن فيجوز أن يكون منفعة أو عملا متموّلا، بل يجوز أن يكون حقا قابلا للنقل و الانتقال كحقي التحجير و الاختصاص، و الأقوى أنه

لا يجوز أن يكون حقا قابلا للإسقاط غير قابل للنقل و الانتقال، كحقّي الخيار و الشفعة.

(مسألة 1774) الثاني: تعيين مقدار ما كان مقدّرا بالكيل أو الوزن أو العدّ بأحدها في العوضين، فلا يكفي المشاهدة، و لا تقدير الموزون بغير ما يكون به تقديره. نعم لا يبعد جواز تقدير المكيل و المعدود بالوزن.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 361

(مسألة 1775) لا مانع أن يوزن الموزون بواسطة الكيل، و لا يعدّ بذلك مكيلا، كما لو كال صبرة من حنطة مثلا فبلغت ألف صاع، ثمّ وزن صاعا واحدا منها لمعرفة وزن المجموع.

(مسألة 1776) يجوز الاعتماد على إخبار البائع بمقدار المبيع، فيشتريه مبنيّا على ما أخبره به، و لو تبيّن النقص فله الخيار، فإن فسخ يردّ تمام الثمن، و إن أمضاه ينقص من الثمن بحسابه.

(مسألة 1777) الظاهر أنه يكفي المشاهدة في بيع الحطب المحزوم قبل أن يحلّ و يصير كومة، و التّبن المعبأ في كيسه قبل أن يصير صبرة، و أن المائعات المحرزة في أوان، ليست من الموزون قبل أن تفرغ منها، فيكفي في بيعها المشاهدة. بل الظاهر كفاية المشاهدة أيضا في المذبوح من الغنم قبل أن يسلخ جلده. كلّ ذلك إذا كان متعارفا، و هو يختلف حسب الأزمنة و الأمكنة. و يشترط فيه أن لا يكون التفاوت في تقديره كثيرا بحيث يعد بيعه كذلك غرريا كلّ ذلك إذا كان متعارفا، و هو يختلف بحسب الأزمنة و الأمكنة.

(مسألة 1778) الظاهر عدم كفاية المشاهدة في بيع الأراضي التي تقدّر قيمتها بالذراع و نحوه، بل لا بدّ من اختبار مساحتها، و كذلك الأثواب قبل أن تخاط أو تفصّل. نعم إذا تعارف مقدار خاصّ من الأذرع في الأثواب الكبيرة كأن يكون الثوب

ثلاثين ذراعا مثلا، جاز بيعها و شراؤها اعتمادا على ذلك التعارف، نظير الاعتماد على إخبار البائع و البناء عليه.

(مسألة 1779) إذا اختلفت البلدان في شي ء، بأن كان موزونا في بلد مثلا و معدودا في آخر، فالظاهر أن المدار على بلد المعاملة.

(مسألة 1780) الثالث: معرفة جنس العوضين و أوصافهما التي تتفاوت بها القيمة و تختلف بها الرّغبة، و ذلك إما بالمشاهدة أو بالتوصيف الرافع للجهالة، و يجوز الاكتفاء بالرؤية السابقة إذا لم يعلم تغيّر العين، و لم تجر العادة على تغيّرها.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 362

(مسألة 1781) الرابع: كون العوضين ملكا طلقا، فلا يجوز بيع الماء و العشب و الكلأ قبل حيازتها، و الأسماك و الوحوش قبل اصطيادها، و الموات من الأراضي قبل إحيائها.

(مسألة 1782) إذا استنبط بئرا في أرض مباحة، ملك ماءها بالتّملّك دون مجرّد الاستنباط، فلو أراد بيع الماء لزم أن يتملّكه أوّلا ثمّ يبيعه.

نعم لو حفر البئر بقصد تملّكه يملك الماء بمجرّد خروجه. و كذا في حفر النهر في الأرض المباحة.

(مسألة 1783) لا يجوز بيع الرهن إلا بإذن المرتهن أو إجازته، أما إذا باع الراهن العين المرهونة ثمّ انفكّت من الرهن، فالظاهر الصحة من غير حاجة إلى الإجازة.

(مسألة 1784) إذا لم يكن الوقف ملكا لأحد بل كان فكّ ملك كما في المدارس و المساجد و الرباطات بناء على عدم دخولها في ملك المسلمين كما هو الأقوى، فلا يجوز بيعه في حال.

(مسألة 1785) يجوز بيع الوقف المملوك عليهم في مواضع، منها: إذا خرب بحيث لم يمكن الانتفاع بعينه مع بقائه، كالجذع البالي و الحصير الخلق و الدار الخربة التي لا يمكن الانتفاع حتى بأرضها. و يلحق بذلك ما إذا خرج عن الانتفاع أصلا

من جهة أخرى غير الخراب، و كذا ما إذا خرج عن الانتفاع المعتدّ به بسبب الخراب أو غيره بحيث يقال في العرف لا منفعة له، كما إذا انهدمت الدار و صارت أرضا يمكن إجارتها بمقدار جزئي و كانت بحيث لو بيعت و بدلت بمال آخر يكون نفعه مثل الأول أو قريبا منه. و أما إذا قلّت منفعتها لكن لا إلى حدّ تلحق بالمعدوم، فالظاهر عدم جواز بيعها، و لو أمكن أن يشتري بثمنها ما له نفع كثير و منها: إذا كان يؤدي بقاؤه إلى خرابه، سواء كان لخلاف بين أربابه أو لغير ذلك، و سواء كان أداؤه إلى ذلك معلوما أو مظنونا بحيث يعد عدم تبديله تقصيرا في حفظه عرفا، و سواء كان الخراب المعلوم أو المظنون

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 363

يوجب سقوط الانتفاع به بالمرة أو الانتفاع المعتد به. نعم لو فرض إمكان الانتفاع به بعد الخراب بوجه آخر مثل قبل الخراب، لم يجز بيعه. و منها:

إذا شرط الواقف بيعه عند حدوث أمر مثل قلّة المنفعة، أو كثرة الخراج، أو وقوع خلاف بين الموقوف عليهم، أو حصول ضرورة و حاجة شديدة لهم، فيجوز بيعه أو تبديله و الأحوط العدم.

(مسألة 1786) لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة، و هي المأخوذة من يد الكفار قهرا المعمورة وقت الفتح، فإنها ملك للمسلمين كافة، بل تبقى على حالها بيد من يعمرها و يؤخذ خراجها و يصرفه في مصالح المسلمين.

(مسألة 1787) إذا كانت الأرض مواتا حال الفتح ثمّ عرض لها الإحياء فهي ملك لمحييها، و بذلك يسهل الخطب في الدور و العقار و بعض الإقطاع من تلك الأراضي التي تعامل معاملة الأملاك، حيث أنه من المحتمل أن

المتصرّف فيها ملكها بوجه صحيح، فيحكم بملكية ما في يده ما لم يعلم خلافها. و المتيقن من المفتوح عنوة أرض العراق و بعض الأقطار ببلاد العجم.

(مسألة 1788) الخامس: القدرة على التسليم، فلا يجوز بيع الطير المملوك إذا طار في الهواء، و لا السمك المملوك إذا أرسل في الماء، و لا الدابة الشاردة، إلا إذا كان ذلك مع الضميمة و كان يرجى رجوعه.

(مسألة 1789) إذا لم يقدر البائع على التسليم و كان المشترى قادرا على تسلّمه، فالظاهر صحة البيع.

الخيارات

اشارة

(مسألة 1790) الأول: خيار المجلس، فإذا وقع البيع فللمتبايعين الخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا و لو بخطوة و صدق الافتراق عليهما عرفا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 364

سقط الخيار للطرفين و لزم البيع من الجانبين. و لو فارقا مجلس البيع مصطحبين، بقي الخيار.

(مسألة 1791) الثاني: خيار الحيوان، فمن اشترى حيوانا ثبت له الخيار إلى ثلاثة أيام من حين العقد، و في ثبوته للبائع أيضا إذا كان الثمن حيوانا، وجه لا يخلو من قوة.

(مسألة 1792) إذا تصرّف المشتري في الحيوان تصرفا يدل على الرضا بالبيع، سقط خياره.

(مسألة 1793) إذا تلف الحيوان في مدّة الخيار، كان من مال البائع، فيبطل البيع و يرجع عليه المشتري بالثمن إذا دفعه إليه.

(مسألة 1794) العيب الحادث في الثلاثة من غير تفريط من المشتري، لا يمنع من الفسخ و الردّ.

(مسألة 1795) الثالث: خيار الشرط، أي الثابت بالاشتراط ضمن العقد و يجوز جعله لهما أو لأحدهما أو لثالث، و لا يتقدّر بمدّة معيّنة، بل هو بحسب ما اشترطاه، قلّت مدّته أو كثرت. و لا بدّ من كونها مضبوطة بمقدارها و ضبط اتصال وقتها بالعقد و انفصاله. نعم إذا ذكرت مدّة معينة كشهر مثلا

و أطلقت، فالظاهر اتصالها بالعقد.

(مسألة 1796) يجوز أن يشترطا لأحدهما أو لهما الخيار بعد الاستئمار و الاستشارة، بأن يشاور ثالثا في أمر العقد، فكلّ ما رأى من الصلاح إبقاء للعقد أو فسخا يكون متّبعا، و يعتبر فيه أيضا تعيين المدة، و ليس للمشروط له الفسخ قبل أمر ذلك الثالث و لو لم يجب على المستشير إطاعة أمره. فإذا اشترط البائع على المشتري مثلا بأن له المهلة إلى ثلاثة أيام حتى يستشير صديقه أو الدّلال الفلاني، فإن رأى الصلاح في هذا البيع يلتزم به و إلا فلا، يكون مرجعه إلى جعل الخيار له على تقدير أن لا يرى صديقه أو الدّلال الصلاح في البيع لا مطلقا، فليس له الخيار إلا على ذلك التقدير.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 365

(مسألة 1797) لا يجري خيار الشرط المذكور في الإيقاعات كالطلاق و العتق و الإبراء و غيرها، و لا يجري في عقد النكاح، و في جريانه في جميع العقود تفصيل موكول إلى محلّه.

(مسألة 1798) يجوز اشتراط الخيار للبائع إذا ردّ الثمن بعينه أو مثله، إلى مدة معينة، فإن مضت و لم يأت بالثمن كاملا لزم البيع. و مثل هذا البيع يسمّى في العرف الحاضر بيع الخيار، و الظاهر صحة اشتراط أن يكون للبائع فسخ الكلّ بردّ بعض الثمن، أو فسخ البعض بردّ البعض، و يكفي في ردّ الثمن أن يفعل البائع ما له دخل في القبض و إن أبى المشتري قبضه، فلو أحضر الثمن و عرضه عليه و مكّنه من قبضه فأبى و امتنع أن يقبضه، تحقّق الردّ الذي هو شرط الفسخ، فللبائع أن يفسخ.

(مسألة 1799) نماء المبيع و منافعه في هذه المدة للمشتري، كما أن تلفه عليه.

(مسألة 1800)

لا يسقط الخيار مع تلف المبيع إن كان المشروط السّلطة على فسخ البيع، و حينئذ يرجع بعد الفسخ إلى المثل أو القيمة، و يسقط إن كان المشروط إرجاع العين بالفسخ.

(مسألة 1801) لا يجوز للمشتري قبل انقضاء المدة إتلاف العين، و لا التصرّف الناقل لها، لأن الخيار و إن كان هو السلطنة على فسخ العقد من دون تعلق حقّ على العين، إلا أن المتبادر من هذا الشرط عرفا اشتراط إبقاء المبيع عند المشتري حتى يردّ البائع الثمن و يفسخ العقد، نعم لا يترتب على هذا الشرط إلا الحكم بعدم جواز النقل لا عدم النقل، فلو تخلّف و نقل صحّ، و يرجع البائع بعد الفسخ إلى المثل أو القيمة كما في صورة التلف.

(مسألة 1802) إذا كان الثمن المشروط ردّه، كلّيا في ذمة البائع، كما إذا كان في ذمته ألف درهم لزيد فباع داره له بما في ذمته و جعل له الخيار مشروطا برد الثمن، فيكون رده بأداء ما في ذمته له، و إن برئت

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 366

ذمته مما كان عليه بجعله ثمنا.

(مسألة 1803) إذا لم يقبض البائع الثمن أصلا سواء كان كلّيا في ذمة المشتري أو عينا موجودة عنده، فله خيار الفسخ قبل انقضاء المدة المضروبة، إلا إذا كان عنوان رد الثمن دخيلا في الشرط.

(مسألة 1804) إذا قبض الثمن و كان كلّيا و أراد ردّه، فالظاهر أنه يتعين ردّه بعينه لانصراف الكلي أيضا إلى الفرد المأخوذ، إلا إذا صرّحا في الشرط برد ما يعمّ غيره، أو كان لا ينتفع بالثمن إلا بصرفه كبعض الأعيان أما إذا كان الثمن عينا شخصية فلا يتحقق الردّ إلا بردّها، فلو لم يمكن لتلف و نحوه، لم يكن

للبائع الخيار إلا إذا صرّحا في شرطهما بردّ ما يعمّ البدل مع عدم التمكن من العين. نعم إذا كان الثمن مما ينحصر نفعه المتعارف بقيمته بعينه كالنقود، فيمكن أن يقال إن المنساق من الإطلاق ما يعمّ بدله، ما لم يصرّح بأن يكون المردود نفس العين.

(مسألة 1805) كما يتحقق ردّ الثمن بردّه إلى نفس المشتري، يتحقق أيضا بإيصاله إلى وكيله في ذلك أو وكيله المطلق، أو وليه كالحاكم فيما إذا صار مجنونا أو غائبا، بل و عدول المؤمنين أيضا في مورد و لا يتهم.

هذا إذا جعل الخيار للبائع مشروطا بردّ الثمن أو ردّه إلى المشتري و أطلق، أما لو شرط الرد إلى المشتري بنفسه بيده، فلا يتعدّى منه إلى غيره.

(مسألة 1806) إذا اشترى الولي شيئا للمولّى عليه ببيع الخيار، فارتفع حجره قبل انقضاء المدّة و ردّ الثمن، فإن كان الشرط هو الرد المنصرف إطلاقه إلى من هو أهل لأن يردّ عليه، فلا يكفي الردّ إلى الولي بلا إشكال، و إن كان الشرط هو الرد إلى نفسه و إن لم يكن وليا حين الفسخ، فلا إشكال في كفاية الردّ إليه، و عدم كفاية الرد إلى المولى عليه. كما لا إشكال في كفاية الردّ إلى كلّ منهما لو كان الشرط هو الردّ إلى الأعم.

و منه يعلم الحكم في شراء أحد الوليّين، أو أحد الحاكمين، إذا اشترى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 367

أحدهما و ردّ المشتري الثمن إلى الآخر.

(مسألة 1807) إذا مات البائع، ينتقل هذا الخيار كسائر الخيارات إلى ورثته، فيردّون الثمن و يفسخون البيع، فيرجع إليهم المبيع على حسب قواعد الإرث، كما أن الثمن المردود أيضا يوزّع عليهم بالحصص.

(مسألة 1808) إذا مات المشتري، فالظاهر جواز فسخ البائع

بردّ الثمن إلى ورثته. نعم لو جعل الشرط ردّ الثمن إلى المشتري بخصوصه بنفسه فالظاهر عدم قيام ورثته مقامه، فيسقط هذا الخيار بموته.

(مسألة 1809) كما يجوز للبائع اشتراط الخيار لنفسه بردّ الثمن، يجوز للمشتري أيضا اشتراط الفسخ لنفسه عند ردّ المثمن. و الظاهر المنصرف إليه إطلاق الردّ فيه ردّ العين، فلا يتحقق بردّ بدلها و لو مع التلف، إلا أن يصرح بردّ ما يعمّ البدل عند تعذّر المبدّل. و يجوز أيضا اشتراط الخيار لكلّ منهما بردّ ما انتقل إليه.

(مسألة 1810) الرابع: خيار الغبن، فيما إذا باع بأقل من ثمن المثل أو اشترى بأكثر منه مع الجهل بالقيمة، فللمغبون خيار الفسخ. و تقدر الزّيادة أو النقيصة بملاحظة ما انضمّ إليه من الشرط، فلو باع ما يساوي مائة دينار بأقل منه بكثير مع اشتراط الخيار للبائع، فلا غبن، لأن المبيع ببيع الخيار ينقص ثمنه عن المبيع بالبيع اللازم، و هكذا غيره من الشروط. اللّهمّ إلا أن يكون مغبونا حتى في هذا القسم من البيع، فيثبت له خيار الغبن.

(مسألة 1811) يشترط أن يكون غبن التفاوت بما لا يتسامح الناس فيه و هو يختلف بحسب اختلاف المعاملات اليسيرة و الخطيرة، فربما يتسامح في اليسيرة بالعشر و لا يتسامح في الخطيرة بنصف العشر أو أقلّ فالميزان تشخيص العرف و حكمهم بالغبن.

(مسألة 1812) ليس للمغبون مطالبة الغابن بتفاوت القيمة، بل له الخيار بين أن يفسخ المبيع من أصله أو يلتزم و يرضى به بالثمن المسمى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 368

كما أنه لا يسقط خياره ببذل الطرف التفاوت. نعم مع تراضي الطرفين لا بأس بإسقاط الخيار بإزاء ما أخذ.

(مسألة 1813) الخيار ثابت للمغبون من حين العقد، لا أنه يحدث من

حين اطلاعه على الغبن، فلو فسخ قبل ذلك و صادف الغبن واقعا صحّ الفسخ، لأنه وقع في موقعه.

(مسألة 1814) إذا اطّلع على الغبن و لم يبادر إلى الفسخ، فإن كان لأجل جهله بحكم الخيار، فلا إشكال في بقاء خياره، و إن كان عالما بالحكم و كان بانيا على الفسخ غير راض بهذا البيع بهذا الثمن و لكنه أخّر إنشاء الفسخ لغرض من الأغراض، فالظاهر سقوط خياره. و أولى منه بالسقوط إذا لم يكن بانيا على الفسخ و لم يكن بصدد فسخه، إلا أنه بدا له بعد ذلك أن يفسخ.

(مسألة 1815) المدار في الغبن على القيمة حال العقد، فلو زادت بعده و لو قبل اطلاع المغبون على النقصان حين العقد، لم يوجب سقوط الخيار، كما أنه لو نقص بعده أو زاد، لم يؤثّر في ثبوته.

(مسألة 1816) يسقط خيار الغبن بأمور، الأول: اشتراط سقوطه ضمن العقد، و يقتصر في سقوطه على الدّرجة المقصودة التي تشملها عبارة شرط إسقاطه، فلو كان المشروط سقوط مرتبة خاصة من الغبن كالعشر فتبيّن كونه الخمس، لم يسقط الخيار. و لو اشترط سقوطه و إن كان فاحشا أو أفحش، لا يسقط إلا ما كان كذلك بالنسبة إلى مثل هذه المعاملة. الثاني: إسقاطه بعد العقد و لو قبل ظهور الغبن إذا أسقطه على تقدير ثبوته، و هذا أيضا كسابقه يقتصر فيه على الدرجة المقصودة عند الإسقاط. و كما يجوز إسقاطه بعد العقد مجانا، يجوز المصالحة عليه بالعوض، فمع العلم بمرتبة الغبن تكون المصالحة عليها، و مع الجهل بها فالظاهر جواز المصالحة عن خيار الغبن الموجود في هذه المعاملة بأيّ درجة كانت، أو بتعيين درجة منه، فلو عيّنها و صالح عليها

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1،

ص: 369

فتبيّن كونه أكثر، فالظاهر بطلان المصالحة. الثالث: تصرّف المغبون بعد العلم بالغبن فيما انتقل إليه، بما يكشف عن رضاه بالبيع، فلو تصرّف البائع المغبون في الثمن، أو المشتري المغبون في المثمن، فإنه يسقط بذلك خياره، خصوصا الثاني، و خصوصا إذا كان تصرفه بالإتلاف، أو بما يمنع الردّ، أو بإخراجه عن ملكه، أو بنقل لازم كالبيع. و أما تصرفه قبل ظهور الغبن فلا يسقط الخيار، كما لا يسقطه تصرف الغابن فيما انتقل إليه مطلقا.

(مسألة 1817) إذا اطلع البائع المغبون على الغبن و فسخ البيع. فإن كان المبيع باقيا عند المشتري باقيا على حاله استرده منه. و إذا رآه تالفا أو متلفا رجع إليه بالمثل أو القيمة، و إن حدث به عيب عنده سواء كان بفعله أو بآفة سماوية، أخذه مع الأرش. و إذا أخرجه عن ملكه بالعتق أو الوقف، فالظاهر أنه بحكم التلف فيرجع إليه بالمثل أو القيمة، و إن كان بنقل غير لازم كالبيع بخيار و الهبة غير اللازمة، فالظاهر أن له إلزام المشتري بالفسخ و الرجوع و تسليم العين إذا أمكن. بل في النقل اللازم أيضا لو رجعت العين إلى المشتري بإقالة أو عقد جديد قبل رجوع البائع إليه بالبدل، لا يبعد أن يكون له إلزامه برد العين. بل يمكن أن يقال في العقد اللازم أيضا إن له إلزامه بالإقالة أو الشراء منه بعقد جديد لو تمكن بلا ضرر و لا حرج، لأن إلزام المشتري برد المثل أو القيمة ليس إلا لكون العين مضمونة عليه، فإذا فسخ العقد تكون العين ملكا للبائع تالفا عند المشتري مضمونة عليه، و مقتضى العهدة ردّ العين مع التّمكّن و ردّ المثل أو القيمة مع عدم التمكن.

(مسألة

1818) إذا نقل منفعة العين المباعة بالغبن إلى الغير بعقد لازم كالإجارة، لم يمنع ذلك من الفسخ، لكن تبقى الإجارة على حالها بعد الفسخ و ترجع العين إلى الفاسخ مسلوبة منفعة الإجارة، و له سائر المنافع غير ما ملكه المستأجر. و في جواز رجوعه إلى المشتري بأجرة المثل

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 370

بالنسبة إلى بقية المدة وجه قوي، كما يحتمل وجه آخر، و هو أن يرجع إليه بالنقص الطارئ على العين من جهة كونها مسلوبة المنفعة في تلك المدّة، فتقوّم بوصف كونها ذات منفعة في تلك المدّة مرّة، و مسلوبة المنفعة فيها أخرى، فيأخذ مع العين التفاوت بين القيمتين، و الظاهر أنه لا تفاوت غالبا بين الوجهين.

(مسألة 1819) إذا فسخ البائع المغبون و كان المبيع موجودا عند المشتري لكن تصرّف فيه تصرّفا مغيّرا له. فإما أن يكون بالنقيصة أو بالزّيادة أو بالامتزاج، فلو كان بالنقيصة أخذه و رجع إليه بالأرش كما مرّ و لو كان بالزّيادة فإما أن تكون صفة محضة كطحن الحنطة و قصارة الثوب و صياغة الفضة، أو صفة مشوبة بالعين كالصّبغ، أو عينا أخرى كالغرس و الزّرع و البناء. إما الصفة المحضة فإن لم يكن لهما مدخل في زيادة القيمة، يرجع إلى العين و لا شي ء عليه، كما أنه لا شي ء على المشتري و إن كان لها مدخل في زيادة قيمة تتعلق بالعين، فالأقرب بنظر العرف و الأوفق بالقواعد أن تكون العين للبائع و للمشتري أجرة عمله. و كذا الصورة الثانية و هي إذا كانت الصفة مشوبة بالعين. أما الصورة الثالثة و هو أن تكون الزّيادة عينا أخرى، فيرجع البائع إلى المبيع و يكون الغرس و الزّرع و البناء للمشتري،

و ليس للبائع إلزامه بالقلع و الهدم و لو بالأرش، و لا إلزامه بالإبقاء و لو مجانا، كما أنه ليس للمشتري حق الإبقاء مجانا و بلا أجرة. فعلى المشتري إما إبقاؤها بالأجرة و إما قلعها مع طمّ الحفر و تدارك النقص الوارد على الأرض، و للبائع إلزامه بأحد الأمرين لا خصوص أحدهما. و كل ما اختار المشتري من الأمرين ليس للبائع الفاسخ منعه، نعم لو أمكن غرس المقلوع بحيث لا يحدث فيه شي ء إلا تبدّل المكان فللبائع أن يلزمه به. و الظاهر أنه لا فرق في ذلك بين الزّرع و غيره. و أما إذا كان تغيير المبيع بالامتزاج. فإن كان بغير جنسه بحيث لا يتميّز، فالأقوى التفريق بين ما كان مستهلكا و عدّ تالفا كما إذا اختلط ماء الورد بالزّيت، فيرجع إلى البدل، و بين ما لم يكن كذلك كمزج الخلّ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 371

بالأنجبين، فتثبت الشّركة في العين بنسبة القيمة إذا كان الخليطان موجودين عرفا، و أما إذا كان المخلوط شيئا ثالثا لا يصدق عليه شي ء منهما، فالظاهر أنه أيضا بحكم التالف إن لم يكن له قيمة، و إلا فهو مشترك بينهما. و إن كان الامتزاج بالجنس، فالظاهر ثبوت الشّركة بحسب الكمّيّة و لو كان بالأردإ أو الأجود، مع أخذ الأرش في الأول و إعطاء زيادة القيمة في الثاني، لكن الأحوط التصالح خصوصا في الثاني.

(مسألة 1820) إذا باع أو اشترى شيئين صفقة واحدة و كان مغبونا في أحدهما دون الآخر، فليس له التبعيض في الفسخ، بل عليه إما فسخ البيع في الجميع أو الرضا به كذلك.

(مسألة 1821) الخامس: خيار التأخير، و هو فيما إذا باع شيئا و لم يقبض تمام الثمن

و لم يسلّمه إلى المشتري و لم يشترط تأخير أحد العوضين، فإن البيع يلزم إلى ثلاثة أيام، فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة، و إلا فللبائع فسخ المعاملة، و لو تلفت السلعة كانت من مال البائع. أما قبض بعض الثمن فمثل عدم القبض.

(مسألة 1822) لا إشكال في ثبوت هذا الخيار إذا كان المبيع عينا شخصية، و الأرجح عدم ثبوته إذا كان كلّيّا.

(مسألة 1823) الظاهر أن هذا الخيار ليس على الفور، فلو أخّر الفسخ عن الثلاثة، لم يسقط الخيار إلا بأحد المسقطات.

(مسألة 1824) يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه ضمن العقد، و بإسقاطه بعد الثلاثة، و الأقوى عدم سقوطه بإسقاطه قبلها، كما أن الأقوى عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعدها قبل فسخ البائع.

و يسقط أيضا بأخذ الثمن بعد الثلاثة من المشتري بعنوان الاستيفاء، لا بعنوان آخر كالعارية و غيرها. و الظاهر عدم سقوطه بالمطالبة بالثمن.

(مسألة 1825) المراد بثلاثة أيام هو بياض اليوم، و لا يشمل الليالي عدا الليلتين المتوسطتين، فلو أوقع البيع في أول النهار يكون آخر الثلاثة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 372

غروب النهار الثالث. نعم لو وقع البيع في الليل تدخل الليلة الأولى أو بعضها أيضا في المدّة، و الظاهر كفاية التلفيق، فلو وقع البيع في أول الزّوال يكون مبدأ الخيار بعد زوال اليوم الرابع، و هكذا.

(مسألة 1826) لا يجري هذا الخيار في غير البيع من سائر المعاملات.

(مسألة 1827) إذا تلف المبيع، كان من مال البائع في الثلاثة، و بعدها على الأقوى (مسألة 1828) إذا باع ما يتسارع إليه الفساد بحيث يفسد لو صار بائتا كالبقول و بعض الفواكه و اللحم في بعض الأوقات و نحوها، و بقي عنده و تأخر المشتري عن

الإتيان بالثمن و أخذ المبيع، فللبائع الخيار قبل أن يطرأ عليه الفساد، فيفسخ البيع و يتصرّف في المبيع كيف شاء.

(مسألة 1829) السادس: خيار الرؤية، فيما اشترى شيئا موصوفا غير مشاهد ثمّ وجده أنقص مما وصف، و كذا إذا وجده أنقص مما رآه سابقا و كذا لو باعه بالرؤية السابقة فوجده أحسن مما وصف أو مما رآه سابقا، فللبائع خيار الفسخ.

(مسألة 1830) الخيار هنا بين الردّ و الإمساك مجّانا، و ليس لصاحب الخيار الإمساك بالأرش، كما أنه لا يسقط خياره بإعطائه الموافق لاوصافه، و لا بإبدال العين بعين أخرى. نعم لو كان للوصف المفقود دخل في الصحة، توجّه أخذ الأرش، لكن لأجل العيب لا لأجل تخلّف الوصف.

(مسألة 1831) مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية الغائبة حين المبايعة، و يشترط في صحّته إما الرؤية السابقة مع عدم اليقين بزوال تلك الصفات، و إما توصيفها بما يرفع الجهالة الموجبة للغرر، بذكر جنسها و نوعها و صفاتها التي تختلف باختلافها الأثمان، و تتفاوت لأجلها رغبات الناس.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 373

(مسألة 1832) هذا الخيار فوري عند الرؤية على المشهور.

(مسألة 1833) يشكل سقوط هذا الخيار باشتراط سقوطه ضمن العقد إلا إذا كان الوصف موثوقا به من جهة الرؤية السابقة، أو بإخبار البائع مثلا، حتى لا يكون البيع غرريّا. نعم يسقط بإسقاطه بعد الرؤية، و بالتصرف في العين بعدها تصرفا كاشفا عن الرضا بالبيع، و بعدم المبادرة إلى الفسخ، بناء على فوريته.

(مسألة 1834) السّابع: خيار العيب، فإذا وجد المشتري في المبيع عيبا تخيّر بين الفسخ و الإمساك بالأرش ما دام المبيع قائما بعينه، فإذا تغيّر يسقط الرّد و إن لم يتصرّف فيه. و كذا يسقط بالقول أو الفعل الدّال على

إسقاطه بحسب متفاهم العرف، و يسقط أيضا إذا حدث في المبيع عيب بعد مضي زمان خياره كخيار الحيوان مثلا، لكن يثبت له الأرش خاصة. و أما العيب الحادث فيه قبل ذلك فلا يمنع من الرّد، و كذا سائر الخيارات إذا اختصّ بالمشتري.

(مسألة 1835) كما يثبت هذا الخيار للمشتري إذا وجد العيب في المبيع، كذلك يثبت للبائع إذا وجده في الثّمن المعين.

(مسألة 1836) المراد بالعيب كلّ ما زاد أو نقص عن المجرى الطبيعي و الخلقة الأصليّة، كالعمى أو العرج و غير ذلك.

(مسألة 1837) يثبت الخيار بمجرّد وجود العيب واقعا حين العقد و إن لم يظهر بعد، فظهوره كاشف عن ثبوته من أول الأمر لا أنه سبب لحدوثه عنده، فلو أسقط الخيار قبل ظهوره لا إشكال في سقوطه، كما أنه يسقط بإسقاطه بعد ظهوره، و كذلك باشتراط سقوطه ضمن العقد، و بالتّبرّي من العيوب عنده، بأن يقول مثلا: بعته بكلّ عيب. و كما يسقط الخيار بالتبري من العيوب، يسقط معه حقّ المطالبة بالأرش.

(مسألة 1838) كما يثبت الخيار بوجود العيب عند العقد، كذلك يثبت بحدوثه بعده قبل القبض، و كذا في زمان خيار المشتري.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 374

(مسألة 1839) إذا كان المبيع معيوبا عند العقد و زال العيب قبل ظهوره، فالظّاهر سقوط الخيار، و كذا الأرش على إشكال، و الأحوط التصالح.

(مسألة 1840) كيفية أخذ الأرش: أن يقوّم الشي ء صحيحا ثم يقوّم معيبا و يلاحظ النسبة بينهما، ثم ينقص من الثمن المسمّى بتلك النسبة، فإذا قوّم صحيحا بتسعة و معيبا بستّة و كان الثمن ستة، ينتقص من الستة اثنان، و هكذا. و المرجع في تعيين ذلك أهل الخبرة، و يعتبر فيهم ما يعتبر في الشّهود من التّعدد

و العدالة. و في الاكتفاء بقول العدل الواحد، وجه.

(مسألة 1841) إذا تعارض المقوّمون في تقويم الصحيح أو المعيب أو كليهما، فقوّم الصحيح مثلا عدلان بمقدار و معيبه بمقدار، و خالفهما عدلان آخران، يؤخذ التّفاوت بين الصّحيح و المعيب من كلّ منهما و يجمع بينهما، ثم يؤخذ نصف المجموع. فإذا قوّم أحدهما صحيحة بعشرة و معيبة بخمسة، و الآخر صحيحة بتسعة و معيبه بستة، و كان الثمن اثني عشر، يردّ من الثمن خمسة و يعطى البائع سبعة. لأنّ التفاوت بين الصحيح و المعيب على الأول بالنصف فيكون الأرش ستة، و على الثاني بالثلث فيكون أربعة، و المجموع عشرة و نصفها خمسة. و إذا فرض أنه قوّمه عدلان آخران أيضا صحيحة بثمانية و معيبه بستة فيكون التفاوت بالرّبع و هو ثلاثة من اثني عشر، فيضمّ إلى العشرة و المجموع ثلاثة عشر فيؤخذ ثلثها و هو أربعة و ثلث، و هو الأرش الّذي ينقص من الثمن، أعني اثني عشر، و يبقى للبائع سبعة و ثلثان، و هكذا.

(مسألة 1842) إذا باع شيئين صفقة واحدة فظهر العيب في أحدهما، كان للمشتري أخذ الأرش أو ردّ الجميع، و ليس له التّبعيض و ردّ المعيب وحده، و كذا لو اشترك اثنان في شراء شي ء فوجداه معيبا، فليس لأحدهما ردّ حصته خاصّة إذا لم يوافقه شريكه، على إشكال

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 375

فيهما، خصوصا في ثانيهما. نعم لو رضي البائع فيجوز و يصحّ التّبعيض في المسألتين بلا إشكال.

خاتمة

(مسألة 1843) من الأحكام المشتركة أن كلّ خيار يسقط إذا اشترط في متن العقد عدمه، و كذلك يسقط بإسقاطه بعد العقد. أما خيار التأخير فلا يسقط بإسقاطه في الثلاثة، بل لا بدّ من

إسقاطه بعد الثلاثة. و قد مرّ الإشكال في إسقاطه خيار الرّؤية في بعض الموارد.

(مسألة 1844) و من الأحكام المشتركة للخيارات أنه إذا مات من له الخيار انتقل خياره إلى وارثة، من غير فرق بين أنواعه، و أن ما يمنع عن إرث الأموال كالرّقّيّة، و القتل و الكفر، مانع عن هذا الإرث أيضا، و ما يحجب حجب حرمان، و هو وجود الأقرب إلى الميّت، يحجب هنا أيضا.

(مسألة 1845) إذا كان الخيار متعلقا بمال خاصّ يحرم منه بعض الورثة كالعقار بالنسبة إلى الزوجة، و الحبوة بالنسبة إلى غير الولد الأكبر فالأقوى أن الوارث المحروم لا يحرم من الخيار المتعلق بذلك المال، و لا فرق في ذلك بين أن يكون الموروث منتقلا عن الميت أو منتقلا إليه.

(مسألة 1846) إذا تعدّد الوارث، فالأقوى كون الخيار لجميعهم بحيث لا أثر لفسخ بعضهم بدون ضمّ الباقين، لا في تمام المبيع و لا في حصّته.

(مسألة 1847) إذا اجتمع الورثة على الفسخ فيما باعه مورّثهم، فإن كان عين الثمن موجودا دفعوه إلى المشتري، و إن لم يكن موجودا أخرج من مال الميّت، و إن لم يكن له مال فالأوجه أنه على الميت في ذمّته، فيجب تفريغها بالمبيع المردود إليه، فإن بقي شي ء يكون للورثة،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 376

و إن لم يف بتفريغ ما عليه، يبقى الباقي في ذمّته.

ما يدخل في المبيع عند الإطلاق

(مسألة 1848) من باع بستانا دخل فيه الأرض و الشجر و النخل، و كذا الأبنية من سورها و ما يعد من توابعها و مرافقها كالناعورة و الحظيرة و نحوها، و كذا البئر الذي يتعارف دخوله فيها، دون ما لا يتعارف كالآبار العميقة المستحدثة فإنها مستقلة بالمالية. نعم لو باع القرية بتمامها، تدخل فيها

القنوات و الآبار العميقة و غيرها.

(مسألة 1849) إذا باع أرضا، لا يدخل فيها النخل و الشجر الموجودان فيها إلا مع الشرط، و كذا لا يدخل الحمل في ابتياع الأمّ ما لم يشترط، إلا إذا كان المتعارف دخوله بحيث يحتاج خروجه إلى النص الصريح.

(مسألة 1850) إذا باع نخلا فإن كان مؤبّرا، فالثمرة للبائع و يجب على المشتري إبقاؤها على الأصول، كما جرت العادة، و لو لم يؤبّر كانت للمشتري. و الظاهر اختصاص ذلك بالبيع، و أما في غيره، فالثمرة للناقل إن لم يكن شرط، سواء كانت مؤبّرة أم لم تكن، كما أن هذا الحكم مختصّ بالنخل فلا يجري في غيرها من الأشجار، بل تكون الثمرة للبائع على كل حال، إلا مع الشرط.

(مسألة 1851) إذا باع الأصول و بقيت الثمرة للبائع و احتاجت الثمرة إلى سقي، يجوز لصاحبها أن يسقيها و ليس لصاحب الأصول منعه، و كذا العكس. و لو تضرّر أحدهما بالسقي و الآخر بتركه ففي تقديم حقّ البائع المالك للثمرة أو المشتري المالك للأصول تأمل، و الظاهر ترجيح ما هو المتعارف. نعم لو كان المتعارف مختلفا لا يبعد ترجيح جانب المشتري، و الأحوط التصالح و التراضي على تقديم أحدهما، و لو بأن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 377

يتحمّل أحدهما ضرر الآخر.

(مسألة 1852) إذا باع بستانا و استثنى نخلة مثلا فله الممرّ إليها و المخرج و مدى جرائدها و عروقها من الأرض، و ليس للمشتري منعه عن شي ء من ذلك.

(مسألة 1853) إذا باع دارا، دخل فيها الأرض و الأبنية الأعلى و الأسفل، إلا أن يكون الأعلى مستقلا من حيث المدخل و المخرج و المرافق و غير ذلك، مما يكون أمارة على خروجه و استقلاله بحسب

العادة، و كذا يدخل السّرداب و البئر و الأبواب و الأخشاب الداخلة في البناء و الأوتاد المثبتة فيه، بل السّلّم المثبت على حذو الدرج، و لا تدخل الرحى المنصوبة إلا مع الشرط، و كذا لو كان فيها نخل أو شجر إلا مع الشرط أو تكون هنا قرينة أو يتعارف دخولهما في البيع. أما المفاتيح فلا يبعد دخولها.

(مسألة 1854) الأحجار الموجودة أصلا في الأرض، و المعادن المتكوّنة فيها، تدخل في بيعها، بخلاف الأحجار المدفونة فيها كالكنوز المودعة و نحوها.

(مسألة 1855) يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد إذا لم يشترطا التأخير، فلا يجوز لأحدهما التأخير مع الإمكان إلا برضا صاحبه فإن امتنعا، أجبرا، و لو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه، أجبر الممتنع.

(مسألة 1856) إذا اشترط كل منهما تأخير التسليم إلى مدة معينة، جاز في الأعيان الخارجية، أما إذا كان العوضان كلّيّين و اشترطا التأخير لكليهما فيكون من بيع الكالي بالكالي و هو باطل. و ليس لغير مشترط التأخير الامتناع عن التسليم بسبب عدم تسليم صاحبه الذي اشترط التأخير.

(مسألة 1857) يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابّة أو زرع الأرض و نحو ذلك، مدّة معيّنة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 378

(مسألة 1858) القبض و التسليم فيما لا ينقل كالدار و العقار، هو التخلية برفع يده عنه و رفع المنافيات و الإذن في التصرف بحيث يصير تحت استيلاء الطرف. أما في المنقول كالطعام و الثياب و نحوه، فلا يبعد كفاية التخلية بحيث يتسلط المشتري على المبيع، و بحيث يخرج عن ضمانه و لا يكون تلفه عليه. نعم قد لا يكفي ذلك في موارد أخرى مبيّنة في الكتب المفصّلة.

(مسألة 1859) إذا تلف المبيع قبل تسليمه إلى

المشتري، فهو من مال البائع، فينفسخ البيع و يعود الثمن إلى المشتري.

(مسألة 1860) إذا حصل للمبيع نماء قبل القبض كالنّتاج و الثمرة، كان ذلك للمشتري، فإن تلف الأصل قبل قبضه فالثمر و النماء للمشتري.

(مسألة 1861) إذا عيب المبيع قبل القبض كان المشتري بالخيار بين الفسخ و الإمضاء، و الأقوى أنه يستحقّ الأرش.

(مسألة 1862) إذا باع جملة فتلف بعضها، انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف و أعاد إلى المشتري ما يخصّه من الثمن، و كان للمشتري فسخ العقد أو الرضا بالموجود بنسبته من الثمن.

(مسألة 1863) يجب على البائع مضافا إلى تسليم المبيع، تفريغ ما فيه من أمتعة و غيرها، حتى لو كان مشغولا بزرع آن وقت حصاده وجب إزالته، و لو كان له عروق تضرّ بالانتفاع كالقطن و الذّرة، أو كان في الأرض حجارة مدفونة أكثر من المتعارف، وجب عليه إزالتها و تسوية الأرض. و لو كان فيها شي ء لا يخرج إلا بتغيير شي ء من الأبنية، وجب إخراجه و إصلاح ما يتهدّم. و لو كان فيها زرع لم يحن وقت حصاده، فله إبقاؤه إلى أوانه من غير أجرة على الظاهر، و إن لم يخل من إشكال، و الأحوط التصالح.

(مسألة 1864) من اشترى شيئا و لم يقبضه، فإن كان مما لا يكال أو لا يوزن جاز بيعه قبل قبضه، و كذا إذا كان منهما و باعه تولية، أما لو باعه

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 379

مرابحة فالأحوط المنع. هذا إذا باعه على غير البائع، و أما إذا باعه عليه فالظاهر أنه لا إشكال في جوازه مطلقا. و لو ملك شيئا بغير الشراء كالميراث و الصداق و الخلع و غيرها، فيجوز بيعه قبل قبضه، بل الظاهر اختصاص المنع

حرمة أو كراهة بالبيع، فلا منع في جعله صداقا أو أجرة أو غير ذلك.

(مسألة 1865) من باع شيئا و لم يشترط فيه تأجيل الثمن يكون نقدا و حالّا، فللبائع بعد تسليم المبيع مطالبته في أي زمان، و ليس له الامتناع عن أخذه متى أراد المشتري دفعه إليه. و إذا اشترط تأجيله يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل و إن طولب، كما أنه لا يجب على البائع أخذه إذا دفعه المشتري قبله.

(مسألة 1866) لا بدّ أن تكون مدّة الأجل معيّنة مضبوطة لا يتطرّق إليها احتمال الزيادة و النقصان، فلو اشترط التأجيل و لم يعيّن أجلا أو عيّن أجلا مجهولا كرجوع الحجّاج، بطل البيع. و الأقوى أنه لا يكفي تعيّنه في نفسه و لا يعرفه المتعاقدان، كما إذا جعل التأجيل إلى النيروز أو إلى انتقال الشمس إلى برج الميزان.

(مسألة 1867) إذا باع شيئا بثمن حالّا و بأكثر منه إلى أجل، بأن قال مثلا بعتك نقدا بعشرة و نسيئة إلى سنة بخمسة عشر، و قال المشتري قبلت هكذا، يكون البيع باطلا. و كذا لو باعه بثمن إلى أجل، و بأكثر منه إلى آخر.

(مسألة 1868) إذا قال البائع هذا بخمسة نقدا و بعشرة نسيئة إلى سنة أو أقساطا إلى سنة مثلا، فاختار المشتري أحدهما و اشترى، صح البيع.

(مسألة 1869) لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأكثر منه، بأن يزيد في ما استحقه البائع مقدارا ليؤجله إلى أجل كذا، و كذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجّل ليزيد في الأجل، سواء وقع ذلك على جهة البيع أو الصلح أو الجعالة أو غيرها. و يجوز عكس ذلك، و هو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 380

تعجيل المؤجل بنقصان منه على جهة الصلح أو الإبراء.

(مسألة 1870) إذا باع شيئا نسيئة يجوز شراؤه قبل حلول الأجل و بعده بجنس الثمن أو بغيره، سواء كان مساويا للثمن الأول أو أكثر منه أو أقلّ، و سواء كان البيع الثاني حالّا أو مؤجّلا. و ربما يحتال بذلك عن التخلّص من الربا، بأن يبيع من عنده الدراهم شيئا على من يحتاج إليها بثمن إلى أجل، ثم يشتري منه ذلك الشي ء حالّا بأقل من ذلك الثمن، فيعطيه الثمن الأقل و يبقى الثمن الأول على ذمة المشتري الأول. و إنما يجوز ذلك إذا لم يشترط في البيع الأول، فلو اشترط البائع في بيعه على المشتري أن يبيعه بعد شرائه، أو شرط المشتري على البائع أن يشتريه منه، لم يصحّ على قول مشهور.

الربا

(مسألة 1871) حرمة الربا ثابتة بالكتاب و السنة و إجماع المسلمين، بل لا يبعد كونها من ضروريّات الدين، و هو من الكبائر العظام، ففي الحديث النبوي (من أكل الرّبا ملأ اللّه بطنه من نار جهنّم بقدر ما أكل، و إن اكتسب منه ما لا لم يقبل اللّه منه شيئا من عمله، و لم يزل في لعنة اللّه و الملائكة ما كان عنده منه قيراط واحد) و عن النبي صلى الله عليه و آله (شرّ المكاسب كسب الرّبا) و عن أمير المؤمنين عليه السلام (آكل الرّبا و موكله و كاتبه و شاهداه في الوزر سواء) و قال عليه السلام (لعن رسول اللّه صلى الله عليه و آله الرّبا و آكله و بائعه و مشتريه و كاتبه و شاهديه) بل ورد فيه أنه أشدّ عند الله من عشرين زنية بل ثلاثين زنية كلّها بذات محرم مثل عمّة و

خالة، بل في خبر صحيح عن الإمام الصادق عليه السلام (درهم ربا أعظم عند اللّه من سبعين زنيّة كلّها بذات محرم في بيت اللّه الحرام) و ليس في المعاملات المحرّمة في شرع الإسلام أعظم حرمة و أشدّ عقوبة منه، و هو قسمان: معامليّ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 381

و قرضيّ، و سيأتي حكم القرضيّ، أما المعامليّ فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينيّة، كبيع منّ من الحنطة بمنّين أو منّ من حنطة بمنّ منها مع درهم، أو حكميّة كمنّ من حنطة نقدا بمنّ من حنطة نسيئة.

(مسألة 1872) الأقوى و الأشهر أن الرّبا لا يختصّ بالبيع، بل يثبت في سائر المعاوضات أيضا كالصلح و نحوه.

(مسألة 1873) يتحقق الرّبا بأمرين: الأول: اتحاد الجنس، و ضابطه الاتحاد في الحقيقة النوعية، بمعنى دخولهما تحت لفظ خاصّ، فكلّ ما صدق عليه الحنطة فهو من جنسه، و كذا الأرزّ و التمر و العنب، فلا يجوز بيع بعضها ببعض بالتفاضل و إن تخالفا في الصفات و الخواصّ، فلا تفاضل بين الحنطة الرديئة الحمراء و الجيدة البيضاء، و لا بين الجيّد من الأرزّ و الردي ء، و ردي ء الزاهدي من التمر و جيد الخستاوي منه، و غير ذلك. بخلاف ما إذا دخل كلّ منهما تحت لفظ مستقل كالحنطة مع الأرزّ أو العدس، فلو باع منا من حنطة بمنّين من أرزّ أو بمنّين من عدس فلا ربا. الثاني: كون العوضين من المكيل أو الموزون، فلا ربا فيما يباع بالعدّ أو المشاهدة.

(مسألة 1874) الشعير و الحنطة في باب الربا بحكم جنس واحد، فلا يجوز المعاوضة بينهما بالتفاضل و إن لم يكونا كذلك في باب الزكاة، فلا يكمّل أحدهما بالآخر، أما العلس فحيث أنه يشكّ

أنه من جنس الحنطة و السّلت المشكوك أيضا أنه من جنس الشعير، فالأحوط أن لا يباع أحدهما بالآخر، و لا كلّ منهما بالحنطة و الشعير، إلا مثلا بمثل.

(مسألة 1875) كلّ شي ء مع أصله بحكم جنس واحد و إن اختلفا في الاسم كالسمسم و الشّيرج و اللّبن مع الجبن و المخيض و اللّباء و غيرها، و التمر و العنب مع خلّهما و دبسهما، و كذا الفرعان من أصل واحد كالجبن مع الأقط و الزّبد و غيرهما.

(مسألة 1876) اللحوم و الألبان و الأدهان تختلف باختلاف الحيوان،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 382

فيجوز التفاضل بين لحم الغنم و لحم البقر، و كذا بين لبنهما أو دهنهما.

(مسألة 1877) لا تجري تبعية الفرع للأصل في الكيل و الوزن، فما كان أصله مكيلا أو موزونا و خرج منه شي ء لا يكال و لا يوزن، فلا بأس بالتفاضل بين أصله و ما خرج منه، و كذا بين ما خرج منه بعضه مع بعض و ذلك كالقطن و الكتان فأصلهما و غزلهما يوزن، و منسوجهما لا يوزن، فلا بأس بالتفاضل بين أصلهما أو غزلهما و منسوجهما، و كذا بين منسوجهما، بأن يباع ثوبا بثوب واحد.

(مسألة 1878) ربما يكون شي ء مكيلا أو موزونا في حال دون حال، فالثمرة غير موزونة على الشجرة، و إذا جنيت صارت من الموزون.

و كذا الحيوان قبل أن يذبح و يصير لحما ليس من الموزون، فإذا ذبح و سلخ صار منه، و لذا يجوز بيع شاة بشاتين بلا إشكال.

(مسألة 1879) الظاهر أنه لا يجوز على الأحوط بيع لحم حيوان بحيوان حيّ من جنسه كلحم الغنم بالشاة، أو غير جنسه كالبقرة، و ليس ذلك من جهة الربا.

(مسألة 1880) إذا كان لشي ء

حالة رطوبة و حالة جفاف كالتمر يكون رطبا ثم يصير تمرا، و العنب يكون عنبا ثم يصير زبيبا، و كذا الخبز، بل اللحم أيضا يكون نيّئا ثم يصير قديدا، فلا إشكال في بيع جافّة بجافّة و رطبه برطبة مثلا بمثل، كما أنه لا يجوز بالتفاضل. أما جافّة برطبة كبيع التمر بالرطب، فالأقوى عدم الجواز مع التفاضل، و أما مثلا بمثل فالأحوط الترك، و إن كانت الكراهية فيه لا تخلو من وجه.

(مسألة 1881) التفاوت بالجودة و الرداءة لا يوجب جواز التفاضل في المقدار فلا يجوز بيع مثقال من الذهب الجيد بمثقالين من الردي ء، و لو تساويا في القيمة.

________________________________________

گلپايگانى، سيد محمد رضا موسوى، هداية العباد (للگلبايگاني)، 2 جلد، دار القرآن الكريم، قم - ايران، اول، 1413 ه ق

هداية العباد (للگلبايگاني)؛ ج 1، ص: 382

(مسألة 1882) يتخلّص من الربا بضمّ غير الجنس إلى كلّ من الطرفين كأن يبيع منا من حنطة مع درهم بمنّين من حنطة و درهمين، أو بضمّ غير

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 383

الجنس إلى الطرف الناقص كأن يبيع منّا من حنطة مع درهم بمنّين منها.

(مسألة 1883) إذا كان شي ء يباع جزافا في بلد، و موزونا في آخر، فلكلّ بلد حكم نفسه.

(مسألة 1884) لا ربا بين الوالد و ولده، و لا بين السّيد و عبده، و لا بين الرجل و زوجته، و لا بين المسلم و الحربي، بمعنى أنه يجوز أخذ الفضل للمسلم. أما بين المسلم و الذمّي فيثبت حكم الربا إذا عملوا بشرائط الذمّة، و إذا خلعوا شرائط الذمّة فيثبت عليهم حكم الحربي، و يجوز أخذ الربا منهم.

بيع الصّرف

(مسألة 1885) و هو بيع الذهب بالذهب أو بالفضّة، و الفضّة بالفضّة أو بالذهب، و

لا فرق بين المسكوك منهما و غيره، بل إذا باع ثوب القماش المصنوع من الإبريسم و فيه خيوط ذهب أ فضّة بأحدهما، يكون صرفا بالنسبة إلى ما فيه من النقدين، لأن مقدارا من الثمن يكون مقابل الإبريسم و مقدار منه مقابل خليطه من أحد النقدين، فيكون بالنسبة إلى هذا المقدار من الخليط صرفا، بشرط أن يكون له ماليّة و لا يكون قليلا لا يعبأ به عند العرف.

(مسألة 1886) يشترط في صحّة بيع الصرف التقابض في المجلس، فلو تفرّقا و لم يتقابضا بطل البيع، و كذا إذا بيع أحد النقدين مع غيرهما صفقة واحدة بأحدهما و لم يقبض الجملة حتى تفرقا، بطل البيع بالنسبة إلى النقد، و صح بالنسبة إلى غيره.

(مسألة 1887) إذا فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل البيع، فإذا تقابضا قبل أن يفترقا، صحّ.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 384

(مسألة 1888) إنما يشترط التقابض في معاوضة النقدين إذا كانت بالبيع، دون ما إذا كانت بغيره كالصلح و الهبة المعوّضة و غيرهما.

(مسألة 1889) إذا وقعت المعاملة على الأوراق النقدية المتعارفة في زماننا (الإسكناس) من طرف واحد أو من الطرفين، فإن أوقعا البيع على ورق الإسكناس ثمنا أو مثمنا بقطع النظر عما يمثّله، فلا يبعد عدم كونه من بيع الصّرف حتى يحتاج إلى التقابض في المجلس، و لا يثبت فيه الربا. أما إذا وقع البيع على ما يمثّله النقد من قيمة ذهبيّة أو فضيّة فالمعاملة من الصّرف الذي يثبت فيه الربا، و الأقوى عدم كفاية قبض الإسكناس عن قبض أحد النقدين في الفرض.

(مسألة 1890) الظاهر أنه يكفي في القبض كونه في الذمة، و لا يحتاج إلى قبض آخر، فلو كان في ذمّة زيد دراهم فضّة لعمرو فباعها

بدنانير ذهب و قبضها قبل التفرّق صحّ، بل لو وكل زيدا بأن يقبض عنه الدنانير التي صارت ثمن الدراهم، صحّ أيضا أيضا إذا قبضها في حضور الموكل قبل تفرّق المتبايعين.

(مسألة 1891) إذا اشترى منه دراهم فضّة ببيع الصرف ثم اشترى بها منه دنانير ذهب قبل قبض الدراهم، لم يصحّ الثاني. أما البيع الأول فإن حصل تقابض مبيعه قبل التفرّق صحّ، و إلا بطل أيضا.

(مسألة 1892) إذا قال للذي له عليه دراهم الفضة حوّلها دنانير ذهب، فرضي بذلك و تقبّل الدنانير في ذمته بدل الدراهم، صح ذلك و يتحول ما في ذمته من الدراهم إلى الدنانير و إن لم يتقابضا. و كذلك لو كان له عليه دنانير ذهب فقال له: حوّلها دراهم فضة، و لا يبعد أن يكون هذا عنوانا آخر غير البيع كأن يكون تعهدّه بالدنانير في الذمّة وفاء لما في ذمته من الدراهم، و المستند النصّ الصحيح المعمول به في الجملة.

(مسألة 1893) لا يجوز التعامل بالعملة المغشوشة من الإسكناس المتعارف على الأحوط حتى إذا كانت رائجة بين عامّة الناس و علم الطرفان

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 385

بأنها مغشوشة. بل لا يبعد وجوب إتلافها إذا كان الغرض منها غش المسلمين و الإضرار بهم.

(مسألة 1894) لا يجوز بيع كلّ من الذهب و الفضة بجنسه مع التفاضل إلا بضميمة، و يكفي فيها وجود الغش في الذهب أو الفضة إذا كان له ماليّة لو تخلص منهما، فإذا بعت فضة مغشوشة بمثلها جاز بالمثل و التفاضل، و إذا بيعت المغشوشة بالخالصة لا بد أن تكون الخالصة زائدة على فضة المغشوشة حتى تقع تلك الزيادة في مقابل الغش. فإذا لم يعلم مقدار الغش و الفضة في المغشوشة، تباع

بغير جنس الفضة أو بمقدار منها يعلم إجمالا زيادته عن الفضة المغشوشة، و كذلك الأشياء المحلاة بالذهب أو الفضة. فإذا بيعت بجنسها فلا بد أن يكون العوض زائدا على الحلية حتى تقع تلك الزيادة في مقابل غيرها، و كذلك في مثل القماش الذي دخل في صناعته أحد النقدين.

(مسألة 1895) إذا اشترى فضّة معيّنة بفضّة أو بذهب مثلا، فوجدها من غير جنس الفضّة كالنحاس و الرصاص، بطل البيع و ليس له المطالبة بالبدل، كما أنه ليس للبائع إلزامه به، بل إن تراضيا عليه يحتاج إلى معاملة جديدة. و لو وجد بعضها كذلك، بطل فيه و صحّ في الباقي، و له ردّ الكلّ لتبعّض الصفقة. و إذا اشترى فضّة كلّيّة في الذمّة بذهب أو فضة، و بعد ما قبضها وجد المدفوع أو بعضه من غير جنسها، فإن كان قبل أن يفترقا، فللبائع الإبدال بالجنس و للمشتري المطالبة بالبدل. و إن كان بعد التفرق، بطل البيع في الكل أو البعض على حذو ما سبق.

(مسألة 1896) إذا كان المبيع فضّة معيّنة في الخارج و لكن ظهر فيها عيب كخشونة الجوهر، و الغشّ الزائد على المتعارف، و اضطراب السكّة و نحوها، كان له الخيار برد الجميع أو إمساكه إذا لم تكن الزيادة كثيرة بحيث يعدّ بعض المبيع من غير الجنس ليبطل البيع بالنسبة إليه.

و ليس له ردّ المعيب وحده لو كان المعيب هو البعض على إشكال.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 386

و ليس له المطالبة بالأرش لو كان العوضان متجانسين كالفضّة بالفضّة على الأحوط إن لم يكن أقوى للزوم الرّبا. و لو تخالفا كالفضّة بالذهب، فله ذلك قبل التفرّق قطعا، و أما بعده ففيه إشكال، خصوصا إذا كان الأرش من

النقدين. و لكن الأقوى أن له ذلك خصوصا إذا كان من غيرهما.

(مسألة 1897) إذا كان المبيع كلّيا في الذمّة و ظهر عيب في المدفوع، فثبوت خيار العيب في بيع الكلي بعيب الفرد المدفوع محل منع، فليس له إلا المطالبة بالبدل الصحيح قبل التفرّق، أو إمساك المعيب بالثمن بلا أرش. و إن علم بالعيب بعد التفرّق، فإن رضي بالمعيب بلا أرش فهو، و إلا بطل البيع، لأن المقبوض غير مرضيّ و المرضيّ غير مقبوض قبل التفرّق.

(مسألة 1898) لا يجوز أن يشتري من الصائغ خاتما أو قرطا مثلا من فضة أو ذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرته، بل إما يشتريه بغير جنسه أو يشتري منه مقدارا من الفضة أو الذهب بجنسه مثلا بمثل و يعيّن له أجرة معينة لصياغته. نعم لو كان فصّ الخاتم مثلا من مال الصائغ و كان من غير جنس حلقته، جاز شراؤه منه بجنسه مع الزيادة، لأن الفصّ من الضميمة و بها يتخلص من الربا كما مر.

(مسألة 1899) إذا كان له على زيد عملة مثل الدنانير المتعارفة في زماننا و أخذ عوضها تدريجا ريالات أو عملة أخرى، فإن كان أخذه بنيّة استيفاء القرض، ينقص من قرضه عليه بمقدار ما أخذ بسعر ذلك الوقت و إن كان أخذه بنيّة الاقتراض أو الأمانة كان ما أخذه قرضا عليه و بقي له على زيد الدنانير، فلكلّ منهما حقّ المطالبة بنوع ما أخذ من العملة، فإن أرادا المحاسبة تحسب قيمة كلّ نوع في وقت المحاسبة.

(مسألة 1900) إذا أقرض زيدا نقدا معيّنا أو باعه شيئا بنقد معيّن كالدينار المتعارف و كان القرض محدودا إلى أجل معلوم، و زاد سعر ذلك النقد أو نقص عند حلول الأجل عن سعره

يوم الإقراض أو البيع،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 387

لا يستحقّ إلا عين ذلك النقد و لا ينظر إلى زيادة سعره و نقصانه. نعم إذا نقص سعره نقصا فاحشا بحيث صار يعدّ في نظر العرف تلفا، فالأحوط وجوبا التّصالح.

(مسألة 1901) يجوز أن يبيع مثقالا من فضّة خالصة من الصائغ مثلا بمثقال من فضة فيها غشّ بمقدار له مالية، و يشترط عليه أن يصوغ له خاتما مثلا. و كذا يجوز أن يقول صغ لي خاتما و أنا أبيعك عشرين مثقالا من فضّة جيّدة بعشرين مثقالا من فضة رديئة مثلا، و لا يكون ربا في الصورتين.

(مسألة 1902) لو باع عشرة دنانير متعارفة مثلا بليرة ذهبيّة واحدة إلا دينارا، صحّ لكن بشرط أن يعلما نسبة الدينار بحسب سعر الوقت إلى الليرة، حتى يعلما أيّ مقدار من الليرة قد استثني.

بيع السلف

(مسألة 1903) و يقال السّلم أيضا، و هو ابتياع كلّيّ مؤجّل بثمن حالّ، عكس النسيئة، و يقال للمشتري المسلم بكسر اللام، و للثمن المسلم بفتحها، و للبائع المسلم إليه، و للمبيع المسلم فيه.

(مسألة 1904) يحتاج هذا البيع إلى إيجاب و قبول، و من خواصّه أن كلّ واحد من البائع و المشتري صالح لأن يصدر منه الإيجاب و القبول، فالإيجاب من البائع بلفظ البيع و أشباهه، بأن يقول مثلا: بعتك طنا من حنطة بصفة كذا إلى أجل كذا بثمن كذا، و يقول المشتري قبلت أو اشتريت. و أما الإيجاب من المشتري فهو بلفظي: أسلمت و أسلفت، بأن يقول: أسلمت إليك أو أسلفتك مائة درهم مثلا في طنّ من حنطة بصفة كذا إلى أجل كذا، فيقول المسلم إليه و هو البائع: قبلت.

(مسألة 1905) لا يجوز إسلاف أحد النقدين في أحدهما مطلقا،

هداية

العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 388

و يجوز إسلاف غير النقدين في غيرهما، بأن يكون كلّ من الثمن و المثمن من غيرهما، مع اختلاف الجنس، أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل و الموزون، و كذا إسلاف أحد النقدين في غيرهما، و بالعكس.

(مسألة 1906) لا يصحّ أن يباع بالسّلف ما لا يمكن ضبط أوصافه التي تختلف القيمة و الرغبة باختلافها، كالجواهر و اللئالي و العقار و الأرضين و أشباهها، مما لا ترتفع الجهالة و الغرر فيها إلا بالمشاهدة. بخلاف ما يمكن ضبط أوصافه المذكورة بالتوصيف كالخضر و الفواكه و الحبوبات و نحو ذلك، بل البيض و الجوز و اللوز و نحوها، و كذا الحيوان و الملابس و الأشربة و الأدوية، بسيطها و مركبها.

(مسألة 1907) يشترط في السلف أمور، الأول: ذكر الجنس و الوصف الرّافع للجهالة، كما عرفت. الثاني: قبض الثمن قبل التفرق من مجلس العقد، و لو قبض البعض صحّ فيه و بطل في الباقي، و لو كان للمشتري دين في ذمة البائع، فإن كان مؤجلا فلا يجوز جعله ثمنا للمسلم فيه، أما إذا جعل الثمن كليا في ذمة المشتري ثم حاسبه به بماله في ذمة البائع، أو كان حالا، فالظاهر جوازه و إن لم يخل عن إشكال، فالأحوط تركه. الثالث: تقدير المبيع في الكيل أو الوزن أو العقد بمقدره الذي يرفع الجهالة. الرابع: تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه، بالأيام أو الشهور أو السنين و نحو ذلك، و لو جعل الأجل إلى أوان الحصاد و نحو ذلك، كان باطلا. و لا فرق في الأجل بعد كونه مضبوطا بين أن يكون قليلا كيوم بل نصف يوم، أو كثيرا كعشرين سنة. الخامس:

إمكان وجود المسلم فيه عادة وقت حلوله

بحيث لا يخاف من العجز عن التسليم في وقته. و كذا وجوده في البلد الذي شرط أن يسلم فيه المسلم فيه، لو شرط ذلك.

(مسألة 1908) الأحوط تعيين بلد التسليم، إلا إذا كان انصراف إلى بلد

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 389

العقد، أو بلد آخر.

(مسألة 1909) إذا جعل الأجل شهرا أو شهرين، فإن كان وقوع المعاملة في أول الشّهر، عدّ شهرا هلاليا أو شهرين هلاليين، و لا ينظر إلى نقصان الشهر و تمامه، أما إذا أوقعا المعاملة في أثناء الشهر عدّ كل شهر ثلاثين يوما.

(مسألة 1910) إذا جعلا الأجل إلى جمادى أو ربيع حمل على أقربهما، و كذا لو جعل إلى الخميس أو الجمعة، فيحلّ بأول جزء من ليلة الهلال في الأول، و بأول جزء من نهار اليوم في الثاني.

(مسألة 1911) إذا اشترى شيئا سلفا لم يجز بيعه قبل حلول الأجل، لا على البائع و لا على غيره، سواء باعه بجنس الثّمن الأول أو بغيره، و سواء كان مساويا له أو أكثر أو أقل. و يجوز بعد حلوله قبضه أو لم يقبضه، على البائع و على غيره، بجنس الثمن و مخالفه، بالمساوي له أو بالأقل أو الأكثر، ما لم يستلزم الرّبا. نعم لو كان المسلم فيه مما يكال أو يوزن، فيكره بيعه قبل قبضه، كما يكره بيعهما قبل قبضهما و لو في غير السلف. و قد مرّ الاحتياط بترك بيعه بالمرابحة بغير البائع.

(مسألة 1912) إذا دفع المسلم إليه إلى المشتري بعد الحلول الجنس الذي أسلم فيه و كان دونه من حيث الصفة أو المقدار، لم يجب قبوله.

و إذا كان مثله فيهما، يجب القبول كغيره من الديون. أما إذا كان فوقه من حيث الصفة فلا يجب

القبول مطلقا، لأنه قد تتعلق الأغراض بما ليس فيه ذلك التفوق كما إذا اشترى الخصي فأعطى غير الخصي. نعم لا يجوز له رد الأكمل من مصاديق ما اشتراه و هو ليس فوق ما اشتراه بل هو عين ما اشتراه. و أما إذا كان أكثر منه بحسب المقدار فلا يجب عليه قبول الزيادة.

(مسألة 1913) إذا حلّ الأجل و لم يتمكن البائع من أداء المسلم فيه لعارض من آفة أو عجز عن تحصيله، أو إعوازه في البلد و عدم إمكان

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 390

جلبه من مكان آخر، إلى غير ذلك من الأعذار، حتى انقضى الأجل كان المشتري بالخيار بين أن يفسخ المعاملة و يرجع بثمنه و رأس ماله، أو يصبر إلى أن يوجد و يتمكن البائع من الأداء. و إذا أراد استيفاء الثمن فالأحوط أن لا يطالبه بغير عين الثمن إن كان موجودا، و بدله إن كان تالفا نعم بالتراضي لا مانع منه، سواء زاد ما تراضيا عليه عن الثّمن أو ساواه أو نقص عنه.

بيع المساومة و المرابحة و المواضعة و التولية

(مسألة 1914) ينقسم البيع إلى قسمين، القسم الأول: بيع المساومة، و هو أن تجري المعاملة بين البائع و المشتري مقاولة بدون ذكر رأس مال السلعة كما هو المتعارف في الأسواق، و هو أفضل أنواع البيع. و القسم الثاني: تجري المعاملة فيه على أساس رأس المال و ينقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول: المرابحة، و هي البيع على رأس المال مع الزيادة. الثاني:

المواضعة، و هي البيع عليه مع النقيصة. الثالث: التّولية، و هي البيع عليه من دون زيادة و لا نقيصة.

(مسألة 1915) لا بد في تحقق هذه العناوين الثلاثة من إيقاع عقد البيع على نحو يكون وافيا بإفادة أحد هذه المطالب

الثلاثة، و يعتبر في المرابحة تعيين مقدار الربح، و في المواضعة تعيين مقدار النقصان، فعبارة عقد المرابحة بعد تعيين رأس المال أو تعيّنه عندهما أن يقول البائع: بعتك هذا المتاع مثلا بما اشتريت مع ربح كذا، و يقول المشتري:

قبلت أو اشتريت هكذا. و عبارة المواضعة أن يقول: بعتك بما اشتريت مع نقصان مقدار كذا. و عبارة التولية أن يقول: بعتك بما اشتريت.

(مسألة 1916) إذا قال البائع في المرابحة: بعتك هذا بمئة و ربح درهم في كل عشرة مثلا، و في المواضعة، بعتك بمئة و وضيعة درهم

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 391

في كل عشرة، فإن تبين للمشتري مبلغ الثمن بعد ضم الربح أو تنقيص الوضيعة، صح البيع في الأقوى على كراهة. و إن لم يتبين له مقدار الثمن فالظاهر بطلان البيع و لو تبين بعد البيع.

(مسألة 1917) إذا تعددت النقود و اختلف سعرها و صرفها لا بد من ذكر النقد و الصرف، و أنه اشتراه بأي نقد، و أن صرفه كان أيّ مقدار، و كذا لا بد من ذكر الشروط و الأجل و نحو ذلك، مما يتفاوت لأجلها الثمن.

(مسألة 1918) إذا اشترى متاعا بثمن معين و لم يحدث فيه ما يوجب زيادة قيمته، فرأس ماله ذلك الثمن، فيجوز عند إخباره عنه أن يقول اشتريته بكذا، أو رأس ماله كذا، أو تقوّم عليّ بكذا، أو هو عليّ بكذا.

و إن أحدث فيه ما يوجب زيادة قيمته فإن كان بعمل نفسه لم يجز أن يضم أجرة عمله إلى الثمن المسمّى و يخبر بأن رأس ماله كذا أو اشتريته بكذا، بل عبارته الصحيحة الصادقة أن يذكر كلا من رأس ماله و عمله مستقلا، بأن يقول مثلا: اشتريته بكذا

و عملت فيه كذا، و إن كان باستئجار غيره، جاز أن يضم الأجرة إلى الثمن و يخبر بأنه تقوّم عليّ أو هو عليّ بكذا، و لا يجوز أن يقول: اشتريته بكذا أو رأس ماله كذا.

(مسألة 1919) إذا اشترى معيبا و رجع بالأرش على البائع، له أن يخبر بالواقع، و له إسقاط مقدار الأرش من الثمن و يجعل رأس المال ما بقي، فيقول: رأس مالي كذا. و ليس له أن يخبر بالثمن المسمّى من دون إسقاط قدر الأرش، بخلاف ما إذا حطّ البائع بعض الثمن، فإنه يجوز للمشتري أن يخبر بالأصل من دون إسقاط الحطيطة، لأنها تفضّل من البائع عليه و لا دخل لها بالثمن.

(مسألة 1920) يجوز أن يبيع متاعا ثم يشتريه بزيادة أو نقيصة، إذا لم يشترط على المشتري بيعه منه، و لو كان من قصدهما ذلك، و بذلك ربما يحتال من أراد أن يجعل رأس ماله أكثر مما اشترى به المتاع، مثل أن

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 392

يشتري متاعا بدرهمين ثم يبيعه من ابنه بأربعة ثم يشتريه بأربعة، ثمّ يقول إنّ رأس مالي أربعة. و هذا و إن لم يكذب في رأس المال إذا كان في معاملته مع ابنه قاصدا للبيع حقيقة، و يصحّ بيعه، إذ هو ليس بأعظم من الكذب الصريح في الإخبار عن رأس المال، لكن الظاهر أنه غش و خيانة، فلا يجوز له ذلك. نعم إن لم يكن ذلك بقصد الاحتيال، جاز و لا محذور فيه.

(مسألة 1921) إذا ظهر كذب البائع في إخباره برأس المال، كما إذا أخبر بأن رأس المال مائة و باعه بربح عشرة، فظهر أنه كان تسعين، صح البيع و تخير المشتري بين فسخ البيع و

إمضائه بتمام الثمن، و هو مائة و عشرة. و لا فرق بين تعمد الكذب أو صدوره غلطا أو اشتباها، و إذا ظهر الكذب بعد التلف، فلا يبعد عدم سقوط هذا الخيار. و إذا كان التلف بعد ظهوره، فلا خيار لأنه فوري. نعم إذا كان تأخير الفسخ من جهة جهله بالمسألة، فلا يبعد عدم السقوط أيضا.

(مسألة 1922) لو سلم التاجر متاعا إلى الدلال ليبيعه له فقوّمه عليه بثمن معين و جعل ما زاد على ذلك له، بأن قال له: بعه عشرة رأس ماله فما زدت عليه فهو لك، لم يجز له أن يبيعه مرابحة، بأن يجعل رأس المال ما قوّم عليه التاجر و يزيد عليه مقدارا بعنوان الربح، بل اللازم إما أن يبيعه مساومة، أو يبين ما هو الواقع من أن ما قوّم عليّ التاجر كذا، و أنا أريد النفع كذا، فإن باعه بزيادة كانت الزيادة له. و إن باعه بما قوّم عليه التاجر صحّ البيع، و يكون الثمن له و لا يستحق الدلال شيئا، و إن كان الأحوط إرضاؤه بشي ء. و إن باعه بالأقل يكون فضوليا يتوقف صحته على إجازة التاجر.

(مسألة 1923) إذا اشترى شخص متاعا أو دارا أو عقارا أو غيرها، جاز أن يشرك فيه غيره، بالمناصفة بنصف الثمن، و بالمثالثة بثلث الثمن و هكذا، و يجوز إيقاعه بلفظ التشريك، بأن يقول مثلا: شركتك في هذا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 393

المتاع، نصفه بنصف الثمن أو ثلثه بثلث الثمن، فيقول: قبلت. و لو أطلق، لا يبعد انصرافه إلى المناصفة، و هل هو بيع أو عنوان على حدة؟

كل محتمل، و على الأول فهو من بيع التولية.

بيع الثمار

(مسألة 1924) بيع الثمار و هي على الأشجار

و يسمى في العرف الحاضر الضمان، و يلحق بها الزرع و الخضروات.

(مسألة 1925) لا يجوز بيع الثمار قبل بروزها و ظهورها عاما واحدا بلا ضميمة، بل و لا مع الضميمة إلا إذا كانت الضميمة مقصودة و الثمار تابعة. و الأحوط ضم الضميمة في بيعها عامين أيضا. و أما بعد ظهورها فإن بدا صلاحها أو كان في عامين أو مع الضميمة، فيجوز بيعها بلا إشكال، و مع انتفاء الثلاثة فالأقوى الجواز، و إن كان الأحوط تركه.

(مسألة 1926) بدوّ الصلاح في التمر احمراره أو اصفراره، و في غيره انعقاد حبّه بعد تناثر ورده و استبانته بحيث لا تخاف معه الآفة.

(مسألة 1927) يعتبر في الضميمة في مورد الاحتياج إليها كونها مما يجوز بيعها منفردة، و كونها مملوكة للمالك، و منها الأصول لو بيعت مع الثمرة. لكن الأحوط في بيع الأصول مع الثمرة أن لا تكون تابعة للثمرة، و بهذا تختلف الأصول عن الضمائم الأخرى التي يصح أن تكون تابعة للثمرة.

(مسألة 1928) إذا ظهرت بعض ثمرة البستان جاز له بيع ثمرته أجمع، الموجودة و المتجددة في تلك السنة، سواء اتحدت الشجرة أو تنوعت و اتحد الجنس أو اختلف. و لو أدركت ثمرة بستان جاز بيعها مع ثمرة بستان آخر لم تدرك ثمرته، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بعدمه.

(مسألة 1929) إذا كانت الشجرة تثمر في سنة واحدة مرتين فالظّاهر

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 394

أنّ المرّتين بمنزلة العامين فالأحوط في بيع ثمرها في المرّتين قبل الظهور كما مر أن يكون مع الضميمة.

(مسألة 1930) إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر، ثم باع الأصول لشخص آخر، لم يبطل بيع الثمرة، فتنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة منفعة تلك المدة. و

لو كان مشتري الأصول جاهلا كان له الخيار في فسخ البيع، كالعين المستأجرة.

(مسألة 1931) لا يبطل بيع الثمار بموت بائعها و لا بموت مشتريها، بل تنتقل الثمرة في الثاني إلى ورثة المشتري، و الأصول في الأول إلى ورثة البائع مسلوبة المنفعة.

(مسألة 1932) إذا باع الثمرة بعد ظهورها أو بدوّ صلاحها فأصيبت بآفة سماوية أو أرضية قبل قبضها الذي هو استيلاء المشتري عليها، كان من مال بائعها. و الظاهر إلحاق النّهب و السّرقة و نحوهما بالآفة. نعم لو كان المتلف شخصا معينا، كان المشتري بالخيار بين فسخ البيع و بين إمضائه و مطالبة المتلف بالبدل، و لو كان التلف بعد القبض، كان من مال المشتري و لم يرجع على البائع بشي ء.

(مسألة 1933) يجوز أن يستثني البائع لنفسه ثمرة أشجار معينة، أو حصة مشاعة من الثمرة كالثلث و الربع، أو مقدارا معينا كطنّ أو طنين، فإن فسدت الثمرة سقط من المستثنى بحسابه في الحصة المشاعة. و أما المقدار المعين فهو كذلك إذا كان استثناء الطن و الطنين بنحو الإشاعة، و أما إذا كان بنحو الكلي في المعين كما هو الظاهر منه، فلازمه عدم حساب الخسارة على البائع، لكن حيث ادعي الإجماع على حسابها عليه، فلا يترك الاحتياط فيه بالمصالحة.

(مسألة 1934) يجوز بيع الثمرة على النخل و الشجر بكل شي ء يصح أن يجعل ثمنا في أنواع البيوع من النقود و الأمتعة و الطعام و الحيوان و غيرها، بل المنافع و الأعمال و نحوهما. نعم لا يجوز بيع التمر على

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 395

النخل بالتمر، سواء كان مقدارا من تمرها أو تمرا آخر على النخيل أو موضوعا على الأرض، و هذا يسمى بالمزابنة المنهي عنها. و

الأحوط إلحاق ثمرة ما عدا النخيل من الفواكه بها، فلا تباع بجنسها، و أما بيعها بمقدار منها، فالأقوى عدم جوازه.

(مسألة 1935) يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمرة بزيادة عما اشتراه أو نقصان، قبل قبضه و بعده.

(مسألة 1936) لا يجوز بيع الزرع بذرا قبل ظهوره، و في جواز الصلح عليه وجه، كما لو باعه تبعا للأرض لو باعها و أدخله في المبيع بالشرط.

و أما بعد ظهور خضرته فيجوز بيعه بعنوان القصيل و يجذّه المشتري قبل أن يسنبل، إن كان بلغ أو ان قصله بل لو لم يبلغ أيضا، إن كان عيّن مدة لإبقائه، و إن لم يعين مدة لإبقائه و أطلق، فله إبقاؤه إلى أوان قصله، و يجب على المشتري جذّه إذا بلغ أوانه، إلا إذا رضي البائع بإبقائه. و لو لم يرض به و لم يجذّه المشتري فللبائع جذّه، و الأحوط أن يكون بعد الاستئذان من الحاكم مع الإمكان. و له تركه و المطالبة بأجرة أرضه مدة بقائه، و لو إبقاء إلى أن طلعت سنبلته فالأحوط التصالح عليها.

(مسألة 1937) يجوز بيع الزرع من أصله لا بعنوان كونه قصيلا، بل بعنوان كونه ملكا للمشتري إن شاء قصله و إن شاء تركه إلى أن يسنبل.

(مسألة 1938) لا يجوز بيع السنبل قبل ظهوره و انعقاد حبه، و يجوز بعد انعقاد حبه، سواء كان حبّه بارزا كالشعير أو مستترا كالحنطة، منفردا و مع أصوله، قائما و حصيدا. و لا يجوز بيعه بحبّ من جنسه، بأن تباع سنابل الحنطة بالحنطة و سنابل الشعير بالشعير، و هذا يسمى بالمحاقلة المنهي عنها، و لا يبعد شمولها لبيع سنبل الحنطة بالشعير و بيع سنبل الشعير بالحنطة أيضا، و في جريان هذا الحكم

في غيرهما كالأرزّ و الذّرة و نحوهما إشكال، و إن كان الأحوط عدم البيع. نعم لا يجوز بيع السنبل منها بمقدار حبّ من حاصله.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 396

(مسألة 1939) لا يجوز بيع الخضار كالخيار و الباذنجان و كذا البطّيخ و نحوها قبل ظهورها، و يجوز بعد انعقادها و تناثر وردها، لقطة واحدة أو لقطات معلومة، و المرجع في اللقطة إلى عرف الزّرّاع و شغلهم و عادتهم. و الظاهر أن ما يلتقط منها من الباكورة لا يعد لقطة.

(مسألة 1940) يجوز بيع الخيار و البطّيخ و غيرهما من الخضار مع مشاهدة ما يمكن مشاهدته من خلال الأوراق، و لا يضر عدم مشاهدة المستور منها، كما لا يضرّ عدم تناهي كبرها كلا أو بعضا، و عدم تمام تناثر وردها، و كذا لا يضرّ عدم وجود غير اللّقطة الأولى ما دامت تباع مع غيرها.

(مسألة 1941) إذا كان المقصود من الخضار مستورا في الأرض كالجزر و الشّلغم و الثّوم، يشكل جواز بيعها قبل قلعها. نعم في مثل البصل مما كان الظاهر منه أيضا مقصودا، فالوجه جواز بيعه منفردا و مع أصوله.

(مسألة 1942) يجوز بيع ما يجزّ ثم ينمو كالنّعناع جزّة و جزّات معيّنة، و ذلك بعد ظهوره، و كذا ما يخرط كورق التّوت و الحنّاء، خرطة و خرطات، و المرجع في الجزّة و الخرطة العرف و العادة كما مرّ في اللقطة. و لا يضرّ عدم وجود بعض الأوراق بعد وجود مقدار يكفي للخرط، و إن لم يبلغ أوان خرطه، فيضم الموجود إلى المعدوم كانضمام الثّمرة المتجدّدة في السّنة أو في سنة أخرى إلى الموجودة.

(مسألة 1943) إذا كان نخل أو شجر أو زرع بين اثنين مثلا بالمناصفة يجوز أن

يتقبّل أحد الشريكين حصّة صاحبه بخرص معلوم، بأن يخرص المجموع بمقدار فيتقبّل أن يكون المجموع له و يدفع لصاحبه من الثمرة نصف المجموع بحسب خرصه، زاد أو نقص مع رضا صاحبه و الظاهر أنّ هذه معاملة خاصّة برأسها، و أنه ليس لها صيغة خاصّة، فيكفي كل لفظ يكون ظاهرا في المقصود بحسب متفاهم العرف.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 397

(مسألة 1944) يجوز لمن مرّ بثمرة نخل أو شجر أو زرع مجتازا، لا قاصدا إليها لأجل الأكل، أن يأكل منها بمقدار شبعه و حاجته، من دون أن يحمل منها شيئا، و من دون إفساد الأغصان أو إتلاف الثّمار، و الظاهر عدم الفرق بين ما كان على الشجر أو متساقطا عنه، و الأحوط الاقتصار على ما إذا لم يعلم كراهة المالك.

(مسألة 1945) يختصّ حقّ المرور المذكور بما لا سور له من الأشجار و الزّروع، و أما المسوّر منها فلا يجوز لمارّ الأكل منه، حتى من الأغصان الممتدّة على الطريق مثلا.

بيع الحيوان

(مسألة 1946) كلّ حيوان مملوك كما يجوز بيع جميعه يجوز بيع بعضه المشاع كالنصف و الربع. أما جزؤه المعيّن كرأسه و جلده أو يده و رجله أو نصفه الذي فيه رأسه مثلا، فإن كان مما لا يؤكل لحمه أو لا يقصد منه اللّحم بل الركوب مثلا، لم يجز قطعا، نعم فيما يذكى و لا يؤكل يجوز بيع جلدة إذا كان مما ينتفع به، و كذا فيما يؤكل و لا يقصد لحمه إذا لم يقصد منه إلا الانتفاع بجلده. لكن المتيقّن من جواز بيع تلك الأجزاء كذلك هو عند ارادة الذبح عندما يكون الحيوان مشرفا على الذبح بحيث يعامله العرف معاملة المذبوح. و أما إذا كان المقصود منه

الذبح مثل ما يشتري القصّابون فالظاهر أنه يصح بيعه، فإن ذبحه يكون للمشتري ما اشتراه، و إن باعه و لم يذبحه، يكون المشتري شريكا في الثمن بنسبة ماله، بأن تنسب قيمة الرأس و الجلد مثلا على تقدير الذبح إلى قيمة البقية، فله من الثمن بتلك النسبة. و كذا الحال إذا باع حيوانا بقصد اللحم و استثنى الرأس و الجلد، أو اشترك اثنان أو جماعة و شرط أحدهم لنفسه الرأس و الجلد، أو الرأس و القوائم مثلا، فيصح في

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 398

الجميع فيما يراد ذبحه، فإذا ذبح يستحق عين ما شرط أو اشترى، و إلّا كان شريكا بالنسبة.

(مسألة 1947) إذا قال شخص لآخر: اشتر حيوانا مثلا بشركتي، كان ذلك منه توكيلا له في الشّراء، فلو اشتراه حسب طلب الأمر كان المبيع بينهما نصفين، و على كلّ منهما دفع نصف الثمن، إلا إذا صرّح بكون الشركة على نحو آخر. و لو دفع المأمور عن الآمر ما عليه من الثمن فليس له الرجوع إليه، ما لم يكن قرينة تقتضي أنّ المقصود الشّراء له و الدفع عنه ما عليه من الثمن، فحينئذ يرجع على الآمر بما دفع عنه.

الإقالة

(مسألة 1948) حقيقة الإقالة فسخ العقد من الطرفين، و هي جارية في تمام العقود سوى النكاح، و يقوم الوارث مقام المتعاقدين في الإقالة كما يقوم مقامهما في الفسخ، إذا ورث الخيار.

(مسألة 1949) تقع الإقالة بكلّ لفظ أفاد المعنى المقصود عند أهل المحاورة، كأن يقول المتعاقدان (تقايلنا) أو (تفاسخنا) أو يقول أحدهما للآخر (أقلتك) فيقبل الآخر، بل الظّاهر كفاية التماس الطرفين فيقولان تفاسخنا أو تقايلنا، أو طرف واحد مع إقالة الآخر، ثم قبول الملتمس منه بقوله قبلت أو

مثله. و لا يعتبر فيها العربيّة بل تقع بكلّ لغة و لا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بالمعاطاة فيها.

(مسألة 1950) لا يجوز الإقالة بزيادة عن الثمن و لا نقصان، فلو أقال المشتري بزيادة عن الثمن الذي اشترى به أو البائع بوضيعة، بطلت الإقالة، و بقي العوضان على ملك صاحبيهما.

(مسألة 1951) لا يجري في الإقالة الفسخ و الإقالة.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 399

(مسألة 1952) تصحّ الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد، و في بعضه، و يتقسّط الثمن حينئذ بالنسبة، بل إذا تعدّد البائع أو المشتري، فتصح إقالة أحدهما مع الطرف الآخر بالنسبة إلى حصّته، و إن لم يوافقه صاحبه.

(مسألة 1953) التلف غير مانع من صحّة الإقالة كالفسخ، فلو تقايلا رجع كلّ عوض إلى مالكه، فإن كان موجودا أخذه، و إن كان تالفا رجع إلى المثل إن كان مثليّا و القيمة إن كان قيميّا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 400

كتاب الشفعة

(مسألة 1954) إذا باع أحد الشريكين حصّته لشخص أجنبيّ، فللشريك الآخر مع اجتماع الشروط الآتية أن يتملّكها و ينتزعها من المشتري بما بذله من الثمن، و يسمّى هذا الحقّ بالشّفعة و صاحبه بالشفيع.

(مسألة 1955) تثبت الشّفعة في كلّ ما لا ينقل و كان قابلا للقسمة كالأراضي و البساتين و الدّور و نحوها دون غيره. لكن لا يترك الاحتياط للشريك بعدم الأخذ بها إلا برضى المشتري و للآخر بإجابته إذا أخذ بها فيما ينقل كالثياب و المتاع و السفينة و الحيوان، و فيما لا يقبل القسمة كالأنهار و الطّرق الضّيّقة و الآبار و غالب الأرحية و الحمّامات و الشجر و النخيل و الأبنية و الثّمار على الأشجار. نعم تثبت في الشجر و الأبنية إذا بيعت تبعا للأرض.

(مسألة

1956) إنما تثبت الشّفعة في بيع حصّة مشاعة من العين المشتركة، فلا شفعة بالجوار، فلو باع أحد داره أو عقاره فليس لجاره الأخذ بالشّفعة، و كذا لا شفعة في العين المقسومة إذا باع أحد الشّريكين حصته المفرزة، إلا إذا كانت دارا قد قسمت بعد اشتراكها، أو كانت من أوّل الأمر مفرزة و لها طريق مشترك فباع أحد الشريكين حصته المفرزة من الدار، فإنه تثبت الشفعة لشريكه لكن إذا بيعت مع طريقها، بخلاف ما إذا أفرزت الحصة بالبيع و بقي الطريق على ما كان من الاشتراك بين المالكين، فإنه لا شفعة حينئذ في بيع الحصّة. نعم لو بيعت حصته من الطريق المشترك و بقيت الدار، و كانت الطريق ضيقة غير قابلة للقسمة، فالأحوط لهما العمل بما تقدّم في بيع ما لا ينقل. و في إلحاق الاشتراك في الشّرب كالبئر و النهر و الساقية بالاشتراك في الطريق إشكال، فلا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 401

يترك الاحتياط. نعم لا يبعد إلحاق البستان و الأراضي مع اشتراك الطريق بالدار.

(مسألة 1957) إذا باع حصّة من دار أو باع حصّة مفرزة من دار مثلا مع حصّة مشاعة من دار أخرى صفقة واحدة، كان للشريك الشفعة في تلك الحصّة المشاعة بحصّتها من الثمن على الأقوى، و الأحوط له إرضاء المشتري، و للمشتري إجابة أخذه بالشّفعة.

(مسألة 1958) إثبات الشّفعة لغير البائع في أكثر من شريكين و إن كان موافقا للنّصّ الوارد في الاشتراك في الطريق، لكنّ المتيقّن ثبوتها فيما إذا كان في الطريق شريكان فقط لا أكثر، فيقتصر عليه.

(مسألة 1959) يشترط في ثبوت الشفعة انتقال الحصة إلى الأجنبي بالبيع، فلو انتقلت إليه بجعله صداقا أو فدية للخلع، أو بالصلح أو بالهبة فلا

شفعة.

(مسألة 1960) لا شفعة فيما إذا كانت العين بين ثلاثة و ما فوق، من غير فرق على الظّاهر بين أن يكون البائع اثنين من ثلاثة مثلا، و يكون الشفيع واحدا، أو بالعكس. نعم لو باع أحد الشريكين حصّته من اثنين مثلا أو باعها تدريجا فصارت العين بين الثلاثة بعد البيع، فلا مانع من الشّفعة للشريك الآخر، و حينئذ فالأقوى أنّ له التبعيض، بأن يأخذ بالشفعة بالنسبة إلى أحد المشتريين و يترك الآخر.

(مسألة 1961) إذا كانت الدار مشتركة بين الملك الطّلق و الوقف و بيع الطّلق، لم يكن للموقوف عليه و لو كان واحدا و لا لوليّ الوقف الشفعة.

نعم لو بيع الوقف في صورة صحة بيعه فالظّاهر ثبوتها لذي الطّلق، إلا إذا كان الوقف على أشخاص بأعيانهم و كانوا متعدّدين، فالأقوى عدم ثبوتها فيه.

(مسألة 1962) يعتبر في ثبوت الشفعة كون الشفيع قادرا على أداء الثمن، فلو كان عاجزا عن أدائه فلا شفعة له، و لو بذل الضامن أو الرهن،

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 402

إلا أن يرضى المشتري بالصبر.

(مسألة 1963) يعتبر في ثبوت الشفعة إحضار الثمن عند الأخذ بها، و لو اعتذر بأنه في مكان آخر فذهب ليحضر الثمن فإن كان في البلد أمهل ثلاثة أيام، و إن كان في بلد آخر ينتظر بمقدار يمكن بحسب العادة نقل المال من ذلك البلد بزيادة ثلاثة أيام، ما لم يتضرّر المشتري، فإن لم يحضر الثمن في تلك المدّة فلا شفعة له.

(مسألة 1964) يشترط في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلما، فلا شفعة للكافر على المسلم و إن اشتراه من كافر، و تثبت للكافر على مثله، و للمسلم على الكافر.

(مسألة 1965) تثبت الشفعة للغائب، فله الأخذ بها بعد اطّلاعه

على البيع و لو بعد زمان طويل، بل لو كان له وكيل مطلق أو وكيل خاص للأخذ بالشفعة و اطّلع هو على البيع دون موكله، له أن يأخذ بالشفعة له.

(مسألة 1966) تثبت الشّفعة للسّفيه و إن لم ينفذ أخذه بها إلا بإذن الولي أو إجازته، و كذا تثبت للصبيّ و المجنون و إن كان المتولّي للأخذ بها عنهما وليّهما. نعم لو كان الوليّ هو الوصيّ فليس له ذلك إلا مع الغبطة و المصلحة، بخلاف الأب و الجدّ فإنه يكفي فيهما عدم المفسدة كما هو الحال في سائر التّصرّفات. و لو ترك الوليّ المطالبة بالشّفعة عنهما إلى أن كملا، فلهما أن يأخذا بها.

(مسألة 1967) إذا كان الوليّ شريكا مع المولّى عليه فباع حصّته من أجنبي، جاز له أن يأخذ بالشفعة فيما باعه، و كذا الوكيل في البيع لو كان شريكا مع موكّله فباع حصة موكّله من أجنبي، فإنّ له أن ينتزع الحصّة التي باعها من المشتري لنفسه لأجل الشفعة.

(مسألة 1978) الأخذ بالشفعة إما بالقول كأن يقول: أخذت بالشفعة أو تملّكت الحصّة، و نحو ذلك مما يفيد إنشاء تملّكه و انتزاع الحصّة بالشفعة. و أمّا بالفعل بأن يدفع الثمن و يأخذ الحصّة المبيعة، و بأن يرفع

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 403

المشتري يده عنها و يخلّي بين الشفيع و بينها.

(مسألة 1969) يعتبر دفع الثمن عند الأخذ بالشفعة قولا أو فعلا، إلا إذا رضي المشتري بالصبر. نعم لو كان الثّمن مؤجلا فالظّاهر أنه يجوز له أن يأخذ بها و يتملّك الحصّة عاجلا، و يكون الثمن عليه إلى وقته.

(مسألة 1970) ليس للشفيع تبعيض حقّه، بل إما أن يأخذ الجميع أو يدع.

(مسألة 1971) يلزم الشفيع عند أخذه بالشفعة مثل

الثمن الذي وقع عليه العقد، سواء كانت قيمة الحصة المباعة أقلّ أو أكثر، و لا يلزمه دفع ما غرمه المشتري من المؤن كأجرة الدّلّال و نحوها، و لا دفع ما زاد المشتري على الثمن و تبرّع به للبائع بعد العقد، و لو حطّ البائع بعد العقد شيئا من الثمن، ليس له تنقيص ذاك المقدار أيضا.

(مسألة 1972) إذا كان الثمن مثليّا كالذهب و الفضة و نحوهما يلزم على الشفيع دفع مثله، و لو كان قيميّا كالحيوان و الجواهر و الثّياب و نحوها، فالأحوط للشريك ترك الأخذ بغير رضا المشتري، و الأحوط للمشتري عدم الامتناع مع أخذ الشفيع، أو يتصالحان.

(مسألة 1973) إذا اطّلع الشفيع على البيع، فله المطالبة في الحال، و تبطل شفعته بالمماطلة و التّأخير بلا داع عقلائيّ و عذر عقلي أو شرعي أو عادي، بخلاف ما إذا كان عدم الأخذ بها لعذر. و من الأعذار عدم اطّلاعه على البيع و إن أخبروه به إذا لم يكن المخبر ممن يوثق به، و كذا جهله باستحقاق الشفعة أو عدم جواز تأخير المطالبة بالمماطلة، بل و من الأعذار ذلك لو ترك الأخذ بها لتوهّمه كثرة الثمن فبان قليلا، أو كونه نقدا يصعب عليه تحصيله كالذهب فبان خلافه، و غير ذلك.

(مسألة 1974) تسقط الشفعة بإسقاط الشفيع بعد البيع لا قبله لأنه إسقاط لما لم يجب، و كذا تسقط بإقالة المتبايعين، أو ردّ المشتري إلى البائع بعيب أو غيره.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 404

(مسألة 1975) لا تسقط الشفعة لو رضي بالبيع للأجنبي قبل إيقاعه، لأن المسقط رضاه بعد البيع لا قبله، و كذا لا تسقط الشفعة لو عرض عليه شراء الحصّة فأبى.

(مسألة 1976) إذا باع المشتري ما اشتراه، كان

للشّفيع الأخذ من المشتري الأوّل بما اشتراه من الثمن، فيبطل الشّراء الثاني، و له الأخذ من الثاني كذلك فيصح الأوّل. و كذا لو زادت البيوع على اثنين، فإن أخذ من المشتري الأول بطلت البيوع اللاحقة، و إن أخذ من الآخر صحّت البيوع المتقدّمة، و إن أخذ من الوسط صحّ ما تقدّم و بطل ما تأخّر.

(مسألة 1977) لو تصرّف المشتري في المبيع بغير البيع كالوقف و غيره، فللشريك الأخذ بالشفعة و إبطال ما وقع من المشتري و إزالته.

بل الظّاهر أنّ صحّة الوقف مشروط بعدم الأخذ بالشفعة، و إلا فهي باطلة من أصلها.

(مسألة 1978) لو تلفت الحصّة المشتراة بالمرّة بحيث لم يبق منها شي ء أصلا، سقطت الشفعة. نعم إذا كان ذلك بعد الأخذ بالشفعة و كان التّلف بفعل المشتري أو في يده المضمونة، ضمنه. و إن بقي منها شي ء كالدار إذا انهدمت و بقيت أرضها و أنقاضها أو عابت، فلا تسقط الشفعة، و للشفيع التّرك أو الأخذ بها و انتزاع ما بقي منها بتمام الثمن من دون ضمان على المشتري. نعم لو كان ذلك بعد الأخذ بالشفعة و كان بفعل المشتري أو في يده المضمونة، ضمن قيمة التالف أو ضمن أرش العيب.

(مسألة 1979) يشترط في الأخذ بالشفعة علم الشفيع بالثمن حين أخذه بالشفعة على الأحوط إن لم يكن أقوى، و كذا علمه بالمثمن على الأحوط. فلو قال بعد اطّلاعه على البيع أخذت بالشفعة بالثمن بالغا ما بلغ لم يصح، و لو علم بعد ذلك.

(مسألة 1980) الشفعة موروثة على إشكال، و كيفية إرثها أنه عند أخذ الورثة بها يقسم المشفوع بينهم على ما فرض اللّه في المواريث، فلو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 405

خلّف زوجة و ابنا

يكون الثّمن لها و الباقي له، و لو خلّف ابنا و بنتا فللذّكر مثل حظّ الأنثيين، و ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون.

نعم لو عفى بعضهم و أسقط حقّه كانت الشفعة لمن لم يعف، و يكون العافي كأن لم يكن.

(مسألة 1981) إذا باع الشفيع نصيبه قبل أن يأخذ بالشفعة، فالظّاهر سقوطها، خصوصا إذا كان بعد علمه بالشّفعة.

(مسألة 1982) يصحّ أن يصالح الشفيع المشتري عن شفعته بعوض و بدونه، و يكون أثره سقوطها فلا يحتاج إلى إنشاء مسقط. و لو صالحه على إسقاطه أو على ترك الأخذ بها، صحّ أيضا و لزم الوفاء به، لكن لو لم يسقطها و أخذ بها، فالأوجه أنه يترتّب عليه أثره و إن أثم بعدم الوفاء بما التزم به.

(مسألة 1983) إذا كانت دارا مثلا بين حاضر و غائب و كانت حصّة الغائب بيد آخر فباعها بدعوى الوكالة عنه، فيجوز الشّراء منه و يتصرّف المشتري فيما اشتراه ما لم يعلم كذبه في دعواه، و الظّاهر أنه يجوز للشريك الآخر الأخذ بالشفعة بعد اطّلاعه على البيع.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 406

كتاب الصلح

(مسألة 1984) الصّلح هو التراضي و التسالم على أمر من تمليك عين أو منفعة أو إسقاط دين أو حقّ و غير ذلك. و لا يشترط كونه مسبوقا بالنزاع و إن كان تشريعه في شرع الإسلام لقطع التّجاذب و رفع التنازع، و يجوز إيقاعه على كل أمر و في كلّ مقام، إلا إذا كان محرّما لحلال أو محلّلا لحرام.

(مسألة 1985) الصلح عقد مستقلّ بنفسه، و لا يرجع إلى سائر العقود و إن أفاد فائدتها فيفيد فائدة البيع إذا كان صلحا على عين بعوض، و فائدة الهبة إذا كان بلا

عوض، و فائدة الإجارة إذا كان على منفعة بعوض، و هكذا، و لا تلحقه أحكام سائر العقود و لا تجري فيه شروطها و إن أفاد فائدتها، فما أفاد فائدة البيع لا يلحقه أحكام البيع و شروطه، و لا يجري فيه الخيارات المختصّة بالبيع، و لا يشترط فيه قبض العوضين إذا تعلّق بمعاوضة النّقدين. و ما يفيد منه فائدة الهبة من تمليك عين بلا عوض، لا يعتبر فيه قبض العين كما يعتبر في الهبة، و هكذا.

(مسألة 1986) الصلح عقد يحتاج إلى إيجاب و قبول مطلقا، حتى فيما أفاد فائدة الإبراء و إسقاط الحقّ على الأقوى، فإبراء المديون و إسقاط الحقّ و إن لم يتوقّفا على قبول من عليه الدّين أو الحقّ، لكن إذا وقعا بعنوان الصّلح توقّفا عليه.

(مسألة 1987) لا يعتبر في الصّلح صيغة خاصّة، بل يقع بكل لفظ أفاد في متفاهم العرف التسالم و التّراضي على أمر، من نقل عين أو منفعة أو قرار مشروع بين المتصالحين، كأن يقول: صالحتك عن الدار أو منفعتها بكذا، فيقول المتصالح: قبلت المصالحة أو اصطلحتها بكذا.

(مسألة 1988) عقد الصّلح لازم من الطرفين، لا يفسخ إلا بإقالة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 407

المتصالحين أو الخيار، حتى فيما أفاد فائدة الهبة الجائزة. و الظّاهر جريان جميع الخيارات فيه إلا أربعة، خيار المجلس و الحيوان و التأخير و خيار أحداث السنة، فإنها مختصة بالبيع. و لا يثبت فيه الأرش على الأقوى لو ظهر عيب في العين المصالح عليها أو في عوضها.

(مسألة 1989) متعلّق الصّلح إما عين أو منفعة أو دين أو حقّ، و في جميعها إما أن يكون مع عوض أو بدونه، و إما أن يكون العوض عينا أو منفعة أو

دينا أو حقّا، فهذه عشرون صورة كلّها صحيحة، فيصحّ الصّلح عن عين بعين أو منفعة أو دين أو حقّ أو بلا عوض، و عن منفعة بمنفعة أو عين أو دين أو حقّ أو بلا عوض، و هكذا.

(مسألة 1990) إذا تعلّق الصلح بعين أو منفعة، أفاد انتقالهما إلى المتصالح، سواء كان بعوض أو بدونه، و كذا إذا تعلّق بدين على غير المصالح أو حقّ قابل للانتقال كحقّي التحجير و الاختصاص، و إذا تعلّق بدين على المتصالح أفاد سقوطه. و كذا إذا تعلّق بحقّ قابل للإسقاط غير قابل للنّقل و الانتقال.

(مسألة 1991) يصح الصلح على مجرّد الانتفاع بعين أو فضاء، كأن يصالحه على أن يسكن داره أو يلبس ثوبا له مدّة، أو على أن تكون جذوع سقفه على حائطه، أو يجري ماءه على سطح داره، أو يكون ميزابه على ساحة داره، أو يكون له الممرّ و المخرج من داره أو بستانه، أو على أن يخرج جناحا في فضاء ملكه، أو على أن يكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه، و غير ذلك، فإنّ أنواع الصلح هذه كلّها صحيحة، سواء كانت بعوض أو بغير عوض.

(مسألة 1992) إنما يصحّ الصلح عن الحقوق التي تسقط بالإسقاط، و التي تكون قابلة للنقل و الانتقال، و منها حقّ الأولوية لمن بيده أرض خراجيّة. و أما غير هذين النوعين فلا يصح الصلح عليه.

(مسألة 1993) يشترط في المتصالحين ما يشترط في المتبايعين، من

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 408

البلوغ، و العقل، و القصد، و الاختيار.

(مسألة 1994) الظّاهر أنه يجري الفضولية في الصلح كما تجري في البيع، حتى لو تعلّق بإسقاط دين أو حقّ و أفاد فائدة الإبراء و الإسقاط الّذين لا تجري فيهما الفضوليّة.

(مسألة

1995) يجوز الصلح على الثّمار و الخضار و غيرها قبل وجودها، و لو في عام واحد، و بلا ضميمة، و إن لم يجز بيعها.

(مسألة 1996) تغتفر الجهالة في الصلح إذا تعذّر للمتصالحين معرفة المصالح عنه مطلقا، كما إذا اختلط مالاهما و لم يعلما مقدار مال كلّ منهما فاصطلحا على أن يشتركا فيه بالتساوي أو بغيره، أو صالح أحدهما على ماله عند الآخر بمال معيّن. و كذا إذا تعذّر عليهما معرفته في الحال لتعذّر الميزان و المكيال على الأظهر، بل و كذا مع إمكان معرفتهما بمقداره في الحال على الأقوى، ما لم يعدّ صلحا سفهيّا.

(مسألة 1997) إذا كان لغيره عليه دين أو عين و كان هو يعلم مقداره و لا يعلمه الدّائن، فأوقعا الصلح بينهما بأقل من الحق الواقعي و كان الدّائن يعلم إجمالا بأنه أقلّ، حلّ له الزائد، و كذا لو لم يعلم إجمالا لكنّه رضي بالصلح عن حقّه الواقعيّ على كلّ حال، بحيث لو تبيّن له الحال لصالح عنه بذلك المقدار بطيب نفسه، فيحلّ له الزائد أيضا.

(مسألة 1998) إذا صولح عن الربويّ بجنسه بالتفاضل فجريان حكم الربا فيه لا يخلو من قوّة. نعم لا إشكال فيه إن جهل المقدار و إن احتمل التفاضل، كما إذا كان لكلّ من شخصين طعام عند صاحبه لا يدري كلّ واحد منهما كم له، فأوقعا الصلح على أن يكون لكلّ منهما ما عنده مع احتمال تفاضلهما، لكن الأحوط فيه الترك.

(مسألة 1999) يصح الصلح عن دين بدين حالّين أو مؤجّلين أو مختلفين، متجانسين أو مختلفين، سواء كانا على شخصين أو على شخص واحد، كما إذا كان له في ذمّة زيد طنّ حنطة و لعمرو عليه طنّ

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1،

ص: 409

شعير، فصالح عمرا على ماله في ذمّة زيد بما لعمرو في ذمته، و الظّاهر صحة الجميع إلا في المتجانسين مما يكال أو يوزن مع التفاضل، لأن جريان حكم الربا فيه لا يخلو من قوّة. نعم لو صالح عن الدّين ببعضه، كما إذا كان له عليه دراهم إلى أجل فصالح عنها بنصفها حالّا، فلا بأس به إذا كان المقصود إسقاط الزيادة و الإبراء منها و الاكتفاء بالناقص، كما هو المتعارف في نحو هذه المصالحة، لا المعاوضة بين الزائد و الناقص.

(مسألة 2000) يجوز أن يتصالح الشريكان على أن يكون لأحدهما رأس المال، و الربح للآخر و الخسران عليه، و ذلك عند إرادة فسخ الشركة أو بعد فسخها، و أما في ابتداء الشركة أو مع بقاء الشركة، فلا يترك الاحتياط بتركه.

(مسألة 2001) يجوز للمتداعيين في دين أو عين أو منفعة أن يتصالحا بشي ء من المدّعى به أو بشي ء آخر، حتى مع إنكار المدّعى عليه، و يسقط بهذا الصلح حقّ الدعوى، و كذا حقّ اليمين الذي كان للمدّعي على المنكر، و ليس للمدّعي بعد ذلك تجديد المرافعة. لكن هذا الصلح فصل ظاهريّ تنقطع به الدعوى في ظاهر الشرع، و لا يحلّ به ما أخذه من كان غير محقّ منهما، فإذا ادّعى شخص على شخص بدين فأنكره، ثم تصالحا على النّصف فهذا الصلح موجب لسقوط الدّعوى في ظاهر الشرع، و أما في الواقع فإن كان المدّعي محقّا بحسب الواقع فقد وصل إليه نصف حقّه و بقي الباقي في ذمّة المنكر حتى لو كان إنكاره حقّا حسب اعتقاده، و يطالب في الآخرة إذا لم يكن إنكاره بحقّ. إلا إذا فرض رضا المدّعي باطنا بالصلح عن جميع ما له في

الواقع. و إن كان المدّعي مبطلا واقعا يحرم عليه ما أخذه من المنكر إلا مع فرض طيب نفسه واقعا بما صالح به المدّعي، لا أنه رضي به تخلّصا من دعواه الكاذبة.

(مسألة 2002) إذا قال المدّعى عليه للمدّعي: صالحني، لم يكن هذا إقرارا بالحقّ، لما عرفت من أن الصلح يصحّ مع الإنكار كما يصحّ مع

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 410

الإقرار، و أما لو قال: بعني أو ملّكني، كان إقرارا.

(مسألة 2003) إذا كان لشخص ثوب بعشرين درهما مثلا و لآخر ثوب بثلاثين، و اشتبها و لم يميّز كلّ منهما ماله عن مال صاحبه، فإن خيّر أحدهما صاحبه فقد أنصفه، فكلّ ما اختاره يحلّ له و يحلّ الآخر لصاحبه، و إلّا فإن كان المقصود لكلّ منهما الماليّة، كما إذا اشترياهما ليبيعاهما، بيعا و قسّم الثمن بينهما بنسبة مالهما، و إن كان المقصود عين الثوبين لا ماليّتهما، فلا بدّ من القرعة.

(مسألة 2004) إذا كان لشخص دراهم و لآخر دراهم أيضا عند ودعيّ أو غيره، فتلف مقدار لا يدرى أنه من أيّ منهما، فإن تساوى مقدار المودع من كلّ منهما، يحسب التالف عليهما و يقسّم الباقي بينهما نصفين، و إن تفاوتا، فإما أن يكون التالف بمقدار ما لأحدهما و أقل مما للآخر، أو يكون أقلّ من وديعة كلّ منهما، فعلى الأوّل يعطى للآخر ما زاد على التالف و يقسم الباقي بينهما نصفين، كما إذا كان لأحدهما درهمان و للآخر درهم و كان التالف درهما، فيعطي صاحب الدرهمين درهما و يقسم الدرهم الباقي بينهما نصفين، أو كان لأحدهما خمسة دراهم و للآخر درهمان و كان التالف درهمين فيعطي لصاحب الخمسة ثلاثة و يقسم الباقي، و هو درهمان، بينهما نصفين.

و على الثاني يعطي لكلّ منهما ما زاد على التالف، و يقسم الباقي بينهما نصفين. هذا كلّه إذا كان المالان مثليّين كالدراهم و الدنانير و لم يمتزجا بحيث أوجب امتزاجهما الشركة الحقيقيّة كامتزاج المائعين المتجانسين، أو الحكميّة كامتزاج بعض الحبوب، و أما فيهما فالتلف عليهما بنسبة المالين. و أما إذا كانا قيميّين كالثياب و الحيوان فلا بدّ من المصالحة، أو تعيين التالف بالقرعة.

(مسألة 2005) يجوز إحداث الرّواشن، المسمّاة في العرف الحاضر بالشّرفات، على الطّرق النّافذة و الشّوارع العامّة إذا كانت عالية بحيث لا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 411

تضرّ بالمارّة، و ليس لأحد منعه حتى صاحب الدار المقابل و إن استوعبت عرض الطّريق، بحيث كانت مانعة عن إحداث روشن في مقابله، ما لم يضع منه شيئا على جداره. نعم الأحوط تركه إذا استلزم الإشراف على دار الجار و إن جوّزنا مثل ذلك في تعلية البناء في ملكه.

(مسألة 2006) إذا بنى شرفة على الطّريق ثم انهدمت أو هدمت، فإن لم يكن من نيّته تجديدها جاز للطرف الآخر أن يبني ما يشغل ذلك الفضاء و لم يحتج إلى الاستئذان منه. و إن كان من نيّته تجديدها فجواز السّبق من دون استئذانه لا يخلو من قوّة.

(مسألة 2007) لو أحدث شخص شرفة على الجادّة، فالأقوى أنه لا يجوز للطرف المقابل إحداث شرفة أخرى فوقها أو تحتها بدون إذنه.

نعم لو كان الثاني أعلى بكثير بحيث لا يشغل الفضاء الذي يحتاج إليه صاحب الأولى بحسب العادة من جهة الشمس و نحو ذلك، فلا بأس به.

(مسألة 2008) كما يجوز إحداث الشّرفات على الجادّة يجوز فتح الأبواب المستجدّة فيها، سواء كان له باب آخر أم لا. و كذا فتح النّوافذ عليها و

نصب الميزاب فيها، و كذا بناء ساباط عليها إذا لم يكن معتمدا على حائط غيره مع عدم إذنه، و لم يكن مضرّا بالمارّة و لو من جهة الظّلمة. و لو كان يضرّهم من جهة و ينفعهم من جهات أخرى كالوقاية من الحرّ و البرد و غير ذلك، فالأحوط عدم التصرّف المضرّ مطلقا. و لا أثر لنظر الحاكم الشرعيّ في المقام.

(مسألة 2009) يجوز إحداث بالوعة الأمطار في الجادّة مع التّحفّظ من إضرارها بالمارّة، و كذا يجوز حفر سرداب تحت الجادّة مع إحكام أساسه و بنيانه و سقفه بحيث يؤمن من الخسف و الانهدام.

(مسألة 2010) لا يجوز لأحد إحداث شرفة أو جناح أو بناء ساباط أو نصب ميزاب أو فتح باب أو حفر سرداب و غير ذلك، على الطرق غير النّافذة المسمّاة بالمرفوعة و الرافعة، إلا بإذن أربابها، سواء كان مضرّا أو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 412

لم يكن. و كذلك لا يجوز لبعض أربابها إلا بإذن شركائه فيها، و لو صالحهم غيرهم أو صالح بعضهم بعضا على إحداث شي ء من ذلك صحّ و لزم، سواء كان بعوض أو بلا عوض.

(مسألة 2011) لا يجوز لأحد أن يبني بناء على حائط جاره أو يضع جذوع سقفه عليه، إلا بإذنه و رضاه، و إذا التمس ذلك من الجار لم يجب عليه إجابته، و إن استحبّ له استحبابا مؤكّدا من جهة ما ورد من التأكيد و الحثّ الأكيد على قضاء حوائج الإخوان و لا سيّما الجيران. و لو بنى شيئا أو وضع الجذوع بإذنه و رضاه فإن كان ذلك بعنوان ملزم كالشرط في ضمن عقد لازم أو بالإجارة أو بالصلح عليه، لم يجز له الرجوع.

و أما إذا كان مجرّد

إذن و رخصة، جاز له الرجوع قبل البناء و الوضع قطعا و أما بعد ذلك فلا يترك الاحتياط بالتّصالح و التراضي بينهما و لو بالإبقاء مع الأجرة أو الهدم مع الأرش.

(مسألة 2012) لا يجوز للشريك في الحائط التصرّف فيه ببناء و لا تسقيف و لا دقّ وتد و لا غير ذلك، إلا بإذن شريكه أو إحراز رضاه بشاهد الحال كما هو الحال، في التّصرّفات اليسيرة، كالاستناد إليه أو وضع يده أو طرح ثوب عليه أو غير ذلك، بل الظّاهر أنّ مثل هذه الأمور اليسيرة لا تحتاج إلى إحراز الإذن و الرضا كما جرت به السيرة. نعم إذا صرّح بالمنع و أظهر الكراهة، لم يجز إلا فيما لا يعدّ تصرّفا عند العرف كالاستظلال بظلّه.

(مسألة 2013) إذا انهدم الجدار المشترك و أراد أحد الشّريكين تعميره لم يجبر شريكه على المشاركة في عمارته، و يجوز له تعميره من ماله مجّانا بدون إذن شريكه إذا كان الأساس ملكا مختصّا به، و كذا وسائل البناء، و لا يجوز له تعميره إذا كان الأساس مختصا بشريكه. و أما إذا كان الأساس مشتركا فإن كان قابلا للقسمة فليس له التعمير بدون إذنه، نعم له المطالبة بالقسمة فيبني على حصّته المفرزة، و إن لم يكن قابلا

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 413

للقسمة و لم يوافقه الشريك في شي ء يرفع أمره إلى الحاكم، ليخيّره بين عدة أمور من البيع أو الإجارة أو المشاركة معه في العمارة أو الإجازة في تعميره و بنائه من ماله مجّانا.

(مسألة 2014) إذا كانت الشّركة في بئر أو نهر أو قناة أو ناعور و نحو ذلك، فلا يجبر الشريك على المشاركة في ذلك، و لو أراد الشريك تعميرها و

تنقيتها يرفع أمره إلى الحاكم يخيّره بين أمور مرّت في الجدار كما أنه لو أنفق في تعميرها فنبع الماء أو زاد، فليس له أن يمنع شريكه الذي لم ينفق، من نصيبه من الماء، لأنه من فوائد ملكهما المشترك.

(مسألة 2015) لو كانت جذوع دار أحد أو جسور الحديد موضوعة على حائط جاره و لم يعلم على أيّ وجه وضعت، حكم في الظّاهر بكونه عن حقّ و استحقاق حتى يثبت خلافه، فليس للجار أن يطالبه برفعها عنه، و لا يمنعه من تجديد البناء إذا انهدم السّقف. و كذا الحكم لو وجد بناء أو مجرى ماء أو ميزابا منصوبا في ملك غيره و لم يعلم سببه، فإنه يحكم في أمثال ذلك بكونه عن حقّ و استحقاق، إلا أن يثبت كونه عن عدوان، أو بعنوان العارية التي يجوز فيها الرجوع.

(مسألة 2016) إذا خرجت أغصان شجرة إلى فضاء ملك الجار من غير استحقاق لمالكها، فله أن يطالب مالكها بعطف أغصانها أو قطعها من حدّ ملكه، و إن امتنع صاحبها يجوز له عطفها أو قطعها، و مع إمكان الأوّل، لا يجوز الثاني.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 414

كتاب الإجارة

(مسألة 2017) الظّاهر أنّ حقيقة الإجارة اعتبار إضافة بين العين أو النفس و المستأجر مستتبعة ملك المنفعة أو العمل و التسلّط على العين أو النفس لاستيفاء منافعها، و لذا تستعمل أبدا إما متعلقة بأعيان مملوكة من متاع أو ثياب أو دار أو عقار و غيرها، فيقال، آجرتك الدار فتفيد تمليك منفعتها للمستأجر بعوض، و إما متعلقة بالنّفس كإجارة الحرّ نفسه لعمل معلوم، و يقال آجرت نفسي لكذا و تفيد غالبا تمليك عمله للغير بأجرة مقرّرة. و قد تفيد تمليك منفعته دون عمله كإجارة

المرضعة نفسها للرّضاع لا للإرضاع.

(مسألة 2018) يصح عقد الإجارة بكلّ لفظ دالّ على الاعتبار المذكور في تعريفها، و الصريح منه: آجرتك أو أكريتك الدّار مثلا، فيقول المستأجر قبلت أو استأجرت أو استكريت.

(مسألة 2019) لا يعتبر في عقد الإجارة العربيّة، بل يكفي كلّ لفظ أفاد المعنى المقصود بأيّ لغة كان، و يقوم مقام اللفظ الإشارة المفهمة من الأخرس و نحوه كعقد البيع.

(مسألة 2020) الظّاهر جريان المعاطاة في الإجارة سواء تعلّقت بالعين أو بالنّفس، و تتحقّق في العين بالتسليط على العين لاستيفاء المنفعة و تسلّمها، و تتحقّق في النفس بتسليم الأجير نفسه للعمل بقصد الإجارة و تسليم المستأجر الأجرة بذلك القصد.

(مسألة 2021) يعتبر في المتعاقدين ما يعتبر في المتبايعين، من البلوغ و العقل، و القصد، و الاختيار، و عدم الحجر لفلس أو سفه أو رقّيّة.

(مسألة 2022) يعتبر في العين المستأجرة أمور: منها: التعيين، فلو آجر إحدى الدّارين أو إحدى الدّابّتين لم يصحّ. و منها: أن تكون معلومة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 415

إما بالمشاهدة، و إما بذكر الأوصاف التي تختلف الرّغبات بسببها في إجارتها. و منها: أن يكون مقدورا على تسليمها، فلا تصحّ إجارة الدّابة الشّاردة و نحوها. و منها: أن تكون مما يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها، فلا تصحّ إجارة ما لا يمكن الانتفاع بها، كما إذا آجر أرضا للزّراعة مع أنه لا يمكن إيصال الماء إليها، و لا ينفعها أو لا يكفيها ماء المطر. و كذا لا تصح إجارة ما لا يمكن الانتفاع بها إلا بإذهاب عينه كالخبز للأكل، و الشمع أو الحطب للإشعال.

(مسألة 2023) يعتبر في المنفعة أمور، منها: أن تكون مباحة، فلا تصحّ إجارة الدّكّان لإحراز المسكرات أو بيعها، و لا

الدّابة و السّيّارة و السّفينة لحملها، و الجارية المغنّية للغناء و كذا الحائض لكنس المسجد، و نحو ذلك. و منها: كونها متموّلة يبذل بإزائها المال عند العقلاء. و منها: تعيين نوعها إذا كانت للعين منافع متعددة، فإذا استؤجرت الدابة يعيّن أنها للحمل أو الركوب أو لإدارة الرّحى و غيرها.

نعم تصح إجارتها لجميع منافعها، فيملك المستأجر جميعها. و منها:

كونها مملوكة، فلا تصح إجارة ما لا يملك منفعته. و منها: أن تكون معلومة، إما بتقديرها بالزّمان المعلوم مثل سكنى الدار شهرا، أو الخياطة أو التعمير و البناء يوما، و إما بتقدير العمل كخياطة الثوب المعيّن خياطة من نوع كذا، من دون تعرّض للزمان إذا لم تختلف أغراض العقلاء بتفاوت الزمان الواقع فيه العمل، و أما إذا اختلف الأغراض و الرّغبات، فلا بدّ من تعيين الزمان الذي يكون فيه العمل أيضا.

(مسألة 2024) يعتبر في الأجرة أن تكون معلومة، و أن يعيّن مقدارها بالكيل أو الوزن أو العدّ في المكيل و الموزون و المعدود، و بالمشاهدة أو الوصف في غيرها، و يجوز أن تكون عينا خارجيّة، أو كلّيا في الذمة، أو عملا أو منفعة، أو حقّا قابلا للنّقل و الانتقال كحقّي التحجير و الاختصاص.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 416

(مسألة 2025) إذا استأجر دابّة للحمل، و كانت تختلف الأغراض باختلاف الحمل لا بدّ من تعيين نوعه و كذا مقداره و لو بالمشاهدة و التخمين. و إذا استأجرها للسّفر لا بدّ من تعيين الطريق و زمان السّير من ليل أو نهار و نحو ذلك، بل لا بدّ من مشاهدة الراكب أو توصيفه بما يرفع الغرر و الجهالة.

(مسألة 2026) إذا كانت المنفعة تقدّر بحسب الزّمان فلا بدّ من تعيينها يوما أو

شهرا أو سنة و نحو ذلك، و لا يصح تقديرها بمجي ء الحاجّ مثلا.

(مسألة 2027) إذا قال كلّما سكنت هذه الدار فكلّ شهر بدينار مثلا، بطل إن كان المقصود الإجارة، للجهالة، و صحّ إن كان المقصود الإباحة بالعوض. و كذا الحال فيما إذا قال إن خطت هذا الثوب بنحو كذا فلك درهم، و إن خطته بنحو كذا فلك درهمان، بطل إن كان بعنوان الإجارة، و صحّ إن كان بعنوان الجعالة.

(مسألة 2028) إذا استأجر دابّة أو سيّارة مثلا و شرط على صاحبها أن يوصله أو يوصل متاعه إلى مكان في وقت معيّن فلم يوصله، فإن كان ذلك لعدم سعة الوقت أو لعدم إمكان الإيصال من جهة أخرى غير صاحب الوسيلة، فالإجارة باطلة. و إن كان الإيصال ممكنا و لكنّه لم يوصله بسبب تقصيره أو مع عدم تقصيره، فالإجارة صحيحة و لا يستحقّ شيئا من الأجرة. هذا إذا كان الشرط على نحو القيديّة، أما إذا كان على نحو الشرطيّة المطلقة كأن استأجره على أن يوصله إلى مكان ثم اشترط عليه الوقت المعيّن بعد ذلك، و لم يوصله، فالإجارة صحيحة و الشرط لغو، لكن للمستأجر خيار الفسخ لتخلّف الشّرط. فإذا فسخ يسترجع الأجرة المسمّاة، و يعطيه أجرة المثل.

(مسألة 2029) إذا استأجر سيّارة لإدراك زيارة عرفة مثلا فلم يدركه صحّت الإجارة و يستحقّ صاحب السّيّارة تمام الأجرة إذا لم يشترط عليه في عقد الإجارة إيصاله يوم عرفة، و لو بانصراف المعاملة إلى ذلك

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 417

و لم يكن إدراكه الزّيارة قيدا للإجارة، و إلا بطلت.

(مسألة 2030) لا يشترط اتّصال مدّة الإجارة بالعقد، فلو آجر داره في شهر مستقبل معيّن، صحّ، سواء كانت مستأجرة في سابقه أم

لا. نعم مع الإطلاق تنصرف إلى الاتّصال، فلو قال: آجرتك داري شهرا اقتضى الإطلاق اتّصاله بزمان العقد، و لو آجرها شهرا و فهم الإطلاق، أعني الشّهر الكلّي الصادق على المتّصل و المنفصل، فالإجارة باطلة.

(مسألة 2031) عقد الإجارة لازم من الطّرفين، لا ينفسخ إلا بالتقايل أو بالفسخ مع وجود خيار فيه. أما الإجارة المعاطاتيّة فهي كالبيع المعاطاتيّ لا تلزم إلا بالتّلف أو تغيّر العين بحيث لا يبقى موضوع للترادّ من غير فرق في ذلك بين أن يكون بالتصرّف أو بغيره.

(مسألة 2032) الظّاهر أنه يجري في عقد الإجارة جميع الخيارات إلا خيار المجلس و خيار الحيوان و خيار التأخير، فإنها مختصّة بالبيع، فيجري في عقد الإجارة خيار الشّرط، و خيار تخلّف الشرط، و خيار العيب، و خيار الغبن، و خيار الرؤية، و غيرها.

(مسألة 2033) لا تبطل الإجارة ببيع العين المستأجرة لغير المستأجر، و لا تنفسخ به بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة في تلك المدّة. نعم للمشتري مع جهله بالإجارة خيار فسخ البيع، بل له الخيار لو علم بها و تخيّل أنّ مدّتها قصيرة فتبيّن أنها طويلة، و لو فسخ المستأجر الإجارة أو انفسخت، رجعت المنفعة في بقية المدّة إلى المؤجر لا المشتري.

(مسألة 2034) إذا اشترى العين المستأجرة مستأجرها، كأن استأجر دارا إلى سنة و بعد شهر مثلا اشتراها، فصحّة الإجارة فيها مشكل جدّا، لأن الحكم بوجود الإضافة المعتبرة بين العين و المستأجر في هذا المورد في غاية الإشكال، و كذا اعتبار ملك المنفعة استقلالا لمالك العين كما نبّه عليه غير واحد من أساطين الفنّ، فالأحوط التصالح في مال الإجارة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 418

من زمان الشّراء إلى انتهاء مدّة الإجارة، و أما المنفعة

فملك للمشتري على أيّ تقدير.

(مسألة 2035) الظّاهر أنه لا تبطل إجارة الأعيان بموت المؤجر و لا بموت المستأجر، إلا إذا كانت ملكيّة المؤجر للمنفعة محدودة بزمان حياته، فتبطل الإجارة بموته، كما إذا كانت منفعة دار موصى بها لشخص مدّة حياته، فآجرها سنتين و مات بعد سنة، فتبطل الإجارة بالنّسبة إلى ما بقي من المدّة. إلا أن يجيز ورثة الموصي المالك الإجارة في بقية المدّة، فتقع لهم الإجارة، و يكون لهم الأجرة.

(مسألة 2036) إذا آجر البطن السابق العين الموقوفة و مات قبل انقضاء مدّة الإجارة، فتبطل حتى لو أجاز البطن اللاحق على الأقوى. نعم لو آجرها المتولّي لمصلحة الوقف و البطون اللّاحقة مدّة تزيد على مدّة بقاء بعض البطون فتكون نافذة على البطون اللّاحقة، و لا تبطل بموت البطن الموجود حال الإجارة، و في عدم بطلانها بموت المؤجر تأمّل.

(مسألة 2037) تبطل إجارة النفس لبعض الأعمال بموت الأجير بلا إشكال، نعم لو تقبّل عملا و جعله في ذمته، لم تبطل الإجارة بموته، بل يكون العمل دينا عليه يستوفى من تركته. هذا إذا كانت الإجارة بدون قيد المباشرة بنحو القيديّة و العنوانيّة، و أما معه فتبطل الإجارة.

و لو كانت المباشرة دخيلا بنحو الشّرط، يثبت للمستأجر خيار الفسخ.

(مسألة 2038) إذا آجر الوليّ الصّبيّ المولّى عليه أو آجر ما يملكه الصبيّ مدة مع مراعاة المصلحة و الغبطة و بلغ الرّشد قبل انقضاء المدّة، فالظّاهر أنه ليس له نقضها و فسخها بالنّسبة إلى ما بقي من المدّة، خصوصا في إجارة أملاكه، لأنّ البلوغ غاية للولاية، لا لما فيه الولاية.

(مسألة 2039) إذا استأجر عينا شخصيّة و وجد فيها عيبا سابقا على العقد أو القبض كان له فسخ الإجارة إذا كان ذلك العيب

موجبا لنقص المنفعة كالعرج في الدّابّة، أو التنقيص من الأجرة كما إذا كانت مقطوعة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 419

الأذن أو الذّنب.

(مسألة 2040) إذا كان المستأجر كلّيا و كان الفرد المقبوض معيبا، فليس له فسخ العقد، بل له المطالبة بالبدل، إلا إذا تعذر، فله الخيار في أصل العقد.

(مسألة 2041) إذا كانت الأجرة عينا شخصيّة و وجد المؤجر بها عيبا، كان له الفسخ، و يشكل الأرش. و إذا كانت كليّة، فله المطالبة بالبدل، و ليس له فسخ الإجارة، إلا إذا تعذّر البدل.

(مسألة 2042) إذا ظهر الغبن للمؤجر أو المستأجر، فله خيار الغبن، إلا إذا شرطا سقوطه.

(مسألة 2043) يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان، و العمل في إجارة النفس على الأعمال، و كذا المؤجر و الأجير الأجرة بمجرّد العقد، لكن ليس لكلّ منهما المطالبة بما ملكه إلا بتسليم ما عليه، فليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة و العمل إلا بعد تسليم الأجرة، كما أنه ليس للأجير المطالبة بالأجرة إلا بعد تسليم المنفعة. فالتسليم و إن وجب على كلّ من الطّرفين لكن له الامتناع عنه إذا رأى من الآخر الامتناع.

(مسألة 2044) إذا تعلّقت الإجارة بالعين، فتسليم منفعتها بتسليم تلك العين. و إذا تعلّقت بالنفس، فتسليم العمل بإتمامه إذا كان مثل الصّلاة و الصّوم و الحجّ و حفر بئر في دار المستأجر و أمثال ذلك ممّا لم يكن متعلّقا بمال من المستأجر بيد المؤجر، فقبل إتمام العمل لا يستحق الأجير المطالبة بالأجرة، و بعده لا يجوز للمستأجر المماطلة. نعم إذا شرطا تأدية الأجرة كلّا أو بعضا قبل العمل صريحا أو ضمنيّا، كما إذا كانت العادة تقتضي التزام المستأجر بذلك، كان هو المتّبع. و أما إذا كان متعلّقا بمال من المستأجر

في يد المؤجر كالثوب يخيطه و الخاتم يصوغه و الكتاب يطبعه و أمثال ذلك، فالأقوى أنّ تسليمه بإتمام العمل أيضا.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 420

(مسألة 2045) إذا بذل المستأجر الأجرة، أو كان له حقّ أن يؤخّرها بموجب شرطهما و امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة يجبر عليه و إن لم يمكن إجباره فللمستأجر فسخ الإجارة و الرجوع إلى الأجرة، و له إبقاء الإجارة و مطالبة المؤجر بعوض المنفعة الفائتة. و كذا إن أخذها منه بعد التسليم بلا فصل، أما إذا أخذها في أثناء المدّة، فالأقوى ثبوت الخيار له في فسخ الكلّ أو البعض.

(مسألة 2046) إذا آجر دابة من زيد فشردت من غير تقصير المستأجر بطلت الإجارة، سواء كان قبل التسليم أو بعده في أثناء المدّة.

(مسألة 2047) إذا تسلّم المستأجر العين المستأجرة و لم يستوف المنفعة حتى انقضت مدّة الإجارة، كما إذا استأجر دارا مدة و تسلّمها و لم يسكنها أو سيارة للرّكوب و لم يركبها حتى مضت المدّة، فإن كان ذلك باختيار منه استقرّت عليه الأجرة. و في حكمه ما لو بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر عن تسلّمها و استيفاء المنفعة منها حتى انقضت المدّة. و هكذا الحال في الإجارة على الأعمال، إذا سلّم الأجير نفسه و بذلها للعمل و امتنع المستأجر من تسلّمه، كما إذا استأجر أحدا يخيط له ثوبا معيّنا في وقت معيّن و امتنع من دفع الثوب إليه حتى مضى ذلك الوقت، فقد استحقّ عليه الأجرة، سواء اشتغل الأجير في ذلك الوقت بشغل آخر لنفسه أو لغيره، أم لا. و تستقرّ الأجرة على المستأجر أيضا إذا كان عدم استيفائه المنفعة حتى مضت المدّة بسبب عذر عامّ لم تكن فيه العين

قابلة لاستيفائها، كما إذا استأجر سيارة للرّكوب إلى مكان فنزل ثلج مانع، أو انقطع الطريق بسبب آخر، أو دارا للسّكنى فصارت معركة أو مسبعة و نحو ذلك. و لو عرضت مثل هذه العوارض في أثناء المدّة بعد استيفاء المستأجر مقدارا من المنفعة، بطلت الإجارة بالنسبة. و إن كان عذرا يختصّ بالمستأجر، كما إذا مرض و لم يتمكّن من ركوب السيّارة المستأجرة، فالأقوى عدم البطلان.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 421

(مسألة 2048) إذا غصب العين المستأجرة غاصب و منع المستأجر من استيفاء المنفعة، فإن كان قبل القبض، تخيّر بين الفسخ و الرجوع بأجرة المسمّى على المؤجر، و بين الرجوع إلى الغاصب بأجرة المثل، و إن كان بعد القبض تعيّن الثاني.

(مسألة 2049) إذا تلفت العين المستأجرة قبل بدء زمان الإجارة، بطلت الإجارة، و كذا بعد بدية و لكن بدون فصل معتدّ به.

(مسألة 2050) إذا تلفت العين المستأجرة في أثناء المدّة سواء استوفى بعض المنفعة أم لا، بطلت الإجارة بالنّسبة إلى بقيّة المدّة، و يرجع إليه من الأجرة بما قابلها نصفا أو ثلثا و هكذا، هذا مع تساوي الأجرة بحسب الأوقات، و مع التفاوت تلاحظ النّسبة. و هكذا الحال في كل مورد حصل فيه الفسخ أو الانفساخ أثناء المدّة. أما بالنّسبة إلى ما مضى من الإجارة فلا يبعد ثبوت الخيار للمستأجر لتبعّض الإجارة، فيرجع إلى أجرة المسمّى و يضمن أجرة المثل، و هكذا في كل مورد حصل فيه الفسخ أو الانفساخ أثناء المدّة.

(مسألة 2051) إذا تلف بعض العين المستأجرة أثناء المدّة، فتبطل الإجارة بنسبته و للمستأجر خيار التّبعّض، كما مرّ.

(مسألة 2052) إذا آجر دارا فانهدمت، بطلت الإجارة إن خرجت عن الانتفاع المقصود في الإجارة، فإن كان قبل القبض

أو بعده بلا فصل قبل أن يسكن فيها، رجعت الأجرة بتمامها، و إلا فبالنّسبة، و للمستأجر خيار التّبعّض كما مرّ. و إن أمكن الانتفاع بها ببعض ما وقع عليه العقد، كان للمستأجر الخيار بين الإبقاء و الفسخ، و إذا فسخ كان حكم الأجرة بالنسبة.

(مسألة 2053) إذا استأجر دارا و انهدم بعض غرفها، فإن بادر المؤجر إلى تعميرها بحيث لم يفت الانتفاع أصلا، لم يكن فسخ و لا انفساخ على الأقوى، و إلا بطلت الإجارة بالنّسبة إلى ما انهدم و بقيت بالنّسبة إلى

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 422

البقيّة بما يقابلها من الأجرة، و كان للمستأجر خيار تبعّض الصّفقة.

(مسألة 2054) كلّ موضع تفسد فيه الإجارة، يثبت للمؤجر أجرة المثل بمقدار ما استوفاه المستأجر من المنفعة، و أجرة ما تلف في يده مضمونا عليه. و كذلك في إجارة النفس للعمل، فإن العامل يستحقّ أجرة مثل عمله إذا استوفاه المستأجر أو كان بأمره، ما لم يكن مغرورا، من غير فرق بين كونهما عالمين بالفساد أو جاهلين أو مختلفين.

(مسألة 2055) يجوز إجارة المشاع، سواء كان للمؤجر جزء مشاع من عين فآجره، أو كان مالكا للكلّ و آجر جزء مشاعا منه كنصفه أو ثلثه، لكن في الصورة الأولى لا يجوز للمؤجر تسليم العين للمستأجر إلا بإذن شريكه، و لو عصى و سلّم إليه، تترتب عليه آثار القبض الصحيح.

(مسألة 2056) يجوز أن يستأجر اثنان مثلا دارا على نحو الاشتراك و يسكناها معا بالتّراضي، أو يقتسماها بحسب المساكن بالتّعديل و القرعة كتقسيم الشريكين الدّار المشتركة، أو يقتسما منفعتها بالمهاياة بأن يسكنها أحدهما ستّة أشهر ثمّ الآخر، كما إذا استأجرا معا سيارة للرّكوب فإنّ تقسيم منفعتها إذا لم يستعملاها معا لا يكون

إلّا بالمهاياة، بأن يستعملها أحدهما يوما و الآخر يوما مثلا، أو بالتّناوب بحسب المسافة، بأن يركبها أحدهما فرسخا ثم الآخر، مثلا.

(مسألة 2057) إذا استأجر عينا و لم يشترط عليه استيفاء منفعتها بالمباشرة، يجوز أن يؤجرها بأقل مما استأجر و بالمساوي و بالأكثر.

هذا في غير البيت و الدار و الدّكّان و كذا الرّحى و السفينة و الأرض على الأحوط، فإنه لا يجوز إجارتها بأكثر مما استأجر، إلا إذا أحدث فيها حدثا من تعمير أو تنظيف و نحو ذلك.

(مسألة 2058) إذا استأجر دارا مثلا بعشرة دراهم فسكن نصفها و آجر الباقي بعشرة من دون إحداث شي ء فيها، جاز و لم يكن من الإجارة بأكثر ممّا استأجر. و كذا لو سكنها نصف المدّة، و آجرها في باقي المدّة

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 423

بعشرة. نعم لو آجرها في باقي المدّة أو آجر نصفها بأكثر من عشرة، يكون من الإجارة بالأكثر المنهيّ عنها.

(مسألة 2059) إذا تقبّل عملا من غير اشتراط المباشرة و لا مع الانصراف إليها، يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة و بأكثر و أما بأقل فلا يجوز إلا إذا أحدث حدثا أو أتى ببعض العمل و لو قليلا، كما إذا تقبّل خياطة ثوب بدرهم ففصّله أو خاط منه شيئا و لو قليلا، فلا بأس باستئجار غيره على خياطته بأقل و لو بعشر درهم أو ثمنه.

(مسألة 2060) إذا آجر نفسه على وجه يكون جميع منافعه للمستأجر في مدّة معيّنة، فلا يجوز له في تلك المدّة العمل لنفسه أو لغيره لا تبرّعا و لا بالجعالة و لا إجارة. نعم لا بأس ببعض الأعمال التي انصرفت عنها الإجارة و لم تشملها، و لم تكن منافية لما شملته.

فإذا عمل في مدّة الإجارة عملا لنفسه، تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة و استرجاع تمام الأجرة إذا لم يعمل الأجير له شيئا، أو بعضها إذا عمل له شيئا، و بين أن يبقيها و يطالبه بأجرة مثل العمل الذي عمله لنفسه. و كذا إذا عمل للغير تبرّعا. و أما إذا عمل للغير جعالة أو إجارة، فله مضافا إلى ذلك إمضاء الإجارة أو الجعالة و أخذ الأجرة المسمّاة فيها، فهو مخيّر بين أمور ثلاثة.

(مسألة 2061) إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنّهار، فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال في اللّيل له أو لغيره حتّى بإجارة، إلا أن يكون اللّيل داخلا في الإجارة، أو يكون عمله ذلك موجبا لضعفه في النّهار.

(مسألة 2062) إذا آجر نفسه لعمل مخصوص بالمباشرة في وقت معيّن، فلا مانع أن يعمل لنفسه أو لغيره في ذلك الوقت ما لا ينافيه، كما إذا آجر نفسه يوما معيّنا للخياطة أو للكتابة، ثم آجر نفسه في ذلك اليوم للصوم عن الغير. نعم إذا كان العمل الثاني يوجب نقص العمل

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 424

الأول عن المتعارف فلا يجوز. و كذا كلّ عمل من نوع ذلك العمل أو من غيره، عمله لنفسه أو لغيره، ما دام ينافي العمل المستأجر عليه، أو يضرّ به.

(مسألة 2063) إذا آجر نفسه لعمل مخصوص في وقت معيّن بشرط المباشرة بحيث ملك المستأجر تمام منفعته في ذلك الوقت، كأن استأجره في يوم السّبت و الأحد ليخيط له، أو في شهر شعبان ليبني له بناء، فلا يجوز له أن يعمل عملا لغير المستأجر في ذلك الوقت. فلو عمل فيه بدون أجرة لنفسه أو لغيره تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة و استرجاع الأجرة

و بين مطالبته بأجرة المثل لما عمله. و إن عمل بأجرة تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة و بين إبقائها و أخذ أجرة المثل لما عمله و إمضاء ما عمل به إجارة أو جعالة و أخذ أجرة مسمّاه. هذا إذا كان ما عمله في وقته المملوك للمستأجر من نوع العمل المستأجر عليه أما إذا كان من غير نوعه فالمستأجر مخيّر بين ثلاثة أمور: فسخ الإجارة و المطالبة بعوض المنفعة الفائتة، و أخذ أجرة ما عمله لغيره أو لنفسه.

نعم إذا كان العمل الثاني يوجب نقص العمل الأوّل عن المتعارف فلا يجوز، و كذا كلّ عمل من نوع ذلك العمل أو من غيره، عمله لنفسه أو لغيره، ما دام ينافي العمل المستأجر عليه أو يضرّ به، فإن فعل كان حكمه كما مرّ.

(مسألة 2064) إذا آجر نفسه لعمل بدون شرط المباشرة نصّا و لا بانصراف العقد إليها، أو بشرط المباشرة و لكن من غير تعيين الوقت حتى بإطلاق العقد الذي يقتضي التعجيل، جاز له أن يؤجّر نفسه لشخص آخر على نوع ذلك العمل أو ما يضادّه قبل الإتيان بالعمل الأول، لعدم التنافي بين الإجارتين.

(مسألة 2065) إذا استأجر سيّارة للحمل إلى بلد في وقت معيّن، فركبها فيه أو بالعكس، عمدا أو اشتباها، لزمته الأجرة المسمّاة، حيث

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 425

أنها استقرّت عليه بتسليمها و إن لم يستوف المنفعة، و الأقوى أنه لا يلزمه إلا التفاوت بين أجرة المنفعة التي استوفاها و أجرة المنفعة المستأجر لها لو كان. فإذا استأجرها للحمل بخمسة فركبها و كانت أجرة الرّكوب عشرة، لزمته العشرة، و لو لم يكن تفاوت بينهما لم تلزمه عليه إلا الأجرة المسمّاة.

(مسألة 2066) إذا آجر نفسه لعمل، فعمل

للمستأجر غير ذلك العمل بغير أمر منه، كما إذا استؤجر للخياطة فكتب له، سواء كان متعمّدا أو وقع منه ذلك اشتباها، كان للمستأجر الفسخ، فإن فسخ لم يستحقّ الأجير شيئا، و له أن لا يفسخ و يطالب عوض الفائت، فيستحقّ الأجير الأجرة المسمّاة. و كذا لو استأجره لحمل متاعه إلى مكان فحمل متاع آخر.

(مسألة 2067) يجوز استيجار المرأة للإرضاع، و لا يعتبر في صحّتها إذن الزوج و رضاه، بل ليس له منعها عنه إذا لم يكن مانعا عن حقّ استمتاعه بها، و إلا لم يجز إلا بإذنه. و كذا يجوز استيجار الشّاة الحلوب للانتفاع بلبنها، و البئر للاستقاء منها، و الأشجار للانتفاع بثمرها، و لا يضرّ بصحة إجارتها كون الانتفاع فيها بإتلاف العين من اللبن و الماء و الثمر، لأنّ الذي ينافي حقيقة الإجارة أن يكون الانتفاع المقصود بإتلاف العين المستأجرة كإجارة الخبز للأكل و إجارة الحطب للإشعال كما مرّ، و هنا لم تتعلّق الإجارة باللّبن و الماء، بل تعلّقت بالشاة و البئر و الشجر، و هي باقية.

(مسألة 2068) إذا استؤجر لعمل بناء أو خياطة ثوب معيّن أو غير ذلك لا بقيد المباشرة، فعمله شخص آخر تبرّعا عنه و مساعدة له، كان ذلك بمنزلة عمله، فيستحقّ الأجرة المسمّاة، و إن عمله تبرّعا عن المالك لم يستحقّ المستأجر شيئا، بل تبطل الإجارة لفوات محلّها و لا يستحقّ العامل على المالك أجرة، لأنه لم يعمل بأمره.

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 426

(مسألة 2069) لا يجوز للإنسان أن يؤجّر نفسه للإتيان بما وجب عليه عينا كالصّلاة اليوميّة، و لا ما وجب عليه كفائيا إذا كان وجوبه كذلك بعنوانه الخاص، كتغسيل الأموات و تكفينهم و دفنهم. و أما ما

وجب من جهة حفظ النّظام و حاجة الأنام كالصّناعات المحتاج إليها و الطّبابة و نحوها، فلا بأس بإجارة النفس له و أخذ الأجرة عليه.

(مسألة 2070) يجوز إجارة النفس للنّيابة عن الغير حيّا و ميّتا فيما وجب عليه، إذا كانت النّيابة فيه مشروعة.

(مسألة 2071) يجوز الإجارة لحفظ المتاع عن الضّياع و حراسة الدور و البساتين عن السّرقة مدة معيّنة، و يجوز اشتراط الضّمان عليه لو حصل الضّياع أو السّرقة و لو من غير تقصير منه، بأن يلتزم ضمن عقد الإجارة بأنه لو ضاع المتاع أو سرق من البستان أو الدار شي ء، خسره من ماله و أعطى عوضه.

(مسألة 2072) إذا طلب من أحد أن يعمل له عملا فعمل، استحق عليه أجرة مثل عمله، إذا كان مما له أجرة و لم يقصد العامل التبرّع بعمله، و إذا قصد التبرع لم يستحق أجرة، و إن كان من قصد الآمر إعطاءه أجرة.

(مسألة 2073) إذا استأجر أحدا في مدّة معيّنة لحيازة المباحات، كما إذا استأجره شهرا للاحتطاب أو الاحتشاش أو الاستقاء، فالأقوى أنه لا يصير ملكا للمستأجر حتى لو نوى تملّكه إلا مع قصد الأجير الملك له، كما أنّ الأقوى أنه مع قصد الأجير ملكيّة نفسه يصير ملكا له، و حينئذ فللمستأجر أن يطالب بأكثر الأمرين من عوض الفائت و من أجرة الحيازة بقصد نفسه، و له أن يفسخ الإجارة و يرجع على الأجير بالأجرة المسمّاة.

(مسألة 2074) لا يجوز إجارة الأرض لزرع الحنطة أو الشعير أو غيرهما من المزروعات بمقدار معيّن من حاصلها، بل و كذا بمقدار منه في الذّمة مع اشتراط أدائه من حاصلها، و أما إجارتها بالحنطة و الشعير

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 427

مثلا من دون تقييد

و لا اشتراط بكونهما منها، فالأقرب جوازه.

(مسألة 2075) العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر في مدّة الإجارة، فلا يضمن تلفها و لا عيبها إلا بالتّعدّي أو التفريط، و كذا العين التي للمستأجر بيد الأجير للعمل فيها كالثّوب للغسل أو الخياطة، و الفضّة أو الذّهب للصّياغة، فإنه لا يضمن تلفها و نقصها بدون التعدّي و التفريط. نعم إذا أفسد العين بالغسل أو القصارة أو الخياطة، بالخطإ في تفصيل الثوب و نحو ذلك، ضمن و إن كان بغير قصده، بل و إن كان أستاذا ماهرا و أعمل كمال دقّته و احتاط في شغله، و كذا كلّ من آجر نفسه لعمل في مال المستأجر، إذا أفسده ضمنه. و من ذلك ما إذا استؤجر القصّاب لذبح الحيوان فذبحه على غير الوجه الشّرعي بحيث صار حراما، فإنه يضمن قيمته، بل الظّاهر أنه يضمن لو ذبحه له تبرّعا.

(مسألة 2076) الختّان ضامن إذا تجاوز الحدّ و إن كان حاذقا. و أما إذا لم يتجاوز الحدّ و سبّب عمله ضررا كما لو مات الصبيّ من الختان مثلا، فتارة يكون عمله مجرّد الختان و لا يكون رأيه في إضرار العمل و عدم إضراره مؤثّرا في الإقدام على الختان، فالأظهر عدم ضمانه، و تارة يكون رأيه في الإضرار و عدمه مؤثّرا في الإقدام و يعتمد عليه العقلاء، مثل الجرّاحين في عصرنا، فالأقوى ثبوت الضّمان عليه، إلّا أن يشترط هو البراءة من الضّمان على المريض أو وليّه.

(مسألة 2077) الطبيب ضامن إذا باشر بنفسه العلاج، و كذا إذا لم يباشر و لكن كان عدم مباشرته أقوى من المباشرة، كما هو الغالب في الأطبّاء و المرضى، نعم إذا قام الطّبيب بوصف الدواء فقط و قام المريض بنفسه باستعماله،

فلا ضمان على الطّبيب.

(مسألة 2078) إذا عثر الحمّال فانكسر ما كان يحمله، ضمن إذا كان عن تقصير منه، و إلا فالأقوى عدم الضّمان.

(مسألة 2079) الدّابة المستأجرة للحمل و السيّارة إذا عثرت أو

هداية العباد (للگلبايگاني)، ج 1، ص: 428

اصطدمت فتلف أو تعيّب ما حملته، فلا ضمان على صاحبها، إلا إذا كان هو السّبب من جهة ضربها أو سوقها في مزلق و نحو ذلك.

(مسألة 2080) إذا استأجر دابة للحمل أو سيارة لم يجز أن يحمّلها أكثر مما اشترط، أو من المقدار المتعارف إذا أطلق، فلو حمّلها أكثر من ذلك ضمن تلفها و عوارها، و كذلك إذا سار بها زائدا عما اشترط.

(مسألة 2081) إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن، إلّا مع التقصير أو اشترط عليه تدارك الضّرر من ماله مجّانا.

(مسألة 2082) صاحب الحمّام لا يضمن الثّياب و غيرها إذا سرقت، إلا إذا أودعت عنده و فرّط أو تعدّى.

(مسألة 2083) إذا استأجر أرضا للزّراعة فحصلت آفة أفسدت الحاصل لم تبطل الإجارة، و لم يوجب ذلك نقصا في الأجرة. نعم لو شرط على المؤجر إبراءه من الأجرة بمقدار ما ينقص أو نصفه أو ثلثه مثلا، صحّ و لزم الوفاء به.

(مسألة 2084) يجوز إجارة الأرض للانتفاع بها بالزّرع و غيره مدّة معلومة، و أن تجعل الأجرة تعميرها من كري الأنهار و تنقية الآبار و غرس الأشجار و تسوية الأرض و إزالة الأحجار و نحو ذلك، بشرط أن تعيّن تلك الأعمال على نحو يرتفع الغرر و الجهالة، أو يكون في ذلك عرف يغني عن تعيين العمل.

تمّ المجلد الأول من هداية العباد و يليه المجلد الثاني إن شاء الله تعالى.

________________________________________

گلپايگانى، سيد محمد رضا موسوى، هداية العباد (للگلبايگاني)، 2 جلد، دار القرآن

الكريم، قم - ايران، اول، 1413 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.